مشاهدة النسخة كاملة : ذااات زيــارة ,,
ود الضو
11-07-2011, 08:03 AM
نزلت عندهم ( أصيلاً ) شمسه أتخذت شكل الوداع , ولا أدري من أيِّ إتجاه دخلت تلك ( الحِتـة ) , في مشارفها قابلت أغلب قاطنيها , مجموعه من الشباب وهم يلعبون الكرة داخل ذلك الميدان الترابي , ومجموعة أخري ظلت تشاهد وتتابع ماذا يفعل هؤلاء الشباب , وفي إتجاه آخر كنت أتابع حركة سَيْر مجموعة أخري تعشق أن تتمشي في اوقات العصاري , قصدت الجهة التي كنت قادم اليها بعد أن سألت أحدهم : بالله بيت ناس فلان ود فلان بي وين ؟ لم يتأخر في الرّد علي ونادي علي أحد الاطفال وطلب منه أن يوصلني الي حيث أريد وقد كان , وصلت هناك ( ديوان ) كبير , حُوش واضحة علي جدرانه معالم الراحة وخاصة علي تلك ( الرّكائز ) عند البوابة الكبيرة حيث تقرأ ( ياداخل هذه الدار صلي علي النبي المختار ........ ألخ ) , وداخل الحوش عدد من البنايات من ( المُونة الحُرّة ) أو كما نسميه ( العَقِدْ ) , وتتوسط الحوش شجرة نيمة وبجوارها كانت واقفة العربية البوكس ( ماعارف موديلها كان كم ) وبقربها حافلة روزا , كل تلك الاشياء رميت عليها نظري وانا في عجلة من أمري بداعي أني مازلت عندهم ضيفاً لم يتجاوز زمن وصوله الدقائق , سألتهم عن فلان الذي أتيت انا زائراً له بقصد تام , في زيارة كواحدة من تلك الزيارات التي كنت أقررها وأنفذها مهما كانت درجة الترتيب لها , لحظات ويأتي فلان الذي اقصده و ( هاك ياسلام بالاحضان ) , وقد كان لي من الضيافة الكثير وقتها وفي ذلك الزمن ( الجفاف ) المِضلـِّم بالتحديد , قزازة بيبسي مازالت محتفظة ببعض برودتها وقبلها كان كوز موية من زير أحسب أنّ أشعة الشمس لم تعرف له طريق وكان له من الهمبريب نصيب كبير لما لمسته فيه ( موية صااااقطة ) كيف يكون شكل الماء هكذا عندهم ونحن في منتصف صيفٍ حرارته تكون وِصلت كم وستين زاتو ؟ براي أرد علي روحي ( ياخ ديل ناس الترطيبة ) داير مويتهم تكون زي موية زيركم الحارّة ديك , شفطت كل ما أتاني في ذلك الكوز وتلك القزازة التي لم يُحسن ذلك المصنع تحجيمها حين جعلها في ذلك الحجم الصغير وصرت أردد ( الحاجة الباردة دي لو خلوها بالرطل أو بالكيلو مش أحسن ) من العبوّة البتقطع الواحد في النص دي , ماعلينا أهو الواحد يادوب بدأ يشوف كويس بعد أن تملكه العطش وهو يقطع كل تلك المسافة علي ظهر ( دفار ) مقاعده كانت ( كنباً ) من الخشب الذي لايعرف أن ينكسر حتي ولو قصدت ذلك , فهذا الفلان كان واحد من زملاء ( السفر ) , ذات سفرة كان اللقاء وكانت العِرْفة به وأهو العبد لله داير يوثق العِرْفة دي وكانت تلك الزيارة غير المفاجئة بالنسبة له ولهم ( الاسرة وكل ناس الحلة ) فأهل الريف هم دوماً هكذا كل حياتهم زيارات مقصودة أو قد يأتي بها الطريق كثيراً , لم ألبث عندهم ساعات إلاّ وانا قد صرت واحد منهم , ليلاً كان الديوان ممتلئ بالشباب الكل يأتي وفي يده صينية يتوسطها صحن مليئ بالذي فيه حتي إختلطت الروائح في ذلك الديوان مابين رائحة الزلابية وشاي اللبن المِقنـِّن والشعيرية والرُّز ولا ادري ماهو الهجين الذي نتج من تلك الروائح , لعبت معهم ( الحريق والأربعتاشر ) فجضمتهم , عصراً لعبت معهم الكرة وكان الفريق الذي لعبت معه غالباً ( 9 / 4 ) , وفي الضحوية كانت الاستشارة بأن اذهب معهم الي البحر لأمارس العُوم وفي هذا المنحني أنا ( ساقط ) وكُرهتي في الدنيا العوم والموت غرقاً , وعندما كان البرنامج عندهم ( سالكاً ) لم أحدد لتلك الزيارة مدّة وتركت باب الرجوع ( مغلقاً غلقاً تاما ) حتي حين ..
ود الضو
11-07-2011, 08:06 AM
بعد أن اكملت ايام قليلة معاهم صرت أعرف أغلبهم ( بمختلف اعمارهم ) , فصرت أسأل عن فلان ( واحد منهم ) لماذا لم يأتي اليوم , فقيل لي أنه ( عيّان ) , ياشافي مالو عياهو شنو , والله لايحس لايدري مسكه وجع رأس حاميهو القعدة في الواطة , ربنا يشفيه إن شاء الله , فكنت مُبادراً بأنه لابد أن نذهب ونكفر له , ذهبنا الي بيتهم ووجدناه مليئاً وخاصة من الجانب النسائي وتلك الام المسكينة قد أعياها ترديد تلك العبارة الوحيدة لكل إمرأة تاتي وتسألها كما سألتها من قبل كل نساء القرية ( مالو ولدك آآآبت أمي ) وترد هي : ( والله مَرَق الصباح شديد قاصد الخلاء وبي قفاه جاء صاد ماسك رأسو ) , وهنا تبدأ أعمال ( الطب الفطري ) وكل واحدة منهن تدلي بدلوها من العلاجات البلدية التي هي عندهن كما يقلن ( الكَمْدة بالرّمْدة ) , مالِك ماشفتي ود حاج الزين السنة الفاتت لمّن مسكو وجع الرأس الصّعب داك ( بس عليك بزيت سمسم مُرْ أمسحي ليه رأسو وأربطيه بي دُلقان ) , وتأتي أخري بعلاج آخر ( ماتقولي لي بندول وبتاع ولدك دا صايباه عين ساااي ) أمشي لي للفقير الفلاني خليه يديك بخرات ومحاية وحِجاب , ومازلن هنّ يتبادلن علاجاتهن وذلك المسكين يتوجّع من الذي ألمّ به , وأحسب انّ تلك الأم وهي في تلك الحالة التي تري فيها ولدها من المرض أنها قد إختارت بعد تفكير شديد أن تذهب الي ذلك الفقير في تلك القرية المجاورة حتي يدِّيها بخرات ومحاية وقد كان , ذهبنا الي هناك ووجدنا مرضي آخرين تختلف أمراضهم منها امراض القلب , وآخر يده مكسورة , وإمرأة ظلت لاتتوقف عن الحديث طيلة شهر ( فطت سطر ) وهذا طفل لم يرضع من ثدي أمه طيلة اسبوعين , وشيخ كبير تؤلمه أكتافه وتخزله أعينه وهلمجرا , أصناف من المرضي وكانهم داخل ( مستشفي تخصصي ) به كل الاقسام حتي العمليات أحسب أنّ ذلك الفقير ( بيعملها ) جلسنا الي أن أتي دورنا وكأننا داخل أحد العنابر في تلك المستوصفات الخاصة جاء احدهم ( حُوار الفقير ) وطلب منا أن نظل خارجاً لانه غير مسموح بأن ندخل كلنا , فأنا كنت من الداخلين , وأخذ يسأل تلك الاسئلة ( مالَك حاس بي شنو ؟ ) وترد الام الجزعه ( والله يامَولَّانا لاليه ولا عليه طلع مني شديد وجاني بالحالة دي )عليك النبي شوف ليه بخرات ( كارباااات ) فهي تعرف ماذا سيصرف لهم هذا الفقير من علاج , أخذ الفقير يقرأ علي رأس الشاب المريض ( ماذا يقرأ الله أعلم ) وبعد أن فرغ أتي بنار في ( كانون ) ورمي عليها بضعة بخرات وأتي بـ ( ملاية ) ودَمْدَمَ بها المريض حتي ( الاختناق ) وبعد أن بدأت مخارجه بالسيلان وأخذ يقح بشدّة رفع الفقير الملاية عن جسم المريض وهو يُردِّد ( خلاص كدا ) وأتممت أنا بقية العبارة ( كدا خلاص الكمدة بالرمدة ) , أدخلت الأم يدها في ( محفضتها ) وأخرجت فئة الكَمْ جنيه ماعارف وختتها كـ ( بَيَاض ) للفقير تحت تلك الوِسادة الوثيرة وكان الوعد منها إذا شفي ولدها شفاءاً تاماً وعاجلاً أنّها ستحضر اليه كما يقلن هنّ ( أبو أربعة كرعين ) وهي تقصد ( خروف أو سخل أو عِجل وهكذا ) ولارد عند الفقير غير ( إن شاء الله إن شاء الله ) الليلة ح ينوم بدون وجع رأس , ولم تكون تلك ( الحَرِيقة ) التي اشعلها الفقير علي اخونا المريض كافية بل أعطي أمّه مجموعه من البخرات وجركانة مِحَاية لانه لابد من مواصلة العلاج بالبيت حتي إنتهاء تلك البخرات وتلك المِحَاية ومن ثمّ يُؤتي به اليه من جديد حتي تتم ( المُعاينة ) في شكل مقابلة تانية وياريت تكون مجانية كما في العيادات الخاصة ( بدون بَيَاض ) , المهم صاحبنا دا صباح اليوم التاني ( كان قاعد ) قعدة بي مزاج في ضل الضحي وهو في كامل صحته وعافيته وقد بدأ يتمرّد علي بخرات ومِحاية الفقير وأمه ظلت تذكر له ماذا فعل ذلك الفقير بفلان ابن فلان عندما أعطاه ذات ( مَرْضة ) بخرات وهو لم يكملها ماذا اصاب ذلك الفلان وقتها ( مااااات ) وكأنّ أعمار البني آدمين تم تحديدها بإكمال تلك البخرات وإلاّ ( الموت ) وقتها لم يجد إبنها غير ان يستجيب ليس خوفاً مما سيفعله الفقير به كما تقول أمه ( بل ) لكي يُرضي تلك الام التي ستمرض هي حتماً إن كان واحد من أبنائها مريضاً .. إنتهت تلك الحلقة من العلاج ( الشنو ماعارف ) ولا أدري هل عاود صاحبنا الفقير مرّة تانية ولا أعلنه تمردّاً ولم يذهب اليه من جديد .. ويا زمان ( الكّمْدة بالرَّمْدة ) .. زمن والله ,,
ود الضو
11-07-2011, 08:09 AM
أسمعني إنتوا الكهرباء حتخش حلتكم متين ؟ هكذا بدأت الحوار مع صديقي ونحن جلوس علي ذلك العنقريب الذي كان مُستقراً عند تلك الراكوبة لذلك ( الدُّكان ) وبحكم أنه يكبُر دكاكين الحلة الاخريات ( حجماً وأصنافاً ورأس مال ) كانوا يطلقون عليه ( البقالة ) كتلك التي نجدها في المدن رغم أنّ بقالة صديقي هذا تفتقد لتك الاشياء التي تجعلها ان تصير بقالة بدل دكان( حليب البدرة , البامبرز , والشيكولا , وبقية تلك الاصناف التي تمتلئ بها رفوف بقالات المدن ) ولكن وللأمانة رغم أنه لاكهرباء عندهم ولكن هناك صناديق بداخلها البيبسي فقط وبجواره يرقد شوَّال مليان تلج جوّة ( النـِّشارة بتاعة الخشب تلك التي تحفظ التلج من أن يسُوح ) , أجابني صديقي : يازول والله كهربتنا دي لو جات بعد خمسين سنة يكون كويس .
أنا : يازول إتفائل ياخ دا كلام شنو البتقول فيهو دا ؟
هو : والله زي ماقلت ليك يافردة , ناس الحيكومة بقولوا أنو شباب حلتنا ديل ( معارضين ) عشان كدا قالوا مافي لينا كهرباء إلاّ كان الحكومة دي تنقلب , كدي خليني أقول ليك شيئ تاني : ما الكهرباء دي نحن مادايرنها خليهم يوفروا لينا الموية دي ساااي ياخ , أها أديك اقرب مثل حلتنا دي كانت تملك عدد 2 ( كَرْجاكة ) وماسورة زي ما إنت شايف الصهريج بتاعها قدر الليلة وباكر وبرضو مامِكَفية حاجة الحلة وإنت عارف الحلة فيها قرابة الـ ( الف ونص نسمة ) ومايزيد عن المائة الف رأس ماشية ( ابقار , اغنام , إبل ) , بعد دا كلو الجماعه إيّاهم جُونا مرّة ووقفوا الكرجاكتين وقالوا لو مادفعتوا الرسوم الشهرية تاني مابتشوفوهن بعينيكم , غير كدا ياخي حلتنا دي فيها فِدْ مدرسة ورغم انها واحدة بَسْ لكن برضو مازالت تفتقد للكثير من الاساسيات حتي الفصول بتاعتها صارت متهالكة وكيف ماتتهالك وهذه المدرسة من قمنا لقيناها ( من زمن الانجليز ) يعني لا الحكومة دي عملتها ولا الحكومات السابقة , دا كل مافي الأمر . وانا كنت أحاوره ومن علي القريب كانت ترقد أعمدة الكهرباء بعد أن دفنها التراب نظراً لانها قد أوتي اليهم بها في عهد الحكومة السابقة وبالضبط كانت في العام 1987 م , ولكن حتي الآن لم يُسهِّل لها الكريم بأن تـُرفع لتـُخرج لأولئك البسطاء ( نوراً ) يطرد عنهم تلك الظلمات التي وقفوا هم ضدها بعد أن عملوا إشتراكات وجلبوا لأنفسهم ( مولدات ) كهربائية تشتغل بالنظام الليلي فقط ( من ما الشمس تغيب وحتي العاشرة مساء ) تكفيهم بأن يروا أنعامهم وهي قد إستقرّت في مرقدها , والبعض منهم يلتف حول تلك الشاشات البيضاء لحضور مسلسل أو أخبار تأتيهم بالفرح القريب الجّاء وماوصل حتي يومهم ذاك , ولكبار السن كانت الفائدة أعظم وهم يسيرون في الظلمات علي تسربات بعض الضوء من الشبابيك التي تطل علي طرقاتهم تلك التي توصلهم الي المساجد , هكذا كان حالهم وليس لهم مآرب أخري حتماً من تلك الكهرباء المؤقتة وما أن تأتي العاشرة بالضبط إلاّ وتلك القرية تنغمس في ظلام دامس يعقبه صوت البهائم وبعض البشر , رويداً رويداً يعِم القرية هدوءاً تاماً حتي الصبح , أثار حديثه حفيظتي عندما كنت أعرف أنّ لهم ( واحداً ) ينتمي الي ناس الحكومة ولكن رغم ذلك لم تحدثه نفسه بأن يُطالب بإسمهم عن أبسط مقومات الحياة بعد أن سكن هو البندر وأخذ يرتاد السوبر ماركتات وعلي رأسه مكيف للكندشة وصوت الفريزر يغطي علي تلك الصالة في شقته الفخيمة هناك في ارقي أحياء العاصمة وبالتحديد ( أم دُر ) , واصلت حواري معه : طيب ياعمّك الانتخابات الفاتت إنتوا أدِّيتوا أصواتكم لمنو ؟ فردّ منفعلاً يازول هوي نحن إتحادي ديمقراطي أباً عن جد و ( لن نتزحزح ) عنها مهما حصل , فحكي لي موقف حدث في تلك الانتخابات الاخيرة أنه عندما أتتهم ( لاندكروزرات ) الحملات الدعائية لناس الحكومة ماكان منهم إلاّ العمل بنظام ( لالالا ) من جوّة الجوّة ولم يجدوا الرواج الذي أتوا من أجله أولئك الذين يرتدون البـِدَل ذات الاكمام القصيرة وقد وصل الامر بهم إلي أشياء لا اريد الحديث عنها هنا , كل مافي الامر أنّ شباب تلك القرية كان مُعارضاً , طيب هِيْ الحلة دي ساكنين فيها الشباب براهم ؟ هناك النساء والاطفال والشيوخ العجزة الذين وصل بهم العمر الي مرحلة الخرف , ولكن ماذا العمل وهناك القول الذي يقول ( الشر يعم والخير يخص ) عَسْكَرة كل شيئ حتي الحياة هناك قد تعَسْكَرت , وأثناء مانحن نتحاور أتت زبونة في عقدها الثالث تقريباً وبها من ملامح الجمال والحزن الكثير وقفت عند بوابة الدكان وطلبت ماتريد , أخذت أغراضها وتوكلت علي الله , لم تذهب بعيداً ثم عاودت المحل من جديد بنيَّة أن تعلمنا بأطزج خبر سمعته قبل قليل من أخوها الذي أتاهم من بعد سفر وهي تقول ( إنتو ماسمعتو قالوا الزبير مااات ) صاحبنا ظنّ انه زبيراً آخر غير الذي تقصد هي فردّ عليها ( مالو كان مرضان ولا شنو والله ماسمعنا بي مرضو دا حتي ) لترد عليه ( لالا ما الزبير ود الفاتح ) دا الزبير الفي الحكومة , وقتها دخلتني انا بعض علامات الحزن لأنّي قد عرفت بانه الزبير محمد صالح ذلك الرجل ( الإنسان ) ودي حال الدنيا ياخ أصلها برحلوا عنها الناس الطيبين ويفضلوا التانيين , هكذا وصلنا خبر وفاة الزبير وبقينا في انتظار نشرة الاخبار من علي الراديو بعد أن إستبدل صديقي الحجارة التي عليه بأخري جديدة حتي تأتينا بالصوت النقي , وقد جاء الخبر من المزيع مُصدِّقاً لِما أتتنا به تلك المرأة من قول , ختمنا بـ ( الله يرحمو ويغفر ليه ) الراجل كان طيِّب رحل ومعه هموم وطن وشعب بأكمله ( فهل من زبير آخر ) , بعد أن ترحَّمنا علي روح فقيدنا بيقين تام بأنّ الموت حق و ( لكن كيف مات الزبير ) هذا مالم يأتي به ذلك الراديو في تلك الاخبار ( المُختصرة ) , أردت أن أخرج به من تلك المواضيع قليلاً فسألته عن تلك التي أتتنا بذلك الخبر ( الزولة دي منو ياحبيبنا ) وردّ علي وكأنه يتحدّث بلسانها الحزين : الزولة دي والله جيراننا من الجهة الصّعْدانية دي لِقت روحها يتيمة من عُمُر 11 سنة وأرملة في عُمُر 21 سنة ( وكأنّ الحزن عندها قد إرتبط ببداية كل عقد من عمرها ) هي زولة طيبة وأصيلة بَسْ قسمتها كانت مع واحد بتاع ( مرقات لاعند طرف البلد ) عِرْبيد لابعد الحدود وقد ترك بصمته عندها طفل كبقية أطفال العالم ( الذين يحلمون بحياة مستقرة وهانية وهادئة وهم يخرجون من حضن الاب الي حضن الأم ويجدون منهما القبلات كل حين ), إنقطع ذلك الحوار علي صوت أحدهم وهو يُنادي بأنه قد حان وقت الأكل يلاّ أرَحْكاكم علي الديوان ..
ود الضو
11-07-2011, 08:11 AM
المدعو الترابي قد زار تلك المناطق ذات سنة ( جدباء ) والخريف فيها طلع ( بيش ) ووجد كل تلك ( المطامير ) خالية تماماً إلاّ من بعد الفئران التي إتخذتها مسكناً بعد حفرٍ يسير , الكل كان مستبشراً بتلك الزيارة عسي ولعل يجود عليهم شيخ حسن ويحِن عليهم ويساعدهم ولو بالقليل , الله أكبر , الله أكبر , ...... الخ , هكذا كان الاستقبال وعلي ضل ذلك الصيوان الفسيح الذي تمّ تجميعه من كل القري المجاورة ( كان موضع ) كرسي مريح قد أوتي به من أحد الاثرياء للسيد حسن الترابي وبعض كراسي أخري للرفقة المباركة لشيخ حسن , عندما جاء دور الترابي بأن يلقي كلمته علت اصوات الكل حتي أطفالهم وفجأة كان الصمت الانتظاري ( بماذا سيتبرع هذا الترابي لتلك الارياف ) صعد الترابي علي تلك الترابيز التي تمّ رصّها بنظام ومثبتة تثبيتاً محكماً خوف الزحزحة والاندراشة لذلك الترابي , فما كان منه غير أن يقوم بـ ( قراءة سورة الضحي ) وتفسير بعض من آياتها علي طريقته الخاصة وبينما الكل فاتح خشمه وأذنيه صاغية إذا به يختم بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونزل مشي ( عشان يتناول وجبة الغداء ) تلك التي تمّ جمع التبرعات لها من قبل شهر وأكثر لتلك الزيارة الغير موفقة خالص , أكلوا وركبوا عرباتهم وتوكلوا وتركوا الكل في حالة تغني عن السؤال ( ياهو دا حالهم ) وكأنّ تلك الارياف غير تابعة لخريطة السودان , أو كأنها غير تابعة لتلك المليون ميل مربع , أو كأنّ من يسكنونها ليس ببني بشر , لماذا يا( بنوكنتري ) لماذا التمييز , أما كان لذاك الترابي أو غيره ممن زاروا تلك المناطق بان يتفقدوا ماذا ينقص البشر هناك , وماهي احوالهم وكيف يعيشون , فأين وجه الشبه مابين المسئولية عن البغلة التي تعثر بالعراق عند ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه وارضاه , والمسئولية عن البشر الذين تقتلهم الملاريا وسوء التغذية وأمراض كثيرة يصعب الوصول الي المستشفيات بالمدن الكبيرة لانقاذ المريض بها ( كل الموجود هناك شفخانة متهالكة ولاتستحق ان تكون مكان للصحة ) والذي بها ( حكيم ) وليس طبيباً يمكنه تشخيص الحالة , النساء هناك تقتلهنّ ( الوِلادة ) كل تسعة اشهر لماذا ( لأنّ المشيمة مانزلت ) ولابد من الذهاب الي مستشفي ولكن كم يبعد أقرب مستشفي حتي يتم إنقاذ تلك الروح كيلو مترات كتيرة والله , دائماً كنت لا استبشر خيراً عندما تذهب تلك العربة لاسعاف زولة ولادتها لم تتم بعد , فقد إرتبطت عودتها عندنا ككل اهل القرية ( بالموت ) وما أن تأتي تلك العربة التي حُملت عليها تلك المرأة فمن بعيد يُمكنك أن تسمع صوت المرافقات لها وهنّ يبكين وكثيراً ماسمعتهم يقولون ( والله قرَّبنا نوصل المستشفي بس يومها تمَّ والأجل كان اسرع ) فمن هو المسئول عن تلك الارواح ياسادة ؟ هل هو صعباً للغاية بأن تكون هناك مستشفي يلجأ اليها اولئك الغلابة أوقات الشدّة والمرض البكتل ؟ ولا المناطق دي مابتستحق يكون فيها مستشفي عشان الناس تتعالج زي ( مابتتعالجوا انتوا في واشنطون ولندن ) ؟ اليس لنا نصيب من مال دولتنا العام ( بَيْد أنه من عرقنا وقوت شفعنا وضعفائنا) ؟ دفعناها رسوماً للموانئ والمطارات والمنسقيات , وجبايات وقِبانات , دمغات للجريح والشهيد وترعتي كنانة والرهد , وهلمجرا , فأتونا حقنا الذي هو لنا .. الوقت لايكفي بأن اتحدث عن بقية الامراض التي فتكت بالكثيرين هناك كـ ( الايرقان , الحميات بأنواعها , النزيف , وغيرها ) داحالتو دي ماعندنا أمراض ( موتة الفجعة ) لوعندنا كان الناس هناك إنقرضت زماان وأصبح كل السودان ( مُدناً ) ( حضراً بلا ريف ) , ( موية , كهرباء , صحة , تعليم ) الحاجات دي عاملة لي وجع حاجات كتيرة خاصة لمّا اسمع واحد منهم ينطق بها بصوت عااالي طالع من كَم مايك ويختم بـ ( كل زول حيأخذ حقه ) ودي من الاولويات والضرورات , طيب ماتعملوها ياخ وخلوا أولاد وبنات الناس يبطلوا يركبوا الحمير عشان يمشوا يدرسوا في القري التانية , خلوهم يرتاحوا شوية من جري الحمار من الصباح وفي عِز النهار وهم رجوع الي بيوتهم , أعملوا ليهم آبار وخلوهم يبطلوا يشربوا من تلك الحفاير ( هُمْ وحيواناتهم ) , أعملوا ليهم مستشفيات عشان الموت مايغشاهم كل ساعة ولا ( يبطلوا وِلادة يعني ), اعملوا ليهم كهرباء عشان يحاربوا ذلك الضلام الذي عاش معهم كل تلك السنين مذ أن شبوا وهم لايعرفون ماهو لون الحياة الحقيقي ( ليلاً ) ضلاماً وجدوه وقد حسبوا بأنّ كل العالم ليلاً يحمل هذا اللون الاسود ..
مدنيّة
11-07-2011, 08:15 AM
ود الضو
صاحب القلم المميز
ديل اهلي الغبش
سمحين
وعيشتهم سمحة
-------
بالله يادابك في باب البيت
بنظرة خاطفة
عاينت شفت الفي كله!
هههههههههههههههههه
ود الضو
11-07-2011, 08:21 AM
زيارة ذلك المدعوالترابي وغيره عندهم لم تكن كتلك الزيارات التي تأتيهم من جهة نور الدين ( سيد الخدار ) وهو علي ظهر حماره ذو ( الخـُرُجْ ) المتدلي علي جنباته وهو مليئ بـ ( البندورة , العجور , الجرجير والفِجل , والملوخية , البامبي , والقرع ) فهو رجل خدرجي فقط ولا يميل الي الفاكهة في مبيعاته لانه يعلم ( حجم إستهلاكها هناك ) , يبدأ القرية من جهة الشرق حيث يجبره الطريق أن يبدأ من أين حتي يصل الي نهايتها من الجهة الأخري وأخيراً يستقر عند تلك الشجرة وسط القرية بعد أن يكون قد نشر خبر وصوله وهو محملاً بخدار اليوم الظازة جداً , كان يعرف ويقدر الظروف للبشر هناك وله كرَّاس من النوع ابو اربعة وستين ورقة مليئة صفحاتة بـ ( المدينين ) لانه يعرف تماماً بأنه سيأتيهم ( دَرَتاً فيه يحصدون ويعصرون ) ويسترد حقه , ولم تكن تلك الزيارة من الترابي كتلك الزيارة التي تأتيهم من العم ( الازرق ) كما يُلقبونه وهو علي ظهر تلك ( الكارو ) التي يجرّها حمار أغبش اللون , ومنها تنبعث تلك الروائح التي يعشقها الجميع هناك من القوم المتزوجين , وهو يُنادي بتلك اللهجة التي تخصه هو وحده دون سائر البائعين ( الحِنة والمحلبية آآآناس , السريتية والمجموع , وبقية تلك الاشياء التي كان لها ارتباط وثيق بحياتهم هناك ) , فتلك الزيارة ايضاً لم تكن كزيارة ( عبد المنعم ) الدَّلالي وهو يرنرن بذلك الجرس مخلوط بصوت تلك الصَّواني وبقية الاواني كبابي وصحون وعواميد وبقيتها , ولم تكن كزيارة آمنه الدّلالية التي تضرب بتلك التجارة عصفورين بحجر واحد حيث انها تمتهن الدلالة للاواني المنزلية وفي نفس الوقت كانت تحمل تلك المُبيِّضات والكريمات التي تخص الجنس الآخر وكل تلك الاشياء تكون في متناول جميعهن ( معلقة كريم إستعمال بي جنيه واحد ) ,, زيارات كثيرة تحدث عندهم من مختلف الزائرين لكنها لم تكن كزيارة ( المسئول الكبير ) التي تـُبني عليها آمال كثيرة وفي النهاية يُصيبها الرهق حد النعاس والموت مصيرها غالباً ..
وكل تلك الفدادين مازالت في نومها العميق منذ سنوات رغم انها تُزرع وتُحصد ولكنها شبه ميِّته ,,, اللهـــم الطف بهــم وبـنا ..
ود الضو
11-07-2011, 08:25 AM
[QUOTE=مدنيّة;616553]ود الضو
صاحب القلم المميز
ديل اهلي الغبش
سمحين
وعيشتهم سمحة
----------------------------
[COLOR="purple"]مدنية يسعد مساءك
هم هكذا ومازالوا غبشاً كرماء وأجواد ..
-------
بالله يادابك في باب البيت
بنظرة خاطفة
عاينت شفت الفي كله!
هههههههههههههههههه
..................................
هههههههههههههههه
عندما تصنع لك زيارة في صيف يفتقد للبهجة
فلا مكان للاندهاشة لحظتئذٍ ,,
ومما يُساعد علي ذلك هي تلك الفساحة التي تتصف بها
تلك الحيشان عندهم اهل الريف اجمعين
فما عليك وقتها غير ان تتفحص كل ماتقع عليه عينك
ان كان قصداً او بدون ..
لك التحية بإستمرار يامدنية ..
ود الضو
11-07-2011, 08:37 AM
أكــان حييت بجـي صـاد ..
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir