مشاهدة النسخة كاملة : فضفضة علي الهواء
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 06:19 AM
بعض المدن مثل القهوة سوداء ومرة وساكنة من الخارج ولكنها جميلة نبيلة ومنعشة وصديقة من الداخل.....
وبعضها مثل الغانيات مزخرفة مبهرجة وجاذبة لكنها لاتدخل القلب أبدا... تشعر فيها بالإختناق والرغبة في الرحيل والركض بأسرع ما تستطيع....
أما الناس فهم عوالم متباينة وهم مثل الهواء ، كما يحمل الأوكسجين ، يحمل اكثر الميكروبات فتكا بالأنسان.... وقد ينعطف في اللحظة الأخيرة ويترفق بك ولايصيبك بالأذي قصداً أو عفواً.... وقد يترك الهواء الملوث كل شئ ويقصد هدفا محددا ويلتصق به ويمتص رحيق عافيته....
الناس بعضهم فيه جمال ونبل وصفات فريدة غير قابلة للتكرار
منهم من يكفي ان يحل بالمكان فترتسم الابتسامات علي الوجوه
يصبح الكل سعيدا ولطيفا وراغبا في الضحك والتبسم ولفت نظر
الشخص الفراشة
مثل هولاء في مدني مدينتنا كثر
منهم من قضي نحبه ومن ينتظر
أناس تتعلق البسمة بهاماتهم كما يتعلق القمر بالسماء
فحيث حلوا كانت البسمة
ومن الناس من تأتي معه المصائب والمتاعب والتوترات
أتذكر في مدني شخصيات كانت لاتحل بمكان الا وتحسس كل شخص عصاه أو غادر المكان...يزداد التوتر اذا كانت المناسبة حفلة عرس
فهولاء نذير شؤوم وجرس إنذار بمشاجرة جماعية قادمة
............... كان ذلك زمان....
في هذا الزمان
ظهرت صور جديدة
متسلقون كاللبلاب أنتشروا في كل مكان
اجادوا تقمص كل الادوار
وارتداء كل انواع الملابس والاكسسوار
والرقص علي كل نغم ولو كان المكان
أطراف المقابر
هم قادرون علي التصفيق والهتاف والبكاء
والتهليل والغناء في وقت واحد
يجيدون تسديد الطعنات بلا شعور بالذنب
وينافسون العقارب في القدرة الفائقة علي اللدغ دون الظهور علي الخشبة
ويفوقون الحرباء في القدرة علي التلون
وهم
لايبكون
ولايندمون
ولا يشعرون بالندم
ولايعافون الجيفة
ولايجدون مشكلة في قضاء الحاجة في ذات الطبق الذي قدم لهم فيه الطعام.....
وهم
لايبالون
ولايهمهم علي جسد من يدقون المسامير ويمشون!!!!!!
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 06:21 AM
ستتواصل الفضفضة
ومع الزمن والألفة ستكون شفافة أكثر فتابعوني
mahagoub
23-03-2013, 06:42 AM
بمناسبة مدنى وناس البسمة الحلوه
كثير من الناس يتضايق عند ذكر مدنى بأجمل خبر
ويقولوا السودان ده كله ما فى بلد زى مدنى
لمان ارد عليه انو مافى بلد اجمل من مدنى
يزداد غيظاً
بنت الرفاعي
23-03-2013, 07:11 AM
ستتواصل الفضفضة
ومع الزمن والألفة ستكون شفافة أكثر فتابعوني
:):):)
لكَ التحية أخي صلاح سر الختم،
وإن شاء الله من المتابعين لإبداعاتك (ما شاء الله).:)
:):):)
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 07:27 AM
:):):)
لكَ التحية أخي صلاح سر الختم،
وإن شاء الله من المتابعين لإبداعاتك (ما شاء الله).:)
:):):)
شكرا علي تفاعلك المحفز
وباذن الله تتواصل الفضفضة
في كل الاتجاهات
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 07:28 AM
بمناسبة مدنى وناس البسمة الحلوه
كثير من الناس يتضايق عند ذكر مدنى بأجمل خبر
ويقولوا السودان ده كله ما فى بلد زى مدنى
لمان ارد عليه انو مافى بلد اجمل من مدنى
يزداد غيظاً
والله ياصديقي مدني أميرة مدن السودان
وملكته المتوجة علي قلوبنا
ريمون
23-03-2013, 08:34 AM
كلام جميل وعميق ..
والاكثر .. واقعي جداً ..
متابعين الفضفضة ..
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 10:16 AM
كلام جميل وعميق ..
والاكثر .. واقعي جداً ..
متابعين الفضفضة ..
شكرا ريمون
تتواصل الفضفضة
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 10:34 AM
2
اتذكر الان فجأة وبلا مقدمات أياما رائعة في مدرسة السني الثانوية الاعوام1980/1981/1982
وبالتحديد اتذكر مسرحية البشارة التي فازت مدرستنا بها بالجائزة الذهبية في الدورة المدرسية علي نطاق محافظة الجزيرة ثم علي نطاق السودان في منافسات الدورة المدرسية القومية بالابيض في نهاية عام 1981 ، المسرحية من تأليف الشاعر الاستاذ محمد محي الدين والاخراج للاستاذ الفاضل / بشير عبد الرحيم الشهير ب زمبة استاذ الفنون بالمدرسة والمسؤول عن الجانب الثقافي ونجاحات عديدة للمدرسة فيه في دورات متتابعات، مسرحية البشارة كانت بطولتها لمجموعة من زملائنا بالمدرسة علي رأسهم الاخ حاتم الذي صار تلميذا بمعهد الموسيقي فيما بعد قسم المسرح وصار مخرجا بالاذاعة والتلفزيون
وكان طالبا داخليا، وكان من نجوم المسرحية الاخ الصديق قيس حيدر الكاشف وهو قاض الان ،كان دور قيس هو فاكهة المسرحية، وكان هناك الاخ معتصم بيضاب ايضا كان له دور لاينسي وهناك آخرون سقطوا من الذاكرة، المسرحية كانت تصور صراعا يدور بين الخير والشر في قرية سودانية، كانت عملا ممتعا جمع بين قوة الموضوع وطرافة الطرح وروح المرح فيه والتشويق الشديد والديكوروالاكسسوار الذي اشتغل عليه الشهيد طه يوسف عبيد الذي كان رساما متمكنا استطاع ترجمة افكار المؤلف والمخرج الي لوحات لعبت دورا مهما في توصيل الافكار ونجاح المسرحية، وقد لايعرف الكثيرون هذه الصلة بين الشهيد طه يوسف عبيد الذي استشهد بعد عودته مع بعثة الجزيرة ظافرا بميدالية المسرح الذهبية مع مجموعة مسرحية البشارة واستشهد طه بعد اقل من اسبوع من ذلك فصدح محمد محي الدين بقصيدته الرائعة عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر مصورا فيها استشهاد الفتي وحالة الوطن المحكوم بالبندقية والهراوات آنذاك، مسرحية البشارة نفسها لم تخل من مضامين سياسية تحرض علي الثورة وتنادي بالتغيير وقد بقيت في ذاكرة ذلك الجيل بصمة ثقافية لاتنسي تجسد عبقرية الشباب السوداني الذي ارادت سلطة مايو ان تلهيه بالدورات المدرسية عن قضايا الوطن فجعل من تلك الدورات تظاهرات ثقافية ووطنية كبيرة وخالدة.
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 10:53 AM
3
لازلت أحن الي تلك الايام البرئية، لازلت أذكر كيف تعلق قلبي بها رغم فارق السنين ، لازلت أذكر تألق عينيها الواسعتين وهي تحكي لى عن خيبتها في الحب وأنا عاجز عن الحكي لها عن تعلقي بها،لكننى كنت أعرف بطريقة ما أنها تعرف أن قلبى الصغير متعلق بها، كنت في الثانوى العام وكانت في العالي،أربعة أعوام دراسية تفصل بىننا ولكن قلبى اجتاز المسافة وقفز فوق الفارق مثل لص مطارد قفز سورا طوله متران بلا أدني تردد...لازلت أذكر أسم من أوجع قلبها فقد أوجع قلبي الصغير أكثر حين أوجع قلبها....
لازال قلبى يدق حين تلمع صورتها في الذاكرة.....
بنت الدباغة التي غسلت قلبى ودبغته وختمت عليه بخاتمها.
ايتها القمارى بلغيها سلامى
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 11:44 AM
3
كلب ضال وعذاب المصل
ذات صباح كنت فجرا عند موقف البصات القديم بالسوق الجديد مبتغيا اللحاق بمحاضرة الصباح الأولي بمدرج حسين فهمي بالجامعة كما هي العادة
كان لمواصلات الجزيرة في ذلك الزمن بص يغادر مدني فجرا ليلحق الطلاب والموظفين من ابناء مدني الذين يأتوا لقضاء الخميس والجمعة مع ذويهم بمحاضراتهم واعمالهم، لحقت بالبص وقطعت تذكرتي واخترت موقعا مميزا عند ست الشاى الجالسة في المسافة بين مكاتب مواصلات الجزيرة بشعارها البرتقالي بالابيض
ومكتب المؤسسة الوطنية بشعارها الرمادي وكانت تعيش ايامها الاخيرة في تلك الايام بعد طول زهوة وسيطرة ومكانة رفيعة قضت بها علي بصات الركبي والثقة
النيسانات التي تراجع روادها بعد ظهور بصات المؤسسة، المهم شربت الشاي وباللقيمات ونهضت متجها الي البص ، وطأت أقدامي كلبا شبه ضال كان نائما تحت البص دون أن اراه فكان نصيبي عضة قلبت برنامجي رأسا علي عقب، حيث توجهت فور وصولي الخرطوم الي مركز صحي بدلا عن المدرج وبدأت رحلة موجعة مع واحد وعشرين حقنة تحتم علي أخذها كاملة لانني لم يكن ميسورا لي ان اعرف اذا كان الكلب مات أم لا، فهو مجرد كلب ضال...كنت انوم واصحو خائفا من ان انبح ذات يوم، وخائفا من احتمال اضطراري لاعادة الحقن كلها اذا تخلفت عن واحدة. كانت تجربة قاسية حقا.
mahagoub
23-03-2013, 08:09 PM
من مكاسب مايو الدورات المدرسيه
فهى تنمية لمواهبهم
وربطهم ببعض فى كل انحاء السودان
ومن الحب ما قتل
ايام لها إيقاع
الشقى بعضيه الكلب فى المولد
قلت لى طير ليك اللقيمات من راسك
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 08:24 PM
4
من الشخصيات الجميلة في مدني والتي تشكل حكاية جديرة بالتوقف عندها شخصية القطر المذيع الداخلي لاستاد مدني، ذلك الرجل البسيط الذكي الموهوب الذي استطاع ان يصنع من مساحة صغيرة هي المساحة التي تتيحها الاذاعة الداخلية كونا كبيرا وألقا دائماً، أسمع صوته القوي وهو يجول في مدني للترويج لمباريات الدوري مطلقا القابه الفريدة علي كل فريق من فرق مدني ( الرومان...الاتحاد .... كانون الجزيرة النهضة...سيد الاتيام...ارجنتينا يا اهلينا.. الكوماندوز الدفاع....جزيرة فيل.....الافيال...)
ثم يصدح بالالقاب الخاصة باللاعبين: الغزال الشارد عثمان الله جابو....صخرة الدفاع قاسم سنطة.......................
القطر خلق حيوية لاحدود لها في المجتمع الرياضي ومنح مهنة المذيع الداخلي بريقا لم تعرفه قبله......
والطريف ان القطر من انصار النيل الجميل لكن ذلك لايظهر ابدا في نشاطه المهني
فهو واجهة لجميع الفرق ويقدمها في تعليقاته ودعايته جميعا بشكل منصف يرضي انصارها....
هو مبدع من مدني
صلاح سر الختم علي
23-03-2013, 08:26 PM
من مكاسب مايو الدورات المدرسيه
فهى تنمية لمواهبهم
وربطهم ببعض فى كل انحاء السودان
ومن الحب ما قتل
ايام لها إيقاع
الشقى بعضيه الكلب فى المولد
قلت لى طير ليك اللقيمات من راسك
اظنه كان غارقا في احلامه حين عفصته فلقنني درسا بليغا في وجوب احترام نوم الآخرين
ههههههههههههههههههههههههههههههههه
Isam Hussien H
23-03-2013, 10:50 PM
مولانا يا راقي ..
شوق لك ولتك الأيام التي لن ننساها .. فالمدينة كانت عبارة عن جنة ومجتمعها كان يملوه الألق نحبها أين ما نكون .. نرتبط بإنسانها .. نخاف من يرهبنا ونحب من يسعدنا .. مدينة فيها كل شئ من أجل الحياة الراقية الممتعة .. لم أكن أتخيل أن أكون بعيداً عن مجتمع بمثالية مجتمع المدينة حينها .. زمبة محمد محي الدين طه .. لوحة متناهية الجمال .. وأنا أقول قيس حيدر ده الجمال إنزرع ليه في ياتو مرحلة ؟
تقدير وإحتراماتي ..
صلاح سر الختم علي
24-03-2013, 12:17 AM
مولانا يا راقي ..
شوق لك ولتك الأيام التي لن ننساها .. فالمدينة كانت عبارة عن جنة ومجتمعها كان يملوه الألق نحبها أين ما نكون .. نرتبط بإنسانها .. نخاف من يرهبنا ونحب من يسعدنا .. مدينة فيها كل شئ من أجل الحياة الراقية الممتعة .. لم أكن أتخيل أن أكون بعيداً عن مجتمع بمثالية مجتمع المدينة حينها .. زمبة محمد محي الدين طه .. لوحة متناهية الجمال .. وأنا أقول قيس حيدر ده الجمال إنزرع ليه في ياتو مرحلة ؟
تقدير وإحتراماتي ..
اخي عصام
شرفني مرورك هنا وتوقفك كثيرا
مدني حياتنا تمشي في شوارعها
اتصور دوما ان هناك شاشة عرض عملاقة في ميدان الحرية في مدني قبالة النيل تعرض باستمرار سيرة المدينة وسيرة ساكنيها وفرقها وجماعاتها الثقافية وقياداتها الوطنية والدينية
اتصور نفسي وكل من عرفتهم فيها جزءا من ذلك العرض الفريد
تتصور ياعصام احلم دوما بكتابة رواية دائرية عن مدني لاتنتهي ابدا
واحلم بامتلاك تلك الشاشة العملاقة التي لاتنطفئ ابدا
تصور اذا حدث ذلك من الذي يقوي علي مفارقة تلك الشاشة
؟
في تلك الشاشة سوف نعرض سير فتوات مدني وجميلاتها وفنانينها وشعرائها وكتابها ولاعبوها في كرة القدم والطائرة والتنس والسلة
و مجانينها جميعا
وباعة صحفها
ومحاموها وقضاتها ولصوصها
هي نبع جمال لاينضب
Isam Hussien H
24-03-2013, 12:28 AM
صدقت يا صلاح في كل مفردة .. ياريت تبدأ هذه السيرة الدائرية .. إنني هنا أحي عمالقة منهم عمي السر الذي شق بأبنائه عنان السماء فكنت أنت وكان محمد .. وبقية العقد الفريد بنينهم وبناتهم .. وذلك الحي العريق الذي منه خرج فطاحلة كل له رقم في خارطة السودان ..
تجانس الأسر علاقة الدم القائمة على المدينة .. حقيقة مدينة لها طعم خاص يختلف عن كل الأمكنة .. أبدأ وسنزيدك من السيرة ونشاركك الرسم على اللوحة ..
صلاح سر الختم علي
24-03-2013, 12:44 AM
5
في مدني لكل شئ طعم مختلف ونكهة خاصة
اتذكر الان ذلك الرجل صاحب الاسم المخيف (......) الذي ارتبط بالاتجار بالبنقو في مدني
احتل حيا كاملا ، كان جزءا منه وحاكما متوجا عليه، كان حيا يتكون من فقراء يشكون الي طوب الارض قلة تعليمهم وقلة حيلتهم وهوانهم علي الناس الذين ينفرون منهم ويسمونهم بوصف يعني ضمن ما يعني حكما ابديا بالعزلة الاجتماعية
لم نر من بينهم لاعبا نابها أو مطربا صاعدا أو تاجرا يشار اليه بالبنان، ولم نر من أولادهم من رافقنا في سنين الدراسة مع ان المدارس كانت علي مرمي حجر منهم، لم نسمع بزواج لهم ولم نسمع بمن تزوج منهم ، كانوا دائرة مغلقة تماما علي نفسها، حتي أصولهم غامضة فلايعرف لهم مثل بقية أهل المدينة أصل جغرافي أو عرقي وفدوا منه، كأن الارض إنشقت عنهم بغتة أو هبطوا من السماء، فلاهم ينتمون الي قبائل الشمال المعروفة ولاهم ينتمون الي الغرب ببطونه وقبائله الكثيرة ولاهم ينتمون الي البطانة أو الجزيرة بأصولها الكثيرة، ولاهم منتسبون الي الجزيرة العربية مثل بعض القبائل، لكنهم موجودون بالمدينة والوطن كله منذ فتحنا عيوننا، لكن الفقر اختارهم ووسمهم بميسمه وحكم عليهم بمهن شاقة تتطلب جهدا عضليا وشقاءا دائما وكلها مرتبطة بالحديد، يرسفون في اعلال من الحديد بسب الفقر والجهل المتفشي والعزلة الاجتماعية ويطوعون الحديد لاجل غيرهم نظير دراهم معدودة وثمن بخس، ربما يكون صاحبنا هو الوحيد الذي لمع من بينهم وسطع هذا السطوع في تجارة غير مشروعة، كنا اطفالا صغارا نتلمس الطريق الي المدارس خائفين حين سمغنا بمصطلحات تنتمي الي ذلك العالم مثل كلمة( الخانة) وكبرنا ونحن نسمع بقصص الرجل العنكبوتي الذي يدير شبكة تشمل كل متسول في المدينة ومتسولة ويغازل بعض رجال الشرطة الفاسدين بامواله فتكون اخباريات المداهمة عنده قبل اكتمال اتخاذ القرار فيعد عدته ويقف ساخرا من التفتيش الذي لن يسفر الا عن الخيبة، كبرت الاسطورة، وكثرت محاولات تحطيمها، وبات للرجل هالة تصنع منه زعيما محليا لمافيا لاتقتل ولاتسرق ولاترعب أحدا لكنها تدير تجارتها السوداء رغم انف الحكومة وتحيل كل مخبر الي مخبر مضاد، وراجت حكايات كثيرة تنسب للرجل نشاطا خيريا واسعا وسط أهله المنعزلين المعزولين ،وكانت تلك السيرة تجد مصداقية لها كلما قدم الرجل لمحاكمة، كانت جيوش من النساء البائسات يتجمهرن حاملات اطفالا ناحلين يبدون كالاشباح في صدورهن النحيلة، لكنهن يظلن يتابعن الجلسات يوما بعد يوم حتي تنتهي ، وكانت معظمها محاكمات طاش فيها سهم الحكومة وشرطتها وخرج الرجل ببراءة عززت أسطورته وأشاعت اليأس من امكانية النيل منه، لكن لكل أول آخر، وقعت الواقعة وضبط العنكبوتي بالثابتة، وذات صباح علق علي اعواد المشنقة في سجن مدني الكبير الذي خرج منه ظافرا مرات عديدة، خرج الرجل جثة هامدة بعد تنفيذ حكم الأعدام وانهارت امبراطورية الفقراء ولايعرف أحد من صار راس خيطهم بعده وماذا جري لاولئك النسوة التاعسات.
صلاح سر الختم علي
24-03-2013, 12:49 AM
صدقت يا صلاح في كل مفردة .. ياريت تبدأ هذه السيرة الدائرية .. إنني هنا أحي عمالقة منهم عمي السر الذي شق بأبنائه عنان السماء فكنت أنت وكان محمد .. وبقية العقد الفريد بنينهم وبناتهم .. وذلك الحي العريق الذي منه خرج فطاحلة كل له رقم في خارطة السودان ..
تجانس الأسر علاقة الدم القائمة على المدينة .. حقيقة مدينة لها طعم خاص يختلف عن كل الأمكنة .. أبدأ وسنزيدك من السيرة ونشاركك الرسم على اللوحة ..
بدأت بالفعل ياصديقي في كتابة سيرة هذه المدينة باشكال متعددة منها البوست الخاص بمدني مدينة الجمال النائم وفيه لوحات متنوعةومزج بين سيرة المدينةوسيرتي الذاتية
وهناك روايتي الرمال يافاطمة وهي تحتوي توثيقا مهما لبعض تاريخ المدينة في التسعينات
وهناك روايتي الجديدة خطوات وبصمات وفيها توثيق ومزج بين السيرة والرواية لحقبة الثمانينات
وهناك مساهمات مختلفة منها توثيقي لمشهد استشهاد طه يوسف عبيد
وما زال النهر جارياً
ولازلت اسكن مدني بروحي واحلق فوقها في كل صباح
حاتم عمر
24-03-2013, 09:33 AM
والله يا صلاح تجبر الناس يمشوا معاك في كل روائعك
الله يديك العافية ومتابعبن
صلاح سر الختم علي
24-03-2013, 11:37 AM
والله يا صلاح تجبر الناس يمشوا معاك في كل روائعك
الله يديك العافية ومتابعبن
الحبيب حاتم
جاءت عبارتك صادقة وذكرتني أمي رحمة الله عليها، فقد كانت تكون اجمل ما تكون حين يعجبها الموقف أو الشخص أو فعله أو كلامه
يخرج رد فعلها طازجا كالحليب وتعبر مباشرة عن الاعجاب
أنا ابن هذه المدينة التي ارضعتني حليبها
وابن تلك المرأة العظيمة آمنة بنت وهب التي ارضعتني حليبها وأورثتني روحها
فمضيت أتمثلها في كل شئ فهي جامعة الجمال المفتوحة التي أحرص علي النهل منها وأقتفاء أثرها دوما
ياصديقي شكرا علي عبارتك الرشيقة ونفسك الكريمة
صلاح سر الختم علي
24-03-2013, 12:43 PM
6
رواكيب صغيرة
كان ذلك المكان مكاناً خاصاًفي طبيعته، كنت مفتونا به برغم أن الوقت الذي كنت أقضيه فيه كان دقائق وثوان عابرة فقط، لكنني كنت اتوقف دوما عند أشياء صغيرة تثير في ذهني وعقلي الطفل أسئلة كثيرة وكبيرة، كان المكان مجموعة من الرواكيب الصغيرة المصنوعة من الحطب والشوالات والبروش، كانت تلك الرواكيب تحتل ركنا قصيا في قلب مدينة ودمدني في حي الموظفين في مساحة تقع كنقطة فاصلة بين موقف الحافلات وحي الموظفين بالقرب من مباني الجوازات وأقرب الي ميز الاطباء الواقع غرب موقف الحافلات الرئيسي في سوق مدني، في تلك الرواكيب الهيمنة لنساء بعضهن شابات نسبيا وبعضهن كبيرات في السن أمتهنٌ تجارة تقليدية وهي تجارة تؤمن احتياجات النساء من الطلح والشاف والبروش والنطع والحنة والمحلبية والبخور بانواعه والمباخر والمناقد والفنادق وعدة القهوة من شرقرات(جمع شرقرق) وقدايات (جمع قداية)وفناجين واواني الجبنة نفسها المصنوعة من الألمونيوم والصفيح والفخار بما في القلايات و والجبنة نفسها والليف وغيره، وهناك روائح وعطور سودانية تصنعها النسوة باقتدار بما في ذلك الدلكة والخمرة وغير ذلك، الي جانب ذلك هناك السمن البلدي والعسل وكثير من الادوية البلدية مثل القرض والحرجل والمحريب ، وهناك القفف والهبابات وعدة الجرتق كلها وحتي هلال العريس وود الطهور المصنوع من النحاس، المهم كان سوقا فريدا عامرا بزائراته من النسوة وتاجراته ، ولم يكن يخل من العنصر الرجالي، فقد كان هناك رجال يعملون في ذلك السوق في مهمة تكسير الحطب الذي كان جزءا من بضائع السوق ويقومون بتكسير الطلح والشاف أيضا، لذلك ربطتهم بالمكان وتاجراته صلات قوية وغريبة، اتذكر احدهم كان رجلا ضخما طويلا اسنانه بارزة مصفرة وفيه شئ من التخلف، اذا ضحك اهتز المكان وارتجف من لم يسمع ضحكته من قبل، كان طفلا اذا تحدث، طيب القلب ساذجا الي حد بعيد،كان صورة مجسمة للزين كما أورده الطيب صالح في عرسه، الاخر كان قصيرا ومتحدثا لبقا وشخصية قوية آمرة، لكنهما في العمل متساويان، وفي اللقمة بعد يوم عمل طويل واثنائه شريكان دائمان، واتذكر انني شاركتهما ذات مرة الطعام الذي كان لقمة بملاح ساحن اظنه كان ملاح شرموط، كنت أجئ الي ذلك السوق مع جدتي التي كانت تزود السوق بانتاجها فقد كانت ماهرة في صناعة القفف والبروش والمصالي الصغيرة والهبابات والبروش الملونة من السعف، وكانت تشتري حاجياتها من السوق نفسه وعلي رأسها السمن البلدي. كنت أرافقها في رحلتها تلك وانتهز فرصة انشغالها بالمساومة حول ما تريد بيعه وما تريد شرائه، فاتجول في كل ركن في السوق العجيب متابعا وراصدا ومنبهرا بكل شئ....كان ذلك السوق علامة من علامات عظمة شعب السودان في ذلك الزمان، كان سوقا عفيفا لاناس عفيفين منتجين مبدعين لا يعرف الرياء اليهم سبيلا، يأكلون حلالا ويقدسون العمل ويحترمون من يعمل، ولايركضون خلف المال الحرام والكسب السريع المشبوه، كان السوق يعكس احترام المجتمع للمرأة ومكانتها فيه، فقد كانت منتجة عاملة لاتلاحقها الكشات والتهم الباطلة وسوء الظن أينما ذهبت....
نفس ذلك السوق شهدته في الابيض في سوق ابو جهل وهو سوق نسائي بحت
ونفس ذلك السوق شهدته في مليط في دارفور قبل الحرب
وشهدته في الفاشر ايضا
......................................
...
Isam Hussien H
24-03-2013, 07:41 PM
صديقي الجميل صلاح .. صباحات ندية بعظمة المرأة التي كانت .. ولا زالت تأخذ بيدها عفة صريحة وشخصية بقوة رجال .. كان بالسوق نساء أرقام ك(أم شأن ) والدة الريح إبراهيم الريح الذي تربى بأخلاق هؤلاء النسوة حتى صار من أكبر تجار المدينة ، وغيرها كثر لكل منهن قصة عن سمو الأخلاق ومعايير تربية أغفل عنها زماننا ..
إني وبدون شك أتابع كل مفردة تكتبها لأني أعرف حجمك .. كما وأنك وجدانياً تملأني ..
لك الود ومتابعين لعظمة مشاهدك التي ترويها وهي أقرب لصور عشناها في مجتمعات المدينة بتقسيماتها المتعددة
صلاح سر الختم علي
24-03-2013, 08:46 PM
صديقي الجميل صلاح .. صباحات ندية بعظمة المرأة التي كانت .. ولا زالت تأخذ بيدها عفة صريحة وشخصية بقوة رجال .. كان بالسوق نساء أرقام ك(أم شأن ) والدة الريح إبراهيم الريح الذي تربى بأخلاق هؤلاء النسوة حتى صار من أكبر تجار المدينة ، وغيرها كثر لكل منهن قصة عن سمو الأخلاق ومعايير تربية أغفل عنها زماننا ..
إني وبدون شك أتابع كل مفردة تكتبها لأني أعرف حجمك .. كما وأنك وجدانياً تملأني ..
لك الود ومتابعين لعظمة مشاهدك التي ترويها وهي أقرب لصور عشناها في مجتمعات المدينة بتقسيماتها المتعددة
اخي عصام ....كلما صدمني قبح الحاضر هربت منه الي جمال ماكان
وحقيقة في الماضي صور رائعة تحكي عن نبل وسمو وعظمة انسان السودان
عندما نقارنها بما هو كائن ندرك فداحة ما حاق بمجتمعنا ووطننا
ذلك الوطن الذي أشبعناه لطما وتدميرا وتخريبا بيدنا لابيد عمرو
أولئك النسوة الباسلات كن منتشرات في تلك الحقبة في عصب المدينة
ففي كل مدرسة واحدة منهن تأتي مع الصباح حاملة جرادل وحلل بها طعام شهي ونظيف مثلها تبيعه للصغار لتطعم صغارا تيتموا
أذكر منهن حبوبة أم زميم بمدرسة مدني الجنوبية الابتدائية وهي جدة دكتور مرغني حبيب الله
كان لديها أشهي سلطة روب وأسود تذوقتها في عمري
كان الوطن بخير
وكان العمل شرف وحق وواجب
وكانت العفة تسكن كل بيت وكل دار
عنكوليب
24-03-2013, 10:27 PM
ريحة الذكرى ،، وطعم النقاء ،، واحساس الولف ،،
دلفت اليك أخانا صلاح لأنك أثرت فيى حلاوة الجيران ،،
وزاد الحبان ال ليه بكان ،، وإكرام الضيفان ،، وحفاوة اللقاء
نرتقب أيام الأسبوع ،، ونعدها حتى يأتي الخميس ،، لنأتيك يا مدني ،، يا بانت ،،
ومتى تكون الأجازة ،، وينك يا عيد الأستقلال ،، وعيد العمال ،، والأضحى ،، والفطر ،،
لتتسارع خطانا اليك يا مدني ،،
نأتيك يومياُ طٌلاب علم ،،
التمرين ،،،، والمؤتمر ،،، وعبدالستار ،،،
في عطلاتنا ، يكن أحلى ساندوتش سلطة أسود وروب وطعمية وشطة ( ريقي جرى )،،
من الشايقية ،،
ويفضل الأولاد فول دُكان مُحسن ،،
والنهار ،، ننتظر ناس النيفة واللسان ،،
والله لا مرض ،،، لا ذباب ،، لا باعوض ،،
نأكل النيفة دي بالشكل ،،،،
صلاح ،، لك عمق الكلمة ،،، وجمال الطريق ،،
عشت ،،
عنكوليب
24-03-2013, 10:31 PM
كان لصانعات الطواقي ، مكان مخصص في شارع الجمهورية ،،
وهن عاكفات في الكُروشيه ،، يبعن أجمل ما صنعت أيديهن النظيفة ،،
لا يوجد صناعة للصين ،، ولا بروجيه ،،
أصلي بس !!!
صلاح سر الختم علي
25-03-2013, 12:27 AM
كان لصانعات الطواقي ، مكان مخصص في شارع الجمهورية ،،
وهن عاكفات في الكُروشيه ،، يبعن أجمل ما صنعت أيديهن النظيفة ،،
لا يوجد صناعة للصين ،، ولا بروجيه ،،
أصلي بس !!!
هكذا كان كل شئ اصليا في ذلك الزمان اخي عنكوليب
أما الان فنحن نعيش عصر التزييف والتزوير
حتي العفة باتت مزورة ومغشوشة
البشرة مغشوشة
الرموش مغشوشة
وعدسات العيون مغشوشة
والشعر مستعار ( كتيرة)
والسمنة مزيفة
والنحافة مزيفة
والخطوة علي الارض مصطنعة
والشفاه ملونة
والأيادي ملونة
والأساور مزيفة
والإبتسامة خنجر
والسيرة الذاتية مستعارة ومسروقة ومزورة
فبنت الفقير بنت أمير
وخريجة الروضة تشتري ماجستيرا لتتجمل به
وحين تتكلم يخرج الجهل من فمها مثلما تخرج رائحة البصل
من فم جاهل تنكر لأصله وظن ان الملابس تخفي عورته
صلاح سر الختم علي
25-03-2013, 12:31 AM
ريحة الذكرى ،، وطعم النقاء ،، واحساس الولف ،،
دلفت اليك أخانا صلاح لأنك أثرت فيى حلاوة الجيران ،،
وزاد الحبان ال ليه بكان ،، وإكرام الضيفان ،، وحفاوة اللقاء
نرتقب أيام الأسبوع ،، ونعدها حتى يأتي الخميس ،، لنأتيك يا مدني ،، يا بانت ،،
ومتى تكون الأجازة ،، وينك يا عيد الأستقلال ،، وعيد العمال ،، والأضحى ،، والفطر ،،
لتتسارع خطانا اليك يا مدني ،،
نأتيك يومياُ طٌلاب علم ،،
التمرين ،،،، والمؤتمر ،،، وعبدالستار ،،،
في عطلاتنا ، يكن أحلى ساندوتش سلطة أسود وروب وطعمية وشطة ( ريقي جرى )،،
من الشايقية ،،
ويفضل الأولاد فول دُكان مُحسن ،،
والنهار ،، ننتظر ناس النيفة واللسان ،،
والله لا مرض ،،، لا ذباب ،، لا باعوض ،،
نأكل النيفة دي بالشكل ،،،،
صلاح ،، لك عمق الكلمة ،،، وجمال الطريق ،،
عشت ،،
قرأت الجزء الاخير من مشاركتك قبل هذا ياصديقي
بانت حكايات تطول
بانت ميدان المولد
وتجمع المدارس
والعجلاتية
وعبد الرحمن تاشية الحلاق
وسمير اجمل ترزي مماطل في المعمورة
له زبائن يسدوا عين الشمس
فهو ماهر بدرجة سلطان في مجاله
صلاح سر الختم علي
25-03-2013, 06:50 AM
وجه غاب في الزحام
(اليك في غيابك أعيد كتابة انبهاري)
مازلت اسيرا للدهشة في حضرة هذي الروح الشفيفة
التي تخترق روحي بقوة كالنسيم
كالشهقة
والزفير
أراك بخيالي كائنا من نور نبتت له أجنحة
لكنه لايطير
بل يصلي في خشوع
وكلما أطال السجود
بكي
فانفجرت الانهار والعيون
قبل خمسة عشر عاما
عرفت في مدينة ما فتاة صغيرةلم تبلغ العشرين
لكنها هائمة في ملكوت الشعر
رقيقة كفراشة
شفيفة كالبلور
خفيضة الصوت كأنها تخشي ان تجرح النسيم
تكتب شعرا يجندل من يقرأه ويشعره بالضآلة
كانت مفتونة بكتابات خجولة كنت اكتبها
ولم تدرك انني بت مفتونا بكل حرف خطته يدها
كانت أنثي فريدة في كل شئ
خفت من رقتها عليها
ومن دموعها الكثيرة التي لم أرها بعيني ولكنني سمعتها في صوتها في هاتف كان رسولا بيننا
وخفت من أعجابي بما تكتب
وبما هي عليه من صدق في الكتابة
صدق يجعلك تخاف عليها مما هي عليه في زمن فظ
فرقتنا الدنيا
لكنها بقيت بداخلي بصوتها الخفيض وعقلها الكبير
وروحها الشفيفة
في حضرة أحرفك
انبعثت صورتها من مرقدها
تمنيت لو انك التقيتيها.......
لم أقو علي السؤال عنها أبدا
فثمة شئ ما
يخيفني من السؤال!!!
صلاح سر الختم علي
28-03-2013, 10:03 PM
ذكريات
كنا صغارا جدا، ولجنا الثانوي العام للتو بمدرسة فريني الثانوية العامة بحي المزاد حين اكتشفنا فجأة اننا مهمشون ومهملون ومفتري علينا من اخوتنا الكبار في حي 114 الشهير بالكمبو وبالأخص لاعبي فريق المشعل الذي كان آنذاك ممثل الحي الوحيد في الرابطة الجنوبية للناشئين التي كانت تضم فرق تنتمي الي احياء الحلة الجديدة والكمبو والمزاد وهي الرابطة التي زودت مدني وفرقها بابرز النجوم، كان فريق المشعل مكتظا بنجوم مميزين منهم احمد حربة ومحمد كورة واليسع حاج بليل وعثمان حاج بليل والمرحوم حسن شوة وعلي مرغني وازهري وحسن علوب وبهاء الدين رومينغا وآخرين، لم يك هناك متسع لنا معهم حتي في تمارين الفريق التي كان يحضرها اهل الحي كلهم فكان نصيبنا جمع الكرات فقط أو البقاء احتياطيا لاتمام النقص في التمرين، كنا نتوق للعب ونشعر ان لدينا ما نقدمه وكان من الصعب ان نقتحم تشكيلة المشعل قريبا، فقررنا تكوين فريق جديد سميناه المجد ووجدنا مساعدة من اداريين سابقين بالمشعل منهم ازهري حبيب نسي وصلاح حسن اضافة لمجهودات اول رئيس للفريق الفاتح عبد الوهاب عبد الحفيظ واول سكرتير الاخ فهمي حسن صالح، ذهبنا الي استوديو الحرية بالسوق الجديد وتصورنا وجمعنا الصور وذهبنا الي مكتب الناشئين بمركز الشباب بود ازرق حيث اكملنا اجراءات تسجيل المجد واجتمعنا ثانية في خور يشق حي 114 قبالة منزل ناس صلاح التوم وعماد التوم ابرز مهاجمي المجد فيما بعد وقررنا ان يكون الشعار اللون الاحمر بالازرق وجمعنا نقودا قليلة واشترينا ست فنايل مصرية بها مثلث في اسفل العنق من الاكشاك الواقعة بالسوق الكبير خلف مكتبة مضوي وبذلك الست كان ظهورنا الاول في الرابطة الجنوبية، كان ظهورا مبهرا حيث توالت انتصارات فريق المجد( الاولاد الصغار الذين تمردوا علي الدكة وفاتوا الكبار) وكان نصيب المشعل هزيمة نكراء برباعية منا في أول مواجهة في دوري الرابطة جعلت لقاءاتنا اللاحقة ديربي نار ينتظره الجميع، كان يقف خلف انجازات المجد مدرب مميز هو الراحل صلاح الشاذلي حارس اهلي مدني السابق واحد ابناء منطقة نوري الذين استقروا بالكمبو مع ناس خالته عليها الرحمة حاجة زكية والدة محمد عبد الغني محمد توم واخوته عبد العظيم وبكري، كان صلاح الشاذلي تلميذا نجيبا للكوتش سعد الطيب فنقل الي المجد اسلوب لعب الاهلي وطريقة الاهلي الجميلة في تناقل الكرة برشاقة الي ما لانهاية ففتن الناس بالمجد ولقبوه ببرازيل الرابطة الجنوبية، وكان من نجوم المجد الحارس ناجي حسن محمد صالح الذي بات حارس الاهلي فيما بعد وشهرته تشتش وشخصي الضعيف ايضا في حراسة المرمي ولعبت فيما بعد بفريق الثوار وهناك لاعب الوسط الرهيب محجوب كرفون الذي لعب فيما بعد للنهضة وهناك احمودي لاعب الوسط المدافع الذي لعب بالثوار ثم النيل، وهناك صلاح التوم وصلاح قيلي نجما التضامن والمرحوم عمر الجون في الحراسة ومحم زامبيا المهاجم الذي لعب بالرابطة والمهاجم بدر ترة مهاجم الاتحاد مدني الشهير وهناك المدافع ضياءالدين شجر الذي لعب بالاصلاح وعادل الثعلب الذي اصبح صخرة دفاع الاتحاد مدني
وكذلك المرحوم حسون نجم الاتحاد مدني فيما بعد وشقيقه عبد ربو والمرحوم بشير الطاهر ، كانت فرقة المجد اضافة حقيقية للرابطة الجنوبية حتي انه تصدر البطولة ومثل الرابطة في بطولة الروابط وكانت له صولات وجولات، وعلي نطاق الحي تحول التنافس الحاد مع المشعل الي محبة متبادلة واحتل الفريقان نادي الحي وتقاسماه وبات النادي شعلة من النشاط الذي يرجع الفضل فيه الي شباب الفريقين ،كانت فرق الرابطة الجنوبية كلها مميزة فهناك فريق شباب المزاد والوادي المتجاوران اللذان يضمان ابناء المزاد المتاخم للحلة الجديدة وهناك فريق نجوم المزاد ومقره منطقة نادي الدفاع وهو مصنع نجوم كبيرة منها سقد والنقر وبدر حديدة وعلم والشاعر وهناك الطلائع ومقره المزاد القديم جوار مدرسة الهوارة وهناك فريق قلب الاسد الذي تخرج منه هجو وجمال نجما الاهلي مدني وهو فريق الحلة الجديدة الوحيد حتي بروز فريق السهم الذهبي الذي اسسه النور الفلاتي ذلك الرجل المحب لكرة القدم والذي كان له دور كبير في ترقية الرياضة بمدني فذلك الفريق ابرز نجوما كبيرة منها الفاضل جبريل الشهير بالفاضل ودعة او كرشو نجم الاتحاد مدني وسبب تسميته الفاضل ودعة انه كان يلعب بجزمة بيضاء من البلاستيك اشتهرت بانها ودعة لانها تشبه الودع فعلا والفاضل رجل محترم ومحبوب اينما حل شهد الناس له بطيب المعشر وانه فلتة كروية وكذلك برز الفلتة جهاد الطاهر نجم الدفاع في فريق السهم الذهبي وهناك فريق ابناء كوري ايضا وهو فريق منطقة من مناطق الشايقية بمحلية مروي. كان دوري الروابط منجما حقيقا للنجوم واتذكر من النجوم الذين لعبنا ضدهم كابتن منتصر الزاكي والمرحوم منير استيف وفيصل بوكش الذين كانوا يلعبون في فريقي الامل والجهاد بدردق وبيننا وبينهم مواجهات دائمة وكذلك جمعة نجم النيل مدني الذي كان يلعب للثغر شندي فوق وهناك ناس نجوم جبرونا وفريق اخر كان بود ازرق يسمي البحيرية ونجوم بانت وفريق الجيل السكة حديد
....كان زمنا باهيا زاهيا، انتقلنا منه الي دوري الثالثة في مدني وكان دوري مولع نار وله جمهوره الخاص الذي لايغشي دوري الاضواء ابدا مكتفيا بنجوم الشمس الحارة، وهو جمهور طريف جدا وصاحب نكتة، لعبت في الثوار بصحبة طارق تكل وفقيري وحجزي ونورالدين عبد المجيد وكابتن حيدر حامد وحسن الطيب وحسن ضرس وعادل عثمان وابوعبيدة محمد محمود وعمر عباس الشهير بتليس واحمودي زميلي في فريق المجد 114 ويحي المهاجم اللعاب والمرحوم محمد خير الجناج الايسر المزعج للخصوم ولعب معنا عماد عبد العزيز العمدة بعد عودته من المريخ وتولي تدريب الفريق كل من المرحوم ابوليلي والمرحوم مجد الدين سنهوري وفوزي الطيب . ساهمت في صعود الفريق الي الثانية وتوقفت عن اللعب عند ولوج الجامعة عام 1983. ولازالت تربطني علاقات طيبة باهل فريق الثوار وهم اسرة جميلة مترابطة.
mahagoub
29-03-2013, 10:35 PM
ايام لها إيقاع
عاشها جيل لو ولدوا فى هذا الزمن
لكانو من اشهر نجوم المستديرة
صلاح سر الختم علي
29-03-2013, 11:52 PM
ايام لها إيقاع
عاشها جيل لو ولدوا فى هذا الزمن
لكانو من اشهر نجوم المستديرة
صدقت اخي محجوب
والله كل فريق روابط في مدني في ذلك الزمان يساوي نجوم الريال والبرشا في هذا الزمان
صلاح سر الختم علي
31-03-2013, 09:42 PM
كان زواج العازف عبد الرحمن عبدالله من الاستاذة عائشة حسين شقيقة دفعتنا وصديقنا خالد حسين بحي الدرجة جوار مدرسة الليثي بنات حدثا فريدا لن تنساه ذاكرة المدينة ابدا، فالعريس كان عازفا كبيرا ومهما باوركسترا الاذاعة وهو ضمن عازفي وردي ومحمد الأمين وكان له نشاط سياسي جعله يعاني الاعتقال لفترات طويلة ، كان ذلك في عهد النميري ، وكانت العروس مضطرة للانتظار فيما يبدو، وحين خرج الرجل وقررا الزواج، كان ذلك الزواج حدثا احتشد فيه الناس من كل مكان، واحتشد الفنانين والعازفين احتشادا غير مسبوق احتفاء بالعريس، كانت ليلة العرس مظاهرة ثقافية صاخبة، كان الحدث الأكبر الذي احتل ذاكرتي وذاكرة المدينة حين صعد العملاقان محمد وردي ومحمد الأمين وصدحا لأول مرة سويا برائعة وردي نور العين ، بللت الدموع العيون وصوت محمد الأمين الغليظ القوي يجاور صوت وردي صادحا بنور العين ملبسا اياها زيا جديدا لم يألفه الناس، وردي نفسه غناها كأنه يغنيها أول مرة، أما الناس فكانوا يستمعون في خشوع من يؤدي صلاة، كانت ليلة لاتنسي أبداً.
صلاح سر الختم علي
03-04-2013, 08:56 PM
يحدث كثيرا ان يجد الرجل نفسه كزورق صغير تدفعه الامواج بقوة نحو جزيرته الخضراء
ويحدث كثيرا ان تجد المرأة نفسه يدفعها الفضول نحو مغارة تبدو مظلمة ولكن احساسها يقول لها ان داخلها ضوء العالم كله....
ويحدث كثيرا أن نجد أنفسنا جائعين الي الحنان جوعا لاحدود له وندرك بشكل ما ان هذه الأنثي دون غيرها هي نهر حنان لايجف
فنقطع حبال زوارقنا ونشعل النار فيها ونقفز نحو بحرها
غير عابئين بشئ............
انا جائع كبير للحنان
مذ جئت هذه الدنيا طفلا
اعترف الان
انا جائع جدا الي الحنان
وانا باحث دوما عن الضوء الذي يسكن الاخرين
ولدي مقدرة علي رؤيته علي بعد ملايين الفراسخ
ذلك الجوع
وذلك البحث اليهما يرجع الفضل في كل حرف قرأته وكل حرف كتبته
فالقراءة جوع
والكتابة اعادة انتاج لتلك الحصيلة الجميلة التي اضاءت روحنا وعقلنا واسكتت بعض جوعنا الي حين
والكتابة حنين غامض الي لحظات وأشخاص
والي طعم فاكهة
أو قهوة مرة
أو صوت المطر
الكتابة استعادة واعية لما مضي
والكتابة مصباح ينير لنا الجوانب المظلمة
ويجعلنا نري ما هو كامن في الزوايا بعيدا عن النظر
الكتابة سحر وساحر لابد لهما من مسحور ومفتون
bit madani
06-04-2013, 11:20 PM
يحدث كثيرا ان يجد الرجل نفسه كزورق صغير تدفعه الامواج بقوة نحو جزيرته الخضراءويحدث كثيرا ان تجد المرأة نفسه يدفعها الفضول نحو مغارة تبدو مظلمة ولكن احساسها يقول لها ان داخلها ضوء العالم كله....ويحدث كثيرا أن نجد أنفسنا جائعين الي الحنان جوعا لاحدود له وندرك بشكل ما ان هذه الأنثي دون غيرها هي نهر حنان لايجففنقطع حبال زوارقنا ونشعل النار فيها ونقفز نحو بحرهاغير عابئين بشئ............انا جائع كبير للحنانمذ جئت هذه الدنيا طفلااعترف الان انا جائع جدا الي الحنانوانا باحث دوما عن الضوء الذي يسكن الاخرينولدي مقدرة علي رؤيته علي بعد ملايين الفراسخذلك الجوعوذلك البحث اليهما يرجع الفضل في كل حرف قرأته وكل حرف كتبتهفالقراءة جوعوالكتابة اعادة انتاج لتلك الحصيلة الجميلة التي اضاءت روحنا وعقلنا واسكتت بعض جوعنا الي حينوالكتابة حنين غامض الي لحظات وأشخاص والي طعم فاكهةأو قهوة مرةأو صوت المطرالكتابة استعادة واعية لما مضيوالكتابة مصباح ينير لنا الجوانب المظلمةويجعلنا نري ما هو كامن في الزوايا بعيدا عن النظرالكتابة سحر وساحر لابد لهما من مسحور ومفتونترى هل كان لغير هذا أن نعود ... أم ترى انني أخلفت وعدي للحياة حين تأخرت على موعدك ...فعذرا حبيبنا في الله و الوطن يا صديق الوعي واللاحس و كل الإدراك ...تجبرنا على الجلوس في دائرة الحكايا المعبقة بطعم المدينة المعتق و المختوم بأصالة أسلوبك المترف في القص ...و انت تطل هنا تصافح شوق طال لسنوات لمدينة خلناها تنكرت لأحفاد من بنوها ...و أحتضنت سارقوها و صارت تفاخر بهم ...وها هي تنصت لسيرتها تروى على صفحاتك بكل الشغف فبلاغة الحرف قد طوعت الزمن ليتوقف مشدوه الأنفاس بكل منعطف للذاكرة التي تخط كل نبيل ...هنيئا لمدني بك رغم إنتزاع مروي لك ولكنك تدون هاهنا وفائك ...فها نحن كل صباح ننتظر مواعيدك الغرامية وتلك المدينة التي آثرتك بسيرة مجدها لأنك تستحق ... سأوفي بوعدي فلك العتب حتى ترضى ... التحية لبت الرفاعي و زملائها لدعوتهم الكريمة في العودة التي أحق ان تجاب ... و عذرا أن أنني لم أحظى بقراءة رسائلك لشهور طويلة ...
صلاح سر الختم علي
07-04-2013, 06:46 AM
ترى هل كان لغير هذا أن نعود ... أم ترى انني أخلفت وعدي للحياة حين تأخرت على موعدك ...فعذرا حبيبنا في الله و الوطن يا صديق الوعي واللاحس و كل الإدراك ...تجبرنا على الجلوس في دائرة الحكايا المعبقة بطعم المدينة المعتق و المختوم بأصالة أسلوبك المترف في القص ...و انت تطل هنا تصافح شوق طال لسنوات لمدينة خلناها تنكرت لأحفاد من بنوها ...و أحتضنت سارقوها و صارت تفاخر بهم ...وها هي تنصت لسيرتها تروى على صفحاتك بكل الشغف فبلاغة الحرف قد طوعت الزمن ليتوقف مشدوه الأنفاس بكل منعطف للذاكرة التي تخط كل نبيل ...هنيئا لمدني بك رغم إنتزاع مروي لك ولكنك تدون هاهنا وفائك ...فها نحن كل صباح ننتظر مواعيدك الغرامية وتلك المدينة التي آثرتك بسيرة مجدها لأنك تستحق ... سأوفي بوعدي فلك العتب حتى ترضى ... التحية لبت الرفاعي و زملائها لدعوتهم الكريمة في العودة التي أحق ان تجاب ... و عذرا أن أنني لم أحظى بقراءة رسائلك لشهور طويلة ...
كل كلمة هنا اشعرتني بالزهو ، مرة لانها تؤكد ان محبتنا لست المدائن هي محبة مشاعة بين كل بنات واولاد مدني ، ومرة اخري لانها وضعتني مواضع يحق للمرء ان يشعر بالزهو حين يوضع فيها ولعل ابرز تلك المواضع هو كون كلماتي صادت غزالا بريا صادق الاحساس مثلك واجبرت عيونه الجميلة علي التوقف هنا والتجول هنا ومنحتنا شرف مصافحة اثاره هنا......... يا اميرة الحروف
مدني علمتنا ان الجمال لاقيمة له ان لم يلامس القلوب حتي لو انحنت له الجباه
حروفك سيدتي لامست قلبي وقلوب كل من تصافحها عيناه فشكرا لك
كونك نثرت عطرك هنا
ونسقت زهورك هنا
وناديت الشمس فتعرت هنا
وجعلت الظلمة سابحة في الضوء
صلاح سر الختم علي
08-04-2013, 10:51 PM
وجه من قاع الذاكرة المتوهجة
هل كانت تلك الفتاة تحبه؟ هل من الممكن حقاً ان يتحول الحب الخائب الي كراهية؟
هكذا لمعت الأسئلة في ذهنه حين فرغ من قراءة كتاب شيق في علم النفس، حين لمعت صورتها في ذاكرته بقوة، كانا يسكنا في ذات المدينة ولكن كل منهما ينتمي الي عالم مختلف، هي ابنة القصر المنيف وطبقة التجار المميزة في المدينة ، وهو ابن عامل بسيط ويسكن منزلا حكوميا ضغيرا في حي صغير، لم تكن جميلة، لكنها كانت مرموقة بفضل المظهر الذي صنعه الثراء وبريق اسرتها وصيتها في المدينة،لم يك ثمة مجال لالتقائهما لولا كتب الشعر وقصائد الشعراء وجنون الثورة والتغيير، كان يرتاد كل تجمع ثقافي في المدينة متأبطاً دوواين الشعر والروايات بخلاف ما يحفظه ويلقيه بصورة رائعة من شعر ممنوع، كان الزمان نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وكانت المدينة ودمدني، كانت الشوارع تتنفس شعرا وتمرداً، هي كانت مولعة بكل ذلك، كان الشعر بوابة المرور الي عالم السياسة بجنونه واحلام التغيير واحلام اقتفاء أثر الابطال الذين ترسمهم خيالات الرواة كأنهم قادمون من المريخ، ليس فيهم من قبحنا شئ، ليس فيهم من جبننا جبن، وليس فيهم من نواقص الإنسان شئ،لذلك كان يتجمل دون ان يشعر بذلك، كانت تحب زيارتهم وتحب الانفراد به برغم ان السبب المعلن للزيارات هو التواصل مع اخواته واستلاف الكتب وتبادلها، كان في المدينة في ذلك الزمن من يحتفلون بثورة اكتوبر بقراءة الشعر والاستماع اليه والي الغناء والاناشيد في دار صغيرة تدور فيها اقداح الشاي وتدور فيها الموسيقي من جهاز التسجيل وتلقي كلمات ، كان ذلك عالما صغيرا ضمهما، كان يشعر دوما انه تحت نظراتها وتحت اهتمامها أينما ذهب، وكان من عادات ذلك الزمن وشبابه الهروب من الالتزام الي ساحات الصداقة المبهمة عمدا، خحاصة اذا كان الخط مشغولا قبلا أو كان الاهتمام موجودا لكنه أقل من اهتمام الآخر، لم يك نافرا منها، بل علي العكس كان يري فيها اشياء كثيرة تعجبه، لكن سقف اعجابه كان لايتخطي حدود الصداقة أبداً، لم يتخيلها يوماً حبيبة تدبج لها الرسائل برغم اعجابها بشعرها الطليق وعيونها الواسعة ونظراتها الباحثة عن شئ ما في عينيه، كان يتحاشي تلك النظرات دائما ولكنه كان لطيفا معها دائما في الوقت نفسه، ثمة اياء كثيرة فيها تعجبه وثمة اشياء تشده الي عالمها ولكنها حين تقترب أكثر مما ينبغي يبتعد بلطف ولكن بشكل حازم، كان في اعماقه يعرف انها ليست له وانه ليس لها وانها مهما تكن لطيفة ليست هي التي خفق لها قلبه ،ظلا هكذا يلعبان لعبة توم اند جيري بطريقتهما الخاصة وظل يعرف كيف يحافظ علي تلك المساحة من المودة دون ان يتورط ودون ان يجرح شعورها بأي شكل من الأشكال،حتي كان يوم، كانت كعادتها في زيارتهم، قضت وقتا طويلا ، كان الشعر حاضرا والنكتة والضحك ، وحين غابت الشمس ونهضت لتذهب نهض كعادته ليوصلها، كانت المسافة قريبة بين البيوت ولكنهما اعتادا مواصلة حوار لم ينته بحجة التوصيل هذه،خرجا وكانت ثمة ضحكة علي الشفاه، مشيا علي مهل، كان الشارع خاليا، مدت يدها الصغيرة ولمست اصابعها كفه، سرت قشعريرة في كفه، سحبت يدها بسرعة ، عم صمت، بلع ريقه، دون ان يدري وجد يده تبحث عن يدها في الظلام ، تلاقت الاصابع المرتعشة، ضم كفها بقوة ، نظر في وجهها، كانت تنظر اليه عميقا في عينيه، ضمها اليه فجأة، احس بها قطعة من النار ترتعش، افلتها، قال كلاما لايعرفه، تمتم، همهمت هي، ساد صمت، واصلا المسير، كان صدرها يخفق بقوة ، كان محرجا ومتضايقا من نفسه، لم يقل شيئا ولم تقل شيئا حتي وصلت قرب دارها، اسرعت وغابت خلف الباب الذي اغلق خلفها. عاد هو كأنه يمشي علي الشوك، كان حانقا علي نفسه بشدة ...كيف سمح لنفسه بما فعل؟ ولماذا وانت تعرف انك لست حبيبها ولن تكون؟ هل بت وغدا من اوغاد المدينة؟ هل بت تتلاعب ببنات الناس وتستغل ضعفهن؟ ركل الحصي باقدامه وسار صامتا. حين التقيا بعد ذلك اليوم بعدة ايام، كان الهواء يعبث بشعرها، كانت بلوزتها البيضاء تهفهف وتكاد تشف عما تحتها، كان ثمة نظرة شقية في عينيها، لم تك غاضبة، لم تتحاشاه كما تصور، سلمت عليه بمودة اكبر مما كانت تفعل، كان خديها متوردين وعيونها تلتمع بشئ ما. وجد نفسه ينظر الي الأسفل ويتحاشاها، لكنه كلما رفع عينيه وجدها تبتسم. لم تنقطع عن المجئ ، لكنه ظل يتحاشي توصيلها، ظلت تبتسم. وحين حان فراق وقتي حين ولج الجامعة كانت تبتسم . وحين يعود في العطلات كانت تجئ كعادتها وظلا يليتقيان في مناسبات كثيرة، يتحدثان ويتبادلان الكتب ويقرا لها القصائد ويهديها بعض ماكتبه من شعر فطير، امتلك شجاعة توصيلها عدة مرات، كانت تسأله عن الجامعة واجوائها وبناتها .كان يرد بحذر من يمشي في حقل الغام. طفقت تحدثه عن صداقاتها الجديدة وتتحدث بشكل مثير للاهتمام عن صديق بعينه، كان يعرف بطريقة ما انها تبحث عن شئ ما، لكنه كان يلوذ بالصمت ويحرص علي عدم الافصاح عن مكنون نفسه. ثم أخذت تتغير بشكل لافت، تقابله، تسلم بفتور ، ثم تركز اهتمامها علي كل من حولها الا هو، لكنه كان يشعر ان ذلك كله موجه اليه هو دون سواه.ثم بات يسمع من الاصدقاء المشتركين كثيرا من كلامها السلبي عنه، حديثها عن غروره، عن عدم احترامه لمشاعر الغير، عن تنكره لصداقاته القديمة وعن تنصله عن قناعاته، كان كل ما يصله يفيده انها تعمل جهدها علي اغتياله معنويا، لكنه حين يلتقيها ينتابه الشك في صحة مانقل اليه، فقد كانت هي نفسها، ود متحفظ لكنه باق وظاهر، احترام ظاهر لايخلو من جفاء الغاضب من شئ ما..... تري هل كانت تحبه؟
صلاح سر الختم علي
12-04-2013, 02:54 AM
حبوبة بتول
اتذكرها بشلوخها العريضة علي خديها وعيونها الواسعة وهمتها العالية وهي تجوب المدينة سيرا علي الأقدام في أغلب الأحيان من أقصاها الي أقصاها مجاملة ومواصلة للأرحام دون أن تتأثر أناقتها بتلك المشاوير المضنية ودون أن تشكو تعباً أو تتذمر، كانت تلبس حذاء نسائياً مصنوعا من الجلد وهو الصورة النسائية للمركوب الرجالي، كان حذاؤها مميزاً ولامعا دوما ويندر أن يعلوه غبار الطريق فتبدو كأنها كانت تمشي علي الماء لا علي طرق ترابية،كانت تحمل في يدها دوما سبحة حباتها لونها خضراء فاتحةتكون ملفوفة دائما في يدها اليمني، كانت روحها عالية دوما وابتسامتها كوناً من الوسامة والطيبة والفرح الطبيعي والمحبة، كنت أحبها محبة كبيرة وزادت تلك المحبة بسبب تلك المحبة بينها وبين أمي التي كنت أقتفي أثرها في كل شئ فأحب معها من وما تحب وأمقت معها من تمقته وما تمقته، كانت حبوبة بتول صفحة فريدة في ذاكرة ودمدني وذاكرة أهلنا المنتشرين في المدينة ، كانت دوما أول الواصلين للناس في أفراحهم وأتراحهم وآخر المغادرين، وكانت دوما هي محور الأهتمام والترحيب والمثال الذي يطلب من الجميع بلوغ مداه وقمته الفريدة في التواصل والمحبة، كان بيتها الصغير في حي البيان مدني المتخذ شكل المثلث الصغير قبالة منزل اسرة فريني هو قبلة كل الأهل وهو صالة الوصول التي لابد لكل قادم الي ودمدني من الأهل أن يمر عبرها وينعم ببشاشة أهلها وكرمهم وكسرتهم التي تعاس علي الهواء مباشرة، أذكر ذلك البيت بصفائح حمامه المعلقة علي الجدران والتي لم تخل قط من الحمام الساكن فيها والمتمتع بخدمات مميزة والمطمئن لأهل الدار والمعتاد علي ضيوفهم الكثر الذين لايزعجونه أبداً، في ذلك البيت الصغير رأيت لأول مرة في حياتي التلفون الأسود ذي الأقراص التي تعلق عليها طبلة صغيرة أحيانا وتكون في أغلب الأحيان بلا طبلة، أشبعت فضولي بشأن كيفية استعمال التلفون في تلك الدار ، وكنت اقف مبهورا أراقب المرحوم صديق محمد علي ابن حبوبة بتول الذي كان يعمل بمصلحة التلفونات وهو يستخدم التلفون ويحادث أشخاصاً غير مرئيين، كنت مبهوراً بصورته علي الجدار بالأبيض والأسود داخل فريم خشبي مذهب ومكتوب أسفلها أسم أستديو مقره القاهرة، كانت الصورة تجعل من صديق شخصاً أكثر وسامة وكونها مصورة خارج السودان يعطيها بعدا آخراً وغموضاً وهيبة، كنت أحاول تخيل القاهرة وشوارعها وملامحها بلا فائدة،في تلك الدار كان اقتراب رمضان حدثا مهما، تجلب حبوبة بتول أمرأة تعمل ببراعة في مجال صناعة الابري الأبيض والأحمر ، كنت اتابع العملية من مرحلة احضار العيش وعمل الزريعة والذهاب الي الطاحونة للتدقيق حتي الكوجان للعجين واشعال النيران والعواسة علي الصاج، اتذكر تلك المرأة وهي جالسة علي بنبر صغير ارتفاعه من الأرض بضعة سنتيمترات وأمامها الصاج الموضوع فوق أربعة حجارة موزعة علي الأطراف وتحته الحطب مشتعلاً متوهجا لينتج حرارة علي سطح الصاج ليعاس الآبري علي تلك الحرارة، كان الحظب يتمرد حينا فيخرج دخانا بدل الوهج فتقوم المرأة بعملية ابدال لنوع الحطب وتستخدم الهبابة لتوليد اللهب وطرد الدخان، يتساقط عرقها غزيرا وهي تضحك وتوالي الونسة مع حاجة بتول وبناتها زهراء بت التجاني وحليوة ومن تكن حاضرة من الجارات أو الأهل، كنت أحرص علي متابعة تلك الطقوس واتحرق شوقا للحظات أكل الابري بنظام القروض مثله مثل الكسرة والفطير،اما طقوس خبيز العيد فهي عالم آخر ساحر نتابعه من الألف الي الياء ولانفوت اكل البسكويت ابتداء من الفرن البلدي ايام كان الفرن البلدي الذي ينتج الرغيف هو المكان الوحيد المتاح لانضاج الخبيز فالبيوت لم تعرف افران الكهرباء والافران المنزلية في ذلك الزمان، فكنا نحمل الصواني التي عليها البسكويت والكعك علي الرؤوس الصغيرة ونذهب الي الفرن لكي تكتمل عملية الانتاج هناك بادخال الصواني الفرن واخراجها ناضجة ومن ثم العودة بها الي البيت.كانت تلك الدار الصغيرة مصدر مسرات كثيرة وكبيرة لنا في طفولتنا الباكرة، وكانت ابتسامة حبوبة بتول اكبر مسرة بين تلك المسرات، فهي تصافح الناس مبتسمة وتمشي مبتسمة وتصلي وعلي وجهها طمأنينة وشبح ابتسامتها المضئية مختبئ في الشلوخ والعيون الواسعة،كانت صرة ثوبها دوما تنفتح عن حلوي أو نقود لشراء حلوي تمنحها للصغار، وكانت لاتنهر ولاتنادي بصوت مرتفع أبدا، ولاتذمك حتي لو كنت غارقا في خطأ فادح أو متسخ الملابس بسبب تهورك، كل ماتفعله هو ان تبتسم وتقول لك باسم امك( يا ود فلانة تعال يا الفالح ...تعال هاك اجر اشتريلك حلاوة لكن في الأول اجر غسل ايديك وغير وتعال يا المبروك...اجر يا الفالح) تفهم انك مخطئ ولكن الأمر ليس خطيرا ، نركض مسرعين مستجيبين للتصحيح اللطيف ونعود فنجدها توفي بما وعدت، تعطيك قرشك السحري فتركض صوب الدكان....كانت كونا جميلا غاب فجأة، فجأة افتقدناها وافتقدنا شلوخها المميزة وصرة ثوبها المفتوحة علي الفرح ونبرة صوتها الخفيض الذي لايزعج باعوضة لكنه يبشر بالخريف والخير، افتقدنا قرشها السحري وبسكويتها وتمرها وحلاوتها المقدمة دوما مثل ثمار شجرة ليمون مزروعة في الشارع، غاب صوتها وهي تقرأ القرآن وتدفعنا الي انتظار ذلك الزمن الذي نحفظ فيه ما يمكننا من اداء الصلاة بانتظام مثلها، بات البيت صامتا، افتقدت الطرق في المدينة خطواتها الوئيدة التي تقطعها جئية وذهابا وصلا للارحام ومحبة وتقربا......سألناهم ببراءة( أين ذهبت حبوبة بتول؟) قالوا بغموض( ذهبت الي عالم رحيم مثلها)....لم نفهم شيئا قلنا بسذاجة( هل تعود قريبا؟ هل ستحضر معها حلوي جميلة؟) كان الصمت هو الأجابة.
اللهم أرحم حبوبة بتول وطيب ثراها واجعل الجنة مثواها بقدر ما زرعت من محبة وواصلت ووصلت من أرحام.
mahagoub
13-04-2013, 05:18 AM
تصوير جميل لحياة حبوبه
فهى مثال حى للحياة فى الزمن الجميل
الا رحم الله كل حبوباتنا
صلاح سر الختم علي
13-04-2013, 06:01 AM
شكرا محجوب علي المرور والتعليق الجميل
bit madani
14-04-2013, 12:42 AM
حبوبة بتول
....كانت كونا جميلا غاب فجأة، فجأة افتقدناها وافتقدنا شلوخها المميزة وصرة ثوبها المفتوحة علي الفرح ونبرة صوتها الخفيض الذي لايزعج باعوضة لكنه يبشر بالخريف والخير، افتقدنا قرشها السحري وبسكويتها وتمرها وحلاوتها المقدمة دوما مثل ثمار شجرة ليمون مزروعة في الشارع، غاب صوتها وهي تقرأ القرآن وتدفعنا الي انتظار ذلك الزمن الذي نحفظ فيه ما يمكننا من اداء الصلاة بانتظام مثلها، بات البيت صامتا، افتقدت الطرق في المدينة خطواتها الوئيدة التي تقطعها جئية وذهابا وصلا للارحام ومحبة وتقربا......سألناهم ببراءة( أين ذهبت حبوبة بتول؟) قالوا بغموض( ذهبت الي عالم رحيم مثلها)....لم نفهم شيئا قلنا بسذاجة( هل تعود قريبا؟ هل ستحضر معها حلوي جميلة؟) كان الصمت هو الأجابة.
اللهم أرحم حبوبة بتول وطيب ثراها واجعل الجنة مثواها بقدر ما زرعت من محبة وواصلت ووصلت من أرحام.
جميلة هي عوالمك ...و رغم أن الحكايا مألوفة لأهل مدني و من يسكنها ... و لكنها شفافية السرد و توثيقه لشخوص تدفعنا بتهور لأن نحبهم معك إن جاز إستعارة التعبير و انت تغرس هنا حزن
متوهج لذاكرة لا تسقط من يستحق و كأن وفائك لحبوبة بتول هو رسالة لتمجيد كل الجدات الاتي يعطين بلا مقابل و لا ينتظرون أي تقدير ... يهدون فرحا غير مشروط ... سلم قلمك مولاي ...
صلاح سر الختم علي
14-04-2013, 05:43 AM
جميلة هي عوالمك ...و رغم أن الحكايا مألوفة لأهل مدني و من يسكنها ... و لكنها شفافية السرد و توثيقه لشخوص تدفعنا بتهور لأن نحبهم معك إن جاز إستعارة التعبير و انت تغرس هنا حزن
متوهج لذاكرة لا تسقط من يستحق و كأن وفائك لحبوبة بتول هو رسالة لتمجيد كل الجدات الاتي يعطين بلا مقابل و لا ينتظرون أي تقدير ... يهدون فرحا غير مشروط ... سلم قلمك مولاي ...
احببتها محبة الطفل الصادقة لمن اهداه فرحا صغيرا بمقاييس الناس لكنه يعادل الكون كله بعيون الطفل
وظللت احمل صورتها الجميلة وملامحها النبيلة ومسراتها الكثيرة التي وهبتنا اياها بلا انتظار للمقابل
أردت لها ان تتوسد قلوبكم جميعا وتنهض من الرماد وتغريكم السلام وتلبس ثوبها الأبيض وتوزع الفرح علي المدينة بالقسط
فشوارع المدينة افتقدت طلتها الجميلة
شكرا اختي بت مدني علي هذه الحروف المضيئة حقا
bit madani
15-04-2013, 11:05 PM
احببتها محبة الطفل الصادقة لمن اهداه فرحا صغيرا بمقاييس الناس لكنه يعادل الكون كله بعيون الطفل
وظللت احمل صورتها الجميلة وملامحها النبيلة ومسراتها الكثيرة التي وهبتنا اياها بلا انتظار للمقابل
أردت لها ان تتوسد قلوبكم جميعا وتنهض من الرماد وتغريكم السلام وتلبس ثوبها الأبيض وتوزع الفرح علي المدينة بالقسط
فشوارع المدينة افتقدت طلتها الجميلة
شكرا اختي بت مدني علي هذه الحروف المضيئة حقا
لازلنا بزوايا الذبذبات الاسلكية كلها ننتظر قصص كل الفصول ...منذ ان كنت طفلا و انت تصعد في درجات تجوالك بمناحي الوطن... تزرع قيما لئلا تبلى ... في زمن صعب ان يحافظ الإنسان
فيه على أصالة قيمه ... ما أجمل وفائك ... هلا حللت ... بساحاتنا ها هنا ... مرة اخرى ...
bit madani
15-04-2013, 11:07 PM
احببتها محبة الطفل الصادقة لمن اهداه فرحا صغيرا بمقاييس الناس لكنه يعادل الكون كله بعيون الطفل
وظللت احمل صورتها الجميلة وملامحها النبيلة ومسراتها الكثيرة التي وهبتنا اياها بلا انتظار للمقابل
أردت لها ان تتوسد قلوبكم جميعا وتنهض من الرماد وتغريكم السلام وتلبس ثوبها الأبيض وتوزع الفرح علي المدينة بالقسط
فشوارع المدينة افتقدت طلتها الجميلة
شكرا اختي بت مدني علي هذه الحروف المضيئة حقا
عُدْ طفلاً ثانية / عَلِّمني الشعر / وعلِّمني إيقاع البحر /
وخُذْ بيدي / كي نعبر هذا البرزخ ما بين الليل وبين الفجر معاً /
ومعاً نتعلَّم أُولى الكلمات / وأَرجعْ للكلمات براءتها الأولى / لِدْني من حبة قمح، لا من جرح، لِدْني / وأَعدني، لأضمَّك فوق العشب، إلى ما قبل المعنى / هل تسمعني: قبل المعنى / عُدْ طفلاً لأرى وجهي في مرآتك
صلاح سر الختم علي
16-04-2013, 03:27 AM
لازلنا بزوايا الذبذبات الاسلكية كلها ننتظر قصص كل الفصول ...منذ ان كنت طفلا و انت تصعد في درجات تجوالك بمناحي الوطن... تزرع قيما لئلا تبلى ... في زمن صعب ان يحافظ الإنسان
فيه على أصالة قيمه ... ما أجمل وفائك ... هلا حللت ... بساحاتنا ها هنا ... مرة اخرى ...
صدقيني منذ الطفولة وانا ابحث في كل وجه وشخص عن الجمال النائم الذي لايري الا اذا حفرت عميقا وتأملت كثيرا
مدني ارضعتنا حب الجمال مع حليب الامهات وعلمتنا ان نراهن علي الجانب المشرق في الاشياء دائما
شكرا علي مرورك الباهي هنا
صلاح سر الختم علي
16-04-2013, 03:32 AM
عُدْ طفلاً ثانية / عَلِّمني الشعر / وعلِّمني إيقاع البحر /
وخُذْ بيدي / كي نعبر هذا البرزخ ما بين الليل وبين الفجر معاً /
ومعاً نتعلَّم أُولى الكلمات / وأَرجعْ للكلمات براءتها الأولى / لِدْني من حبة قمح، لا من جرح، لِدْني / وأَعدني، لأضمَّك فوق العشب، إلى ما قبل المعنى / هل تسمعني: قبل المعنى / عُدْ طفلاً لأرى وجهي في مرآتك الإصحاح الثالث)قلتُ: فليكن الحبُ فى الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ فى البحرُ، والبحر فى السحبِ،
والسحب فى الجدبِ، والجدبُ فى الخصبِ، ينبت
خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية
الأرض، ظلا لمن يتغربُ فى صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم – ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته
الخبز والماء، يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن.
* * *
قلتُ فليكن الحب فى الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!
.. .. .. .. ..
ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ!
***
قلت: فليكن العدلُ فى الأرض؛ عين بعين وسن بسن.
قلت: هل يأكل الذئب ذئباً، أو الشاه شاة؟
ولا تضع السيف فى عنق اثنين: طفل.. وشيخ مسن.
ورأيتُ ابن آدم يردى ابن آدم، يشعل فى
المدن النارَ، يغرسُ خنجرهُ فى بطون الحواملِ،
يلقى أصابع أطفاله علفا للخيول، يقص الشفاه
وروداً تزين مائدة النصر.. وهى تئن.
أصبح العدل موتاً، وميزانه البندقية، أبناؤهُ
صلبوا فى الميادين، أو شنقوا فى زوايا المدن.
قلت: فليكن العدل فى الأرض.. لكنه لم يكن.
أصبح العدل ملكاً لمن جلسوا فوق عرش الجماجم بالطيلسان –
الكفن!
… … …
ورأى الرب ذلك غير حسنْ!
* * *
قلت: فليكن العقل فى الأرض..
تصغى إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه فى فم الأفعوان،
هل الدود يسكن فى لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل فى هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟
* * *
ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق فى البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت،
يسكن فى البيت؛ ثم يخبئ فى أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب فى دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطنى.. وتدرجه فى
قوائم من يكرهون الوطن.
قلت: فليكن العقل فى الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل فى دورة النفى والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن!
أمل دنقل
عبدالغني خلف الله
16-04-2013, 08:26 PM
عزيزي صلاح ..والذكريات صدي السنين الحاكي ..والذكريات صادقه ونبيله ..يجب أن أعترف بأنني سكنت بواد مدني زهاء السبعة أعوام ..لكن طبيعة مكان السكن لم تكن تتيح التوغل في المجتمع ..رائعة هي ذكرياتك يا صديقي ..دمت بألق .
صلاح سر الختم علي
17-04-2013, 04:25 AM
عزيزي صلاح ..والذكريات صدي السنين الحاكي ..والذكريات صادقه ونبيله ..يجب أن أعترف بأنني سكنت بواد مدني زهاء السبعة أعوام ..لكن طبيعة مكان السكن لم تكن تتيح التوغل في المجتمع ..رائعة هي ذكرياتك يا صديقي ..دمت بألق .
صديقي الجميل عبد الغني
المكان والناس قلما نمر بهما دون ان يتركوا فينا شيئا منهم، بصمة خالدة، أثرا ما، واظنني سوف اعثر يوما ما علي ذلك الأثر لودمدني وانسانها في كتاباتك الشيقة الغنية برحيق التجارب وبالشخوص المبهرة
وبمناسبة تلك الكتابات سعدت جدا وانا اجد باقة منتقاة من اعمالك تحتل الرفوف في المكتبة الأكاديمية بالخرطوم
اتمني لك النجاح دوما
واشكرك كثيرا علي هذه الكلمات المضيئة هنا
وهذا الكرم المتأصل فيك
mahagoub
17-04-2013, 08:21 PM
دمتما يا رائعين
فقد ادمنت كتابتكما
وصار ديدماً لى أن ابحث عنكم كل صبح
لعلي استنشق عبير كلماتكم
صلاح سر الختم علي
17-04-2013, 09:03 PM
دمتما يا رائعين
فقد ادمنت كتابتكما
وصار ديدماً لى أن ابحث عنكم كل صبح
لعلي استنشق عبير كلماتكم
الصديق الكريم محجوب
كل قارئ جيد هو في الحقيقة ناقد وكاتب جيد لم يكتشف بعد
ندين لك بالكثير ياصديقي
mahagoub
19-04-2013, 11:02 PM
الصديق الكريم محجوب
كل قارئ جيد هو في الحقيقة ناقد وكاتب جيد لم يكتشف بعد
ندين لك بالكثير ياصديقي
يعنى آن لابو حنيفة أن يمد رجليه
صلاح سر الختم علي
20-04-2013, 07:25 AM
وهو كذلك يامحجوب
في انتظار ابداعك قريبا
صلاح سر الختم علي
23-04-2013, 11:22 PM
في الحياة علاقات كثيرة اوسع مدي من الحب بين الجنسين وأرق وأصدق من الصداقة، هي علاقات يصنعها النضج وعصير التجارب، علاقات يدرك طرفاها أن التواصل وتعرية الأفكار وتبادل التجارب والمتاعب والمسرات مع شخص تثق فيه ويثق بك هو أسمي المراتب التي يمكن ان تبلغها علاقة الجنسين في الحقيقة، تحتاج المرأة كثيرا الي رجل عركته التجارب وعركها وصنعت منه الحياة بطريقة أو أخري نهرا متدفقا بالمعارف والأسرار والتجارب والأفكار، رجلا أدمن مشاهدة عروض مسرح الحياة وحفظ الممثلين وكلماتهم المتشابهة في المواقف المشابهة وتوقيت انحدار الدموع من مآقيهم وتوقيت خروج الضحكات ومستوي الصوت الذي تخرج به ويحفظ تدرجات الأضاءة وكيفية التحكم فيها اثناء العرض ومتي تغطي وجه الممثل ومتي تعرض عنه، ان مثل هذا الرجل القادر علي التنبوء بالاحزان القادمة والافراح المخبوءة والحيل الصغيرة هو مهم جدا في حياة الأنثي وقد يجنبها احزانا بلاجدوي ودموعا سدي وخسائر لاضرورة لها، تحتاج المرأة دوما للتلصص علي عالم الرجال ومعرفة كيف يفكرون وكيف يتصرفون في هذا الموقف او ذاك ومتي يكون حزنهم مستلفا من دراما تركية ومتي يكون صمتهم منذرا بالثبور، تحتاج المرأة العاشقة الي استعارة ذاكرة رجل لتري كيف كان طفلها الكبير يتصرف في طفولته حتي تعرف كيف تتعامل معه، وربما تحتاج لمعرفة غزواته النسائية السابقة حتي تعرف البرق الكاذب من الفجر الصادق،وقبل ذلك كله تحتاج المرأة دوما الي واحة خضراء لاتفرض شروطا علي من يستظل بظلها من الهجير.
bit madani
24-04-2013, 02:59 AM
في الحياة علاقات كثيرة اوسع مدي من الحب بين الجنسين وأرق وأصدق من الصداقة، هي علاقات يصنعها النضج وعصير التجارب، علاقات يدرك طرفاها أن التواصل وتعرية الأفكار وتبادل التجارب والمتاعب والمسرات مع شخص تثق فيه ويثق بك هو أسمي المراتب التي يمكن ان تبلغها علاقة الجنسين في الحقيقة، تحتاج المرأة كثيرا الي رجل عركته التجارب وعركها وصنعت منه الحياة بطريقة أو أخري نهرا متدفقا بالمعارف والأسرار والتجارب والأفكار، رجلا أدمن مشاهدة عروض مسرح الحياة وحفظ الممثلين وكلماتهم المتشابهة في المواقف المشابهة وتوقيت انحدار الدموع من مآقيهم وتوقيت خروج الضحكات ومستوي الصوت الذي تخرج به ويحفظ تدرجات الأضاءة وكيفية التحكم فيها اثناء العرض ومتي تغطي وجه الممثل ومتي تعرض عنه، ان مثل هذا الرجل القادر علي التنبوء بالاحزان القادمة والافراح المخبوءة والحيل الصغيرة هو مهم جدا في حياة الأنثي وقد يجنبها احزانا بلاجدوي ودموعا سدي وخسائر لاضرورة لها، تحتاج المرأة دوما للتلصص علي عالم الرجال ومعرفة كيف يفكرون وكيف يتصرفون في هذا الموقف او ذاك ومتي يكون حزنهم مستلفا من دراما تركية ومتي يكون صمتهم منذرا بالثبور، تحتاج المرأة العاشقة الي استعارة ذاكرة رجل لتري كيف كان طفلها الكبير يتصرف في طفولته حتي تعرف كيف تتعامل معه، وربما تحتاج لمعرفة غزواته النسائية السابقة حتي تعرف البرق الكاذب من الفجر الصادق،وقبل ذلك كله تحتاج المرأة دوما الي واحة خضراء لاتفرض شروطا علي من يستظل بظلها من الهجير.
تصوير بديع لقدرة ذاك الرجل الذي تعني ... سلم قلمك صديقي ...
ربما أتفق معك ان تلك العلاقات مثيرة و رائعة و ربما عميقة لحدما لا و لكني اتسائل إن سمحت لي في كل ما سطرت هنا يدور سؤال عن ما تحتاجه المراة اهو رجل محنك يقرا المواقف فحسب و يجيد تحليلها ... فللقدر يد طائلة ...لا ينفع معها حنكة و لا تحليل ... سيفاجئ في منعطفات كثيرة دون توقع كلا الطرفين بتغيير مساره حسبما يريد ...
ما تحتاج المراة : أهو الحب أم غيره ... و ما هو ما تحتاج : ليس مجرد الفهم ... فكم من أدعوا فهم الحياة هزمتهم ... و لا مجرد الظل الظليل الغير مشروط فالمراة تسعد بان تقنع بشروط الرجل لا بدونها لا تريد المعزة و لا الرفقة و لا الأنس و لا التعود و لا العشرة و لا كثير مستهلك و مادي أقحم في إطار هذه العاطفة بين الأثنين ...
لبعض النساء تلك البصيرة و الحاسة السادسة التي تلتقط كل ما هو صادق دونما وسيط ...تعلم من هو من يثير فيها كل الطاقة الإيجابية للأنثى للتواصل و العطاء ...
ليس هناك أجمل من إحساس الإنجذاب الفطري لشخص معين في كل الكون وحده يعني لك كل الوجود بما فيه و يصبح وجودك في الحياة متعلق بوجود هذا الشخص و حركتك و سكونك مرهونة بدقات قلبه ... و طمأنيتك تعتمد على عافيته ... حتى ذكرك و شكرك من نعم التواصل معه ...و تحصينك له يصبح ملهم لخشوعك في كل آن ... حين يدق قلب المراة بهذه الكيفية يدق مرة واحدة ... بهذه الكيفية ... دونما وسيط ..و هذا اروع الأحاسيس و أعمقها ...
مهما كانت روعة التواصل مع عديدين ... تحتاج المراة لرجل يختذل انوثتها في نظرة مطمئنة ممتنة لما بينهما ... مفعمة بالفهم العميق ... فلأنوثة ليست مرتبطة بالكيف بل بالنوعية ... وتحتاج لرجل تكون له أما أختا و حبيبة و جارية كل من هذا أحيانا وصديقة صدوق دائما ... تحتاج لرجل إن رات ظل شئ يتعلق به إرتجف قلبها دون أن تملك ان توقفه .. و أرتعشت تلك الرعشة النادرة لمجرد سماع ضحكته معها ...
لا ذاكرة الصغر المقروءة بغير عيناها يمكن ان تأصل إحساسها ... قلب المرأة و انا منهم يحيريني كيف يظل أخضرا لذات العشق رغم السنين و كأنما خلق ليعشق ذات الرجل الرائع وحده دون غيره لأن هذا يظل قدر لا يمكن رده ... و للحديث بقية ...
شكرا يمتد إلى حناياك الغارقة في تبجيل تلك الأنثى و الزود عنها و محاولة قراءتها ...
صلاح سر الختم علي
24-04-2013, 12:25 PM
ليس هناك أجمل من إحساس الإنجذاب الفطري لشخص معين في كل الكون وحده يعني لك كل الوجود بما فيه و يصبح وجودك في الحياة متعلق بوجود هذا الشخص و حركتك و سكونك مرهونة بدقات قلبه ... و طمأنيتك تعتمد على عافيته ... حتى ذكرك و شكرك من نعم التواصل معه ...و تحصينك له يصبح ملهم لخشوعك في كل آن ... حين يدق قلب المراة بهذه الكيفية يدق مرة واحدة ... بهذه الكيفية ... دونما وسيط ..و هذا اروع الأحاسيس و أعمقها ...
اقتبس هذه الكلمات الرائعة
وأقول انها تلخيص بديع
ليس لدي عليه ما ازيد
شكرا علي مرورك هنا
bit madani
28-04-2013, 01:19 AM
ليس هناك أجمل من إحساس الإنجذاب الفطري لشخص معين في كل الكون وحده يعني لك كل الوجود بما فيه و يصبح وجودك في الحياة متعلق بوجود هذا الشخص و حركتك و سكونك مرهونة بدقات قلبه ... و طمأنيتك تعتمد على عافيته ... حتى ذكرك و شكرك من نعم التواصل معه ...و تحصينك له يصبح ملهم لخشوعك في كل آن ... حين يدق قلب المراة بهذه الكيفية يدق مرة واحدة ... بهذه الكيفية ... دونما وسيط ..و هذا اروع الأحاسيس و أعمقها ...
اقتبس هذه الكلمات الرائعة
وأقول انها تلخيص بديع
ليس لدي عليه ما ازيد
شكرا علي مرورك هنا
أنت تلهم جمال الحديث و تثير شجون خلناها إنطفأت فأوقدت جذوة نيرانها فإذا بها تلتهم ما تبقى من جلد القلب ...ننتظرك ...
صلاح سر الختم علي
28-04-2013, 09:32 AM
شكرا بت مدني علي لطفك
وعودا علي بدء
تذكرت تلك التي كانت تعبر بفريقنا نهارا في كل يوم بزيها المدرسي الأنيق، في ذلك الزمان كانت زي بنات الثانوي العام فستانا بنيا غامقا أو فاتحا أيهما شاءت واكمامه قصيرة ( نصف كم) وتكون الأكمام بيضاء في وهناك كولا بيضاء دائرية تنسدل فوق الرقبة والصدر، الشعر يكون طليقا وفي الغالب يكون بتسريحة ذيل الحصان،اتذكر انها كانت تسرح شعرها آفرو فيعطيها ألقا خاصا مع لونها(الاخدر ) بلغة السودانيين وهو تعبير دقيق لان هناك مسافة لونية تقع في المنتصف بين اللون الأسمر والأسود هي مانسميه في السودان الاخدر والخدرة الدقاقة،كانت تمشي وحدها عائدة الي بيت اسرتها في حي المزاد ويتحتم عليها ان تعبر حي 114 (حينا) في طريق عودتها من المدرسة الواقعة بحي الدرجة، كنت امارس هجرة عكسية من حي المزاد حيث تقع مدرسة فريني العامة حيث ادرس الي حي 114 حيث نسكن، فنلتقي يوميا بلا ميعاد في نقطة التقاء دائمة نصلها في نفس الوقت هي طابونة مكرنجة في نهاية 114 وبداية المزاد، كنت انظر اليها بفضول واعجاب ، اما هي فلا تلقي بالا لذلك الصبي ابو تفة ووجه عريض الذي يرتدي زي الثانوي العام المكون من رداء كاكي وقميص مثله،كانت موضة تلك الايام هي الشعر الكثيف تأثرا بموضة الهيبز التي وفدت من بلاد الغرب ، كانت السبعينات تحتضر، وكان شعري كثيفا وكنت مفتونا بالشعر وبقصص الحب الرومانسية التي تعج بها قصص جرجي زيدان التاريخية وقصة ماجدولين واستيفن للمنفلوطي و اشعار نزار التي كانت متداولة سرا مثل الممنوعات لجرأة الطرح الذي تحتويه،حسبتها ماجدولين وظننتني متيما، تبسمت في وجهها فكشرت في وجهي، همست لها بكلمات اعجاب ساذجة وهربت من وجهها،في الايام التالية تناقصت شجاعتي بفعل ازدياد التكشيرة علي وجهها وتجنبها النظر ناحيتي، ثم حدث ما جعلني اترك لها الشارع طائعا لتهنأ به وحدها، مكره اخاكم لابطل، فقد نادتني اختي الكبري ولامتني علي كوني عاكست صديقة لها، استمعت مطرقا نحو الارض الي محاضرة طويلة عن السلوك الواجب اتباعه ، لم أقل شيئا، تركت لها الشارع تماما وغيرت مساري، وحين التقينا مرة بالصدفة نظرت في وجهي بجرأة وتبسمت، اسرعت لا ألوي علي شئ وغبت عن كل مكان تعبر فيه.... كانت ولاتزال تبتسم كلما رأتني وأطرق اطراقة المقر بذنبه الكبير....
ريمون
28-04-2013, 09:58 AM
لتعلم استاذ صلاح اننا من المتابعين لكل ما تكتب ..
احيانا لا نقوي علي التعليق لكننا اكيد نستمتع بما تكتب ..
مرور قوي وتسجيل متابعة ..
Isam Hussien H
28-04-2013, 08:14 PM
قصص المدينة تتشابه لتشابه الزمان والمكان مولانا ،، حينها كان الإطراق على الأرض يعني الإنتماء لمدينة كأنها تنتمي لأب واحد .. وتشكلنا لا نعرف التجاوز ونرتمي في جمال الخلق والمثالية التي تديرنا بكل اتقان ، لا نعرف نتعدى على أعراض الغير ولا نرضى غيرنا أن يتعدى عليها ..
يحكي أحد الأصحاب بأنه عندما يخفق قلبك أو تُريد لجسدك أن يتخذ من طبيعته درباً فأحذر فلان فإنه سيقول لك بأن تلك الجميلة أخت فلان وبنت خالة علان ووالدها ذلك الرجل المحترم .. عندها لا تجد غير درباً واحداً هو الإطراق عاشقاً الأرض وعاشقاً لتربية المدينة التي نعتز بها ..
bit madani
28-04-2013, 09:00 PM
شكرا بت مدني علي لطفك
وعودا علي بدء
تذكرت تلك التي كانت تعبر بفريقنا نهارا في كل يوم بزيها المدرسي الأنيق، في ذلك الزمان كانت زي بنات الثانوي العام فستانا بنيا غامقا أو فاتحا أيهما شاءت واكمامه قصيرة ( نصف كم) وتكون الأكمام بيضاء في وهناك كولا بيضاء دائرية تنسدل فوق الرقبة والصدر، الشعر يكون طليقا وفي الغالب يكون بتسريحة ذيل الحصان،اتذكر انها كانت تسرح شعرها آفرو فيعطيها ألقا خاصا مع لونها(الاخدر ) بلغة السودانيين وهو تعبير دقيق لان هناك مسافة لونية تقع في المنتصف بين اللون الأسمر والأسود هي مانسميه في السودان الاخدر والخدرة الدقاقة،كانت تمشي وحدها عائدة الي بيت اسرتها في حي المزاد ويتحتم عليها ان تعبر حي 114 (حينا) في طريق عودتها من المدرسة الواقعة بحي الدرجة، كنت امارس هجرة عكسية من حي المزاد حيث تقع مدرسة فريني العامة حيث ادرس الي حي 114 حيث نسكن، فنلتقي يوميا بلا ميعاد في نقطة التقاء دائمة نصلها في نفس الوقت هي طابونة مكرنجة في نهاية 114 وبداية المزاد، كنت انظر اليها بفضول واعجاب ، اما هي فلا تلقي بالا لذلك الصبي ابو تفة ووجه عريض الذي يرتدي زي الثانوي العام المكون من رداء كاكي وقميص مثله،كانت موضة تلك الايام هي الشعر الكثيف تأثرا بموضة الهيبز التي وفدت من بلاد الغرب ، كانت السبعينات تحتضر، وكان شعري كثيفا وكنت مفتونا بالشعر وبقصص الحب الرومانسية التي تعج بها قصص جرجي زيدان التاريخية وقصة ماجدولين واستيفن للمنفلوطي و اشعار نزار التي كانت متداولة سرا مثل الممنوعات لجرأة الطرح الذي تحتويه،حسبتها ماجدولين وظننتني متيما، تبسمت في وجهها فكشرت في وجهي، همست لها بكلمات اعجاب ساذجة وهربت من وجهها،في الايام التالية تناقصت شجاعتي بفعل ازدياد التكشيرة علي وجهها وتجنبها النظر ناحيتي، ثم حدث ما جعلني اترك لها الشارع طائعا لتهنأ به وحدها، مكره اخاكم لابطل، فقد نادتني اختي الكبري ولامتني علي كوني عاكست صديقة لها، استمعت مطرقا نحو الارض الي محاضرة طويلة عن السلوك الواجب اتباعه ، لم أقل شيئا، تركت لها الشارع تماما وغيرت مساري، وحين التقينا مرة بالصدفة نظرت في وجهي بجرأة وتبسمت، اسرعت لا ألوي علي شئ وغبت عن كل مكان تعبر فيه.... كانت ولاتزال تبتسم كلما رأتني وأطرق اطراقة المقر بذنبه الكبير....
يخيل إلي أن حادثتك أكثر من مرة مولاي بأن ما أحب في طرحك تلك البراءة التي لا زلت على ثقة بانك تحملها و ذاك النبل الذي يشكلك منذ وجدت و تلك العلاقة العذرية مع الأنثى هي جزء من فطرتك ... مع أني موقنة بأن عندك حنكة قانوني ضليع وحساسية فنان مفرطة تجعلك تستشف أجمل معاني التواصل مع العالم برغم حياءك المحبب الذي يتجلى في كل كتابتك .. انت رجل لا يتكرر في إحساسه بلأنثى و تفرده في سمو الخلق ...
بارك الله فيك و بارك لك في أهلك ...
صلاح سر الختم علي
29-04-2013, 02:57 AM
لتعلم استاذ صلاح اننا من المتابعين لكل ما تكتب ..
احيانا لا نقوي علي التعليق لكننا اكيد نستمتع بما تكتب ..
مرور قوي وتسجيل متابعة ..
شكرا الاستاذة ريمون
والله سال دمعي حين طالعت تعليقك وتعليق الاستاذ عصام حسين و الاستاذةبت مدني
فكم هو جميل ان تبلغ كلماتك وعالم الذي ترسمه افئدة وقلوبا تتفاعل بحماس وصدق
كانت فكرة فضفضة التعبير عن النفس باكبر قدر ممكن من الشفافية
والتجول في ذاكرتي وقلبي وحياتي وتقديم جوانب منها للاحباب والاصدقاء الراهنين والقادمين
وكم كانت دهشتي كبيرة وانا اري الفضفضة تمسي حوارا جماعيا شفيفا تتناوب فيه قلوب وعقول واقلام متعددة تزرع مساحتي الصغيرة بألق وبهاء ورونق لامثيل له.... قلت لنفسي اظنني لامست هذه القلوب الرحبة وفتحت النوافذ فيها للريح فجادت بنسيم عليل وروائح زكية طيبة
والله يا ريمون عندما اكتب لا أعرف ابدا قيمة ما اكتبه واكون وجلا خائفا حتي تطالع عيني أثر ما كتبت في الآخرين عبر تفاعلهم الشفيف
لذلك أخشي الصمت ولا أحب القراءة الصامتة مع أني امارسها احيانا عملا بقاعدة الطيب صالح الذهبية التي تقول انك اذا قرأت شيئا لم يعجبك فاترك التعليق عليه لمن اعجب به واكتب عما اعجبك
شكرا ريمون علي لطفك
صلاح سر الختم علي
29-04-2013, 03:04 AM
قصص المدينة تتشابه لتشابه الزمان والمكان مولانا ،، حينها كان الإطراق على الأرض يعني الإنتماء لمدينة كأنها تنتمي لأب واحد .. وتشكلنا لا نعرف التجاوز ونرتمي في جمال الخلق والمثالية التي تديرنا بكل اتقان ، لا نعرف نتعدى على أعراض الغير ولا نرضى غيرنا أن يتعدى عليها ..
يحكي أحد الأصحاب بأنه عندما يخفق قلبك أو تُريد لجسدك أن يتخذ من طبيعته درباً فأحذر فلان فإنه سيقول لك بأن تلك الجميلة أخت فلان وبنت خالة علان ووالدها ذلك الرجل المحترم .. عندها لا تجد غير درباً واحداً هو الإطراق عاشقاً الأرض وعاشقاً لتربية المدينة التي نعتز بها ..
هي فعلا انفاس مدينة مسكونة بالجمال والأدب الصوفي الباحث عن التشبه بالجمال ياصديقي
مدني مدينة تشبه بيتا كبيرا يكتظ بعائلات ممتدة من الجدة الي الحفيدة والجد الي الحفيد
لكنني اسأل نفسي دوما هل تدوم تلك المدينة بتلك الملامح الفريدة؟
هل هي ممتدة في المكان والزمان كما نشتهي ونرغب؟ أم ان القبح الزاحف مثل رمال تعشق القضاء علي الخضرة حيثما وجدت قد أدرك مدينتنا وجعلها عجوزا شمطاء تنكر بنيها وتشويهم فوق نار حامية مثل تلك السعلوة في حجوات حبوباتنا التي ارادات ان تلتهم ابناء الغير فكان نصيبها ان شوت عن جهل ابنائها هي وحصدت الندم وظلت تصرخ كما تقول جدتي: واسجمي انا الضبح بنياتي!!!
شكرا عصام كونك شاركت في جعل الفضفضة حوارا لاضفاف له...
صلاح سر الختم علي
29-04-2013, 03:17 AM
يخيل إلي أن حادثتك أكثر من مرة مولاي بأن ما أحب في طرحك تلك البراءة التي لا زلت على ثقة بانك تحملها و ذاك النبل الذي يشكلك منذ وجدت و تلك العلاقة العذرية مع الأنثى هي جزء من فطرتك ... مع أني موقنة بأن عندك حنكة قانوني ضليع وحساسية فنان مفرطة تجعلك تستشف أجمل معاني التواصل مع العالم برغم حياءك المحبب الذي يتجلى في كل كتابتك .. انت رجل لا يتكرر في إحساسه بلأنثى و تفرده في سمو الخلق ...
بارك الله فيك و بارك لك في أهلك ...
كم انا ممتن لهذه الصورة الزاهية لشخصي التي ترسمها كلماتك الكريمة اختي بت مدني
وصدقا كلما كتبت عن الانثي كان وجه امي آمنة بنت وهب وملامحها الجميلة وصورتها وهي تكد وتكدح عمرها كله لتطعم صغارها وتنظف دارها وتجمل دواخل من حولها أمامي وورائي...اسمع كلماتها ترن في دواخلي طفلا وصبيا ورجلا ، اري دموع قلقها وحيرتها وصمتها النبيل حين تستأسد الحياة علي واحد فينا، واسمع صوت ضحكتها الجميلة والمح سنها الذهبية تلمع بالفرحة واسمعها ولسانها يلهج بالشكر والحمد لرب العالمين وهي تصلي وهي تكابد حر العواسة والطبيخ وهي تحمل طفلا وتلوليه وهي تتأنق في دارها الصغيرة كأنها أميرة وكأن الدار قصر، ذلك الكبرياء وذلك الشموخ وذلك الاكتفاء بالمحبة عما سواها وبالرضا عن السخط وبالحمد عن التبرم ...تلك المحبة التي تدثرت بها طوال حياتها تركتها بعد رحيلهامن الفانية فوانيسا مضيئة بداخل كل من عرفها ونعم بقربها، وان كانت بي وسامة دواخل فهي بعض انفاسها في داخلي وبعض فيض الكرم الإلهي الذي حباني بها أما، وان كان بي قبح فهو قبحي وحدي ولاعلاقة لها به من قريب أو بعيد......هنا يتوقف القلم لندعو لها بان تنال العفو والغفران وتفوز بالجنان وشفاعة سيد الخلق والأنام سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام ..اللهم أرحم آمنة بنت وهب واجعل قبرها روضة من رياض الجنة وتجاوز واصفح عنها وتقبل منها من صالح اعمالها ماتعلم ولانعلم....آمين
ريمون
29-04-2013, 03:45 AM
ربنا يشملها برحمتو ويشمل كل الامهات ..
قمة الرقي والاحترام في التعامل مع المرأة اسقاطها علي صورة الام ..
يسعدني كثيرا التفاعل مع اشخاص بعمقك .. والريس والاخت بت مدني ..
صلاح سر الختم علي
29-04-2013, 03:53 AM
ربنا يشملها برحمتو ويشمل كل الامهات ..
قمة الرقي والاحترام في التعامل مع المرأة اسقاطها علي صورة الام ..
يسعدني كثيرا التفاعل مع اشخاص بعمقك .. والريس والاخت بت مدني ..
شكرا ريمون ...شكرا علي دعمك ولطفك
mahagoub
29-04-2013, 08:31 PM
كانت ولاتزال تبتسم كلما رأتني وأطرق اطراقة المقر بذنبه الكبير
تدفعنا اهواءنا وقلوبنا
الى ذلك الحب العزرى
فنموج فيه ونمرح
ولكن فى اغلب الاوقات
تأتى الرياح بما لا نشتهى
صلاح سر الختم علي
30-04-2013, 06:42 AM
اخي محجوب
احيانا تأتي الرياح بما تشتهي السفن كذلك
Isam Hussien H
30-04-2013, 07:13 AM
كم انا ممتن لهذه الصورة الزاهية لشخصي التي ترسمها كلماتك الكريمة اختي بت مدني
وصدقا كلما كتبت عن الانثي كان وجه امي آمنة بنت وهب وملامحها الجميلة وصورتها وهي تكد وتكدح عمرها كله لتطعم صغارها وتنظف دارها وتجمل دواخل من حولها أمامي وورائي...اسمع كلماتها ترن في دواخلي طفلا وصبيا ورجلا ، اري دموع قلقها وحيرتها وصمتها النبيل حين تستأسد الحياة علي واحد فينا، واسمع صوت ضحكتها الجميلة والمح سنها الذهبية تلمع بالفرحة واسمعها ولسانها يلهج بالشكر والحمد لرب العالمين وهي تصلي وهي تكابد حر العواسة والطبيخ وهي تحمل طفلا وتلوليه وهي تتأنق في دارها الصغيرة كأنها أميرة وكأن الدار قصر، ذلك الكبرياء وذلك الشموخ وذلك الاكتفاء بالمحبة عما سواها وبالرضا عن السخط وبالحمد عن التبرم ...تلك المحبة التي تدثرت بها طوال حياتها تركتها بعد رحيلهامن الفانية فوانيسا مضيئة بداخل كل من عرفها ونعم بقربها، وان كانت بي وسامة دواخل فهي بعض انفاسها في داخلي وبعض فيض الكرم الإلهي الذي حباني بها أما، وان كان بي قبح فهو قبحي وحدي ولاعلاقة لها به من قريب أو بعيد......هنا يتوقف القلم لندعو لها بان تنال العفو والغفران وتفوز بالجنان وشفاعة سيد الخلق والأنام سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام ..اللهم أرحم آمنة بنت وهب واجعل قبرها روضة من رياض الجنة وتجاوز واصفح عنها وتقبل منها من صالح اعمالها ماتعلم ولانعلم....آمين
بنت وهب تلك المرأة التي عرفتها من خلالك ومحمد والبقية .. ياريت أن الجميع يعرف ما تركته بنت وهب من الجمال .. أنتم أسرة صُقلت بالكدح وبالقيم النبيلة أين ما حللت بأي ممن تركت .. لو أردت أن أسرد حتى الصباح الجمال هذا الذي فيني منكم لما تمكنت على الإطلاق ..
يا الله تولى برحمتك بنت وهب وليتها الآن تنعم بجناتك فهي قد عملت لها بطيبها وجمال خلقها وإحسانها لتربية أبنائها .. أللهم آمين ..
صلاح سر الختم علي
30-04-2013, 10:54 AM
بنت وهب تلك المرأة التي عرفتها من خلالك ومحمد والبقية .. ياريت أن الجميع يعرف ما تركته بنت وهب من الجمال .. أنتم أسرة صُقلت بالكدح وبالقيم النبيلة أين ما حللت بأي ممن تركت .. لو أردت أن أسرد حتى الصباح الجمال هذا الذي فيني منكم لما تمكنت على الإطلاق ..
يا الله تولى برحمتك بنت وهب وليتها الآن تنعم بجناتك فهي قد عملت لها بطيبها وجمال خلقها وإحسانها لتربية أبنائها .. أللهم آمين ..
اخي عصام
كلماتك نزلت بردا وسلاما ولا اعرف كيف اشكرك علي كل حرف وكلمة ودعوة طيبة
اللهم ارحم امي وكل الامهات من رحلن منهن ومن لازلن يكدحن ويعلمن الناس فن الحياة والقيم النبيلة
صلاح سر الختم علي
01-05-2013, 07:54 PM
قلت لها : وحين يأتي الحب يتوهج المحبون، يمسون كائنات نورانية لاتكف عن التوهج
قالت: الحب زهوة قصيرة العمر ، وردة تتأنق وهي تجود بانفاسها الآخرة.
قلت:الحب ليس عابر سبيل لايترك الا جرحا في القلوب، ثمة شئ جميل يبقي حتي لو انتهت الرحلة،الحب يغسل القلوب بماء الورد، يحي فينا كل أرض موات.
قالت:الحب عملة واحدة تصدر عن بنك واحد وتتعدد أغراض من يستخدمونها مابين انبل الاغراض وأكثرها خسة، العملة هي العملة نفسها لكن المشكلة دوما في كيفية الأستخدام.بعض الرجال يودع عملته بمصرف وينسي رمزه السري حين ياتي الي نوافذ الصراف الآلي.
قلت:هل هو التشاؤم ؟
قالت: بل هي اللدغات الكثيرة المتكررة.
قلت: تجاربنا الفاشلة لسبب كامن فينا لاتعطينا حق التعميم وإصدار الاحكام.
قالت:كل ما اكتشفه العلم كان حصيلة تجارب فاشلة وحيرة عظيمة.
قلت: فلنترك كل شئ خلف ظهرنا ونفتح صفحات جديدة بيضاء.
قالت: هل هي دعوة لممارسة الكذب علي انفسنا؟ وهل القلب لايزال أبيضاً حتي تكون الصفحات البيضاء ممكنة؟ هل نزور تاريخنا العاطفي مثلما زورنا تاريخنا الوطني وبصقنا عليه؟
صلاح سر الختم علي
04-05-2013, 10:32 PM
حين يكتب الشاعر عن أمه تنصت الأرض والسماء
فليس ثمة شخص أصدق من الشاعر حين يكتب عن امه
تلك حقيقة تؤكدها اشعار محمود درويش الذي كتب عن الأم قصائد رائعة اشتهرت إحداها مع ان هنالك ما هو اجمل منها
مثل هذه القصيدة وهذه الكلمات:
تعاليم حورية
محمود درويش - فلسطين
فكّرت يومًا بالرحيل، فحطّ حسّونٌ على يدها ونام.
وكان يكفي أن أداعب غصن داليةٍ على عجلٍ...
لتدرك أنّ كأس نبيذي امتلأت.
ويكفي أن أنام مبكّرًا لترى منامي واضحًا،
فتطيل ليلتها لتحرسه...
ويكفي أن تجيء رسالةٌ منّي لتعرف أنّ عنواني تغيّر،
فوق قارعة السجون، وأنّ
أيّامي تحوّم حولها... وحيالها
أمّي تعدّ أصابعي العشرين عن بعدٍ.
تمشّطني بخصلة شعرها الذهبيّ.
تبحث في ثيابي الداخليّة عن نساءٍ أجنبيّاتٍ،
وترفو جوريي المقطوع.
لم أكبر على يدها كما شئنا:
أنا وهي، افترقنا عند منحدر الرّخام... ولوّحت سحبٌ لنا،
ولماعزٍ يرث المكان.
وأنشأ المنفى لنا لغتين:
دارجةً... ليفهمها الحمام ويحفظ الذكرى،
وفصحى... كي أفسّر للظلال ظلالها!
ما زلت حيًّا في خضمّك.
لم تقولي ما تقول الأمّ للولد المريض.
مرضت من قمر النحاس على خيام البدو.
هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنان،
حيث نسيتني ونسيت كيس الخبز [كان الخبز قمحيًّا].
ولم أصرخ لئلاّ أوقظ الحرّاس.
حطّتني على كتفيك رائحة الندى.
يا ظبيةً فقدت هناك كناسها وغزالها...
لا وقت حولك للكلام العاطفيّ.
عجنت بالحبق الظهيرة كلّها.
وخبزت للسّمّاق عرف الديك.
أعرف ما يخرّب قلبك المثقوب بالطاووس،
منذ طردت ثانيةً من الفردوس.
عالمنا تغيّر كلّه، فتغيّرت أصواتنا.
حتّى التحيّة بيننا وقعت كزرّ الثوب فوق الرمل،
لم تسمع صدًى.
قولي: صباح الخير!
قولي أيّ شيء لي لتمنحني الحياة دلالها.
هي أخت هاجر.
أختها من أمّها.
تبكي مع النايات موتى لم يموتوا.
لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تنفتح السماء،
ولا ترى الصحراء خلف أصابعي لترى حديقتها على وجه السراب،
فيركض الزّمن القديم
بها إلى عبثٍ ضروريٍّ:
أبوها طار مثل الشركسيّ على حصان العرس.
أمّا أمّها فلقد أعدّت،
دون أن تبكي، لزوجة زوجها حنّاءها،
وتفحّصت خلخالها...
لا نلتقي إلاّ وداعًا عند مفترق الحديث.
تقول لي مثلاً: تزوّج أيّة امرأة من
الغرباء، أجمل من بنات الحيّ.
لكن، لا تصدّق أيّة امرأة سواي.
ولا تصدّق ذكرياتك دائمًا.
لا تحترق لتضيء أمّك، تلك مهنتها الجميلة.
لا تحنّ إلى مواعيد الندى.
كن واقعيًّا كالسماء.
ولا تحنّ إلى عباءة جدّك السوداء،
أو رشوات جدّتك الكثيرة،
وانطلق كالمهر في الدنيا. وكن من أنت حيث تكون.
واحمل عبء قلبك وحده...
وارجع إذا اتّسعت بلادك للبلاد وغيّرت أحوالها...
أمّي تضيء نجوم كنعان الأخيرة،
حول مرآتي،
وترمي، في قصيدتي الأخيرة، شالها!
الله ما أعذب هذا النشيد وهذا النشيج المر
(أمّي تعدّ أصابعي العشرين عن بعدٍ.
تمشّطني بخصلة شعرها الذهبيّ.
تبحث في ثيابي الداخليّة عن نساءٍ أجنبيّاتٍ،
وترفو جوريي المقطوع.
لم أكبر على يدها كما شئنا:
أنا وهي، افترقنا عند منحدر الرّخام... ولوّحت سحبٌ لنا،
ولماعزٍ يرث المكان.
وأنشأ المنفى لنا لغتين:
دارجةً... ليفهمها الحمام ويحفظ الذكرى،
وفصحى... كي أفسّر للظلال ظلالها! )
وما أروع تلك القصيدة التي اشتهرت لدرويش
خاصة حين غناها مارسيل
أحنُّ إلى خبزِ أمّي
وقهوةِ أمّي
ولمسةِ أمّي
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ
يوماً على صدرِ يومِ
وأعشقُ عمري لأنّي
إذا متُّ
أخجلُ من دمعِ أمّي
خذيني، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدبكْ
وغطّي عظامي بعشبِ
تعمّد من طُهرِ كعبكْ
وشدّي وثاقي..
بخصلةِ شَعر..
بخيطٍ يلوّحُ في ذيلِ ثوبكْ
عساني أصيرُ إلهاً
إلهاً أصير..
إذا ما لمستُ قرارةَ قلبكْ!
ضعيني، إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنّورِ ناركْ
وحبلِ الغسيلِ على سطحِ دارِكْ
لأني فقدتُ الوقوفَ
بدونِ صلاةِ نهارِكْ
هرِمتُ، فرُدّي نجومَ الطفولة
حتّى أُشارِكْ
صغارَ العصافيرِ
دربَ الرجوع..
لعشِّ انتظاركْ..
هذه القصيدة جابت العالم وصارت نشيدا عالميا للأم وترجمت الي لغات عديدة منها الانجليزية هكذا
My Mother
By Mahmoud Darwish
I long for my mother's bread
My mother's coffee
Her touch
Childhood memories grow up in me
Day after day
I must be worth my life
At the hour of my death
Worth the tears of my mother.
And if I come back one day
Take me as a veil to your eyelashes
Cover my bones with the grass
Blessed by your footsteps
Bind us together
With a lock of your hair
With a thread that trails from the back of your dress
I might become immortal
Become a God
If I touch the depths of your heart.
If I come back
Use me as wood to feed your fire
As the clothesline on the roof of your house
Without your blessing
I am too weak to stand.
I am old
Give me back the star maps of childhood
So that I
Along with the swallows
Can chart the path
Back to your waiting nest.
ولايكف الشاعر عن الحنين الي أمه فيكتب
في بيت أُمِّي صورتي ترنو إليّ
ولا تكفُّ عن السؤالِ:
أأنت، يا ضيفي، أنا؟
هل كنتَ في العشرين من عُمري،
بلا نظَّارةٍ طبيةٍ،
وبلا حقائب؟
كان ثُقبٌ في جدار السور يكفي
كي تعلِّمك النجومُ هواية التحديق
في الأبديِّ...
(ما الأبديُّ؟ قُلتُ مخاطباً نفسي)
ويا ضيفي... أأنتَ أنا كما كنا؟
فمَن منا تنصَّل من ملامحِهِ؟
أتذكُرُ حافرَ الفَرَس الحرونِ على جبينكَ
أم مسحت الجُرحَ بالمكياج كي تبدو
وسيمَ الشكل في الكاميرا؟
أأنت أنا؟ أتذكُرُ قلبَكَ المثقوبَ
بالناي القديم وريشة العنقاء؟
أم غيّرتَ قلبك عندما غيّرتَ دَربَكَ؟
قلت: يا هذا، أنا هو أنت
لكني قفزتُ عن الجدار لكي أرى
ماذا سيحدث لو رآني الغيبُ أقطِفُ
من حدائقِهِ المُعلَّقة البنفسجَ باحترامً...
ربّما ألقى السلام، وقال لي:
عُدْ سالماً...
وقفزت عن هذا الجدار لكي أرى
ما لا يُرى
وأقيسَ عُمْقَ الهاويةْ
ويعود الشاعر فيذكر امه مجددا ولحظة ميلاده
(وفي شهر آذار، قبل ثلاثين عاما وخمس حروب،
وُلدتُ على كومة من حشيش القبور المضيء.
أبي كان في قبضة الإنجليز. وأمي تربّي جديلتها وامتدادي على العشب. كنت أحبّ "جراح الحبيب" و أجمعها في جيوبي، فتذبلُ عند الظهيرة، مرّ الرصاص على قمري الليلكي فلم ينكسر،
غير أنّ الزمان يمرّ على قمري الليلكي فيسقطُ سهواً...)
ويعود فيجعل القصيدة ذاتها أما
(كلُّ قصيدة أُمٌّ
تفتش للسحابة عن أخيها
قرب بئر الماء:
"يا ولدي! سأعطيك البديلَ
فإنني حُبْلى..."/)
وفي حواره مع صديقه المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيدفي قصيدة طباق كانت الأمومة حاضرة بشكل ساحر
(وأما أنا فحنيني صراع على حاضر
يمسك الغد من خصيتيه
ألم تتسلل إلى الأمس
حين ذهبت إلى البيت
بيتك في القدس
في حارة الطالبية؟
هيأت نفسي لأن أتمدد في تخت أمي
كما يفعل الطفل حين يخاف أباه
وحاولت أن أستعيد ولادة نفسي
وحاولت أن أتحسس جلد الغياب
ورائحة الصيف من ياسمين الحديقة
لكنّ ضبع الحقيقة فرّقني
عن حنين تلفت كاللص حولي
أخفت؟
وماذا أخذت؟
لا أستطيع لقاء الخسارة وجها لوجه
وقفت على الباب كالمتسوّل
هل أطلب الإذن من غرباء
ينامون فوق سريري أنا في زيارة نفسي
لخمس دقائق
هل أنحني باحترام
لسكان حلمي الطفولي
هل يسألون:
من السائل الأجنبي الفضولي
هل أستطيع الكلام عن السلم والحرب
بين الضحايا وبين ضحايا الضحايا
بلا كلمات إضافية
وبلا جملة اعتراضية
هل يقولون لي:
لا مكان لحلمين في مخدع واحد
لا أنا أو هو
ولكنه قارئ يتساءل
عما يقول لنا الشعر في زمن الكارثة
دم
ودم
ودم في بلادك
باسمي وباسمك
في زهرة اللوز
في قشرة الموز
في لبن الطفل
في اللون
في الظل
في حبة القمح
في علبة الملح
قناصة بارعون
يصيبون أهدافهم بامتياز
دما
ودما
ودما
هذه الأرض أصغر من دم أبنائها الواقفين
على عتبات القيامة مثل القرابين
هل هذه الأرض حقا مباركة
أم معمّدة بدم
ودم
ودم لا تجففه الصلوات
ولا الرمل
لا عدّ في صفحات الكتاب المقدس
يكفي لكي يفرح الشهداء
بحرية المشي فوق الغمام
دم في النهار
دم في الظلام
دم في الكلام
يقول: القصيدة قد تستضيف الخسارة
خيطا من الضوء يلمع في قلب غيتارة
أو مسيحا على فرس مثخن بالمجاز الجميل
فليس الجمالي إلا حضور الحقيقي في الشكل.
في عالم لا سماء له
تصبح الأرض هاوية
والقصيدة إحدى هِبات العزاء
وإحدى صفات الرياح
جنوبية أو شمالية
لا تصف ما ترى الكاميرا من جروحك
واصرخ لتسمع نفسك
واصرخ لكي تعلم
أن الحياة على هذه الأرض ممكنة
فاخترع أملا للكلام
ابتكر جهة أو سرابا
يطيل الرجاء
وغنّ
فإن الجمالي حرية
أقول:
الحياة التي لا تعرّف
إلا بضد هو الموت
ليست حياة
يقول:
سنحيا
ولو تركتنا الحياة إلى شأننا
فلنكن سادة الكلمات
التي سوف تجعل قراءها خالدين
على حد تعبير صاحبك الفذ ريتسوس
وقال: إذا متّ قبلكَ
أوصيك بالمستحيل)
والأم حاضرة علي امتداد ديوان درويش بقوة ظاهرة تؤكد فعلا ان من لم يعرف قدر أمه لايمكن ان يعرف قدره أحد
Isam Hussien H
04-05-2013, 10:39 PM
والأم حاضرة علي امتداد ديوان درويش بقوة ظاهرة تؤكد فعلا ان من لم يعرف قدر أمه لايمكن ان يعرف قدره أحد ..
سلمت يا صلاح ..
صلاح سر الختم علي
04-05-2013, 11:05 PM
والأم حاضرة علي امتداد ديوان درويش بقوة ظاهرة تؤكد فعلا ان من لم يعرف قدر أمه لايمكن ان يعرف قدره أحد ..
سلمت يا صلاح ..
سلم بنانك
اخي عصام
توقفت كثيرا عند صورة الأم في شعر درويش والبحث طويل اقتطفت منه ما هو منشور
وفي جزء لاحق سوف اتحدث عن الأم في شعر امل دنقل
ايضا
صلاح سر الختم علي
04-05-2013, 11:19 PM
أمل دنقل جعل الأم شاهدة علي الجريمة وملاذا آمنا للصغار ضد سيوف القتلة في قصيدته ( من أوراق ابو نواس) حيث استعار كعادته من التاريخ شخصية ابو نواس وأمه ليرمز عبرهما لما يريد قوله:
(نائماً كنتُ جانبَه; وسمعتُ الحرسْ
يوقظون أبي!..
- خارجيٌّ؟.
- أنا.. ؟!
- مارقٌ؟
- منْ؟ أنا!!
صرخَ الطفلُ في صدر أمّي..
(وأمّيَ محلولةُ الشَّعر واقفةٌ.. في ملابِسها المنزليه)
- إخرَسوا
واختبأنا وراءَ الجدارِ،
- إخرَسوا
وتسللَ في الحلقِ خيطٌ من الدمِ.
(كان أبي يُمسكُ الجرحَ،
يمسكُ قامته.. ومَهابَتَه العائليه!)
- يا أبي
- اخرسوا
وتواريتُ في ثوب أمِّيَ،
والطِّفلُ في صدرها ما نَبَسْ
ومَضوا بأبي
تاركين لنا اليُتم.. متَّشِحاً بالخرَس!!)
ثم يصور موت والدة ابو نواس في صورة تمزق نياط القلوب بين يدي طفلها
(... وأمّي خادمةٌ فارسيَّه
يَتَنَاقَلُ سادتُها قهوةَ الجِنسِ وهي تدير الحَطبْ
يتبادلُ سادتُها النظراتِ لأردافِها..
عندما تَنْحني لتُضيءَ اللَّهبْ
يتندَّر سادتُها الطيِّبون بلهجتِها الأعجميَّه!
نائماً كنتُ جانبَه، ورأيتُ ملاكَ القُدُسْ
ينحني، ويُرَبِّتَ وجنَتَها
وتراخى الذراعانِ عني قليلاً
قليلا..
وسارتْ بقلبي قُشَعْريرةُ الصمتِ:
- أمِّي;
وعادَ لي الصوتُ!
- أمِّي;
وجاوبني الموتُ!
- أمِّي;
وعانقتُها.. وبكيتْ!
وغامَ بي الدَّمعُ حتى احتَبَسْ!!)
ثم يبحر امل دنقل في ذاكرته فيستخرج واقعة موت اخته وأثرها عليه وعلي امه الحاضرة للوعته التي جعلت فقدها مضاعفا ليصور لنا عذاب الامهات في هذه اللوحة
(شقيقتي " رجاء " ماتت و هي دون الثالثة .
ماتت و ما يزال في دولاب أمّي السّري
صندلها الفضّيّ!
دارها المشغول ، قرطها ، غطاء رأسها الصّوفيّ
أرنبها القطنيّ !
و عندما أدخل بهو بيتنا الصامت
فلا أراها تمسك الحائط .. علّها تقف !
أنسى بأنّها ماتت ..
أقول . ربّما نامت ..
أدور في الغرف .
و عندما تسألني أمّي بصوتها الخافت
أرى الأسى في وجهها الممتقع الباهت
و أستبين الكارثة !)
صلاح سر الختم علي
04-05-2013, 11:23 PM
الموت حاضر دوما في قصيدة امل دنقل حتي انه له قصيدة اسمها الموت في لوحات
مصفوفة حقائبي على رفوف الذاكرة
و السفر الطويل ..
يبدأ دون أن تسير القاطرة !
رسائلي للشمس ..
تعود دون أن تمسّ !
رسائلي للأرض ..
تردّ دون أن تفضّ !
يميل ظلّي في الغروب دون أن أميل !
و ها أنا في مقعدي القانط .
وريقة .. و ريقة .. يسقط عمري من نتيجة الحائط
و الورق الساقط
يطفو على بحيرة الذكرى ، فتلتوي دوائرا
و تختفي .. دائرة .. فدائرة !
(3)
عرفتها في عامها الخامس و العشرين
و الزمن العنّين ..
ينشب في أحشائها أظفاره الملويّة
صلّت إلى العذراء ، طوفّت بكلّ صيدليّة
تقلّبت بين الرجال الخشنين !
.. و ما تزال تشتري اللّفائف القطنيّة !
.. ما تزال تشتري اللّفائف القطنيّة !
... ... ... .. .. ...
و حين ضاجعت أباها ليلة الرعد
تفجّرت بالخصب و الوعد
و اختلجت في طينها بشارة التكوين !
لكنّها نادت أباها في الصباح ..
فظلّ صامتا !
هزّته .. كان ميّتا !!
(4)
من شرفتي كنت أراها في صباح العطلة الهاديء
تنشر في شرفتها على خيوط النور و الغناء
ثياب طفبيها ، ثياب زوجها الرسميّة الصفراء
قمصانه المغسولة البيضاء
تنشر حولها نقاء قلبها الهانيء
و هي تروح و تجيء
... ... ... ... ... ... ...
و الآن بعد أشهر الصيف الرديء
رأيتها .. ذابلة العينين و الأعضاء
تنشر في شرفتها على حبال الصّمت و البكاء
ثيابها السوداء !
(5)
حبيبتي في لحظة الظلام ؛ لحظة التوهّج العذبة
تصبح بين ساعديّ جثّة رطبه !
ينكسر الشوق بداخلي ، و تخفت الرغبة
أموء فوق خدّها
أضرع فوق نهدها
أودّ لو أنفذ في مسامّ جلدها
لكن .. يظلّ بيننا الزجاج .. و الغياب .. و الغربة !
.. ... ... ... ... .... .. ...
وذات ليلة ، تكسّرت ما بيننا حواجز الرّهبة
فاحتضنتني .. بينما نحن نغوص في قرار التربة
تبعثرت في رأسها شرائح الصورة و النجوم
و اختلطت في قلبها الأزمنة الهشيم
لكنّها و هي تناجى
سمعتها تناديني
باسم حبيبها الذي قد حطّم اللّعبة
مخلّفا في قلبها .. ندبة !!
محمد الجزولى
04-05-2013, 11:52 PM
يا الله
كم أنت رائع أخي العزيز صلاح
ح آخد قيلولة هنا مع هذه الفضفضة الجميلة
واعود حتما ..
تحياتي يا صاحب الحرف الجميل ولكل المتداخلين هنا
صلاح سر الختم علي
05-05-2013, 03:53 AM
ود الجزولي يا اجمل ضيف جانا زيارة
ولايضاري عينيه بشئ حبابك بعد الغياب
غياب قمر وكوكب مضئ
صلاح سر الختم علي
08-05-2013, 09:49 AM
وجه غاب في الزحام
اليك في غيابك أعيد كتابة انبهاري:
مازلت اسيرا للدهشة في حضرة هذي الروح الشفيفة
التي تخترق روحي بقوة كالنسيم
كالشهقة
والزفير
أراك بخيالي كائنا من نور نبتت له أجنحة
لكنه لايطير
بل يصلي في خشوع
وكلما أطال السجود
بكي
فانفجرت الانهار والعيون
قبل خمسة عشر عاما
عرفت في مدينة ما فتاة صغيرةلم تبلغ العشرين
لكنها هائمة في ملكوت الشعر
رقيقة كفراشة
شفيفة كالبلور
خفيضة الصوت كأنها تخشي ان تجرح النسيم
تكتب شعرا يجندل من يقرأه ويشعره بالضآلة
كانت مفتونة بكتابات خجولة كنت اكتبها
ولم تدرك انني بت مفتونا بكل حرف خطته يدها
كانت أنثي فريدة في كل شئ
خفت من رقتها عليها
ومن دموعها الكثيرة التي لم أرها بعيني ولكنني سمعتها في صوتها في هاتف كان رسولا بيننا
وخفت من أعجابي بما تكتب
وبما هي عليه من صدق في الكتابة
صدق يجعلك تخاف عليها مما هي عليه في زمن فظ
فرقتنا الدنيا
لكنها بقيت بداخلي بصوتها الخفيض وعقلها الكبير
وروحها الشفيفة
في حضرة أحرفك
انبعثت صورتها من مرقدها
تمنيت لو انك التقيتيها.......
لم أقو علي السؤال عنها أبدا
فثمة شئ ما
يخيفني من السؤال!!![/
bit madani
08-05-2013, 10:56 AM
بنت وهب تلك المرأة التي عرفتها من خلالك ومحمد والبقية .. ياريت أن الجميع يعرف ما تركته بنت وهب من الجمال .. أنتم أسرة صُقلت بالكدح وبالقيم النبيلة أين ما حللت بأي ممن تركت .. لو أردت أن أسرد حتى الصباح الجمال هذا الذي فيني منكم لما تمكنت على الإطلاق ..
يا الله تولى برحمتك بنت وهب وليتها الآن تنعم بجناتك فهي قد عملت لها بطيبها وجمال خلقها وإحسانها لتربية أبنائها .. أللهم آمين ..
رحم الله الوالدة آمنة بنت وهب عزيزي ... و أسكنها أعلى جنانه الفردوس و رفعها في أعلى عليين ... بما وهبتنا من نقاء معدنك المقتبس منها و سمو خلقك وحسن سيرتك ...فنعم الأم هي جعلتك ترى كل النساء بسمو خلقها ... و يا لجمال عصام الدي فيه بعض منكم مولانا كل ينبي بروعته ...
bit madani
08-05-2013, 12:45 PM
[quote=صلاح سر الختم علي;715832]قلت لها : وحين يأتي الحب يتوهج المحبون، يمسون كائنات نورانية لاتكف عن التوهج
__________________________________________________ _________
لهما التوحد في كل يوم و ليلة ... لما لا نهاية ...و التجدد و... الألق ... و التوق ... الجنون ... و الانبهار المفضي لاحتراق المسام ...و طعم الرحيق المحلى برائحة العطر المضمخ بالولف ...لهما الحريق ... و الأعتناق العميق لما لانهاية ... و كل الانتماء و روح الحياة البهيج ... لما لا نهاية ...
***
وحده الحبيب قادر أن يجعل أنثاه تتوهج ... بنفس الألق و نفس الدفء المشع من مسام عبيرها الدي غاداراه ثلاثون سنة ضوئية ... يحوم بمحور كلٍ كواكب أقل تألق ...في مساحة ليست لها ... في فضاء يضئ فناه نجم الحبيب ... الدي لن تطفئه غيوم فقدت لونها تمطر بكل مكان ووهم و يظل السراب سراب و الغيث يصنع واحاته بقلب الرمال ...
قلت: فلنترك كل شئ خلف ظهرنا ونفتح صفحات جديدة بيضاء.
قد كان ... تبا لمن كتب نفسه نصا في دفتر حب ما كان له ... و دفتر العشق ... لا يبلى ... حروف التصافي لا تنتهي
و روعة النسيان الموازي لعلاقة عابرة ... بيضاء كل الحروف لأجلك حبيبي ... سوداء كل المساحات دونك ...وطن كل المنافي بأرضك .. و منفي كل الوطن بغيابك ... فلتبقى مساحتنا هي لنا نلونها بفوضى عشق ألفناه ... أنبت وردا معافى ...بلون الحصافة ... فليتساقط من فرض سورا حول البنت الحديقة و الولد الخصيب ...ويسلم لي قلمك مولانا و جنون الكتابة ...الفضفضة في هده الزاوية الوريفة ... حتودينا حتة كده ...عدرا أن روح الكتابة حينا تتحرر و تبحر في سموات لا تعرف الحياد ...
صلاح سر الختم علي
08-05-2013, 07:57 PM
بت مدني
تعجز كلماتي عن مجاراة نصك البديع
فهو نص عامر بالاحساس العميق بالاشياء والتفاعل الصادق مع الحروف
ونحن في زمن بات فيه الصدق عملة نادرة ان لم تك غير قابلة للتداول
تحية لك وعبرك لكل من تابع هذه الفضفضة وشارك في تزيينها
ريمون
08-05-2013, 10:58 PM
[quote=صلاح سر الختم علي;715832]قلت لها : وحين يأتي الحب يتوهج المحبون، يمسون كائنات نورانية لاتكف عن التوهج
__________________________________________________ _________
لهما التوحد في كل يوم و ليلة ... لما لا نهاية ...و التجدد و... الألق ... و التوق ... الجنون ... و الانبهار المفضي لاحتراق المسام ...و طعم الرحيق المحلى برائحة العطر المضمخ بالولف ...لهما الحريق ... و الأعتناق العميق لما لانهاية ... و كل الانتماء و روح الحياة البهيج ... لما لا نهاية ...
***
وحده الحبيب قادر أن يجعل أنثاه تتوهج ... بنفس الألق و نفس الدفء المشع من مسام عبيرها الدي غاداراه ثلاثون سنة ضوئية ... يحوم بمحور كلٍ كواكب أقل تألق ...في مساحة ليست لها ... في فضاء يضئ فناه نجم الحبيب ... الدي لن تطفئه غيوم فقدت لونها تمطر بكل مكان ووهم و يظل السراب سراب و الغيث يصنع واحاته بقلب الرمال ...
قلت: فلنترك كل شئ خلف ظهرنا ونفتح صفحات جديدة بيضاء.
قد كان ... تبا لمن كتب نفسه نصا في دفتر حب ما كان له ... و دفتر العشق ... لا يبلى ... حروف التصافي لا تنتهي
و روعة النسيان الموازي لعلاقة عابرة ... بيضاء كل الحروف لأجلك حبيبي ... سوداء كل المساحات دونك ...وطن كل المنافي بأرضك .. و منفي كل الوطن بغيابك ... فلتبقى مساحتنا هي لنا نلونها بفوضى عشق ألفناه ... أنبت وردا معافى ...بلون الحصافة ... فليتساقط من فرض سورا حول البنت الحديقة و الولد الخصيب ...ويسلم لي قلمك مولانا و جنون الكتابة ...الفضفضة في هده الزاوية الوريفة ... حتودينا حتة كده ...عدرا أن روح الكتابة حينا تتحرر و تبحر في سموات لا تعرف الحياد ...
احساس جميل ..
انت لا تكتبين حروفا من مداد بل هي احاسيس من نور ..
سلمت يداك وسلمت احاسيسك ..
bit madani
09-05-2013, 04:16 AM
الأحاسيس حين تعاش حقا تكتب نفسها ببعض من دهشة ميلادها اللحظي ... هذا بعض من ألق حبيبي معي وفرحي بما يخلقه التواصل الصادق بيننا في حضرة عشق خالد لم تثني قوته الأعاصيرو لا غيرته السنون و لا العيون ...
تقول أحلام هنيئا للحب بما حدث بيننا و هنيئا للأدب بما لم يحدث ... و أبدا حفظ الله ذاك الذي لا يخلف وعدي ...
Isam Hussien H
09-05-2013, 11:08 PM
مداخلات لنوابغ الحرف تتوهج بصدق الدواخل وصدق المكان الذي أشرع فيه المساحات صاحب الفضفضة .. فأنت وضيوفك مليانين بأنوار ليس لنا نحن غير حكمت المحكمة .. وكان بريئاً أم غير ذلك فالنصوص وقواعد الإثبات هي التي تقول كلماتها وتموت إنفاعالات الدواخل وقراءة الأحاسيس .. أجزم أنه برئ بإحساسي لكني لا أقوى على كتابة ذلك بمحضر ..
دمت صلاح مفضفضاً حتى نراك وحروف عشاق حرفك دائماً ونحن جالسين في صمت ..
bit madani
10-05-2013, 02:01 AM
يكتب مولانا ...
يحدث كثيرا ان يجد الرجل نفسه كزورق صغير تدفعه الامواج بقوة نحو جزيرته الخضراء
ويحدث كثيرا ان تجد المرأة نفسه يدفعها الفضول نحو مغارة تبدو مظلمة ولكن احساسها يقول لها ان داخلها ضوء العالم كله....
ويحدث كثيرا أن نجد أنفسنا جائعين الي الحنان جوعا لاحدود له وندرك بشكل ما ان هذه الأنثي دون غيرها هي نهر حنان لايجف
فنقطع حبال زوارقنا ونشعل النار فيها ونقفز نحو بحرها
غير عابئين بشئ............
لهذا وحده أدرك انك مختلف و سامق ...
ظننت أننا نلتقي في هذا الفهم العصي على غير القلوب الصادقة ...
هل لك يا مولاي صلاح لتوضح لي ... ما لا أفهمه بضلاعتك القانونية أنا تلك التي تحتاج خبرتك على التحليل و المسرح ...
أأحيانا يا سيدي يكون نفي النفي ...لبعض من كسب يسير هو في ذاته إثبات ؟؟؟ ...
أحيانا أسأل نفسي هل الحب و الصدق هما خطان متلازمان و موازيان للجبن و التملق ... و أريد منك إجابة ...
قد يتقمص غيرك لون خطك ... شكل كتابتك ... يزاحمك في سلام روحك و من يطربك ... و يمضي بكل ما أخذ منك ... لا يبالي ...
أحتاج بعض من حياءك مولانا ... لأستر عورة من دفنت من الرجال ...
والكتابة مصباح ينير لنا الجوانب المظلمة
ويجعلنا نري ما هو كامن في الزوايا بعيدا عن النظر
الكتابة سحر وساحر لابد لهما من مسحور ومفتون...
أعترف بأني لأجل هذا فتنت بالفضفضة ... هنا... تلك هي البقعة الوحيدة التي أعادتني فقط لأقرئك و أقرأ هذا العالم النقي الذي يحيط بك ...
صلاح سر الختم علي
10-05-2013, 11:32 AM
مداخلات لنوابغ الحرف تتوهج بصدق الدواخل وصدق المكان الذي أشرع فيه المساحات صاحب الفضفضة .. فأنت وضيوفك مليانين بأنوار ليس لنا نحن غير حكمت المحكمة .. وكان بريئاً أم غير ذلك فالنصوص وقواعد الإثبات هي التي تقول كلماتها وتموت إنفاعالات الدواخل وقراءة الأحاسيس .. أجزم أنه برئ بإحساسي لكني لا أقوى على كتابة ذلك بمحضر ..
دمت صلاح مفضفضاً حتى نراك وحروف عشاق حرفك دائماً ونحن جالسين في صمت ..
ياصديقي
وابن مدينتي الخضراء
ورفيق مهنة الحياة ومشاركة هموم الناس حد التقمص
الكتابة ياصديقي جنة ونار
الكتابة بوح شفيف
قد يختلط احيانا برعبة في التواري خلف الحروف
قد نرسم عالما لاوجود له الا في مخيلتنا ثم نصدقه ونبحث عنه في أرض الواقع بأيمان حقيقي بوجوده
قد يسعدنا ذلك وقد يدمي ايادينا وقلوبنا
لكن السعادة الحقة هي في تفاعل الاخرين مع ما نكتبه
وفي ثقتهم فينا
وحسن ظنهم بنا
وسعادتي دوما في بناء جسور محبة جديدة
وفي البوح الذي يحاكي ونسات آخر الليل بين شقيقين متقاربين في العمر أو صديقين
ثرثرة غير مخطط لها
دافئة وصادقة
فيها تبادل اسرار ومعارف ومشاعر طازجة
واراء عن الكون والناس
كنت افعل ذلك مع اخي احمد فقد كان الاقرب الي نفسي
والاكثر تبادلا للحوار معي
وكان عاشقا كبيرا للكاشف ووردي واهلي مدني والهلال
فكانت السهرة تتخللها اغنيات الكاشف الجميلة بصوت احمد الجميل
وكان يحكي لي يومه كله واحكي له بعض يومي فقد كنت اخبئ بعض اسراري عنه اما هو فلا
عندما بدأت الفضفضة كان ولازال يفتك بي حنين الي تلك الايام الصافية التي كنا نفعل فيها الاشياء بلا توجس ولارقيب داخلي ولاهواجس
كنا نفعل ما نرغب في فعله حتي لو كان ممنوعا
واتذكر اننا كنا نحتال علي منعنا من الذهاب الي السينما بالتسلل خفية وانابة عود من الحطب معطي بالبطانية في النوم في السرير حتي نعود
فاذا بامطار الخريف تفضحنا حين تهطل بقوة ونحن في السينما فيكتشف الاهل الخدعة ويكون نصيبنا علقة
اتمني ان تتصل الفضفضة بلا حدود
صلاح سر الختم علي
11-05-2013, 04:58 AM
اختي بت مدني....
كتبت قبل فترة طويلة عن الفضفضة ومفهومها عندي وصعوبة كتابة السيرة الذانية
من اي باب ندخل الي الاحزان؟
من اية كوة ندخل الي الفرح المختلس؟!
تري هل كانت البداية هناك؟؟
هل استطيع ان افصل اكثر وانا استخدم ضمير المتكلم والف شرطي ينقب في اوراقي وافكاري؟!
ماذا تقصد ب هناك؟
أتقصد زمنا؟ أم مكانا؟ أم واقعة ما؟
وهل يستطيع المرء أن يؤرخ لحياته؟
هل بمقدور أحدكم ان يكتب حياته دون ان يتدخل رقيبه فيها بالقص والحذف والتحوير والتزوير والترميز؟
هي اسئلة
بلا أجابات
هي فراشات حائرة
مثلي!!!
لذلك فان كثير من الاسئلة تبقي في الحياة بلا اجابات
لان الاجابة في حد ذاتها خطأ
فالحياة لاتقبل التعميم بطبيعتها
وحياة كل واحد هي كتاب خاص
قد يشتمل علي ملامح عامة
ولكنه لايصلح لكي يكون قانونا
عن نفسي اميل دوما لتجنب التعميم
الحياة صفحة نهر متجدد
يخيل الينا دوما انه نفس النهر
ولكن الحقيقة انه متجدد في كل ثانية ولحظة وبالنسبة لجميع الناس وللواحد منهم في كل مرة يرتاده
حتي نحن نتغير في كل صباح
دون ان ندري
شكرا علي افتاتنك بالفضفضة ومشاركتك في جعلها عشا للعصافير
وعذرا علي الرد المتأخر علي المداخلة
ريمون
11-05-2013, 07:10 AM
الفضفضة عندما تنبع من الداخل يكون من الصعب ان تضع امامها المحاذير ..
حتي عندما تكون الكتابة رمزية فانها تكشف عن كل التفاصيل ..
من يستطيع الفضفضة بمعناها المثمر لابد ان يكون من ذاك النوع الذي يعي تماما ماذا يفعل في حياته ..
الذي يعلم جيدا ان كل ما يخرج منه يكون بقناعة تامة ..
هو ذاك الذي يستطيع ان يواجهه الجميع بما يفعله دون ان يحس بالخجل ..
باختصار هو انسان صادق مع نفسه .. ومع قناعاته ..
فطوبي لمن يستطيع .. الفضفضة ..
ويبقي اللارادي والمجتمع والتفاصيل الموروثة والتي ملأتنا منذ الصغر تكبل فضفضتنا مهما تسامينا ..
صلاح سر الختم علي
11-05-2013, 09:39 AM
شكرا ريمون علي المداخلة
وفعلا الفضفضة فعل واع لكن دوما هناك رقيب داخلي موجود
مهما كانت الفضفضة نابعة من القلب فثمة اشياء تبقي عصية علي كل المفاتيح
لكن ومهما يكن تبقي الكتابة دوما فعلا نبيلا جميلا
وبحثا دائما عن الجمال الكامن في الكون وفي النفس البشرية
وتبقي الكتابة دوما فعل ايجابي
وبوح مثمر مهما بدا غير ذلك
اقتبس هنا بعضا مما كتبت سابقا بعنوان (ثرثرة) في اكتوبر 2010
وفيه تجسيد لمفهومي للفضفضة
ثرثرة
كنت أحلم وأنثر الاحلام يمنة ويسرة في كرم غبي
ربما لأنني لم أكن ادري أنني أنثر الاحزان والاوجاع المقبلة
كنت صغيرا ولم يكن بمقدوري ان ادرك ان أقصر طريق للحزن هو الحلم
وأن الحالمون هم الاغبياء الذين يكتفون بالحلم ويقفون عند الشط ظامئيين
متشققي الشفاه....
تذكرت بلا مناسبة تلك التي دفعتني بعيدا عنها بكل الاشمئزاز والسأم الذي في الدنيا
لكي تتخلص من رقتي وبحثي عن حنان في جحر أفاع ولا زلت اذكر صوتها الآمر وخيبتي!!
كنت صبيا وغبيا حينها
وكانت هي مركب احزان مثقوب
واكثر ما تكره في الدنيا
هو ما يذكرها بالبراءة السليبة.....
محطات كثيرة في الحياة
مشاوير عديدة
وجوه سقطت من الذاكرة الي السكون
ووجوه تأتي كل ليلة من العدم وتقض مضاجعي
أحزان جفت
وأحزان لاتزال ندية
وأخر قادمات
أفراح نتذكرها بأسي
وأخري لانذكرها أبدا
وثالثة نحاول محوها من الذاكرة عبثا
وتضئ من جديد
في كل ليلة
الطفولة:
كهفنا السري السحري الجميل
موقد الشتاء
كاسحة الالغام والاحزان
ابتسامات الرضا
وذكريات الصبا الباكر
ولكنها لاتخلو من المنغصات
بعض الشروخ الصغيرة التي ترقد هناك
في ركن ما
في وجه ما
نكره صاحبه بكل ما تملك قلوب اطفال جرحي من قوة
كلمة ما
جرحتنا من الوريد الي الوريد
وظلت كالسوس تنخر في الدواخل
وتأخذ من خضرتنا خضرة
ولاتترك سوي جريد شاحب
وجذوع خاوية
الي اولئك الذين تطفلوا علي براءتنا
وآذونا في زمان لم نقو فيه علي الرد
نقولها:
مهما تباعد بيننا وبينكم السنون
سيبقي ثأرنا حيا في القلوب وفي العيون
وتبقي نارنا حية لاتموت!!!
وتبقي براءتنا السليبة
كابوسكم الذي لايموت!!
حاشية : عندما كتبت هذه الثرثرة شعرت انني امتلكت مقدرة الرسم ورسمت لوحة من خيالي وحياتي فاحببتها وصدقتها وشعرت بها تشبهني
انا يا اصدقائي باحث بصدق شديد عن نفسي في هذا العالم حين اكتب
وباحث عن التواصل مع الاخرين من اعرف ومن لا أعرف
هذا البحث عن التواصل مع الناس هو وقود كتابتي والمحرض الأول عليها
bit madani
11-05-2013, 11:38 AM
أعيد توقيعي هنا ...
[عُدْ طفلاً ثانية / عَلِّمني الشعر / وعلِّمني إيقاع البحر /
وخُذْ بيدي / كي نعبر هذا البرزخ ما بين الليل وبين الفجر معاً /
ومعاً نتعلَّم أُولى الكلمات / وأَرجعْ للكلمات براءتها الأولى / لِدْني من حبة قمح، لا من جرح، لِدْني / وأَعدني، لأضمَّك فوق العشب، إلى ما قبل المعنى / هل تسمعني: قبل المعنى / عُدْ طفلاً لأرى وجهي في مرآتك / هل أنت أنا / وأنا أنت؟ /... درويش ...
لأني مللت ان يتقمص غيري نفسي و خطي و كتابتي لئلا تصير متداولة لكل من يهم بفرض أشياه ... أنا لا أتفق معك ...
و لأني لا أرضى ان ازاحم خصوصيتك حين أدلف الفضفضة و لا أرضى ان اترك رقبائك على بوابة الدهشة ...
و ليكن نبلك جسر لمحبة راسخة ...
صلاح سر الختم علي
19-05-2013, 10:45 PM
الأسطرة في السودان من أين تأتي؟
من أين يأتون بهذه الرغبة في صنع أسطورة من كل راحل عن الفانية حينا ومن كل شخصية يعجبون بها ومن كل مكان يحبونه؟
لاحظت كثيرا ان لدي المثقفين السودانيين عموما ميل الي خلق أسطورة غير قابلة للتكرار
ولع شديد بنسج قصص خارقة عن شخص عادي والصعود به الي مراتب الأولياء والصالحين وربما الآلهة والعياذ بالله
يموت فنان تكون سيرته في حياته سيرة صعلوك يتحاشاه حتي أهله فيخرج من داخل صيوان العزاء من يحكي قصصا تسيل لها الدموع حول كراماته وكرمه
ومن كان يعولهم ومن كان يحسن اليهم ومن جاؤوا يبكوه بدمع سخين ثم كشفوا سر بره الخفي بهم
ثم تتناسل الحكايات
حكاية تلد أخري
وبين السطور يبرز المداحين والمادحين الذين يصورون في البدء علاقتهم القريبة بالراحل
ومن ثم يعددون مآثره الكثيرة التي لم يسمع بها أحد في حياته ويتبعون ذلك بملامح حزن وقورة
ويتكرر المشهد مع كل رحيل لنجم من نجوم المجتمع حتي ان العبارات المحفوظة لبعضهم تجعلك تشك ان الأمر اعادة لحلقة سابقة
وتتمدد عبارات مشروخة مثل الراحل المقيم التي تروي طرفة حقيقية ان احدي المذيعات الحافظات لعباراتهن كالببغاوات قالتها في حق فنان يمشي بين الاحياء دون ان يهتز لها جفن
وتكثر المذيعات الرافلات في الأسود الذي لاينسيهن وضع الرموش الصناعية والبودرة واحمر الشفاه والعدسات، يكثرن من ذكر اسم الراحل مجردا كأنه شقيق لهن أو زوج أو قريب ويبدعن في انتزاع القصص المؤثرة من شفاه ضيوف جائعين الي الكاميرات أكثر من حزنهم المفترض علي من يطنبون في مدحه تزكية لانفسهم واستظلالا بآخر فلاشات ترتبط باسمه....
اما اذا كان الحديث عن مكان ما
فحتشد كل العبارات التي تجعل من المكان جنة لاشبيها ومن أهله أناسا لايوجد من يشبههم في شئ فهم يفعلون الخوارق هم من يواصلون الارحام ككل أهل السودان وهم مترابطون كأسرة واحدة ككل الاحياء في السودان والمكان له تاريخ خاص ككل مكان في السودان والمكان خرج منه مبدعون وفنانون ولاعبو كرة مشهورين ككل الأمكنة في السودان، وتستضيف المذيعة شخصا يدعي حفظ تاريخ المكان وتتجول معه وهو يروي حكايات متكررة عن المكان واشخاصه والتحولات التي حدثت فيه...والمذيعة لاتنفك تتحدث عن سحر لم نلمسه وتفرد لم نراه ورائحة خاصة لم نشمها وعظمة لم نسمع بها قبل البرنامج ولن نسمع عنها بعده..... اما اذا كان الحديث عن شاعر او سياسي او اديب فسنسمع عجبا عن ادبه وعن شعره الذي لم يسمع به احد وعن دوواينه التي لم ترها مكتبة ولادرسها طلاب علم وعن تاريخه السياسي الحافل في بلد لم ينجح فيها نظام سياسي واحد في تحقيق بعض احلام اهلها،
اذا كانت هذه البلد مصنعا للاساطير والعظماء فقط وهم موجودون بالمناسبة فمن اين أتت خيباتنا المتكررة في كل شئ ومن المسؤول عن انهيار كامل منظومتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية حد احياء القبلية وتقسيم السودان الي دويلات متحاربة وحد الفقر المدقع وانتشار الجريمةوالرذيلة والفساد السياسي والاخلاقي؟ من اين أتي الاقزام لو كنا كلنا عمالقة وملائكة ومن أين اتي الشياطين؟
الاسطرة آفة سودانية مستقاة من الفكر الصوفي الميال الي المدح وانبات الاجنحة بواسطة المريدين لشيوخهم وامكنتهم وسيرتهم
ريمون
19-05-2013, 10:56 PM
سلام استاذ صلاح ..
اشتقنا الي فضفضتك التي تستفز خبايانا فنفضفض بلا قيود ..
لا تغيب ..
صلاح سر الختم علي
19-05-2013, 11:12 PM
سلام استاذ صلاح ..
اشتقنا الي فضفضتك التي تستفز خبايانا فنفضفض بلا قيود ..
لا تغيب ..
شكرا ريمون
احيانا يدركنا بعض مايغشي الجميع من احباط أو ملل
وتصيبنا هاء السكت فنسكت الي حين
ولكن دودة الكتابة والبوح تكون دوما اقوي شكيمة من هاء السكت
فننطق من جديد
وكذا الحياة
موجة إثر موجة
وسكون يعقبه ضجيج وضجيج يسكته سكون
bit madani
22-05-2013, 02:52 AM
يكتب مولانا ...
يحدث كثيرا ان يجد الرجل نفسه كزورق صغير تدفعه الامواج بقوة نحو جزيرته الخضراء
ويحدث كثيرا ان تجد المرأة نفسه يدفعها الفضول نحو مغارة تبدو مظلمة ولكن احساسها يقول لها ان داخلها ضوء العالم كله....
ويحدث كثيرا أن نجد أنفسنا جائعين الي الحنان جوعا لاحدود له وندرك بشكل ما ان هذه الأنثي دون غيرها هي نهر حنان لايجف
فنقطع حبال زوارقنا ونشعل النار فيها ونقفز نحو بحرها
غير عابئين بشئ............
لهذا وحده أدرك انك مختلف و سامق ...
ظننت أننا نلتقي في هذا الفهم العصي على غير القلوب الصادقة ...
هل لك يا مولاي صلاح لتوضح لي ... ما لا أفهمه بضلاعتك القانونية أنا تلك التي تحتاج خبرتك على التحليل و المسرح ...
أأحيانا يا سيدي يكون نفي النفي ...لبعض من كسب يسير هو في ذاته إثبات ؟؟؟ ...
أحيانا أسأل نفسي هل الحب و الصدق هما خطان متلازمان و موازيان للجبن و التملق ... و أريد منك إجابة ...
قد يتقمص غيرك لون خطك ... شكل كتابتك ... يزاحمك في سلام روحك و من يطربك ... و يمضي بكل ما أخذ منك ... لا يبالي ...
أحتاج بعض من حياءك مولانا ... لأستر عورة من دفنت من الرجال ...
والكتابة مصباح ينير لنا الجوانب المظلمة
ويجعلنا نري ما هو كامن في الزوايا بعيدا عن النظر
الكتابة سحر وساحر لابد لهما من مسحور ومفتون...
أعترف بأني لأجل هذا فتنت بالفضفضة ... هنا... تلك هي البقعة الوحيدة التي أعادتني فقط لأقرئك و أقرأ هذا العالم النقي الذي يحيط بك ...
تنادينا لهذا المكان مولانا ... و على وعدك ... الصوفية دائما ما تكون بوابة لكثير من الحوار الغني و الجدير بلإكتشاف ...
و لكن ما عادت الفضفضة تحتفظ بذات جوها النقي حول مفرداتك... أراد لها البعض ان تقحم في دوامات تخصهم و
أخاف ان اكتب فيها نفسي لئلا يكون هناك الكثير من التكرار الذي أخاف ان يرقى لإبتذال الحرف فأن لا أحب ان يكررني الحدث ...
دوما ما أرتكز على أرضية صلبة ... لا أعرف الغوص في تفاصيل مبهمة تصلح لكل من يرغب في الدخول و لو لحين ... و لا أجيد ترك الأبواب نصف مفتوحة لتكون دعوة للولوج كيفما أتفق ...
دائما ما تكون أقدارنا رسمت حسب ما نستحق و لو لم ندرك ذلك ... و نرضى و يرضى الله علينا ...
للحوار ها هنا حرمة أود ان اكمل تمام صونها ... لأنها مذيلة بتوقيعك و مشمعة ببصمتك ... أود أ تنقى مدني و كل ما يتعلق بها من أنصاف النساء و بعض الرجال ليبقى للقامات مكان بيننا ...
و لكن حين يحاول الأقزام التطاول فحينها ستخلو الساحات من معمريها ...
فلتعد للفضفضة برائتها و خفة روحها الخالية من كل ما يشوبها كما يقول العزيز عصام ... لتستعيد نضارها ... منها و فيها ... أعدنا لحكايات الصبا
اليانعة ببعض من جمال نفسك الأبية ...
و مزيد من الإيجابية فيما يخص الصوفية ... فنحن لا نجيد ولوج المنافذ التي تؤدي للإحتمالات ... تمام الثقة انك تعرفني و ما أقصد ... و تمامها إنا نعرفك و لكن نستمتع
بقراءة حرفك الذي لا يتكرر ... و للحديث شجون ... سأعود للصوفية إن دامت براءة ساحتك ...
bit madani
22-05-2013, 03:00 AM
أنت تلهم جمال الحديث و تثير شجون خلناها إنطفأت فأوقدت جذوة نيرانها فإذا بها تلتهم ما تبقى من جلد القلب ...
و لا زلت ...
صلاح سر الختم علي
22-05-2013, 03:34 AM
لم اجد اختي بت مدني افصح من أمل دنقل في التعليق علي مداخلتك
يقول أمل في قصيدة رائعة له أسمها الورقة الأخيرة(الجنوبي) يتحدث فيها عن طفولة لاتستعاد:
هل أنا كنت طفلاً
أم أن الذي كان طفلاً سواي
هذه الصورة العائلية
كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي
رفسة من فرس
تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
أتذكر
سال دمي
أتذكر
مات أبي نازفاً
أتذكر
هذا الطريق إلى قبره
أتذكر
أختي الصغيرة ذات الربيعين
لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها
المنطمس
أو كان الصبي الصغير أنا ؟
أن ترى كان غيري ؟
أحدق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
و العيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي
صرتُ عني غريباً
ولم يتبق من السنوات الغربية
الا صدى اسمي
وأسماء من أتذكرهم -فجأة-
بين أعمدة النعي
أولئك الغامضون : رفاق صباي
يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح
لكي نأتنس.
bit madani
23-05-2013, 04:31 AM
لم اجد اختي بت مدني افصح من أمل دنقل في التعليق علي مداخلتك
يقول أمل في قصيدة رائعة له أسمها الورقة الأخيرة(الجنوبي) يتحدث فيها عن طفولة لاتستعاد:
هل أنا كنت طفلاً
أم أن الذي كان طفلاً سواي
هذه الصورة العائلية
كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي
رفسة من فرس
تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
أتذكر
سال دمي
أتذكر
مات أبي نازفاً
أتذكر
هذا الطريق إلى قبره
أتذكر
أختي الصغيرة ذات الربيعين
لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها
المنطمس
أو كان الصبي الصغير أنا ؟
أن ترى كان غيري ؟
أحدق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
و العيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي
صرتُ عني غريباً
ولم يتبق من السنوات الغربية
الا صدى اسمي
وأسماء من أتذكرهم -فجأة-
بين أعمدة النعي
أولئك الغامضون : رفاق صباي
يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح
لكي نأتنس.
و من أفصح من الجنوبي ... تحية لك و له ... و لكن فلتخرجنا من هذا الجو الجنائزي هنا فنحن قد بدأنا التفاؤل على يديك ...كسوتنا وهج على وهج و نور على نور ...
الصوفية الحقة يا سيدي تتطابق عندي و الزهد و الروحانية السابحة في تأمل الخالق و العلو ... هناك من ينتقدها و لكن من اجمل ما قرات في بعض نقدهم ... صيد الخاطر ...
لعلنا ندلف إليه في بعض فضفضة صافية ...
و للجنوبي أمل : خمس أغنيات إلى حبيبتي
على جناح طائر
مسافر..
مسافر..
تأتيك خمس أغنيات حب
تأتيك كالمشاعر الضريرة
من غربة المصب
إليك: يا حبيبتي الاميره
الأغنية الأولى
مازلت أنت.....أنت
تأتلقين يا وسام الليل في ابتهال صمت
لكن أنا ،
أنا هنـــــــا:
بلا (( أنا ))
سألت أمس طفلة عن اسم شارع
فأجفلت..........ولم ترد
بلا هدى أسير في شوارع تمتد
وينتهي الطريق إذا بآخـر يطل
تقاطعُ ،
تقاطع
مدينتي طريقها بلا مصير
فأين أنت يا حبيبتي
لكي نسير
معا......،
فلا نعود،
لانصل.
الأغنية الثانية
تشاجرت امرأتان عند باب بيتنا
قولهما علي الجدران صفرة انفعال
لكن لفظا واحدا حيرني مدلوله
قالته إحداهن للأخرى
قالته فارتعشت كابتسامة الأسرى
تري حبيبتي تخونني
أنا الذي ارش الدموع ..نجم شوقنا
ولتغفري حبيبتي
فأنت تعرفين أن زمرة النساء حولنا
قد انهدلت في مزلق اللهيب المزمنة
وانت يا حبيبتي بشر
في قرننا العشرين تعشقين أمسياته الملونة
قد دار حبيبتي بخاطري هذا الكدر
لكني بلا بصر:
أبصرت في حقيبتي تذكارك العريق
يضمنا هناك في بحيرة القمر
عيناك فيهما يصل ألف رب
وجبهة ماسية تفنى في بشرتها سماحة المحب
أحسست أني فوق فوق أن اشك
وأنت فوق كل شك
وإني أثمت حينما قرأت اسم ذلك الطريق
لذا كتبت لك
لتغفري
صلاح سر الختم علي
25-05-2013, 07:20 AM
شكرا بت مدني
امل دنقل
غيمة شعرية لم تأخذ حقها من الضجيج الذي تستحق
وهو بالمناسبة من مصادر لغة صلاج سر الختم فقد قرأته باكرا واخذت من قاموسه الكثير من مفردات اللغة وحيل التعبير
صلاح سر الختم علي
31-05-2013, 10:41 PM
من يفترس الحمل الجائع غير الذئب الشبعان؟
هكذا يتساءل الشاعر الراحل امل دنقل
راسماً صورة دقيقة لما يجري في الحياة
فالأقوياء يقتاتون من مص دماء الضعفاء
ولايشبعون أبدا
الأقوياء هم الذين اخترعوا لعبة الحرب الدامية ليموت فيها الفقراء من الطرفين ويثري فيها الأثرياء من الطرفين ولايخوضوا غمارها الا بالالفاظ الكبيرة وحشد المقاتلين والسلاح الذي يحصد أرواحهم ويقبضون العمولات من تجار السلاح في كل صفقة
ويزينون اكتافهم بالأوسمة عن حرب لم يخوضوها وان اشعلوها واطالوا امدها
ألايبدو لكم هذا الوصف القديم معاصراً؟
ألا يتحول لديكم الي اسماء محددة تجسد الحمل الجائع والذئاب الشبعانة؟
صلاح سر الختم علي
31-05-2013, 10:56 PM
في قصيدة أمل دنقل دوما هناك تناص مع النص القرآني ويرجع ذلك الي حفظه المبكر ودراسته للقرآن الكريم
في قصيدته الشهيرة سرحان لايتسلم مفاتيح القدس يقوم الشاعر باستعارة قصة سيدنا يوسف عليه السلام واخوته
ليلقي بها ضوءا علي الحاضر العربي الذي تكررت فيه القصة باكثر من وجه فيقول
(الإصحاح الأول)
عائدون؛
وأصغر إخوتهم (ذو العيون الحزينة)
يتقلب في الجب،!
أجمل إخوتهم.. لا يعود!
وعجوز هي القدس (يشتعل الرأس شيبا)
تشم القميص. فتبيض أعينها بالبكاء ،
ولا تخلع الثوب حتى يجئ لها نبأ عن فتاها البعيد
أرض كنعان - إن لم تكن أنت فيها - مراع من الشوك!
يورثها الله من شاء من أمم،
فالذي يحرس الأرض ليس الصيارف،
إن الذي يحرس الأرض رب الجنود!
آه من في غد سوف يرفع هامته؟
غير من طأطأوا حين أزَّ الرصاص؟!
ومن سوف يخطب - في ساحة الشهداء -
سوى الجبناء؟
ومن سوف يغوى الأرامل؟
إلا الذي
سيؤول إليه خراج المدينة!!؟
وفي قصيدة اخري هي مقابلة خاصة مع ابن نوح يوظف أمل قصة طوفان نوح الواردة بالقرآن الكريم توظيفا شعريا مختلفا
يتوقف فيه عند جانب الوفاء للوطن عند الناس في لحظات الشدائد فتبدو قصيدته محاولة جرئية للدعوة الي الصمود في وجه الطوفان الحالي ضد الاوطان وهو طوفان الهزيمة والاحلام الفردية في مواجهة الصمود والدفاع عن القيم الموروثة
جاء طوفانُ نوحْ!
المدينةُ تغْرقُ شيئاً.. فشيئاً
تفرُّ العصافيرُ,
والماءُ يعلو.
على دَرَجاتِ البيوتِ
- الحوانيتِ -
- مَبْنى البريدِ -
- البنوكِ -
- التماثيلِ (أجدادِنا الخالدين) -
- المعابدِ -
- أجْوِلةِ القَمْح -
- مستشفياتِ الولادةِ -
- بوابةِ السِّجنِ -
- دارِ الولايةِ -
أروقةِ الثّكناتِ الحَصينهْ.
العصافيرُ تجلو..
رويداً..
رويدا..
ويطفو الإوز على الماء,
يطفو الأثاثُ..
ولُعبةُ طفل..
وشَهقةُ أمٍ حَزينه
الصَّبايا يُلوّحن فوقَ السُطوحْ!
جاءَ طوفانُ نوحْ.
هاهمُ "الحكماءُ" يفرّونَ نحوَ السَّفينهْ
المغنونَ- سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ
(.. ومملوكُهُ!) -
حاملُ السيفُ - راقصةُ المعبدِ
(ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)
- جباةُ الضرائبِ - مستوردو شَحناتِ السّلاحِ -
عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!
جاءَ طوفان نوحْ.
ها همُ الجُبناءُ يفرّون نحو السَّفينهْ.
بينما كُنتُ..
كانَ شبابُ المدينةْ
يلجمونَ جوادَ المياه الجَمُوحْ
ينقلونَ المِياهَ على الكَتفين.
ويستبقونَ الزمنْ
يبتنونَ سُدود الحجارةِ
عَلَّهم يُنقذونَ مِهادَ الصِّبا والحضاره
علَّهم يُنقذونَ.. الوطنْ!
.. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ
السَّكينهْ:
"انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"
قلتُ:
طوبى لمن طعِموا خُبزه..
في الزمانِ الحسنْ
وأداروا له الظَّهرَ
يوم المِحَن!
ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا
(وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)
نتحدى الدَّمارَ..
ونأوي الى جبلٍِ لا يموت
(يسمونَه الشَّعب!)
نأبي الفرارَ..
ونأبي النُزوحْ!
كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ
كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ
يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينه
وردةً من عَطنْ
هادئاً..
بعد أن قالَ "لا" للسفينهْ
.. وأحب الوطن!
صلاح سر الختم علي
31-05-2013, 11:29 PM
كعادته يتوقف أمل دنقل عند لحظة فاصلة في حياة شخص أو مجموعة من الناس ثم يتأمل عميقا في مواقف الناس المختلفة وردود افعالهم المختلفة في اللحظة الواحدة ليعبر عبر الموقف قنطرة التاريخ الي الواقع المعاصر معززا موقفا يؤمن به أو معليا قيمة يؤمن بها وحاطا من قدر موقف لايقره
ولكنه في قصيدة مقابلة خاصة مع ابن نوح نسي شئيا مهما وهو ان الطوفان كان رمز الثورة علي القيم السلبية والتغيير القادم وكانت السفينة بشارة الخلاص للبشرية الغارقة في الموبقات وكان المتخلفون عن السفينة هم من جاء التغيير ضدهم وضد قيمهم السلبية
وليس العكس .....شخصيا بدا لي التعاطف مع ابن نوح غريبا في هذا السياق
لكن أمل لديه رؤية خاصة قائمة علي تمجيد التمرد علي السلطة وعلي العقل الجمعي
ومن هذه الرؤية كانت زاوية تناوله لموضوع الطوفان فجسد الطوفان بانه محنة واجهها وطن فتمايزت الصفوف اثناء المحنة بين هارب لينجو بنفسه وصامد ليزود عن الوطن وهنا يعقد امل دنقل مقابلة بين طوفانين طوفان نوح الوارد في القرآن وهو خير وتغيير للباحثين عن التغيير والثورة علي الفساد
وبين الطوفان الذي نعيشه في العصر الراهن وهو طوفان معاكس طوفان القيم السلبية والهزيمة وانكسار الاوطان امام جحافل الاجنبي التي يتقدمها بني جلدتنا
مبشرين بان سفينة النجاة هي الالتحاق بالمصالح والجيوش الاجنبية
في هذا التوصيف الاخير تكون السفينة زائفة والطوفان شر وامتحان يتطلب الصمود لا الهروب نحو السفينة الزائفة
صلاح سر الختم علي
08-06-2013, 08:44 AM
اشتقت اليك يامدني شوقا ماطرا مثل خريفك الذي يغسلك بالمطر والدموع في كل عام من ذنوب العام الذي مضي، خريفك هو هبة الطبيعة اليك كي تعوضك شظف عيشك وقسوة الحكام الذين اكلوا في موائدك العامرة عمرهم كله ولم يهتموا بوضع نظام يجعلك في آمان من بقايا طعامهم، وجدوك خضراء متوردة الخدود عافية ودرسوا فيك في مدارس نظيفة ما استطاعت الي ذلك سبيلا يؤمها اساتذة مؤ هلون ومخلصون زرعوا صحاريهم بالمعارف والبذور الخصبة وامطروها من انهار معارفهم ما جعلها تتفجر ينابيعا وخضرة ومعارفا ثرة، لكن الاولاد خانوك، هدموا الفصول التي تعلموا فيها وجعلوها خرابا، اسلموا معلميهم الي الجنون والمرارات والاحساس الدائم بالعقوق، باعوا الكراكات التي شقت الترع وانهار علي يديهم المشروع الذي بناه مستعمر اكثر رحمة منهم باهلهم، يبس المشروع الحلم، لم تعد الجزيرة ارضا مروية،سكنت العصافير، احتضرت كل تفاتيش المشروع وشحب وجه مدني زهرة المدائن مع شحوب مشروع الجزيرة.......................
ما بال شوقي بات حسرة
ما بال مدني غابت
وحضرت المرثية
يا مدني
كم اشتاقك
bit madani
08-06-2013, 11:15 AM
اشتقت اليك يامدني شوقا ماطرا مثل خريفك الذي يغسلك بالمطر والدموع في كل عام من ذنوب العام الذي مضي، خريفك هو هبة الطبيعة اليك كي تعوضك شظف عيشك وقسوة الحكام الذين اكلوا في موائدك العامرة عمرهم كله ولم يهتموا بوضع نظام يجعلك في آمان من بقايا طعامهم، وجدوك خضراء متوردة الخدود عافية ودرسوا فيك في مدارس نظيفة ما استطاعت الي ذلك سبيلا يؤمها اساتذة مؤ هلون ومخلصون زرعوا صحاريهم بالمعارف والبذور الخصبة وامطروها من انهار معارفهم ما جعلها تتفجر ينابيعا وخضرة ومعارفا ثرة، لكن الاولاد خانوك، هدموا الفصول التي تعلموا فيها وجعلوها خرابا، اسلموا معلميهم الي الجنون والمرارات والاحساس الدائم بالعقوق، باعوا الكراكات التي شقت الترع وانهار علي يديهم المشروع الذي بناه مستعمر اكثر رحمة منهم باهلهم، يبس المشروع الحلم، لم تعد الجزيرة ارضا مروية،سكنت العصافير، احتضرت كل تفاتيش المشروع وشحب وجه مدني زهرة المدائن مع شحوب مشروع الجزيرة.......................
ما بال شوقي بات حسرة
ما بال مدني غابت
وحضرت المرثية
يا مدني
كم اشتاقك
و أنا اشتقت إليها تلك المدينة المدينة التي لا ينافسها في قلبي غير اربع بقاع ... الحرمين و موقع قدما حبيبي و لعله هناك ... و اشتقت لكتابتك الطفولية عنها ... بطابعك النبيل يا صديقي ... زدنا من دفاترك اشركنا اسرارك معها ...
صلاح سر الختم علي
08-06-2013, 07:10 PM
شكرا اختي بت مدني
مدني مدينة الجمال
والمحبة الصافية
والوداد الدائم
والطفولة والصبا
ساكتب عنها
فانتظروني هنا
bit madani
09-06-2013, 03:26 AM
شكرا اختي بت مدني
مدني مدينة الجمال
والمحبة الصافية
والوداد الدائم
والطفولة والصبا
ساكتب عنها
فانتظروني هنا
يلا ... فلتحضر ... ذكرياتك ...
ود سعدابى
09-06-2013, 10:26 AM
بعض المدن مثل القهوة سوداء ومرة وساكنة من الخارج ولكنها جميلة نبيلة ومنعشة وصديقة من الداخل.....
وبعضكم من بعض القهوة .. شفيفين.. نقيين.. حالمين تنشدون الحب تزفون الفرح لكى نستنشقة فى زمن اصبح الفرح من ضمن الغول والعنقاء والخل الوفى
بعضك من ريد .. وكلك من جمال .. ونحنو جلوس أمامك نتلقى
تسلم عزيزى سر الختم
عميق الود .. كلاليق الفرح
صلاح سر الختم علي
10-06-2013, 10:49 AM
وبعضكم من بعض القهوة .. شفيفين.. نقيين.. حالمين تنشدون الحب تزفون الفرح لكى نستنشقة فى زمن اصبح الفرح من ضمن الغول والعنقاء والخل الوفى
بعضك من ريد .. وكلك من جمال .. ونحنو جلوس أمامك نتلقى
تسلم عزيزى سر الختم
عميق الود .. كلاليق الفرح
الحبيب ود سعدابي
هو حليب ودمدني يجمل كل من يحظي برشفة منه ويحلق به في الثريا بين النجوم وجوار القمر
هو جمال ودمدني
جمل كل مافيها ومن فيها
تابعني ياصديقي
فالفضفضة تحلو وسط أقمار المدينة ونجومها
bit madani
12-06-2013, 05:54 AM
وبعضكم من بعض القهوة .. شفيفين.. نقيين.. حالمين تنشدون الحب تزفون الفرح لكى نستنشقة فى زمن اصبح الفرح من ضمن الغول والعنقاء والخل الوفى
بعضك من ريد .. وكلك من جمال .. ونحنو جلوس أمامك نتلقى
تسلم عزيزى سر الختم
عميق الود .. كلاليق الفرح
أعود هنا لهذا الشارع الفاتح على القلب و المؤدي لمدينتي التي فقط تختزنها ذاكرة كذاكرتك الجمالية أستاذي و مولاي صلاح سر الختم...
فقد تعبنا من كنس شوارع كثيرة من بقايا رماد ... قد أنجبته نار تلك المدينة ... لأستنشق القهوة و اتكئ ها هنا و إحساس بلأمان من هول الزمان الذي لا ندري من اين أتى به هؤلاء ال لا أصلاء و لا يشبهونها تلك المدينة ...
صلاح سر الختم علي
12-06-2013, 10:55 AM
اعود يا اصدقاء الحرف وعشاق مدينتنا الي الذاكرة المسكونة بودمدني
درست في مدرسة الجنوبية الابتدائية بحي الدرجة بمدني قبالة مدرسة السني الثانوية التي كانت تسمي في ذلك الزمن النيل الازرق الثانوية وكان يدرس بها اخي الدكتور محمد سرالختم وقتها، كنت صغيرا في الصف الثالث الابتدائي حين انتقلت من مدرسة بانت غرب الابتدائية التي درست فيها الصفين الأول والثاني ثم انتقلت الأسرة الي حي 114 وكان لابد من نقلي الي مدرسة اقرب من بانت غرب التي كانت الأقرب حين كنا نسكن حي البيان، كان ذلك الانتقال انتقالا مبهرا ، فالبئية في مدني جنوب ( احياء الدرجة المزاد والحلة الجديدة و114وشندي فوق والسكة حديد) كانت شيئا مختلفا عن حي البيان وبانت والعشير، ففي هذا الجزء الجنوبي من مدني كانت الخضرة تكسو الشوارع بشكل واضح، كانت الحواشات القريبة التابعة لمشروع الجزيرة وتلك الترعة التي تشق حي 114 وتفصله عن الدرجة تضيف بعدا مختلفا للمنطقة، مدرسة النيل الأزرق كانت عالما ساحرا وجميلا ومشتهي، كانت فناء واسعا به مجموعة كبيرة من الفصول وبها داخلية مكتظة بالطلاب، وبها ميادين باسكت بول وكرة طائرة مميزة،اتذكر اننا كنا عندما نأتي صباحا الي المدرسة نتلفت صوب ميدان الطائرة الخاص بمدرسة النيل الازرق،، نري الشبكة منصوبة وفريقان من طلبتها واقفان كل فريق يرتدي زيا مميزا، وثمة استاذ مصري الجنسية يرتدي فنيلة خضراء ممسكا بالصفارة، تبدأ المباراة صاخبة ساحنة وبقية الطلاب حول الملعب يشجعون ونحن ننظر من بعيد في شوق الي يوم نبلغ فيه هذه المدرسة، يرن الجرس في مدرستنا فنركض نحو الباب الصغير خوفا من العقاب ان تأخرنا عن الطابور، ويتكرر المشهد ذاته كثيرا، اظن ان ثمة حكمة كامنة خلف تجاور مدرستين مثل مدرستنا الصغيرة ومدرسة اخوتنا الكبار الثانوية العليا التي تفصل بيننا وبينه مرحلة الثانوي العام، فقد كانت المدرسة الثانوية بميزاتها غير الموجودة في مدرستنا تمثل طموحا مشروعا لنا وتشكل حلما يجعلنا نطوي الفصول طيا لبلوغه، اتذكر ان ناظر مدرستنا الاستاذ محمد يوسف كان رجلا صارما ومهابا، اتذكر حتي العجلة التي كان يستقلها في قدومه وذهابه، اتذكر انني قابلته بعد سنوات عديدة في السوق الجديد بمدني جوار البوستة، كان لايزال علي عجلته تلك وكنت قد بت محاميا يرتدي بذلة كاملة في عز الصيف، توقفت وصافحته وقلت له انني تلميذه فضحك وقال لي يا بني انا لا انسي تلاميذي ابدا، اتذكرك وكل زملائك واحدا واحدا، وانا فخور بكم دائما ويكفيني ان يوقفني في كل دقيقة واحد منكم ويسلم علي بصفتي المحببة التي لايسلبها مني معاش الحكومة( يا استاذ)، كان متأثرا جدا، وكنت سعيدا جدا بلقائه، تذكرت قصة سراج الجعلي ذلك النحيف المشاكس الذي كان نجم الفصل في الهرجلة ونجم الطابور في الصمود امام الجلد العلني المتكرر، كان لايصرخ ولا يئن ابدا، يرفعه اربعة من (ناس ورا) الذين يتميزوا بالطول والقوة وبروز معالم البلوغ عليهم، ينهال السوط علي صلبه وهو يضغط علي اسنانه وحين يطلقوه يقفز نشيطا ويقف في الطابور كأن شيئا لم يكن، حتي كان يوم، كان المسؤول عن الطابور في ذلك اليوم استاذنا مهدي عابدين لاعب اتحاد مدني الفلتة في ذلك الزمان، لاحظ استاذ مهدي في صمود سراج شيئا غير عادي، فانبري وفتشه فاخرج (لستكا جوانيا) كاملا كان محشوا بين الرداء والجسد النحيل، حين رفعوا سراج مجردا من حصانته الخفية صرخ باعلي صوته من السوط الأول وبكي في الثاني وانفلت هاربا من المدرسة في الثالث وضحك الطابور كله.....
صلاح سر الختم علي
24-06-2013, 03:35 AM
من الاشياء الموجعة في ذكريات الطفولة في مدرسة الجنوبية الابتدائية تلك الجريمة التي ارتكبها أحد المعلمين بحقنا، كانت مدرستنا تجمع بيننا نحن ابناء العمال الفقراء محدودي الدخل وبين أولاد كبار الموظفين والتجار في المدينة، فقد كان حي الدرجة الذي تقع به المدرسة هو حي الطبقتين الوسطي والثرية وكان سكانه يجمعون بين خليط من كل الطبقات وصفوة من الأثرياء وكبار الموظفين في المدينة، كانت ظاهرة التعليم الخاص والمدارس الخاصة لم تعرف طريقا بعد للمجتمع السوداني في ذلك الزمن منتصف السبعينات، كانت المدارس كلها حكومية وشعارات مثل الزامية التعليم ومجانيته هي المحببة لدي حكومة النميري ذات الشعارات الاشتراكية، كانت الدروس الخصوصية تشق طريقا خجولا في ذلك الوقت، وكان من نصيبنا ان ندفع ثمن ماقبضه معلمنا ذلك الذي يسمي يونس وكان استاذا للحساب قبل ان يصير اسمه رياضيات، اختار ثلاثة من كبار تجار المدينة الاستاذ المذكور ليقدم دروسا خاصة لاولادهم الثلاثة في الحساب، فانعكست تلك الحصص الخصوصية علينا نحن الذين لم نكن نحتاجها ولانملك ثمنها لو احتجناها ، كان انعكاسها علينا ان معلمنا المحترم بات يميز بين طلابه الخصوصيين دافعي الأجر الخاص من اولاد المصارين البيضاء وبين تلاميذه الفقراء الذين تدفع له الحكومة نيابة عنهم راتبه المحدد، كنانرفع ايدينا ونصرخ بحماسة ( فندي ...فندي....فندي) لكي نجيب علي سؤال في الحصة فيتجاهل اصابعنا الصغيرة واصواتنا التي بحت ويطلب من واحد من فرسانه الثلاثة ان ينهض ويجيب واذا اخطأ يعدل اجابته ويطلب التصفيق له، كنا نشعر بالم كبير وحسرة وغضب منه ومنهم، كيف سولت له نفسه وهو معلمنا كلنا ان يمنح بعضنا امتيازا علي البعض لاسباب لاعلاقة لها البتة بالتعليم او الذكاء، وكيف قبلوا هم ان يصبح الفصل واستاذه ملكا لهم وحدهم ونصبح فيه لاقيمة لنا ولاصوت مثل جدرانه؟ ....كان رد فعلنا ان كرهنا الاستاذ فكرهنا حصته وكرهنا الحساب كراهية امتدت الي عمرنا كله وقذفت بنا فيما بعد بعيدا عن المساق العلمي وقذفت بنا في حينه الي ترتيب متأخر في الفصل، اتذكر جيدا انني كنت قد جئت منقولا من مدرسة بانت غرب وترتيبي الأول مشترك بنقصان ثلاث درجات فقط وكانت درجتي في الحساب ممتازة جدا، وحين انهيت عامي الأول بعد صدمة استاذ يونس تلك وترتيبي الحادي عشر ودرجات الحساب هي الأسوأ وهي سبب التدحرج.... كانت تلك جريمة لاتغتفر لازلت اتذكرها بذات الشعور بالظلم وبالغضب برغم السنوات البعيدة التي تقع مابين عام 1974 وعام 2013. الغريب ان الفرسان الثلاثة لم يتجاوزوا في التعليم المرحلة الثانوية، توقف قطارهم فيها وباتوا تجارا مثل ابائهم ، فيما واصل أقرانهم تعليمهم الي أعلي مراتبه، لم تشفع لهم نقود ابائهم ولم تمنع أقرانهم قلة حيلة ابائهم من مواصلة تعليمهم. اما استاذ يونس فنسأل الله ان يسامحه ويفغر له ماتقدم وتأخر من ذنبه، فقد كانت غلطته معنا درسا نافعا لنا تعلمنا منه الكثير وأهم ماتعلمناه هو اجتناب الظلم بكافة اشكاله.
صلاح سر الختم علي
30-06-2013, 10:19 AM
اشهدكم واشهد الله انني احببت مدني بكل جوارحي
احببت طفولتي وصباي وشبابي الباكر فيها
احببت ازقتها وشوارعها الترابية
وخريفها ورعوده وامطاره الكثيرة
احببت مقاهيها ومطاعمها ومكتباتها الكبيرة
ومكتباتها المفترشة الأرض جوار حديقة وقيع الله
احببت السينما الخواجة وصوت القطار متحركا من المحطة او قادما اليها بجوارها
احببت سينما امير وجمهورها يختلط بجمهور دار الرياضة وجمهور مطاعم الفول في السوق الجديد
احببت البيان حيث طفولتي الباكرة والعشير والدباغة وبانت وام سويقو جيران البيان ونجوم المدينة في كل المجالات
احببت الكمبو او 114 حيث انفقت سبعة عشر عاما من عمري هناك وسط اجمل تشكيلة بشرية عرفتها في حياتي
هناك حيث فريق الوحدة والنجمة والمشعل والمجد والسد وحيث نادي العمال العريق
احببت الحلة الجديدة وشبابها الظريف الذي جاورناه وتنافسنا معه ومع شباب المزاد في الرابطة الجنوبية للناشئين تنافسا شريفا
تعرفنا من خلاله باصدقاء كرام باتو نجوم الكرة بودمدني
احببت حي الدرجةالذي كان اغلب رفاق دراستنا واصدقائنا منه حيث جمعتنا المدارس والاهتمامات المشتركة والصداقات الممتدة عبر السنين
احببت الاهلي والاتحاد والنيل والدفاع والنهضة والجزيرة والزهرة والموردة والتضامن والنجوم والشعلة والشاطئ والاصلاح والثوار فريقي والمريخ وعلم الوطن والرابطة والمدينة
احببت نادي الجزيرة ونادي الخريجين
واحببت مسرح الجزيرة والبرتش كانسل
وحسن جادالله وسمكه الرهيب
وابوظريفة وفوله الظريف
وسوق بانت
وميدان المولد
وخيم الطرق الصوفية والدراويش والمراجيح وحصين السواري وحصين المولد
وقبة ودكنان
وقبة ودمدني السني وبصات الضهاري
و سوق الفسيخ
وسوق الدجاج والبيض
وزحمة المواصلات وسوق المزاد
وام بارونا
وام سنط وجناينها
ونادي الجزيرة وحفلاته الحصرية
احببت مدني بشيوخها
ولصوصها
وفتواتها
ومجانينها
وعباقرتها
وظرفائها
زراع وقوارة
وعبد الرحمن تاشي
حيدر قطامة
احمد شبك
سنطة
الفاتح رنقو
التاج الشيخ
مجد الدين سنهوري
الحاج الامين
مهدي عابدين
حموري
والاسيد
واستاذ النيل
وود صقر
وحسن كمونية
عليوة و مبارك الفاضل
وجلال عبد الله
اوبالي والبطل
عبد الفضيل والوالي
حسن خميس وحاكم
اسمر وكسلا
الرشيد ادم
مبارك سيسو وهجو وزنقو وسقد والنقر وعادل عبد الحفيظ وطارق مسلاتي
........................
صلاح سر الختم علي
08-07-2013, 08:28 PM
طيفها
(توثيق لحالة اشتياق مستمرةالي الراحلة أمي آمنة بنت وهب عليها رحمة الله تجددت عند الوعكة الصحية التي ألمت بأبي متعه الله بالصحة والعافية مؤخرا)
وجه أبي طفولى الملامح ذكرنى بك يا أمي
الألم علي وجهه يستدعي صورتك من الذاكرة
فيتوهج المكان بك كغابة مظلمة غشاها برق فجعل ليلها نهارا
يغيب الألم عن وجه أبي ويتفرس في الملامح القادمة من أعماق الذاكرة
فتجئ الابتسامة وتحل الطمأنينة علي وجهه المتغضن
يحادثك كأنه يراك
وكأن الأيام الخوالي قد عادت
وكأن رحيلك الي الضفة الأخري لم يك سوي كذبة بيضاء
يتوهج وجهه ويضئ
فيتوهج المكان كله ويضئ
يجئ صوتك من مكان ما
متبوعا بضحكتك الباسمة التي لاصوت لها
تلمع سنك الذهبية الوحيدة التي تتوسط الأسنان
مثل ملكة وسط الوصيفات
تتوهج كقمر مكتمل علي صفحة سماء مرصعة بالنجوم
أعترف الآن يا أبي أن أمي منذ رحلت تأتيني كثيرا في الأحلام
تارة مبتسمة وراضية
وتارة صامتة واجمة
وتارة شبحا غامضا
لكنني أعرف بطريقة ما أنها هي
أعرف أنها تستغيث حينا
وأن قلبها الكبير يتوجع في صمت حين يتوجع واحد منا
كما ظلت تفعل طوال حياتها القصيرة الحافلة
أصحو مفزوعا خائر القوي
أصلي وأبكي بلا أنقطاع
أسأل نفسي عن مغزي حضورها في المنام
أنتظر شروق شمس
أهاتف أخي
فيبتسم صوته في الهاتف ويفاجئني بسؤال( زارتك بثيابها البيضاء في المنام؟! لم تقل شيئا ومضت ، أليس كذلك)
أرتجف بردا واقول بحماس( نعم ...نعم....)
أعرف أنها تشتاقنا
أعرف أنها تحتاجنا
أعرف أن روحها تسكننا وتسكن كل الفضاءات وكل الأحلام
أعرف ياأبي أنها تحلق هنا في سماء هذه الغرفة الصغيرة
حيث تعثرت ذات ظلمة وحدث لك ذلك الكسر الصغير
أعرف أنها تألمت معك كثيرا
وأن دموعها سالت
فبللت أرضية الغرفة حتي باتت الغرفة نهرا
والسرير مهدا تحفه الأزهار والعصافير
أعرف أن روحها ظلت ترفرف في المكان كحمامة
وأنها رافقتك في رحلة الإستشفاء
من البيت الي المشفي
ومن المشفي الي البيت
أكاد أراها رافلة في ثياب الحكيمات البيضاء
وهي تحوم حولك
تقيس نبضك
وتمسح حبة عرق من علي الجبهة
وتفرش أغطية نظيفة
تعطي الورد جرعة ماء
والزائرين ابتسامة
أراها تقف بالباب
تنحني للقادمين للاطمئنان عليك
تتصفح الوجوه بمحبة وحسرة
كونهم لايرونها مثلما تراهم
ولاتستطيع الترحيب بهم كما كانت تفعل طوال حياتها
أراك تبتسم برغم الألم
تغدو طفلا في لحظات
ما أجملك أبي حين تذكرها وحين يكتسي وجهك بمحبتها
وماأجملها وهي حاضرة في غيابها وحضورها
أعرف أنها تتفرس فينا واحدا واحدا وتتابعنا ببصرها وقلبها ونحن نحوم حولك مثما يحوم الفراش حول حقل من الزهور
أراها تبتسم من القلب حين تري الأولاد يقبلون جبهتك
والبنات جالسات عند قدميك
وهن يباشرن تدليك أصابع قدميك النبيلة بلطف ومحبة
أراها بخيالي تسرح خصلة شعرها الجميلة وتسدل الثوب فوقها
وجبهتها الوضئية تلتمع
هاهي الان واقفة في خشوع تصلي بكل حواسها
في ركن من الغرفة..
هاهي تسجد وتعفر جبهتها
فيسجد الجدار معها
ويسجد دولاب الملابس معها
تنهض فينهض الكون معها
وتهمس انت بصوتك الخافت( الدولاب يسجد للمرة الخامسة...كل شئ يسجد ويستوي واقفا ، ثم يسجد.....)
لايفهمون شئيا من حديثك الغريب
فهم لايرون ما تري
تدرك ذلك "أخيرا فتكف عن الكلام
وتغيب في الصمت....
تسلم أمي، تلتفت نحوك باسمة وهي تطوي مصلاتها الصغيرة،
تسألك ماذا كنت تقول لها، تنظر في عينيك
فتري ما أردت ان تقول
فتبتسم......ويبتسم المكان
صلاح الدين سر الختم علي
مروي
7يوليو/7/ 2013
صلاح سر الختم علي
25-07-2013, 11:01 AM
اشتهيت ليالي رمضان في مدني
تلك المشاوير
ذلك الضجيج الفرح
تلك الضحكات الحرة
تلك الوجوه المحبة المحبوبة
تلك الربوع المطمئنة
تلك الازقة المظلمة والمضئية بقلوب أهلها
اولئك الشباب المتجمعون في نواصي الفريق
وواجهات الدكاكين في الاحياء
وخطوات الحسناوات الجميلات وهن يتنقلن كالفراش في الشوارع
وبيوت الجيران والدكاكين والبوتيكات الصغيرة
bit madani
25-08-2013, 04:13 AM
عود هنا لهذا الشارع الفاتح على القلب و المؤدي لمدينتي التي فقط تختزنها ذاكرة كذاكرتك الجمالية أستاذي و مولاي صلاح سر الختم...
فقد تعبنا من كنس شوارع كثيرة من بقايا رماد ... قد أنجبته نار تلك المدينة ... لأستنشق القهوة و اتكئ ها هنا و إحساس بلأمان من هول الزمان الذي لا ندري من اين أتى به هؤلاء ال لا أصلاء و لا يشبهونها تلك المدينة ...
bit madani
25-08-2013, 04:14 AM
أفتقدت هذا المكان المحبب .. إلى قلبي ........
صلاح سر الختم علي
25-08-2013, 11:25 AM
عود هنا لهذا الشارع الفاتح على القلب و المؤدي لمدينتي التي فقط تختزنها ذاكرة كذاكرتك الجمالية أستاذي و مولاي صلاح سر الختم...
فقد تعبنا من كنس شوارع كثيرة من بقايا رماد ... قد أنجبته نار تلك المدينة ... لأستنشق القهوة و اتكئ ها هنا و إحساس بلأمان من هول الزمان الذي لا ندري من اين أتى به هؤلاء ال لا أصلاء و لا يشبهونها تلك المدينة ...
اهلا بك
بت مدنى
الغريبة انني كنت عاكفا اليوم علي نشر كتاباتي المعنونة مدني مدينة الجمال النائم علي مدونتي
وعدت لالقى نظرة هنا فوجدت الفضفضة قد عاد اليها بعض القها
شكرا علي احياء البوست وحتما نواصل الفضفضة والتواصل في هذا المكان المحبب الي النفس كونه يحمل اسم مدينة الزهور
http://seerazateaonaser.blogspot.com/
http://salahestory.blogspot.com/
http://kalmaatonasmaat.blogspot.com/
صلاح سر الختم علي
30-08-2013, 06:27 AM
حبوبة بتول والرحيل الي عالم رحيم مثلها
اتذكرها بشلوخها العريضة علي خديها وعيونها الواسعة وهمتها العالية وهي تجوب المدينة سيرا علي الأقدام في أغلب الأحيان من أقصاها الي أقصاها مجاملة ومواصلة للأرحام دون أن تتأثر أناقتها بتلك المشاوير المضنية ودون أن تشكو تعباً أو تتذمر، كانت تلبس حذاء نسائياً مصنوعا من الجلد وهو الصورة النسائية للمركوب الرجالي، كان حذاؤها مميزاً ولامعا دوما ويندر أن يعلوه غبار الطريق فتبدو كأنها كانت تمشي علي الماء لا علي طرق ترابية،كانت تحمل في يدها دوما سبحة حباتها لونها خضراء فاتحةتكون ملفوفة دائما في يدها اليمني، كانت روحها عالية دوما وابتسامتها كوناً من الوسامة والطيبة والفرح الطبيعي والمحبة، كنت أحبها محبة كبيرة وزادت تلك المحبة بسبب تلك المحبة بينها وبين أمي التي كنت أقتفي أثرها في كل شئ فأحب معها من وما تحب وأمقت معها من تمقته وما تمقته، كانت حبوبة بتول صفحة فريدة في ذاكرة ودمدني وذاكرة أهلنا المنتشرين في المدينة ، كانت دوما أول الواصلين للناس في أفراحهم وأتراحهم وآخر المغادرين، وكانت دوما هي محور الأهتمام والترحيب والمثال الذي يطلب من الجميع بلوغ مداه وقمته الفريدة في التواصل والمحبة، كان بيتها الصغير في حي البيان مدني المتخذ شكل المثلث الصغير قبالة منزل اسرة فريني هو قبلة كل الأهل وهو صالة الوصول التي لابد لكل قادم الي ودمدني من الأهل أن يمر عبرها وينعم ببشاشة أهلها وكرمهم وكسرتهم التي تعاس علي الهواء مباشرة، أذكر ذلك البيت بصفائح حمامه المعلقة علي الجدران والتي لم تخل قط من الحمام الساكن فيها والمتمتع بخدمات مميزة والمطمئن لأهل الدار والمعتاد علي ضيوفهم الكثر الذين لايزعجونه أبداً، في ذلك البيت الصغير رأيت لأول مرة في حياتي التلفون الأسود ذي الأقراص التي تعلق عليها طبلة صغيرة أحيانا وتكون في أغلب الأحيان بلا طبلة، أشبعت فضولي بشأن كيفية استعمال التلفون في تلك الدار ، وكنت اقف مبهورا أراقب المرحوم صديق محمد علي ابن حبوبة بتول الذي كان يعمل بمصلحة التلفونات وهو يستخدم التلفون ويحادث أشخاصاً غير مرئيين، كنت مبهوراً بصورته علي الجدار بالأبيض والأسود داخل فريم خشبي مذهب ومكتوب أسفلها أسم أستديو مقره القاهرة، كانت الصورة تجعل من صديق شخصاً أكثر وسامة وكونها مصورة خارج السودان يعطيها بعدا آخراً وغموضاً وهيبة، كنت أحاول تخيل القاهرة وشوارعها وملامحها بلا فائدة،في تلك الدار كان اقتراب رمضان حدثا مهما، تجلب حبوبة بتول أمرأة تعمل ببراعة في مجال صناعة الابري الأبيض والأحمر ، كنت اتابع العملية من مرحلة احضار العيش وعمل الزريعة والذهاب الي الطاحونة للتدقيق حتي الكوجان للعجين واشعال النيران والعواسة علي الصاج، اتذكر تلك المرأة وهي جالسة علي بنبر صغير ارتفاعه من الأرض بضعة سنتيمترات وأمامها الصاج الموضوع فوق أربعة حجارة موزعة علي الأطراف وتحته الحطب مشتعلاً متوهجا لينتج حرارة علي سطح الصاج ليعاس الآبري علي تلك الحرارة، كان الحظب يتمرد حينا فيخرج دخانا بدل الوهج فتقوم المرأة بعملية ابدال لنوع الحطب وتستخدم الهبابة لتوليد اللهب وطرد الدخان، يتساقط عرقها غزيرا وهي تضحك وتوالي الونسة مع حاجة بتول وبناتها زهراء بت التجاني وحليوة ومن تكن حاضرة من الجارات أو الأهل، كنت أحرص علي متابعة تلك الطقوس واتحرق شوقا للحظات أكل الابري بنظام القروض مثله مثل الكسرة والفطير،اما طقوس خبيز العيد فهي عالم آخر ساحر نتابعه من الألف الي الياء ولانفوت اكل البسكويت ابتداء من الفرن البلدي ايام كان الفرن البلدي الذي ينتج الرغيف هو المكان الوحيد المتاح لانضاج الخبيز فالبيوت لم تعرف افران الكهرباء والافران المنزلية في ذلك الزمان، فكنا نحمل الصواني التي عليها البسكويت والكعك علي الرؤوس الصغيرة ونذهب الي الفرن لكي تكتمل عملية الانتاج هناك بادخال الصواني الفرن واخراجها ناضجة ومن ثم العودة بها الي البيت.كانت تلك الدار الصغيرة مصدر مسرات كثيرة وكبيرة لنا في طفولتنا الباكرة، وكانت ابتسامة حبوبة بتول اكبر مسرة بين تلك المسرات، فهي تصافح الناس مبتسمة وتمشي مبتسمة وتصلي وعلي وجهها طمأنينة وشبح ابتسامتها المضئية مختبئ في الشلوخ والعيون الواسعة،كانت صرة ثوبها دوما تنفتح عن حلوي أو نقود لشراء حلوي تمنحها للصغار، وكانت لاتنهر ولاتنادي بصوت مرتفع أبدا، ولاتذمك حتي لو كنت غارقا في خطأ فادح أو متسخ الملابس بسبب تهورك، كل ماتفعله هو ان تبتسم وتقول لك باسم امك( يا ود فلانة تعال يا الفالح ...تعال هاك اجر اشتريلك حلاوة لكن في الأول اجر غسل ايديك وغير وتعال يا المبروك...اجر يا الفالح) تفهم انك مخطئ ولكن الأمر ليس خطيرا ، نركض مسرعين مستجيبين للتصحيح اللطيف ونعود فنجدها توفي بما وعدت، تعطيك قرشك السحري فتركض صوب الدكان....كانت كونا جميلا غاب فجأة، فجأة افتقدناها وافتقدنا شلوخها المميزة وصرة ثوبها المفتوحة علي الفرح ونبرة صوتها الخفيض الذي لايزعج باعوضة لكنه يبشر بالخريف والخير، افتقدنا قرشها السحري وبسكويتها وتمرها وحلاوتها المقدمة دوما مثل ثمار شجرة ليمون مزروعة في الشارع، غاب صوتها وهي تقرأ القرآن وتدفعنا الي انتظار ذلك الزمن الذي نحفظ فيه ما يمكننا من اداء الصلاة بانتظام مثلها، بات البيت صامتا، افتقدت الطرق في المدينة خطواتها الوئيدة التي تقطعها جئية وذهابا وصلا للارحام ومحبة وتقربا......سألناهم ببراءة( أين ذهبت حبوبة بتول؟) قالوا بغموض( ذهبت الي عالم رحيم مثلها)....لم نفهم شيئا قلنا بسذاجة( هل تعود قريبا؟ هل ستحضر معها حلوي جميلة؟) كان الصمت هو الأجابة.
اللهم أرحم حبوبة بتول وطيب ثراها واجعل الجنة مثواها بقدر ما زرعت من محبة وواصلت ووصلت من أرحام.
صلاح سر الختم علي
05-09-2013, 11:41 AM
قصتى مع مهنة المحاماة من الألف الي الياء هى المحطة القادمة في الفضفضة
صلاح سر الختم علي
06-09-2013, 03:23 AM
قصتى مع المحاماة من الألف الي الياء
لماذا وكيف اخترت قراءة القانون والاشتغال به ؟
لا أدرى بالضبط متى بدأ حلم الاشتغال بمهنة القانون يراودنى، لكننى أعرف أن اكبر المؤثرات علي اختيارى كانت صدفة جعلت ثلاثة محامين تحت التمرين يكونوا أساتذة للانجليزية بمدرستنا الثانوية ( مدرسة السنى) بمدينة مدنى في مطلع الثمانينات، هولاء الثلاثة الذين صاروا فيما بعد من أشهر المحامين في المدينة كان لوجودهم تأثير بالغ علي أحلام التلامذة الذين كنت أحدهم،كان الفرسان الثلاثة هم الأستاذ حسن حسين حمد الذى صار فيما بعد معلمى في مهنة المحاماة، والأستاذ مرشد الدين محمد يوسف، والأستاذ صالح محمود، كان ثلاثتهم متخرجين حديثا من جامعة الخرطوم كلية القانون ويتهيأون للجلوس لإمتحان مهنة القانون وكانوا يعملون محامين تحت التدريب مع الاساتذة عبد المنعم الخضر جكنون المحامى وسيف الدولة خضر عمر المحامى وأحمد عباس المحامى(الثلاثة من أعلام المهنة في مدنى) بذات الترتيب الوارد للثلاثة،واختار الثلاثة أن يلتحقوا بوظيفة التدريس كمحطة مؤقتة الي حين الانخراط الكامل في المحاماة فتم استيعابهم الثلاثة كمعلمي لغة إنجليزية، وكان لنا نصيب معهم الثلاثة في حصة الأدب الانجليزي فقد درسنا كل واحد منهم رواية من الروايات المقررة علي طلاب الثانوى آنذاك فتعرفنا عبر التدريس علي شخصياتهم الشفيفة وبرزت أمامنا منظومة أفكار كل منهم وإطلاعه وكان ثلاثتهم ذوي ميول اشتراكية واضحة واسعى الإطلاع يتعاملون مع مهنة التدريس كرسالة انسانية وفكرية فكانت حصة الأدب الانجليزى معهم تحليقا جميلا في فضاءات فكرية وثقافية واسعة،كانت حصة الأدب الانجليزى معهم تماثل سفرا بعيدا وسياحة ممتعة في بلدان غريبة وتعرف علي ثقافات جديدة واختزان لقصص ومشاهد ومشاعر انسانية تمس شغاف قلوبنا الصغيرة برغم بعد المسافات واختلاف الثقافات واعتقد ان تلك الحصص وتلك الروايات العظيمة كانت بوابة عبرنا من خلالها الي فضاءات أوسع من فضاءاتنا ولامسنا فيها عظمة الأدب وتعلمنا فيها عشق الروايات وطرق السرد وهو أمر شكل اهتماماتنا وشخصياتنا لاحقا بشكل مؤثر. كنا ننتظر بفروغ صبر وشوق شديد حضور الاستاذ حاملا معه رائعة الكاتب الايرلندى أوسكار وايلد
(أهمية أن تكون جاداً (The Importance of Being Earnest)
المكتوبة في 1895. وهي عامرة بالروح الساخرة وتصور النفاق الاجتماعي للطبقة الوسطى في العصر الفيكتورى حيث يحاول الابطال الظهور بشخصيات مختلفة في كل واقع مختلف،وهناك موقف ساخر من الحرب وأبطالها المرسومين في المخيلة عند بعض الناس البعيدين عن واقع الحرب القبيح.
كانت شخصيات الاساتذة الثلاثة متباينة، فبينما كان حسن حسين صارما جدا، ينهمك في التدريس كمن يؤدئ صلاة في استغراق وتركيز ويحرص حرصا بالغا على النطق الصحيح الواضح للمفردات وشرح المغزى بطريقة مفصلة والتوقف عند معانى الكلمات الجديدةثم ينصرف بهدوء كما جاء، كان الاستاذ صالح محمود مدرسة أخري تتشابه مع الاستاذ حسن فيما سبق ، لكنه كان مسكونا بحب كبير لمسقط رأسه دارفور،فكان ينتهز كل مناسبة عابرة ليحدثنا عنها بلغة انجليزية سليمة ومشوقة ، تجعل من الحصة سياحة داخلية وخيالية معاً،كان حب الرجل لموطنه ملهما وملفتا جعلنا نتوقف عنده كثيرا،كان الرجل فخورا بجذوره بشكل رائع وفريد.أما الاستاذ مرشد الدين فقد كان ساخرا بطريقة لاتجاري وكان موجزا دوما في شرحه ولكنه يتميز بالعمق والمعلومات الغزيرة المصاحبة للشرح فهو يملك معارف خاصة تتجاوز حدود الكتاب والحصة ولكنه لايسرف فيها فيجعل فضولنا في أعلى مستوياته فيتحرك فينا حب المعرفة. هكذا كان كل منهم ملهما بطريقته الخاصة. كان حسن حسين من أبناء الجزيرة أبا وسط السودان وصالح محمود من ابناء جنوب دارفور منطقة نيالا زالنجى بينما كانت جذور مرشد الدين من مناطق كردفان. كانوا ثلاثة أقمار من الريف زينوا سماء مدينة ودمدنى بعلمهم وتميزهم وشكلوا أفقا للعديد من تلامذتهم عبر قوة المثال ودفعوهم الي رحاب مهنة القانون، لذلك لم تكن صدفة أبدا أنني اتجهت لدراسة القانون واننى حين أكملت دراسة القانون بعد ذلك بسنوات عديدة جئت فطرقت باب الأستاذ حسن حسين الذي بات من أعلام المحامين في المدينة والتحقت بمكتبه محاميا تحت التمرين ومن ثم محاميا محترفأ ونهلت من معارفه حتي بات لى مكتب محاماة خاص في عمارة كان من أبرز المحامين فيها أستاذ صالح محمود المحامي ولم يكن الأستاذ مرشد بعيدا فتلاحقت الكتوف في المحاماة بين التلميذ وتلامذة آخرون وبين معلميهم الثلاثة.ولم يكن أمرا مدهشا أن الثلاثة استقروا بالمدينة وتزوجوا فيها وبقوا بها حتى اصطادت المنافئ الاستاذان حسن حسين ومرشد الدين في نهاية التسعينات فيمما صوب الخليج بعد سنوات عامرة بالبذل والنجاحات في المحاماة في مدنى.
صلاح سر الختم علي
06-09-2013, 04:09 AM
بين ذلك الحلم الذى شهق في مدرسة السنى الثانوية في داخلى وبين اشتغالى بالمحاماة سنوات عزيزة شهدت احداثا كثيرة لاتنسي في حياتى ، منها ماكتبت عنه مثل قصة استشهاد طه يوسف عبيد وعلاقتنا برابطة الجزيرة للاداب والفنون وبعض ملامح حياتى في ودمدنى ومنها ما لم اكتب عنه بعد وهو سنوات الجامعةالتي وجدت نفسي استعير بعض شخوصها واحداثها في راوياتى، فعلت ذلك في الرمال يافاطمة وعدت وفعلته في روايتى نيران كامنة ولكن القسم الأهم من احداث وشخوص الجامعة استعرته وحورته وجسدته في روايتي بحيرة التماسيح التي رأت النور الكترونيا تحت اسم خطوات وبصمات وستري النور ورقيا قريبا تحت مسمى بحيرة التماسيح،فقد كانت فترة الدراسة الجامعية بجامعة القاهرة الفرع خريفا ماطرا وغنيا بالاحداث والبذور الصغيرة التي باتت مشاريع عملاقة، كنت فتى نحيلا مشتعلا بالحزن والغضب والثورة وشغوفا بالشعر والقصة والرواية والتواصل مع الاخرين وأدوار البطولة، فقد كان استشهاد طه يوسف عبيد مؤثرا علي شخصيتى بشكل كبير، لذلك اندفعت الى قلب الحياة الجامعية بتهور واندفاع كبير، كانت جامعة ذلك الزمان بركان ثائر وبرلمان ثقافى وفكرى وسياسى دائم البريق والتوهج
وجدت نفسى في أعلى تلك الموجات منذ الوهلة الأولى
جئت حاملا غضبى
وصاحب موقف واضح من السلطة التى قتلت صديقه ونثرت دمه فوق قميصه
جئت ومشهد قصف جنازة طه يوسف عبيد بالرصاص امام المؤسسة الفرعية للحفريات بمدنى فوق شارع الاسفلت هو المشهد المسيطر على ذاكرتى والمصاحب لكلمة مايو واسم النميري
(وهو مشهد تسلل غصبا عنى ووجد طريقه الي رواياتى)
لم يكن لدى خيار سوي العمل السياسى لاسقاط نظام
جعلنا نرى الدم بدلا عن الزهور ونحن لانزال في مقتبل عمرنا.
صلاح سر الختم علي
06-09-2013, 09:31 PM
الفراش الجائل
كانت الدهشة الأولى موجودة بالطبع فقد كان الانتقال الى المرحلة الجامعية انتقالا فيه كثير من الأشياء الجديدة، ففى المراحل الدراسية السابقة كنا نأتى من البيت واليه نعود يوميا ولكن الجامعة ارتبطت بالانتقال الي مدينة كبيرة كالخرطوم والى حياة جديدة مختلفة بعيدة عن الأسرة ودفئها والى نظام تعليم يقوم على الحرية الشخصية في الحضور والمواظبة بخلاف نظام المراحل التعليمىة السابقة الذي يبدو أكثر صرامة وتقل فيه مساحات الحرية الشخصية، لكن الحرية الشخصية فى المرحلة الجامعية ترتبط بالمسؤلية الشخصية عن نتائج تلك الحرية، بالامكان الا تتابع المحاضرات وان تتغيب ولكن يجب ان تبذل جهدا أضافيا لكى لايفوتك شئ وتنجح برغم عدم المواظبة،ونفس المبدأ يسود فيما يتعلق بخياراتك الأخرى الثقافية والسياسية والاجتماعية، فالاهتمام بالأدب مثلا كان مكانه في المراحل السابقة حصة أو حصتان في الاسبوع وبعض المناسبات الثقافية والوطنية، أما الجامعة فهى مائدة عامرة بالجمعيات والروابط والفرق الثقافية والأنشطة التى أقبلنا عليها في نهم وشراهة، ولم يكن نهمنا وقفا علي حامعتنا وحدها فقد كنا نهاجر مثل أسراب الطيور الي كل الجامعات ومواقع الأنشطة الثقافية والأدبية فلا نفوت محاضرة ولا أمسية شعرية ولامنتدى ولامسرحية أو معرض أو مهرجان ونقتنى الكتب في كل صباح بكل الطرق : إستعارة وشراء ومبادلة وأختلاساً بالقراءة حيث هي في مكتباتها التجارية أو العامة أو بيوت الأصدقاء أو غرف الداخليات في الجامعات التى بها داخليات حين نغشاها في زيارات الي الأصدقاء هناك، كان نهمنا للقراءة لاينتهى أبداً وكانت مناسبة مثل احتفالات االتخريج في معهد الموسيقي والمسرح حدثا أكثر أهمية عندنا من أي حدث آخر، فكنا نركض الى مسرح قصر الشباب والأطفال لنتابع بشغف ودقة كل العروض ونتناقش عقب كل عرض حوله نقاشا لاينتهى، عرفنا داخليات جامعة الخرطوم داخلية داخلية واقتحمنا سفرات الطعام فيها مع طلابها وتقاسمنا معهم طعاما شهيا كانت تقدمه حكومة السودان لطلابها دون شعور بالغيرة أو التهميش ودون شعور منهم بأننا دخلاء، كنا لانغيب عن حدث هناك فنحن حاضرون في المعارض وحفلات الروابط والأركان السياسية والقراءات الشعرية ونقرأ صحف النشاط الحائطية قبل المعنين بها أحيانا ، وكنا منفتحين علي كلية الفنون الجميلة ونشاطاتها وخصوصا معارض التخريج وكانت ظلال الأشجار هنالك سكنا دائما لنا حيث نقضي سحابة النهار للمذاكرة أيام الامتحانات وللثرثرة والأنس في الأيام الأخرى، كنا كالطيور
والفراش نتنقل حيث شئنا وكيفما شئنا سيرا علي الأقدام قاطعين المسافات جائلين في العاصمة المثلثة من أقصاها الي أقصاها لانستخدم وسائل النقل إلا مكرهين .
صلاح سر الختم علي
07-09-2013, 09:16 AM
الحنينة السكرة
جامعة القاهرة الفرع
كانت جامعة القاهرة الفرع ذات طبيعة خاصة جدا، فهى معرض دائم ومهرجان متجدد ونهر متدفق من الشباب من الجنسين ، من كل انحاء البلاد الكبيرة تجمع طلابها في حشد نادر المثال، فليس ثمة مكان أو زمان آخر قادر بالجمع بين ذلك المزيج الذى يشمل قادمين من كل بقعة صغيرة وكبيرة في السودان، فقد كانت الجامعة توفر فرصا كبيرة للقبول في كلياتها التى تزدحم بطلاب نظاميين وطلاب منتسبين يشملون كل الأعمار تقريبا، ولكنك تجدهم جميعا في حوش الجامعة الفسيح الذي ينطبق عليه ذلك المثل الساخر لصديقنا عادل سعيد اب جقادو وهو أحد ظرفاء الجامعة من ابناء مدنى من جيلنا فقد كان يقول كلما نظرنا الي ارتال البشر من الطلاب الذين تعج بهم ساحة الجامعة الضيقة المسماة الحوش ( صحى النفوس كان اتطايبت السرير بشيل المية والحوش بشيل من غير حساب)، كان ذلك تلخيصا ساخرا لحالة ذلك الحوش الممتلئ بالجميلات الخائفات من غباره علي تسريحاتهن واناقتهن وهو ممتلئ باصدقاء لهم كتاحة تسبقهم اكثر خطرا من ريح العتويت في طوكرالشرق الشهيرة بكتاحتها الفريدة،كانت جامعة غريبة في كل شئ، بائعات الطعمية وسلطة الأسود بجوار حوائط بيوت الاشلاق المحيطة بالجامعة وهن مقنطرات علي بنابر وهيطة وحولهن قفف من السعف وحلل من الألمونيوم تحتوى علي الأطعمة التى تباع للطلبة والطالبات، باعة السجاير والحلوى ومناديل الورق داخل الجامعة وأشهرهم ابو دقن الذى لايفوت صلاة في مسجد الجامعة الصغيرة ويرتزق من بيع السجاير والاقلام والمناديل واللبان ، مكتب البريد الذي يحتل زاوية في الجامعة يتحلق حولها الطلاب وهو محاصر دوما بالاركان السياسية الملتهبة التي تبدأ بجمع صغير ثم تمسي مظاهرة حاشدة يلتف حولها المنتمون واللا منتمون والعابرون وحتى ضيوف الجامعة ليشاهدوا عروضا حية في فنون الجدال السياسي ونماذج عملية لكيفية مسح الخصم بالارض والحط من قدره ثم التصدى لهجوم مضاد يمارس فيه الممسوح به الأرض مسحا مماثلا للمتحدث وجماعته بالأرض، كان صراعا للديكة بكل ماتعنى الكلمة من معنى، صراعا لايستسلم فيه طرف ولايكف فيه المتعاركان عن اطلاق قنابل الكلام الموجهة للاخر ، وفي بعض الاحيان يتعدى الأمر قنابل الكلام الى ما هو اخطر وأكبر،وفي قلب هذا الضجيح هناك حالمون وحالمات ينتحون أركانا قصية وينسجون عالما ورديا لاينتمى الي مركب الضجيج الذي يجلسون في قلبه، تجدهم يجلسون ساعات طوال يتهامسون ويبتسمون ويحتسون العصير من الكافتيريا المزدحمة علي مهل وبتلذذ
وينسلون بين الفينة والاخري للحصول علي شاي أحمر لايغيب عن الجلسات وحين تعلو اصوات مكرفونات الجدال علي همسهم يخرجون من الحوش ويذهبون الي حوش كلية التجارة أو يحتمون بسلم الاداب الذى اشتهر بكونه ملاذا للعشاق والصداقات البرئية والهاربين من الغبار والضجيج وفي وقت الامتحانات مكانا مميزا للمذاكرة. كانت للجامعة وجوه أخري عديدة، هناك معارض الروابط الأقليمية التى تعج بها الجامعة فهى تحيل الجامعة بصيواناتها الكثيرة الي معرض دائم يعكس ملامح تلك الأماكن القصية والقريبة التي جاء منها الطلاب وتتبارى الروابط في ابراز مايميز مناطقها من تاريخ وجغرافيا وفلكلور وفنون وفنانين، فتتحول الجامعة في مواسم استقبال الطلاب الجدد الي مهرجان قومي للثقافات، يوما يحتل النوبيون برطانتهم الجميلة وجرجارهم ورقصاتهم المميزة المشهد، ويوما تتحول الجامعة الي طنابير شايقية ملئية بالحنين ، ويوما يتفنن أهل الشرق في عرض ملامحهم الفنية المميزة، ويوما ينبرى أهل مدنى فتصدح اصوات ابوعركى وود الأمين وصديق متولى وصديق سرحان، ثم يحتل أهل كوستى المشهد بابداع يميزهم وتتوالى الايام والليالي الثقافية والمعارض ، ثم تأتى دورة لمعارض الكتاب والندوات الثقافية والدينية، تبدو الجامعة سوق عكاظ كبير في ناحية المنتدى الادبى وجماعة الجو الرطب وعشاق الحلمنتيش، ثم تخطف الصحف الحائطية للجماعات السياسية في الجامعة الأبصار بمانشيتاتها الصارخة
ومعارضتها المعلنة للسلطة في بلد صامت خارج أسوار الجامعة، كان أولئك الذين يحررون تلك الصحف الجرئية يبدون أشخاصا ساحرين قادمين من كواكب بعيدة بجرأة فعلهم وعباراتهم، هكذا وقفت في وسط ذلك الحوش صغيرا صئيلا مندهشا وباحثا عن موطئ قدم في بحر متلاطم الأمواج، خائفا ذهبت أبحث عن رابطة ابناء مدنى عساها تبدد شعورا بالغربة والضآلة وقلة الحيلة أعترانى.
bit madani
07-09-2013, 11:20 PM
قصتى مع مهنة المحاماة من الألف الي الياء هى المحطة القادمة في الفضفضة
و بإيقاع الدهشة كنا ننتظر و بدوزنة الجمال أتيتنا ... روعة السرد تفرض الإنتباه و الترقب الصامت ...
لتتالق الروىء الجمالية لماضي يستمد النبض من كلماتك ...
و لو ان المحامة مهنة صعبة الممارسة دون ان يتأذى ممارسها حين تحيل ممارسيها (إلا من رحم ربي ) لمتشدقون بالحروف المنمقة دون ان يكون لهم تمام الإحساس بها فيمتهنون إصباغ التجمل على أصول الوقائع التي ليست كذلك حتى يصدقهم المنصتون ... و لكن في سردك العالي الشفافية يتساقط هذا ال Stereo-typing تماما ... تحياتي
و تقديري ...
صلاح سر الختم علي
08-09-2013, 02:50 AM
شكرا اختى بت مدنى على هذاالدعم الجميل لهذه التداعيات التى اردت بها رد الجميل لأناس نبلاء تركوا بصمات كثيرة في حياتى وجملوها بوجودهم فيها
صلاح سر الختم علي
09-09-2013, 03:28 AM
رابطة ودمدنى بالفرع عالم ساحر
كانت رابطة مدنى بالجامعة خلية نحل ونجمة كبيرة في سماء الجامعة، كانوا في استقبالنا بحفاوة ظاهرة تمارس في الجامعة مع البرالمة سنويا، لكنها حفاوة تختلف عن غيرها في كونها حفاوة نابعة من القلب وفي كونها امتداد لعلاقات سابقة علي الجامعة بين ابناء الرابطة، قد تكون علاقة قربى أو جيرة حي أو زمالة دراسة في مرحلة سابقة أو علاقة رياضية أو حتى سياسية أو ثقافية، لذلك كانت الرابطة بيتا يشعر فيه المرء بالإلفة ويذوب سريعا في سكانه الذين يعرف الكثير منهم سلفا وثمة الف باب ونافذة تنفتح بينه وبين من لم يعرفهم قبلا، فالقواسم المشتركة كثيرة جدا،عن نفسي فقد اندمجت في مجتمع الرابطة ووجدت نفسي علي الفور، قابلت الاخت رجاء حسن هاشم التى كانت بكلية التجارة وهي من بنات الدرجة وكنت اعرفها قبل الجامعة بحكم الجوار وبحكم زمالتها في الدراسة مع اختي الكبرى وباتت فيما بعد سكرتيرا عاما للرابطة وعملت نائبا لها في احدى الدورات، وكانت هناك ايضا الراحلة ثورة عبود بنت المزاد التي كانت بكلية الاداب وكانت هناك معرفة سابقة علي المستوى الأسرى، وكان هناك الاخ الفاتح خضر الكاشف المحامى وكان من قادة الرابطة وكان بالسنة الاخيرة بكلية الحقوق وهناك الاخ الصديق ابراهيم تاج الدين حمد النيل الذى كان ابرز سكرتير رياضي للرابطة لعدة دورات والاخ عصمت محمد يوسف امين مال الرابطة وكانا بكلية الحقوق وبلجنة الرابطة وهناك الاخ عادل الباهى والاخ عبد العزيز محمد احمد والاخ عبد الله خالد من ابناء دردق الذى شغل منصب السكرتير العام للرابطة والاخ خالد عبد الوهاب من ابناء جزيرة الفيل وهناك الاخت فوزية من ام سنط والاخت منى ادريس من بانت ومجدى برير من الدرجة وقائمة طويلة من الاسماء اللامعة التي عايشناها في الرابطة، فتحوا لنا قلوبهم من الوهلة الأولى وبت من أول سنة سكرتيرا اجتماعيا بالرابطة وفيما بعد سكرتيرا عاما بعد تخرج من وجدناهم امامنا بالرابطة.كانت رابطة مدنى مجتمعا جميلا قائما علي المحبة والترابط دونما اعتبار للاختلافات السياسية وغيرها، لذلك كان العمل فيها يشكل واحة في هجير لافح، كان تركيز الجميع علي مايقوى الصلات بين الاعضاء وعلى ما يقدمونه من برامج لمجتمع المدينة التى جاؤوا الي الجامعة منها فكان جل النشاط في العطلات في مدنى. واتذكر أن أول التحديات التى واجهتنا كانت كيفية الحصول على موافقة الفنان الكبير ابو عركى علي الغناء في حفل الرابطة لاستقبال الطلاب الجدد الذين كنت أحدهم ، كانت المشكلة ان اعضاء الرابطة في دورة سابقة خلقوا جفوة مع الفنان المرهف عندما اتفقوا معه ولكنهم لم يلتزموا ولم يعتذروا له، فبات الطريق مفروشا بالأشواك، لكننا لم نيأس اصطحبنا معنا الأخ سلمان محمد احمد عضو الرابطة وقريب الفنان ابو عركى وذهبنا الي الفنان الكبير الذى استقبلنا ببشاشة وسماحة ووافق علي الحفل مجانا دون قيد أو شرط، ولازلت اتذكر كيف انتظرت الجامعة كلها ذلك الحفل الفريد الذى كان في الهواء الطلق في الشارع الواقع بين حوش الجامعة الرئيسي ودار الاتحاد، واتذكر كيف افترش ابناء رابطة كوستى المحبين لعركى الأرض أمام المسرح(منهم اتذكرزكي منصور المحامى وعبدالسلام ابو ادريس ونجاة وصلاح عبد الله وود الرضى) واتذكركيف غنى الطلاب مع أبو عركى (ياتحفة حواء ياروح ادم ياست الكل)، وغنوا معه( مرة ناحت في المدينة الحمامات الحزينة قامت ادتا من حنانا)، كان ابو عركي يغني وعروقه نافرة كحصان يركض في مقدمة السباق وعرقه يغطي جسده اللامع وعيونه تلمع وكان الناس سكارى بخمر الأغنيات وكنا سكارى بما حققنا من نجاح ساحق وباهر. كان يوما لاينسي ابداً.كان الدرس الأول الذى خرجت به من تلك التجربة هو أهمية أن تكون دوما جزءا من كل وان تقبل علي الناس بلا هواجس مسبقة فعندها تذوب كل الهواجس التى تسكنهم تجاهك،أبو عركى ضرب مثالا في الولاء لمسقط الرأس والتعامل الراقى مع أبناء مدينته، كان بسيطاً وحازماً وعفيفاً حين قال عن نفسي أنا متبرع بالحفل لكننى لا أستطيع اجبار العازفين على التبرع، عليكم فقط ترحيلهم وتخصيص ما يرضيهم،وكان عازفيه عند حسن ظننا بهم حين جاروه في التبرع تقديرا له ولكوننا طلاباً، كانت تجربة جميلة حقاً،والجميل ان مبدعى المدينة كانوا دوما عند حسن الظن بهم وهم يزينون حفلات الرابطة سنويا بالمجان أو فئات رمزية جداً، ومن تجارب الرابطة الفريدة في تمويل أنشطتها اننا ذات مرة سافرنا الي مدينة كوستى حيث كانت السينما هناك تعرض فيلما هنديا لعدة ايام لصالح رابطة مدنى وكان فرسان التجربة الأخوة عصمت محمد يوسف وعبد الله خالد. ومن الأنشطة الجميلة للرابطة حفل التخريج للخريجين الذى كان ينظم بمدينة مدنى بطابور للخريجين يجوب المدينة قبالة المسرح وشارع النيل وحفل تخريج بمسرح الجزيرة تحشد له الأسر في منظر جميل وأجواء احتفالية وانسانية رائعة ولن أنسي ماحييت تخريجنا ودموع والدة زميلينا سيف الفاضل وعبدالله الفاضل المحاميان فيما بعد تلك السيدة المكافحة النبيلة التى كانت أما للجميع. كان عملنا بلجنة الرابطة قد أتاح لنا فرصة القيام بتخريج من قبلنا ومعايشة تجربة تخريج الآخرين لنا. كان مهرجانا جميلا في الحالتين.
ولازلت اتذكر تلك المدحة المحورةعلي يد اخونا عادل اب جقادو لتصبح نشيد الوداع الرسمي للجامعة في أوساط الطلاب الخريجين:
الجامعة مابتدوم
ياحليل فرع الخرطوم
من جيتا داب برلوم
في حوشا حايم حوم
نخلط بنات بالكوم
في تجارة والعلوم
وسلم الحقوق
ياحليل فرع الخرطوم
الجامعة ما بتدوم
يا حليل سلم الاداب
وقعادنا جنب الباب
يا حليل ود العباس
الشايو يزبط الراس
والجامعة ما بتدوم
ياحليل فرع الخرطوم.
صلاح سر الختم علي
09-09-2013, 09:46 AM
النشاط السياسي في الجامعة
كانت الجامعة في ذلك الزمان تجسيد حي لتناقضات المجتمع السودانى، ففي حين كانت الأفواه مكممة خارج الجامعة والصحف والأحزاب وكافة أنواع النشاط السياسي محظورة خارج أسوار الجامعة فيما عدا نشاط الحزب الحاكم الاتحاد الاشتراكي السودانى وتنظيماته الفئوية، كانت الجامعة تموج بنشاط سياسي فعال تشارك فيه كل القوى السياسية المحظورة خارج الجامعة بقسط وافر وفعال يتمثل في الندوات والأركان السياسية اليومية والصحف الحائطية الناطقة بأسم الاحزاب والجماعات السياسية المختلفة التي كانت تتنافس تنافسا محموما من أجل استمالة الطلاب اليها والي برامجها ورؤاها ومرشحيها في انتخابات اتحاد الطلاب السنوية وانتخابات الروابط الاقليمية نفسها لم تنج من أثار ذلك الصراع، كانت الحياة السياسية الصاخبة داخل الجامعة بمثابة صدمة قوية تواجه الطلاب القادمين من لجة الصمت المفروض خارج أسوار الجامعات الي هذا البحر الصخاب داخل الجامعات، بالنسبة لى لم يكن هناك صدمة فقد تلقيت صدمة أكبر في وقت مبكر حين أغتالت سلطة مايو رفيقي في الدراسة الثانوية وكشرت عن أنيابها في مواجهة مظاهرات طلابية وشعبية مسالمة في يناير 1982 في مدينة مدنى وسال الدم الطاهر وبلل قميصي فولجت طائعا في بحر السياسة معاديا لسلطة مايو وواقفا بجانب كل من يبشر باقتلاعها ويسعي له، جئت الجامعة وأنا جزء من الفعل السياسي ولست مجرد متفرج عليه، فكنت من السنة الأولى خطيبا سياسيا معارضا يخلط الشعر الثورى المقاوم بافكار ترسم جنة حالمة وطريقا للخلاص من طغمة مايو، كان غضبي الخاص ونيرانى الكامنة بداخلى أقوي من صغر سنى وقلة تجربتى فاندفعت في بحر السياسة الصخاب مستعينا بالشعر المقاوم الذي احفظه وبغضبى الخاص الذى يشد من عضدى ويقوى حجتى ويعطيها مصداقية يشعر بها من يستمع الى كلماتى التى تخرج من الأعماق حيث صورة طه ودمه النازف فوق الأسفلت وصورة والده يوسف عبيد وهو ممسك بقوائم السرير الذي يضم جثمان ابنه بعد سقوطه في وسط شارع الأسفلت والرصاص منهمر والكل منبطح ارضا وذلك الشيخ ممسك بالسرير الذى قاطع الرصاص رحلته الي المقبرة . كان ذلك المشهد يدفعنى دوما في قلب لجة السياسة ونشاطها مهما روادتنى نفسى الي حياة وادعة فقد كنت أتوق دوما الى اجواء جامعية عادية لا تأثير للسياسة عليها كما كانت حياتى قبلاولكن السيف سبق العزل ولم يعد ثمة مجال للتراجع، فقد صنفت نفسي فصنفنى الاخرون وحكم على القدر حكما لايرد.ولامجال للتراجع, ليس سوى ان تريد أنت فارس هذا الزمان الوحيد كما قال "أمل دنقل.
صلاح سر الختم علي
10-09-2013, 08:32 AM
لم يكن الطريق طريقى ، لكنه بات كذلك،كانت الجامعة حين ولجناها ممتلئة بلافتات كثيرة تنادى بأطلاق سراح المناضل فلان والمناضل علان وأخرى مبهمة تطالب بأطلاق سراح المعتقلين السياسين دون إيراد أسماء، وكان للجامعة نجومها في مجال السياسة مثلما كان لها نجوم في مجالات أخرى، ولعل أبرز نجوم ذلك الزمن كانوا ( ياسر عرمان وعادل فيصل وأبوبكر محمد أبكر وعبدالله كوبيل ومجدى محمد أحمد وعادل عبد العاطى وهدى عبد الحميد ) من الجبهة الديمقراطية، و(بيرم وجودة وحاتم بيرسي والمرحوم سرى وعمر عبدالله ) من الناصريين ، و(نادر السمانى ومحمد عبد الجليل) من جبهة كفاح الطلبةحزب البعث ،و( محمد عثمان الفاضلابى ومحمدعكاشة ) من الحزب الاتحادى الديمقراطى ، و(مكين ويوسف وصديق الأنصارى) من حزب الأمة وكان للاتجاه الأسلامى وجوه بارزة كثيرة منها( أبوبكر دينق الجاك ووفاء جعفر وعبدالهادى وعثمان الكباشي ومعتصم الفادنى وعمر نمر وعادل عبد الرحمن والأخوين بلل (حسن وحسين) وهما من مدنى بالمناسبة
وكان هناك تنظيم المؤتمر الوطنى الأفريقي anc وهو خاص بطلاب جنوب السودان وأبرز قياداته (قيري رايمندو/ وجون كلمنت امبورو، وجيمس الالا دينق، وجورج أنقير، وجورج لادو، والبينو وزكريا وميانق وافات) وهناك مؤتمر الطلاب المستقلين وابرز قياداته المرحوم محمد الهزيل حاج حسن والاخ محمد زين وحتى الاتحاد الاشتراكى كان له قيادة معروفة ممثلة في عبد السلام حمزة، وكان هناك تنظيم الاخوان الجمهوريين ومن أبرزهم خالد بابكر. وكان هناك تنظيم للاخوان المسلمين جناح صادق عبد الله عبد الماجد وتنظيم لجماعة أنصار السنة المحمدية. أما أنا فقد كنت بتأثير أصدقائي في مدنى وحدث استشهاد طه يوسف عبيد قد انخرطت في الجبهة الديمقراطية منذ العام الأخير في المرحلة الثانوية، كان الشعر صاحب تأثير كبير في اختيارى فقد كانت دوواين الشعر الثوري لشعراء المقاومة الفلسطسنيةلاتفارق اصدقائي وبت مدمنا للشعر والمقاومة وكانت أشعار محجوب شريف عالما جميلا جذبنى كالمنوم مغناطيسيا الي عوالم الثورة والشهداء والحنين الي الأمهات
والتغنى بالمستقبل ، كنت مفتونا بمحجوب شريف حد اننى كنت افتتح خطابتى بإشعاره وبها اختتم وكان البرنامج السياسي الذى نبشر به خليطا من تصوراتنا البرئية عما يجب ان يكون عليه الكون حولنا وخليطا من غضب شخصى وغبينة شخصية وخليطا من أحلام الشعراء، لذلك اعترف الان اننى كنت ابيع بدون مقابل لزملاء الدراسة حلما طوباويا غير قابل للتحقيق ولكننى كنت أظن وأؤمن وقتها بقابليته للتحقيق وأراه طريقا وحيدا للخلاص وأركل كل ماعداه، كان العمل السري نفسه مغامرة تستهوي من هم في سننا بالغموض الذى يحيط بكل شئ والأعمال الخارقة التى تنسب لرجال غامضين نراهم مختفين ومحلقين مثل سوبرمان والوطواط في عوالم خفية بقدرات خفية، كنا خارجين من عوالم الغاز المغامرين الخمسة وسمير وميكى والوطواط وسوبرمان اللذان يعيشان مثل ابطالنا الغامضين حياتين واحدة علنية يتسترون فيها خلف شخصية ساذجة وأخرى سرية يمارسون فيها دورا خفيا في انقاذ العالم من الشرور والأشرار، وهكذا بالضبط كانت نظرتنا للعمل السرى في زمن مايو عندما دخلنا الجامعة،أردنا ان نكون جزءا من رجال خارقين يمارسون مهمة نبيلة هى تغيير العالم الي الافضل، لذلك كان شئيا مشوقا ان نكون اعضاء في جماعة سرية نحمل فيها اسماء مستعارة اغلبها لها علاقة بالسير المبهرة التي قرأناها وسمعنا بها عن شعراء وقادة ثوريون مثل جيفارا والشفيع وعبد الخالق المشهور بالرفيق راشد ومثل الشاعر بابلو نيرودا وسلفادورالليندى الرئيس التشيلي التقدمى المنتخب الذى ازاحه انقلاب امريكي قاده الجنرال بينوشيت وقاتل الرجل الانقلابيون حتى آخر طلقة وقتل والشاعر التركى ناظم حكمت ،كان عالما فانتازيا مبهرا ذلك الذي وجدنا انفسنا في قلبه، فاندفعنا بحماس الي قلب المظاهرات والاركان الملتهبة ومعارك الانتخابات الطلابية التى نتخيل انها ستغير الكون باكمله نتيجتها، وكانت كتابة الجريدة الحائطية ولصقها بالجامعة مغامرة مثيرة الفصول تجعل صورتنا كرجال خارقين تبدو أقرب الي الحقيقة، وكان مرور بعض زملائنا الذين يظنون انهم كوادر سرية غير معروفة في الجامعة أمام الصحيفة المعلقة وتوقفهم عندها للقراءة ببراءة مفتعلة وهم من حرورها وشاركوا في كتابتها حدثا يشعرنا بأننا نملك مفاتيح الأسرار ويجعلنا نحس بخطورتنا وخطورة مهمتنا التى نباشرها سرا وعلنا.
صلاح سر الختم علي
11-09-2013, 11:54 AM
أتذكر طاقم تحرير صحيفة الشرارة صوت الجبهة الديمقراطية بالجامعة في ذلك الزمان والتى اشتهرت بعبارة ثابتة بها تقول( ومن الشرارة يندلع اللهيب)، كانوا خليطا متنافرا منسجما، أحدهم حلفاوى يسمي محمد فتحى محمد جبارة نحيل العود حتى انك تخشي عليه من أي ريح مهما صغرت فهى قد تتلاعب به كما تللاعب بورقة صغيرة، لكنه كان صبورا جلدا يعمل بلاكلل ساعات طوال في أي وضع و أي مكان في كتابة الجريدة الحائطية باقلام الشينى الملونة بخط جميل مقروء، وهناك نحيف آخر من ابناء كوستى يسمي عبد السلام كان فنانا في الخطوط وصاحب شخصية ساخرة وساحرة ونكتة حاضرة وروح عالية لايعرف الغضب أو الانفعال طريقا اليها، وهناك ثالث يتميز بعلاقته القوية بالتدخين والحكايات أثناء عمله وهو قبطى ظريف يسمي فرانسوا تراه دوما مرتديا بنطلون الجينز ونظارته الطبية علي وجهه وسيجارته لاتفارق يده ، كنا نسميه القسيس وكان مخزن حكايات لاينضب حتى اننى استطيع الجزم انه لو حضر زمان القنوات الفضائية لكان لوحده انجح قناة قادرة علي جذب انظار وآذان المستمعين اليها، كانت كل ثانية معه عبارة عن نكتة وكل موقف يسرده عبارة عن حكاية مشوقة الفصول وكان دوما مركز اهتمام واستماع الحاضرين، كان صبورا هو الآخر وفنانا في التنسيق الفنى واستخراج العناوين الجاذبة والمثيرة، كانت له لازمة لطيفة جدا فهو لايورد أسم احد الاصدقاء الا كاملا متبوعا باسم الاب ماعدا اسم صديق واحد اشتهر بيننا باسم كامل الحلبي بسبب لونه فكان يقول أسمه مجردا ، كان هناك عوض الله الحلفاوى البدين نوعا ما، وهو رجل ضاحك دوما كطفل واذا قابلته في الجامعة يوما فلن يخطر علي بالك أبدا أن صاحب هذا الوجه الضاحك منخرط في أي نشاط من أي نوع سوي الضحك وربما الملاكمة ، وكان هناك شخص آخر نحيف قصير القامة لكنه مثل ابو الدقيق في سرعة انفعاله ومثل النحلة في لسعة تعليقاته الساخرة ولعل ذلك كان سبب شهرته باسم (على الوجيه) وهو علي ابكر الحصان الضاحك دوما
الذى تزوج فيما بعد زميلة دراسة ومشاوير ذات ملامح آسيوية وهى خرطومية فأطلق عليها الاصدقاء أسم أوشين بطلة المسلسل الشهير بسبب ملامحها الآسيوية، علي هذا حكاية شيقة الفصول وكان لنا معه وفي بيتهم باركويت ذكريات جميلة وضحكات طاولت عنان السماء واجتماعات ظننا لسذاجتنا انها قد تغير العالم أو علي الأقل وطننا لكنها مضت مثل دخان السجائر العالق المصاحب لها ولم تترك إلا الذكريات المتعلقة بها وبمن كانوا فيها وبعض ما جرى هنا أو هناك،تفرقنا أيدى سبأ وبتنا حين نلتقى بعد غياب السنين نلتقي لقاءات عامرة ببعض الدفء الذى مضى ولكن بلا أحلام وبلا شرارة يندلع منها لهيب ،لم يبق لنا شئ سوى المحبة فقط لذلك الزمان البرئ الذى كنا فيه في كوكب من الأحلام ندور وندور، لم أكن أملك أي موهبة فيما يتعلق بالخط والكتابة بالقلم الشينى ولكننى كنت ولازلت عاشقا لكتابة النصوص من أي نوع فوجدت نفسي محررا مهمته كتابة مسودته والدفع بها للخبراء لإخراجها في ثوب قشيب ، وهكذا عرفتهم وبت جزءا من عالمهم المثير، لا أدرى أين غابوا الآن في الزحام لكن ليس هناك على حد علمى من اشتغل منهم بالصحافة سوى فرانسوا لوقت قصير وفي مهام ادارية، أما انا فاشتغلت بالصحافة حينا مستفيدا من تجربة التحرير المبكرة التى يجب أن أقول اننى بدأتها منذ الثانوى قبل ولوج الجامعة حيث كنا نصدر صحيفة حائطية بمدرسة السنى الثانوية بمدنى وهي صحيفة ذات طابع ثقافى عام، وقبل ذلك كنت اشارك في صحيفة نادي حي 114 الحائطية .
وجوه كثيرة تطرق أبواب القلب والذاكرة هنا وتتزاحم علي مسرح الأحداث باحثة عن موطئ قدم،وجه يرتدى صاحبه نظارات طبية تقليدية الإطار ويرسم الجدية دوما علي محياه ودوما يحمل كتابا ذو عنوان معقد ومثير وغامض فهو عاشق للقراءة وغارق حتى أذنيه في القراءة في كل فروع المعرفة فهو طالب حقوق لكنه مغرم بالفلسفة وكتبها ذات المصطلحات الغامضة والمخيفة وهو مغرم بالاقتصاد السياسي ونظرياته وشروحاتها ، ومغرم بالروايات والأشعار وسير المفكرين واالفلاسفة
كان صاحب مصطلحات تتكرر في مناقشاته كثيرا
فتجعل البعض ينزوى جانبا ثم ينسحب خوفا من إبراز جهله
أما صاحب الوجه فقد كان في الحقيقة حالما كبيرا
وجائعا كبيرا الي المعرفة ومرهفا الي حد انك تخاف عليه من النسيم
فيما بعد أدخلته تلك الرهافة في أزمات أخذت من وقته كثيرا حتى استطاع تجاوزها
كان دوما زهرة تعلم انها ضعيفة فتحيط نفسها بالأشواك
كان دوما طفلا كبيرا يكسو وجهه بقناع الكبار حتي لايتم ضبطه متلبسا بطفولته
كان فيه شبه أدركته مؤخرا من أبطال رواية أوسكار وايلد
(أهمية أن تكون جاداً (The Importance of Being Earnest)
من حيث محاولة الظهور بمظهر مغاير للحقيقة
وكانت تلك المحاولة دلالة نبل وليس العكس
يا الله كم تترابط الأشياء في الحياة إذا تمعنا فيها جيدا
فلم يضع جهد اساتذتنا الذين درسونا الأدب الانجليزى هباءا منثورا
بل بقيت في القلب والذاكرة
وأضاءت لنا كثيرا من ظلام الحياة
مريم ابراهيم
12-09-2013, 03:55 AM
كلام جميل جدا وانا طبعا عضو جدي ودا اجمل كلام وقع في عيني من شفتو تسلم كتير :)
صلاح سر الختم علي
12-09-2013, 04:01 AM
كلام جميل جدا وانا طبعا عضو جدي ودا اجمل كلام وقع في عيني من شفتو تسلم كتير :)
مرحب بيك استاذة مريم في منتديات مدنى وفي الفضفضة وهى محاولة للتواصل مع الاخرين وعرض التجارب وماتحمله الذاكرة عسى ان يجد فيها الاخرون مايفيد وما ينفع وما يعطينا محبتهم
صلاح سر الختم علي
21-09-2013, 08:19 AM
الصورة مقلوبة
كان كل شئ اصليا وأصيلا في البدء
كان الزرع طبيعيا
والأرض لم تغزوها المبيدات المميتة
والأغنام والأبقار لم تدخل في امعائها
الأعلاف المصنوعة
والدجاج لم يكن لاحما
ولم تكن له فقاسة صناعية
ولم يتم حفظه بالبرادات
لم تكن البيوت غابات أسمنت
ولم تكن وسائل النقل مصنوعة من الصفيح
ولم تكن الحكومات ادوات قمع وصانعة زيف
كان الكبار كبار نفوس كلما كبروا
وكان صغار النفوس صغارا مهما كبروا
ثم جاء الطوفان
فلم يعد الكبارا كبارا
ولم تعد الطيور طيورا
ولم تعد الطبيعة بكرا
وبات الوطن مكب نفايات
نفايات بشرية
ونفايات نووية
ونفايات قادمة من كل مكان
من الصين
ومن كوبا
ومن اليابان
ومن بلاد غير موجودة علي خريطة
ومن بلاد لاحكومات فيها
باتت الطبيعة مغشوشة
والقمح مغشوشا
والدولة موظف استعلامات
والحكومة جامعة أموال
وناثرة احزان
حتي العفة باتت مزورة
البشرة مغشوشة
الرموش مغشوشة
وعدسات العيون مغشوشة
والشعر مستعار
والسمنة مزيفة
والنحافة مزيفة
والخطوة علي الارض مصطنعة
والشفاه ملونة
والأيادي ملونة
والأساور مزيفة
والإبتسامة خنجر
والسيرة الذاتية مستعارة ومسروقة ومزورة
فاللصة أميرة
والأميرة سجينة
والجاهلة تشتري ماجستيرا لتتجمل به
وحين تتكلم يخرج الجهل من فمها مثلما تخرج رائحة البصل
من فم
باتت الصورة مقلوبة
والفرحة مكتومة
صلاح الدين سر الختم علي
مروى
21 سبتمبر 2013
صلاح سر الختم علي
26-09-2013, 11:40 PM
بورتسودان الدموع والغمام أو(البكاء في البدء سرا وفي الختام علنا)
ملمح من السيرة الذاتية
لم يكن القدوم الي مدينة بورتسودان اختيارا، كان شيئا صنعته الصدفة والظروف والأقدار
وكنت كارها لذلك الانتقال من الخرطوم التى ولجتها بعد سنوات من الطواف في الأطراف
قادما من دارفور بعد ستة سنوات قضيتها هناك، لم يدم وجودى بالخرطوم طويلا حين فوجئت ذات ظهيرة حارقة في شهر مايو 2006 بخبر نقلي الي بورتسودان، أسودت الدنيا في وجهى وشعرت بغضب كبير وغبن حتى اننى فكرت في الاستقالة من العمل وشرعت في ذلك فقوبل طلبى بالرفض وكان ذلك من حسن حظى،جئت الي بورتسودان كمن ألقي به في جوف السجن ،وكنت طوال الطريق أفكر في السيناريوهات المحتملة ولم يكن من بينها أبدا ما جري وتحقق في أرض الواقع ، جئتها بدموع صامتة وخرجت منها بعد أربع سنوات بدموع علنية صادقة، بكيت من القدوم اليها سرا ، فابكتنى عليها علناً عند الرحيل القسرى عنها، بحساب السنين هى اربع سنوات ، وبحساب الحياة والخوة والصداقة والجمال البشري في تلك الأرواح التى عشت بين اصحابها هى حياة كاملة، حياة لايريد من يعشها ان تأتى لها نهاية أبدا، كان أول من التقيته عند قدومى الي المدينة شاب رائع عميق صار فيما بعد صديقي وعرفت فيه صورة رائعة لما هو عليه انسان هذه المدينة ذلكم هو الشاب مأمون عبد الله مسعود طلق المحيا دائم الابتسام لبق الحديث ودود وكريم تشعر للوهلة الأولى في حضرته انك عرفته طوال عمرك، كنت بالفعل قد سمعت عنه قبل مجئي الي بورتسودان من صديق مشترك أوصاه خيرا بى وأوصانى بدخول المدينة من بوابته ، فاكتشفت لاحقا انه أحد بوابات المدينة بالفعل، كان آخر عهدى ببورتسودان عام 1990 حين جئتها وقتها محاميا قادما من ودمدنى مع موكلين كان لديهم قضية ببورتسودان وجئت وقتها بالطائرة واقمت بفندق في قلب المدينة يومان ثم عدت بالطائرة وليس بذاكرتى من المدينة التى كانت تعج بالذباب والحر الا منظر الماء حين يبلل الجسد بحبات الملح فتندم علي الاستحمام، كانت المدينة في ذلك الزمان مدينة قاحلة لاعلاقة لها ببوتسودان الراهنة الانيقة الجميلة، لذلك كنت متوجسا حين جئتها بعد ستة عشر عاما من الغياب، لكنها كانت مدينة أخري خلعت أسمالها البالية وتأنقت وتألقت كأنها عروس تتهيأ لليلة العمر النفيسة، ثمة شئ من تلك باق في أطراف المدينة ولكن مظاهر كثيرة أختفت وتلاشت.....وحين تهادت السيارة التى يقودها زميلي واخى الاكبر مولانا محمد النذير محمد المبارك من المطار الي قلب المدينة كنت أتلفت يمنة ويسرة باحثا عن الوجه القديم ، فاذا بى المح عمرانا جديدا، شوارع أنيقة نظيفة ، حين بلغت السيارة ناديا الهلال وحي العرب المتجاوران فقط وجدت ملمحا من تلك التى اعرف، حين بلغت السينما بعد نادى حى العرب كدت اطلب من السائق التوقف كى اذهب الي سوق الطبالي حيث اشتريت في تلك المرة الأولي فردة سواكنية انيقة للخطيبة آنذاك وهى زوجتى العزيزة، لمحت الأكشاك الصغيرة بضجيجها المحبب فكاد قلبي يقع بين أقدامى
ذاك مكان أليف محبب للنفس ولعل من أقسي وأفظع قرارات الوالي الهمام ايلا هو ذلك القرار الذى حكم علي سوق الطبالي الفريد بالموت فيما بعد، ذلك سوق كان يمثل معلما وملمحا محببا لكل أهل الشرق وكل من يزور بورتسودان، كان زمانا جميلا
وكان سوق الطبالي قبلة الفقراء ومزار السواح من داخل البلاد وخارجها
كان غلافا أنيقا لمدينة كانت راسفة في فقرها في زمن ما...... المهم قاومت نفسي وواصلت حتى بلغت الميز الذى تم اعدامه هو الآخر لاحقا بواسطة جهات رأت في بيع بوابة من بوابات التاريخ انجازا ومكسبا ، في حين كان ذلك الميز الصغير قبالة الجامع الكبير في بورتسودان رئة من رئات التاريخ تتنفس تاريخا وتحكى تعاقب الاجيال من القضاة عليه، كان معلما من معالم القضائية في بورتسودان أغلي بكثير من النقود التى بيع بها في مقاييس عشاق الأمكنة مثلى وعنه سوف أكتب ، عن غرفه الخانقة وعن الحصي في حوشه وعن شجرته العريقة وعن قططه المخيفة وعن اشياء كثيرة أخري، في ذلك المكان كان أول سقف أويت اليه في بورتسودان....
كان لافتا للنظر ذلك الحصي مدبب الأطراف الذي يغطى حوش الميز كله ويجعل المشي حافيا أو بسفنجة عذابا لايطاق ولم اعرف حتى مبارحتى للميز وبورتسودان كلها السر في اختيار فرش الحوش بهذا الحصي القاسي الذي فيه ملامح من جبال البحر الأحمر الكبيرة،كان الميز يتكون من جزئيين : جزء صغير له باب صغير مطل علي مدرسة بورتسودان الثانوية المجاورة للميز وهذا الجزء يتكون من غرفة واحدة واسعة امامها فناء صغير وحمام خارجى تابع لها ، وفي هذه الغرفة كانت اقامتى بصحبة مولانا محمد ابراهيم احمد حسين الشهير بحجو قاضي الاستئناف الذى جاء منقولا في ذات توقيت نقلي ، في تلك الغرفة ومع ذلك الرجل البحر الواسع المعرفة الساخر الزاهد و ان بدا ساخطا دوما، كانت اقامتى القصيرة في الميز وهى ثلاثة أشهر انتقلت بعدها الي شقة جميلة علي بعد خطوات من الميز في عمارة بنك التضامن في الطابق الثانى حيث اقمت مع اسرتى كل فترة عملي ببورتسودان ، ومن الصدف الغريبة جدا أننا حين تقطع الكهرباء عن الميز والمدينة كنا نلاحظ ان تلك العمارة تكون مضئية لوجود مولد ضخم خاص ببنك التضامن يضئيها كلها، فنجلس في الظلام وابصارنا متعلقة بضوئها وكنت ادعو الله في سري ان يكون لى نصيب للسكن فيها أو في موقع مشابه ، وكان من لطف المولى بى وكرمه على ان جعل لى نصيبا بالاقامة فيها والتمتع بمزاياها لمدة اربعة سنوات هى فترة اقامتى وعملى ببورتسودان. اما باقي الميز فكان عبارة عن ثلاث غرف داخل برندة مغلقة بالنملى والخشب وله باب خاص بها وباب آخر يفتح علي السوق وتحديدا علي مبانى الجامع الكبير . في ذلك الجزء كان يقيم شباب القضاة حاتم قرنى وادم حاج الطاهر وبيتر اوبج وابو القاسم (الشابي) ومحمد عبد الله ابو وكان هناك قاض جنوبي مهذب ورقيق آخر يدعي فيليب .
العم حمام خزنة الأسرار
كل التفاصيل الجميلة اتذكرها ، حتى ذلك الرجل الكبير في السن المقيم معنا بالميز، ذلك الرجل الخدوم الغامض ووجوده المؤثر وعلاقته بمجموعة الميز ، كان اسمه العم حمام،و كان حمامة جريحة حنونة تعطى بسخاء برغم جرحها الذى طوت عليه قلبها، كان واضحا ان الرجل له قصة ما حزينة الفصول آثر الا يرويها لأحد ، رجل مرتب ومنظم وحسن المظهر وكل شئ عنده مثل بندول الساعة لايتخلف عن موقعه أو زمنه ، كان يقاسمنا الميز ولديه اوقات يختفي فيها ويغيب ثم يعود في ميعاده بلا تأخير وفي بعض الأحيان يأتى من يزوره وكان وجوده بالميز وهو لايعمل بالمصلحة القضائية مثيرا للتساؤلات لكنه كان وجودا متوارثا ومستمرا فبات مثل كل غرفة وحائط في الميز مبررا وعاديا ولكنه يظل مثيرا للفضول والأسئلة خصوصا انه كبير في سنه فقد تجاوز منتصف الستينات لكنه يبدو أصغر وأوفر شبابا، كان طباخا ماهرا جدا وله نفس خاص في كل شئ تلمسه يده وخاصة السمك وكانت بينه وبين حاتم قرنى ضابط الميز النشيط صلات خاصة موضوعها تدبير كل شئ يتعلق بوجبات الميز الشهية وتحليته كان رجلا لايمكن نسيانه، حاولت التقرب اليه كثيرا للوقوف علي قصة حياته وسره الغامض الظاهر للعيان لكن محاولاتى باءت بفشل ذريع ، فالرجل يتحدث في كل شئ الا عن نفسه...رحمه الله رحمة واسعة فقد عرفت فيما بعد بسنين عديدة انه رحل عن الفانية حاملا كل الاسئلة حوله وحول حياته معه الي هوة صمت أبدى ولكنه ظل ويظل رجلا جميلا احببناه بصدق.
صلاح سر الختم علي
28-09-2013, 08:44 PM
قطط الميز
كانت الظاهرة الملفتة الاخري في الميز وربما في بورتسودان كلها هي ظاهرة القطط الكثيرة المنتشرة التي تتجول في المكان بحرية وغطرسة ولاتتهش ولاتتنش، مما يعمق الرهبة في النفوس تلك الرهبة التي تنبع من حكايات كثيرة تروي عن قطط بورتسودان وسواكن فتجعل الدم يتجمد في العروق، اظن تلك القطط تعلم ا ن بنى البشر يخافون منها ويتحاشون ضربها أو الاقتراب منها أو محاولة ايذائها بأي شكل بسبب تلك الأساطير والحكايات التى يسمعونها وينسجونها عنها، ولهذا السبب فانك اذا نهرتها فلن تهتم بك بل تنظر في عينيك مباشرة وقد تتمطى في كسل فتجد نفسك انت الهارب من المكان، كان الميز يعج بالقطط وكانت أكثر من سكانه، تأتى من أمكنة مجهولة وتبقي ماشاء لها البقاء وتذهب وقت تشاء، ومن الصور المحفورة بذاكرتى مشهد الهرة التى أكلت بنيها ذات ليلة في الميز وذلك الصراخ الشبيه بصراخ طفل وليد الذي شق سكون الليل، تكرر الصراخ وتكررت أصوات أخري وبدت الأصوات المستغيثة أصواتا إنسانية تمزق نياط القلوب ، وبقيت قابعا في غرفتى ولم اجروء علي الخروج لمشاهدة المنظر حين تصورته من خلال تحليل أحد الزملاء لما يجري خارجا حسب خبراته، وفي الصباح لم نجد أيا من القطط الصغيرة الوليدة في مكانها الذى كانت تحتله وكانت أمها التى ولدتها هنالك وظلت ساهرة عليها طيلة الفترة السابقةغير موجودة هى الأخرى، سألت عما جري ليلا، فعرفت ان هناك احتمالين: اما ان تكون قطط دخيلة قد أكلت الصغار بعد معركة مع الأم ، وإما ان تكون الأم نفسها هى الفاعلة، لم ابحث كثيرا عن حقيقة كل وجه محتمل لها هو وجه قبيح، وبات تناول الطعام صعبا لعدة ايام وانا اتخيل القطة الأم وهى تنهش بنيها، كانت القشعريرة تسري في كل جسدي ، فألوذ بالصمت.سألت نفسي والآخرين عن مدى صحة مقولة ان القطة تأكل بنيها فتعددت الاجابات وكثرت ، بعضهم يقول أن القطة حينما ترى أن فرصة عيش أحد صغارها مستحيلة تقوم بأكله لكي تقوى على إرضاع باقي أطفالها لأنها تكون منهكة جداً بعد الولادة.. وهناك أقوال تقول أن القطة تعتقد أن هذا الصغير إن لم تأكله فسيقتلها عندما يكبر.. وهناك أقوال تقول أن القطة تأكل أول مولود لها وهو يكون أقواهم وأكثرهم حملاً للفيتامينات والعناصر المفيدة فتأكله القطة فتقوى على تربية باقي أولادها لذلك هناك مقولة تقول أن أول مولود للقطة إذا أخذته فور ولادته وكبر فسيصبح قط قوي وكبير. ويري البعض ان القطط لا تأكل صغارها ابدا ولكنها عند ولادتهم تبدأ الام بقطع الحبل السري للقطط المولودة باسنانها كما هو الحال عند الانسان فيتوهم البعض ان الام تأكل صغارها وهذا غير صحيح. عموما لازلت حائرا في هذا الصدد ولم اركن الي صحة أي اجابة ولم اتيقن من حقيقة ما حدث في الميز لكن الحقيقة المؤكدة ان صغار القطة اختفوا جميعا في الصباح التالي ولم يظهروا أبدا ولازال صراخهم الذي فيه شئ آدمى يرن في اذنى كما سمعته في تلك الليلة ولازلت اتخيل القطط الصغار الجميلات في فك امهن أو في أفواه قطط ضالة شرسة انتزعتهن من حضن الأم في غيبتها أو حضورها وركضن بهن بعيدا لينهشن الاجساد الغضة..
صلاح سر الختم علي
28-09-2013, 08:46 PM
فهمى صالح الرجل الصالح نجمة في سماء بعيدة
فتحنا عيوننا في حى 114 الحبيب وتعلمنا في ازقته الصغيرة وبيوته المعروشة بالمحبة اشياء كثيرة نبيلة وغالية ، كنا فقراء ابناء فقراء، بسطاء ابناء بسطاء، اغلب امهاتنا أميات وكذلك الاباء المتعلم فيهم يفك الخط بالكاد، لكن بمقدور المرء ان يجزم باننا حظينا باجمل واروع وافضل بيئة اجتماعية يمكن أن يحظى بها اطفال وشباب، كانت بيئة طاهرة ونظيفة ومملؤة بالحب والمحبة، كان الكبار كلهم اخوانا واباءا والأمهات كلهن أمهات للكل والأخوات محل تقدير واحترام ،تربينا علي الثقة المتبادلة وعلي الأخوة الصادقة والرجولة والشهامة والكرم والإيثار والتعاون،كانت بيوت الرذيلة علي مرمى حجر منا وكان اولاد الفريق متعففين وعلي خلق ودين، وكانت بيوت الخمور علي قارعة الطريق وكان الحى معافى، كان فهمى نجمة بعيدة متميزة، شاب بدين نوعا ما ولكنه ضاحك بشوش نشط خفيف الحركة لايغيب عن أي نشاط او مبادرة أو مباراة أو تمرين لفريق الأهلي مدنى عشقه الكبير وعن تمارين فرق الحي 114، كان منزلهم يتبع جغرافيا لحى الحلة الجديدة ولكن بوابته الفاتحة علي بيوت 114 فتحت قلوب أهل البيت علي حب الكمبو وأهله فباتوا جزءا لايتجزأ من الكمبو، بات فهمي واسرته كلها ينتمون انتماءا كاملا للكمبو ولايعرفون حيا غيره برغم احتفاظهم بعلاقات طيبة مع اهل الحلة الجديدة جعلت منهم قنطرة ربطت بين اهل الحيين المتجاورين، لم يلعب فهمى الكرة ابدا، ربما بسبب بدانته، ولكنه كان عاشقا لكرةالقدم ونشاطها الاداري لم تعرف المدينة والمنطقة الجنوبية مثيلا له في ذلك العطاء والوفاء الا قلة نادرة توشحت بها مدينة مدنى في ذلك الزمان الجميل ، لمعوا مثل شهب جاءت من السماء فاضأت الكون برهة من الزمان ثم غابت وتركت الناس في شوق اليها، ولعل المقام مقام ذكر لتلك الاسماء: عبدة مالك ومحجوب فضل وصلاح الشاذلى وازهري حبيب نسي وصلاح حسن والنور الفلاتي وبابكر بتاع فريق الوادى وجيرانه ناس الصايم والاستاذ بتاع فريق الوادي وناس يسين بتاع نجوم المزاد في الرابطة الجنوبية وهناك ناس عبد الله سرالختم في التضامن وناس مجدالدين وابوليلي في الثوار وناس الشاعر في الاصلاح وناس الكوارتة في بانت وغيرهم ممن سقطوا من الذاكرة ولكنهم يبقوا في ذاكرة المدينة نجوما بعيدة قامت علي اكتافها نهضة مدنى الكروية، لم ينهبوا مال شعب ولم يكونوا اثرياء ثراءا مشبوها ولم يكونوا يطالبون بديون علي الاندية ولم يعرف احد كيف انفقوا عليها، لكنهم كانوا جميعا شموعا تحترق لاجل الاخرين ويفعلون ما يفعلون كالشهداء يموتون في صمت بلا انتظار للثمار، كان فهمي احد اولئك النبلاء الذين جاد بهم الزمان علي اهل السودان فاعطوا بلا كلل وعملوا بلا أمل اقاموا علي سفر وفارقوا علي عجل، ومضوا كالاحلام ، كالشهب، كامطار الخريف، تمضي الي جوف الارض وتغيب فيه فتخرج خيرا عميما للاخرين، كان فهمى بابتسامة دائمة وعقل مرتب هو من أشرف علي ادارة فريق المجد 114 منذ التأسيس وحتى ذهاب المجد الي العدم الذي جاء منه، كان اداريا فذا وهماما وملما بقواعد ادارة نشاط الناشئين ولبقا وصارما في التعامل مع اللاعبين وقد كنت أحدهم لفترة طويلة،لم تصدر عنه يوما لفظة نابية، لم يوجه اساءة للاعب أو خصم أو حكم أو اداري أو مشجع، كان كل جهده وفكره منصبا علي شؤون الفريق، تسجيلاته وصحتها وخطوطه وتقويتها ونشاطه وانتظامه وانتصاره بالطرق المشروعة، لذلك كانت سمعة فريق المجد دوما فوق كل الشبهات ولم يرتبط اسم المجد بشغب أو اعتداء علي حكم أو سوء سلوك من أي نوع، وكان لفهمى ورفاقه في الادارة وعلي رأسهم الاخ الفاتح عبد الوهاب رئيس فريق المجد دور كبير في ذلك السجل الناصع لفريق جاء من العدم وبات في زمن وجيز من عمالقة الرابطة الجنوبية وهى اقوي رابطة في مدنى انذآك، كان فهمى صديقا للاعبي الفريق جميعا بلا تفرقة أو تمييز وكان حاضرا دوما في النادي حيث كان عاشقا للضمنة ولاعبا ماهرا له صولات وجولات فيها مع الريح ابوالريح والمرحوم صلاح التلب مدافع المجد والاخ يوسف الله جابو والاخ صلاح حسن سعيد، جمعتنا بفهمي ذكريات كثيرة منها رحلتنا الي مدينة الابيض واستقبالنا لناس الابيض في النادى حين ردوا الينا الزيارة، فقد كان نجما في المناسبتين، وكانت لنا رحلة اخري الي سنار ورحلة رابعة الي الخرطوم الامتداد، كانت ذكريات جميلة، كانت لفهمي مداعبات خاصة مع زامبيا وفرفر والاخ ناجى تشتش والاخ عادل محمد مختار الثعلب ومحجوب كرفون لاعب الوسط الرهيب بفريق المجد، اما علاقته بالاخ عماد كسبرة وعماد الدنكوج ومحمد احمد الرشيد باكات الفريق فقد كانت علاقة خاصة قوامها مداعبات متبادلة. لا اذكر لاخ فهمي مشكلة مع احد في مجتمع المجد ابدا، غير انه لم يرض انتقالي الي فريق الثوار دون الحصول علي موافقة ادارة المجد، فترت علاقته بي ولكن سرعان ماعادت المياه الي مجاريها وظلت الابتسامة دوما علي ذلك الوجه الطيب حتى اضطرتنى ظروف عملي للغياب طويلا عن مدنى، جتي كان لقائي الاخير به في مدينة كريمة حين جاء مع محبوبه الاهلي في العام 2011 لمباراة في التأهيلي امام الجبل كريمة، كنت بالاستاد اثناء المباراة حين اقبل نحوى شخص نحيف بدت ملامحه مألوفة لكننى لم اعرفه فهمس مبتسما( انا فهمي ياحارس.....انا فهمى) تقالدنا بحرارة وكان يهمس( انا ما جانى سرطان ياحارس، قربت اروح فيها وربك كتب لي عمر) كان لقاءا مؤثرا جدا وقصيرا جدا ، واخيرا جاء نعيه كالصاعقة.. رحل الرجل الذي زرع الكمبو بالابتسامة وكان من ابرز صناع مجد المجد فيه، كان خريفا كريما في كل شئ، كان ابا واخا وصديقا ونجما في سماء بعيدة
وكعادته في كل شئ كان فهمى باسلا في صراعه مع مرض السرطان اللعين الذي استوطن بدنه ولكنه لم يتمكن من هزيمة روحه
ظل الرجل يقاوم ببسالة حتى نهض من المرض في نهوض مدهش وباشر حياته بضعة اشهر وفعل كل مايحبه ورافق فريق الاهلي في رحلات مهمة للعودة للممتاز وعاش معه فرحة العودة لموقعه ثم زوت الشجرة الخضراء وماتت واقفة ورحل الرجل رحيلا فاجعا الي عالم ارحب وارحم
اللهم ارحم فهمى صالح واجعل الجنة مثواه مع الصديقين والشهداء
ياسر عمر الامين
29-09-2013, 12:29 AM
أأسف أشد الأسف استاذنا الأديب الكبير صلاح سر الختم ولظروف ضاغطة لم استطع أن أتابع هذه الفضفضة المليئة بالتجارب الثرة التى تفيد المتلقى وتثرى معرفته غير المتعة والاستمتاع بقراءتها بلغتك الأدبية الرصينة وقلمك الرشيق...وهذا ما وجدته فى صفحات الفضفضة الأخيرة...ورغم بداية قراءتى لها "بالمقلوب" لكنى سعدت بقراءتها واستمتعت بسردها مما يجعلنى أبداء فى قراءتها من اولى صفحاتها باذن الله.
ولك ودى وتقديرى
صلاح سر الختم علي
29-09-2013, 04:35 AM
أأسف أشد الأسف استاذنا الأديب الكبير صلاح سر الختم ولظروف ضاغطة لم استطع أن أتابع هذه الفضفضة المليئة بالتجارب الثرة التى تفيد المتلقى وتثرى معرفته غير المتعة والاستمتاع بقراءتها بلغتك الأدبية الرصينة وقلمك الرشيق...وهذا ما وجدته فى صفحات الفضفضة الأخيرة...ورغم بداية قراءتى لها "بالمقلوب" لكنى سعدت بقراءتها واستمتعت بسردها مما يجعلنى أبداء فى قراءتها من اولى صفحاتها باذن الله.
ولك ودى وتقديرى
حروفك الجميلة قلادة علي عنقي وظهورك هنا تزيين للمكان
شكرا ياصديقي
صلاح سر الختم علي
21-10-2013, 04:08 AM
صدمات موجعة في الحياة ( من السيرة) صلاح الدين سر الختم على
من الاشياء القاسية في الحياة ان تضطر اضطرارا للتخلى عن تصوراتك الجميلة الحمقاء عن الآخرين
وجه الجمال اننا كلما احببنا شخص أو شئ جملناه بمحبتنا حتى رفعناه الي مراتب سامية وعالية لم يبلغها هو في الحقيقة أبدا لكن محبتنا له ورغبتنا في رؤيته في أسمى وأعلى موقع هى التى تصنع ذلك
ووجه السذاجة هو اننا ندرك متأخرا جدا ان ليس كل مايلمع ذهباً
وليس كل من نحبه في مستوى ظننا فيه بالضرورة
لكننا للأسف ندرك ذلك دائما متأخرا جدا ، بعد ان نكون قد مشينا بقلبنا فوق الشوك والجمر وأدميناه وأوجعناه
حدث ذلك معى كثيرا جدا
لا أدعى اننى ملاك صغير أو اننى بلا عيوب ولكن أستطيع القول بلا تردد انه ليس من عيوبى أو محاسنى سوء الظن بالاخرين
واستطيع القول أننى اندفع بكل مشاعرى تجاه من احببت وصادقت ومن حسبته ذهبا
لكن أقسي تجاربى هذه كانت انقلابا كاملا في حياتى
فقد أفقت يوما والعالم الجميل الذي بنيته في خيالى وعشته وهما جميلا لايأتيه الباطل من بين يديه أو من فوقه أو من تحته
أفقت فوجدته سرابا كاذبا
وخيالا بعيدا
كان صرحا من خيال فهوى
وكان بيتا من رمال ابتلعته موجة واحدة من موجات البحر
وكان حلوى زائبة مثل تلك التى نسميها ( حلاوة قطن) ذابت في فم صغير ولم يبق إلا
طعمها وصورتها في الذاكرة
لا استطيع الكتابة الا رمزا للأسف
فما أقسي الحقيقة حين تجرح وتدمى وتفضح من نحبهم ومن أنفقنا العمر في تجميل صورتهم وعبادة أصنامهم وصنعها والترويج لها
ما أصعب أن يكون المرء مثل تلك المرأة الخرقاء بمكة التى كلما أحسنت غزلها نقضته من بعد احكام وقوة (التى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا}
لم يكن غزلى عهدا
ولكنه كان ظنا حسنا
وأمنيات ذرتها الرياح وبعثرتها كيفما أتفق
كنت أصنع وهمى وأصدق ماصنعت وأعيش فيه
فيأتى طفل صغير وبشكة دبوس صغيرة
ينفجر منطاد الوهم وتسفر الحقيقة عن وجه قبيح عار
لامساحيق تجمله
ولا مصابيح العالم كله بقادرة علي محو ظلمته
ياصديقي فلتكن الحقيقة عارية
ولتكن الحقيقة جثة باردة
ولتكن الحقيقة لطمة علي الوجه
وبصقة علي الوجه
ولكنها لن تكون أبدا
في قبح الزيف
ولا فى وضاعة كاذب صغير أو كبير
ولا فى دناءةمن يبيعون الوهم والأكاذيب
ويسحقون القلوب بلا أدنى شعور بالذنب
ينامون علي عروش منهوبة
ويشربون بجماجم مثقوبة برصاص قناصتهم
ويأكلون لحم من صافحوه في الظهيرة مساء
ويفعلون كل قبيح سرأ
ويتجملون بكل جميل علناً
ليس بحثا عن الجمال
ولكن بحث الذئاب عن التستر خلف وجوه الحملان
قبل الهجوم علي القطعان
ومثل إختباء الثعلب وسط الدجاج قبل الإنقضاض عليه
هم ليسوا هم أبدا
بسماتهم مزيفة
كلماتهم منمقة مجوفة
عطورهم دماء
صلاتهم رياء
وصالهم خداع
خصامهم فجور
بيوتهم قبور
زهورهم مسروقة
صدقهم محال
وكذبهم كثير
وكرمهم ستار
هم ذهب الجوهر منهم
وبقي المظهر
ذهب التبر
وبقي تراب مخلوط بمكر الثعالب
وقسوة القصاب عند ذبح الشاة
الخرطوم
20 اكتوبر
صلاح سر الختم علي
21-10-2013, 09:49 AM
أحن اليك يا أمى حنينا ماج في صدري، كم احتاج حكمتك وقدرتك الفريدة علي تجاوز الصغائر والنفاذ الي جوهر الاشياء، كم أحن الي صوت المطر وهو يهطل بغزارة ونحن محبوسون في تلك البرندة الصغيرة في بيتنا بحي مايو وانت تهمهمين حامدة الله وشاكرة سرا وجهرا، كنا بجوارك كعصافير صغيرة تلوذ بأمها وتختبئ في جناحيها من المطر وكل انواع الخطر، تزداد الأمطار ضراوة فيتملكنا الخوف أكثر ونقترب منك فترتسم الابتسامة علي وجهك الوضئ المضئ ، تنقطع الكهرباء، يظلم المكان فيضئيه وجهك ويتملكن خوف من الظلام يبدده صوتك الدافئ، نضحك مع كلماتك ويعود الدفء، ينقلب المشهد الي ضده تماما، نتباري في الضحك وسرد الحكايات وخطف كرة الحديث من الاخرين، ننسي الظلام والمطر والخوف ويحلو السمر بلاقمر في السماء ولكن قمر الأرض أجمل ولسانه ينثر شهداً وعطراً، كانت تعرف كيف توزع علينا الإهتمام بالتساوى والقسط ابتداء من توزيع الألقاب فأنا ( ابو الصلح الكلامو سمح) وعبد العظيم ( عظوم الخاتى اللوم) واقبال (قبولة السمح قولا) وامال هى (أمولة) وعماد هو( العمدة) وسهام هى( سهومة) ، ثم توزع علينا انصاتها وردودها الحاضرة علي ضجيجنا الكثير وأسئلتنا التى لاتنتهى حتى يصمت نقيق الضفادع ويخفت صوت المطر تدريجيا ويستغيث الظلام منا بادارة الكهرباء فيبق النور علي حين غرة فنهب صارخين بصوت واحد
الكهرباء جات
الكهرباء جات
ونركض صوب الحوش الوسيع لنتفقده ونهرول الي الغرفة الأماميةلنرى ماذا فعل بها المطر ، وربما تسللنا الي الشارع لنتفقده ونتفقد الجيران ثم نعود علي عجل لنقف بجوارك وانت تعدين الشاي باللقيمات علي عجل ليسكت جوعنا وشعورنا بالبرد، تلك الابتسامة الفرحة علي جبهتك وفمك من أين تجئ دائما هكذا بذات الاتساع والفرح ؟!
نحتسي الشاي ونحن متحلقون حولك مثلما يتحلق المريدون حول شيخهم
وأنت توزعين الابتسامات علينا بالقسط، واللقيمات الصغيرة تهاجرمن الصحن الي الأفواه الصغيرة والأيدى تلمع بزيت تساقط عليها من اللقيمات
والابتسامة علي وجهك لاتموت، اختلس اليك النظر خلسة واتساءل متى تأكل أمى شيئا؟! هل تفعل كل الأمهات هذا؟ هل يظلن العمر كله يطعمن ولايأكلن ، يغسلن الأجساد الصغيرة ويكنسن الحيشان الوسيعة بمكانس السعف القاسية علي الأيدي في الهجير بلا كلل ولاملل ، ويمسحن دموع من يبكى ويغثن المستنجد بهن مهما كان سبب الاستغاثة تافها أو جللاً، يغسلن الأوانى والملابس في كل صباح وظهيرة، يواجهن نيران العواسة علي الصاج ويخرجن طرقات الكسرة الجميلة وهن يبتسمن وعرقهن الطاهر يقبل الأرض بلا إنقطاع؟! وحين يجأرن بشكوي أو يبكين لايجدن مثلنا من يمسح دمعهن ويغثهن، كنت اتساءل دوما متى تأكلين أماه؟! وكيف تكون الحياة لو كنت لست بها؟
الآن أواجه الاجابة علي سؤالى، وحيدا، وانت حمامة بيضاء حلقت نحو السماء، المطر والرعد والظلام والصمت يحاصرنى
أبحث عنك
فيجيبنى العدم
bit madani
29-10-2013, 09:24 PM
أحن اليك يا أمى حنينا ماج في صدري، كم احتاج حكمتك وقدرتك الفريدة علي تجاوز الصغائر والنفاذ الي جوهر الاشياء، كم أحن الي صوت المطر وهو يهطل بغزارة ونحن محبوسون في تلك البرندة الصغيرة في بيتنا بحي مايو وانت تهمهمين حامدة الله وشاكرة سرا وجهرا، كنا بجوارك كعصافير صغيرة تلوذ بأمها وتختبئ في جناحيها من المطر وكل انواع الخطر، تزداد الأمطار ضراوة فيتملكنا الخوف أكثر ونقترب منك فترتسم الابتسامة علي وجهك الوضئ المضئ ، تنقطع الكهرباء، يظلم المكان فيضئيه وجهك ويتملكن خوف من الظلام يبدده صوتك الدافئ، نضحك مع كلماتك ويعود الدفء، ينقلب المشهد الي ضده تماما، نتباري في الضحك وسرد الحكايات وخطف كرة الحديث من الاخرين، ننسي الظلام والمطر والخوف ويحلو السمر بلاقمر في السماء ولكن قمر الأرض أجمل ولسانه ينثر شهداً وعطراً، كانت تعرف كيف توزع علينا الإهتمام بالتساوى والقسط ابتداء من توزيع الألقاب فأنا ( ابو الصلح الكلامو سمح) وعبد العظيم ( عظوم الخاتى اللوم) واقبال (قبولة السمح قولا) وامال هى (أمولة) وعماد هو( العمدة) وسهام هى( سهومة) ، ثم توزع علينا انصاتها وردودها الحاضرة علي ضجيجنا الكثير وأسئلتنا التى لاتنتهى حتى يصمت نقيق الضفادع ويخفت صوت المطر تدريجيا ويستغيث الظلام منا بادارة الكهرباء فيبق النور علي حين غرة فنهب صارخين بصوت واحد
الكهرباء جات
الكهرباء جات
ونركض صوب الحوش الوسيع لنتفقده ونهرول الي الغرفة الأماميةلنرى ماذا فعل بها المطر ، وربما تسللنا الي الشارع لنتفقده ونتفقد الجيران ثم نعود علي عجل لنقف بجوارك وانت تعدين الشاي باللقيمات علي عجل ليسكت جوعنا وشعورنا بالبرد، تلك الابتسامة الفرحة علي جبهتك وفمك من أين تجئ دائما هكذا بذات الاتساع والفرح ؟!
نحتسي الشاي ونحن متحلقون حولك مثلما يتحلق المريدون حول شيخهم
وأنت توزعين الابتسامات علينا بالقسط، واللقيمات الصغيرة تهاجرمن الصحن الي الأفواه الصغيرة والأيدى تلمع بزيت تساقط عليها من اللقيمات
والابتسامة علي وجهك لاتموت، اختلس اليك النظر خلسة واتساءل متى تأكل أمى شيئا؟! هل تفعل كل الأمهات هذا؟ هل يظلن العمر كله يطعمن ولايأكلن ، يغسلن الأجساد الصغيرة ويكنسن الحيشان الوسيعة بمكانس السعف القاسية علي الأيدي في الهجير بلا كلل ولاملل ، ويمسحن دموع من يبكى ويغثن المستنجد بهن مهما كان سبب الاستغاثة تافها أو جللاً، يغسلن الأوانى والملابس في كل صباح وظهيرة، يواجهن نيران العواسة علي الصاج ويخرجن طرقات الكسرة الجميلة وهن يبتسمن وعرقهن الطاهر يقبل الأرض بلا إنقطاع؟! وحين يجأرن بشكوي أو يبكين لايجدن مثلنا من يمسح دمعهن ويغثهن، كنت اتساءل دوما متى تأكلين أماه؟! وكيف تكون الحياة لو كنت لست بها؟
الآن أواجه الاجابة علي سؤالى، وحيدا، وانت حمامة بيضاء حلقت نحو السماء، المطر والرعد والظلام والصمت يحاصرنى
أبحث عنك
فيجيبنى العدم
كعادتك في إستدعاء الحزن ... أحب كتابتك ... و أحب حزنك النبيل و اشتاق مثلك و احن لحضن والدتك و كاني كنت من صدق سردك احد أبنائها ... يا لعظمتها يا صلاح و يا لوفائك ...
يا لهذا الألم الذي يجتاحني لألمك ... فطفولتي كانت مشابهة ... اللهم ارحم والدينا برحمتك و أغمرهم بإحسانك الأحياء منهم و الأموات ...
ود الأصيل
29-10-2013, 10:58 PM
لك التجلة المبدع/ صلاح، فقد لامست بمبضعك سُلامات الوجع لفراق أحبة لن ننسى ذكراهم
فنكأت جراحاً و حركت شجوناً وأدميت عيوناً كم عاشت من قواسم مشتركة للعطاء مع زمرة
من جيل الوفاء البسطاء
و لإن آثرتُ المجيء أخيراً و لعلي لست بآخر،
فلقد وجدتك سابقني إذ جئت فائضاً كسيل منحدر،
إذ تعلو محياك طلة كما بدر التمام في ليلة خامس عشر..
وتفوح منك أنفاس كخاتمة المسك مشبعاً برصين المعاني
معتقاً بحلاوة كبوح الصبايا في مرقة عصر..
وأظن أول قاسم مشترك أعظم لاحظته بيني و بينك هو رهافة الحس و قرب الدمعة
الفوق الرموش،،مكبوتة بي حسرة و ضياع..
ورعشة الكف الخضيب..
مقورونة بي نظرة ودااااععععع ،
جابو القدر في سكتي،
على حافة وتر مشدود.
هذا ليس بنظم شاعر و لا برطمة كاهن و لا هترشة مجانين.. ولكنه إحساس حثيث
و شعور دفين يظل يعتريني، و شوق دفيق يتلبسني الآن كالمس من عرصات التجلي
فأولاً إن جاز لنا التعبير لنسمي ما نكتب إبداعاً فهو بلا شك، نوع من وخز الإبر في صميم رحم المعاناة و ضرب من عصارات أنين الوجع. و لعل ماحفزني لمجادعتك هنا هو شعورعجيب بتلذذ المعاناة. فهي أحلى بعد تجاوزها. و سر النجاح والأبداع في نظري أنه يقتات دوماً على فتات موائد الألم. يقول تشارس ديكن:"أنا أبدع طالما أنني أظل أعاني". فالكاتب و المبدع عموماً بمثابة أرشيف لذاكرة ما يدور بخواطر أهله وناسه ، كونه مرآة ساذجة و كاميرا نزيهة تلقط ما حولها لتصوغ منه أمثلة مدهشة وتبدع تفانين خرافية رائعة.والشاعر قيثارة عصره و لسان حال زمانه الذي لا مجال لإفلاته منه و إن حاول الفكاك من قيوده التي كلما ضاقت به ذرعاً استحكمت حلقاتها و لم تفرج، و إن تمرد على كثير من تفاصيل أوضاعه، و جند نفسه لمعترك صون الفضيلة و نبذ ثقافة النفور و الكراهية و سعى جهده لتأسيس وعي مسكون بقضايا قومه، ملتزم بها.فليس المبدع مؤرخاً محترفاً بالضرورة ، و إن كان موثقاً جيداً، يعيش يومه و يشرئب لما تحبل به ثنايا غده.. و هو يدون لنا شهادة شاهد عصر رأى بأم إنسان عين زمانه ،و قلب يكاد ينخلع ألف مرة قبل أن يرتمي على مخازي عري كل سترٍ رآه يُهتك، أو ظلمات كل ظُلم رآه يقع، أو إثبات كل حق سمعه يستلب.و للكلمة مفتاح تحظى به على خارطة الإصلاح في كل أمة و النضال لنصرة كل شعب يريد البقاء.
تعيدني بهمسك الحزين إلى "خميرة سودنة"كنت كتبتها تحت عنوان :
قلبي على جناي، و قلب جناي على حجر
شخصياً، في جعبتي حكاية معاناة خاصة ، ممتدة و محببة؛ حيث إنني جئت إلى هذه الدنيا و لم أر أمي قط ، تلك التي أودعتني أمانة لهذا العالم المتوحش و رحلت إلى رفيقها الأعلى. فترعرعت في أحضان حبوبتين كانتا تتنازعان الشرف في احتضاني. أذكر تلك التي ظفرت بضمي و تعاهدتني على إقبال ثم جئت لافتقدها بعد حين من الدهر، كي أرد قيضاً من فيض جمائلها علي ، فوجدتها تنوي وداعي على إدبار، وهي تلملم بقايا حطام عمرها و توشك أن ترحل .
كانت تعد لنا الطعام و تضعه راضية مرضية بين أيدينا أنا و أخوتي ، ثم تجلس بجوارنا القرفصاء لتراقب عن كثب ، مراقبة لصيقة وتقاسيم وجهها الشاحب تشي بأنها (بايتة القوى). و إذا شح الطعام أو تناقص الإدام حتى نطلب منها المزيد، لاتلبث تمهلنا لنصيح بها (تعالي ملحيها وزيديها ، وخلينا نمشي نخرا ونجيها) حتى تأتينا بما نريد في حينه، حتى لو من مافي. حتى إذا فرغنا تماماً إذا بها تدنو لتحسن (مرماس) القدح لتسد به رمقها وتقنع بقليله.
كنت أصغرهم سناً و بي حماقة، إذ تسميني (الجنا أب وشاً محومر).فكانت إذا نال منها الغضب و طفح بها الكيل وصفعتني مثلاً (أو قشطتني بسير المفحضة), فسرعان ما تسترجع جاهشة بالبكاء و تأكل أصابعها من الندامة فتصنع لي شربات من الليمون تغرق فيها تلة من السكر. وهي قاطعة على نفسها عهداً ألا يجد الحزن سبيلاً إلى قلوب هؤلاء اليتامى من ثغرتها.
فلما كبرنا و خرجنا لطلب العلم و العمل كان قد برد عنفوانها و تقدم بها السن فزاد تعلقها بنا و بي شخصياً لدرجة خرافية مخيفة. فكنت إذا حضرت من سفرقاصد وهتف صبية الفريق باسم من حضر، تهرع تلك الجدة العمياء من دارها تسابق الريح إلى المحطة لتعانقني وتمطرني بوابل من هستيريا اللحس و الاحتضان، و هي تصحبني منهناك وهي تتلمس علامات دربها بعكازة، يقودهاقلب الوالد و تسير بنورالبصيرة ، عوضاً عن بصرها الذي فُقد.
عجبت من شأن حبوبتي لما مرقت مسافر و (داقش البنادر)و جيت راجع ذات مرة جايب ليها هدية قيمة ، عبارة عن صابونة معطرة ( أم ريحة) فلم تستخدمها مطلقاً ؛ فقط ظلت تشمها و تلمها للمناسبات و هي تقول: إني لأجد فيها ريح و لدي (فلان). ياخي دي لدرجة مرة مشتري لي شبشب بلون شاذ (عنابي)م ن أكشاك جيهة الأوقاف دي في مدني و بعدين يوم جيت مسافر، غيرت ملصتو خليتو مجدوع في سدر البيت فقامت ست الحبايب شالتو نففضتو زيييييين ولمممتعو طيب مليح، ولمتو ليك عارف وين!أصلكم ما ح تصدقوا لو قلت ليكم بعد رجوعي من السفر لقيتو مختوت في بطن (السحارة)،ذاك الصندوق الخشبي الذي نتخد منه مخبأ آمناً لأشيائنا النفيسة.
ثم أذكر يوم أبرمت عقدي مهاجراً للعمل في بلاد الله الواسعة حيث لا زلت أعيش طافشاً من وطني ، هائماً على وجهي و خائفاً من ظلي ، إلى أن يرد الله غربتنا. و بينما كنت منهمكاً يومئذٍ في تخليص إجراءات الاغتراب، حمل إلي فاسق نبأ تلك الشجرة التي ماتت واقفة. حينها قطعت كل شيء على عجل فسافرت إلى قريتها النائية في أقاصي البطاح لتلقي واجب العزاء.هناك وجدت الكل يرصدونني: ليخمنوا ما أنا فاعل بفجيعتي في صاحبة الأيادي البيضاء التي منحتنا كل شيئ ؛ و لما جئنا نرد شيئاً من جمائلها علينا كانت قد رحلت في صمت و ودعت صخب عالمنا بهدوء. رأيت الفضولين من أولئك النفر يلحظون في أم عيني و كأنهم يستدرون عطف دموعي فكانت خيبتي بجلاجل: إذ خذلتني عيناي.. فجمدتا و لم تجودا بشيء..و لو بقطرة دمع فقط لذر رماد العيون ؛ رغم محاولات الاعتصار اليائسة. لكنني بدون شك كنت أبكي من دواخلي بحرقة شديدة وغصة يحبسها في حلقي هول الفاجعة. كانت تلك كنوبة عطاس يكبتها شحيح يعاني من ضيق ذات الشرايين. و كدت أتمزق حزناً و سمعت أحدهم يهمس بجواري قائلاً: " يا أخي من مات فقد روحه".
ثم مضيت عائداً ادراجي إلى طاحونة المشاغل، لتلفني من جديد بسيرها الحلزوني. فلما أوشكت على ختم تأشيرتي و شددت رحلي مغادراً. هنالك فقط، جاءتني العبرة في غير وقتها و لا محلها؛ فجلست على أية حال على حافة رصيف الميناء و أنا أنحب نحيباً مراً و أزرف دمعاً دامياً و جلس معي صديق قديم حميم (له مأساة مشابهة حيث فقد أسرتة مبكراً في حادث حريق) يودعني و يبكي معي مواسياً. ثم رفعت رأسي فإذا جمهرة فرّاجة من الناس الغلابة ممن كانوا يغبطونني على فرصتي النادرة للسفر وهم يطوفون حولي كما الحجر الأسود، إذ يضربون أكفاً بـأكف والبعض يتساءل بين حاسد وبغران:" أهي دموع الفرح هذه التي تنهمر من مقلتيه ! أم هي دموع التماسيح؟"!
صلاح سر الختم علي
01-11-2013, 12:06 AM
شكرا بت مدنى علي تفاعل صادق وجميل وكالعادة اتيت متأخرا فعذرا علي ذلك
صلاح سر الختم علي
01-11-2013, 12:15 AM
شكرا بت مدنى علي تفاعل صادق وجميل وكالعادة اتيت متأخرا فعذرا علي ذلك
صلاح سر الختم علي
01-11-2013, 12:22 AM
لك التجلة المبدع/ صلاح، فقد لامست بمبضعك سُلامات الوجع لفراق أحبة لن ننسى ذكراهم
فنكأت جراحاً و حركت شجوناً وأدميت عيوناً كم عاشت من قواسم مشتركة للعطاء مع زمرة
من جيل الوفاء البسطاء
و لإن آثرتُ المجيء أخيراً و لعلي لست بآخر،
فلقد وجدتك سابقني إذ جئت فائضاً كسيل منحدر،
إذتعلو محياك طلة كمابدر التمام في ليلة خامس عشر..
وتفوح منك أنفاس كخاتمة المسك مشبعاً برصين المعانيمعتقاًبحلاوةكبوح الصبايا في مرقة عصر..
وأظن أول قاسم مشترك أعظم لاحظته بيني و بينك هو رهافة الحس و قرب الدمعة الفوقالرموش،،مكبوتةبي حسرة و ضياع..
ورعشة الكف الخضيب..
مقورونةبي نظرة ودااااععععع ،
جابوالقدر في سكتي،
علىحافة وتر مشدود.
هذاليس بنظم شاعر و لا برطمة كاهن و لا هترشة مجانين.. ولكنه إحساس حثيث
و شعور دفينيظل يعتريني، و شوق دفيق يتلبسنيالآن كالمس من عرصات التجلي
فأولاً إن جاز لنا التعبير لنسمي ما نكتب إبداعاً فهو بلا شك، نوع منوخز الإبر في صميم رحم المعاناة و ضرب من عصارات أنين الوجع. و لعل ماحفزنيلمجادعتك هنا هو شعورعجيب بتلذذ المعاناة. فهي أحلى بعد تجاوزها. و سر النجاحوالأبداع في نظري أنه يقتات دوماً على فتات موائد الألم. يقول تشارس ديكن:"أنا أبدع طالما أنني أظل أعاني". فالكاتب و المبدع عموماً بمثابة أرشيف لذاكرة ما يدور بخواطر أهله وناسه ، كونه مرآة ساذجة و كاميرا نزيهة تلقط ما حولها لتصوغ منه أمثلة مدهشة وتبدعتفانين خرافية رائعة.والشاعر قيثارة هوعصره و لسان حال زمانه الذي لا مجال لإفلاتهمنه و إن حاول الفكاك من قيوده التي كلما ضاقت به ذرعاً استحكمت حلقاتها و لمتفرج، و إن تمرد على كثير من تفاصيل أوضاعه، و جند نفسه لمعترك صون الفضيلة و نبذثقافة النفور و الكراهية و سعى جهده لتأسيس وعي مسكون بقضايا قومه، ملتزم بها.فليس المبدع مؤرخاً محترفاً بالضرورة ، و إن كان موثقاً جيداً، يعيش يومه و يشرئبلما تحبل به ثنايا غده.. و هو يدون لنا شهادة شاهد عصر رأى بأم إنسان عين زمانه ،و قلب يكاد ينخلع ألف مرة قبل أن يرتمي على مخازي عري كل سترٍ رآه يُهتك، أو ظلماتكل ظُلم رآه يقع، أو إثبات كل حق سمعه يستلب.و للكلمة مفتاح تحظى به على خارطة الإصلاح في كل أمة و النضال لنصرةكل شعب يريد البقاء.
تعيدني بهمسك الحزين إلى "خميرة سودنة"كنت كتبتها تحت عنوان :
قلبي على جناي، و قلب جناي على حجر
شخصياً، في جعبتي حكايةمعاناة خاصة ، ممتدة و محببة؛ حيث إنني جئت إلى الدنيا و لم أر أمي قط ، تلك التيأودعتني أمانة لهذا العالم المتوحش و رحلت إلى رفيقها الأعلى.فترعرعت في أحضانجدتين كانتا تتنازعان الشرف في احتضاني. أذكر تلك التي ظفرت بضمي و تعاهدتني على إقبالثم جئت لافتقدها بعد حين من الدهر، كي أرد قيضاً من فيض جمائلها علي ، فوجدتهاتنوي وداعي على إدبار، وهي تلملم بقايا حطام عمرها و توشك أن ترحل .
كانت تعد لنا الطعام و تضعه راضية مرضية بين أيدينا أنا و أخوتي ، ثمتجلس بجوارنا القرفصاء لتراقب عن كثب ، مراقبة لصيقة وتقاسيم وجهها الشاحب تشيبأنها (بايتة القوى). و إذا شح الطعام أو تناقص الإدام حتى نطلب منها المزيد، لاتلبث تمهلنا لنصيح بها(تعالي ملحيها وزيديها ، وخلينا نمشي نخرا ونجيها)حتى تأتينابما نريد في حينه، حتى لو من مافي. حتى إذا فرغنا تماماً إذا بها تدنو لتحسن(مرماس) القدح لتسد به رمقها وتقنع بقليله.
كنت أصغرهم سناً و بي حماقة، إذ تسميني (الجنا أب وشاً محومر).فكانتإذا نال منها الغضب و طفح بها الكيل وصفعتني مثلاً (أو قشطتني بسير المفحضة),سرعان ما تسترجع جاهشة بالبكاء و تأكل أصابعها من الندامة فتصنع لي شراباً منالليمون تغرق فيه تلة من السكر. وهي قاطعة على نفسها عهداً ألا يجد الحزن سبيلاًإلى قلوب هؤلاء اليتامى من ثغرتها.
فلما كبرنا و خرجنا لطلب العلم و العمل كان قد برد عنفوانها و تقدمبها السن فزاد تعلقها بنا وبي شخصياً لدرجة خرافية مخيفة. فكنت إذا حضرت من سفرقاصد وهتف صبية الفريق باسم من حضر، تهرع تلك الجدة العمياء من دارها تسابق الريحإلى المحطة لتعانقني وتمطرني بوابل من هستيريا اللحس و الاحتضان، و هي تصحبني منهناك وهي تتلمس علامات دربها بعكازة، يقودهاقلب الوالد و تسير بنورالبصيرة ، عوضاً عن بصرها الذي فقد.
عجبت من شأن جدتي لما مرقت مسافر و (داقش البنادر)و جيت راجع ذات مرةجايب ليها هدية قيمة ، عبارة عن صابونة معطرة ( أم ريحة) فلم تستخدمها مطلقاً ؛فقط ظلت تشمها و تلمها للمناسبات و هي تقول: إني لأجد فيها ريح و لدي(الدفيع النفع، الراجل الكلس). ياخي دي لدرجة مرة مشتري لي شبشب بلون شاذ(عنابي)من أكشاك جيهةالأوقاف دي في مدني و بعدين يوم جيت مسافر، غيرت ملصتو خليتو مجدوع في سدر البيتفقامت ست الحبايب شالتو نففضتو زيييييين ولمممتعو طيب مليح، ولمتو ليك عارف وين!أصلكم ما ح تصدقوا لو قلت ليكم بعد رجوعي من السفر لقيتو مختوت في بطن (السحارة)،ذاك الصندوق الخشبي الذي نتخد منه مخأ آمناً لأشيائنا النفيسة.
ثم أذكر يوم أبرمت عقديمهاجراً للعمل في بلاد الله الواسعة حيث لا زلت أعيش طافشاً من وطني ، هائماً علىوجهي و خائفاً من ظلي ، إلى أن يرد الله غربتنا. و بينما كنت منهمكاً يومئذٍ فيتخليص إجراءات الاغتراب، حمل إلي فاسق نبأ تلك الشجرة التي ماتت واقفة. حينها قطعتكل شيء على عجل فسافرت إلى قريتها النائية في أقاصي البطاح لتلقي واجب العزاء.هناك وجدت الكل يرصدونني: ليخمنوا ما أنا فاعل بفجيعتي في صاحبة الأيادي البيضاءالتي منحتنا كل شيئ ؛ و لما جئنا نرد شيئاً من جمائلها علينا كانت قد رحلت في صمتو ودعت صخب عالمنا بهدوء. رأيت الفضولين من أولئك النفر يلحظون في أم عيني و كأنهميستدرون عطف دموعي فكانت خيبتي بجلاجل: إذ خذلتني عيناي.. فجمدتا و لم تجودا بشيء..و لو بقطرةدمع فقط لذر رماد العيون ؛ رغم محاولات الاعتصار اليائسة. لكنني بدونشك كنت أبكي من دواخلي بحرقة شديدة وغصة يحبسها في حلقي هول الفاجعة. كانت تلككنوبة عطاس يكبتها شحيح يعاني من ضيق ذات الشرايين. و كدت أتمزق حزناً و سمعتأحدهم يهمس بجواري قائلاً: " يا أخي من مات فقد روحه".
ثم مضيت عائداً ادراجي إلى طاحونة المشاغل، لتلفني من جديد بسيرهاالحلزوني. فلما أوشكت على ختم تأشيرتي و شددت رحلي مغادراً. هنالك فقط، جاءتنيالعبرة في غير وقتها و لا محلها؛ فجلست على أية حال على حافة رصيف الميناء و أناأنحب نحيباً مراً و أزرف دمعاً دامياً و جلس معي صديق قديم حميم (له مأساة مشابهة حيث فقد أسرتة مبكراً في حادث حريق) يودعني و يبكي معي مواسياً. ثم رفعت رأسي فإذا جمهرة فرّاجة من الناس الغلابة ممن كانوا يغبطونني على فرصتي النادرة للسفر وهم يطوفون حولي كما الحجر الأسود، إذ يضربون أكفاً بـأكف والبعض يتساءل بين حاسد وبغران:" أهي دموع الفرح هذه التي تنهمر من مقلتيه ! أم هي دموع التماسيح؟"!
كنت اتوقف دوما عند اسمك ياصديقي ويشتعل فضول الكاتب عندى ويبرز السؤال من هو عابر السبيل هذا الذي من المؤكد ان خلفه حكاية ليست عابرة
هذا الاصرار علي الكتابة والتواصل مع الاخرين خلفه كائن جميل عميق حتما
مشاركتك هنا اكدت صدق حدسي بما حوته من رسم لكون جميل هو جزء من حكايتك وكونك
مرحبا بك هنا في الفضفضة فهي راكوبة حنين وتواصل وتسرية عن النفس ورسم بالكلمات
مرحبا بك وعذرا علي القراءة المتأخرة لمشاركتك وللرد المتأخر عليها
صلاح سر الختم علي
01-11-2013, 12:26 AM
صور من إلبوم الذاكرة
صورة أولي / ودود الابتسامة ( اسامة عثمان )
وجه باسم ونظرات واثقة وشخص تشعر منذ الوهلة الأولي بالامان في حضرته وانك تعرفه منذ الميلاد، جذوره تنحدر من محافظة المتمة فهو سليل بيت عريق هنالك وخاله كان رجل اعمال عصامي شهير احتل مساحة كبيرة من ذاكرة المجتمع السودانى ردحا من الزمن حين برزت مملكته الاقتصادية الصغيرة للوجود وتناقل الناس خيوط قصة نجاحه بمحبة في السبعينات كأنها قصة نجاح كل واحد منهم، ومن المؤثرات الكبيرة في شخصية أسامة كونه من ابناء امدرمان حيث حبا ونما ، في جامعة القاهرة الفرع عرفته وقابلته أول مرة، كان قد سبقنا في دخول الجامعة قبل عدة سنوات ولكنه زاملنا منذ بداية دخولنا وحتى تخرجنا كأنه ولج الجامعة معنا بسبب كونه درس كليتى التجارة والقانون في ذات الجامعة وكان من ناشطى الجبهة الديمقراطية غير المعروفين الا للمقربين منه ، فهو شخصية لاتحب الظهور ولا الأضواء، وجدت نفسي ذات نهار أمام رجل مبتسم ابتسامة عريضة صافحنى بمودة وحيانى تحية صديق قديم وهو ينادينى باسمي كاملا كعادته التى لم يتركها قط، كنت قد سمعت عنه كثيرا من أصدقاءمشتركين كانت الابتسامة تعلو وجوههم كلما ذكروا الأسم ( اسامة الظافر) وهو اسم الشهرة الذي عرفناه به، عرفت حين التقيته سبب الابتسام فقد بت كلما تذكرته علت الابتسامة وجهى، كان شخصا لطيفا ومحبا للمرح بشكل ملفت ، كل حكاية عنده تبدأ بضحكة وتنتهى بضحكة أخري وكل شخص عنده موضوع حكايات مرحة بسيطة ولكنها تستدعى الف ابتسامة، وحين يتحدث تشعر ان صدره امتلأ بالهواء وحين يضحك تشعر ان غيمة سارة قد احتلت المكان،كان له فضل انتشار مجموعة من الالقاب علي عدد كبير من الاصدقاء فهو صاحب مصطلح ولقب ( العنقريب) الذي وزعناه بكرم حاتمى علي مجموعة كبيرة من الاصدقاء ، كانت البداية عنده حين كان يقول عن الصديق محجوب اسناوي( محجوب العنقريب) ثم اتسع اللقب فشمل كل صديق وبات من الشائع ان يسبق اسم كل صديق لقب العنقريب ومن اكثر من التصق بهم اللقب الاخ باشا من اولاد عطبرة حتى ظن الكثيرين انه لقب حصري له، وكان هو من اطلق لقب (سمبو) علي الاخ حيدر الذي طغى علي اسمه لقب آخر هو( حيدر الشرعي) وكان السبب انقسام حدث في تنظيم الجبهة الديمقراطية وكان هناك فريق يطلق عليه القيادة الشرعية وفريق يسمى المنقسمين وفي هذا الجو اطلق اللقب علي (حيدر) ، وكان هناك لقب آخر الصق بالاخ (علي البوب) فبتنا حتى يومنا هذا لانعرف له اسما سواه ( علي البوب) وكان اسامة هو مصدر اللقب أما (علي الوجيه) فلا أدري ان كان مبتكر اللقب هو أم الاخ فرانسوا ، لكن المؤكد ان لقب القسيس الذي الصق بفرانسوا كان مصدره اسامة وتناقله الناس عنه حتى بات شارة رسمية للقس حتى اختفي بعد هجرته خارج البلاد، اسامة كون من الوسامة واللطف يستقبل الناس بحكايات لاتنتهى فهو مخزن حكايات وأسرار ولكنه ليس ثرثارا، بل في طبعه ميل للتواصل ولديه دوما حكاية مشوقة في كل موضوع يفتح. عرفته دائما عفيفا عن تلطيخ أو تشويه صورة الآخرين، فهو يلوذ بالصمت حين يصير الحوار فيه ملمح أو شئ من ذلك. ربما لهذا السبب ظل دوما موضع احترام ومحبة الجميع. وكان زواجه هو وقرينته السيدة غادة عوض شوقي حدثا مهما في حياتنا فقد عرفناه وعرفناها وتمنيناها له وتمنيناه لها فقد كنا شهودا علي أيام التفتح الأولي لتلك الشجرة التي ربطت بين جامعتين كان تربط بين شبابهما روابط ثقافية وسياسية واجتماعية عديدة فجاء زواج بنت جامعة الخرطوم بهذا الفراعي الجميل تتويجا لعلاقات جميلة بين ابناء الجامعتين في ذلك الزمان. واسامة رياضي أصيل عرفته مدينة بورتسودان وهلالها في النصف الاخير من الثمانينات وحتى التسعينات عضوا نشطا بادارة نادي هلال الساحل وقمرا من اقماره. وفي منتصف التسعينات التقيت اسامة في مسقط رأسه المتمة حيث كنت قاضيها وحل بها لحضور مناسبة زواج هنالك فالتقينا واستعدنا ذكريات الجامعة وكنت قبل ذلك قد حللت ضيفا بمنزله ببورتسودان في عام 1991 حين حللت هناك في رحلة عمل عاجلة. وهكذا التقينا في مدن الوطن الجميلة( الخرطوم ثم بورتسودان ثم المتمة) . ومرة أخري التقينا في بورتسودان حين جئتها قاضيا في العام 2006 ،وذات يوم جئت امدرمان لعزاء فوجدت العزاء ملاصقا لمنزل اسرة اسامة وكان العزاء يخص أهل زوجتى. وهكذا السودان تجد فيه الف خيط يربطك بمن تعرف ومن تحب.
صلاح سر الختم علي
02-11-2013, 09:43 AM
صورة رقم 2
ابراهيم عبد الرحيم ابراهيم شاويش الشهير باللقب (بوب)
شاب سوداني بسيط وعميق من ابناءمنطقة جنوب كردفان محافظة الرشاد منطقة ابو كرشولا وتيري حيث مسقط رأس ابيه واجداده ولكن الفتي الاسمر الجميل ولد في بيت صغير من بيوت اللاماب وفتح عينيه علي الحياة هنالك في ذلك البيت الصغير الكبير بالمحبة بين افراده والقيم المستوطنة بأهله، الفتي شب هنا وقلبه مثل كل اهل السودان متعلق بالجذور التي ظل يقطع الطرق اليها بلا كلل في سنواته الثلاثين ولكن محبته للجذور لم تمنعه من الانفتاح علي حياته في عاصمة وطنه حيث شب وترعرع محبا للناس ودودا خدوما مكافحا من اجل لقمة العيش منذ الطفولةومحبا للموسيقي بشكل مميز حبا لم يقف عند الاستماع والتذوق بل شمل العزف علي الات موسيقية مثل الجيتار والبيانو،اكمل دراسته الثانوية بمدرسة علي السيد بالصحافة واكتفي بتلك الشهادة السودانية، لكن طموحه فيما يتعلق بالموسيقي بقي يعانق حدود السماء فانخرط بمركز شباب السجانة ليتعلم العزف علي البيانو ويجود عزفه علي الجيتار، كان يقضي سحابة نهاره متنقلا في اعمال شاقة لكسب العيش فهو خراط ماهر وسباك ماهر وخبير في توصيلات الكهرباء وهو يباشر اعمال صيانة واعمال يدوية مختلفة فالرجل مصنع مواهب لايستعصي عليه شئ وله خيال علمي واسع يجعله قادرا علي ابتكار الحلول والمعالجات ببراعة تثير دهشة كل من يكلفه بعمل، وهو يهتم دوما بتحقيق النتيجة المرجوة منه اكثر من اهتمامه بالنقود والعائد، رجلا بشوشا كثير الابتسام قليل الكلام حاضر ا دوما ولايرفض لجيرانه ومعارفه طلبا حتي ولو كانت تلك هي المرة الاولي التي يباشر فيها ما كلف به
وكان طموحه كبيرا فهو ينتظم في دراسة منتظمة لتحسين لغته الانجليزية باستمرار مستعينا باخيه الاكبر هشام المتخصص في تلك اللغة
جمعتني بابراهيم واسرته الجيرة حين سكنت حي اللاماب وكان من حسن حظي انهم جيراني بالحيطة
جيران لاتسمع منهم الا ضحكات صافية تعانق السماء حين يجتمعون في حوش المنزل الملاصق لحائطي وكأنهم يتسامرون علي ضوء القمر في قلب الخرطوم الغارقة في الاضواء
كانت اصواتهم وضحكاتهم تجذبني الي ايام جميلة عشتها في حي 114 حيث نشأت حيث الكل يعرف الكل بالاسم والكنية وحيث الدخول بلا استئذان والضحكات تعانق السماء
والجيران جيران
والوجوه صافية
والمودةهي الخيط الرابط
كنت اتوق
دوما الي الانضمام الي ذلك السمر البرئ
وهكذا عرفت بوب ووالده الشيخ الذي تراه دوما في طريقه الي ومن المسجد عند الآذان وعند الفروغ من الصلاة
رجل ضئيل البنية
طويلا
حين يبتسم يغدو وجهه وجه طفل هو وحه ابراهيم نفسه فابراهيم دون اولاده يشبهه شبها جما حتي في محبته للصلاة
ففي يوم رحيله الفاجع افتقدته النسوة
وتساءلن عنه فوجدنه منهمكا في صلاة خاشعة
وكان ذلك قبل الرحيل المر ربما بدقائق
هل تري كان القلب يدري انها الصلاة الاخيرة؟
كان صديقي
وجاري
كنت اهرع اليه في الكبيرة والصغيرة طالبا عونه
فيجئ هاشا باشا كجندي تلقي امرا من قائده
ولايغادرني الا والصعب بات سهلا
والمتعطل
هدر بالحياة
كنت استمتع بمجاذبته اطراف الحديث
فقد كانت له طريقته الفريدة في عرض الاشياء وسردها
كانت حكاياته خليطا من حياته اليومية
وما يصادف فيها من انواع البشر
القساة الذين يجعلونه يعمل كثور في ساقية ثم يجحدونه ويلقون اليه دراهم قليلة لاتتناسب وجهده لالشئ الا كونه لم يفرض شروطه ولم يساوم مسبقا عندما كانت حاجتهم رعناء
لكنه كان يضيف دوما للحكاية
حكايات جميلة عن اناس طيبين
يعطونك ما تستحق واكثر منه ويفيضون عليك كلاما طيبا
واعتذارا
كان يري هولاء ملائكة تستحق الحياة لاجلهم غفران كل شئ لنقيضهم
وكانت احلامه تتسلل بين سطور الحكاية بطريقة أو اخري
كان مثقفا ثقافة عالية تجعلك تشعر بالخجل كونك طلبت منه اداء عمل صغير لايتناسب وتلك الثقافة وتلك الاحلام
لكنه كان متصالحا مع ذاته بشكل مدهش
وحين يتحدث عن جذوره يتوهج وهو يصف الطبيعة والحياة والناس
كنت اتمني دوما ان اراه وهو يعزف او يغني
كنت اتمني لو اننا كنا في ذات السن حتي نرتاد الاماكن نفسها ونتحدث سويا عن احلامنا بلا حواجز كالتي نسجتها الحياة بيني وبينه
انا القاضي وهو العامل
انا الكبير وهو الصغير
وثمة تفاهات اخري تنتصب
كنت قادرا علي تجاوز ذلك كله حتي اعرف هذا الانسان الجميل نادر المثال واتطفل علي احلامه واحصل علي سر تلك الابتسامة الصافية الدائمة وتلك القدرة علي رؤية الجميل والتغاضي عن القبح طوعا
هو كان قادرا لكن ادبه كان يمنعه من تجاوز خطوط مرسومة
بوب عاش حياته ببساطة ومضي في هدوء ، كانت احلامه بسيطة وعظيمة: ان يعرف اللغة الانجليزية باجادة تمكنه من الالمام بفن الموسيقي ومعاني اغاني احبها كثيرا، وكان يحب العزف والموسيقي لانه يحبها وليس لاي سبب آخر، لم يكن يريد ان يصبح مشهورا او ثريا، كان معجبا بحياته كما هي وراغبا في تزيينها بما يحب، كان يحب الزراعة وبالذات الزهور والموسيقي والناس،لم يهتم كثيرا بالفقر والغني
انا متأكد من ان نباتاته التي غرسها في ذلك البيت الصغير تفتقده وتشتاقه مثل الناس
.................................................. ...
في يوم الرحيل خرج ابراهيم بشعره المضفر
ووجهه الباسم
وقبل الوداع طلبت منه الوالدة
أن يأكل شيئا لكنه رفض
قال انه ليس جائعا
صب عطرا في يدها بلا مناسبة
وودعها
وخرج
ماكانت تدرك ان تلك الرائحة هي ما سيبقي او لايبقي منه
كان علي موعد مع صديق يعمل في نقل المياه بعربة مخصصة لذلك الغرض
كان الصديق متجها الي حي الانقاذ
طلب منه مرافقته ففعل
فهو لايرفض طلبا
انجزا العمل
تناولا القهوة والشاي
وانسحب ابراهيم فصلي صلاته الاخيرة
وصعد في العربة
ثم دفعته شهامة للنزول ليساعد صديقه في الرجوع خلفا
عند النزول تعثر
الرجل الشهاب
وسقط
وداسته العربة
نهض واقفا
نهوضا اخيرا ثم هوي كنخلة وقبل الارض للمرة الاخيرة
صعدته روحه الطيبة الي السماء
واتجهت احلامه
الي الارض
لتبذر بذورا لاتموت
ولاتكف عن التجدد
والتكاثر
كما اراد لحياته
القصيرة
ان تمتد
بهذ اللوحة الاخيرة
التي جسدت حياة كلها بذل وعطاء
بسخاء
حتي
آخر رمق
وتلقت أمه النبأ برباطة جأش غريبة
ظلت تطرق البيوت لتخبر الناس بنفسها بعبارة ملتبسة
...قالوا ابراهيم مات
وتحكي عن عطره في يدها الذي مافات
وتغالب الدمعات
.................
مضيت وحدك ياصديقي
مضيت وحدك
ولن يكون وجهك الطيب حاضرا في مقبل الاعياد
لن تطرق الباب بعد الصلاة مباشرة
لتهنئ بالعيد
ولن
اسافر مطمئنا ككل مرة استودعك فيها بيتي
لن اسمع صوتك تنادي صلاح الصغير
وربما لن اسمع ضحكات اهل بيك الصافية الي حين
لكن
ياصديقي
احلامك ستبقي
تحلق كحمامة
وابتسامتك
تبقي
علما وشارة
لرجل
نادر المثال
لك الرحمة
وأسال الله ان يغفر لك ويرحمك
ويغسلك من الذنوب
ويتقبلك مع الصديقين والشهداء
وداعا صديقي ابراهيم بوب
صلاح الدين سر الختم علي
كريمة
العاشر من مارس 2012
ود الأصيل
02-11-2013, 09:08 PM
كنت اتوقف دوما عند اسمك ياصديقي ويشتعل فضول الكاتب عندى ويبرز السؤال من هو عابر السبيل هذا الذي من المؤكد ان خلفه حكاية ليست عابرة
هذا الاصرار علي الكتابة والتواصل مع الاخرين خلفه كائن جميل عميق حتما
مشاركتك هنا اكدت صدق حدسي بما حوته من رسم لكون جميل هو جزء من حكايتك وكونك
مرحبا بك هنا في الفضفضة فهي راكوبة حنين وتواصل وتسرية عن النفس ورسم بالكلمات
مرحبا بك وعذرا علي القراءة المتأخرة لمشاركتك وللرد المتأخر عليها
لله درك من صديق و أنت تشملني بدوائر ضوئك الغامرة و تثقلني بكلفة باهظة دونها العرق حين تضعني بين شاخصين
و تجلسني القرفصاء طوعاً أو كرهاً لأمارس حسن الاستماع لدر نفيس و أنت تنثره ناصعاً كما الطل على و جنات الورود ..
سيما و أنني لا أزال جندياً غراً و تعلمجياً غض الإهاب، جئت أتعرف منكم من أكون و كم يحوي جرابي من "خميرة سودنة" !!
هات أذن إصغائك ، و دعني أحدثك عن منجّمين كثر، و أنت منهم ، تماماً مثل أمي التي سقتني بيديها حفنة من كذباتها الثمانية،
.................................................. .........................شربة لن أظمأ بعدها أبداً............................................. ...................
كم كانت تشجعني لرسم ملامح العطاء.. و تزرع في حقول معرفتي البذور لتبزغ أزاهير الأقحوان!! لكنها نسيت تعليمي كيف أتعاهدها بالرعاية و الحفاظ..
بينما تقول لي دقات قلبي إن الحياة دقائق وثوانٍ.. و أغلى لحظاتها مشاركةٌ و تفانٍ.. و إن علينا أن نعيشها دونما فقدان لرمانة الاتزان!!!
تسوقني قدماي إلى عثرات الكرام إلى غياهب النسيان؛ و لا تأبه بغوصي فيه دون أمان!!! عرفت جيداً كيف أرسم الابتسامات على ملامح البشر.
لكنني عاجزٌ تماماً عن مسح دموعي كي أبتسم! عرفت كيف أنكؤ جراحي ، و جهلت كيف أداويها لتلتئم! و لا كيف أرش الملح عليها لتقاوم بكتريا العفن!
تماماً مثلما أرضعتني أمي خمس رضعات مشبعات فقط قبيل رحيلها. لكنها أشبعتني رغبة ظلت تساروني لرفض الكوابل و القيود..
لو لا المنية عاجلتها قبل إرشادي لأن لا قبل لي بكسر الكوابل لأنطلق حراً . أباحت لي أمي كل شيء ما أمكن و قالت لي: ليس كل ما يفهم يجب أن يقال علناً!!
كما علمتني كيف أتنفس الحروف جميعاً!! و لم تتنبه لأن ثمانية و عشرين حرفاً فقط قد تُرهق يراعي و تسقط أسنانه في قعر لهاته..أمام عنفوانٍ صاخب.. لجنوني العنيد!
علموني أنني طالما أفكر، إذاً فأنا كائن و حي مرزوق و لكني غير معتوق. و لم يعلمني أحد أنه عليَ أحياناً ألا أكون لكون لكل شيء حدود و للكون حدود..!!!
تعلمت بفطرتي السمحة..أن قلبي زهرة بيضاء من قطن قصير التيلة.. لكنها منعتني أن أهوده أو أمجسه بالكتابة عليه بالسواد..
فبقي فؤادي كما أم موسى فارغاً على سجيته من كل حقد !
نبهتني أمي لأن فرساً جامحاً يسكنني!! لكنها ضنت بتعليمي كيف تكون دروس الترويض صعبةً على أيد الأيام!! ثم جاء الدور لتلقنني درساً قاسياً:
بأن ثمة بغلة تطل برأسها من رقراق الإبريق.. لكنها خوفتني من مجرد إشارة لوجودها هناك لكونها حقيقة عصية على التصديق، و كون رأس البغلة أكبر من عنق إبريق..
يتأهب حدسي وحواسي الست لمتى يستأذن فجري للرحيل.. لكنها لم تهيأني بعد لمفاجآت يومي الطويل ، و لا حين يحل مسائي الجنائزي المحزون،
و لا متى يئين لليلي أن يلملم أجفانه و ينجلي، بصبح ، و إن كان إصباحي ليس منه بأمثل!!!
ثم توالت سقطاتي لتعوّدني على معانقة الأحزان رغم أني ظللت أرفض دوماً التهاون في بيع أوطاني في أسواق النخاسة بزهيد الأثمان.
و دمت أخي هيناً ليناً على قلبي
صلاح سر الختم علي
03-11-2013, 08:39 AM
لله درك من صديق و أنت تشملني بدوائر ضوئك الغامرة و تثقلني بكلفة باهظة دونها العرق حين تضعني بين شاخصين
وتجلسني القرفصاء طوعاً أو كرهاً لأمارس حسن الاستماع لدر نفيس وأنت تنثره ناصعاً كما الطل على وجنات الورود ..
سيما وأنني لا أزال جندياً غراً و تعلمجياً غض الإهاب،جئت أتعرف منكم من أكون و كم يحوي جرابي من "خميرة سودنة" !
هات أذن إصغائك، ودعني أحدثك عن منجّمين كثر، و أنت منهم ، تماماً مثل أمي التي سقتني بيديها حفنة من كذباتها الثمانية،
شربة لن أظمأ بعدها أبداً
كم تشجعني لرسم ملامح العطاء.. و تزرع في حقول معرفتي البذور لتبزغ أزاهير الأقحوان!! لكنها نسيت تعليمي كيف أتعاهدها بالرعاية والحفاظ..
بينما تقول لي دقات قلبي إن الحياة دقائق وثوان.. وأغلىلحظاتها مشاركة و تفان.. وإن علينا أن نعيشها دونما فقدان لأي اتزان!!!
تسوقني قدماي إلى عثرات الكرام إلى غياهب النسيان؛ ولا تأبه بغوصي فيه دون أمان!!! عرفت جيداً كيف أرسم الابتسامات على ملامح البشر.
لكنني عاجز تماماً عن مسح دموعي كي أبتسم! عرفت كيف أنكؤ جراحي ، و جهلت كيف أداويها لتلتئم! ولا كيفأرش الملح عليها لتقاوم بكتريا العفن!!!
تماماً مثلما أرضعتني أمي خمس رضعات مشبعات فقط قبيل رحيلها. لكنها أشبعتني رغبة ظلت تساروني لرفض الكوابل والقيود..
لو لا المنية عاجلتها قبل إرشادي لأني لي بكسر الكوابل لأنطلق حراً . أباحت لي أمي كل شيء ما أمكن وقالت لي: ليس كل ما يفهم يجب أن يقال علناً!!
كما علمتني كيف أتنفس الحروف جميعاً!!ولم تتنبه لأن ثمانية وعشرين حرفاً فقط قد تُرهق يراعي وتسقط أسنانه في قعر لهاته..أمام عنفوانٍ صاخب.. لجنوني العنيد!
علموني أنني طالما أفكر، إذاً فأنا كائن و حي مرزوق و لكني غير معتوق. و لم يعلمني أحد أنه علي أحياناً ألا أكون لكون لكل شيء حدود و للكون حدود..!!!
تعلمت بفطرتي السمحة..أنقلبي زهرة بيضاء من قطن قصير التيلة.. لكنها منعتني أن أهوده أو أمجسه بالكتابة عليه بالسواد..
فبقي فؤادي كما أم موسى فارغاً على سجيته من كل حقد !
نبهتني أمي لأن فرساً جامحاً يسكنني!! لكنها ضنت بتعليمي كيف تكون دروس الترويض صعباً على أيد الأيام!! ثم الدور لتلقنني درساً قاسياً:
بأن ثمة بغلة تطل برأسها منرقراق الأبريق.. لكنها خوفتني من مجرد إشارة لوجودها هناك لكونها حقيقة عصية على التصديق، و كون رأس البغلة أكبر من عنق إبريق..
يتأهب حدسي وحواسي الست لمتى يستأذن فجري للرحيل.. لكنهالم تهيأني بعد لمفاجآت يومي الطويل ولا حين يحل مسائي الجنائزي المحزون،
و لا متى يئين لليلي أن أن يلملم أجفانه و ينجلي، بصبح ؛ و إن كان إصباحي ليس منه بأمثل!!!
ثم توالت سقطاتي لتعودني على معانقة الأحزان رغم أني ظللت أرفض دوماً التهاون في بيع أوطاني في أسواق النخاسة بزهيد الأثمان.
ودمت أخي هيناً ليناً على قلبي
شكرا علي هذا الجدول الرقراق الذي تدفق هنا
واحتل بطيبه المكان والزمان
شكرا علي قارورة العطر التي دلقتها هنا بمحبة واتقان ياحامل المسك
ود الأصيل
03-11-2013, 08:26 PM
شكرا علي هذا الجدول الرقراق الذي تدفق هنا
واحتل بطيبه المكان والزمان
شكرا علي قارورة العطر التي دلقتها هنا بمحبة واتقان ياحامل المسك
الشكر و الامتنان مردود على عقبيه إليك أخي صاعين ، كفضل عرف أهله
و ربي يهنيك بحضور لائق عليك كشنن صادف طبقة ..
ربكتني يا صديقي فما دريت ماذا أقول. ربما حالفك الصواب بقولك: إن ورائي لغز غير عابر. اللهم نعم و لكنه غير قابل للسرد،
لكون بقائه رهين محبسين هو شرط بقائي بين ظهرانيكم. و إلا لو نبست عنه ببنت شفة لكان ذلك كفيلاً بتبخري في ضحضاح الجوى
على أية حال في جعبتي قصاصات قديمة من عصارات ذكرى باهتة و تجارة بكماء ، لو شئت نفضنا عنها غبار الانزواء خلف أستار الكلمات
المنسية و عتمات التلاشي في مغبة ضبابات العدم. الآن ما أتمناه عليك ألا تضن علينا بتقبل مرورنا سريعاً.فهي فرصة من ذهب لنروي غليلنا
و نعيد شحننا بوقود حيوي متجدد و بحافزية ذات دفع رباعي علنا نرتق شيئاً مما تبقي لنا من ثقوب ذاكرة خربة مفقودة.
ربما تلحظ من شتات كلامي أن مسحةً من أرق تسكنني دوماً من هم ما,الا و هو "لامحالية" الزوال و الارتحال. ربما, نعم,
هناك بالفعل توجس من مجاهيل الحياة في خضم صراعات( تكون أو لا تكون).لكنها بالأحرى دعوة لنعيش، فقط بكرامة!
صلاح سر الختم علي
04-11-2013, 11:40 AM
هناك بالفعل توجس من مجاهيل الحياة في خضم صراعات( تكون أو لا تكون).لكنها بالأحرى دعوة لنعيش، فقط بكرامة!
لو لم تكتب ياصديقي سوي هذه العبارة الدرة النفيسة لكفاك شرفا بين الكتاب ان تكون كاتبها
ومبدعها
سلم بنانك
وسلمت روحك الجميلة كطائر
لايحمل الا البشري السارة
بلا مقابل
ويبذل روحه فداها
ود الأصيل
04-11-2013, 09:03 PM
هناك بالفعل توجس من مجاهيل الحياة في خضم صراعات( تكون أو لا تكون).لكنها بالأحرى دعوة لنعيش، فقط بكرامة!
لو لم تكتب ياصديقي سوي هذه العبارة الدرة النفيسة لكفاك شرفا بين الكتاب ان تكون كاتبها و مبدعها.. سلم بنانك وسلمت روحك الجميلة كطائر لا يحمل الا البشري السارة بلا مقابل ويبذل روحه فداها
كأني بك تفرد لي راحتيك بساط ريحٍ ، و قد بزغت لي من محياك ومضة خضراء باهرة في نهاية نفق ترحالي، و تريق الشهد على شفاهي لمزيد من البوح الشفيف،
بشكرك بعنف حيثما وجدتك تجاهي و أنت تتراءى لي كمزن هتون ما تلبث أن ترحل بعيداً إلا لتأتينا حبلى بماء طهورو برد و دعاش.لكننا نظل نرقبك كما التبلدي،
نشرب ملء جوفنا ثم نحفظه لك في أحشائنا معين ود صافٍ.. و نحيّي روحك الذواقة التي لو لاها لظلت أحرفنا جامدة لا تجودبأي معنى..
و لظل الحب النبيل راهباً معزولاً في صومعته.. و لذابت شموعه سدى في حنايا ظلمات ال"أنا و" أنت" .
كيف لا و أنت تتفرد لنا بذراعيك و تمدلنا حبال صبرك كما المحيط الهاديء و الدر في أحشائك قابع؛
و تتنزل إلينا من علياء موجك و مدك العالي فتبيح لنا متعة إدمان التسكع على شطآن بحرك االطويل ،
و ممارسة الاعتكاف على متصفحات ذائتقك الرفيعة. و لا أظن أحداً سيسبقك وأنت تتقدم نعشي يوم خروجي من هنا على آلة حدباء محمولاً..
فقد سبقتني بالفضل وأنت الكريم ابن الكرام..فنحن لسنا حكراً لمن نعيش وسطهم بل ( لمة نفير) و ( و تيبار سبيل ) لمن لا نكاد نطيق العيش بدونهم وأنت منهم إن لم تكن أولهم.
هكذا تكون حفاوة اللقاء، أنموذجاً رائعاً لمشاهد كبرياء لا تتكرر إلا من أناس عظماء حد الانحناء. وقد قيل إنما تتكؤ السنابل حين تنوء بقطافها..و ما زاد امرؤ من تواضعه إلا رفعة.
فكل حروف بنت عدنان حين تتعلق بقامات شخوصكم السمهرية إنما تصبح عندي حروف جر ناسخة تجرني نحوكم لتضمني إليكم و لا أبالي حينها على أي جنب يكون في حداكم مصرعي.
و أما حروفي و نقاطي، فأهديها إليكم و لا يطيب لي عيش بهجر من تموضعت ساكناً بردهات قلوبهم ثم راتعاً و باتعاً فصائلاً و جائلاً و سطكم ..فأنا منكم وأنتم مني و لله دركم .
فيا صاحب القلم الرشيق الذي يطأطئ رأسه تواضعاً و هو يترع صفحات المتون بمداد مضمخ بالحكمة و يرصع صدور الحواشي بالدر المكنون..أزكى التحية و أغلى المنى أزفه إليك مع الود والتقدير.
لقد انعقد لساني و عقرت حروفي أن تجاري شيئاً مما تتحفني به من إحسان يا شمعداناً يظل دوماً يزرف دمعه لكي يُنير دروب الحائرين..يا زهراً ربيعياً معطراً ينشر العبق ليرنو مصافحاً الشفق...وجب علي شكرك من القلب ..
و يهيم ثنائي في خضم حفاوتك وعظيم هنائي بدوام عطائك. فلتظل مبحراً بنا عبر المدى و لتجعل لك في كل نحو للعلم صدى. يا من أبهرتنا دوما بتفانيك. عين الرحمن تحرسك و ترعاك ، و أمنياتي لك من القلب بالتوفيق .فما عساي أن أقول، بقطبان حاذق مثلك ما أن التقيته لتوي على شاطئ الحياة حتى كسرت مجدافي و تركت لزورق ألحاني حبله على الغارب ليسير في معية رفقة مأمونة في خضم أمواج محيط لامتناهي..
تظلنا سماء الخالق عز و جل..وترمقنا نجوم الكون بنظرات نستشف منها معنى أن العطاء لا بد أن يكون بلا حدود ..و من هنا أقول جزاكم الله خير الجزاء ..على كل ما تبذلونه من جهد "ثقافي"جبار للارتقاء بنا إلى ما فوق منابر الكلمة الرصينة ..منكم تعلمت الكثير و العلم يحي قلوب الميتين كما تحي البلاد إذا تغشاها المطر و العلم يجلو العمى عن القلوب كما يجلِّي سواد الليلة القمر .
فيا من من رمتم المجد فسعيتم . و بذلتم الجهد و طلبتم العلا فسموتم .. و يا من ترسمون لهذا المنتدى هويته و ترسخون له قدم صدق في رحاب الخالدين.....
ود الأصيل
04-11-2013, 09:46 PM
يا ما هنالك أناس رائعون ينحتون على جدران قلوبنا نقوشاً من مشاعر ود فياضة ، و يغرسون في نفوسنا حباً و يخلدون في أعماقنا ذكرى دامغة لا تُمحى بأقسى عوامل التعرية .
فكم نهفو إلى رؤيتك و كم ننعم بحبك و نشرف بصحبتك؛ وما أعظم نشوة إحساسي عندما تشعرني بأنني أعني لك أكثر مما أتوقع.• حين تدغدغ حلمة أذني بقيد أنملة من لمسات حنانك ،
إنما تشعل جذوة من حمية ألإخاء لتسري وثابة في هشيم أعصابنا ! و سرعان ما تستنهضنا من سبات طويل و تنهي إقامتنا في بيات شتوي لتنسينا جمهرات ملحاحة من حزننا القديم.
و ليحفظ الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، أخي يا ريحانة المنتدى و سلسبيل العطاء. لقد أخرستني كلماتك و لم تترك لي براحاً لاستميحك، فأضع بين يديك صورة ذهنية لشخصي البسيط .
لعلها حكاية زماني: قبسات غائرة في ثقوب ذاكرتي, و حروف ماردة ثائرة من فوهة قمقمي, سكبت فيها بعضاً من رحيق تجاربي, واختزلت فيها سنين ضائعة و أوراق ساقطة من خريف عمري.
قد ألبسها ذات يوم لباس جوع الخاطرة,و ربما تترقى لتتألف منها قصة رجل فقد ظله، لننسج منها فصولاً لمأساة عبقري ضل رشده•كون لي ذاكرة خربة ظلت تخونني طوال أربعين سنة و نيف.
أتيه فيها عبر فجاج الأرض إلى أن عثرت على ضالة إيماني في شخوصكم النيرة.. و لو لا خشية السآمة عليكم ، لما بارحتكم حتى لو دخلتم مني جحر ضب لاتبعتكم، و لو حثوتم في وجهي التراب.
و لكن لتعلم أخي قبل سواك أنني ما تكبدت في سردي لكم مشاق التكلف,, و لكنها تخاريف من رحم معاناتي رحت أدأب على عصرها فيضاً من مداد قلم قد هجرته دهراً، حتى كاد يشيخ يراعي ،
و قد وهن العظم مني و سقطت سنان ريشتي في لهاة محبرتي ..لكن لساني يأبى إلا إن يأتيني حاسراً رأسه فما كان علي ّ سوى أن أطلق له العنان ليزرف لعابه دماً ، فينطق كفراً.
لينثر حروفه بيضاء بين يديكم,,, فجاء نبضاً من مهجتي سأظل أبثه إلى روعكم بكل تجرد بقصد و نية أن أكون خير حالب لخيرشارب.. فليتك واحدمن أنبل الناس حفاوةً واستئناساً بوجودي بينكم،
و أرفق الرفاق بمواقفي التي أسجلها هنا بين فينة و أخرى و رغم أنانيتي و تفصيلي خرقة ظل على مقاس رقعة جلدي، إلا أنك لم تبخل علي بتعليق . فطبت و طاب ممشى الآمّين لمجلسك ،
يا خير صحبة و لتعمر أيامك بكل ذكر. سأكون قريباً و لن أطيل النجعة. ولقد ضاع عمري مرتين؛ و إنه يساورني شك بطعم اليقين بنفي و جودي إلا بينكم، حتى أناجي نفسي فأقول:
أنا بينكم، إذن، فأناموجود و حي أرزق! و لقد قلناها آنفاً: إنه لا مجال لبتر ما بيننا أبداً ؛ تماماً كطفلين توأمين سياميين لا يمكن فصلهما إلا بجراحة مضمونة الفشل. •
فما قولكم برجل مثلي، جمع لصحبتكم ما يفوق طاقات احتماله ، ثم جاء ليرمي بجعبة همومه وما حوت على باب داركم ، و ضبط عقارب زمانه مع مجسات نبضكم ،
أعاقل هو أم أنه متشبع بوده لكم و ذاهب بحبه إياكم إلى أقاصي أغصان شجرةمنتهى نبل الوفاء، و الكل قيس يبكي على ليلاه•
و قد تخلو زجاجة من عطرها و لكن ثمالة من رائحة ذاكية لعلها تعلق بقاعها و تعبق جدرانها، تماماً كما الذكري الطيبة تبقى عالقة بأستار قلوب المحبين،
يا من تنحتون بصماتكم ب"إزميل فدياس" على صخرة صماء بدواخلنا و تنقشون صورة زاهية لأم المدائن على خرقة بحائط مخيلتنا العذراء إلا من حبكم.
محمد الجزولى
06-11-2013, 11:37 PM
كنت اتساءل دوما متى تأكلين أماه؟! وكيف تكون الحياة لو كنت لست بها؟
الآن أواجه الاجابة علي سؤالى، وحيدا، وانت حمامة بيضاء حلقت نحو السماء، المطر والرعد والظلام والصمت يحاصرنى
أبحث عنك
فيجيبنى العدم
الملهم الرائع صلاح سر الختم
لله درك وأنت تستدعي أحزانا كدنا ننساها في زحمة هذه الحياة
تحياتي لك بقدر ما أمتعتنا بهذا البوست
صلاح سر الختم علي
08-11-2013, 10:37 AM
الملهم الرائع صلاح سر الختم
لله درك وأنت تستدعي أحزانا كدنا ننساها في زحمة هذه الحياة
تحياتي لك بقدر ما أمتعتنا بهذا البوست
الله ما اجمل هذه الطلة الجميلة وهذه الكلمات النبيلة
وجودك في المكان فخر له وشرف وقلادة اخى الرائع ود الجزولى
صلاح سر الختم علي
08-11-2013, 10:44 AM
الملهم الرائع صلاح سر الختم
لله درك وأنت تستدعي أحزانا كدنا ننساها في زحمة هذه الحياة
تحياتي لك بقدر ما أمتعتنا بهذا البوست
الله ما اجمل هذه الطلة الجميلة وهذه الكلمات النبيلة
وجودك في المكان فخر له وشرف وقلادة اخى الرائع ود الجزولى
صلاح سر الختم علي
08-11-2013, 10:49 AM
اخى وصنو روحى عابر سبيل
قرأت حروفك البهية فسال دمعى وارتعش قلبي وطفقت اقرأ ثم اعيد القراءة
واخرج من البوست والمنتدى بلا تعليق
فكل كلمة وجملة وتعليق خطر ببالى وجدته لايفى المقام حقه
حتى جاء تعليق اخى ود الجزولى ولم يكن هناك مناص من الرد ومن ثم التعليق على حروفك التى هى كالشهد بل هى كالشهقة
والنفس الطالع من رئة جواد أصيل يتجه صوب المعركة
ياصديقي انا أقل كثيرا من هامة حروفك وطيب نفسك فاعذرنى ان لم اجد سوى عجزى عن البيان في حضرة كلماتك ومشاعرك كى اقدمه ردا
فالعجز عن الحركة في حضرة الجمال جمال
محمد الجزولى
08-11-2013, 09:43 PM
الله ما اجمل هذه الطلة الجميلة وهذه الكلمات النبيلة
وجودك في المكان فخر له وشرف وقلادة اخى الرائع ود الجزولى
شكرا الأديب المعلم صلاح
ويسعدني التواجد وسط كرنفال حروفكم
صلاح سر الختم علي
04-12-2013, 11:13 AM
كنت فى مدنى ، بعد غياب دام سنينا، جئت الى مهد طفولتى الأول، كنت انتظر بلهفة دخول حدودها، قلت لنفسي ستكون تلك الاشجار عند مدخل المدينة التى كانت قد غرست عندما كنا طلابا بالجامعة فى الثمانينات، ستكون قد باتت غابة ظليلة، اقترب البص من مدخل المدينة وجدت أشجارا شاحبة صغيرة ولم أجد غابة كما تصورت، كان أول الآية كفر، حين انحنى البص ليدخل المدينة، وجدت المقابر محاصرة بغابات من الاسمنت احاطت بها بلا خجل احاطة السوار بالمعصم، لم يرأف أهل غابات الاسمنت بالموتى، ولم ترأف الحكومة بهم، حوصرت مقابر المدينة التى وضعتها صدفة تاريخية في مدخل المدينة وجعلت النهر متواريا بالبيوت، قلت لنقسي مابال الاحياء يحاصرون الموتى وينكرون عليهم حقهم فى مدافن واسعة لاتحفها غابات الاسمنت، ما الذى جرى لك يامدينتى؟
صلاح سر الختم علي
18-12-2013, 08:33 AM
الرجل المائدة( فريد محمود خليفة)
كان الرجل علما من أعلام المدينة، طبيبا ناجحا ومشهورا ينحدر من أسرة تعتبر من أعلام المدينة ورموزها وبيوتها العريقة والثرية،كان شخصية مرحة خفيفة الظل واجتماعية من الدرجة الأولى، تدرج فى سلم الوظائف الإدارية حتى بلغ قمتها، مديرا عاما للصحة فى زمن لم يعرف فيه السودان الوزارات الولائية وكان مدير الأدارة هو قمة الهرم فى الأقليم، لمع نجمه وازداد تواضعا على تواضعه وزاد ت محبة الناس له، ماطرق بابه صاحب حاجة أو رجاء وعاد خائباً،ماتنمر على أحد ولاتذمر أو شك من كثرة الأضياف فى بيته،ولاغابت ابتسامته الجميلة عن المحيا ولا غاب صاحبها عن فرح أو كره فى دروب المدينة الكثيرة، حتى أدركه معاش كان مبكرا بالنسبة للمستظلين به من الهجير، لكنه كان عاديا وطبيعيا بالنسبة اليه والى سنوات خدمته الطويلة، تقبل الأمر برحابة صدره المعهودة وانتقل من بيت حكومى كبير الى بيت صغير جميل بناه فى حى شعبى عمدا، فقد كان يحب الفقراء والبسطاء وكان يعلم بطريقة ما أنهم هم أسرته وأهله، كان بعيد النظر، فقد هجر اولاده الوطن وغابوا فى بلاد تموت من البرد حيتانها، ولم يبق معه أحد سوى طباخ عجوز ظل يتنقل معه أينما ذهب،كان بيته الصغير واسعافى الحقيقة، مبنيا بطريقة مختلفة من البيوت الأخرى، غرفه متعددة، وكان البيت مزدحما بالبرادات( الثلاجات ديب فريزر) وكانت عامرة بالخيرات، كان البيت الكبير خاويا ، الا منه هو وطباخه، لكنه كان مفتوحا دائما للضيوف من الأهل والجيران، لم يكن البيت يخلو، كانت تلك رغبة صاحب البيت، أن يكون بيته مفتوحا ومكتظا والأ يخلو عند الوجبات من ضيوف،كان مائدة مفتوحة، وضجيجا فرحا، كان يحب الكوتشينة، ويحب الأنس، فلم يخل البيت من الكوتشينة التى جمعت أهل الفريق من مختلف الأعمار، ولم تخل الدار منهم وكان صاحب الدار بشوشا فرحا بهم كطفل عثر على لعبته الأثيرة، كان مستشارا وطبيبا مجانيا للجميع ويدا تعين سرا وعلنا من يحتاج العون ومن يطرق بابه،كانت السيارة الفخمة فى الخدمة وعلى أهبة الاستعداد، وكان صاحبها صديقا للجميع، كنت أحرص على التواصل معه دوما،صباحى يبدأ به وأنا فى طريقي للعمل تقع عينى على سيارته المرسيدس السماوية الجميلة، وفى الأمسيات اكون ضمن كوكبة الاصدقاء معه، كان عونا وسندا لى في بداية حياتى المهنية بشكل سيظل دوما موضع امتنانى، كان الرجل حديقة مليئة بالقناديل والزهور
حتى كان يوم
انطفأ فيه مصباح
وغابت مائدة الرجل
وبقيت سيرته
تمشي فى شوارع المدينة
مبتسمة كصاحبها
بيد أنها
حزينة. فقد رحل الرجل المائدة، البشوش، الطيب، الضاحك، الكريم، الشهم، المتواضع
الدكتور فريد محمود خليفة. اللهم أرحم فريد محمود خليفة وأكرم نزله وتجاوز عن سئياته ان كان مسئيا وتقبل منه والحقه بالصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
صلاح الدين سر الختم على
مروى
18 ديسمبر 2013
صلاح سر الختم علي
16-01-2014, 06:22 AM
قصة مسبحة/ساقية حمراء/ صلاح الدين سر الختم على
وجه
كانت تأتيه فى الأحلام ، وجه جميل، عينان غاضبتان تقدحان شرراً، فم صغير مزموم، تشتعل ناراً، لاتقول شيئا، توليه ظهرها وتمضى. لكنه كان يفهم،لايستطيع قول شئ، يود لو يعود الزمان القهقرى فيمحو ما جرى.
محو
همس بصوت خافت محادثا نفسه وهو ينظر إلى القمر فى ليلة مظلمة:(صغيراً كنت... صغيراً جداً.)خرج صوت ضخم غاضب من مكان ما:( كنت كبيرا بما يكفى لتفعل أو لتمتنع عن الفعل... لاتتصنع البراءة...) ارتعشت أياديه، شحب لونه، همس:(ليت ماجرى ما جرى أبداً). أزت الريح عند النافذة، فصرخ:( سامحينى..)، أجابه الصدى:امحينى..امحينى.......
فانمحى......!
حكم
طرق القاضى المنضدة بحزم وهتف :حكمنا عليك أن تشرب ،فلا ترتوي أبداً،وأن تأكل، فلاتشبع أبداً،وان تضاجع كل النساء فلا يحبلن ولا تشبع ، وأن تبكى بغير دموع، وتمضى بغير رجوع. كانت واقفة خلف القاضى تبتسم وهى تعبث بشعره المستعار بقطعة من نار. وكان هو قد بات قطعة من نار.
ذهول
طوال الطريق الى السجن ، كانت تحلق فوق رأسه ، تنقربمنقار معقوف يقطر دما،وكان هو يعصر لربه خمراً، ويعض على بنانه ندماً.
غيبوبة
كان الشيخ البدين غائبا عن الكون ومافيه حين لمح فى سقف الغرفة برقاً، سقطت عمامته من عرشها، وولى هارباً دون أن يعير عمامته اهتماما،حين بلغ مغارته، كانت التى تحت سقفه تتلوى لازالت تغازل عمامته وتلتمس من نارها دفئا.
صلاح الدين سر الختم على
مروى
16 يناير 2014
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir