المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يكذب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة فتدمغ التهمة النظام



ود الجعلي
20-04-2015, 07:27 PM
يكذب الناطق الرسمي فتدمغ التهمة النظام
فضيلي جماع نشر في الراكوبة يوم 20 - 04 - 2015

لو لا أنني رأيت "العبارة" وصورة الصحيفة التي نشرتها في أحد مواقع التواصل الاجتماعي لما صدقت ما قرأت. الناطق الرسمي لما تبقى من القوات المسلحة - الصوارمي خالد سعد - ينفي ما جاء في تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش". وسبب دهشتي ليس تكذيب الصوارمي لما ورد في تقرير المنظمة الحقوقية الدولية، فالصوارمي – صحاف السودان- ظل مهمته النفي حتى لو قلنا إنّ الشمس تشرق أيضاً في جبال النوبة وأنّ القمر يعقبها ضحوكاً فوق قمم كاودا الشامخة!! الصوارمي مهمته النفي ، لكن أن يكون نفيه للخبر تهمة تثبت أكبر جريمة يمارسها النظام الذي عينه ناطقا رسمياً باسمه ، فذاك هو السقوط الأخلاقي والغباء السياسي بعينه!
جاء في صحيفة (الجريدة) ، عدد السبت 18 أبريل الجاري أن منظمة هيومان رايتس ووتش لديها ما يثبت استخدام حكومة الخرطوم للقنابل العنقودية في حربها بجبال النوبة. وأضافت الصحيفة أن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد نفى ما جاء في ذلك التقرير قائلاً بالحرف: (نحن نقاتل شعبنا ، ومن المستحيل أن نستخدم مثل هذه الأسلحة)!! أنتم إذن يا سدنة النظام الفاشي تعترفون على رؤوس الأشهاد بأنكم تحاربون شعبكم ! حسناً.. أنتم وبملء فيكم القذر لا تحاربون عصابات كما درجتم على الادعاء في وسائل إعلامكم التي لا تجيد غير الإفك والتدليس. وما دمتم تحاربون شعبكم – لكنكم تبرئون أنفسكم من تهمة المنظمة الدولية الشهيرة لكم باستخدام القنابل العنقودية – فهل يجوز لنا أن نسألكم: أي أنواع الورود والرياحين تلك التي تقصفون بها شعبكم في جبال النوبة حتى الموت؟ هذا إذا صدقناكم في ما ادعيتم من أنكم تعترفون حقاً بأنّ الذين تحصبوهم بالصواريخ والبراميل المزودة بالمتفجرات والمسامير في دار فور وجبال النوبة والأنقسنا – من أن أولئك الذين تحصبهم الأنتينوف والسوخوي بالقنابل على مدار اليوم ولأكثر من عقد من الزمان هم "شعبكم" حقاً !!
ليس غريباً يا صوارمي أن تطلق كذبة بلقاء تنفي بها خبراً يعرف حقيقته القاصي والداني. لكن أسوأ ما في كذبتك هذه المرة أن تدعي أنّ نظامك العنصري في الخرطوم يعترف بضحاياه في جبال النوبة بعضاً من شعبه ! كاتب هذه السطور قالها ويعيدها هنا لمن يجهر عينيه نور شمس الحقيقة: أهلنا في دار فور وفي جبال النوبة وفي جنوب النيل الأزرق ليسوا جديرين بالمواطنة في عرف النظام الفاشي الإسلاموي في الخرطوم.
هل تعلم كم من الأرواح أزهقتم في هذه المناطق التي تساوي في تعداد سكانها أكثر من نصف تعداد ما بقي من السودان؟ هل لديكم إحصاء ولو بصورة تقديرية كم هو عدد الأطفال (وهم مئات الآلاف حتى لا تتهمونا بالكذب) ممن حرمتموهم حقهم الإنساني في التعليم ؟ هل فكر واحد منكم – لو في داخل أي منكم ذرة ضمير إنساني – كيف يحق لأطفالكم أن ينخرطوا في التعليم من الروضة حتى الجامعة – وهو حق – بينما تحرمون أطفال تلك المناطق ذلك الحق الذي صار في عصرنا من الأهمية بمرتبة الماء والهواء؟ هل سأل أحدكم نفسه قبل أن يخلد إلى النوم ولو مرة في كل سنوات الإبادة المستمرة لأهلنا في هذه الرقعة الشاسعة والجميلة والغنية بخيراتها وقاطنيها ، ما إذا كان يجمعكم بهذه الرقعة من خارطة السودان أي جامع وأنتم تقتلون الأطفال وتغتصبون النساء وتحرقون القرى والمزارع ؟ هل خطر ببالك يا صوارمي ولو من باب المجاملة فارغة المحتوى كيف أنّ أطفالكم ونساءكم ينامون في الفرش الوثيرة بعد تناولهم أشهى الطعام – وهو حق- بينما تنام نساء ورجال وأطفال داخل الكهوف مع الثعابين والسحالي ليس لأنهم في العصر الحجري ، لكن لأن طائرات النظام الذي استخدمك لتخلط الحقائق عبر المذياع والتلفاز تقصفهم ليل نهار بالقنابل والبراميل المتفجرة !!
ولنتفق معك – مجاملة لا صدقاً- أنكم في نظامكم العنصري الفاشي تعترفون بأن من تقتلون أطفالهم ونساءهم وتحرقون قراهم ومزارعهم على مدار اليوم هم شعبكم ، فهل يتم القتل كما هو الحال بالقنابل والراجمات أم أنّكم تطوقون أعناقهم بالرياحين والورود ثم تجهزون لهم الأكفان؟ وهل الموت لشعبكم وأنتم تستخدمون على مدى أكثر من عقد من الزمان كل أسلحة الدمار – هل الموت يختلف منه لو أنكم استخدمتم القنابل العنقودية التي وردت في تقرير المنظمة الدولية رفيعة المستوى؟ هل تعلم وأنت تدلي بتصريح رسمي فيه اعتراف بأنكم تحاربون شعبكم .. هل تدري بأن استخدام اللغة بهذا الغباء يعطي البينة على إبادتكم مواطني تلك المناطق؟ وبعد كل هذا هل يجوز أن تدعي بأنّ أولئك الضحايا هم شعبكم !!؟
نحن يا أيها الناطق الرسمي باسم جيش الإنقاذ –وحتى نزيل كابوسكم الجاثم على صدورنا- لسنا شعباً واحداً ولسنا أمة واحدة. وحين نرميكم قريبا في قمامة التاريخ سوف نجمع أشلاءنا ، لنعود مثلما كنا امة واحدة يسودها الحب والوئام لا الكراهية والمقت التي زرعتموها في كل بيت. سنعود بدونكم أجمل وأنقى، فبلدنا مثل طائر الفينيق ينهض من رماده ليغني كلما أحرقوه !
وأخيراً يقول الفيلسوف جان جاك روسو: (يولد الإنسان حرّاً ، لكنا نراه مكبّلاً بالأغلال في كلّ مكان !) "العقد الاجتماعي" النسخة الانجليزية ص 49 – بنجوين. لكنّ الحرية حق يؤخذ ولا يمنحه أحد. والأطفال الذين حرمتموهم حقهم الإنساني في حياة هذا القرن عرفوا الطريق إلى البندقية ، وسيحاربونكم حتى آخر رمق. ولا تحلموا بأنكم ستقضون عليهم ، فأرحام النساء هناك كريمة العطاء ولا تبخل على الحرية برجال ونساء يأخذونها غصباُ لا انتظاراً لأحد أن يتصدق بها عليهم.
فضيلي جمّاع
[email protected]