المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بكاء على الأطلال



abomazeen
25-08-2010, 12:07 AM
لم يبدأ تعاملي الحقيقي مع المدينة وحياة المدينة إلا بعد الالتحاق بجامعة الخرطوم، والجامعة نفسها كانت مدينة قائمة بذاتها لمسافة طويلة على امتداد النيل، وكانت بها كل المرافق الضرورية والترفيهية والثقافية، وكان بإمكان الطالب عدم مغادرة مبانيها من السنة الأولى حتى التخرج (إذا لم يكن بحاجة الى ملابس جديدة)، كان نحو 90% من الطلاب يحصلون على إعانات مالية شهرية تسمى البيرسري لمستbursary وكان العم دواوود مسؤولا عن صرف البيرسري، ويعرف كافة مستحقيها بأسمائهم، وفي بداية كل عام دراسي كان مستحق الإعانة يتلقى 13 جنيها دفعة واحدة... كان مبلغا ضخما يغطي نفقات الزواج في منطقة ريفية...

وكان الغرض منها مساعدة الطالب على شراء الملابس والأقلام والدفاتر و الكتب كانت متوفرة بالمكتبات فقد كانت لكل كلية مكتبة منفصلة، إلى جانب المكتبة الرئيسية التي كنا نحس برهبة ونحن ندخلها... تجد فيها أحيانا نحو ألف طالب ولو أكلت شيئا يهيج المصران الغليظ فيا فضيحتك، لأن الصمت التام يجعل قرقرة قولونك تصل الى الآذان كصوت آلة الفوفوزيلا التي ابتكرها اتحاد الكرة في جنوب افريقيا خلال دورة كاس العالم لعام 2010، فغطت على صيحات المشجعين...



كانت علاقة الطلاب بالأساتذة في منتهى الرقي وتقوم على الاحترام المتبادل، فلأن أعدادنا كانت "بسيطة" فقد كان معظم الأساتذة يعرفون طلابهم بالاسم، وكان الأساتذة يعطون الطلاب مفاتيح مكاتبهم ليستخدموها ليلا لاستذكار الدروس، لم يحدث قط ان سمعت ان طالبا تعرض للشتم أو الإذلال من قبل أحد المحاضرين، أو أن طالبا رفع صوته بما يخالف أصول الأدب على أستاذ.. ولذا أكاد لا أصدق ما اسمعه من جيل الشباب عن المحاضر الذي يصيح بكلام مثل: أسكت يا غبي.. سترى ما سأفعله بك يا حمار.. اعتبر نفسك راسبا في الامتحان منذ هذه اللحظة (ويقال ان من يصدر مثل ذلك التهديد يطبقه وينفذه دون ان يكون عرضة للمساءلة) كان الأساتذة من السودان ومصر وسوريا وباكستان والهند وبريطانيا والولايات المتحدة، ومن هؤلاء الأجانب من قضى أكثر من 40 سنة في الجامعة...

ومنهم من التحق بالجامعة في وظيفة مساعد تدريس فور التخرج ولم يغادرها إلا بعد أن شاخ وهرم.. فازديف البريطاني من أصل هندي، جاء من جامعة كيمبردج شابا يافعا في أواخر الخمسينات، وغادر كلية القانون مكرها في منتصف التسعينات، وأصيب بحالة اكتئاب فهو لا يعرف أحدا لا في الهند ولا في بريطانيا، بعد ان قضى كل حياته العملية في كلية القانون بجامعة الخرطوم وهب تلاميذه لنجدته ووجدوا له وظيفة محترمة في دولة قطر وما زال يعيش فيها كجزء من الجالية السودانية، الآيرلندي ميلر كاد ينتحر عندما أبعدوه عن شعبة الفلسفة في أوائل التسعينات بعد ان قضى فيها40 سنة ولم يستعد تماسكه إلا بعد ان استرد وظيفته لاحقا. عالم الآثار الاسكتلندي هيكوك مكث في الجامعة حتى أصبح "أثرا تاريخيا" ومعلما من معالمها بملابسه المبهدلة ولم يكن يسافر الى بلاده حتى في الإجازات حيث كان يفضل تقضيتها في التنقيب عن الآثار داخل السودان...



مس كوك التي درستنا الرواية الإنجليزية في كلية الآداب غادرتها وهي فوق الثمانين بعد معاناة مع مرض الفيل الذي سبب لها انتفاخا في الساقين جعل حركتها "عاجزة"، والموسوعة الشكسبيري جون أباظة قضى نحو ثلثي سنوات عمره في الخرطوم.. ويمكن ان يقال نفس الشيء عن الاستاذ محفوظ في كلية الاقتصاد...


واليوم نسمع بأن المحاضر الجامعي ينبغي ان يحال الى الأرشيف عندما يبلغ سن الستين.. في البلدان العربية فقط هناك سن تقاعد للأطباء وأساتذة الجامعات، ولهذا تبقى جامعاتنا بدون فخر في ذيل قوائم تصنيف الجامعات عالميا.. هذه عاقبة اكتشاف العرب لـ"الصفر".. فرملوا عنده وتدبسوا فيه ولا يوجد بلد عربي يتصدر أي قائمة دولية ما لم يتعلق الأمر بالفساد وخنق الحريات والفقر والجهل والمرض ...



* منقول من كتابات أستاذنا أبوالجعافر

الجندي المجهول
25-08-2010, 01:30 AM
يا زمن ارجع شوية ،،،،

يا سلام يا ابو مازن ،،،

اتمنى من وزير التربية والتعليم ان يطلع على هذا البوست ....

تخريمة : اتذكر أن مدرسة مدني ومدرسة السني كان بهم ( ميز) للطلبة وكانت توجد بها مخازن بها كراسات (الرسم البياني والكراسات العادية) ولبن نيدو وعلب السردين وبعض المواد التموينية الاخري ،،،

آلا ليت ايام الرخاء تعود واخبر الشعب بما فعله العسكر والجنود

abomazeen
25-08-2010, 02:30 AM
مش كده يالجندي أخوي ... والله كلامك صااااح
هسي لو كتبنا في ....! تلقى المشاركات 1000 وألفين ...؟

نسأل الله الكريم ونحن في الشهر الكريم أن يعود العام لسابقه

abomazeen
25-08-2010, 02:37 AM
تقبل الله منّا ومنكم صيامنا وقيامنا ... اللهم آميين

بنت الرفاعي
25-08-2010, 03:47 AM
جميلة هي كتابات ذلك الكاتب السوداني الذي وجد شُهرة واسعة (ما شاء الله)، والأجمل نقلك للموضوع أخي أبومازن للنقاش.:)

لمّا أسمع الحكاوي عن التعليم أيام زمان والمُعلمين، وحتى المُتعلمين في ذلك الزمان أستغرب، يعني التعليم زمان كان عندو قيمة، وهدف واحترام وقُدسية، الآن كلو تجارة في تجارة، وأقرأ علشان أمتحن وبس، أشوف السوق عاوز شنو وأقرأ الجامعة على أساسو (فهم جديد، ممكن يكون مُفيد، ويمكن لا)!!!!
أغلب الناس ما بتفكر بعقلها بالطريقة الصح، يعني مثلاً إذا في طالب حب مجال مُعين، والمجال ده كنظرة عامة نادر وما مُهم، يمسكو في دي قراية شنو وده شنو، لكن إذا الطالب ده أصر على رأيو ونجح، مُمكن يكون أفضل من أكثر الناس كفاءة، وفي الحياة بتلقى أمثلة كثيرة لمثل هؤلاء.

أما عن إحترام المُعلمين، فحدث ولا حرج!!
بعض الطالبات أصبح الإستهزاء بالمعلمات هدفهن والمُشاجرة معهن بطريقة لا تُصدق، والطلبة مُمكن الواحد فيهم يمد يدو على المُعلم!!!
والمُحزن أن بعضهم يتفاخرون بذلك.:(

الله يهون.

abomazeen
25-08-2010, 04:03 AM
يا سلام عليك يا مــرام ... طيــب طالما نُـقل الموضــوع هنا للنقــاش

تفتكري الغلط ويييين ...؟ في الطالب ولا في البيت ولا في الوزارة

وممكن نأخذ كل شريحة من الشراح الثلاثة دي ونتكلم فيها ....

صدقيني أنا متابع الموضوع ده وبحرص وتركيز شديدين ...

بنت الرفاعي
25-08-2010, 04:53 AM
يا سلام عليك يا مــرام ... طيــب طالما نُـقل الموضــوع هنا للنقــاش


تفتكري الغلط ويييين ...؟ في الطالب ولا في البيت ولا في الوزارة


وممكن نأخذ كل شريحة من الشراح الثلاثة دي ونتكلم فيها ....


صدقيني أنا متابع الموضوع ده وبحرص وتركيز شديدين ...




:):):):)

الغلط يا أخوي من الجميع.
مثلاً :
الوزارة مناهجها أصبحت حشو في حشو، الطالب بيرجع البيت وعندو واجبات أكثر من اللي درسوا في اليوم، هو يحل الواجب أو يدرس ويراجع دروس اليوم، أحياناً الواجب في حد ذاتهُ مُراجعة، لكن في مواد بتعتمد على الحفظ، فحيجيب وقت من وين يحفظ ويحل الواجبات ويلعب وينوم؟؟
ولاحظ الطالب بيرجع البيت الساعة كم؟!

الطالب بيكون مضغوط في البيت، لازم يحل الواجبات، وإذا ما حلّاها، إذا جلّى من ناس البيت من المُعلمين في المدرسة ما بيجلي، حينضرب!!
الضرب في حد ذاتو مُشكلة، مفروض ما يكون هو أساس مُعتمد في العقاب (وده موضوع آخر)، الطالب لما يكون بيتعرض للضغط من الجهتين، بكل بساطة حيكره المدرسة!!

في بعض المُعلمين أحياناً طريقتهم وأسلوبهم في التدريس ومع الطُلاب بيكرههم في المادة والحصة أو حتى المُحاضرة، في أساتذة طيبين في تعاملهم مع الطلاب لكن أسلوبهم غير جاذب، وفي أساتذة طريقتهم ممتازة ولكن تعاملهم مع الطلاب سيء.

ود المطامير
25-08-2010, 06:41 AM
مش كده يالجندي أخوي ... والله كلامك صااااح
هسي لو كتبنا في ....! تلقى المشاركات 1000 وألفين ...؟

نسأل الله الكريم ونحن في الشهر الكريم أن يعود العام لسابقه

الحبيب

الفى دا يعنى ما نافع ؟

موضوع رائع لكن طبظتو بالأحمر

ود المطامير
25-08-2010, 06:44 AM
والله صدقت يا الحبيب
زمان كنا بننتظر خالى يجى من الجامعه من الخرطوم

كان بجيب لينا معاه الساردين والجبنه المعلبه وحاجات كتااار

ولا مغتربين اليوم

المشكله يا الحبيب فى اللى قائمين على أمر التعليم

ابو الامجاد
25-08-2010, 09:58 AM
العزيز ابو مازن
حقيقة حليل التعليم وكت كنت في المتوسطة كنت في مدرسة الاهلية (ب)
كان في المدرسة في معمل لم ارى مثلة كان زاخر بكل شيئ كان علم قايم
بزاته كنا ننسي الوقت بداخلة كان هذا المعمل في مدرسة متوسطة هسي الله
يعلم الجامعات مافيها معامل زي دي

انور النور محمد
25-08-2010, 12:48 PM
[QUOTE=abomazeen;523153][FONT="Tahoma"]
[SIZE="5"][CENTER][SIZE="5"]

هسي لو كتبنا في ....! تلقى المشاركات 1000 وألفين ...؟


[CENTER][COLOR="red"]الحبيب ابو مازن
سلام
للاسف الشديد التعليم عندنا اصبح شهادة بدوك ليها بنهاية فترتك الدراسية فقط من غير علم وتعلم لذلك انظر لمستوي الفهم لدى خرجي هذا الزمن الاغبر شهادات تمشي بين الناس من غير علم ورقة بس
ودة نتج لنظرت عرابي التعليم في البلاد توسع افقي في فتح المزيد من الجامعات بغير هدي من غير كوادر قادرة على استيعاب التطور او حتى فهم المهم جامعات وزيادة عدد الخرجين وخطاب سياسي نحن ونحن
الله اكون في العون

ولو كتبت في .......... فعلا تلقى المشاركات 1000 و2000
دة برضو اسقاط لواقع اغبر
لك محبتي

محمد الجزولى
25-08-2010, 11:08 PM
الحبيب ابو مازن
زمان لما كنا في الابتدائي لما نشوف المدرس في أول الشارع بي نخلى ليهو الشارع نهائيا خوفا ورهبة واحتراما
كانت النظرة للمعلم تختلف عنها حاليا
بالمناسبة انهيار التعليم ليس قاصرا على السودان فقط وإنما كل الدول العربية انهار فيها التعليم انهيارا كاملا وأصبح كل الهم هو الاستثمار في المدارس والجامعات بدلا عن الاستثمار في الطالب والمعلم
المعلم نفسه اصبح لا يعطى كالسابق لأنه هو نفسه محتاج وفاقد الشيء لا يعطيه
صراحة المعلم محتاج الكثير حتى يستطيع أن يقنع التلميذ الذي يجلس أمامه بما يريد أن يوصله له
مقومات العملية التعليمية نفسها انهارت فلا يوجد كتاب مدرسي لكل تلميذ ولا توجد قاعات مؤهله في الجامعات... شنو يعنى مدرسه ثانوية او حتى ابتدائية تحول لجامعه
واخطر حاجه انو الأسر اليوم صارت تتفاخر بي ولدها بيقرأ وبن وفى ياتو مدرسة مش بي يقرأ شنو
غايتو ربك يهون يا ابو مازن

بنت الرفاعي
26-08-2010, 12:25 AM
بالمناسبة انهيار التعليم ليس قاصرا على السودان فقط وإنما كل الدول العربية انهار فيها التعليم انهيارا كاملا وأصبح كل الهم هو الاستثمار في المدارس والجامعات بدلا عن الاستثمار في الطالب والمعلم
المعلم نفسه اصبح لا يعطى كالسابق لأنه هو نفسه محتاج وفاقد الشيء لا يعطيه
صراحة المعلم محتاج الكثير حتى يستطيع أن يقنع التلميذ الذي يجلس أمامه بما يريد أن يوصله له


بالفعل أخي محمد الجزولي فالتعليم انهار في كل الدول العربية، وخرجت في بعض الدول أنظمة وقوانين غريبة في التدريس، وبعضها يقول أن الطالب اجتهد خلال العام الدراسي أم لم يجتهد سيّان، ففي النهاية ناجح ناجح!!!!
وحتى طريقة التعليم في بعضها بدلاً من التقدم (لا يُمكننا القول تراجع للخلف لأن في الماضي كان أفضل) ولكنه أصبح سيء!!

وأصبح بعض الطلاب يذهبون للمدرسة زيادة عدد، لأنهم لا يهتمون في المدرسة ولا ينتبهون للمعلمين بل يُثيرون الشغب أثناء الحصص، لأن الواحد فيهم يعلم أن هناك مدرس خصوصي سيُدرسه دروس اليوم!!!

الله المُستعان.