ابو صفاء
03-11-2014, 09:22 AM
علي حسين باكير - تركيا بوست 17/10/2014
تنظيم "داعش" ثوب فضفاض يمكن لأي جهة اتهام أي جهة أخرى بأنها مسؤولة عن صناعته ودعمه! وفي عصر تكثر فيه الـ"بروبجندا"، ويقل فيه تحليل الوقائع والمعلومات من السهل تمرير ادعاءات كاذبة على أنها حقائق بينة! لكن .. ولكسر الأساطير المنتشرة حول "داعش" لا بد من تحليل ثلاثة معطيات مهمة ورئيسية تتعلق بالتنظيم؛ وهي: التجنيد، والتمويل، والتسليح.
هذه العناصر تعد مفتاح تشكيل أي جماعة مسلحة، وبالرغم من ذلك، لا يكفي أن تتوافر كلها حتى يتشكل لدينا مجموعة مقاتلة مسلحة، إذ لا بد قبل كل هذا أن تتوافر البيئة المناسبة لوجود المجموعة أو التنظيم، ولتأمين العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه؛ للحفاظ على شريان حياة التنظيم.
أما البيئة المناسبة والمثالية لتنظيم "داعش" فقد أمنتها سياسات حكومة "المالكي" الطائفية والإجرامية خلال السنوات الماضية، والتي عزلت الملايين من أبناء البلد وهمشتهم واستباحتهم، وقد عزز من النتائج السلبية لهذه السياسات: الإثخان في الخصوم السياسيين، وعامة الناس على حد سواء تحت مسمى "اجتثاث البعث".
وقد ترافق مع ذلك سياسات "الأسد" الفاشية وإجرامه المتواصل طيلة أكثر من ثلاث سنوات في سورية، واشتراك الميليشيات الشيعية من بيروت إلى صنعاء في وقف ثورة الشعب السوري، وارتكاب المذابح بحق الأطفال والنساء والشيوخ، كل ذلك بتخطيط ودعم وإشراف وتنفيذ إيران على الجبهات الثلاثة.
لقد خلقت هذه المعطيات البيئة المثالية لإيجاد تنظيم "داعش"، ولإنتاج المزيد من العناصر المتطرفة، وتجنيد المزيد منهم. ولا يفوتنا أن نقول أن تلكؤ المجتمع الدولي، وتهربه من تحمل مسؤولياته في سورية والعراق، بالإضافة إلى تهرب الولايات المتحدة من الأزمة السورية، ودعهما حتى اللحظة الأخيرة لـ"المالكي" الذي أوصلته إلى الحكم بمساعدة إيران قد عزز من وجود البيئة وسرَّع من ولادة التنظيم.
النواة الصلبة لـ "داعش" في سورية والعراق اليوم ممن أسسوا التنظيم هم من المسجونين السابقين الذين أطلق "بشار الأسد" سراحهم، ومن الذين فروا من سجون "المالكي" الأكثر تحصيناً قبل أكثر من عام. هل يمكن لأحد أن يفسر لنا لماذا يطلق "الأسد" سراح هؤلاء، بينما يقوم بقتل الناشطين السياسيين والحقوقيين في سجونه؟ وكيف يمكن أن يفر في يوم واحد فقط أكثر من 500 عنصر من أخطر المنتسبين لتنظيم "القاعدة" من أكثر سجون "المالكي" تحصيناً، في حين يقوم بإعدام من هم أقل خطراً منهم ويرفض إطلاق سراح المظلومين؟
أما عن التمويل، فنسمع عن نظريات هنا وهناك، ويتم إهمال الوقائع الأكثر أهمية بخصوصها؛ الوقائع مرة أخرى تقول إن أبرز مصادر التمويل لدى "داعش" عندما نشأت تمثلت في بيع النفط والكهرباء إلى نظام "الأسد"، ولأن "الأسد" كان ولا يزال يعيش على الإعانات والمساعدات المالية الإيرانية والعراقية، فإن التمويل كان يأتي بطريقة غير مباشرة عبر هؤلاء.
بالإضافة إلى ذلك، شكل استيلاء تنظيم "داعش" على بنك الموصل مصدراً مهماً لتأمين حوالي 450 مليون دولار، كانت كافية لنقل التنظيم نقلة نوعية، ناهيك عن مصادر الدخل الأخرى؛ ومنها: التهريب، والجمارك، والفدية، والتبرعات.
وعندما نأتي إلى موضوع التسلح، فسنلاحظ أن الجزء الأهم من ترسانة التنظيم أميركية وصينية الصنع كما أشار إلى ذلك تقرير حديث نشرته الـ"نيويورك تايمز" في 5 أكتوبر 2014. بمعنى آخر وإذا ما أردنا تفسير ذلك، فمن الواضح أن مصدر الأسلحة الأميركية هو الجيش العراقي، الذي قام تنظيم الدولة بالاستيلاء على معداته ومخازنه وآلياته بعد انهياره أمام التنظيم بسرعة قياسية قبل عدة أشهر.
أما الأسلحة الصينية فمصدرها مخازن النظام السوري، التي كانت تمد حتى اللحظة الأخيرة عبر إيران، والتي استولى التنظيم على أعداد هائلة منها. بمعنى آخر، فإن المصدر الأساسي والرئيسي للقسم الأكبر والأكثر أهمية لتنظيم "داعش" إنما جاء مرة أخرى من الحكومة العراقية والنظام السوري!
وللمفارقة، فإن أحداً ممن يرفعون الصوت الآن لمحاربة تنظيم "داعش" لم يأبه له عندما كان يتشكل.. ومن ثم يكبر.. ومن ثم يقوى.. ويستولي على المناطق التي حررها الثوار السوريون بدمائهم من النظام السوري!.. كما أن أحداً لم يأبه للتنظيم عندما كان يقاتل المعارضة السورية، ويفتك بقادتها وعناصرها، وهي التي كانت مضطرة لأن تخوض حرباً على عدة جبهات مع التنظيم، والنظام السوري، والميليشيات الشيعية، والعناصر الإيرانية!
وللمفارقة فإن المعارضة السورية بقيت أكثر من ثلاث سنوات تستصرخ العالم تزويدها بالسلاح لتمكينها من الدفاع عن الثورة والمدنيين وعن نفسها، وكانت الحجة دوماً الخوف من أن تقع الأسلحة بأيدي آخرين، وإذ بأسلحة تلك الدول التي اتجهت بسخاء غير محدود إلى حكومة "المالكي" و"الأسد" تقع بين أيدي "داعش".
لم يأبه أحد لتنظيم "داعش" خلال كل تلك المراحل! والآن يدَّعون أن التنظيم فاجأهم -كما عبر عن ذلك الساذج "أوباما"، الذي كان يعرف قبل غيره ماذا يجري بالضبط في سورية والعراق، ولكنه كعادته أحب التهرب من تحمل المسؤولية ومواجهة الحقائق؛ ليرمي بمشكلته على المخابرات المركزية ومسؤولي الـ"بنتاجون"، وكما قال أحدهم "لقد فضل "أوباما" أن يلعب الـ"جولف" على ما يبدو بدلاً من أن يقرأ تقارير الاستخبارات!".
لقد بلغ الأمر مبلغاً حتى أنه لا يوجد على الساحة من هو قادر بشرياً على مواجهة تنظيم "داعش"! .. الطائرات لا تكفي، وعندما يتم دك التنظيم وحتى مع افتراض نجاح التحالف، فإن السيطرة الميدانية على الأرض ستكون في النهاية للإيراني بعد "داعش"! .. من بيروت إلى صنعاء! وحده يمتلك جيوشاً على الأرض .. لقد أورثوهم العراق من قبل، والآن يورثوهم المنطقة برمتها؛ بسبب سياساتهم الخرقاء خلال السنوات القليلة الماضية!
تنظيم "داعش" ثوب فضفاض يمكن لأي جهة اتهام أي جهة أخرى بأنها مسؤولة عن صناعته ودعمه! وفي عصر تكثر فيه الـ"بروبجندا"، ويقل فيه تحليل الوقائع والمعلومات من السهل تمرير ادعاءات كاذبة على أنها حقائق بينة! لكن .. ولكسر الأساطير المنتشرة حول "داعش" لا بد من تحليل ثلاثة معطيات مهمة ورئيسية تتعلق بالتنظيم؛ وهي: التجنيد، والتمويل، والتسليح.
هذه العناصر تعد مفتاح تشكيل أي جماعة مسلحة، وبالرغم من ذلك، لا يكفي أن تتوافر كلها حتى يتشكل لدينا مجموعة مقاتلة مسلحة، إذ لا بد قبل كل هذا أن تتوافر البيئة المناسبة لوجود المجموعة أو التنظيم، ولتأمين العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه؛ للحفاظ على شريان حياة التنظيم.
أما البيئة المناسبة والمثالية لتنظيم "داعش" فقد أمنتها سياسات حكومة "المالكي" الطائفية والإجرامية خلال السنوات الماضية، والتي عزلت الملايين من أبناء البلد وهمشتهم واستباحتهم، وقد عزز من النتائج السلبية لهذه السياسات: الإثخان في الخصوم السياسيين، وعامة الناس على حد سواء تحت مسمى "اجتثاث البعث".
وقد ترافق مع ذلك سياسات "الأسد" الفاشية وإجرامه المتواصل طيلة أكثر من ثلاث سنوات في سورية، واشتراك الميليشيات الشيعية من بيروت إلى صنعاء في وقف ثورة الشعب السوري، وارتكاب المذابح بحق الأطفال والنساء والشيوخ، كل ذلك بتخطيط ودعم وإشراف وتنفيذ إيران على الجبهات الثلاثة.
لقد خلقت هذه المعطيات البيئة المثالية لإيجاد تنظيم "داعش"، ولإنتاج المزيد من العناصر المتطرفة، وتجنيد المزيد منهم. ولا يفوتنا أن نقول أن تلكؤ المجتمع الدولي، وتهربه من تحمل مسؤولياته في سورية والعراق، بالإضافة إلى تهرب الولايات المتحدة من الأزمة السورية، ودعهما حتى اللحظة الأخيرة لـ"المالكي" الذي أوصلته إلى الحكم بمساعدة إيران قد عزز من وجود البيئة وسرَّع من ولادة التنظيم.
النواة الصلبة لـ "داعش" في سورية والعراق اليوم ممن أسسوا التنظيم هم من المسجونين السابقين الذين أطلق "بشار الأسد" سراحهم، ومن الذين فروا من سجون "المالكي" الأكثر تحصيناً قبل أكثر من عام. هل يمكن لأحد أن يفسر لنا لماذا يطلق "الأسد" سراح هؤلاء، بينما يقوم بقتل الناشطين السياسيين والحقوقيين في سجونه؟ وكيف يمكن أن يفر في يوم واحد فقط أكثر من 500 عنصر من أخطر المنتسبين لتنظيم "القاعدة" من أكثر سجون "المالكي" تحصيناً، في حين يقوم بإعدام من هم أقل خطراً منهم ويرفض إطلاق سراح المظلومين؟
أما عن التمويل، فنسمع عن نظريات هنا وهناك، ويتم إهمال الوقائع الأكثر أهمية بخصوصها؛ الوقائع مرة أخرى تقول إن أبرز مصادر التمويل لدى "داعش" عندما نشأت تمثلت في بيع النفط والكهرباء إلى نظام "الأسد"، ولأن "الأسد" كان ولا يزال يعيش على الإعانات والمساعدات المالية الإيرانية والعراقية، فإن التمويل كان يأتي بطريقة غير مباشرة عبر هؤلاء.
بالإضافة إلى ذلك، شكل استيلاء تنظيم "داعش" على بنك الموصل مصدراً مهماً لتأمين حوالي 450 مليون دولار، كانت كافية لنقل التنظيم نقلة نوعية، ناهيك عن مصادر الدخل الأخرى؛ ومنها: التهريب، والجمارك، والفدية، والتبرعات.
وعندما نأتي إلى موضوع التسلح، فسنلاحظ أن الجزء الأهم من ترسانة التنظيم أميركية وصينية الصنع كما أشار إلى ذلك تقرير حديث نشرته الـ"نيويورك تايمز" في 5 أكتوبر 2014. بمعنى آخر وإذا ما أردنا تفسير ذلك، فمن الواضح أن مصدر الأسلحة الأميركية هو الجيش العراقي، الذي قام تنظيم الدولة بالاستيلاء على معداته ومخازنه وآلياته بعد انهياره أمام التنظيم بسرعة قياسية قبل عدة أشهر.
أما الأسلحة الصينية فمصدرها مخازن النظام السوري، التي كانت تمد حتى اللحظة الأخيرة عبر إيران، والتي استولى التنظيم على أعداد هائلة منها. بمعنى آخر، فإن المصدر الأساسي والرئيسي للقسم الأكبر والأكثر أهمية لتنظيم "داعش" إنما جاء مرة أخرى من الحكومة العراقية والنظام السوري!
وللمفارقة، فإن أحداً ممن يرفعون الصوت الآن لمحاربة تنظيم "داعش" لم يأبه له عندما كان يتشكل.. ومن ثم يكبر.. ومن ثم يقوى.. ويستولي على المناطق التي حررها الثوار السوريون بدمائهم من النظام السوري!.. كما أن أحداً لم يأبه للتنظيم عندما كان يقاتل المعارضة السورية، ويفتك بقادتها وعناصرها، وهي التي كانت مضطرة لأن تخوض حرباً على عدة جبهات مع التنظيم، والنظام السوري، والميليشيات الشيعية، والعناصر الإيرانية!
وللمفارقة فإن المعارضة السورية بقيت أكثر من ثلاث سنوات تستصرخ العالم تزويدها بالسلاح لتمكينها من الدفاع عن الثورة والمدنيين وعن نفسها، وكانت الحجة دوماً الخوف من أن تقع الأسلحة بأيدي آخرين، وإذ بأسلحة تلك الدول التي اتجهت بسخاء غير محدود إلى حكومة "المالكي" و"الأسد" تقع بين أيدي "داعش".
لم يأبه أحد لتنظيم "داعش" خلال كل تلك المراحل! والآن يدَّعون أن التنظيم فاجأهم -كما عبر عن ذلك الساذج "أوباما"، الذي كان يعرف قبل غيره ماذا يجري بالضبط في سورية والعراق، ولكنه كعادته أحب التهرب من تحمل المسؤولية ومواجهة الحقائق؛ ليرمي بمشكلته على المخابرات المركزية ومسؤولي الـ"بنتاجون"، وكما قال أحدهم "لقد فضل "أوباما" أن يلعب الـ"جولف" على ما يبدو بدلاً من أن يقرأ تقارير الاستخبارات!".
لقد بلغ الأمر مبلغاً حتى أنه لا يوجد على الساحة من هو قادر بشرياً على مواجهة تنظيم "داعش"! .. الطائرات لا تكفي، وعندما يتم دك التنظيم وحتى مع افتراض نجاح التحالف، فإن السيطرة الميدانية على الأرض ستكون في النهاية للإيراني بعد "داعش"! .. من بيروت إلى صنعاء! وحده يمتلك جيوشاً على الأرض .. لقد أورثوهم العراق من قبل، والآن يورثوهم المنطقة برمتها؛ بسبب سياساتهم الخرقاء خلال السنوات القليلة الماضية!