صلاح الدين ابوبكر
18-03-2011, 12:06 AM
بداية من المحمل ورحلة الكعبة والصرة والافعال النبيلة مرورا بالسلطان علي دينار صاحب الحضور المميز والقبضة الجبارة وصولا لانضمام السلطنة تمامنا مع الجسد الكامل في العام 1916 م ..وحتى وقته كانت الامور تسير بشكل طبيعي ...ولكن خريطة الواقع الديمغرافي والبيئي والاثني والقبلي الحاد والثقافي ...كانت حبلى بالتناقضات والقنابل الموقوتة ..فالسكان من جذور اثنية متباينة (افارقة وعرب) والمصالح الاقتصادية متقاطعة بين الفلاحة والرعي وايضا الاهتمامات الثقافية مختلفة رغم الكثير من المشتركات الا ان نذر الحرب كانت تخيم على سماء دافور وضواحيها بين الفينة والاخرى ...فكانت المناوشات والاغتيالات والصراع يتفجر هنا وهناك وبالحكمة الفطرية يجلس كبار القوم في جلسات الاجاويد فتحل المشاكل وان كان حلا لا يخاطب الخلاف بعمق وانما كانت ترضيات وتوفيقات ومصالحات موقتة .وقبل ان تنفض مجالس الصلح والتحكيم الاهلي وحتى تعود الحروب من جديد اشد ضراوة ..بين الرعاة والمزارعين ..ويدخل اللعبة بعض الضعاف الذين استثمروا حالة الفوضى والضعف ..فظهر النهب المسلح الذي نشر الرعب ومن جرائه فقد المواطنين الكثير من الاموال والارواح ..وتتدخل الدولة للحد من النهب ولكن بضربات غير موجعة وخطط غير محكمة ..فيزداد النهب مناعة ويتفاقم ويكتسب مناعة موظفا طبيعة المنطقة فيتخفى بين المواطنين أو يهرب الى الخلاء ثم يعود ليملا الارض فسادا ..لم توفق الدولة في استئصال شأفة النهب ....ثم من بعد تدخل اهواء السياسي فيأتي بتصورات غير رشيدة من ضمنها لاالحل الامني ..وايضا تتقاصر قامته دون الحل الامثل ...ونتيجة للقبضة العسكرية والامنية تتمرد فئات من مثقفي الاقليم مسترشدة بمبادئ جبهة نهضة دارفور التي تكونت في الخمسينات من القرن الماضي وتحمل السلاح يحركها الكتاب الاسود ومضامينه التي تحتوي على ملامح الظلم والظلمات والتنمية المعدومة والحرمان من نصيب السلطة في الوظيفة والمكانة والثروة وغيرها من الاسباب التي ترفع من وتيرة الغبن والكراهية ..ولما كان الاقليم اصلا متخما بالقطع النارية ..خرجت مجموعات ..وبدات بحرق مطار الفاشر وسلبت موجوداته وأصوله ..وترد الحكومة على المتمردين فليتهب الوضع .وتتلقفه الدوائر الخارجية وتجد فيه فرصة لزعزعة الاستقرار ...وقطع الطريق للمشروع الحضاري الذي تنادي به الدولة ...فيخرج للوجود مشروع سلام دارفور ...والغريب ان يحدث ذلك التطور المذهل والمريب في سرعة شديدة وفي اللحظة الذي تجري الاحتفالات فيه بتوقيع اتفاقية انهت نيران أطول حرب في افريقيا ...وتتدخل القضية في المسرح الدولي يتبناها من خالوا الحكومة ان الحكومة تتمرد عليهم وانها اتجهت شرقا للتنقيب عن الموارد والبترول ..وجود الصين غصة في حلوقهم ...وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني ثاني الاثافي ..أما ثالثة الاثافي التخلي عن المشروع الحضاري والاندماج في ما يسمى بالنظام العالمي ..تمنعت الحكومة وتمترست حول شكلها الذي اختارت لنفسها ..فكانت الضغوطات وبلغت اوجها حينما وجهت التهمة لبعض المتنفذين بل طالت رئيس الجمهورية بارتكاب جرائم ضد الانسانية عبر المحكمة الجنائية ...الكثير من الاشياء المتداخلة والتفصيلية تكتنف الموقف ...وتفتقت قريحة الحكومة عن ابتكار وسائل اخرى ...مستفيدة من حكماء افريقيا وبعض دول الجوار فكان مؤتمر ام جمينا بتشاد الاول والثاني بتشاد ...ثم ابوجا وليبيا والقاهرة ثم ابوجا مرة اخرى ..ومبادرات من هنا وهناك ... والامر يرواح مكانه لا تطورات تذكر ...بل كان كل طرف يزداد تمسكا بموقفه ...ويعد العدة لمواجهة القادم المجهول ..حتى في لحظة جنون ومغامرة تقتحم مليشيات خليل مدينة ام درمان مخلفة خسائر بين الطرفين وبالنتيجة تم دحر قوات الغزو وبحساب الربح والخسارة كسبت الحكومة في حشد الراي العام لصفها وفضح سلوك الحركة وعدوانيتها ....ومن بعد دخلت الدوحة كوسيط في حل الازمة ..وتشير التقارير انها بذلت مالا ووقتا في تقريب وجهات النظر ولكن لم تحقق تقدما في المواقف المتصلبة ..حيث انعدام الثقة وارتفاع سقف المطالب للحركات ..وربما الاخطر الانقسامات الحادة في صلب الحركات التي تفوق الاربعين حركة خليل /عبدالواحد/ابوقردة وغيرهم يتدخل في توجهاتهم الانتماء القبلي والمصالح الذاتية تحت غطاء دارفور وشعبه المغلوب على امره في كل الجوالات فهو لا يستشار ولا يؤخذ برايه في كل المراحل ...حتى بلغت الامور حدا يصل لدرجة الملل من عدم جدية الحركات وتشظيها المتكرر فما ان تصل المفاوضات مرحلة قد تكون مبشرة حتى يبرز لاعب جديد وهكذا دواليك ...والان والملف ما زال في الدوحة والمفاوضات تسير باستيحاء ...ولما كان كذلك ولن يحدث فيه تطور يجب الالتفات الى الجماهير العريضة وتفعيل السلام من الداخل من خلال حلحلة المشاكل النزوح واللجوء ومعسكرات التشرد ..وبناء القرى والمدن المستقرة وتوطين التنمية ومعالجة ملف التعويضات والمصالحات ..لان الغالبية وعبر السنوات قد ملت المتاجرة بقضيتهم ....وعلى الحركات ان تتفق في برنامج الحد الادنى وبناء رؤية موحدة لحل المشكلة ,,, والدخول مباشرة في الاستفتاء حول الاقليم الواجد ام التعدد ...فلم يعد العالم له مزيد وقت للجلوس لحل مشاكل الاخرين ...وعلى الجميع الارتقاء الى مستوى الحقائق الكبرى ...والاستفادة من رصيد التجارب والحكمة الذي تختزنه ذاكرتنا الجمعية في الاجاويد الذي يتمثل الحوار والتفاوض الراقي في ابهى تجلياته .لن ولم يكن صوت الرصاص حلا لقضايا المجتمع فقط الحوار والحوار الراشد بكل معانيها