عزيز عيسى
24-03-2005, 10:15 AM
أكيد أيام الصبا من اجمل الايام التي عشناها في حياتنا. وعلى الرغم من اننا كنا نجد فيها نوع من الملذه والمتعة ويغلب عليها طابع البراءة الا انها كانت لا نخلو من الشقاوة والمخاطر وجلب المشاكل و المتاعب للأخرين. والعديد منا مرت عليه الكثير من المواقف و الطرائف والذكريات الظريفة المملؤة بالمغامرات في أيام الصبا، ومهما طال العمر بنا لن ننساها بل ستظل عالقة بأذهانا الى الأبد.
ومن هذه المواقف التي اعتبرها نوع من المغامرات حدثت لي في مدني مع أصدقائي حينما كنا صبيانا في عمر حوالي 16 سنه، حيث كنا نتمتع بحيوية ونشاط، والواحد فينا بيفتكر نفسه انه الواطه ماشايلاه وانه هو أبوعرام – ولو سألتوني عن أبوعرام ده منو مابعرفه. اذكر خلال عطلة المدارس كنت أذهب مع مجموعة كبيره من اصدقائي أولاد الحي الى ضفاف النيل الازرق ( أوكما يحلو لأهلينا أن ينادوه بالبحر وأيضا ما عارف ليه ماقادرين لحد الأن أنهم يفرقوا بين البحر والنيل على كل حال سأناديه بالبحر). كان البعض يمارس السباحة واللعب في موية البحر والجري في الرمال والبعض الآخر يتحاوم من جنينه لى جنينه. أنا ومحموعة من أصحابي كنا نذهب الى البساتين ونجلس بالقرب من احواض زراعة الخضروات، الواحد فينا (زي الدحش) بنحب نشم رائحة الجزر والبرسيم الفائحة من البساتين خاصة وقت العصير، وكنا مستعدين نجلس لأطول وقت ممكن نشمشم ونستمتع بهذه الروائح زي المدمنين.
في مره من المرات قررت أنا مع ثلاثة من اولاد الفريق اننا نترك المجموعة ونروح نعدي البحر من الجهة الشرقية. وبعد جهد جهيد وجدنا مركب راسية مربوطة على ضفة النيل (القيفة). حلينا الرباط وركبنا المركب وبدأنا في التجديف. طلعت أنا الوحيد في الصبيان اللى كان بيعرف يقدف.
المهم عبرنا البحر بالمركب ووصلنا الجهة الشرقية وربطنا المركب عند القيفة ودخلنا الجنانين، الجو كان حار شديد وكان موسم ظهور المنقة والجوافة – ياسلام – اتخيل تشم في غرب البحر رائحة الجزر والبرسيم، وفي شرقه رائحة المنقة والجوافة – يعني من الناحية الغربية تكون جحش ومن الناحية الشرقية تكون انسان. لما دخلنا الجنينه لم نجد هنالك حسيب ولا رقيب وبدأنا نقطف في المنقة والجوافة الكبيرة الناضجة ونأكل تحت ظل الاشجار الظليلة ونشرب من الموية البارده الصافية اللى بيجرها الوابور من البحر – بالله شوفوا النعيم اللى كنا عايشين فيه بس تقول دي الجنة ذاتها.
بعد ما شبعنا واستمتعنا بوقتنا في ذلك النعيم والحبور قررنا العودة الى غرب البحر. ولما رجعنا الى مكان المركب لم نجده ويبدو انه هنالك اشخاص آخرين أو صاحب المركب جاء وأخذ المركب. بقينا نبحث عن طريقه ترجعنا لى أهلنا و الخوف والقلق بدأ يظهرعلى وجوهننا جميعا. وبعد بحث كثيف استطعنا من مشاهدة شيء راسي على مسافة بعيدة تبعد حوالى ثلاثة الى اربعة كيلومترات بس ما كنا متأكدين انها مركب أو حاجه ثانية. المهم توكلنا على الله وقلنا نمشي نشوف الحاجة دي شنو. الحمد لله لما وصلنا – طبعا بعد مشقه كبيره – وجدناها مركب ومافيش حد جمبها. وتعال شوف اتلفتنا يمين شمال انه مافيش حد بيراقبنا وقمنا تووش نطينا وركبنا كلنا في المركب.
وجدنا داخل المركب قفاف مملؤة بالليمون لكن المقاديف كانت مخفية تحت القفف. قلت لاثنين من جماعتي ان يبعدوا قفة الليمون الاولى وطلبت من صديقي الرابع ان يساعدني على ابعاد قفة الليمون الثانية حتى نستطيع من سحب المقاديف. صحبي الرابع ده كان قصير القامة وليه كريشه صغيره قام قالي أنا مابقدر ازح معاك القفة لأنها تقيله. المهم حاولت لوحدى واستطعت من تحريكها قليلا وسحبنا المقاديف وابتدينا نقدف.
البحر كان دميره والمويه ضاربه لحدى القيف. وفي أثناء ما نحنا بنقدف انكسر واحد من المقاديف وراحت المركب تدور في البحر زي المروحة، وتعال شوف ليك جنس تجرس واحد، كل واحد فينا نطط عيونه زي الفناجين وقربنا نضرب الكواريك وبقينا نفتش في الطريقة اللى تخارجنا. وزي ما قلت أنا الوحيد اللى كان بيعرف يقدف لكن ما عندي خبره سابقه، قمت مسكت بالمقداف السليم وحاولت جاي جاي لحدى ما اتحكمت في المركب وخليتها تمشي في مسار ناحية الغرب لكنها انحرفت بعيد جدا عن المكان الذي كنا نقصده.
وفي أثناء ما انحنا بنحاول ونصارع في الموج وسرعة جريان المويه علشان ما نصل لى الجهة الغربية من البحر، سمعنا واحد بينادي فينا – يا أولاد رجعوا المركب لى محلها – ضربنا ليك بى كلامه طناش وعملنا ما سامعين، الراجل استمر ينادي – يا أولاد قلت ليكم احسن ترجعوا المركب لى محلها – وبرضو ضاربين الطناش.
لما وصلت بينا المركب الى مكان بعيد من الجهة الغربية والله ماعارف الراجل ظهر لينا من وين – زي الشيطان – لقيناه واقف فوق القيفة. قررنا قلنا طالما هو لوحده وأنحنا جماعه ممكن نمسكو نضربه ونمشي. تقدمت أنا وكنت شايف نفسي أقوى من حيدر قطامه. وقلت لى الراجل وبكل لماضه تعال انت رجعها براك.
الراجل ابتدأ ينزل من فوق ويمشي ناحيتنا. أنا ما كنت شايف الراجل انه شايل ليه صوت في ايده وكمان كان معاه اثنين واقفين فوق برضو ما كنت شايفهم شايلين معاهم عكاكيز مضببه – يعني مجلده بالجلد تقيها من الكسر – وتعال شوف الراجل وقع ليك فيني جلد صاح بالصوت. والله جلدنى وكسرني كسر أنا عمري كله ما انجلدت زيه، لا أبوي ولا استاذي في المدرسة جلدني زيه. قنبت أكورك والراجل يجلد فيني ولكن مافيش حد ينجدني. المهم أخذت جلدتي مظبوط.
بعد شويه الراجل قام خلاني في كوراكي وعرفت انه هو صاحب الجنينه والمركب وكان منتظر يستلم المحصول علشان يأخذه على سوق الخضار في سوق مدني. وأثناء ما كنت في بكاي سمعت الراجل راح هرش ليك في اصحابي الباقين وقال ليهم ترجعوا المركب ولا أقوم أجيكم. أصحابي فكوا البيرق و طيران داخل المركب. أنا بس المحيرني انه اصحابي ديل ما بيعرفوا يقدفوا وحتى المقداف الثاني كان مكسور رجعوا المركب كيف والله لى حكمة لا يعلمها الا الله، يمكن خوف ساكت. لأنه أحيانا الخوف بيولد طاقات وأفعال وتصرفات الواحد فينا لو سألوه عملها كيف ما يجد ليها جواب.
لما رجعوا بالمركب الى الناحية الشرقية شاهدت من بعيد جماعه ثانين ظهروا يبدو انهم الجناينية وكانوا بيتكلموا مع اصحابي وبعد شويه دخلوا الجنينه ورجعوا حاملين قفاف الليمون على رؤوسهم ويضعوها على المركب. والله أنا المحيرني أكثر انه صاحبي القصير أبو كريشه اللى رفض يشيل معاي القفة لما قلت ليه تعال نزحها علشان نطلع المقداف شفتو شايل ليك القفة في راسه زي الترتيب مثل الحاجة البتبيع الفول والتسالي.
أنا كنت بشاهد منظرهم من بعيد وبعد ما كنت ببكي وأكورك بقيت اضحك وأموت من الضحك.
ويا حليل زمن الصبا... بالله شفتو كيف كانت أيام حلوه. دي مش ذكريات تستحق انه الواحد يمثلها فيلم؟؟؟.
ولنا لقاء ودمتم،
عزيز
هيوستن - تكساس
ومن هذه المواقف التي اعتبرها نوع من المغامرات حدثت لي في مدني مع أصدقائي حينما كنا صبيانا في عمر حوالي 16 سنه، حيث كنا نتمتع بحيوية ونشاط، والواحد فينا بيفتكر نفسه انه الواطه ماشايلاه وانه هو أبوعرام – ولو سألتوني عن أبوعرام ده منو مابعرفه. اذكر خلال عطلة المدارس كنت أذهب مع مجموعة كبيره من اصدقائي أولاد الحي الى ضفاف النيل الازرق ( أوكما يحلو لأهلينا أن ينادوه بالبحر وأيضا ما عارف ليه ماقادرين لحد الأن أنهم يفرقوا بين البحر والنيل على كل حال سأناديه بالبحر). كان البعض يمارس السباحة واللعب في موية البحر والجري في الرمال والبعض الآخر يتحاوم من جنينه لى جنينه. أنا ومحموعة من أصحابي كنا نذهب الى البساتين ونجلس بالقرب من احواض زراعة الخضروات، الواحد فينا (زي الدحش) بنحب نشم رائحة الجزر والبرسيم الفائحة من البساتين خاصة وقت العصير، وكنا مستعدين نجلس لأطول وقت ممكن نشمشم ونستمتع بهذه الروائح زي المدمنين.
في مره من المرات قررت أنا مع ثلاثة من اولاد الفريق اننا نترك المجموعة ونروح نعدي البحر من الجهة الشرقية. وبعد جهد جهيد وجدنا مركب راسية مربوطة على ضفة النيل (القيفة). حلينا الرباط وركبنا المركب وبدأنا في التجديف. طلعت أنا الوحيد في الصبيان اللى كان بيعرف يقدف.
المهم عبرنا البحر بالمركب ووصلنا الجهة الشرقية وربطنا المركب عند القيفة ودخلنا الجنانين، الجو كان حار شديد وكان موسم ظهور المنقة والجوافة – ياسلام – اتخيل تشم في غرب البحر رائحة الجزر والبرسيم، وفي شرقه رائحة المنقة والجوافة – يعني من الناحية الغربية تكون جحش ومن الناحية الشرقية تكون انسان. لما دخلنا الجنينه لم نجد هنالك حسيب ولا رقيب وبدأنا نقطف في المنقة والجوافة الكبيرة الناضجة ونأكل تحت ظل الاشجار الظليلة ونشرب من الموية البارده الصافية اللى بيجرها الوابور من البحر – بالله شوفوا النعيم اللى كنا عايشين فيه بس تقول دي الجنة ذاتها.
بعد ما شبعنا واستمتعنا بوقتنا في ذلك النعيم والحبور قررنا العودة الى غرب البحر. ولما رجعنا الى مكان المركب لم نجده ويبدو انه هنالك اشخاص آخرين أو صاحب المركب جاء وأخذ المركب. بقينا نبحث عن طريقه ترجعنا لى أهلنا و الخوف والقلق بدأ يظهرعلى وجوهننا جميعا. وبعد بحث كثيف استطعنا من مشاهدة شيء راسي على مسافة بعيدة تبعد حوالى ثلاثة الى اربعة كيلومترات بس ما كنا متأكدين انها مركب أو حاجه ثانية. المهم توكلنا على الله وقلنا نمشي نشوف الحاجة دي شنو. الحمد لله لما وصلنا – طبعا بعد مشقه كبيره – وجدناها مركب ومافيش حد جمبها. وتعال شوف اتلفتنا يمين شمال انه مافيش حد بيراقبنا وقمنا تووش نطينا وركبنا كلنا في المركب.
وجدنا داخل المركب قفاف مملؤة بالليمون لكن المقاديف كانت مخفية تحت القفف. قلت لاثنين من جماعتي ان يبعدوا قفة الليمون الاولى وطلبت من صديقي الرابع ان يساعدني على ابعاد قفة الليمون الثانية حتى نستطيع من سحب المقاديف. صحبي الرابع ده كان قصير القامة وليه كريشه صغيره قام قالي أنا مابقدر ازح معاك القفة لأنها تقيله. المهم حاولت لوحدى واستطعت من تحريكها قليلا وسحبنا المقاديف وابتدينا نقدف.
البحر كان دميره والمويه ضاربه لحدى القيف. وفي أثناء ما نحنا بنقدف انكسر واحد من المقاديف وراحت المركب تدور في البحر زي المروحة، وتعال شوف ليك جنس تجرس واحد، كل واحد فينا نطط عيونه زي الفناجين وقربنا نضرب الكواريك وبقينا نفتش في الطريقة اللى تخارجنا. وزي ما قلت أنا الوحيد اللى كان بيعرف يقدف لكن ما عندي خبره سابقه، قمت مسكت بالمقداف السليم وحاولت جاي جاي لحدى ما اتحكمت في المركب وخليتها تمشي في مسار ناحية الغرب لكنها انحرفت بعيد جدا عن المكان الذي كنا نقصده.
وفي أثناء ما انحنا بنحاول ونصارع في الموج وسرعة جريان المويه علشان ما نصل لى الجهة الغربية من البحر، سمعنا واحد بينادي فينا – يا أولاد رجعوا المركب لى محلها – ضربنا ليك بى كلامه طناش وعملنا ما سامعين، الراجل استمر ينادي – يا أولاد قلت ليكم احسن ترجعوا المركب لى محلها – وبرضو ضاربين الطناش.
لما وصلت بينا المركب الى مكان بعيد من الجهة الغربية والله ماعارف الراجل ظهر لينا من وين – زي الشيطان – لقيناه واقف فوق القيفة. قررنا قلنا طالما هو لوحده وأنحنا جماعه ممكن نمسكو نضربه ونمشي. تقدمت أنا وكنت شايف نفسي أقوى من حيدر قطامه. وقلت لى الراجل وبكل لماضه تعال انت رجعها براك.
الراجل ابتدأ ينزل من فوق ويمشي ناحيتنا. أنا ما كنت شايف الراجل انه شايل ليه صوت في ايده وكمان كان معاه اثنين واقفين فوق برضو ما كنت شايفهم شايلين معاهم عكاكيز مضببه – يعني مجلده بالجلد تقيها من الكسر – وتعال شوف الراجل وقع ليك فيني جلد صاح بالصوت. والله جلدنى وكسرني كسر أنا عمري كله ما انجلدت زيه، لا أبوي ولا استاذي في المدرسة جلدني زيه. قنبت أكورك والراجل يجلد فيني ولكن مافيش حد ينجدني. المهم أخذت جلدتي مظبوط.
بعد شويه الراجل قام خلاني في كوراكي وعرفت انه هو صاحب الجنينه والمركب وكان منتظر يستلم المحصول علشان يأخذه على سوق الخضار في سوق مدني. وأثناء ما كنت في بكاي سمعت الراجل راح هرش ليك في اصحابي الباقين وقال ليهم ترجعوا المركب ولا أقوم أجيكم. أصحابي فكوا البيرق و طيران داخل المركب. أنا بس المحيرني انه اصحابي ديل ما بيعرفوا يقدفوا وحتى المقداف الثاني كان مكسور رجعوا المركب كيف والله لى حكمة لا يعلمها الا الله، يمكن خوف ساكت. لأنه أحيانا الخوف بيولد طاقات وأفعال وتصرفات الواحد فينا لو سألوه عملها كيف ما يجد ليها جواب.
لما رجعوا بالمركب الى الناحية الشرقية شاهدت من بعيد جماعه ثانين ظهروا يبدو انهم الجناينية وكانوا بيتكلموا مع اصحابي وبعد شويه دخلوا الجنينه ورجعوا حاملين قفاف الليمون على رؤوسهم ويضعوها على المركب. والله أنا المحيرني أكثر انه صاحبي القصير أبو كريشه اللى رفض يشيل معاي القفة لما قلت ليه تعال نزحها علشان نطلع المقداف شفتو شايل ليك القفة في راسه زي الترتيب مثل الحاجة البتبيع الفول والتسالي.
أنا كنت بشاهد منظرهم من بعيد وبعد ما كنت ببكي وأكورك بقيت اضحك وأموت من الضحك.
ويا حليل زمن الصبا... بالله شفتو كيف كانت أيام حلوه. دي مش ذكريات تستحق انه الواحد يمثلها فيلم؟؟؟.
ولنا لقاء ودمتم،
عزيز
هيوستن - تكساس