المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ودمدني كانت ايام جميلة ( الاسبتالية ) المستشفى



elfatih
18-11-2014, 07:01 AM
ودمدني كانت ايام جميلة

( الاسبتالية ) المستشفى

بعد العام 1902م عندما عادت عاصمة مديرية النيل الازرق الي ودمدني من الكاملين بدأ انشاء مبنى المديرية وجامع الحكومة ومحطة السكة حديد والمستشفى والذي كان في البداية وحدة عسكرية تابعة للجيش البريطاني .
من الاشياء والتي لاتغيب عن الذاكرة مستشفي ودمدني بمبانيه القديمة وخاصة عنبر الدرجة الاولي بقسميه الرجالي والنسائي وذلك الممر الخشبي المسقوف والذي يصل بين القسمين وكنا صغارا نلعب ونمرح في هذا الممر ونتلذذ بتلك الاصوات والتي تصدر عنه عندما نمشي عليه انها ذكريات جميلة و مؤلمة فقد ودعت والدتي الدنيا في احد غرف هذا العنبر في العام 1964م وانا لم يتجاوز عمري السبعة سنوات ومعاناتها مع المرض ودكتور ابراهيم المغربي كبير الجراحين في ذلك الوقت لذلك ارتبط هذا العنبر في ذهني بذهاب والدتي عليها رحمة الله .
ارتبط المستشفي في ذهني وانا اذهب مع جدتي يوميا الي المستشفي بي كيفية الدخول الي المستشفي في غير ايام الزيارة والمحددة بي يومي الجمعة والاحد ومعرفة جدتي لخفراء المستشفي والمسئولين عن الابواب لكثرة ترددها وذلك الريال والذي يظهر عند بوابة المستشفي ممدودا من يد جدتي ومن مفحضتها مباشرة الي ابورونجه او غيره من الخفراء فيتم فتح الباب بعد الالتفات يمينا وشمالا وخلوا الطريق من المسئولين .
تجاوزنا العقبة الاولي الدخول الي داخل المستشفي وباقي اخطر عقبة وهو الدخول الي عنبر الدرجة الاولي عن طريق السلم الكبير والذي ينقلنا الي الدور الاول مكان عنابر المرضي او بالاحرى غرف المرضي اسفل هذا السلم كانت توجد غرفة العمليات الكبري بالمستشفي ومكتب حكيمباشي المستشفي وبعض مكاتب اطباء المستشفي وبحكم عمل الوالد كان يهمني مكتب طبيب مشروع الجزيرة والذي يقع في هذه الناحية وتقلد هذا المنصب الكثير من الاطباء ولكن الذي علق في الذاكرة لطول المدة والتي قضاها في العمل دكتور خالد الكومي .
عمنا احمد السني موجود فوق في العنبر وهو المسئول عنه اذا لاتوجد طريقة حتى يذهب الي الفطور هل عربة الموريس خاصته موجودة في الموقف المخصص لها مافي طريقة الا العربية دي تكون مافي وبعد ذلك يتم التفاوض مع الغفير المسئول عن الباب في نهاية السلم وفي كثير من الاحيان تنجح المحاولة بعد دفع المعلوم له .
عمنا احمد السني والشهير بي حبيب كان رجلا جادا استطاع بحزمه وانضباطه ان يكون عنبر الدرجة الاولي من انظف عنابر المستشفي واكثرها هدواء تري الفراشين والفراشات على مدار الساعة يقومون بعملية النظافة وذلك البونش او الدهان الاحمر والذي يدهن به بلاط الارضيات في غرف العنبر والبرندات الطويلة بالجهة الجنوبية والشماليه - من مميزات هذا البونش انه يحفظ الاتربة علي الارضية ويمنعها من التطاير في الجو ليكون الهواء نقيا صافية ليس به عوالق .
ممنوع الافتراش في هذه البرندات امام الغرف واذا زاد حد الزائرين عن عدد معين ينزل منهم البعض حتى يسمح الي زوار جدد بالقدوم .
هذا العنبر كان برسوم وليس مجاني لذلك احتفظ بجددته ورونقه لفترة طويلة وكانت تقدم فيه وجبات غذائية للمرضي على احسن مستوي كان به مطبخ واواني نظيفة كالتي تستعمل في الفنادق .
كان متعهد توريد الاغذية للمستشفي عمنا محمد فضل بشير صاحب طلمبة شل بالقرب من دار الرياضة فيما بعد وكان المسئول عن توريد هذه الاغذية ابن حينا القسم الاول السر عبد الخالق من الكنوز شمال السودان له اخ اتذكره اسمه عبدو ربو سكنو في مارنجان - وانت تدخل الي المستشفي ترى العربة وهي محملة بكميات كبيرة من اللحوم والاسماك والالبان الكثير من المرضى ومرافقيهم لايتناولون هذه الوجبات من المستشفي لثقافة او اعتقاد بان الاكل في المستشفي قرف وغير نظيف .
كميات كبيرة من الطعام ترمى في براميل الكوشة ومعها كمية كبيرة من الحبوب والادوية منتهية الصلاحية كله كان بالمجان لم ارى ظاهرة الدربات والمنتشرة الان والتي تربط في الاشجار وابواب العنابر لم تكن هنالك ملاريات ولا كل هذه الامراض المنتشرة الان انت مريض تعطى ياشربة من دواء طعمه حليو حليو يعطى لك بذلك الكوب الابيض المصنوع من الطلس او حبة او حبتين من السلفا واذا الموضوع فيه التهاب زيادة شوية لامفر من حقنة بنسلين بعد اجراء اختبار الحساسية اللازم .
ايام الزيارة الجمعة والاحد من كل اسبوع تمتلي الشوارع المحيطة بالمستشفي وخاصة الشارع والذي يعرف اليوم بي شارع الكاشف من السينما الوطنية وحتي المستشفي اتذكر الكثير من ابناء ودمدني بدأت حياتهم التجارية بالبيع في الزيارة والكثير منهم تملك اكشاك في اكشاك الملجة فيما بعد يبيعون الابار وقماش اللامبريك والخيوط والعدة .
مايهم الزوار والذين يدخلون الي المستشفي لزيارة المرضى هو شراء علب الفروطه او الانناس وعلب الكريز العلبة الواحدة بي عشرة قروش يتم لفها لك بورق الجرائد في ذلك الوقت لاتوجد اكياس بلاستيك تاخذ هذه العلبة اوالعلبتين وتضعها امام المريض في الطربيزة لاتوجد باقات ورد كما يحدث الان .
في ذلك الزمان الدخول الي المستشفي بالمجان لايوجد شبابيك او تذاكر العون الذاتي الدولة تقوم بواجبها تجاه مواطنيها من توفير الخدمات لهم بميزانيات محددة ومعروفة للصحة والتعليم وغيره من الخدمات هذا كان زمن الرفاهية .
عنبر الدرجة الثانية وهو في الطابق الارضي وكان يشرف عليه عمنا ابو الناس وكان مشهورا في طهور الاولاد وكان حازما وجادا وكان هذا العنبر لايقل نظافة عن عنبر الدرجة الاولي وكان الدخول اليه اصعب من الدرجة الاولى في هذا العنبر غالبية المرضي من الرجال وبي رسوم تكاد لاتذكر .
العيادة الخارجية او استقبال المستشفي كانت توجد عيادات لاستقبال المرضي لايقل عددها عن اثنين بها اطباء على مدار الساعة في الاوقات والتي لايوجد بها اطباء يتم استدعائهم من الميز المخصص لهم داخل المستشفي كما توجد غرفة عمليات صغيرة كان المشرف عليها محضر العملية والطهار الشهير بحي المزاد عمنا وجد زوجتي الحاج بابكر محمد سعيد كنان والذي اشتهر في هذا الجانب وكانت داره تستقبل الكثير من الزوار وخاصة في مواسم الاعياد .
توجد صيدلية خارجية يتم عبرها صرف كل الروشتات وجميع الادوية بالمجان ماعدا بعض الادوية والتي تصرف من الاجزخانة الداخلية وموقعها في الناحية الجنوبية من الطابق الارضي لعنابر الدرجة الاولي وبالقرب من مكاتب ادارة المستشفي وبهذه الصيدلية كل الادوية متوفرة ومن المشهورين الذين عملوا بهذه الصيدلية احمد البخيت واحمد قديم ومن المحدثين اخينا عمر عليه رحمة الله كان يسكن المزاد ومتزوج ابنة الحاجة اللول والتي كانت تبيع العشاء في الزمان البعيد بحي المزاد .
تم بناء عنبر للباطنية وسمي هذا العنبر باسم رجل البر شيخ العرب والذي اشتهر بتكفين وموارة الجثث المحهولة الهوية الثرى واشتهر عنبر شيخ العرب بان الداخل اليه مفقود وذلك نسبة للحالات المتاخرة طبيا والتي تدخل هذا العنبر يقولوا لك ان فلان رقدوا في عنبر شيخ العرب حالته متاخرة .
في مدخل المستشفي الغربي ومع بوابة السكة حديد في اول طريق بركات هنا مدخل قسم الامراض الصدرية كنا نتجنب ويمنعنا اهلنا من الدخول من هذا الباب مع انه كان من اسهل الابواب والتي يمكن لك الدخول عبرها الي المستشفي الصدرية وتلك الامراض والتي كان الناس يتخوفون منها ( التي بي ) او السل .
في ذلك الزمان الجميل لم تكن الملاريا منتشرة بهذه الكمية المخيفة ونادرا مايستخدم الدرب او الدربات وعلاج الملاريا كان حبوب مغلفة ذات لون اخضر اسمها ملاريكس تنتجها شركة سيبا جايجى ولا راجمات ونادرا مايستخدم الكينين - بصورة عامة ماكان في مرض ولا كان في ناموس وحملات رش الجمكسين مستمرة طوال العام ومفتشي الصحة يدخلون الي البيوت والكشف حتى على نقاع الازيار ناس محترمة تؤدي عملها وهي تخاف الله في الناس - عمال الرش يحملون زجاجات الزيت الراجع ويضعون هذا الزيت علي برك المياه - الحكومة لم تكن تقصر في حقهم رواتبهم في مواعيدها وحوافزهم وترقياتهم العاملين كانوا مرتاحين وبالتالي كانوا يؤدون عملهم على اكمل وجه .
الدكتور الجراح الكبير ابراهيم المغربي كان من اكبر اختصاصي الجراحة بمستشفي ودمدني تتلمذ علي يديه الكثير من الاطباء والممرضين الذين صاروا فيما بعد من اكبر محضري العمليات وفني التخدير في مستشفي ودمدني خلفه دكتور لايقل عنه شهرة في مجال الجراحة - من منا لايعرف دكتور سنهوري ومن منا من له قريب او جار او صديق عمل له سنهوري عملية جراحية مواطني ودمدني كانوا محظوظين من ناحية الدكاترة الجراحين وكثيرا كنا نسمع ان دكتور سنهوري قد ادى ركعتين صلاة قبل اجراء العملية الجراحية كان دكتورا متدينا وموفقا دائما في عملياته الجراحية .
جيل من عباقرة الطب والنطاسين البارعين مروا عبر مستشفي ودمدني عبد السلام المغربي ودكتور الهادي النقر ودكتور علي الحلفاوي والذي في عهده عندما كان حكيمباشي للمستشفي تم بناء السور الخارجي للمستشفي بديلا للسلك الشائك والذي كان عبارة عن سور للمستشفي .
دكتور الهادي النحاس دكتور عبدالرحيم ابوعيسي دكتور فائز امين السني دكتور عوض القون دكتور الفاضل النور شمس الدين دكتور صلاح طه دكتور عبد الله عبد الكريم دكتور عثمان بكري جراحة الاطفال دكتور ابراهيم عوض الله دكتور عجلاوي دكتور حافظ الشاذلي اخصائي الاطفال والذي كانت له بصمة كبيرة وخاصة في اصابة الاطفال بالجفاف والبدائل الكثيرة والتي ابتكرها قبل ظهور مايعرف بالمعوض – دكتور عباس رمزي ودكتور عباس الكارب ودكتور فراج والقمسيون الطبي وتقدير العمر التسنين .
دكتور الباشا والعيون ودكتور ابوزيد والكسور ودكتور يحي عبدالرحيم احمد ودكتور فيصل يوسف عامر وامراض المسالك البولية ودكتور بشري عمر احمد دكتور عثمان احمد المصطفي الانف والاذن والحنجرة دكتور عبد الله عبدالوهاب والجلدية ودكتور حسن محمد احمد والاطفال ودكتور احمد محمد سعيد ودكتور مدني احمد عيسي ودكتور حسن حسين والصدرية ودكتور حسن خلف الله ودكتور مامون ميرغني ودكتور فاروق الامير والاشعة التشخيصية ودكتور عمر ابوبكر رجب والامراض النفسية ودكتور مصطفى عساكر ودكتور عثمان محمد عبد الله واسماء كثيرة لمعت في مجل الطب في مستشفى ودمدني .
ومن الذين تخصصوا في مجال التحاليل الطبية علي سبيل المثال دكتور محمداني ودكتور مختار الخاتم ودكتور عوض السيد ودكتور مبارك المجذوب ومن الفحصين الاوائل بودمدني عيسى الضو ، والضو علي وعيسى ضوالبيت ومحمود البصيلي.
ومن اوائل الممرضين العم عبد الوهاب الطهار والد الاعلامي الاستاذ حسن عبد الوهاب
وملحق بالمستشفي مدرسة للتمريض كانت تستوعب من اكملوا المرجحلة الوسطي فيتخرجون ممرضين يسمون ممرضين بي شهادة وكان اغلب من يلتحقون بي هذه المدرسة من ابناء القري المحيطة بي ودمدني لذلك نادرا ماتجد من ابناء ودمدني من عمل في مهنة التمريض .
. ومن رؤساء العنابر القدامى في ذلك الوقت عثمان وأخيه الطيب يوسف الملح وحسين السيد وبابكر فضل السيد ومحمد الحسن دُبلي
أما رؤساء العنابر بقسم العيون فهما عابدين الحاج ومصطفى رُجبه ، وبنفس القسم أيضاً نجد حسين إبراهيم ومحمد الجاك النضيف ، ومحضر العمليات كان عيسى عبد الرحمن النور ، أما عنبر الحوادث فكان رئيسه خضر أحمد حجر.
عمنا الخليفة السني ، فقد كان مسئولاً عن مشرحة المستشفى ، وهو إلى جانب ذلك كان طهاراً أيضاً.
في مجال العلاج الطبيعي العم حسين البخيت والاخ فضل عباس عملوا كذلك كمسعفين بدار الرياضة وعمل بعدهم اخونا ميرغني واخونا اسامة بابكر بنفس دار الرياضة كمسعفين .
من منا لايذكر جكسا بتاع الاستبالة لاعب الكرة الكيشة والذي يلبس ملابس الكرة كاملة ومن افخر وافخم الانواع وتراه جاهزا من الساعة ثلاثة سمي جكسا لان راسه كان طوليا ولم يكن مدور وهو من ابناء جنوب السودان تراه في المستشفي يحمل الاوراق من مكتب الي مكتب وهو يتظاهر بالاهمية وانه رجل مهم ظهر لفترة طويلة بالمستشفي ولم نعد نراه بعد ذلك .
سيستر بتول اشهر من تقوم بعملية التوليد والطهور بمنزلها في القسم الاول بيوت الحكومة بالقرب من نقابة العمال برج العمال حاليا وبعد المعاش بمنزلها الخاص في الزقاق خلف بنك الخرطوم بالقسم الاول وهي عمة دكتور محمد عبدالفضيل عيادته بودكنان ومعه بالعيادة الفحيص الجنوبي موسيس تساعد سيستر بتول ابنة اختها برة واسمها الهام استلمت العمل من خالتها واصبحت هي الان السيستر .
في حي القبة واطراف حي العشير السيستر فتحية فرح قريبة الصادق بخيت والشهير بي مقار وقريبة محمد بخيت والد عبدالمنعم بتاع الجرائد وهي كانت سيستر مشهورة في مستشفي ودمدني تقوم الان بعملية الولادة والطهور للفتيات بمنزلها .
مهنة التمريض للفتيات لم تلقى قبولا للكثير من الاسر في ودمدني ارتبطت مهنة ملائكة الرحمة بفئة معينة من النوعية والتي كانت تلبس الثوب بالشمال فعمم الناس هذا على جميع من يشتغلن بهذه المهنة والكثيرات علي خلق وتهذيب .
في مواجهة مدخل العيادات الخارجية يقابلك كشك الجرائد لعمنا خالد وهو من عائلة الانصار انصار المهدي عائلة علي القول وتراه دائما في مناسبات الدناقلة متصدر المشهد وخاصة في الوفيات يساعده في هذا الكشك ابنه طه عمل لفترة مراسلا صحفيا وبالقرب منه كشك عمنا احمد السني بعد ان اخذ المعاش وعمل فيه لفترة ابنائه الصاروخ وممدوح .
لتسهيل الاجرائات الجنائية وخاصة في الحوادث يوجد مقر للشرطة لاستخراج الاورنيك الجنائي تسهيلا للمرضي وعدم تكبدهم الذهاب الي القسم الاوسط لاستخراج هذا الاورنيك .
رفعت الدولة يدها تدريجيا عن الخدمات الصحية وظهر مايعرف بالعون الذاتي تذاكر دخول للمستشفي علي مدار اليوم وكل ايام الاسبوع فكثر زوار المستشفي انتهى ذلك الهدواء فصارت المستشفي عبارة عن سوق كبير وشاهدت في فترة ما من يعملون في ملجة الخضار لهم عناقريب ينامون فيها بالليل ويتم رفعها في النهار اعلى اشجار النيم بالمستشفي تم تحويل ميزانيات المستشفيات الي اغراض اخري وصار كل شي في المستشفي بالقروش حتي الشاش وخيوط الجراحة واللصقات لايصرف لك شي من المستشفي ولاتدخل غرفة العمليات الا بعد ان تسدد اجرة اجراء العملية الجراحية كل هذا في المستشفي الحكومي باقي اجرة الجراح او حق يد الجراح واخاف ان تكون طبقت الان او بشئ قريب منها طبقت ونقول زي ماقال المغني يازمن وقف شوية وارجع بي ايام هنيئة هل يمكن هذا .