ابراهيم
02-04-2005, 02:27 PM
أعلن الرئيس السوداني عمر البشير رفضه لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 القاضي بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية. و"أقسم بالله العظيم ثلاثا" أنه لن يسلم أي سوداني ليحاكم خارج البلاد.وعبر سياسيون وخبراء أستراتيجيون في تصريحات عن مخاوفهم بشأن مخاطر جدية ستحدق بالسودان جراء هذا القرار. وقال محللون سياسيون إن القرار يعني تحرير شهادة وفاة بحق الحكومة السودانية وافقت عليه أم لم توافق.وقال رئيس الوزراء السوداني السابق الصادق المهدي إنه لا يجد معنى للمواقف العنترية من قبل حزب المؤتمر الحاكم في بلاده في إشارة لتصريحات قادة الحزب بضرورة رفض القرار الأممي و"تعليق ترتيبات اتفاق السلام في الجنوب" بالإضافة لإعلان التعبئة العامة.وأوضح أن رفض القرار يعني إدخال الحكومة السودانية نفسها في مواجهة "غير متكافئة" مع النظام الدولي لافتا إلى أن القرار 1593 حظي ليس فقط بتصويت دول غربية وإنما صوتت إلى جانبها دولتين إفريقيتين هما بنين وتنزانيا كما أنه لم يحظ بمعارضة أية دولة.
سمعة القضاء السوداني تضررت
وأشار الصادق المهدي في هذا الصدد إلى أن الخرطوم كانت قبلت سابقا بالقرار 1590 (يقضي بنشر قوة سيطلق عليها اسم بعثة الأمم المتحدة في السودان لمدة 6 أشهر في المرحلة الأولى قوامها 10 آلاف رجل كحد أقصى و715 عنصرا من الشرطة المدنية) وهو أخطر من وجهة نظره لأنه "يقيم انتدابا على السودان".وأضاف أن الحكومة السودانية إذا كانت ستعترض على القرار الجديد، فكان الأولى بها الاعتراض على القرار 1590، مشيرا إلى أن "كل قضايا السودان تم تدويلها بإرادة الحكومة". ولم يبد المهدي معارضة للقرار، موضحا أن القضاء السوداني المشهود له بالكفاءة والنزاهة تضررت سمعته بعد أن قام نظام الإنقاذ وبناء على ما وصفه بـ"الشرعية الثورية" بإحالة قرابة 60% من القضاة السودانيين للصالح العام. وقال إن تكوين المحكمة الجزائية الدولية قضائي ومستقل من مجلس الأمن و"في غاية العدالة". وأشار إلى أنه نادى بمثل هذه المحكمة قبل تشكيلها مؤكدا أنها "آلية عادلة وضرورية" طالما أن هناك اعتراف من قبل الأطراف كلها بجرائم الحرب في دارفور.وأضاف "بالقرار أو بدونه يعاني الوضع الداخلي تخبطا" داعيا إلى مخرج قومي من خلال عقد مؤتمر دستوري.
شهادة وفاة الحكومة
من جانبه يرى البروفسير حسن مكي (خبير استراتيجي سوداني) أن الوضع خطير جدا ويعني عمليا "تحرير شهادة وفاة" بحق الحكومة السودانية. ويعتقد كما يقول مكي أن ثلاثة سيناريوهات -متساوية في إمكان تحققها- يطرحها القرار أمام الخرطوم. يتمثل الأول برفضها القرار مما يعني فرض عقوبات دولية وتأزم داخلي يفضي إلى إجهاض اتفاقات السلام في الجنوب وانقسام الحركة الإسلامية ثانية (الانقسام الأول في أواخر 1999 قاد لخروج الترابي من الحكم).أما السيناريو الثاني فهو قبول الخرطوم بالقرار مما يضع السودان تحت وصاية دولية كاملة وهذا سيقود إلى مقاومة بعض مكونات الحكومة وتفجير صراع بين أطراف الحكومة. أما الثالث فيكمن في تشكيل قيادة سياسية جديدة تسعى إلى لملمة الصف الوطني.ولام الدكتور علي الحاج (نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي) الحكومة السودانية على تجاهلها الآراء كلها التي دعتها سابقا لتدارك أزمة دارفور قبل فوات الآوان. وقال الحاج إن الحكومة السودانية هي التي أدت لهذا القرار الذي وصفه بـ"الطبيعي".
الترابي قد يعدم
وتوقع الحاج أن يؤدي رفض الحكومة للقرار إلى عقوبات اقتصادية بحق السودان، مشيرا إلى أن الوضع الداخلي ربما تتهدده مخاطر في مقدمتها أن تعمل الخرطوم بمبدأ "عليّ وعلى أعدائي" فتعدم الدكتور حسن الترابي باعتبار أنه والحزب الذي يقوده خلف هذه المشاكل كلها من وجهة نظر الحكومة.وأكد أن القرار الأخير يأتي بمثابة "شهادة وفاة" للحكومة منتقدا في الوقت ذاته ما وصفه بتناقض المجتمع الدولي الذي يتعامل مع متنفذين في النظام يدرك أنهم متهمين بارتكاب جرائم في دارفور. وقال سفير السودان لدى الأمم المتحدة الفاتح عروة إن بعثته لم تتبلغ رسميا إلى غاية الآن موقف حكومة بلاده من القرار. لكنه أشار إلى أن المجلس "ضرب بعرض الحائط المواقف الأمريكية الداعية إلى عدم محاكمة المتهمين في لاهاي". وأوضح مجلس الأمن أحال الأمر للمحكمة الجزائية الدولية التي سيعمد المدعي العام لديها لاستلام قائمة المتهمين وربما يحتاج لجمع مزيد من المعلومات. وأضاف بأنه – المدعي العام – سيباشر خطوات قانونية في هذا الإطار. وانتقد عروة ما وصفها بـ"عدم ديمقراطية مجلس الأمن" والديناميكيات الأخرى التي تلعب دورا في تمرير بعض القرارات، مشيرا إلى أن مواقف الدول الأعضاء يتم توجيهها بالهاتف من قبل بعض العواصم الكبرى.
تنظيف صفوف الإنقاذ
ويرى الدكتور خطار أبوذياب (الخبير بالمعهد الدولي للجيوبوليتيك في باريس) أن القرار غلّب وجهة النظر الأوربية حيال المحكمة الجزائية، موضحا أن فرنسا نجحت في تمرير وجهة نظرها. وقال أبوذياب إن ما تم لم يكن من أجل دارفور ولا ترضية للضمير الأوروبي المنهك جراء مذابح رواندا في السابق.وأضاف بأن أولوية واشنطن كانت حل مشكلة الجنوب وترك ملف دارفور إلى أن يتمركز زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور جون قرنق في الخرطوم. وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي عجز عن احتواء الأزمة، وأن ليس ثمة خيارات كثيرة متاحة أمام السودان حاليا. فإما مراجعة جذرية لمشكلة دارفور و"تنظيف الصفوف بسرعة" وقبول في هذا الإطار بالقرار الأممي أو التورط برفض القرار مما يعني تدخل من قبل قوى دولية في دارفور.واستبعد أبوذياب أن تطال القائمة متنفذين سياسيين في الخرطوم، مشيرا إلى أن "عددا من القيادات العسكرية والأمنية" مهددة بشكل مباشر، كما أن البلاد بأسرها تقف على حافة التفتت.
المصدر:
أخبار الخرطوم اليوم
سمعة القضاء السوداني تضررت
وأشار الصادق المهدي في هذا الصدد إلى أن الخرطوم كانت قبلت سابقا بالقرار 1590 (يقضي بنشر قوة سيطلق عليها اسم بعثة الأمم المتحدة في السودان لمدة 6 أشهر في المرحلة الأولى قوامها 10 آلاف رجل كحد أقصى و715 عنصرا من الشرطة المدنية) وهو أخطر من وجهة نظره لأنه "يقيم انتدابا على السودان".وأضاف أن الحكومة السودانية إذا كانت ستعترض على القرار الجديد، فكان الأولى بها الاعتراض على القرار 1590، مشيرا إلى أن "كل قضايا السودان تم تدويلها بإرادة الحكومة". ولم يبد المهدي معارضة للقرار، موضحا أن القضاء السوداني المشهود له بالكفاءة والنزاهة تضررت سمعته بعد أن قام نظام الإنقاذ وبناء على ما وصفه بـ"الشرعية الثورية" بإحالة قرابة 60% من القضاة السودانيين للصالح العام. وقال إن تكوين المحكمة الجزائية الدولية قضائي ومستقل من مجلس الأمن و"في غاية العدالة". وأشار إلى أنه نادى بمثل هذه المحكمة قبل تشكيلها مؤكدا أنها "آلية عادلة وضرورية" طالما أن هناك اعتراف من قبل الأطراف كلها بجرائم الحرب في دارفور.وأضاف "بالقرار أو بدونه يعاني الوضع الداخلي تخبطا" داعيا إلى مخرج قومي من خلال عقد مؤتمر دستوري.
شهادة وفاة الحكومة
من جانبه يرى البروفسير حسن مكي (خبير استراتيجي سوداني) أن الوضع خطير جدا ويعني عمليا "تحرير شهادة وفاة" بحق الحكومة السودانية. ويعتقد كما يقول مكي أن ثلاثة سيناريوهات -متساوية في إمكان تحققها- يطرحها القرار أمام الخرطوم. يتمثل الأول برفضها القرار مما يعني فرض عقوبات دولية وتأزم داخلي يفضي إلى إجهاض اتفاقات السلام في الجنوب وانقسام الحركة الإسلامية ثانية (الانقسام الأول في أواخر 1999 قاد لخروج الترابي من الحكم).أما السيناريو الثاني فهو قبول الخرطوم بالقرار مما يضع السودان تحت وصاية دولية كاملة وهذا سيقود إلى مقاومة بعض مكونات الحكومة وتفجير صراع بين أطراف الحكومة. أما الثالث فيكمن في تشكيل قيادة سياسية جديدة تسعى إلى لملمة الصف الوطني.ولام الدكتور علي الحاج (نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي) الحكومة السودانية على تجاهلها الآراء كلها التي دعتها سابقا لتدارك أزمة دارفور قبل فوات الآوان. وقال الحاج إن الحكومة السودانية هي التي أدت لهذا القرار الذي وصفه بـ"الطبيعي".
الترابي قد يعدم
وتوقع الحاج أن يؤدي رفض الحكومة للقرار إلى عقوبات اقتصادية بحق السودان، مشيرا إلى أن الوضع الداخلي ربما تتهدده مخاطر في مقدمتها أن تعمل الخرطوم بمبدأ "عليّ وعلى أعدائي" فتعدم الدكتور حسن الترابي باعتبار أنه والحزب الذي يقوده خلف هذه المشاكل كلها من وجهة نظر الحكومة.وأكد أن القرار الأخير يأتي بمثابة "شهادة وفاة" للحكومة منتقدا في الوقت ذاته ما وصفه بتناقض المجتمع الدولي الذي يتعامل مع متنفذين في النظام يدرك أنهم متهمين بارتكاب جرائم في دارفور. وقال سفير السودان لدى الأمم المتحدة الفاتح عروة إن بعثته لم تتبلغ رسميا إلى غاية الآن موقف حكومة بلاده من القرار. لكنه أشار إلى أن المجلس "ضرب بعرض الحائط المواقف الأمريكية الداعية إلى عدم محاكمة المتهمين في لاهاي". وأوضح مجلس الأمن أحال الأمر للمحكمة الجزائية الدولية التي سيعمد المدعي العام لديها لاستلام قائمة المتهمين وربما يحتاج لجمع مزيد من المعلومات. وأضاف بأنه – المدعي العام – سيباشر خطوات قانونية في هذا الإطار. وانتقد عروة ما وصفها بـ"عدم ديمقراطية مجلس الأمن" والديناميكيات الأخرى التي تلعب دورا في تمرير بعض القرارات، مشيرا إلى أن مواقف الدول الأعضاء يتم توجيهها بالهاتف من قبل بعض العواصم الكبرى.
تنظيف صفوف الإنقاذ
ويرى الدكتور خطار أبوذياب (الخبير بالمعهد الدولي للجيوبوليتيك في باريس) أن القرار غلّب وجهة النظر الأوربية حيال المحكمة الجزائية، موضحا أن فرنسا نجحت في تمرير وجهة نظرها. وقال أبوذياب إن ما تم لم يكن من أجل دارفور ولا ترضية للضمير الأوروبي المنهك جراء مذابح رواندا في السابق.وأضاف بأن أولوية واشنطن كانت حل مشكلة الجنوب وترك ملف دارفور إلى أن يتمركز زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور جون قرنق في الخرطوم. وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي عجز عن احتواء الأزمة، وأن ليس ثمة خيارات كثيرة متاحة أمام السودان حاليا. فإما مراجعة جذرية لمشكلة دارفور و"تنظيف الصفوف بسرعة" وقبول في هذا الإطار بالقرار الأممي أو التورط برفض القرار مما يعني تدخل من قبل قوى دولية في دارفور.واستبعد أبوذياب أن تطال القائمة متنفذين سياسيين في الخرطوم، مشيرا إلى أن "عددا من القيادات العسكرية والأمنية" مهددة بشكل مباشر، كما أن البلاد بأسرها تقف على حافة التفتت.
المصدر:
أخبار الخرطوم اليوم