درديري كباشي
19-09-2014, 09:08 PM
عالم اللبط
جمعتنا أحد المناسبات بعد التعارف السريع والونسة .قال بعض الناس أصبحوا يجمعوا بين الاحتيال والجرأة بصورة محيرة .جدا .. شعرت من المقدمة أن وراء هذا العنوان قصة طريفةوعجيبة تستحق الاستماع والاستمتاع .. فقلت مشجعا وأنا متشوقا لسماع حكاية هذا التنميط .شنو الخلاك تقول كدا ؟
فقال مكملا قصته : جلست في صالة الاستقبال بالمطار لاستقبل احدى خالتي التي هي قادمة من السودان لزيارة بنتها ( وتنفيسها) كعادة اهلنا بالغربة .. ولان زوج بنت خالتي كان في مهمة عمل اوكل الي مهمة استقبال ( حماته ) والتي هي خالتي . ..
وانا في الانتظار يصالات المطار وكعادة خطوطنا السودانية تقطع التذاكر في مواعيد وتحجز في مواعيد مختلفة وتقلع في موعد مختلف عن الثلاثة .. ليجلس المستقبل في المطار ساعات اكثر من التي جلسها المسافر في الطائرة .
. أنا في سرحتى ونظراتي المشتته بين شاشة مواعيد الطائرات وونسات السودانيين من حولي .. اشعر بان احد يهز كتفي والتفت له .. وقبل ان اتمكن من تبين ملامحه يدخل فيني سلام حار جدا وتعقبه ( لبعات ) الظهر السودانية الشهيرة .. ومعها عبارة ( معقولة يا عمر وين انت الزمن الطويل دا كله وصحي الدنيا ضيقة معقول اصلا ما متخيل الاقيك مرة ثانية ) وانا اتمنى من انتهاء موجة السلام الحار سريعا حتى اعرف من هذا الذي ناداني باسم عمر .. ورفع راسه .. وبقدر ما ركزت ونحت ذاكرتي واستحضرت كل الشخصيات التي رافقتني منذ المرحلة الابتدائية مسحا سريعا لم اجد شخصا بهذه الملامح .. وقلت ربما الصلعة والشيب غيرت الملامح ..وقلت له عفوا يا اخ ...انا حتى الان ما عرفتك .. قال مصرا معقولة يا عمر اضغط ذاكرتك شوية ولا انت لسع في استهبالك داك عاوز تعمل لي فيها كامرا خفية ..
قلت له : وعلى فكرة كمان انا ما اسمي عمر يمكن انت مشبهني ..
قال : كيف ما عمر ومال حيدر اخباره شنو ( دخل في موضوع ثاني بمعنى انه انه عمر هذه مفروغ منها .. لدرجة شككتني في هويتي حتى فكرت استخرج البطاقة او الاقامة واتاكد من نفسي ).
قلت : له مين حيدر دا كمان ( ماشي رضيت انا عمر لكن مين حيدر ؟؟)
قال : لي حيدر يا راجل ( على وزن شفيق يا راجل) حيدر السمين ياخي صاحبك الجنو ضحك داك .. كنت ما تتفارقوا أبدا ايام مدرسة البحر الاحمر الثانوية ببورتسودان .. ونسيت الكورة ودوري الروابط في ديم شاطي .؟؟
قلت في نفسي : بس خلاص فرجت لانه انا في حياتي ما عشت في بورتسودان سوى اسبوعين فقط ايام شهر العسل وهي حتى ما كانت كافية لاعرف اسم الشارع الذي فيه الفندق .قلت جالك الفرج يا ابو حميد .
قلت : بس انا في حياتي ما عشت في بورتسودان .
قال : ياخي ياعمر انت فقدت الذاكرة ولا حصل ليك غسيل مخ ما عارف .. كدي تعال على الكافتريا تشرب ليك كابتشينو يعدل دماغك ويذكرك ايامنا الحلوة ..
توجهنا انا وصديقي القديم الجديد الذي لم اعرف اسمه حتى الان لانه لم يعطيني فرصة لسؤاله وجلسنا في احدى الطاولات التي لها كراسي عالية دوارة ... انا قلت حتى استطيع الالتفات في كل مرة و استطيع ان اتابع الموضوع الاساسي وهو استقبال الحاجة .
وواصل الصديق : تعرف يا ابو عمرة ( كمان بقى يدلع فيني ) تذكر ايام كنا في المتوسطة ورحنا نطينا الحيطة لمدرسة البنات عشان نقطع الجوافة .. بعد داك الخفير سكانا (طاردنا) ونحن جارين وخلفنا الخفير ومعه كلابه ..
- فكرت في نفسي وقلت ( صدقوا هذا الشخص وهمني لدرجة انه انا كدت اصدق واتذكر فعلا معه رغما عن ثقتي التامه في اني ما حصل عشت في بورتسودان سوى الخمسة عشر يوما التي ذكرتها آنفا وندمت عليها وقلت ياليتها لم تحدث ) و واصل صديقنا في سرد ذكرياتنا العجيبة قائلا .. فجاة انت ( اي انا) سقطت في طين قرب بلاعة ناس حاجة علوية بياعة الطعمية .. وهدومك اتوسخت .. كمان ؟؟... لكن حاجة علوية مرة طيبة جدا دخلتك بيتها وغسلتك من الطين ولبستك ملابس ولدها عادل ..
كان ما كدا كان ناس بيتكم قتلوك .. زي ما قلت لي انا .. وبعدين حاجة علوية ملت لكل واحد مننا كيس بالطعمية ..
تركت هذا الصديق الواهم الموهوم يتحدث وقفلت الصوت بيني وبين نفسي وجلست افكر في المواضيع المشابهة التي قابلتني في حياتي .. تذكرت قصة الجاسوس الاسرائيلي باروخ ( في الكتاب انه الاسرائليين اذا ارادوا ان يزرعوا جاسوسا في دولة ما عربية او حتى اروبية مثلا .. يختاروا واحد اسرائيلي من اصول نفس الدولة . وبعد ذلك يخضع لتدريبات مكثفة حتى يتقن لهجة تلك البلد وينطقها مثل اهلها تماما وبعد ذلك .. يصنعوا له هوية جديدة يكون له فيها اقارب واصدقاء .. بمعنى يغيروا له قصة حياته تماما .. وبعد التدريب المكثف يخضع لاختبارات قاسية كان مثلا واحد يوقظه في منتصف الليل ويساله عن خالته فلانة التي تطلقت من زوجها في المكسيك .. فهو عليه قبل ان يدعك عينيه ان يروى القصة بتفاصيل دون اي زيادة او نقصان كانها حدثت فعلا .. في قصة باروخ الاسرائيلي .. كان باروخ يلعب دور تاجر مغربي اشتهر باسم الحاج سليمان وهاجر لليمن من المغرب .. وكان حاجا بحق وحقيق كما يقال يتحدث العربية بلكنة مغربية وعاش وسط اليمنية يصلي وياكل معهم ويحكي لهم عن ذكرياته الجميلة بالمغرب .. الا ان كشفته الاستخبارات المصرية .. وحتى عندما عرفوه رفض ان يعترف واصر على قصته المغربية .. وفي التحقيق معه الظابط المصري كان ذكي جدا .. تظاهر بانه يئس من التحقيق معه فقال له اذهب الحين يا حاج سليمان واسفين للازعاج .. ولكن قبل ان يصل الباب ناداه باسمه الحقيقي ( باروخ) لا اردايا التفت الجاسوس واخيرا انهار وعاد ليعترف بكل القصة وتفاصيلها ..) رفعت راسي بعد ان دارت تلك الهواجس ووجدت صديقي لازال يسرد ويروي في ذكرياتنا والتي لم تعجبني فيها حكاية الطين والطعمية .. وحتى لو كانت حقيقية كنت نكرتها . ..
رفعت راسي على لكزة اخرى في كتفي من شخص آخر ( قلت في نفسي تاني كمان ) واحد يقول لي يا اخينا الحاجة ديك بتناديك .. التفت فاذا هي خالتي التي اصلا من المفترض انا منتظرها ..
الخالة : ياولدي زمن طويل بنادي فيك سارح وين يا احمد ولدي ..
دخلت سلمت على خالتي بالحضن وتركت صديقي المزعوم مع مشروبه وقلت فرصة نتفك من عالم اللبط ..
ولكن على بال ما ارفع راسي من سلام خالتي يدخل فيها سلاما صديقي الللبطنجي .. كيفك يا حاجة فاطمة حمد الله على السلامة زمن ما لاقيناك ما شاء الله لسع محافظة وشباب .. يا حليل ايام زمان وعم عثمان اخباره شنو لعل صحتو ما تعبت ..
لكن المحيرني حتى الان كيف عرف اسم خالتي الحقيقي واسم زوجها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اخذت انا شنط الحاجة وكراتينها بعدما عطرنا صالة المطار برائحة الحلومر التي جعلت الاجناس الاخرى تتلفت وتتشمم ..وصاحبي اللبطنجي لازال يمشي معنا ناحية موقف السيارات وهو يروي حكاياته ايام كنا صغار للحجة والتي كاد ان يجعلها تتذكر طفولتنا ايضا .. ,عندما شم رائحة الحلو .. اسنتشق بمتعة مصطنعة ( يا سلام يا حاجة فاطمة حتى الحلو مر بتاعك هو هو ريحته ما بتتغير).
انا فكرت في نفسي وقلت طالما انه لا فكاك من هذا الصديق وقت الضيق على الاقل اعرف اسمه الحقيقي ماشي انا عمر رضيت بها ويا ليت اسمي كان عمر لانه واحد من افضل البشر على الاطلاق وبشهادة الكفار انفسهم... وقلت انا اقطع له ا سم من راسي اذا مشى كان بها او هو على الاقل سيصارحني باسمه الحقيقي . .
وقلت : تعرف يا عماد اخوي .. قاطعني وقاال اهو ذاكرتك بدات ترجع بالتدريج لكن قربت من الاسم .. قالت : اقصد عمار .. قال لي قربت : قلت عثمان ... قال لي قربت ..قلت عصام قال لي برضو قربت : كملت الاسماء التي تبدا بحرف العين وانا لا ادري قربت من اي ناحية .. الا ان فاجاني هو وقال طاهر ياخي .... (في ذمتكم توجد اي علاقة بين طاهر والاسماء التي ذكرتها ( الجن الكلكي))..
قلت : طيب يا طاهر حاتروح تتغدى معنا اليوم بمناسبة حضور الحجة ونكمل باقي الذكريات ...( الحقيقة انا قصدت اعمل جس نبض لاعرف اين يمكن ان تنتهي حدوده ) ورد هو : لا لا لا لا يا ابو حميد عندي ارتباط في الحقيقة ( هنا تاكدت من اللبطية لانه رجع لي اسمي الحقيقي بدون ان يشعر وعتقني من الاسم عمر الذي تمسك به في البداية .. ولكن حاولت اعرف من اين يمكن ان يكون عرف اسم الحجة .. انتبهت لاحد الكراتين ووجدت اسمها مكتوب بالكامل ومعه عبارة حرم الحاج عثمان .. عرفت كيف ان هؤلاء المحتالون يوظفون المعطيات التي من حولهم بسرعة البرق .. ..
وقلت له على الاقل تزورنا في البيت وقال بالتاكيد يوما ما بس انت وصف لي البيت ويمكن اجي يوم الجمعة اقيل معكم في الحقيقة انا اشتقت لقراصة الحجة مع ملاح خضرة (ملوخية) مفروكة...
جانتي فكرة مقلب خبيث قلت اعمله في نسيبنا زوج بنت الحاجة خالتنا .. وقلت طالما هو كان من المفترض ان يكون في المطار اذا هذا الصديق كان يجب ان يكون من نصيبه هو .. اذا ساحول له النصيب لبيته .. ووصفت له بيت ابو النسب وصفا دقيقا حتى يعود ويتغدى معنا ويكمل ذكرياته مع الحجة .. ...
وبعد ذلك تحركنا انا والحجة من المطار الى البيت وتركناه هو ذاهبا ناحية سيارته .. والغريبة كانت سيارة فخمة تدل على ان هذا الشخص لا يحتال من اجل المادة .. ولكن وضعه يحير فعلا ..
من المطار الى البيت .
وتحركنا بالسيارة انا وخالتي من المطار الى البيت ومعروف انه مطار الرياض يبعد عن المدينة حوالي ساعة الا ربع أي اكثر من خمسين كيلو متر وبما ان الشارع في الغالب زحمة لذلك يعتبر المشوار يعادل ثلث زمن المسافر القادم من الخرطوم .. انا سارح وافكر كل مرة ارد على سؤال الحاجة وهي كانها محقق لان ردي يكون قدر السؤال .. وين عمك عبد الغفار قعد تشوفوه .. كويس يا حجة .. مرة مرة يجينا .. وارجع للسرحان من جديد افكر في حالة أخينا المتلبط وأحاول اربطها وأقارنها بكل معلوماتي سوى كانت من كتب او تلفزيون .. تذكرت زمان قرأت كتب الفيلسوف البريطاني كولن ويلسون ... واعتقد في كتاب الانسان وقواه الخفية .. وقال ان بعض الشعوب الأسيوية والديانات البوذيه يؤمنوا بما يعرف بتناسخ الارواح ... والمقصود بتناسخ الارواح انه اروحنا التي هي علينا الان هي كانت مستعملة من قبل ( سكند هاند ).. وبمعنى اوضح انه الانسان عندما يتوفى .. يدفن الجسد ولكن تظل روحه هائمة في الهواء الى ان تجد طفل جديد يولد وتسكن فيه .. وقالوا هذا يفسر لنا لماذا نحن نحلم بأماكن وأشياء لم نراها في حياتنا قط ..ومثال يعني لو حلمت انك بتغني في غابة مليئة بالازهار ومعاك بنت جميلة ترقص معاك والمطر تنزل عليكم تعرف بأنه هذا حدث في السابق عندما كنت أنت واحد هندي عايش في الهند .. وطبعا هذا تخريف وكانهم يصفون الله بالشح والعياذ بالله او عدم قدرته على خلق عدد لانهائي من الارواح..
.
حاولت اربط المعلومات اعلاه بصديقي طاهر .. وجدت انه انا هنا امام تطابق اجساد بمعنى انا كبرت وتشكلت بشكل شخص هو يعرفه تماما ..ولكن في آخر لحظات كدت أن اكشف حقيقته عندما ناداني باسمي الحقيقي والذي لقطه من الحجة .. ولكن ما زاد تتويهي من جديد السيارة الفخمة التي يقودها فقلت شخص يبدو عليه الراحة والعز اذا لماذا يحتال ؟؟ .. وهو حتى لم يقل لماذا حضر الى المطار ... صحوت من سرحتي على صوت الحاجة يرتفع من جديد : هوي احمد ولدي بسم الله مالك سارح من قبيل انا بتكلم معاك لعلو ما عندك مشكلة ...قلت لا يا حاجة ما في حاجة ....قالت يا ولدي انا من ركبت معاك ملاحظاك تسرح كثير لعلك ما عيان ولا مديون ..حتى اختصر الكلام في عبارة واحدة اعتاد يستخدمها المغتربون قلت يا حاجة بس صداع خفيف ...
وصلنا البيت وأنزلت الحاجة عند بيت بنتها وأنزلت العفش وتحولت ناحية بيتي في حي آخر وبعيد جدا ..
في يوم الجمعة والتي كانت بعد يومين من قدوم الحاجة كنت انا معزوم غداء انزلت اطفالي وامهم عند الحاجة ونسيت موضوع صديقنا اللبطنجي وخاصة انه لم يحصل بيننا أي اتصال خلال اليومين وانا اعتبرتها ظاهره عابرة ونسيت الموضوع .. وعدت في المساء لافاجا من الجميع بان صاحبي وصل محمل بالفواكه احضر معه تفاح وبطيخ وموز وحلوى للاطفال .. والحاجة فركت له الملوخية مع القراصة وتعرف هو على نسيبنا الصيدلي .. وقال لي نسينا انه طاهر حكى لهم عن ذكرياتكم الجميلة في عطبرة..
هنا توقفت وقلت عطبرة ؟؟؟ هو نسى بورتسودان ؟؟
ابو النسب قال : بورتسودان شنو يا احمد ياخ ديل كانوا جيران ناس الحجة في عطبرة السكة حديد والحجة اتذكرته وعرفت امه . حتى امه كانت تبيع الطعمية في محطة السكة حديد .. قلت : طعمية كمان .. هو الظاهر عنده عقدة طعمية .
وقال ابو النسب : والحجة اتذكرت كيف لامن كنتوا تجو تقضوا الاجازة في عطبرة وكنتوا تلعبوا في عربات السكك الحديدية لامن قبضوكم ناس شرطة السكة حديد وضربوكم .. انا قلت القصة حقيقية حدثت معي انا وابن خالتي لكن ما حيرني كيف استطاع الطاهر ان يقحم نفسه فيها ويكون هو واحد من اطرافها شئ يحير فعلا . (وسرحت قلت الطاهر هذا شخص يبدو عليه دارس علم النفس لانه يستخدم ما يعرف بالايحاء الذاتي .. وهو انه تفرض واقع في ذاكرة شخص ملئ بالتفاصيل الدقيقة حتى يتوهم بانه هذا الشئ موجود في ذاكرته فعلا وبعد ذلك يحس بانه يشاركك هذه المعلومات او الذكريات .. واعتقد هو ما فعله مع الحجة .. لاني انا واثق من انه هذا الشخص لا يعرف الحاجة ولا كان جيرانهم ولا امه كانت تبيع طعمية ولا حتى تعرف تعملها .ولكن هو شحن ذاكرة الحاجة بعبارات من نوع : تتذكري يا الحاجة بقالة حسن الكان قدامها سبيل وكان عنده كلب شرس .ولامن الكلب سك بتك سوسن دي وهي صغيرة .. ومعروف انه كبار السن افضل عندهم ان يخزنوا معلومات جديدة أكثر مما يضغطوا ذاكرتهم لتذكر تفاصيل التفاصيل .
المهم قيل معهم الطاهر في ذلك اليوم و ونسهم بذكرياتنا الجميلة التي لم تحدث واستطاع ان يدخل قلوبهم كما قالت الحاجة وبنتها وزوجها وزوجتي أيضا دخلت معهم موجة حكاية القلب .. وأبو النسب بكل فخر قال لي تعرف يا ابو حميد انا طاهر دا شعرت بيه كانه صديقي من زمان .. ياخي زمن ما لاقاني صديق يدخل القلب من أول نظرة ..
قلت له : ابشر يا ابو النسب اصلا هو كان مفروض يكون من نصيبك لانه لو رحت انت المطار كان قابلك .. عشان كدا اتفضلوا بكل تنازل واقفل عليه قلبك طالما ارتحت له .. وبصراحة انا غير مرتاح لهذا الشخص على الإطلاق وإنا برئ منه وبحذركم ما تتعاملوا معه .
شب فيني الجميع بعبارات قاسية من نوع : أنت إنسان قاسي وما تكون سئ الظن بالناس ؟؟ ياخي خاف ربك في خلقه ,,,,,,وووووووووووالخ ..
المهم انا فعلا غير مقتنع بطيبته وأحس إنها مزيفة ولكن برأت ذمتي ( وكل واحد ياكل ناره بعد كدا
. بعد دعوة الجمعة والقلوب المفتوحة انا تقريبا اكملت اكثر من اسبوعين لم استطع ان ازور فيها خالتي وبنتها الى ان يوم اتصل بي دكتور عصام زوج بنتها قائلا انه اليوم زارهم ( صاحبي ) طاهر وكانت حالته صعبة .. انا ثبته قلت خلينا انا اليوم جاييكم في البيت نص ساعة واكون عندكم .. لانه من عبارة حالته صعبة شعرت ان في الامر اكثر من إنات ..
وفعلا بعد ما وصلت ...استقلبتني سوسن .. وين انت يا احمد الطاهر جا و قال من الصباح بيسال عليك ويتصل انت ما بترد ..
جلست وقلت : في شنو يا اخوانا ؟؟
بد ا عصام يحكي : وقال جاهم اليوم طاهر وكانت عيونه حمر و وجهه وارم كانه كان يبكي .. وقدر ما ترجينتاه نعرف السبب اصر قال ما راح يحكي الا لك انت شخصيا وهو جايي يبحث عنك بما انه ما بيعرف بيتك جا يسال منك هنا لانك ما بترد على التلفون ..
وقلت : وفي النهاية حصل شنو ..
قال : الحجة بعد ما اصرت عليه وحلفته بمعزة امه صديقتها العزيزة حكى لنا القصة ..
وقال هو محاسب في شركة دخل الحمام لمدة دقائق ( بلا مؤاخذه ) ونسى الخزنة فاتحة .. وعندهم عامل بنقالي كان في المكتب اعقبه ( وشطب الخزنة ) سرق ما فيها و كان فيها عشرين الف ريال .. ,قال بعد ذلك الكفيل ما صدقه وقال له امهلك يومين ترجع المبلغ او بدخلك السجن .. هو جا ويبكى ويقول معقولة انا آخر الزمن اتهم بالسرقه .. وانا لو كنت بسرق ما كان احتاج اغترب كان اسرق من بلدنا هناك .... ..
انا حسيت انه الشئ الذي اريد سماعه لم ينطق به بعد هم تعاطفوا معه واكيد دفعوا له المبلغ ويريدونني ان اتعاطف انا ايضا حتى لا الومهم .. خلونا نسمع .
قلت وبعدين هو قال عاوزني انا لشنو ؟؟
قال الدكتور : قال لنا انت صديقه الوحيد الذي يمكن ان ينقذه من هذه الورطة لانه حتى لو ما كان معك المبلغ الان لانه علاقتك جيدة بالاخوة السودانيين ممكن تجمع المبلغ بسهولة في يومين ..
قلت طيب وانتو تصرفتوا كيف معه؟؟ .. لاحظت انهم سكتوا وبداوا يتلفتوا على بعض لانهم شعروا باني ما صدقت الرواية الوهمية .. وانا حتى اشجعهم قلت لهم .. مسكين صاحبي طاهر انا لازم الم فيه الان عشان احل مشكلته قبل ما يدخل السجن ..
فعلا نجحت عبارتي في تشجيعهم اذ شعروا بالارتياح ..
وقال الدكتور : ابشر يا اخي نحن اتصرفنا وما خزلناك أبدا..
هزيت راسي مشجعا حتى اعرف كيف تصرفوا ..
قالت الحجة : ولدي عصام كتر خيروا راح البنك وسحب له خمسة الاف ريال .. واختك سوسن عندها اربعة غويشات ملصتن من يدها وقالو ثمنهن سبعة الف ريال وانا عندي خاتمين بيجيبلهن الفين ... وقدر ما حنسناه عشان ياخذن حلف قال ما دايرهن ..الا كان ما اخوك عصام حنسه ..
لكن الولد قعد يبكي ويجعر لامن بكانا كلنا وقال لي انت حييتي لي امي من جديد وانوا الله رسلكم لي اهل عشان تنقذوني من السجن ..
وقلت يعني : طلع منكم بستاشر الف ريال على الاقل .... معليش حمة خفيفية ..
قال الدكتور بغيظ : شنو ؟؟ حمى خفيفية انت ما عندك دم واحساس بمعاناة الاخرين ياخي .
قلت : شوف هنا يادكتور انا آخر مرة قلت الكم انا الولد دا لاصحابي ولا بعرفوا هو اتلبط فيني من المطار لمن جا هنا قلتو كلكم دخل قلبكم وعجبكم وحذرتكم .. وكنت متوقع قصة تحدث منه ..
قال الدكتور : ياخي انت عشان ما رديت ليه تلفون وما عاوز تساعده ما تمنع الرحمة من الناس ياخي .. استخرجت جوالي وعرضته على الدكتور وقلت له افتح المكالمات التي لم يتم الرد عليها وافتح المكالمات المستلمة وشوف اي اتصال منه يخصه هو انا اتحداك ..
بدا الدكتور ينظر الى جوالي والى بعيون جاحظة وبدات الريبة تتسلل الى راسه ..
قال مطئنا نفسه : ياخي دا قال لنا عنده صرفه آخر الشهر في جمعية اول ما يقبضها حا يرجع يعوضنا .. وحتى اصر انه ياخذ فواتير الذهب من سوسن حتى يرجعوا بنفس قيمته ووزنه ويخرج نفسه من الربا ..
قلت : يا دكتور اولا هو اصر انه ياخذ الفواتير ليس من اجل الربا لا علاقة له هو بربا او دين وهذا ما يعرف بالتجارة بالدين بمعنى استغلال المصطلحات الدينية في اهداف دنيوية رخيصة .. ,لكن هو لص ويعرف ان تجار الذهب لا يشترون ذهب من الرجل الا اذا كانت معه فاتورة .. ولكن من امراه عادي جدا او رجل مع زوجته ايضا ممكن.. فهو محتاج للفاتورة حتى يستطيع ان يبيع الذهب بامان ..
بدا الجميع ينهاروا وجلسوا بعد ان كانوا واقفين .. وقال معقولة تاني ما راح يرجع ويرجع المبالغ...
وقال الدكتور : ياخي الولد جا اكثر من المره شرب شاي المغرب مع الحجة بالحرجل وقال انه بيذكره بامه ...
انا شعرت بانهم احبطوا فعلا فقلت اعطيهم جرعات مسكنة لاني واثق انه لا علاج للحالة ..
وقلت : على كل حال آخر الشهر ما بعيد اصبروا والله يكضب الشينة ..
فعلا جملتي الاخيرة اراحتهم .. ولكن وصل آخر الشهر وعد الشهر الذي يليه والذي يلي الذي يليه .. ولا جديد في الموضوع .. بل اصبح الجميع يتحاشى سيرة الموضوع و تقليب المواجع .
وهذه الحادثة اتذكرها بعد مرور سنوات وحتى صديقي الموهوم هذا لم يقابلني في أي مكان ثاني ربما أكتفى بالعشرين ألف وغير لمدينة ثانية .
أنا من هذه المناسبة أكتفيت بهذه القصة العجيبة مع صحن الكوكتيل لم أشاهد فنانا ولا باركت لعروس .... وكل عام والجميع في أمان ..
جمعتنا أحد المناسبات بعد التعارف السريع والونسة .قال بعض الناس أصبحوا يجمعوا بين الاحتيال والجرأة بصورة محيرة .جدا .. شعرت من المقدمة أن وراء هذا العنوان قصة طريفةوعجيبة تستحق الاستماع والاستمتاع .. فقلت مشجعا وأنا متشوقا لسماع حكاية هذا التنميط .شنو الخلاك تقول كدا ؟
فقال مكملا قصته : جلست في صالة الاستقبال بالمطار لاستقبل احدى خالتي التي هي قادمة من السودان لزيارة بنتها ( وتنفيسها) كعادة اهلنا بالغربة .. ولان زوج بنت خالتي كان في مهمة عمل اوكل الي مهمة استقبال ( حماته ) والتي هي خالتي . ..
وانا في الانتظار يصالات المطار وكعادة خطوطنا السودانية تقطع التذاكر في مواعيد وتحجز في مواعيد مختلفة وتقلع في موعد مختلف عن الثلاثة .. ليجلس المستقبل في المطار ساعات اكثر من التي جلسها المسافر في الطائرة .
. أنا في سرحتى ونظراتي المشتته بين شاشة مواعيد الطائرات وونسات السودانيين من حولي .. اشعر بان احد يهز كتفي والتفت له .. وقبل ان اتمكن من تبين ملامحه يدخل فيني سلام حار جدا وتعقبه ( لبعات ) الظهر السودانية الشهيرة .. ومعها عبارة ( معقولة يا عمر وين انت الزمن الطويل دا كله وصحي الدنيا ضيقة معقول اصلا ما متخيل الاقيك مرة ثانية ) وانا اتمنى من انتهاء موجة السلام الحار سريعا حتى اعرف من هذا الذي ناداني باسم عمر .. ورفع راسه .. وبقدر ما ركزت ونحت ذاكرتي واستحضرت كل الشخصيات التي رافقتني منذ المرحلة الابتدائية مسحا سريعا لم اجد شخصا بهذه الملامح .. وقلت ربما الصلعة والشيب غيرت الملامح ..وقلت له عفوا يا اخ ...انا حتى الان ما عرفتك .. قال مصرا معقولة يا عمر اضغط ذاكرتك شوية ولا انت لسع في استهبالك داك عاوز تعمل لي فيها كامرا خفية ..
قلت له : وعلى فكرة كمان انا ما اسمي عمر يمكن انت مشبهني ..
قال : كيف ما عمر ومال حيدر اخباره شنو ( دخل في موضوع ثاني بمعنى انه انه عمر هذه مفروغ منها .. لدرجة شككتني في هويتي حتى فكرت استخرج البطاقة او الاقامة واتاكد من نفسي ).
قلت : له مين حيدر دا كمان ( ماشي رضيت انا عمر لكن مين حيدر ؟؟)
قال : لي حيدر يا راجل ( على وزن شفيق يا راجل) حيدر السمين ياخي صاحبك الجنو ضحك داك .. كنت ما تتفارقوا أبدا ايام مدرسة البحر الاحمر الثانوية ببورتسودان .. ونسيت الكورة ودوري الروابط في ديم شاطي .؟؟
قلت في نفسي : بس خلاص فرجت لانه انا في حياتي ما عشت في بورتسودان سوى اسبوعين فقط ايام شهر العسل وهي حتى ما كانت كافية لاعرف اسم الشارع الذي فيه الفندق .قلت جالك الفرج يا ابو حميد .
قلت : بس انا في حياتي ما عشت في بورتسودان .
قال : ياخي ياعمر انت فقدت الذاكرة ولا حصل ليك غسيل مخ ما عارف .. كدي تعال على الكافتريا تشرب ليك كابتشينو يعدل دماغك ويذكرك ايامنا الحلوة ..
توجهنا انا وصديقي القديم الجديد الذي لم اعرف اسمه حتى الان لانه لم يعطيني فرصة لسؤاله وجلسنا في احدى الطاولات التي لها كراسي عالية دوارة ... انا قلت حتى استطيع الالتفات في كل مرة و استطيع ان اتابع الموضوع الاساسي وهو استقبال الحاجة .
وواصل الصديق : تعرف يا ابو عمرة ( كمان بقى يدلع فيني ) تذكر ايام كنا في المتوسطة ورحنا نطينا الحيطة لمدرسة البنات عشان نقطع الجوافة .. بعد داك الخفير سكانا (طاردنا) ونحن جارين وخلفنا الخفير ومعه كلابه ..
- فكرت في نفسي وقلت ( صدقوا هذا الشخص وهمني لدرجة انه انا كدت اصدق واتذكر فعلا معه رغما عن ثقتي التامه في اني ما حصل عشت في بورتسودان سوى الخمسة عشر يوما التي ذكرتها آنفا وندمت عليها وقلت ياليتها لم تحدث ) و واصل صديقنا في سرد ذكرياتنا العجيبة قائلا .. فجاة انت ( اي انا) سقطت في طين قرب بلاعة ناس حاجة علوية بياعة الطعمية .. وهدومك اتوسخت .. كمان ؟؟... لكن حاجة علوية مرة طيبة جدا دخلتك بيتها وغسلتك من الطين ولبستك ملابس ولدها عادل ..
كان ما كدا كان ناس بيتكم قتلوك .. زي ما قلت لي انا .. وبعدين حاجة علوية ملت لكل واحد مننا كيس بالطعمية ..
تركت هذا الصديق الواهم الموهوم يتحدث وقفلت الصوت بيني وبين نفسي وجلست افكر في المواضيع المشابهة التي قابلتني في حياتي .. تذكرت قصة الجاسوس الاسرائيلي باروخ ( في الكتاب انه الاسرائليين اذا ارادوا ان يزرعوا جاسوسا في دولة ما عربية او حتى اروبية مثلا .. يختاروا واحد اسرائيلي من اصول نفس الدولة . وبعد ذلك يخضع لتدريبات مكثفة حتى يتقن لهجة تلك البلد وينطقها مثل اهلها تماما وبعد ذلك .. يصنعوا له هوية جديدة يكون له فيها اقارب واصدقاء .. بمعنى يغيروا له قصة حياته تماما .. وبعد التدريب المكثف يخضع لاختبارات قاسية كان مثلا واحد يوقظه في منتصف الليل ويساله عن خالته فلانة التي تطلقت من زوجها في المكسيك .. فهو عليه قبل ان يدعك عينيه ان يروى القصة بتفاصيل دون اي زيادة او نقصان كانها حدثت فعلا .. في قصة باروخ الاسرائيلي .. كان باروخ يلعب دور تاجر مغربي اشتهر باسم الحاج سليمان وهاجر لليمن من المغرب .. وكان حاجا بحق وحقيق كما يقال يتحدث العربية بلكنة مغربية وعاش وسط اليمنية يصلي وياكل معهم ويحكي لهم عن ذكرياته الجميلة بالمغرب .. الا ان كشفته الاستخبارات المصرية .. وحتى عندما عرفوه رفض ان يعترف واصر على قصته المغربية .. وفي التحقيق معه الظابط المصري كان ذكي جدا .. تظاهر بانه يئس من التحقيق معه فقال له اذهب الحين يا حاج سليمان واسفين للازعاج .. ولكن قبل ان يصل الباب ناداه باسمه الحقيقي ( باروخ) لا اردايا التفت الجاسوس واخيرا انهار وعاد ليعترف بكل القصة وتفاصيلها ..) رفعت راسي بعد ان دارت تلك الهواجس ووجدت صديقي لازال يسرد ويروي في ذكرياتنا والتي لم تعجبني فيها حكاية الطين والطعمية .. وحتى لو كانت حقيقية كنت نكرتها . ..
رفعت راسي على لكزة اخرى في كتفي من شخص آخر ( قلت في نفسي تاني كمان ) واحد يقول لي يا اخينا الحاجة ديك بتناديك .. التفت فاذا هي خالتي التي اصلا من المفترض انا منتظرها ..
الخالة : ياولدي زمن طويل بنادي فيك سارح وين يا احمد ولدي ..
دخلت سلمت على خالتي بالحضن وتركت صديقي المزعوم مع مشروبه وقلت فرصة نتفك من عالم اللبط ..
ولكن على بال ما ارفع راسي من سلام خالتي يدخل فيها سلاما صديقي الللبطنجي .. كيفك يا حاجة فاطمة حمد الله على السلامة زمن ما لاقيناك ما شاء الله لسع محافظة وشباب .. يا حليل ايام زمان وعم عثمان اخباره شنو لعل صحتو ما تعبت ..
لكن المحيرني حتى الان كيف عرف اسم خالتي الحقيقي واسم زوجها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اخذت انا شنط الحاجة وكراتينها بعدما عطرنا صالة المطار برائحة الحلومر التي جعلت الاجناس الاخرى تتلفت وتتشمم ..وصاحبي اللبطنجي لازال يمشي معنا ناحية موقف السيارات وهو يروي حكاياته ايام كنا صغار للحجة والتي كاد ان يجعلها تتذكر طفولتنا ايضا .. ,عندما شم رائحة الحلو .. اسنتشق بمتعة مصطنعة ( يا سلام يا حاجة فاطمة حتى الحلو مر بتاعك هو هو ريحته ما بتتغير).
انا فكرت في نفسي وقلت طالما انه لا فكاك من هذا الصديق وقت الضيق على الاقل اعرف اسمه الحقيقي ماشي انا عمر رضيت بها ويا ليت اسمي كان عمر لانه واحد من افضل البشر على الاطلاق وبشهادة الكفار انفسهم... وقلت انا اقطع له ا سم من راسي اذا مشى كان بها او هو على الاقل سيصارحني باسمه الحقيقي . .
وقلت : تعرف يا عماد اخوي .. قاطعني وقاال اهو ذاكرتك بدات ترجع بالتدريج لكن قربت من الاسم .. قالت : اقصد عمار .. قال لي قربت : قلت عثمان ... قال لي قربت ..قلت عصام قال لي برضو قربت : كملت الاسماء التي تبدا بحرف العين وانا لا ادري قربت من اي ناحية .. الا ان فاجاني هو وقال طاهر ياخي .... (في ذمتكم توجد اي علاقة بين طاهر والاسماء التي ذكرتها ( الجن الكلكي))..
قلت : طيب يا طاهر حاتروح تتغدى معنا اليوم بمناسبة حضور الحجة ونكمل باقي الذكريات ...( الحقيقة انا قصدت اعمل جس نبض لاعرف اين يمكن ان تنتهي حدوده ) ورد هو : لا لا لا لا يا ابو حميد عندي ارتباط في الحقيقة ( هنا تاكدت من اللبطية لانه رجع لي اسمي الحقيقي بدون ان يشعر وعتقني من الاسم عمر الذي تمسك به في البداية .. ولكن حاولت اعرف من اين يمكن ان يكون عرف اسم الحجة .. انتبهت لاحد الكراتين ووجدت اسمها مكتوب بالكامل ومعه عبارة حرم الحاج عثمان .. عرفت كيف ان هؤلاء المحتالون يوظفون المعطيات التي من حولهم بسرعة البرق .. ..
وقلت له على الاقل تزورنا في البيت وقال بالتاكيد يوما ما بس انت وصف لي البيت ويمكن اجي يوم الجمعة اقيل معكم في الحقيقة انا اشتقت لقراصة الحجة مع ملاح خضرة (ملوخية) مفروكة...
جانتي فكرة مقلب خبيث قلت اعمله في نسيبنا زوج بنت الحاجة خالتنا .. وقلت طالما هو كان من المفترض ان يكون في المطار اذا هذا الصديق كان يجب ان يكون من نصيبه هو .. اذا ساحول له النصيب لبيته .. ووصفت له بيت ابو النسب وصفا دقيقا حتى يعود ويتغدى معنا ويكمل ذكرياته مع الحجة .. ...
وبعد ذلك تحركنا انا والحجة من المطار الى البيت وتركناه هو ذاهبا ناحية سيارته .. والغريبة كانت سيارة فخمة تدل على ان هذا الشخص لا يحتال من اجل المادة .. ولكن وضعه يحير فعلا ..
من المطار الى البيت .
وتحركنا بالسيارة انا وخالتي من المطار الى البيت ومعروف انه مطار الرياض يبعد عن المدينة حوالي ساعة الا ربع أي اكثر من خمسين كيلو متر وبما ان الشارع في الغالب زحمة لذلك يعتبر المشوار يعادل ثلث زمن المسافر القادم من الخرطوم .. انا سارح وافكر كل مرة ارد على سؤال الحاجة وهي كانها محقق لان ردي يكون قدر السؤال .. وين عمك عبد الغفار قعد تشوفوه .. كويس يا حجة .. مرة مرة يجينا .. وارجع للسرحان من جديد افكر في حالة أخينا المتلبط وأحاول اربطها وأقارنها بكل معلوماتي سوى كانت من كتب او تلفزيون .. تذكرت زمان قرأت كتب الفيلسوف البريطاني كولن ويلسون ... واعتقد في كتاب الانسان وقواه الخفية .. وقال ان بعض الشعوب الأسيوية والديانات البوذيه يؤمنوا بما يعرف بتناسخ الارواح ... والمقصود بتناسخ الارواح انه اروحنا التي هي علينا الان هي كانت مستعملة من قبل ( سكند هاند ).. وبمعنى اوضح انه الانسان عندما يتوفى .. يدفن الجسد ولكن تظل روحه هائمة في الهواء الى ان تجد طفل جديد يولد وتسكن فيه .. وقالوا هذا يفسر لنا لماذا نحن نحلم بأماكن وأشياء لم نراها في حياتنا قط ..ومثال يعني لو حلمت انك بتغني في غابة مليئة بالازهار ومعاك بنت جميلة ترقص معاك والمطر تنزل عليكم تعرف بأنه هذا حدث في السابق عندما كنت أنت واحد هندي عايش في الهند .. وطبعا هذا تخريف وكانهم يصفون الله بالشح والعياذ بالله او عدم قدرته على خلق عدد لانهائي من الارواح..
.
حاولت اربط المعلومات اعلاه بصديقي طاهر .. وجدت انه انا هنا امام تطابق اجساد بمعنى انا كبرت وتشكلت بشكل شخص هو يعرفه تماما ..ولكن في آخر لحظات كدت أن اكشف حقيقته عندما ناداني باسمي الحقيقي والذي لقطه من الحجة .. ولكن ما زاد تتويهي من جديد السيارة الفخمة التي يقودها فقلت شخص يبدو عليه الراحة والعز اذا لماذا يحتال ؟؟ .. وهو حتى لم يقل لماذا حضر الى المطار ... صحوت من سرحتي على صوت الحاجة يرتفع من جديد : هوي احمد ولدي بسم الله مالك سارح من قبيل انا بتكلم معاك لعلو ما عندك مشكلة ...قلت لا يا حاجة ما في حاجة ....قالت يا ولدي انا من ركبت معاك ملاحظاك تسرح كثير لعلك ما عيان ولا مديون ..حتى اختصر الكلام في عبارة واحدة اعتاد يستخدمها المغتربون قلت يا حاجة بس صداع خفيف ...
وصلنا البيت وأنزلت الحاجة عند بيت بنتها وأنزلت العفش وتحولت ناحية بيتي في حي آخر وبعيد جدا ..
في يوم الجمعة والتي كانت بعد يومين من قدوم الحاجة كنت انا معزوم غداء انزلت اطفالي وامهم عند الحاجة ونسيت موضوع صديقنا اللبطنجي وخاصة انه لم يحصل بيننا أي اتصال خلال اليومين وانا اعتبرتها ظاهره عابرة ونسيت الموضوع .. وعدت في المساء لافاجا من الجميع بان صاحبي وصل محمل بالفواكه احضر معه تفاح وبطيخ وموز وحلوى للاطفال .. والحاجة فركت له الملوخية مع القراصة وتعرف هو على نسيبنا الصيدلي .. وقال لي نسينا انه طاهر حكى لهم عن ذكرياتكم الجميلة في عطبرة..
هنا توقفت وقلت عطبرة ؟؟؟ هو نسى بورتسودان ؟؟
ابو النسب قال : بورتسودان شنو يا احمد ياخ ديل كانوا جيران ناس الحجة في عطبرة السكة حديد والحجة اتذكرته وعرفت امه . حتى امه كانت تبيع الطعمية في محطة السكة حديد .. قلت : طعمية كمان .. هو الظاهر عنده عقدة طعمية .
وقال ابو النسب : والحجة اتذكرت كيف لامن كنتوا تجو تقضوا الاجازة في عطبرة وكنتوا تلعبوا في عربات السكك الحديدية لامن قبضوكم ناس شرطة السكة حديد وضربوكم .. انا قلت القصة حقيقية حدثت معي انا وابن خالتي لكن ما حيرني كيف استطاع الطاهر ان يقحم نفسه فيها ويكون هو واحد من اطرافها شئ يحير فعلا . (وسرحت قلت الطاهر هذا شخص يبدو عليه دارس علم النفس لانه يستخدم ما يعرف بالايحاء الذاتي .. وهو انه تفرض واقع في ذاكرة شخص ملئ بالتفاصيل الدقيقة حتى يتوهم بانه هذا الشئ موجود في ذاكرته فعلا وبعد ذلك يحس بانه يشاركك هذه المعلومات او الذكريات .. واعتقد هو ما فعله مع الحجة .. لاني انا واثق من انه هذا الشخص لا يعرف الحاجة ولا كان جيرانهم ولا امه كانت تبيع طعمية ولا حتى تعرف تعملها .ولكن هو شحن ذاكرة الحاجة بعبارات من نوع : تتذكري يا الحاجة بقالة حسن الكان قدامها سبيل وكان عنده كلب شرس .ولامن الكلب سك بتك سوسن دي وهي صغيرة .. ومعروف انه كبار السن افضل عندهم ان يخزنوا معلومات جديدة أكثر مما يضغطوا ذاكرتهم لتذكر تفاصيل التفاصيل .
المهم قيل معهم الطاهر في ذلك اليوم و ونسهم بذكرياتنا الجميلة التي لم تحدث واستطاع ان يدخل قلوبهم كما قالت الحاجة وبنتها وزوجها وزوجتي أيضا دخلت معهم موجة حكاية القلب .. وأبو النسب بكل فخر قال لي تعرف يا ابو حميد انا طاهر دا شعرت بيه كانه صديقي من زمان .. ياخي زمن ما لاقاني صديق يدخل القلب من أول نظرة ..
قلت له : ابشر يا ابو النسب اصلا هو كان مفروض يكون من نصيبك لانه لو رحت انت المطار كان قابلك .. عشان كدا اتفضلوا بكل تنازل واقفل عليه قلبك طالما ارتحت له .. وبصراحة انا غير مرتاح لهذا الشخص على الإطلاق وإنا برئ منه وبحذركم ما تتعاملوا معه .
شب فيني الجميع بعبارات قاسية من نوع : أنت إنسان قاسي وما تكون سئ الظن بالناس ؟؟ ياخي خاف ربك في خلقه ,,,,,,وووووووووووالخ ..
المهم انا فعلا غير مقتنع بطيبته وأحس إنها مزيفة ولكن برأت ذمتي ( وكل واحد ياكل ناره بعد كدا
. بعد دعوة الجمعة والقلوب المفتوحة انا تقريبا اكملت اكثر من اسبوعين لم استطع ان ازور فيها خالتي وبنتها الى ان يوم اتصل بي دكتور عصام زوج بنتها قائلا انه اليوم زارهم ( صاحبي ) طاهر وكانت حالته صعبة .. انا ثبته قلت خلينا انا اليوم جاييكم في البيت نص ساعة واكون عندكم .. لانه من عبارة حالته صعبة شعرت ان في الامر اكثر من إنات ..
وفعلا بعد ما وصلت ...استقلبتني سوسن .. وين انت يا احمد الطاهر جا و قال من الصباح بيسال عليك ويتصل انت ما بترد ..
جلست وقلت : في شنو يا اخوانا ؟؟
بد ا عصام يحكي : وقال جاهم اليوم طاهر وكانت عيونه حمر و وجهه وارم كانه كان يبكي .. وقدر ما ترجينتاه نعرف السبب اصر قال ما راح يحكي الا لك انت شخصيا وهو جايي يبحث عنك بما انه ما بيعرف بيتك جا يسال منك هنا لانك ما بترد على التلفون ..
وقلت : وفي النهاية حصل شنو ..
قال : الحجة بعد ما اصرت عليه وحلفته بمعزة امه صديقتها العزيزة حكى لنا القصة ..
وقال هو محاسب في شركة دخل الحمام لمدة دقائق ( بلا مؤاخذه ) ونسى الخزنة فاتحة .. وعندهم عامل بنقالي كان في المكتب اعقبه ( وشطب الخزنة ) سرق ما فيها و كان فيها عشرين الف ريال .. ,قال بعد ذلك الكفيل ما صدقه وقال له امهلك يومين ترجع المبلغ او بدخلك السجن .. هو جا ويبكى ويقول معقولة انا آخر الزمن اتهم بالسرقه .. وانا لو كنت بسرق ما كان احتاج اغترب كان اسرق من بلدنا هناك .... ..
انا حسيت انه الشئ الذي اريد سماعه لم ينطق به بعد هم تعاطفوا معه واكيد دفعوا له المبلغ ويريدونني ان اتعاطف انا ايضا حتى لا الومهم .. خلونا نسمع .
قلت وبعدين هو قال عاوزني انا لشنو ؟؟
قال الدكتور : قال لنا انت صديقه الوحيد الذي يمكن ان ينقذه من هذه الورطة لانه حتى لو ما كان معك المبلغ الان لانه علاقتك جيدة بالاخوة السودانيين ممكن تجمع المبلغ بسهولة في يومين ..
قلت طيب وانتو تصرفتوا كيف معه؟؟ .. لاحظت انهم سكتوا وبداوا يتلفتوا على بعض لانهم شعروا باني ما صدقت الرواية الوهمية .. وانا حتى اشجعهم قلت لهم .. مسكين صاحبي طاهر انا لازم الم فيه الان عشان احل مشكلته قبل ما يدخل السجن ..
فعلا نجحت عبارتي في تشجيعهم اذ شعروا بالارتياح ..
وقال الدكتور : ابشر يا اخي نحن اتصرفنا وما خزلناك أبدا..
هزيت راسي مشجعا حتى اعرف كيف تصرفوا ..
قالت الحجة : ولدي عصام كتر خيروا راح البنك وسحب له خمسة الاف ريال .. واختك سوسن عندها اربعة غويشات ملصتن من يدها وقالو ثمنهن سبعة الف ريال وانا عندي خاتمين بيجيبلهن الفين ... وقدر ما حنسناه عشان ياخذن حلف قال ما دايرهن ..الا كان ما اخوك عصام حنسه ..
لكن الولد قعد يبكي ويجعر لامن بكانا كلنا وقال لي انت حييتي لي امي من جديد وانوا الله رسلكم لي اهل عشان تنقذوني من السجن ..
وقلت يعني : طلع منكم بستاشر الف ريال على الاقل .... معليش حمة خفيفية ..
قال الدكتور بغيظ : شنو ؟؟ حمى خفيفية انت ما عندك دم واحساس بمعاناة الاخرين ياخي .
قلت : شوف هنا يادكتور انا آخر مرة قلت الكم انا الولد دا لاصحابي ولا بعرفوا هو اتلبط فيني من المطار لمن جا هنا قلتو كلكم دخل قلبكم وعجبكم وحذرتكم .. وكنت متوقع قصة تحدث منه ..
قال الدكتور : ياخي انت عشان ما رديت ليه تلفون وما عاوز تساعده ما تمنع الرحمة من الناس ياخي .. استخرجت جوالي وعرضته على الدكتور وقلت له افتح المكالمات التي لم يتم الرد عليها وافتح المكالمات المستلمة وشوف اي اتصال منه يخصه هو انا اتحداك ..
بدا الدكتور ينظر الى جوالي والى بعيون جاحظة وبدات الريبة تتسلل الى راسه ..
قال مطئنا نفسه : ياخي دا قال لنا عنده صرفه آخر الشهر في جمعية اول ما يقبضها حا يرجع يعوضنا .. وحتى اصر انه ياخذ فواتير الذهب من سوسن حتى يرجعوا بنفس قيمته ووزنه ويخرج نفسه من الربا ..
قلت : يا دكتور اولا هو اصر انه ياخذ الفواتير ليس من اجل الربا لا علاقة له هو بربا او دين وهذا ما يعرف بالتجارة بالدين بمعنى استغلال المصطلحات الدينية في اهداف دنيوية رخيصة .. ,لكن هو لص ويعرف ان تجار الذهب لا يشترون ذهب من الرجل الا اذا كانت معه فاتورة .. ولكن من امراه عادي جدا او رجل مع زوجته ايضا ممكن.. فهو محتاج للفاتورة حتى يستطيع ان يبيع الذهب بامان ..
بدا الجميع ينهاروا وجلسوا بعد ان كانوا واقفين .. وقال معقولة تاني ما راح يرجع ويرجع المبالغ...
وقال الدكتور : ياخي الولد جا اكثر من المره شرب شاي المغرب مع الحجة بالحرجل وقال انه بيذكره بامه ...
انا شعرت بانهم احبطوا فعلا فقلت اعطيهم جرعات مسكنة لاني واثق انه لا علاج للحالة ..
وقلت : على كل حال آخر الشهر ما بعيد اصبروا والله يكضب الشينة ..
فعلا جملتي الاخيرة اراحتهم .. ولكن وصل آخر الشهر وعد الشهر الذي يليه والذي يلي الذي يليه .. ولا جديد في الموضوع .. بل اصبح الجميع يتحاشى سيرة الموضوع و تقليب المواجع .
وهذه الحادثة اتذكرها بعد مرور سنوات وحتى صديقي الموهوم هذا لم يقابلني في أي مكان ثاني ربما أكتفى بالعشرين ألف وغير لمدينة ثانية .
أنا من هذه المناسبة أكتفيت بهذه القصة العجيبة مع صحن الكوكتيل لم أشاهد فنانا ولا باركت لعروس .... وكل عام والجميع في أمان ..