بابكر
23-02-2005, 11:42 PM
كفايه مرمطه 0 كفايه مرمطه 0
قصة مغترب
كان حرا طليقا كالعصفور بين الأغصان يشدو يتفيأ ظلالها ويقتات من ثمارها ويعيش وسط سربه في دفء
وحرية فيطلق ألحانا تشجي العشاق .. وتثير الأشواق ..
ولكن اكتملت إجراءات البيزة ( الفيزا ) أو عقد عمل
وسجن العصفور في قفص الكفيل .. كان ينادى بين سربه قبل الأسر .. يا زول .. واصبح في القفص ينادى .. يا سوداني..
سحب منه جواز سفره .. ووضع في خزانة الكفيل .. مهنته كانت في عقد العمل (عامل) .. كان يظن أن عامل هذه
عامل بناء .. أي نوع من العمل .. ولكنه اصبح عامل نظافة تارة .. وأخرى عامل تصليح شاي .. عامل منزلي ..
سائق منزلي .. بتاع كله ..
تمرد .. نعم تمرد .. من كثرة الظلم .. لانه لا يقبض راتبه بانتظام مع انه قبل براتب اقل مما ذكر بالعقد خوفا من مصير العامل من تلك الجنسية الشقيقة الجارة و الذي كان في وظيفته والذي كان حفل وداعه هو نفس حفل الاستقبال الذي اعد له هو .. حيث تم تسليمه إلى إدارة الترحيل في ليل بهيم دون أن يتقاضى رواتبه أو حقوق آخر الخدمة .. اياك واسمعي يا جارة ..
هل تمرد لمجرد انه ظلم .. نعم ولاسباب أخرى كذلك منها : أن هذا الكفيل يحلو له أن يدخل أصابع يده بين أصابع
رجليه ويشمها مع أن رجلي الكفيل يفوح منها رائحة الجلد العتيق نتيجة ارتدائه حذاء جلدي من نوع معين في صورة جسدها نزار قباني في قصيدته (الحب والبترول) .
أثار تمرد هذا السوداني حفيظة الكفيل مما جعل الكفيل يهدده بالترحيل إلى بلده ..مما كسر نفسه وتمرده ..فانصاع مجبرا لمعاشرة تلك الغلظة والروائح الكريهة المنبعثة من بين الأصابع .. كان الشيء الوحيد الجميل هو أن كفيله هذا يملك قلما من الذهب الخالص يعطيه له أحيانا ليكتب له به خطابا .. وبما أن الكفيل جاهل لا يقرأ ولا يكتب إلا وانه كان يحضر الجرائد اليومية ليقراها له هو ثم يحللها له سياسيا .. طبعا في هذا المجال نعتبر نحن السودانيين أصحاب خبرة وباع طويل..
رغما عن كل هذه التفاني في الخدمة .. تم إيداع أخونا (المغترب) وتسليمه سلطات الترحيل .. أخذوه جولة في طرقات المدينة في شاحنة في شكل قفص مثل الذي ترحل فيه الوحوش .. ثم انزل في عنبر فيه الفار ( الجقر) يخيف القط (البسه) والذي يهاجم الآدميين إذا أخذتهم سنة من نوم ..
استغاث بالسفارة السودانية .. وليته لم يفعل .. لان مندوب السفارة السودانية حضر ولم يحضر .. سال عنه ولم يسال .. فقط علم بأنه موجود وسيتم ترحيله في أسرع وقت .. ولكن لاوقت بشان حقوقه ومستحقاته .. وفي صباح
مشرق جميل وجد نفسه حرا طليقا .. يشتم رحيق الورود على ضفاف النيل .. ويملأ صدره من نسيم الصباح الجديد ..
لتعود كل الطيور المهاجرة إلى السودان الجديد .. إلى الصباح الجديد .. وكفاية مرمطة
قصة مغترب
كان حرا طليقا كالعصفور بين الأغصان يشدو يتفيأ ظلالها ويقتات من ثمارها ويعيش وسط سربه في دفء
وحرية فيطلق ألحانا تشجي العشاق .. وتثير الأشواق ..
ولكن اكتملت إجراءات البيزة ( الفيزا ) أو عقد عمل
وسجن العصفور في قفص الكفيل .. كان ينادى بين سربه قبل الأسر .. يا زول .. واصبح في القفص ينادى .. يا سوداني..
سحب منه جواز سفره .. ووضع في خزانة الكفيل .. مهنته كانت في عقد العمل (عامل) .. كان يظن أن عامل هذه
عامل بناء .. أي نوع من العمل .. ولكنه اصبح عامل نظافة تارة .. وأخرى عامل تصليح شاي .. عامل منزلي ..
سائق منزلي .. بتاع كله ..
تمرد .. نعم تمرد .. من كثرة الظلم .. لانه لا يقبض راتبه بانتظام مع انه قبل براتب اقل مما ذكر بالعقد خوفا من مصير العامل من تلك الجنسية الشقيقة الجارة و الذي كان في وظيفته والذي كان حفل وداعه هو نفس حفل الاستقبال الذي اعد له هو .. حيث تم تسليمه إلى إدارة الترحيل في ليل بهيم دون أن يتقاضى رواتبه أو حقوق آخر الخدمة .. اياك واسمعي يا جارة ..
هل تمرد لمجرد انه ظلم .. نعم ولاسباب أخرى كذلك منها : أن هذا الكفيل يحلو له أن يدخل أصابع يده بين أصابع
رجليه ويشمها مع أن رجلي الكفيل يفوح منها رائحة الجلد العتيق نتيجة ارتدائه حذاء جلدي من نوع معين في صورة جسدها نزار قباني في قصيدته (الحب والبترول) .
أثار تمرد هذا السوداني حفيظة الكفيل مما جعل الكفيل يهدده بالترحيل إلى بلده ..مما كسر نفسه وتمرده ..فانصاع مجبرا لمعاشرة تلك الغلظة والروائح الكريهة المنبعثة من بين الأصابع .. كان الشيء الوحيد الجميل هو أن كفيله هذا يملك قلما من الذهب الخالص يعطيه له أحيانا ليكتب له به خطابا .. وبما أن الكفيل جاهل لا يقرأ ولا يكتب إلا وانه كان يحضر الجرائد اليومية ليقراها له هو ثم يحللها له سياسيا .. طبعا في هذا المجال نعتبر نحن السودانيين أصحاب خبرة وباع طويل..
رغما عن كل هذه التفاني في الخدمة .. تم إيداع أخونا (المغترب) وتسليمه سلطات الترحيل .. أخذوه جولة في طرقات المدينة في شاحنة في شكل قفص مثل الذي ترحل فيه الوحوش .. ثم انزل في عنبر فيه الفار ( الجقر) يخيف القط (البسه) والذي يهاجم الآدميين إذا أخذتهم سنة من نوم ..
استغاث بالسفارة السودانية .. وليته لم يفعل .. لان مندوب السفارة السودانية حضر ولم يحضر .. سال عنه ولم يسال .. فقط علم بأنه موجود وسيتم ترحيله في أسرع وقت .. ولكن لاوقت بشان حقوقه ومستحقاته .. وفي صباح
مشرق جميل وجد نفسه حرا طليقا .. يشتم رحيق الورود على ضفاف النيل .. ويملأ صدره من نسيم الصباح الجديد ..
لتعود كل الطيور المهاجرة إلى السودان الجديد .. إلى الصباح الجديد .. وكفاية مرمطة