المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ودمدني كانت ايام جميلة مطار ودمدني



elfatih
25-10-2014, 10:53 PM
ودمدني كانت ايام جميلة

مطار ودمدني

وانا مستلقى على عنقريب هبابي في ضل الضحى في الحوش والدنيا بداية شتاء ونظري يراقب تلك السحابات وهي تتحرك ببطئ امام نظري وتلك الحدائة وهي ترتفع وتنخفض فاردة جناحيها - شدني ذلك الدخان شديد البياض وتابعته لتظهر لي قطعة لماعة وهي تتوهج في ذلك الفضاء البعيد انها طائرة تاخذ مسارها نحو الجنوب الافريقي انا اعرف ان مدينة ودمدني في مسار هذا الخط الملاحي من قديم الزمان .
اهي زفرة ام اهة شدتني وسرحت بي في ذلك الزمن الجميل يوم كان هنالك مطار اسمه مطار ودمدني تقلع وتهبط فيه الطائرات يوميا في رحلة منتظمة نحو العاصمة الخرطوم بطائرات الفوكرز ذات المحركات المروحية وذلك المطار ذو الممر الترابي والذي كان يستقبل هذا النوع من الطائرات في رحلة بين الخرطوم وودمدني مدتها لاتتجاوز النصف ساعة ومبلغ زهيد لايتجاوز الثلاثة جنيهات للتذكرة .
تذكرت زيارة الملكة اليزابيث ملكة التاج البريطاني وذلك المشهد والذي لن انساه يوم خرجت المدينة كلها لاستقبالها وكنا من ضمن المستقبلين ونحن في بداية المرحلة الاولية وتلك الاعلام والتي وزعت لنا لتكتمل عملية الاستقبال بتلك الاعلام والالوان الزاهية- لملكة المستعمر والذي ترك لنا ارثا جميلا متمثلا في مشروع رائد عملاق جبار- وخدمة مدنية كانت مضرب الامثال لكل العالم ونظام تعليم يمكن ان نسميه التعليم ذو الاثر الباقيمن منا لايذكر منقو زمبيري او سليمان عبد الجليل دروس في الجغرافيا في الصف الثالث بالمدارس الاولية اليس هذا نموذج للاثر الباقي خمسون عاما وحتى الان في الذاكرة - وليس تعليما تجاريا كما يحصل الان يتركه الطلاب في الفصول عند انصرافهم .
ارادت المملكة العظمى الاطمئنان علي ماتركته لشعب السودان فارسلت ابنة الملكة (أن) في زيارة تالية لمشروع الجزيرة عبر مطار ودمدني في ذلك الزمان الجميل .
كان مشروع الجزيرة مفخرة السودان أي ضيف او رئيس يزور السودان كانت زيارة مشروع الجزيرة من ضمن برنامج زيارته وطبعا عن طريق مطار ودمدني المدخل او النافذة والتي كنا نطل عبرها على العالم زارنا في تلك الفترة رائد القومية العربية الرئيس جمال عبد الناصر والملك الشجاع صاحب مبادرة قطع البترول عن الغرب في حرب 1973 الملك فيصل بن عبدالعزيز له الرحمة .
يعني بصريح العبارة العالم الخارجي البعيد والعالم القريب منا كان يعرف ان هنالك في السودان بعد العاصمة الخرطوم توجد مدينة اسمها ودمدني بالقرب منها رئاسة اكبر مشروع زراعي مروي في العالم تحت ادارة واحدة اسمه مشروع الجزيرة للوصول اليه او زيارته لابد من العبور عبر مطار ودمدني .
هذا المطار الان ليس له وجود قامت مكانه منازل وعمارات وزعت اراضيه ومدرجه كاراضي سكنية سماها المواطنين في بادي الامر باللقد لتشقق ارضها صارت الان من الاماكن المفضلة .
في بداية التسعينات لفت نظري عربة او عربتين مسجل عليهم مطار ودمدني استبشرت خيرا وسالت اين هذا المطار فقيل لي انه في شرق ودمدني قد خصصت ارض كبيرة لانشاء هذا المطار بالقرب من الملكية .
مرت السنوات وتلتها سنوات عديدة ولم يظهر للعيان مباني ولم نسمع ازيز الطائرات من ذلك المطار المفترض هل هذا المطار به هيئة تباشر عملها وبه موظفين وموظفات وعربات ترحيل تنقل هولاء العاملين ام تم توزيع قطعة الارض علي اصحاب الحظوة والنفوذ وطوي سجل هذا المطار المفترض للابد .
هذه المدينة المنكوبة والمغضوب عليها لاتقام فيها أي خدمات وتحول أي ميزانيات مرصودة للخدمات فيها الي مناطق اخري ماهو السبب ؟
اننا نحن السبب ابناء هذه الدينة واضعين ايادينا علي خدودنا نتفرج عليها في سلبية قاتلة تضررت منها مدينتنا - دائما اعتراضنا وشكوانا تكون في مجالسنا الضيقة عند اللمة في دكان ناس فلان او اللمة عند اولاد فلان .
انه صوت مبحوح لايخرج عن نطاق تلك الشللية ولايسمع به أي مسئول رسالة لك ياوالي الولاية اين المطار الجديد واين القناة الفضائية واين صيانة شوارع المدينة واين واين نريد ان ننهض بمدينتنا ونريدك ان تكون انت المصادم الاول لتعود العافية لهذه الولاية ومن ضمنها مدينتنا الحبيبة فهل انت فاعل .
سرحت بخيالي وانا اشاهد دخان تلك الطائرة والتي تمر فوق سماء مدينتي وخرجت مني زفرة واهة حارة لو تعرتضت لها صينية عجين رغيف لنضجت بدون فرن .
عندما نري مدينتنا تحتضر وتموت موتا بطئيا سوف نتحرك بفعالية ونقاتل في سبيل نهضتها وعودتها سيرتها الاولى ولا مش كدا يا اولاد ودمدني