محمدالحسن الطيب
27-04-2015, 10:51 PM
أخلاقيات الحرب في "عاصفة الحزم"
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أمد ليس بالقريب، لم نسمع بحرب يعيد إلى الأذهان أخلاقيات الحرب في الإسلام عند المسلمين، مثلما رأينا وسمعنا في "عاصفة الحزم".
كانت جيوش أوربا تنطلق في شرق الأرض وغربها مستعمرة، فتعمل فتكا في البلاد والعباد، وقت الحرب وبعده، فلا رحمة ولا إحسان، بل عذاب قبل وبعد أن تضع الحرب أوزارها، فهذه جرائمها بسكان أمريكا من الهنود الحمر الأصليين شاهد يعرفه الجميع، كذلك جرائمها في أفريقيا في زنجبار تنزانيا بالمسلمين والذي تولى كبرها الإنجليز، وقد احتل الروس الجمهوريات الإسلامية وسط آسيا، فهجروا من أهلها، وعذبوا وقتلوا، وغيروا الملة، وأجبروا الناس على الإلحاد. ذلك خلقهم، وما الجزائر وما فعلت جيوش فرنسا بها عنا ببعيد، فهو بلد المليون شهيد، وفرنسا هي التي أعادت إلى الأذهان أفعال الهمج والرعاع، حين كانت تحز الرؤوس وتصفها للناظرين، فالتاريخ يكتب لأوربا جرائم لن تنسى سيخجلون منها.
ذلك يذكرنا بما فعله الصليبيون بأهل بيت المقدس، لما سقط بأيديهم عام 492هـ، قتلوا ستين ألفا، ورووا الأرض من دمائهم الطاهرة دون رحمة أو منّ بالعفو.
هو امتداد للأعراف الجاهلية السائدة في الأرض منذ الأزل؛ فحيث غابت شريعة الله تعالى، فالمنتصر يفعل ما يشاء بالمنهزم، يقتله شر قتلة، أو يعذبه ويمثل به، أو يستبعده فيهتك إنسانيته وكرامته، ثم يضمه إلى جملة أملاكه من البهائم والأنعام. وفي الحرب لا يرعوي عن فعل أي شيء، فالحرب في العرف الجاهلي إذن باستباحة كل شيء: الأرض، والنفس، والعرض.
ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام غير هذا المفهوم الهمجي الجاهلي، فجعل من المنتصر طبيبا ومعلما ومربيا وراعيا للمنهزم ورحيما به، سواء كان ذلك قبل الحرب، أو فيها، أو بعدها؛ فجعل الحرب آخر الدواء لا أوله، ثم وصى فيها بوصايا لا تزال تسجل في التاريخ بكثير من التعجب لمثاليتها وندرتها؛ فإنه يأمر: ألا تقتلوا وليدا، ولا شيخا، ولا امرأة، ولاعابدا، ولا جريحا، ولا مدبرا، ولا تحرقوا بيتا، ولا زرعا. وإذا لاحت فسحة أمل للسلم: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم}.
وهكذا فعل المسلمون، ففي أعقاب معركة بدر، أسر المسلمون سبعين من المشركين، فماذا صنعوا معهم إلا أنهم فضلوهم على أنفسهم، فآثروهم بالطعام، وأعطوهم الخبز وشربوا الماء، وساهموا في المن عليهم بالعفو، والفداء بتعليم أولاد المسلمين الكتابة.
وقد آذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وصحابته، حتى اضطروهم للهجرة ثلاث مرات، مرتين إلى الحبشة ومرة إلى المدينة، وعذبوا منهم من عذبوا، وقتلوا، وأخذوا أموالهم، فماذا كان من النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، فدخلها منتصرا رافعا راية الإسلام، سوى العفو البليغ، حيث جمعهم في فناء المسجد، ثم قال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟.
قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
لم يفعل ذلك إلا امتثالا لأمر الله تعالى، الذي أمر بإقامة الدين والجهاد في سبيله؛ لإعزازه ونشره بين العالمين، فهذا هدف وغاية لاتتحصل بغير الخلق والإحسان، فلم يبعث منتقما ثائرا، ولو كان منهج الإسلام الانتقام، لما دخل الناس في دين الله أفواجا، إنما دخلوه لما رأوا من سماحته وإحسانه لأعدائه، وعدله مع الظالمين.
إن الدين ينتشر بقدر ما يكون فيه من عفو وصفح وتجاوز حين يملك ويحكم: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}، ولهذا فإن مستقبل التشيع إلى بوار واضمحلال؛ لما رأى الناس من ظلم الشيعة وعتوهم وانتقامهم من الأبرياء بغير حق، لقد أظهر الشيعة حقدا لا مثيل له تجاه السنة، فقتلوا منهم الآمنين: الصغار، والشيوخ، والنساء، والعزل. ليس لهم ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله، قتلوهم في السلم لا في الحرب، في بيوتهم ومخادعهم، فأي خير يرجو هؤلاء الرعاع، وكيف لا يستدل هؤلاء المتشيعة على بطلان دينهم؛ أن بني على الحقد والثأر؟. وهل ثمة دين صحيح منزل بني على الحقد والغل؟، لكن هذا يدلل على صحة قول الإمام الشعبي فيهم حين قال: الرافضة في الطير كالرخم، وفي البهائم كالحمير. أي لا عقل لهم.
فَتَكَ وجَرَحَ الشيعةُ؛ روافض ونصيرية - ولا يزالون - في السنة أيما فتك في سوريا والعراق، وكل العالم شاهد، حتى بعض الشيعة شهد بهذا، فلما أتى دور السنة لردع إيران الشيعية عن أطماعها، فقام هذا التحالف السني المبارك بقيادة المملكة العربية السعودية – أعزها الله – بعملية "عاصفة الحزم" أي شيء كان حينئذ؟.
الذي كان يصدق عليه قول الشاعر أبو الفوارس سعد الصيفي المعروف بحيص بيص:
مَلكنا فَكانَ العَفو مِنّا سَجيَّةً --- فَلَمّا مَلَكتُمْ سالَ بالدَّمِ أبطُحُ
وحَلَلتُمْ قَتلَ الأسارى وطالما --- غَدَونا عَن الأسرى نَعفُ ونَصفَحُ
فسالت بفيض العفو منا بطاحكم --- بيوم بـه بطـحاء مـكة تُفـتح
وفي يوم بدر مذ أسرنا رجالكم --- فكـكنا أسيراً منـكم كاد يـذبح
ونحن أناس لم يك الغدر شأننا --- ولا الأخذ بالثأر الذي كان ديننا
ولكنما نعفـو ونكظـم غيظنا --- فَحسبُكُم هذا التفاوتُ بَينَنا
وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ
لقد التزم قادة وجنود "عاصفة الحزم" أخلاق الإسلام في هذه الحرب، فكانوا مثلا مضروبا لأخلاقيات الحرب عند المسلمين، الذين قطعوا الهوى والعتو من جهادهم وجعلوه خالصا لوجهه الكريم، يبتغون به رفع كلمة "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وينصرون الضعفاء المظلومين المقهورين: {وما لكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا}.
بدأ الحرب منذ شهر، ولم نسمع عبر أية وسيلة إعلامية محايدة، استهدافا لمدنيين حوثيين شيعة رافضة أو زيدية دع عنك غيرهم، بل استهداف حربي لمواقع عسكرية محضة، فيها العتاد العسكري الذي يتهدد الجيران، لم تستهدف كوادر وقيادات الحوثية أو صالح، ولم يحصل شيء من ذلك، ولو أرادت العاصفة تصفية هؤلاء المحركين للفتنة والانقلاب، لما بقي منهم اليوم أحد، لكن هدف العملية المعلن هو تدمير السلاح العادي الذي به كانوا يهددون فحسب.
وقد نجح في هذا الهدف، فدمر ما يزيد على 90% من العتاد بجميع أنواعه، وما قتل من الحوثية فبضع مئات، كان سبب قتلهم وجودهم في المواقع المستهدفة، أو هجومهم على الحدود.
ولما نشر الحوثية بخبث أسلحتهم في الأحياء وعلى أسطح المنازل، أحجم التحالف عن استهدافها، وكل من في اليمن، وكل المراقبين من خارج، حتى حقوق الإنسان، لم يضبطوا خرقا واحدا، ولا على سبيل الخطأ. ولما غزت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق، قتلت من المدنيين عشرات الآلاف، إما قصدا أو خطأ، ودمرت مدنا وبيوتا آمنة، ولم تتألم لشيء كهذا، بل فعل جندها ما هو أسوأ في سجن أبي غريب، من تعذيب المساجين، وتعريتهم وتصويرهم، وتسليط الكلاب عليهم. وأعظم من ذلك التهجير والتشريد الذي بلغ ملايين من الناس الأبرياء، فلا أخلاق حرب عند هؤلاء، ولا إخوانهم الصفويون؛ فعلوا مثلهم.
لم تبطر "عاصفة الحزم"، ولم تطغ، وكل ما تصوره القنوات الشيعية الإيرانية كالعالم والمنار كذب ودعاية مكشوفة وصور ملفقة، فالحوثية أول من يعلم أن التحالف بريء من كل ذلك.
والمنظمات الحقوقية في العالم، لم تجد شيئا تدين به التحالف، بل وجدت شيئا عجبا؟!.
فبعد بلوغ الطلعات الجوية عدد 2415 طلعة، وانهاك العدو الحوثي، إذ بالقيادة تعلن إيقاف العاصفة، وتغيير الشعار إلى "إعادة الأمل"، يتقدم ذلك أمر خادم الحرمين الملك سلمان - أعزه الله وأبقاه ذخرا للأمة - بتقديم مساعدات لليمن بمبلغ وقدره 274مليون دولا، وفي الأثناء المساعدات البترولية لا تنقطع، فهذه شبوة تستقبل 300 شاحنة نقل بترول، لتوزيعها بالمجان على المحافظات، ولولا الخشية من استهداف الحوثية للمساعدات، لوجدتها تتدفق من منافذ جيزان ونجران، وقد فعلت السعودية ما في وسعها، حتى إنها أسقطت المساعدات بالطائرات، فأي مثال لأخلاق الإسلام في الحرب تقدمه الدولة السعودية للعالم؟.
إنها في عمق السيطرة والتمكن، تعرض على المتمرد الحوثي ومن ورائه إيران الصلح، فتعلن إيقاف عملياتها، لكن الغي والبغي الذي ركب أعناقهم حتى وهم ضعفاء أذلاء، يؤزهم إلى القتال في سبيل الشيطان أزا: { فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا}.
هذا الجانب في هذه الحرب، ينبغي أن يتباهى به المسلمون أهل السنة، ليعرض ويفسر على العالم أجمع، ليعلم الناس: أن هكذا هو الإسلام، لا يقاتل لحقد أو ثأر، بل ليقيم دينا، وينصر ضعيفا، وله ارتفع في هدفه، فليس له هم في إذلال الإنسان، بل في إصلاحه وتكريمه .
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ أمد ليس بالقريب، لم نسمع بحرب يعيد إلى الأذهان أخلاقيات الحرب في الإسلام عند المسلمين، مثلما رأينا وسمعنا في "عاصفة الحزم".
كانت جيوش أوربا تنطلق في شرق الأرض وغربها مستعمرة، فتعمل فتكا في البلاد والعباد، وقت الحرب وبعده، فلا رحمة ولا إحسان، بل عذاب قبل وبعد أن تضع الحرب أوزارها، فهذه جرائمها بسكان أمريكا من الهنود الحمر الأصليين شاهد يعرفه الجميع، كذلك جرائمها في أفريقيا في زنجبار تنزانيا بالمسلمين والذي تولى كبرها الإنجليز، وقد احتل الروس الجمهوريات الإسلامية وسط آسيا، فهجروا من أهلها، وعذبوا وقتلوا، وغيروا الملة، وأجبروا الناس على الإلحاد. ذلك خلقهم، وما الجزائر وما فعلت جيوش فرنسا بها عنا ببعيد، فهو بلد المليون شهيد، وفرنسا هي التي أعادت إلى الأذهان أفعال الهمج والرعاع، حين كانت تحز الرؤوس وتصفها للناظرين، فالتاريخ يكتب لأوربا جرائم لن تنسى سيخجلون منها.
ذلك يذكرنا بما فعله الصليبيون بأهل بيت المقدس، لما سقط بأيديهم عام 492هـ، قتلوا ستين ألفا، ورووا الأرض من دمائهم الطاهرة دون رحمة أو منّ بالعفو.
هو امتداد للأعراف الجاهلية السائدة في الأرض منذ الأزل؛ فحيث غابت شريعة الله تعالى، فالمنتصر يفعل ما يشاء بالمنهزم، يقتله شر قتلة، أو يعذبه ويمثل به، أو يستبعده فيهتك إنسانيته وكرامته، ثم يضمه إلى جملة أملاكه من البهائم والأنعام. وفي الحرب لا يرعوي عن فعل أي شيء، فالحرب في العرف الجاهلي إذن باستباحة كل شيء: الأرض، والنفس، والعرض.
ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام غير هذا المفهوم الهمجي الجاهلي، فجعل من المنتصر طبيبا ومعلما ومربيا وراعيا للمنهزم ورحيما به، سواء كان ذلك قبل الحرب، أو فيها، أو بعدها؛ فجعل الحرب آخر الدواء لا أوله، ثم وصى فيها بوصايا لا تزال تسجل في التاريخ بكثير من التعجب لمثاليتها وندرتها؛ فإنه يأمر: ألا تقتلوا وليدا، ولا شيخا، ولا امرأة، ولاعابدا، ولا جريحا، ولا مدبرا، ولا تحرقوا بيتا، ولا زرعا. وإذا لاحت فسحة أمل للسلم: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم}.
وهكذا فعل المسلمون، ففي أعقاب معركة بدر، أسر المسلمون سبعين من المشركين، فماذا صنعوا معهم إلا أنهم فضلوهم على أنفسهم، فآثروهم بالطعام، وأعطوهم الخبز وشربوا الماء، وساهموا في المن عليهم بالعفو، والفداء بتعليم أولاد المسلمين الكتابة.
وقد آذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وصحابته، حتى اضطروهم للهجرة ثلاث مرات، مرتين إلى الحبشة ومرة إلى المدينة، وعذبوا منهم من عذبوا، وقتلوا، وأخذوا أموالهم، فماذا كان من النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، فدخلها منتصرا رافعا راية الإسلام، سوى العفو البليغ، حيث جمعهم في فناء المسجد، ثم قال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟.
قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
لم يفعل ذلك إلا امتثالا لأمر الله تعالى، الذي أمر بإقامة الدين والجهاد في سبيله؛ لإعزازه ونشره بين العالمين، فهذا هدف وغاية لاتتحصل بغير الخلق والإحسان، فلم يبعث منتقما ثائرا، ولو كان منهج الإسلام الانتقام، لما دخل الناس في دين الله أفواجا، إنما دخلوه لما رأوا من سماحته وإحسانه لأعدائه، وعدله مع الظالمين.
إن الدين ينتشر بقدر ما يكون فيه من عفو وصفح وتجاوز حين يملك ويحكم: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره}، ولهذا فإن مستقبل التشيع إلى بوار واضمحلال؛ لما رأى الناس من ظلم الشيعة وعتوهم وانتقامهم من الأبرياء بغير حق، لقد أظهر الشيعة حقدا لا مثيل له تجاه السنة، فقتلوا منهم الآمنين: الصغار، والشيوخ، والنساء، والعزل. ليس لهم ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله، قتلوهم في السلم لا في الحرب، في بيوتهم ومخادعهم، فأي خير يرجو هؤلاء الرعاع، وكيف لا يستدل هؤلاء المتشيعة على بطلان دينهم؛ أن بني على الحقد والثأر؟. وهل ثمة دين صحيح منزل بني على الحقد والغل؟، لكن هذا يدلل على صحة قول الإمام الشعبي فيهم حين قال: الرافضة في الطير كالرخم، وفي البهائم كالحمير. أي لا عقل لهم.
فَتَكَ وجَرَحَ الشيعةُ؛ روافض ونصيرية - ولا يزالون - في السنة أيما فتك في سوريا والعراق، وكل العالم شاهد، حتى بعض الشيعة شهد بهذا، فلما أتى دور السنة لردع إيران الشيعية عن أطماعها، فقام هذا التحالف السني المبارك بقيادة المملكة العربية السعودية – أعزها الله – بعملية "عاصفة الحزم" أي شيء كان حينئذ؟.
الذي كان يصدق عليه قول الشاعر أبو الفوارس سعد الصيفي المعروف بحيص بيص:
مَلكنا فَكانَ العَفو مِنّا سَجيَّةً --- فَلَمّا مَلَكتُمْ سالَ بالدَّمِ أبطُحُ
وحَلَلتُمْ قَتلَ الأسارى وطالما --- غَدَونا عَن الأسرى نَعفُ ونَصفَحُ
فسالت بفيض العفو منا بطاحكم --- بيوم بـه بطـحاء مـكة تُفـتح
وفي يوم بدر مذ أسرنا رجالكم --- فكـكنا أسيراً منـكم كاد يـذبح
ونحن أناس لم يك الغدر شأننا --- ولا الأخذ بالثأر الذي كان ديننا
ولكنما نعفـو ونكظـم غيظنا --- فَحسبُكُم هذا التفاوتُ بَينَنا
وكُلُّ إِناءٍ بالذي فِيهِ يَنضَحُ
لقد التزم قادة وجنود "عاصفة الحزم" أخلاق الإسلام في هذه الحرب، فكانوا مثلا مضروبا لأخلاقيات الحرب عند المسلمين، الذين قطعوا الهوى والعتو من جهادهم وجعلوه خالصا لوجهه الكريم، يبتغون به رفع كلمة "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وينصرون الضعفاء المظلومين المقهورين: {وما لكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا}.
بدأ الحرب منذ شهر، ولم نسمع عبر أية وسيلة إعلامية محايدة، استهدافا لمدنيين حوثيين شيعة رافضة أو زيدية دع عنك غيرهم، بل استهداف حربي لمواقع عسكرية محضة، فيها العتاد العسكري الذي يتهدد الجيران، لم تستهدف كوادر وقيادات الحوثية أو صالح، ولم يحصل شيء من ذلك، ولو أرادت العاصفة تصفية هؤلاء المحركين للفتنة والانقلاب، لما بقي منهم اليوم أحد، لكن هدف العملية المعلن هو تدمير السلاح العادي الذي به كانوا يهددون فحسب.
وقد نجح في هذا الهدف، فدمر ما يزيد على 90% من العتاد بجميع أنواعه، وما قتل من الحوثية فبضع مئات، كان سبب قتلهم وجودهم في المواقع المستهدفة، أو هجومهم على الحدود.
ولما نشر الحوثية بخبث أسلحتهم في الأحياء وعلى أسطح المنازل، أحجم التحالف عن استهدافها، وكل من في اليمن، وكل المراقبين من خارج، حتى حقوق الإنسان، لم يضبطوا خرقا واحدا، ولا على سبيل الخطأ. ولما غزت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق، قتلت من المدنيين عشرات الآلاف، إما قصدا أو خطأ، ودمرت مدنا وبيوتا آمنة، ولم تتألم لشيء كهذا، بل فعل جندها ما هو أسوأ في سجن أبي غريب، من تعذيب المساجين، وتعريتهم وتصويرهم، وتسليط الكلاب عليهم. وأعظم من ذلك التهجير والتشريد الذي بلغ ملايين من الناس الأبرياء، فلا أخلاق حرب عند هؤلاء، ولا إخوانهم الصفويون؛ فعلوا مثلهم.
لم تبطر "عاصفة الحزم"، ولم تطغ، وكل ما تصوره القنوات الشيعية الإيرانية كالعالم والمنار كذب ودعاية مكشوفة وصور ملفقة، فالحوثية أول من يعلم أن التحالف بريء من كل ذلك.
والمنظمات الحقوقية في العالم، لم تجد شيئا تدين به التحالف، بل وجدت شيئا عجبا؟!.
فبعد بلوغ الطلعات الجوية عدد 2415 طلعة، وانهاك العدو الحوثي، إذ بالقيادة تعلن إيقاف العاصفة، وتغيير الشعار إلى "إعادة الأمل"، يتقدم ذلك أمر خادم الحرمين الملك سلمان - أعزه الله وأبقاه ذخرا للأمة - بتقديم مساعدات لليمن بمبلغ وقدره 274مليون دولا، وفي الأثناء المساعدات البترولية لا تنقطع، فهذه شبوة تستقبل 300 شاحنة نقل بترول، لتوزيعها بالمجان على المحافظات، ولولا الخشية من استهداف الحوثية للمساعدات، لوجدتها تتدفق من منافذ جيزان ونجران، وقد فعلت السعودية ما في وسعها، حتى إنها أسقطت المساعدات بالطائرات، فأي مثال لأخلاق الإسلام في الحرب تقدمه الدولة السعودية للعالم؟.
إنها في عمق السيطرة والتمكن، تعرض على المتمرد الحوثي ومن ورائه إيران الصلح، فتعلن إيقاف عملياتها، لكن الغي والبغي الذي ركب أعناقهم حتى وهم ضعفاء أذلاء، يؤزهم إلى القتال في سبيل الشيطان أزا: { فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا}.
هذا الجانب في هذه الحرب، ينبغي أن يتباهى به المسلمون أهل السنة، ليعرض ويفسر على العالم أجمع، ليعلم الناس: أن هكذا هو الإسلام، لا يقاتل لحقد أو ثأر، بل ليقيم دينا، وينصر ضعيفا، وله ارتفع في هدفه، فليس له هم في إذلال الإنسان، بل في إصلاحه وتكريمه .