مصطفى احمد على
19-03-2013, 07:59 AM
هو سيدنا ومولانا الشيخ أحمد الطيب بن الشيخ البشير بن الشيخ مالك بن الفقيه محمد ولد سرور، الذي يتصل نسبه بسيدنا العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم
ولد الشيخ أحمد الطيب بن البشير فـي عام 1155هـ، وذلك ببلـدة أم مرح شمال الخرطوم
وهو حفيد الشيخ محمد ولد سرور مؤسس بلدة أم مرح وتلميذ سيدنا ومولانا الشيخ حسن ود حسونة وأحد خلفاءه
نشأ سيدنا الشيخ أحمد الطيب وحفـظ القـرآن وتعـلم العـلم بمسجد جده الشيخ محمد سرور با مرح ثم انتقـل إلى الجزيرة اسلانج وأم طلحة وغيرهما طلبا للاستزادة في العلم
ولما تجاوز عمر سيدي الشيخ أحمد الطيب السادسة عشرة بسنة أو سنتين اتجه إلى الحج حيث قضى منسكه بمكة ثم ذهب وزار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجده بالمدينة
وقد قوبل بالتقدير والإجلال والاحترام خاصة ممن كانوا يعلمون مكانته ومكانة أسرته بالسودان
وكان على رأس من رحبوا به الشيخ محمد عبد الكريم السمان بالمدينة المنورة والشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد السلام الشيخ الزمزمي بمكة المكرمة،
وهذا الأخير كان أحد علماء مكة وأبرز مشايخ التصوف بها فـي الطريقتين الخلوتية والنقشبندية حيث تلقى الأولى على يد الشيخ مصطفى البكري وتلقى الثانية على يد أستاذه الشيخ عبد الرحمن العيدروس
وقد طالت إقامة الشيخ أحمد الطيب بمكة للدرجة التي توثقت خلالـها علاقاته فيها مع جمع كبير من علماء البلاد ومشايخها وعلى رأسهم الشيخ الزمزمي المذكور حتى إنه ليروي البعض أن الشيخ أحمد الطيب قد سلك الطريق الصوفـي على الشيخ الزمزمي
على أنه من المؤكد استنادا على بعض المراجع أنه قد تعرف منه على المذهب الشافعي الذي كان يتقنه وعلى بعض العلوم الأخـرى التي كان يدرسها وربما يكون قد أطلعه على مؤلفه فـي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف باسم سر الأسرار فـي ذكر الصلاة على النبي المختار
التقاؤه بالشيخ السمان
وأيا كان الأمر فـي الشيخ أحمد الطيب ـ بعد وصوله للمدينة المنورة ـ فقد التقى بدرة عقد جيد الزمان الشيخ محمد عبد الكريم السمان شيخ الطريقة السمانية
وقد أنزله معه بداره المعروفة بالزاوية السمانية وكان كثيرا ما يتصاحبان فـي طريقهما للروضة الشريفة ولزيارة سيد البشر وكانا بعد عودتهما للزاوية يواصلان عبادتهما
فتوثقت بذلك عـرى المحبة بينهما وأدرك كل منهما مقدار اهتمام الآخر بالعبادة ومن ثم تتلمذ الشيخ أحمد الطيب على الشيخ محمد عبدالكريم السمان وسلك على يديه الطريقة السمانية وتلقى منه العهد وانتظم لفترة سبع سنوات معه يطلب العلم منه ويتلقى الإرشاد والتوجيه فـي الطريق الصوفـي على يديه.
وكان يصحبه كل عام لأداء الحج خلال تلك السنوات التي كان يقيم فيها معه
دوره فـي الدعوة إلى الله
ولما أنس الشيخ محمد عبدالكريم النجابة فـي تلميذه الشيخ أحمد الطيب وجهه لإرشاد المسلمين بالسودان ومصر وغيرها وأعطاه إذنا عاما مكتوبا فى الطريقة السمانية التي هى جماع خمس طرق هى: القادرية والخلوتية والنقشبندية وطريقة الأنفاس وطريقة الموافقة.
وتنفيذا لتوجيهات السمان رجع الشيخ أحمد الطيب للسودان يعلم الأمة فـي مسجد جده الشيخ محمد سرور بأم مرح ويرشدها لدينها ويسلك من رغب الطريق السماني
فأم داره الكثيرون ونهل من معينه الجم الغفير من الناس وصار فـي مدة وجيزة علما يؤمه الناس من داخل القطر وخارجه فكنت ترى فـي حلقته العلمية وفـي حضرات الأذكار التي يقيمها مساء كل يوم وصباحه ويكثر منها ليلتي الإثنين والجمعة بالإضافة إلى يوم الجمعة كله، كنت ترى فيها كثيرا من الأفارقة من البلاد المجاورة
بل إن بعض الحجازيين كانوا يؤمونها وقد كتب بعضهم فـي ذلك رسالة أسماها النفحات السمانية أثنى فيها كاتبها على نهج الشيخ أحمد الطيب فـي الطريق وعلى ما قام به فـي سبيل الدعوة إلى الله وإرشاد المسلمين والتبشير بالدين بين المسيحيين والوثنيين
وبعد سنوات قضاها الشيخ أحمد الطيب فـي التدريس والإرشاد بمسجد جده الشيخ محمد سرور تلميذ الشيخ حسن بن حسونة سافر إلى مصر بدعوة من أحبابه ومريديه بها وقد استغرقت رحلته إليها مدة شهرين تقريبا حيث سار بالبر وكان كثيرا ما يلبي دعوات أحبابه فـي القرى والمدن التي فـي طريقه إلى مصر وكان من بين من استجاب لدعوتهم ونزل بدارهم بعض الأيام الشيخ حمد بن المجذوب وقد دارت بين الرجلين مساجلات علمية ـ وعلى الأخص فـي ميدان التصوف ـ كانت تـنم من ناحية على مقدار ما بلغه الرجلان فـي طريق التصوف من مراتب عليا، كما تنم عن سعة العلم والاطلاع والتحصيل الذي حظي به الشيخان علما بأن الشيخ أحمد الطيب كان آنذاك شابا فـي حين كان الشيخ حمد المجذوب قد تجاوز المائة من عمره العامر بالخير والبركات.
وفـي مصر كانت (دراو) أول بلد حط بها الشيخ أحمد الطيب رحله فأقام بها أياما سلك فيها الطريق لعدد كبير من أهلها كان من أبرزهم الشيخ إسماعيل بن تقاديم وقد كتب هذا الأخير كتابا اطلع عليه الشيخ عبد المحمود وكان يدور حول مناقب الشيخ أحمد الطيب وما تلقاه عنه من إرشاد وتوجيه
وقد توجه من (دراو) إلى (أسوان) حيث أقام بها أياما خلّف فيها بعض أتباعه وأرشد بها خلقا كثيرا ومنها توجه إلى (قنا) حيث أقبل عليه الناس أفواجا فأرشـد الكثيرين منهم وسلك الراغبين منهم الطريق وخلّف عددا من الأتباع كان من أبرزهم السيد عبد الله خليفة الشيخ عبد الرحيم القناوي... وقد زار خلال فترة إقامته هناك قبر الشيخ عبد الرحيم القناوي.
ثم انتقل إلى بلدة (هوار) فأقام بها للإرشاد صرحا وللطريق معلما وسلك فيها الطريق لأناس لا يحصون عددا كان من بينهم شيب وشباب ونساء على رأسهم سليم العريان..
وقد بلغ من علم الأخير أن أحبه الناس بعد سفر الشيخ من (هوار) واعتقدوا فيه ورأوا فيه امتدادا لفيض الشيخ وأصبح قبره حتى وفاته معلما ببلدة (هوار) على شاطئ النيل
ومن بلدة هوار ذهب الشيخ إلى (سوهاج) فاستقبله أهلها بالبشر والترحاب وأقام بها أياما جعل الناس يتقاطرون على سلوك الطريق عليه وقد بلغ عدة من سلكوا الطريق عليه فـي يوم واحد ثلاثة آلاف رجل كانوا قد صلوا معه الجمعة
وفـي (سوهاج) عني الشيخ كذلك بتربية وإرشاد الشيخ شيخون الوزي وقدمه على كثير من أتباعه وأشاد به وأعلن للجميع عناية الشيخ السمان به أيضا هذا وكان الشيخ محمد عبد الكريم السمان قد أوصاه به وأمره بارشاده وتسليكه الطريق
وانتقل الشيخ من (سوهاج) إلى (أسيوط) فكان مجيؤه لـها عيدا ومناسبة قومية حيث احتفى به فيها كل أعيان البلد وعلمائها ومشايخ الطرق بها وكانت تقام له الحفلات والدعوات وتنتظم مساء كل يوم الحضرات ويحضر الجميع حلقات الدرس والارشاد التي كان يقيمها الشيخ يوميا لأحبابه ومريديه وزواره ومضيفيه..
وقد سلك الشيخ الطريق السماني الطيبي لعدد من المحبين كان من أبرزهم الشيخ أحمد الأسيوطي الذي اختاره له خليفة ببلده قبل أن يغادرها هذا وكان الشيخ قبل أن يغادر أسيوط قد سبقته شهرته إلى بلاد كثيرة بمصر أهمها القاهرة فأمها بدعـوة له من أهلها حيث قابله جمع كبير من خاصة البلد وعامتها يتقدمهم مندوب الملك وعلماء الأزهر ومشايخ الطرق والأعيان...... وقد أبدى كثير منهم رغبته فـي أن ينزل الشيخ ومرافقوه ضيفا عليهم غير أن الشيخ آثر ألا يصبغ زيارته بالصبغة السياسية من ناحية ولا يؤثر فردا على آخر من ناحية أخرى ومن ثم اختار أن ينزل فـي جامع الأشـراف
ومن ذلك المقـر واصل الشيخ رسالته فـي الدعوة إلى الله يرشد الأحباب ويعظ الوافدين ويدرس الطلاب ويؤم الناس فـي صلواتهم ويحضر معهم الأوراد والأذكار ويوفق بين المتنافرين ويعقد الزواج للراغبين يواسي المرضى ويبر اليتامى والمساكين وينتصر للمظلومين ويرفع من شأن المنكسرين كل ذلك فـي خلق رفيع ســــــام أكسبه تقدير الجميع وحبهم واحترامهم وإكبارهم وكان كثيرا ما يعقد جلسات خاصة مع العلماء يوجههم فـي الالتزام بالدعوة إلى الله بالآية القرآنية التي نصها {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلـهم بالتي هي أحسن}
وكان يمر أحيانا على العلماء فـي حلقاتهم بالأزهر ليسمع بنفسه صدق التزامهم بتوجيهاته.. ويروى أن إعجابه بالتزام الشيخ الأمير بمنهجه فـي الدعوة إلى الله جعله يطيل الجلوس فـي حلقته ففرح بذلك الشيخ الأمير وطرب ولازم الشيخ وتتلمذ على يديه وأوصى تلاميذه بملازمة دروسه ووعظه والانتظام فـي سلك الطريقة السمانية تحت قيادة الشيخ وإرشاده بل إنه يروى أن أحد تلاميذ الشيخ الأمير وهو قاضي القضاة الشيخ أحمد أفندي السلاوي كان قد بلغ به الإعجاب والإكبار بالشيخ حدا جعله يصاهره ويسمي أحد أبنائه باسمه
هذا وقد زار الشيخ خلال وجوده بمصر قبر السادة الأشراف ومشاهير الأولياء وشهد كثيرا من المواسم والاحتفالات بميلاد الأولياء واشترك بنفسه معهم فـي الأذكار والأوراد وقاد بنفسه حلقات الذكر السماني الطيبي وزار كل مشايخ الطرق وتعرف عليهم وعرفهم بإخوانهم فـي البلاد التي زارها وحبب إليهم نشر طرقهم بالسودان وأهداهم بعض مؤلفاته ومن بينها ثلاثة أحزاب كان قد ألفها بمصر هي
حزب الجلال
حزب الجمال
حزب الكمال
ذلك بالإضافة إلى كتاب "سر الأسرار" الذي سبق أن ألفه بالحجاز.. وربما كتاب "الحكم" الذي نحسب أنه استفاد فـي تأليفه من المراجع الكثيرة التي كان قد حصل عليها بمصر...
وعلى كل فقد تعرف علماء مصر ومثقفوها على أصالة الشيخ فـي تفكيره وعلى عمق فهمه للإسلام وعلى عالمية الدعوة التي كان يحمل شعارها وعلى الوحدة بين أبناء الطريق التي كان يتبناها، ومن أجلها ركز على نشر الطريقة القادرية بالسودان بدلا من باقي الطرق الخمس التي أخذها عن أستاذه السمان حيث كانت تلك الطريقة من أشهر الطرق بين أبناء السودان آنذاك بالإضافة إلى أنها أشهر الطرق كذلك فـي معظم البلدان الإفريقية
وقد لمس فيه كذلك أبناء الطرق الأخرى تواضعه وحلمه ومكارم أخلاقه واهتمامه بالأذكار والأوراد والصلوات الجماعية وترسيخ مفاهيم الأسوة الحسنة بالرسول صلى الله عليه وسلم وتجسيدها أمامهم من خلال القراءة المتكررة لمولد النبي صلى الله عليه وسلم فـي ليالي الاثنين والخميس.
ولد الشيخ أحمد الطيب بن البشير فـي عام 1155هـ، وذلك ببلـدة أم مرح شمال الخرطوم
وهو حفيد الشيخ محمد ولد سرور مؤسس بلدة أم مرح وتلميذ سيدنا ومولانا الشيخ حسن ود حسونة وأحد خلفاءه
نشأ سيدنا الشيخ أحمد الطيب وحفـظ القـرآن وتعـلم العـلم بمسجد جده الشيخ محمد سرور با مرح ثم انتقـل إلى الجزيرة اسلانج وأم طلحة وغيرهما طلبا للاستزادة في العلم
ولما تجاوز عمر سيدي الشيخ أحمد الطيب السادسة عشرة بسنة أو سنتين اتجه إلى الحج حيث قضى منسكه بمكة ثم ذهب وزار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجده بالمدينة
وقد قوبل بالتقدير والإجلال والاحترام خاصة ممن كانوا يعلمون مكانته ومكانة أسرته بالسودان
وكان على رأس من رحبوا به الشيخ محمد عبد الكريم السمان بالمدينة المنورة والشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد السلام الشيخ الزمزمي بمكة المكرمة،
وهذا الأخير كان أحد علماء مكة وأبرز مشايخ التصوف بها فـي الطريقتين الخلوتية والنقشبندية حيث تلقى الأولى على يد الشيخ مصطفى البكري وتلقى الثانية على يد أستاذه الشيخ عبد الرحمن العيدروس
وقد طالت إقامة الشيخ أحمد الطيب بمكة للدرجة التي توثقت خلالـها علاقاته فيها مع جمع كبير من علماء البلاد ومشايخها وعلى رأسهم الشيخ الزمزمي المذكور حتى إنه ليروي البعض أن الشيخ أحمد الطيب قد سلك الطريق الصوفـي على الشيخ الزمزمي
على أنه من المؤكد استنادا على بعض المراجع أنه قد تعرف منه على المذهب الشافعي الذي كان يتقنه وعلى بعض العلوم الأخـرى التي كان يدرسها وربما يكون قد أطلعه على مؤلفه فـي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف باسم سر الأسرار فـي ذكر الصلاة على النبي المختار
التقاؤه بالشيخ السمان
وأيا كان الأمر فـي الشيخ أحمد الطيب ـ بعد وصوله للمدينة المنورة ـ فقد التقى بدرة عقد جيد الزمان الشيخ محمد عبد الكريم السمان شيخ الطريقة السمانية
وقد أنزله معه بداره المعروفة بالزاوية السمانية وكان كثيرا ما يتصاحبان فـي طريقهما للروضة الشريفة ولزيارة سيد البشر وكانا بعد عودتهما للزاوية يواصلان عبادتهما
فتوثقت بذلك عـرى المحبة بينهما وأدرك كل منهما مقدار اهتمام الآخر بالعبادة ومن ثم تتلمذ الشيخ أحمد الطيب على الشيخ محمد عبدالكريم السمان وسلك على يديه الطريقة السمانية وتلقى منه العهد وانتظم لفترة سبع سنوات معه يطلب العلم منه ويتلقى الإرشاد والتوجيه فـي الطريق الصوفـي على يديه.
وكان يصحبه كل عام لأداء الحج خلال تلك السنوات التي كان يقيم فيها معه
دوره فـي الدعوة إلى الله
ولما أنس الشيخ محمد عبدالكريم النجابة فـي تلميذه الشيخ أحمد الطيب وجهه لإرشاد المسلمين بالسودان ومصر وغيرها وأعطاه إذنا عاما مكتوبا فى الطريقة السمانية التي هى جماع خمس طرق هى: القادرية والخلوتية والنقشبندية وطريقة الأنفاس وطريقة الموافقة.
وتنفيذا لتوجيهات السمان رجع الشيخ أحمد الطيب للسودان يعلم الأمة فـي مسجد جده الشيخ محمد سرور بأم مرح ويرشدها لدينها ويسلك من رغب الطريق السماني
فأم داره الكثيرون ونهل من معينه الجم الغفير من الناس وصار فـي مدة وجيزة علما يؤمه الناس من داخل القطر وخارجه فكنت ترى فـي حلقته العلمية وفـي حضرات الأذكار التي يقيمها مساء كل يوم وصباحه ويكثر منها ليلتي الإثنين والجمعة بالإضافة إلى يوم الجمعة كله، كنت ترى فيها كثيرا من الأفارقة من البلاد المجاورة
بل إن بعض الحجازيين كانوا يؤمونها وقد كتب بعضهم فـي ذلك رسالة أسماها النفحات السمانية أثنى فيها كاتبها على نهج الشيخ أحمد الطيب فـي الطريق وعلى ما قام به فـي سبيل الدعوة إلى الله وإرشاد المسلمين والتبشير بالدين بين المسيحيين والوثنيين
وبعد سنوات قضاها الشيخ أحمد الطيب فـي التدريس والإرشاد بمسجد جده الشيخ محمد سرور تلميذ الشيخ حسن بن حسونة سافر إلى مصر بدعوة من أحبابه ومريديه بها وقد استغرقت رحلته إليها مدة شهرين تقريبا حيث سار بالبر وكان كثيرا ما يلبي دعوات أحبابه فـي القرى والمدن التي فـي طريقه إلى مصر وكان من بين من استجاب لدعوتهم ونزل بدارهم بعض الأيام الشيخ حمد بن المجذوب وقد دارت بين الرجلين مساجلات علمية ـ وعلى الأخص فـي ميدان التصوف ـ كانت تـنم من ناحية على مقدار ما بلغه الرجلان فـي طريق التصوف من مراتب عليا، كما تنم عن سعة العلم والاطلاع والتحصيل الذي حظي به الشيخان علما بأن الشيخ أحمد الطيب كان آنذاك شابا فـي حين كان الشيخ حمد المجذوب قد تجاوز المائة من عمره العامر بالخير والبركات.
وفـي مصر كانت (دراو) أول بلد حط بها الشيخ أحمد الطيب رحله فأقام بها أياما سلك فيها الطريق لعدد كبير من أهلها كان من أبرزهم الشيخ إسماعيل بن تقاديم وقد كتب هذا الأخير كتابا اطلع عليه الشيخ عبد المحمود وكان يدور حول مناقب الشيخ أحمد الطيب وما تلقاه عنه من إرشاد وتوجيه
وقد توجه من (دراو) إلى (أسوان) حيث أقام بها أياما خلّف فيها بعض أتباعه وأرشد بها خلقا كثيرا ومنها توجه إلى (قنا) حيث أقبل عليه الناس أفواجا فأرشـد الكثيرين منهم وسلك الراغبين منهم الطريق وخلّف عددا من الأتباع كان من أبرزهم السيد عبد الله خليفة الشيخ عبد الرحيم القناوي... وقد زار خلال فترة إقامته هناك قبر الشيخ عبد الرحيم القناوي.
ثم انتقل إلى بلدة (هوار) فأقام بها للإرشاد صرحا وللطريق معلما وسلك فيها الطريق لأناس لا يحصون عددا كان من بينهم شيب وشباب ونساء على رأسهم سليم العريان..
وقد بلغ من علم الأخير أن أحبه الناس بعد سفر الشيخ من (هوار) واعتقدوا فيه ورأوا فيه امتدادا لفيض الشيخ وأصبح قبره حتى وفاته معلما ببلدة (هوار) على شاطئ النيل
ومن بلدة هوار ذهب الشيخ إلى (سوهاج) فاستقبله أهلها بالبشر والترحاب وأقام بها أياما جعل الناس يتقاطرون على سلوك الطريق عليه وقد بلغ عدة من سلكوا الطريق عليه فـي يوم واحد ثلاثة آلاف رجل كانوا قد صلوا معه الجمعة
وفـي (سوهاج) عني الشيخ كذلك بتربية وإرشاد الشيخ شيخون الوزي وقدمه على كثير من أتباعه وأشاد به وأعلن للجميع عناية الشيخ السمان به أيضا هذا وكان الشيخ محمد عبد الكريم السمان قد أوصاه به وأمره بارشاده وتسليكه الطريق
وانتقل الشيخ من (سوهاج) إلى (أسيوط) فكان مجيؤه لـها عيدا ومناسبة قومية حيث احتفى به فيها كل أعيان البلد وعلمائها ومشايخ الطرق بها وكانت تقام له الحفلات والدعوات وتنتظم مساء كل يوم الحضرات ويحضر الجميع حلقات الدرس والارشاد التي كان يقيمها الشيخ يوميا لأحبابه ومريديه وزواره ومضيفيه..
وقد سلك الشيخ الطريق السماني الطيبي لعدد من المحبين كان من أبرزهم الشيخ أحمد الأسيوطي الذي اختاره له خليفة ببلده قبل أن يغادرها هذا وكان الشيخ قبل أن يغادر أسيوط قد سبقته شهرته إلى بلاد كثيرة بمصر أهمها القاهرة فأمها بدعـوة له من أهلها حيث قابله جمع كبير من خاصة البلد وعامتها يتقدمهم مندوب الملك وعلماء الأزهر ومشايخ الطرق والأعيان...... وقد أبدى كثير منهم رغبته فـي أن ينزل الشيخ ومرافقوه ضيفا عليهم غير أن الشيخ آثر ألا يصبغ زيارته بالصبغة السياسية من ناحية ولا يؤثر فردا على آخر من ناحية أخرى ومن ثم اختار أن ينزل فـي جامع الأشـراف
ومن ذلك المقـر واصل الشيخ رسالته فـي الدعوة إلى الله يرشد الأحباب ويعظ الوافدين ويدرس الطلاب ويؤم الناس فـي صلواتهم ويحضر معهم الأوراد والأذكار ويوفق بين المتنافرين ويعقد الزواج للراغبين يواسي المرضى ويبر اليتامى والمساكين وينتصر للمظلومين ويرفع من شأن المنكسرين كل ذلك فـي خلق رفيع ســــــام أكسبه تقدير الجميع وحبهم واحترامهم وإكبارهم وكان كثيرا ما يعقد جلسات خاصة مع العلماء يوجههم فـي الالتزام بالدعوة إلى الله بالآية القرآنية التي نصها {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلـهم بالتي هي أحسن}
وكان يمر أحيانا على العلماء فـي حلقاتهم بالأزهر ليسمع بنفسه صدق التزامهم بتوجيهاته.. ويروى أن إعجابه بالتزام الشيخ الأمير بمنهجه فـي الدعوة إلى الله جعله يطيل الجلوس فـي حلقته ففرح بذلك الشيخ الأمير وطرب ولازم الشيخ وتتلمذ على يديه وأوصى تلاميذه بملازمة دروسه ووعظه والانتظام فـي سلك الطريقة السمانية تحت قيادة الشيخ وإرشاده بل إنه يروى أن أحد تلاميذ الشيخ الأمير وهو قاضي القضاة الشيخ أحمد أفندي السلاوي كان قد بلغ به الإعجاب والإكبار بالشيخ حدا جعله يصاهره ويسمي أحد أبنائه باسمه
هذا وقد زار الشيخ خلال وجوده بمصر قبر السادة الأشراف ومشاهير الأولياء وشهد كثيرا من المواسم والاحتفالات بميلاد الأولياء واشترك بنفسه معهم فـي الأذكار والأوراد وقاد بنفسه حلقات الذكر السماني الطيبي وزار كل مشايخ الطرق وتعرف عليهم وعرفهم بإخوانهم فـي البلاد التي زارها وحبب إليهم نشر طرقهم بالسودان وأهداهم بعض مؤلفاته ومن بينها ثلاثة أحزاب كان قد ألفها بمصر هي
حزب الجلال
حزب الجمال
حزب الكمال
ذلك بالإضافة إلى كتاب "سر الأسرار" الذي سبق أن ألفه بالحجاز.. وربما كتاب "الحكم" الذي نحسب أنه استفاد فـي تأليفه من المراجع الكثيرة التي كان قد حصل عليها بمصر...
وعلى كل فقد تعرف علماء مصر ومثقفوها على أصالة الشيخ فـي تفكيره وعلى عمق فهمه للإسلام وعلى عالمية الدعوة التي كان يحمل شعارها وعلى الوحدة بين أبناء الطريق التي كان يتبناها، ومن أجلها ركز على نشر الطريقة القادرية بالسودان بدلا من باقي الطرق الخمس التي أخذها عن أستاذه السمان حيث كانت تلك الطريقة من أشهر الطرق بين أبناء السودان آنذاك بالإضافة إلى أنها أشهر الطرق كذلك فـي معظم البلدان الإفريقية
وقد لمس فيه كذلك أبناء الطرق الأخرى تواضعه وحلمه ومكارم أخلاقه واهتمامه بالأذكار والأوراد والصلوات الجماعية وترسيخ مفاهيم الأسوة الحسنة بالرسول صلى الله عليه وسلم وتجسيدها أمامهم من خلال القراءة المتكررة لمولد النبي صلى الله عليه وسلم فـي ليالي الاثنين والخميس.