عبدالغني خلف الله
25-02-2013, 09:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مالك الحزين
عبدالغني خلف الله
ومالك هذا لمن لم يسمعوا به طائر هو الحزن بعينه ..تجده شارد البال كسير الخاطر وفي حالة عدم استقرار( مستدامة ) ..إنه بالنسبة لنا في نوافذ طيب الذكر الجنيه السوداني ..لاقي الأمرين في حياته منذ أن ولد في عهد الاستعمار ..كل حاكم يجي يطبق فيه نظريات ما أنزل الله بها من سلطان ..كل واحد من المسئولين وضع عليه صورته الخائف عليها ومنهم الملك جورج والملك فاروق والراحل المقيم الرئيس نميري بعمامته الكبيرة ..وآخرون من دونهم لا نعلمهم ..ولو تتبعنا سيرة هذا ا الجنيه السوداني نجده أنه قد عاش العديد من التقلبات المبكية أحياناً والمفرحة في أحيان أخري ..حتي أنه تعرض للإبادة والحريق فخرجت الجماهير وهي تهتف ( حريق العملة حريق الشعب ) ..بيد أنه قد أحرق وانتهي الأمر ..كان أقوي عملة في العالم ويساوي خمسة دولارات وعشرة ماركات وأكثر من جنيه استرليني ..فتدهور ..تدهور حتي بلغ مستوي من التراجع لو أردت حسابه بنسبة مثوية لاحتجت لكمبيوتر بحجم قلاب ..كان في أمانة الله رائق ساكن فتسلط عليه أحدهم فقام بتعويمه في عز الشتاء فأصيب بنزلة برد حاده لا يزال يعاني منها حتي اليوم ..جنيهك تمام التمام تقوم تعومو تغطس حجرو ..فلو كان في التعويم فائدة لماذا يرفض الأعزاء في مصر تعويم الجنيه المصري حتي اليوم ..ثم جاء أحدهم وأقنع الناس بأن لا جدوي من التبذير ..خلوا جنيهاتكم في البنوك كفايه عليكم خمسة ألف فقط في اليوم ..لكن يا شيخنا المبلغ ده لا يعادل فطور العمال ناهيك عن المواد الخام ومذ ذاك الحين والناس تحجم عن إيداع أموالها في البنوك..واحدين قالوا واطة الله أحسن فحفروا له الحفر العميقة تحت البلاط فأصابوه بالعزلة والإحباط .. قال إيه .. هذا الإجراء يقلل من التضخم ..تقوم تخنق الجنيه مره واحده فيموت الإقتصاد أم الصحيح ضخ المزيد من الجنيهات في جسد الإقتصاد لينمو ويتحرك ..وهكذا يتجول الجنيه سعيداً مسروراً في السواق من هذه اليد لتلك .. فيستنشق الهواء الطلق .. إلي أن غادر ذاك المسئول السلطة فعدنا للبنوك والعود أحمد ..وما أن ارتاح الجنيه قليلاً وصار سيد الموقف حتي فرضنا له أخاً أكبر أطلقنا عليه لقب ( الدينار ) ..وجعلنا الدينار يساوي عشره جنيهات فشعر الجنيه بشيء من الإذلال والإهانة وعدم الاعتراف بالخدمات التي أسداها لهذا الشعب وأصابه نوع غريب من الأمراض لا يعلم الطب عنها أدني فكرة مثل الهزال والضعف والإغماء ..لماذا هذا الحجود يا هؤلاء ؟ .. لم يقصر الجنيه والله العظيم معنا بل بالعكس ..اشتري لنا كل شيء بدءاً بالرغيف والموبيليا والسيارة والبقر والغنم والحشم .. علم الأولاد في المدارس وعرس للبنيات ..واليوم وبعد أن كان ينقسم نحو الريال والقرشين المكعب والقرش والتعريفة والملين والهلله والدمجة ..أصبح هو جزءاً من الدينار ذلك الضيف الثقيل علي قلبه .. ولكن الأيام توالت وبشريات الخلاص بدأت تلوح في الأفق ..فسيعود الجنيه محمولاً علي الأعناق وحقائب اليد ..هذا طبعاً بالنسبة للسيدات وجيوب الجلابيب والعراريق بالنسبة للرجال وكذلك حقائب الأطفال ..وسيكبر في نظرنا وتعاملنا عشرة مرات ..شيء واحد نتحفظ عليه هي تلك الكلفة الباهظة للعودة .. مائة وخمسون مليون دولار مرة واحدة .. كان تعملوا عطاء يأتيكم الأخوة الصينين ويطبعوه لكم بدراهم معدودات ..لكن هذا العائد المحبوب سيخلق لنا مشكلة .. كيف نحسب كيلو اللحم بالجنيه الجديد وتذاكر المواصلات ..هل سنحمل معنا آلات حاسبه صعوداً وهبوطاً ومن سيقنع البائعين والتجار بأن هذا الجنيه ليس الجنيه الواحد الذي ألفوه ..سيقول ليك يازول الكيلو بخمستاشر ألف جنيه ..عجبك ..عجبك ما عجبك خليهو في محلو ..لذلك مطلوب إعطاء حصص رياضيات للشعب السوداني البطل قبل وصول هذا الزائر الغالي وتحفيظه جداول الضرب ..والله الموفق .
من أرشيف كتاباتي الصحفية
مالك الحزين
عبدالغني خلف الله
ومالك هذا لمن لم يسمعوا به طائر هو الحزن بعينه ..تجده شارد البال كسير الخاطر وفي حالة عدم استقرار( مستدامة ) ..إنه بالنسبة لنا في نوافذ طيب الذكر الجنيه السوداني ..لاقي الأمرين في حياته منذ أن ولد في عهد الاستعمار ..كل حاكم يجي يطبق فيه نظريات ما أنزل الله بها من سلطان ..كل واحد من المسئولين وضع عليه صورته الخائف عليها ومنهم الملك جورج والملك فاروق والراحل المقيم الرئيس نميري بعمامته الكبيرة ..وآخرون من دونهم لا نعلمهم ..ولو تتبعنا سيرة هذا ا الجنيه السوداني نجده أنه قد عاش العديد من التقلبات المبكية أحياناً والمفرحة في أحيان أخري ..حتي أنه تعرض للإبادة والحريق فخرجت الجماهير وهي تهتف ( حريق العملة حريق الشعب ) ..بيد أنه قد أحرق وانتهي الأمر ..كان أقوي عملة في العالم ويساوي خمسة دولارات وعشرة ماركات وأكثر من جنيه استرليني ..فتدهور ..تدهور حتي بلغ مستوي من التراجع لو أردت حسابه بنسبة مثوية لاحتجت لكمبيوتر بحجم قلاب ..كان في أمانة الله رائق ساكن فتسلط عليه أحدهم فقام بتعويمه في عز الشتاء فأصيب بنزلة برد حاده لا يزال يعاني منها حتي اليوم ..جنيهك تمام التمام تقوم تعومو تغطس حجرو ..فلو كان في التعويم فائدة لماذا يرفض الأعزاء في مصر تعويم الجنيه المصري حتي اليوم ..ثم جاء أحدهم وأقنع الناس بأن لا جدوي من التبذير ..خلوا جنيهاتكم في البنوك كفايه عليكم خمسة ألف فقط في اليوم ..لكن يا شيخنا المبلغ ده لا يعادل فطور العمال ناهيك عن المواد الخام ومذ ذاك الحين والناس تحجم عن إيداع أموالها في البنوك..واحدين قالوا واطة الله أحسن فحفروا له الحفر العميقة تحت البلاط فأصابوه بالعزلة والإحباط .. قال إيه .. هذا الإجراء يقلل من التضخم ..تقوم تخنق الجنيه مره واحده فيموت الإقتصاد أم الصحيح ضخ المزيد من الجنيهات في جسد الإقتصاد لينمو ويتحرك ..وهكذا يتجول الجنيه سعيداً مسروراً في السواق من هذه اليد لتلك .. فيستنشق الهواء الطلق .. إلي أن غادر ذاك المسئول السلطة فعدنا للبنوك والعود أحمد ..وما أن ارتاح الجنيه قليلاً وصار سيد الموقف حتي فرضنا له أخاً أكبر أطلقنا عليه لقب ( الدينار ) ..وجعلنا الدينار يساوي عشره جنيهات فشعر الجنيه بشيء من الإذلال والإهانة وعدم الاعتراف بالخدمات التي أسداها لهذا الشعب وأصابه نوع غريب من الأمراض لا يعلم الطب عنها أدني فكرة مثل الهزال والضعف والإغماء ..لماذا هذا الحجود يا هؤلاء ؟ .. لم يقصر الجنيه والله العظيم معنا بل بالعكس ..اشتري لنا كل شيء بدءاً بالرغيف والموبيليا والسيارة والبقر والغنم والحشم .. علم الأولاد في المدارس وعرس للبنيات ..واليوم وبعد أن كان ينقسم نحو الريال والقرشين المكعب والقرش والتعريفة والملين والهلله والدمجة ..أصبح هو جزءاً من الدينار ذلك الضيف الثقيل علي قلبه .. ولكن الأيام توالت وبشريات الخلاص بدأت تلوح في الأفق ..فسيعود الجنيه محمولاً علي الأعناق وحقائب اليد ..هذا طبعاً بالنسبة للسيدات وجيوب الجلابيب والعراريق بالنسبة للرجال وكذلك حقائب الأطفال ..وسيكبر في نظرنا وتعاملنا عشرة مرات ..شيء واحد نتحفظ عليه هي تلك الكلفة الباهظة للعودة .. مائة وخمسون مليون دولار مرة واحدة .. كان تعملوا عطاء يأتيكم الأخوة الصينين ويطبعوه لكم بدراهم معدودات ..لكن هذا العائد المحبوب سيخلق لنا مشكلة .. كيف نحسب كيلو اللحم بالجنيه الجديد وتذاكر المواصلات ..هل سنحمل معنا آلات حاسبه صعوداً وهبوطاً ومن سيقنع البائعين والتجار بأن هذا الجنيه ليس الجنيه الواحد الذي ألفوه ..سيقول ليك يازول الكيلو بخمستاشر ألف جنيه ..عجبك ..عجبك ما عجبك خليهو في محلو ..لذلك مطلوب إعطاء حصص رياضيات للشعب السوداني البطل قبل وصول هذا الزائر الغالي وتحفيظه جداول الضرب ..والله الموفق .
من أرشيف كتاباتي الصحفية