فتح الرحمن عبد الباقي
11-04-2012, 10:30 PM
القصة ما قصة منعونا وكدا !!!!
قانون الصحافة والمطبوعات السوداني للعام 2009م وضع كافة القيود على الصحافة الورقية ، ولم تكن هنالك قيودا قوية وفعالة على النشر الإليكتروني ، مما أكسب الصحف الاليكترونية قوة اكبر من الصحف الورقية التي أصبحت مقيدة بين مطرقة حرية النشر ، وجهاز الأمن وقانون الصحافة والمطبوعات ، وسندان أصحاب الإعلانات وممولي الصحف ، فأصبح الصحفي عندما يكتب أي كلمة ، يضع حسابات الربح والخسارة التي يجنيها من هذه الكلمة ، وهل إذا كتبها سيقوم جهاز الأمن بإغلاق الصحيفة ومصادرتها في اليوم التالي ، أم أن هذه الكلمة ستغضب سادة الصحف ومموليها بالإعلانات الحكومية . أما ماهية الكلمة ورسالتها وشرفها ، فقد أصبحت نسياً منسياً .
على سبيل المثال لا الحصر علينا تناول القضية القريبة زمنيا إلينا ، وهي قضية صحيفة التيار ، وقائد مركبها الأستاذ عثمان ميرغني ، والذي عهدناه في السابق قلماً قويا ، وصاحب رؤية لا تتغير ، فماذا أصاب هذا الرجل ؟ ودعوني أسال وأجيب في نفس اللحظة ، فقد تحول عثمان ميرغني من كاتب عمود حر ، بكل ما تعني كلمة الحرية من معني ، ولا يخاف إلا من الله ، لأنه ببساطة لا يملك سوى قلمه وفكره وعموده ، ولكن تحولت وتحورت الأوضاع ، فأصبح عثمان ميرغني ، ناشر وصاحب صحيفة ، ( ينطبق عليه المثل البيتو من قزاز ما بيرمي الناس بالحجارة ) فيسيل لعابه ، ودموعه في آن واحد ، يسيل لعابه من اجل الإعلانات التجارية التي يحصل عليها من مقالاته العجيبة التي تبجل الوالي ، وبالتأكيد تسيل دموعه على ما كتب رياء وسمعة ، تحولت أوضاع هذا الرجل بعد حادثة إيقاف التيار أخيراً ، ومن ثم تم إيقاف فردة الثنائي المرح وتحويله إلى صحيفة السوداني ليبجل الوالي من هناك ، ويبدو أن السوداني اختارته لتتم قسمة الإعلانات بينهما . ومن ثم يأتي ويعتذر عن نشر مقال البروفيسور الطيب زين العابدين بصحيفته . وقد رد عليه البروفيسور بان الشخص الوحيد الذي يجب أن يعتذر هو صاحب المقال ، وليس عثمان ميرغني
ما دعاني لكتابة هذه السطور هو خبر منع النشر ، في قضية مصنع سكر النيل الأبيض ، والذي استغربت له ماذا ستكسب الحكومة من وراء حجب المعلومات ولو مؤقتا عن الجمهور لأنه وفي هذا الزمن ، وفي ظل العالم القرية الصغيرة ، يصعب حجب المعلومات أو التكتم عليها ، ولماذا لم تترك القضية مسارها الطبيعي ، وعلى كل فان الأستاذ عثمان ميرغني ، وعدنا بكشف كل المستور ، في قضية مصنع سكر النيل الأبيض عبر صحيفة التيار اليومية الورقية ، ليأتي في اليوم التالي ويقول ( ما منعونا وكدا ) ماذا منعوك أيها الرجل ، وماذا في جعبتك لتخرجه ، فان أردت أن تخرج ما في جعبتك ، وان نيتك صادقة لفعل ما قلت ، فهنالك ألف وألف طريقة لتخرج المعلومات للرأي العام ، وأمامك الصحافة الاليكترونية ، والتي على حسب قانون الصحافة والمطبوعات للعام 2009 فهي غير معنية بكثير من القوانين ، وهنالك مواقع اليكترونية كثيرة ، لا حسيب ولا رقيب عليها ، وما عليك سوى ، كتابة ما تريد أن تكتب وباسم مستعار ، وهنا تكون ( ما منعوك وكدا ) بس هددوك وكدا . وتكون ليس لديك نية صادقة للنشر ، وما كان وعدك ، بان لديك معلومات إلا لزيادة توزيع صحيفتك .
من ناحية أخرى ، فلا احد ينكر مكانة الصحافة الإليكترونية في نفوس الناس ، بعد أن كرهت صحافة السلطان ، ونافخي البخور ومكسري الثلج ، فاتجهت نحو الإليكترونية بقلب مفتوح ، وعيون ملؤها الأمل في إصلاح أمها الورقية ، ولا يخفى دور الصحافة الاليكترونية في إخراج كثير من الأوراق المدسوسة ، وكشف كثير من قضايا الفساد ، وبالمستندات ، ولكن للأسف في هذه القضية لم تستطع معظم الصحف الاليكترونية إخراج الحقيقة الغائبة ، والتي كلما اقتربنا من معرفة تفاصيلها ، واجهتنا قيود الدولة بإيقاف هذه الخيوط ، فلم يستطع الأستاذ الطاهر حسن التوم ، عمل لقاء تلفزيوني مع مدير مصنع النيل الأبيض للسكر وتم إيقاف البرنامج المباشر قبل ربع ساعة من إعلانه ، فخرجت إلينا القناة ببرنامج معاد من أرشيفها ، ولم يستطع الأستاذ عثمان ميرغني كتابة ما لديه ، فخرج علينا بمنعونا وكدا . ولكن ما منع الصحافة الاليكترونية من إخراج ما لديها واستخدام إمكاناتها ، ومحاولة الاتصال ، والوصول إلى الجهات التي لديها معلومات لتملكها للجمهور ، ولإخراج المدفون . فلِمَ ضعف دور الصحافة الاليكترونية ، أم أن هذه القضية ، اكبر من إمكانات الصحافة الاليكترونية ، والتي يعمل في غالبها ، صحفيين غير متفرغين ، للعمل الصحفي ، والمسالة هنا تكمن في الوصول إلى غيابت الجب لإخراج الحقيقة من قاع البئر ، ولكن أثبتت الصحافة الاليكترونية ، جدارتها في كثير من القضايا المماثلة ، واستطاعت إظهار الكثير من المستندات والمعلومات والحقائق .
أخلص في النهاية إلى أن المسالة ليست مسالة منعونا وكدا ، فمن أراد للحقيقة أن تنتشر ، فان وسائل النشر أصبحت متاحة ومتعددة ، ولكن المشكلة تكمن في صحفيي الغفلة ، والذين يبدلون الكلمة مائة مرة لتحتمل أكثر من معنى قبل النشر ، ليكون لديه أكثر من إجابة إذا سئل ، ليكتب الكاتب وهمه إرضاء سيده وملكه ، ليكتب الكاتب لا من اجل الكتابة ، وهنا ضاعت الكلمة ، وضاع الشعب المسحوق المغلوب الذي يدفع حق الجريدة ، قبل أن يدفع حق الفطور ، يدفع قيمة الصحيفة قبل أن يدفع فاتورة الكهرباء ، وقبل أن يوفر الدواء والعلاج لأبنائه .
فلك الله يا وطني ، فصاحبة الجلالة أصبحت بلا جلالة وهيبة وأصبحت تستجدي العيش ، والسلطة الرابعة أصبحت سَلَطَة رائعة .
فتح الرحمن عبد الباقي
مكة المكرمة
11/4/2012
Fathiii555@gmail.com
قانون الصحافة والمطبوعات السوداني للعام 2009م وضع كافة القيود على الصحافة الورقية ، ولم تكن هنالك قيودا قوية وفعالة على النشر الإليكتروني ، مما أكسب الصحف الاليكترونية قوة اكبر من الصحف الورقية التي أصبحت مقيدة بين مطرقة حرية النشر ، وجهاز الأمن وقانون الصحافة والمطبوعات ، وسندان أصحاب الإعلانات وممولي الصحف ، فأصبح الصحفي عندما يكتب أي كلمة ، يضع حسابات الربح والخسارة التي يجنيها من هذه الكلمة ، وهل إذا كتبها سيقوم جهاز الأمن بإغلاق الصحيفة ومصادرتها في اليوم التالي ، أم أن هذه الكلمة ستغضب سادة الصحف ومموليها بالإعلانات الحكومية . أما ماهية الكلمة ورسالتها وشرفها ، فقد أصبحت نسياً منسياً .
على سبيل المثال لا الحصر علينا تناول القضية القريبة زمنيا إلينا ، وهي قضية صحيفة التيار ، وقائد مركبها الأستاذ عثمان ميرغني ، والذي عهدناه في السابق قلماً قويا ، وصاحب رؤية لا تتغير ، فماذا أصاب هذا الرجل ؟ ودعوني أسال وأجيب في نفس اللحظة ، فقد تحول عثمان ميرغني من كاتب عمود حر ، بكل ما تعني كلمة الحرية من معني ، ولا يخاف إلا من الله ، لأنه ببساطة لا يملك سوى قلمه وفكره وعموده ، ولكن تحولت وتحورت الأوضاع ، فأصبح عثمان ميرغني ، ناشر وصاحب صحيفة ، ( ينطبق عليه المثل البيتو من قزاز ما بيرمي الناس بالحجارة ) فيسيل لعابه ، ودموعه في آن واحد ، يسيل لعابه من اجل الإعلانات التجارية التي يحصل عليها من مقالاته العجيبة التي تبجل الوالي ، وبالتأكيد تسيل دموعه على ما كتب رياء وسمعة ، تحولت أوضاع هذا الرجل بعد حادثة إيقاف التيار أخيراً ، ومن ثم تم إيقاف فردة الثنائي المرح وتحويله إلى صحيفة السوداني ليبجل الوالي من هناك ، ويبدو أن السوداني اختارته لتتم قسمة الإعلانات بينهما . ومن ثم يأتي ويعتذر عن نشر مقال البروفيسور الطيب زين العابدين بصحيفته . وقد رد عليه البروفيسور بان الشخص الوحيد الذي يجب أن يعتذر هو صاحب المقال ، وليس عثمان ميرغني
ما دعاني لكتابة هذه السطور هو خبر منع النشر ، في قضية مصنع سكر النيل الأبيض ، والذي استغربت له ماذا ستكسب الحكومة من وراء حجب المعلومات ولو مؤقتا عن الجمهور لأنه وفي هذا الزمن ، وفي ظل العالم القرية الصغيرة ، يصعب حجب المعلومات أو التكتم عليها ، ولماذا لم تترك القضية مسارها الطبيعي ، وعلى كل فان الأستاذ عثمان ميرغني ، وعدنا بكشف كل المستور ، في قضية مصنع سكر النيل الأبيض عبر صحيفة التيار اليومية الورقية ، ليأتي في اليوم التالي ويقول ( ما منعونا وكدا ) ماذا منعوك أيها الرجل ، وماذا في جعبتك لتخرجه ، فان أردت أن تخرج ما في جعبتك ، وان نيتك صادقة لفعل ما قلت ، فهنالك ألف وألف طريقة لتخرج المعلومات للرأي العام ، وأمامك الصحافة الاليكترونية ، والتي على حسب قانون الصحافة والمطبوعات للعام 2009 فهي غير معنية بكثير من القوانين ، وهنالك مواقع اليكترونية كثيرة ، لا حسيب ولا رقيب عليها ، وما عليك سوى ، كتابة ما تريد أن تكتب وباسم مستعار ، وهنا تكون ( ما منعوك وكدا ) بس هددوك وكدا . وتكون ليس لديك نية صادقة للنشر ، وما كان وعدك ، بان لديك معلومات إلا لزيادة توزيع صحيفتك .
من ناحية أخرى ، فلا احد ينكر مكانة الصحافة الإليكترونية في نفوس الناس ، بعد أن كرهت صحافة السلطان ، ونافخي البخور ومكسري الثلج ، فاتجهت نحو الإليكترونية بقلب مفتوح ، وعيون ملؤها الأمل في إصلاح أمها الورقية ، ولا يخفى دور الصحافة الاليكترونية في إخراج كثير من الأوراق المدسوسة ، وكشف كثير من قضايا الفساد ، وبالمستندات ، ولكن للأسف في هذه القضية لم تستطع معظم الصحف الاليكترونية إخراج الحقيقة الغائبة ، والتي كلما اقتربنا من معرفة تفاصيلها ، واجهتنا قيود الدولة بإيقاف هذه الخيوط ، فلم يستطع الأستاذ الطاهر حسن التوم ، عمل لقاء تلفزيوني مع مدير مصنع النيل الأبيض للسكر وتم إيقاف البرنامج المباشر قبل ربع ساعة من إعلانه ، فخرجت إلينا القناة ببرنامج معاد من أرشيفها ، ولم يستطع الأستاذ عثمان ميرغني كتابة ما لديه ، فخرج علينا بمنعونا وكدا . ولكن ما منع الصحافة الاليكترونية من إخراج ما لديها واستخدام إمكاناتها ، ومحاولة الاتصال ، والوصول إلى الجهات التي لديها معلومات لتملكها للجمهور ، ولإخراج المدفون . فلِمَ ضعف دور الصحافة الاليكترونية ، أم أن هذه القضية ، اكبر من إمكانات الصحافة الاليكترونية ، والتي يعمل في غالبها ، صحفيين غير متفرغين ، للعمل الصحفي ، والمسالة هنا تكمن في الوصول إلى غيابت الجب لإخراج الحقيقة من قاع البئر ، ولكن أثبتت الصحافة الاليكترونية ، جدارتها في كثير من القضايا المماثلة ، واستطاعت إظهار الكثير من المستندات والمعلومات والحقائق .
أخلص في النهاية إلى أن المسالة ليست مسالة منعونا وكدا ، فمن أراد للحقيقة أن تنتشر ، فان وسائل النشر أصبحت متاحة ومتعددة ، ولكن المشكلة تكمن في صحفيي الغفلة ، والذين يبدلون الكلمة مائة مرة لتحتمل أكثر من معنى قبل النشر ، ليكون لديه أكثر من إجابة إذا سئل ، ليكتب الكاتب وهمه إرضاء سيده وملكه ، ليكتب الكاتب لا من اجل الكتابة ، وهنا ضاعت الكلمة ، وضاع الشعب المسحوق المغلوب الذي يدفع حق الجريدة ، قبل أن يدفع حق الفطور ، يدفع قيمة الصحيفة قبل أن يدفع فاتورة الكهرباء ، وقبل أن يوفر الدواء والعلاج لأبنائه .
فلك الله يا وطني ، فصاحبة الجلالة أصبحت بلا جلالة وهيبة وأصبحت تستجدي العيش ، والسلطة الرابعة أصبحت سَلَطَة رائعة .
فتح الرحمن عبد الباقي
مكة المكرمة
11/4/2012
Fathiii555@gmail.com