معز عوض
22-02-2012, 11:43 AM
هذا المقال تم تنزيله اليوم الأربعاء 22/2//2012م بجريدة اليوم التالي عن بعض مارصدته أثناء تجوالي في مدينتي المذهلة (مدني)
مدني – معز عوض أبو القاسم
ود مدني : هذه المدينة البسيطة الدهشة والتفاصيل ، الكبيرة الأحلام والطموح التي تمتد في نفوس سكانها ألقاً ودفئاً .. أجمل مافي هذه المدينة أنها تمتلك القدرة على إنجاب مليون مبدع في كل يوم ... وأسوأ ما فيها أنها لا تمتلك القدرة على إحتضان هؤلاء المبدعين بعد ميلادهم ، بل تكتفي بإرسالهم لتتبناهم مدناً أخرى وعواصم أخرى . فيقبل بهذا التبني من يقبل ، ويرفض الخروج من حضن هذه المدينة من لا يستطيع مبارحتها .. فيعيش مع هذه المدينة تفاصيل صباها وكهولتها ، عافيتها وسقمها ، عوّذها ورخاها ، حياتها وموتها .
وهؤلاء الذين يرفضون مغادرتها ، يعملون في أي مكان يضمن لهم بقائهم بقربها . وفي تطوافي في شوارع مدينتي الجميلة (رغم كل شيئ) لفت إنتباهي هذا (الموقف) المكتظ بالسيارات والمارة والذي يوجد في بداية السوق بالقرب من الموقف العام . وما لفت إنتباهي فيه أولئك السائقون الذين ينتظرون (النِمْرَه) بصحبة صحفهم التي يقلبونها بشغف ليقتلون بها ملل الإنتظار حتي يأتي دورهم في حمل الركاب .. وأحياناً يرتلون القرآن أو يتصفحون أحد الكتب . ونادراً ما تجد يد أحدهم فارغة من صحيفة أو مصحف أو مسبحة أو كتاب .
وهؤلاء الكوكبة المستنيرة هي التي تقود الركاب والمجتمع نحو ديارهم ونحو الأفضل بلا شك ، لأنهم هم الذين تجدهم حاضري البديهة في كل موضوع تناقشهم فيه أثناء ركوبك معهم .. فمتى ما تحدثت عن الرياضة تجدهم أعرف الناس بها وأكثرهم إلماماً بأمورها .. وحينما تتحدث معهم عن الثقافة تجدهم أبلغ الناس في الحديث عنها ولا تغيب عنهم شاردة ولا واردة في هذا الإيطار . وما أكثر إدراكهم في مجال السياسة ، فحين تحادثهم تشعر بإنك تقف في حضرة كبار سياسي هذا الوطن (الملياااان سياسه) .
وكان لابد لنا من إستطلاع بعض السائقين المثقفين في (موقف أمجاد) فماذا كان ردهم :
* جمال علي إدريس – المؤسسة الفرعية للحفريات :
إنضممت للموقف قبل أربعة أعوام ووجدت فيه كل ما ينقصني من الأشياء . فالعلاقات الإجتماعية بين (السواقين) قوية جداً جداً وتكاد تصل إلى مرحلة الأخوة في بعض الأحيان ، وتجدنا في وقت الفراغ نقرأ الصحف لنتزود بأخبار البلد لأننا نكون طوال اليوم بعيدين عن أجهزة التلفاز ولابد لنا من مواكبة الأحداث .
* عصمت عبد المنعم – وكيل مدرسة :
أنا معلم بمرحلة الأساس ووكيل في ذات المدرسة حتى هذه اللحظة ، أعمل في الصباح بالمدرسة وعند نهاية الدوام أعتلي هذه الأمجاد وأدخل للسوق لأن مرتب الحكومة لا يكفي لمواجهة متطلبات العيش . إنضممت للموقف قبل عام من الآن ووجدت هنا عدد من المعلمين القدامي الذين عاصرتهم في بعض مراحل عملهم وكذلك عدد من الأصدقاء المثقفين جداً والذين رمَت بهم ظروف الحياة في هذا الموقف . وعلاقاتنا الإجتماعية قوية جداً جداً ونحن بصدد تكوين صندوق خيري لمساعدة السائقين .
ولعلك لاحظت العبارات التي تُكتب على ظهر (الأمجاد) .. وهي بالضرورة تعبر عن آراء السائقين ومعتقداتهم تجاه هذه العبارات وهنالك بعض الناس يرسِّخ لفكرة معينة يريد إيصالها للآخرين عن طريق كتابتها على زجاج (الأمجاد) .. ولكن يجب أن تكون هذه العبارات عبارات ملتزمة تدعو للخير والحكمة في المجتمع حتي تصحح مساره .
* صلاح الدين عثمان سعيد – فني هندسي - إدارة الري :
إنضممت للموقف حديثاً وكنت جندياً في الشرطة السودانية لمدة أربعة أعوام وتركت هذا المجال وعملت بإدارة الري بوظيفة فني هندسي ، وفي نهاية الدوام أقوم بقيادة (أمجاد) بعد الرابعة عصراً . أنا مهووس جداً بالإستماع إلى الراديو لأنني أجد فيه كلما أرغب من برامج ثقافية ورياضية وسياسية وأنا ضد إستخدام (الإم . بي . ثري) لأنه يزعج الركاب ويحتوي أحياناً على بعض الأغاني الرخيصة التي تتنافي والذوق العام . رغم أن بعض الركاب يهربون من العربة التي لا تحتوي على جهاز (إم . بي . ثري) . إلا أنني لن أوقف المذياع لأي سبب من الأسباب .
* محمد مصطفى الحاردلو – مطرب وملحن :
أنا معلم قديم عملت بالمملكة العربية السعودية لاكثر من (14) عام . ثم رجعت بعد ذلك للسودان وإلى حضن ود مدني من جديد واخترت العمل الحر في (موقف أمجاد) قبل سنه من الآن . كنت وما زلت مطرب وملحن منذ عام 1972م .. والحمد لله أجيد العزف على ثلاث آلات وهي العود والكمان والأورغن وأنا من مؤسسي إتحاد الفنانين بودمدني مع صديقي جمال الشاعر الذي تغنيت بأربعة أعمال من كلماته وهي (جايي راجع ليك تاني – يا عيون ماشفت زيك – حدوتة فاطمه السمحه – غنيه للأطفال) . وكذلك تغنيت بكلمات للشاعر كامل عبد الماجد والشاعر يونس السنوسي . ولدي عدد من التسجيلات في تلفزيون وإذاعة الولاية وكذلك في عدد من الإذاعات القومية والقنوات الفضائية . وما زلت أدندن بالعود في وقت الفراغ . ويطربني كل فناني الزمن الجميل .
* أدهم إبراهيم عوض – كاتب :
أعمل بالموقف منذ أكثر من سنتين ونصف بعد أن قدمت إستقالتي من الشرطة لأن العائد فيها ضعيف جداً ولا يكاد يسد رمق الأسرة . ثم إن (السواقه) في الموقف توفر لي أكثر مما يوفره عملي السابق رغم الجهد الكبير الذي نبذله هنا لأننا نكون طوال اليوم في حالة حركة دائبة من موقف لموقف ومن جهة إلى أخرى بحثاً عن (مقصات) لأنني أمل من الإنتظار لهذا لا تجدني في مكانٍ واحد .
في وقت الفراغ أقوم بكتابة بعض الخواطر والأشعار ولدي عدد من الدفاتر المليئة بأشعاري الخاصة والخواطر والقصص القصيرة التي أتسلى بها وأتناسى بقراءتها هموم المعيشة . ويوجد هنا عدد من (الضُباط) يقومون بنقل الناس من مكان للآخر بكامل سعادتهم عبر (الأمجاد) مثل شهاب – رائد معاش بالجيش السوداني وصالح سنين رائد شرطة .
* طلال عثمان أبو قُرط – شاعر :
أنا صاحب مشتل وشاعر كتبت في عدة صحف سودانية مثل الإنتباهة والأضواء ولدي عدد من القصائد الغنائية التي قرأت بعضها في إذاعة ود مدني وسبق لي الفوز في الخيمة الرمضانية التي أقيمت بمعرض الخرطوم الدولي . كما حصلت على الجائزة الثانية في الشطرنج على مستوى الإقليم الأوسط . وأعمل هنا قرابة الثمان سنوات وأقوم بقراءة أشعاري لبعض الزملاء كما أقوم بسماع قراءات بعض الزملاء هنا من الشعراء والمبدعين ، كما وحصل معنا قبل قليل قبل أن تجري هذا الإستطلاع معنا فقد كنا أنا وصديقي الشاعر علي أحمد الحسن سلطان نتدارس نص جديد قام هو بكتابته وأراد أن يعرف رأيي فيه . وهذا هو حالنا في لحظات الإنتظار . فكراسة الشعر والقلم لا تفارقنا أبداً .
* علي أحمد الحسن سلطان – شاعر :
إنضممت للموقف قبل خمس سنوات وعملت مساعد شرطة قديم . وما زلت أقرض الشعر حتى هذه اللحظة وكذلك أجيد العزف على آلة العود وكنت في أيام الشباب مطرباً شعبياً يتغنى بكل أغاني الحقيبة . وأنا متصفح جيد للصحف السودانية ومستمع (نمره واحد) للمذياع . وأحب قراءة الكتب جداً وكتاب (الشوقيات) هو آخر كتاب قمت بقراءته . وهنالك الكثير من الشعراء هنا ولكنهم (طلعو الدُور) .
* عباس أحمد محمود النقر – رئيس الهيئة الفرعية لعمال النقل الوسيط (أمجاد) :
إستلمت مهامي كرئيس لهذه الهيئة منذ بداية عام 2011م خلفاً للرئيس الأسبق يوسف جماع .. وكنت (سواق) وما زلت . ثم تم ترشيحي لرئاسة الهيئة من قبل النقابة . ولكن لم تلهيني هذه الأشياء عن ممارسة مواهبي الأخرى وهي العزف على الكمان والعود فأنا مازلت ملحناً في إتحاد الفنانين حتى هذه اللحظة . وللهيئة الفرعية نشاطات عدة في المجتمع فقد شاركنا بالحضور في دورة عصى المكفوفين وكذلك المشاركة في إسبوع المرور العربي ونشارك أحياناً بصفات فردية في عدد من الفعاليات الثقافية داخل ود مدني وخارجها ولدينا فكرة ستجد حظها من التنفيذ قريباً وهي تكوين فرقة موسيقية من سائقي (الأمجاد) لأننا لاحظنا وجود عدد من العازفين المميزين في هذا المجال وكذلك عدد من المطربين والشعراء والمثقفين الذين لا يتوقع أحد وجودهم هنا . فهنالك الأستاذ الخير السقيد الموسيقي المطبوع وكذلك شقيقه المطرب المشهور فتاح السقيد سليل أسرة السقيد المشهورة بود مدني . وهنالك عدد من حمَلة الماجستير والشهادات العليا من سائقي الأمجاد وكذلك عدد من قدامى لاعبي الكرة في فرق مشهورة .
كانت هذه بعض الشخصيات المبدعة التي صادفناها هناك ، وقطعاً هنالك عدد من المبدعين والمثقفين في هذه المهنة التي ألزمتهم بها ظروف الحياة القاهرة . وهذا هو شأن ود مدني الرحم الولود الذي ما فتىء يمد هذا الوطن بكل أصناف المبدعين في مختلف المجالات . وما زلنا ننظر عين المسؤولين ورعايتهم لهؤلاء المبدعين الذين كانوا سيثرون ساحة الإباع في هذا البلد الطيب لو أتيحت لهم فرص العيش الرغد ، ونأمل بعد رحيل القامة الغنائية الموسيقار محمد وردي أن يتم إكتشاف مليون وردي آخر من أبنا هذا السودان الحبيب حتى نخفف به على عشاق فنان أفريقيا الأول وطأة غيابه المر بيننا .
خروج :
مدني سلَّمتِك عيوني
إنشاء الله تاني تقدِّدِيها
جيت لقيتك
فيني غنوه
كلمه بتفتش براحا
طفله بتحاول تغني
شان تغطي
فارق الزمن الموسيقي
البين غناها
وبين غنا المدُن الكريهه
مدني – معز عوض أبو القاسم
ود مدني : هذه المدينة البسيطة الدهشة والتفاصيل ، الكبيرة الأحلام والطموح التي تمتد في نفوس سكانها ألقاً ودفئاً .. أجمل مافي هذه المدينة أنها تمتلك القدرة على إنجاب مليون مبدع في كل يوم ... وأسوأ ما فيها أنها لا تمتلك القدرة على إحتضان هؤلاء المبدعين بعد ميلادهم ، بل تكتفي بإرسالهم لتتبناهم مدناً أخرى وعواصم أخرى . فيقبل بهذا التبني من يقبل ، ويرفض الخروج من حضن هذه المدينة من لا يستطيع مبارحتها .. فيعيش مع هذه المدينة تفاصيل صباها وكهولتها ، عافيتها وسقمها ، عوّذها ورخاها ، حياتها وموتها .
وهؤلاء الذين يرفضون مغادرتها ، يعملون في أي مكان يضمن لهم بقائهم بقربها . وفي تطوافي في شوارع مدينتي الجميلة (رغم كل شيئ) لفت إنتباهي هذا (الموقف) المكتظ بالسيارات والمارة والذي يوجد في بداية السوق بالقرب من الموقف العام . وما لفت إنتباهي فيه أولئك السائقون الذين ينتظرون (النِمْرَه) بصحبة صحفهم التي يقلبونها بشغف ليقتلون بها ملل الإنتظار حتي يأتي دورهم في حمل الركاب .. وأحياناً يرتلون القرآن أو يتصفحون أحد الكتب . ونادراً ما تجد يد أحدهم فارغة من صحيفة أو مصحف أو مسبحة أو كتاب .
وهؤلاء الكوكبة المستنيرة هي التي تقود الركاب والمجتمع نحو ديارهم ونحو الأفضل بلا شك ، لأنهم هم الذين تجدهم حاضري البديهة في كل موضوع تناقشهم فيه أثناء ركوبك معهم .. فمتى ما تحدثت عن الرياضة تجدهم أعرف الناس بها وأكثرهم إلماماً بأمورها .. وحينما تتحدث معهم عن الثقافة تجدهم أبلغ الناس في الحديث عنها ولا تغيب عنهم شاردة ولا واردة في هذا الإيطار . وما أكثر إدراكهم في مجال السياسة ، فحين تحادثهم تشعر بإنك تقف في حضرة كبار سياسي هذا الوطن (الملياااان سياسه) .
وكان لابد لنا من إستطلاع بعض السائقين المثقفين في (موقف أمجاد) فماذا كان ردهم :
* جمال علي إدريس – المؤسسة الفرعية للحفريات :
إنضممت للموقف قبل أربعة أعوام ووجدت فيه كل ما ينقصني من الأشياء . فالعلاقات الإجتماعية بين (السواقين) قوية جداً جداً وتكاد تصل إلى مرحلة الأخوة في بعض الأحيان ، وتجدنا في وقت الفراغ نقرأ الصحف لنتزود بأخبار البلد لأننا نكون طوال اليوم بعيدين عن أجهزة التلفاز ولابد لنا من مواكبة الأحداث .
* عصمت عبد المنعم – وكيل مدرسة :
أنا معلم بمرحلة الأساس ووكيل في ذات المدرسة حتى هذه اللحظة ، أعمل في الصباح بالمدرسة وعند نهاية الدوام أعتلي هذه الأمجاد وأدخل للسوق لأن مرتب الحكومة لا يكفي لمواجهة متطلبات العيش . إنضممت للموقف قبل عام من الآن ووجدت هنا عدد من المعلمين القدامي الذين عاصرتهم في بعض مراحل عملهم وكذلك عدد من الأصدقاء المثقفين جداً والذين رمَت بهم ظروف الحياة في هذا الموقف . وعلاقاتنا الإجتماعية قوية جداً جداً ونحن بصدد تكوين صندوق خيري لمساعدة السائقين .
ولعلك لاحظت العبارات التي تُكتب على ظهر (الأمجاد) .. وهي بالضرورة تعبر عن آراء السائقين ومعتقداتهم تجاه هذه العبارات وهنالك بعض الناس يرسِّخ لفكرة معينة يريد إيصالها للآخرين عن طريق كتابتها على زجاج (الأمجاد) .. ولكن يجب أن تكون هذه العبارات عبارات ملتزمة تدعو للخير والحكمة في المجتمع حتي تصحح مساره .
* صلاح الدين عثمان سعيد – فني هندسي - إدارة الري :
إنضممت للموقف حديثاً وكنت جندياً في الشرطة السودانية لمدة أربعة أعوام وتركت هذا المجال وعملت بإدارة الري بوظيفة فني هندسي ، وفي نهاية الدوام أقوم بقيادة (أمجاد) بعد الرابعة عصراً . أنا مهووس جداً بالإستماع إلى الراديو لأنني أجد فيه كلما أرغب من برامج ثقافية ورياضية وسياسية وأنا ضد إستخدام (الإم . بي . ثري) لأنه يزعج الركاب ويحتوي أحياناً على بعض الأغاني الرخيصة التي تتنافي والذوق العام . رغم أن بعض الركاب يهربون من العربة التي لا تحتوي على جهاز (إم . بي . ثري) . إلا أنني لن أوقف المذياع لأي سبب من الأسباب .
* محمد مصطفى الحاردلو – مطرب وملحن :
أنا معلم قديم عملت بالمملكة العربية السعودية لاكثر من (14) عام . ثم رجعت بعد ذلك للسودان وإلى حضن ود مدني من جديد واخترت العمل الحر في (موقف أمجاد) قبل سنه من الآن . كنت وما زلت مطرب وملحن منذ عام 1972م .. والحمد لله أجيد العزف على ثلاث آلات وهي العود والكمان والأورغن وأنا من مؤسسي إتحاد الفنانين بودمدني مع صديقي جمال الشاعر الذي تغنيت بأربعة أعمال من كلماته وهي (جايي راجع ليك تاني – يا عيون ماشفت زيك – حدوتة فاطمه السمحه – غنيه للأطفال) . وكذلك تغنيت بكلمات للشاعر كامل عبد الماجد والشاعر يونس السنوسي . ولدي عدد من التسجيلات في تلفزيون وإذاعة الولاية وكذلك في عدد من الإذاعات القومية والقنوات الفضائية . وما زلت أدندن بالعود في وقت الفراغ . ويطربني كل فناني الزمن الجميل .
* أدهم إبراهيم عوض – كاتب :
أعمل بالموقف منذ أكثر من سنتين ونصف بعد أن قدمت إستقالتي من الشرطة لأن العائد فيها ضعيف جداً ولا يكاد يسد رمق الأسرة . ثم إن (السواقه) في الموقف توفر لي أكثر مما يوفره عملي السابق رغم الجهد الكبير الذي نبذله هنا لأننا نكون طوال اليوم في حالة حركة دائبة من موقف لموقف ومن جهة إلى أخرى بحثاً عن (مقصات) لأنني أمل من الإنتظار لهذا لا تجدني في مكانٍ واحد .
في وقت الفراغ أقوم بكتابة بعض الخواطر والأشعار ولدي عدد من الدفاتر المليئة بأشعاري الخاصة والخواطر والقصص القصيرة التي أتسلى بها وأتناسى بقراءتها هموم المعيشة . ويوجد هنا عدد من (الضُباط) يقومون بنقل الناس من مكان للآخر بكامل سعادتهم عبر (الأمجاد) مثل شهاب – رائد معاش بالجيش السوداني وصالح سنين رائد شرطة .
* طلال عثمان أبو قُرط – شاعر :
أنا صاحب مشتل وشاعر كتبت في عدة صحف سودانية مثل الإنتباهة والأضواء ولدي عدد من القصائد الغنائية التي قرأت بعضها في إذاعة ود مدني وسبق لي الفوز في الخيمة الرمضانية التي أقيمت بمعرض الخرطوم الدولي . كما حصلت على الجائزة الثانية في الشطرنج على مستوى الإقليم الأوسط . وأعمل هنا قرابة الثمان سنوات وأقوم بقراءة أشعاري لبعض الزملاء كما أقوم بسماع قراءات بعض الزملاء هنا من الشعراء والمبدعين ، كما وحصل معنا قبل قليل قبل أن تجري هذا الإستطلاع معنا فقد كنا أنا وصديقي الشاعر علي أحمد الحسن سلطان نتدارس نص جديد قام هو بكتابته وأراد أن يعرف رأيي فيه . وهذا هو حالنا في لحظات الإنتظار . فكراسة الشعر والقلم لا تفارقنا أبداً .
* علي أحمد الحسن سلطان – شاعر :
إنضممت للموقف قبل خمس سنوات وعملت مساعد شرطة قديم . وما زلت أقرض الشعر حتى هذه اللحظة وكذلك أجيد العزف على آلة العود وكنت في أيام الشباب مطرباً شعبياً يتغنى بكل أغاني الحقيبة . وأنا متصفح جيد للصحف السودانية ومستمع (نمره واحد) للمذياع . وأحب قراءة الكتب جداً وكتاب (الشوقيات) هو آخر كتاب قمت بقراءته . وهنالك الكثير من الشعراء هنا ولكنهم (طلعو الدُور) .
* عباس أحمد محمود النقر – رئيس الهيئة الفرعية لعمال النقل الوسيط (أمجاد) :
إستلمت مهامي كرئيس لهذه الهيئة منذ بداية عام 2011م خلفاً للرئيس الأسبق يوسف جماع .. وكنت (سواق) وما زلت . ثم تم ترشيحي لرئاسة الهيئة من قبل النقابة . ولكن لم تلهيني هذه الأشياء عن ممارسة مواهبي الأخرى وهي العزف على الكمان والعود فأنا مازلت ملحناً في إتحاد الفنانين حتى هذه اللحظة . وللهيئة الفرعية نشاطات عدة في المجتمع فقد شاركنا بالحضور في دورة عصى المكفوفين وكذلك المشاركة في إسبوع المرور العربي ونشارك أحياناً بصفات فردية في عدد من الفعاليات الثقافية داخل ود مدني وخارجها ولدينا فكرة ستجد حظها من التنفيذ قريباً وهي تكوين فرقة موسيقية من سائقي (الأمجاد) لأننا لاحظنا وجود عدد من العازفين المميزين في هذا المجال وكذلك عدد من المطربين والشعراء والمثقفين الذين لا يتوقع أحد وجودهم هنا . فهنالك الأستاذ الخير السقيد الموسيقي المطبوع وكذلك شقيقه المطرب المشهور فتاح السقيد سليل أسرة السقيد المشهورة بود مدني . وهنالك عدد من حمَلة الماجستير والشهادات العليا من سائقي الأمجاد وكذلك عدد من قدامى لاعبي الكرة في فرق مشهورة .
كانت هذه بعض الشخصيات المبدعة التي صادفناها هناك ، وقطعاً هنالك عدد من المبدعين والمثقفين في هذه المهنة التي ألزمتهم بها ظروف الحياة القاهرة . وهذا هو شأن ود مدني الرحم الولود الذي ما فتىء يمد هذا الوطن بكل أصناف المبدعين في مختلف المجالات . وما زلنا ننظر عين المسؤولين ورعايتهم لهؤلاء المبدعين الذين كانوا سيثرون ساحة الإباع في هذا البلد الطيب لو أتيحت لهم فرص العيش الرغد ، ونأمل بعد رحيل القامة الغنائية الموسيقار محمد وردي أن يتم إكتشاف مليون وردي آخر من أبنا هذا السودان الحبيب حتى نخفف به على عشاق فنان أفريقيا الأول وطأة غيابه المر بيننا .
خروج :
مدني سلَّمتِك عيوني
إنشاء الله تاني تقدِّدِيها
جيت لقيتك
فيني غنوه
كلمه بتفتش براحا
طفله بتحاول تغني
شان تغطي
فارق الزمن الموسيقي
البين غناها
وبين غنا المدُن الكريهه