الهادي عبدالله
01-05-2010, 03:58 PM
سجون الـ سي اي اي السرية بالسودان ... امتحان جديد للسيادة؟!. .. تقرير: أبوذر علي الأمين ومقال المرشح البشير يترشح كشهيد
مرة أخرى تقف الحكومة عاجزة عن الدفاع عن نفسها تجاه (فضيحة سيادية) من الدرجة الأولى!!. فقد كشفت صحيفة فرانكفورتر روشاو الألمانية عن وجود (سجون سرية للسي آي أيه) بالسودان ضمن(66) دولة أخرى، وأوردت الخبر عدد من الصحف السودانية (الرأي العام ، الصحافة، أجراس الحرية 10 مارس الماضي) . فقد عجزت الحكومة السودانية عن الرد على ما أوردته الصحيفة الألمانية، بل إن الرد الذي أوردته
(صحيفة الرأي العام) على صدر خبرها الذي حمل عنوان " الشرطة تنفي وجود سجون سرية أمريكية داخل السودان" يفضح الحكومة السودانية أكثر ويؤكد ضلوعها بل وولوغها في بيع السيادة!!؟، إذ جاء بخبر الرأي العام أن (قوات الشرطة تنفي) وليس وزارة الداخلية أو وزيرها!، وجود سجون سرية أمريكية بالسودان. وأورد الخبر أسم د. محمد عبد المجيد الطيب (المتحدث بأسم الشرطة) وليس (الداخلية)!!؟. وليس هذا كل شئ بل رد د. محمد عبدالمجيد لا علاقة له بموضوع السجون السرية الأمريكية!!، وهذا غريب قبل أن يكون مدهشاً؟!!، فقد حمل خبر (الرأي العام) عنه قوله "... أن قوات –يونميد- والأمم المتحدة ليس لهما سجون في السودان. ووصف ما ورد بالصحيفة الألمانية بأنه عار من الصحة!!؟. لكن الصحيفة الالمانية لم تتحدث عن سجون لقوات (اليونميد) أو الأمم المتحدة!، بل عن سجون لمنظمة الاستخبارات الأمريكية السي آي أيه. والواضح من كل هذا أن الحكومة تخاف الفضيحة لكنها لا تتورع في بيع السيادة!!. فبعد فضيحة الغارات الاسرائيلية على الشرق التي فضح سماح الحكومة بها المبعوث الأمريكي غرايشن أمام الكونجرس والذي أفاد في معرض دفاعه عن الحكومة السودانية وتأكيد مدي تعاونها أنها وبحسب غرايشن "...و في سياق ردوده على أسئلة النواب في اللجنة الفرعية للكونجرس الأمريكي أثناء الإدلاء بشهادته، فقد سئل حينها عن مدى قناعاته في التغيير الذي طرأ على الحكومة السودانية؟ فأجاب بثقة الواثق فيما معناه (إنها تحولت من داعم للإرهاب إلى محارب له، بدليل تعاونهم في القضاء على إرهابيين كانوا يحملون شحنات أسلحة قادمة من إيران في طريقها إلى منظمة حماس في قطاع غزة" (راجع مقال فتحي الضو بعنوان: خالد مِشعل: صَهْ يا كنارُ فإن لحَنُك مُوجعٌ! –هنا وهناك بشبكة الانترنت). وإذا علمت أن الغارات كان أولها في 11 يناير وثانيها في 20 فبراير والثالثة وليست الأخيرة وقعت في 8 مايو العام 2009م، يتضح لك أن السيادة السودانية في عهد الإنقاذ والمؤتمر الوطني تباع ليس للسي آي أيه الأمريكية بل أيضاً لإسرائيل. أما حلايب والفشقة فقد باتتا علامات دامغة لبيع الإنقاذ والمؤتمر الوطني للسيادة. للدرجة التي اقترن ذكرهما بحادثة محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، وأن ثمن سكوت دولتي الجوار إثيوبيا التي جرت بها وقائع المحاولة، ومصر التي استهدف رئيسها عن ملاحقة المتورطين فيها، ظل هو التنازل لهما عن حلايب والفشقة. حتى مفوضية الانتخابات أعلنت إجراء الانتخابات بدائرة حلايب، ولكن ليس في حلايب ذاتها، حيث ترفض مصر اعتبار حلايب سودانية. وظلت الحكومة صامتة صمتاً يؤكد أن السيادة السودانية بحلايب والفشقة أصبح هي ثمن لإسكات الدولتين عن المطلوبين في محاولة اغتيال الرئيس المصري. وفضائح الإنقاذ السيادية لا تقف عند هذا الحد بل لها عمق وتاريخ تجاوز عامه العاشر الآن!!، فقصة (الشراكة الاستخباراتية) التي أقامها جهاز الأمن السوداني مع السي آي أيه تعود للعام 2001م، ويؤرخ لها بأحداث 11 سبتمبر الشهيرة، التي أفزعت الإنقاذ وهددت عرشها وخشيت من ضربة أمريكية باتت قريبة خاصة بعد ما حدث بأفغانستان، وفيما بعد العراق. وتلك قصة روتها بتفاصيل صحيفة (الشرق الأوسط: السبـت 21 ربيـع الأول 1426 هـ 30 ابريل 2005 العدد 9650- في تقرير لكين سيلفرستون) حمل عنوان : (مسؤولون أميركيون وسودانيون: الخرطوم وواشنطن أصبحتا حليفتين في الحرب ضد الإرهاب وتعقدان اجتماعات استخبارية سرية). حيث أوضح كين سيلفستر أنه كان لل(سي آي أيه) محطة سرية بالخرطوم في نوفمبر العام 2001م، وأن جهاز الأمن السوداني سمح وداخل السودان ب(...استجواب أعضاء في تنظيم «القاعدة» كانوا يقيمون في العاصمة السودانية، واجري التحقيق في منازل آمنة أعدها جهاز الأمن الوطني، الذي احضر المشتبه فيهم إلى ضباط «اف بي آي». من ضمن الأشخاص الذين حقق معهم كلونان محمد بايزيد و مبارك دوري). كما (..وسمح جهاز الأمن الوطني لمكتب المباحث الفيدرالي بالتحقيق مع مدير بنك الشمال)، وسلمت ملفات خاصة بالبنك للمحققين الأمريكيين!. كما (..أكدت مصادر سودانية وأميركية أن حكومة البشير سلمت إرهابيين مشتبها فيهم إلى أجهزة أمن دول عربية، بما في ذلك مصر والسعودية وليبيا... ومن بين هؤلاء الذين تم تسليمهم للسعودية شخص سوداني الجنسية اسمه ابو حفيظة وهو ناشط في «القاعدة» .. وقد حكمت عليه السلطات السعودية بالسجن لارتكابه «أفعالا إرهابية ضد منشآت حيوية في المملكة»). كما أوضح كين سيلفرستون بتقريره أنه (..وإلى جانب تعاونها منذ 11 سبتمبر، فإن أجهزة الأمن والاستخبارات السودانية سمحت بجمع معلومات عن الجماعات المتطرفة المشتبه فيها في دول لا تستطيع العناصر الأميركية العمل فيها بفاعلية... واعترف وزير خارجية السودان مصطفى عثمان اسماعيل، في مقابلة، أن جهاز الأمن الوطني كان آذان وعيون وكالة الاستخبارات المركزية في الصومال التي تعتبر ملاذا للمتطرفين الإسلاميين ) كما أوضح سيلفرستون أن مسئولا كبيرا في جهاز الأمن الوطني السوداني التقى (.. في واشنطن مع مركز مكافحة التجسس في وكالة الاستخبارات المركزية لمناقشة الوضع في العراق، طبقا لمصادر على علم بالمحادثات). كل هذا دفع قياديا أمريكيا بالسي آي أيه للصراخ (..«إنهم لم يبلغونا فحسب بهوية الأشرار، بل أحضروهم لنا. يا الهي، لا يمكننا إقناع الفرنسيين بعمل مشابه») بحسب سيلفرستون. الواضح من كل ما أورده كين سيلفرستون بالشرق الأوسط أن جذور قصة السجون السرية تعود إلى الخلفية التي تحكي قصة (الشراكة الاستخباراتية) بين جهاز الأمن الوطني السوداني والسي آي أيه الأمريكية ومنذ العام 2001م. لكن لماذا خجلت الحكومة ولم ترد بوضوح على المعلومات التي أوردتها الصحيفة الألمانية؟، في الوقت الذي يتباهي جهاز الأمن بعلاقاته مع وكالات الاستخبارات في أكثر من دولة كما جاء في تصريح شهير لصلاح قوش للزميلة درة قمبو بليبيا ونشر بصحيفة الأحداث. أما المدهش أمام كل هذه المعلومات هو أن كل التحركات الاحتجاجية بما فيها المسلحة التي أطرافها سودانيون يرفضون سياسات الحكومة تجاه إقليم ما أو إقامة مشروع سد أو تسيير مسيرة لتسليم مذكرة، تواجه بأنها تهديد للسيادة والدولة!. في حين أن العمالة والارتزاق والتنازل عن السيادة لدول أخرى يمسى (شراكة استخباراتية) بل ويتباهي به من هم خلفه!!!؟. والغريب أن (السيادة) لها حجية قانونية واسعة داخل السودان وفي مواجهة المعارضين، وخاصة في وجه الصحافة التي دائماً ما تواجه (بالبند الخامس) من (ميثاق الشرف الصحفي) إذا ما توجهت الصحافة بالنقد لمواقف وسياسيات وتوجهات الرئيس البشير، بل لا يعترف مجلس الصحافة ولا يقبل التعامل على صفحات (صحف) مع المواطن عمر حسن أحمد البشير (كمرشح)!!، ويحاجج بأنه ووفقاً للقانون يجب على الصحافة التعامل معه كرئيس فقط!!، وأن كونه مرشحاً يجري وفقاً لقانون آخر هو قانون الانتخابات ومجلس الصحافة غير معني بهذا القانون!!!!؟. كما أن نقد الرئيس أو المرشح عمر البشير يعتبر ووفقاً لمجلس الصحافة وميثاق الشرف الصحفي (إساءة) لرمز السيادة!!؟. لكن المؤلم أمام فضيحة السجون السرية أن السيادة لا يحميها (ميثاق شرف صحفي)!!.
المرشح البشير ... يترشح شهيداً!!. هل تقبلون؟!! ... بقلم: أبوذر علي الأمين ياسين
الأحد, 07 مارس 2010 20:00
لعله من الصعب على المرشح أن يخسر أمام منافسيه خاصة بعد عشرين عاماُ من احتكار الرئاسة. لكن الخسارة ستكون أكبر إذا خسر الانتخابات وخسر فرصة أن يستشهد في سبيل الله بعد أن فقد فرصة الاستشهاد من أجل الوطن. ويبدو أن المرشح الرئاسي عمر حسن البشير موعود بالخسارة على كافة الأصعدة إلا من فرص (محصورة) ، كما أن فرص الشهادة أمامه مما يُكره عليه المرء ولا يأتيه باختياره الحر. وهكذا وعد الله لعباده من ضيَّع وضَّيق على الناس حريتهم أورثه الله الضياع والضيق في حريته.
أمام حشد من شباب حزبه بأركويت الأربعاء الماضي بعد أن أعلن تحديه لمحكمة الجنايات الدولية وقدرته على مواجهة اتهامات الجنائية، ووصفها والقوى الغربية بالكاذبة "... سخر البشير من ترويج عدم قدرته على مغادرة البلاد وسعي بعض الجهات لاختطاف طائرته مقراً بأنه يأمل في اصطفائه شهيداً لأجل الدين والوطن" – الأحداث الخميس 4 مارس الماضي وقال البشير ".. نحن لا نخشاهم وسنستمر في السفر لأن الموت يمكن أن يكون بالحمى أو الملاريا أو حادث سير ولكن الموت السعيد أن نموت شهداء لنلتحق برفقائي الذين استشهدوا " بحسب ما أوردته صحيفة الحياة اللندنية بنفس التاريخ السابق. وأمام هذا التحدي (الجهير) للمرشح عمر البشير، نستغرب عجزه وهو (الرئيس) عن مقاومة وليس (تحدي) المبعوثين الدوليين الذين (يصرون) على عدم التعامل معه مباشرة ناهيك عن مقابلته مقابلة ترحيب عابرة داخل دولته وليس عبر مطارات العالم!!. فقرايشن برغم من أنه المبعوث الذي يتداول مع الحكومة في أخطر الملفات وأكثرها حساسية إلا أنه لم ولن يقابل البشير!!، فثمن ذلك أن يفقد صفته كمبعوث وربما تترتب على ذلك خسائر أفدح تطال حتى مستقبل قرايشن ليس السياسي فحسب بل على كافة مجالات النشاط وفرصه. وعليه فالعاجز عن التعاطي مع التحديات التي افرزها اتهام محكمة الجنايات الدولية (داخل بيته) وحدود سلطته، فإنه أعجز عن غيرها.
هناك الكثير من المدهشات في خطاب المرشح البشير الانتخابي!!، ولعله من المدهشات بين يدي الانتخابات أن يعرض المرشح نفسه ويسوقها (كشهيد)، فالذي يتحرى الشهادة ويجتهد في نيلها يخرج لها حيث هي أقرب منالاً ، بالتأكيد الانتخابات ليست مجال ولا سوق شهادة. بل الانتخابات سوق عرض يقبل عليه الناس إذا وجدوا فيه ما يرجون على مدي فترة الرئاسة القادمة والتي هي بضع سنين، ولن يرغب ناخب في انتخاب شهيد خلال هذه المدة المحدودة، أني كانت هذه الشهادة باختياره (الحر) أو (بإرغامه) عليها. خاصة وأن التحديات التي تواجه البلاد تحتاج قائداً ذو حكمة وعزم، قائد يشاور الناس ولا يفرض عليهم رؤيته، قائد يتحرى الحق والعدل، قائد غير نزاع لحرب قومه الذين انتخبوه، قائد لا يتعامل مع من اختاره وصوتوا له (كملف أمني) ولا يعاملهم وينظر لهم إلا وهم مهدد له. وكل ذلك يفتقده البشير وبجدارة. ولكن دعونا نقف قليلا أمام خطاب الاستشهاد الانتخابي هذا!!، كونه خطاب جديد يستحق عليه المرشح البشير حق (الملكية الفكرية)، كونه خطاب لم نسمع به لا في الأولين ولا الآخرين. فلم نسمع يوماً أحد أنبياء الله أو النبي محمد(ص) ولا أحد الخلفاء الراشدين قد قدم مرشح أو نصب قائد لأنه سيكون (شهيد)!. ولم نعرف في وعبر تاريخ الإنسانية لا في النظم (الديكتاتورية) أو الديمقراطية من تقدم أو قدم نفسه أو تم اختياره زعيماً أو لأي موقع على أساس أنه (شهيد). أما الطريف الذي لم ينتبه له المرشح البشير أن الانتخابات (شهادة) حيث يشهد الشعب على اختياره الحر (غير المزور)، ويلفظ إلى مزبلة التاريخ من هو غير أهل لاختياره (الحر). وذلك تحدي كبير أمام البشير الذي لم نعد نعرف أمرشح هو للرئاسة أم للشهادة؟، لكنا نرغب في معرفة معايير الشهادة التي رسمها لنفسه ومدى استيفائه لشروطها.
قال البشير في خطابة أمام شباب المؤتمر الوطني بأركويت "... بأنه يأمل في اصطفائه شهيداً لأجل الدين والوطن". حسناً لنقف على معايير الشهادة (لأجل الدين) ومدي استيفاء المرشح البشير لشروطها. ومرة أخرى نقف على معايير الشهادة لأجل الوطن ومدى استيفاء المرشح البشير لشروطها.
المعلوم من الدين بالضرورة أن الحرية أصل التدين قبل أن تكون أصل الحياة. وأن الله الذي خلق الإنسان أطلق له حرية أن يؤمن به أو يكفر. حرية للإنسان فيها ما اختار هو فقط وليكون وفقاً لتلك الحرية مسئولا عن اختياراته. بل من كان بلا حرية وبلا اختيار حر، رفع الله عنه القلم، فلا يسأل ولا يحاسب لأنه أرغم على ما أتى بغض النظر عن حسنه أو قبحه، حلاله أو حرامه. فلا دين بلا حرية. وعلى هذه القاعدة (الأصولية) يثبُت أن الذين يضيقون على الناس في حرياتهم (لن) يكون لهم حتى حق(الترشيح) لنيل الشهادة فمن كان بلا رصيد كيف له أن ينال الشهادة أو أن يكتب في زمرة الشهداء. والحرية أصل الحياة فقد (دخلت النار) امرأة في هرة حبستها ولم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض. والمرشح البشير أتى أكثر وأفظع من ذلك تجاه (شعبه) في دارفور وما يزال (متهماً) مطلوباً أمام محكمة الجنايات الدولية بسبب ذلك. وهذا معيار آخر يبعده بل يخرجه عن نطاق المرشحين لنيل الشهادة من أجل الدين. خاصة ونحن نعلم أن الإسلام يحرم قتل النفس، ومن قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعاً والمرشح البشير اعترف بقتل (10000) بدرافور. كما حبس ملايين آخرين بالمعسكرات وكأنه يستلهم خطة المرأة التي قتلت تلك الهرة.
ودينياً أيضاً قبلت حكومة المرشح البشير التعامل (بالربا) في القروض والتي أسس من بعض أموالها (السد الرد). والطريف هنا أن (علماء الدين) الذين يحرمون (حق تقرير المصير) أحلو الربا الذي عارضه المجلس الوطني بما في ذلك (علماني الحركة الشعبية)، لكن حجية العلماء أمضى من قرارات المجلس الوطني الممثل للشعب والرقيب على السلطة التنفيذية!!. ومن يحل الربا أو يتعامل وفقاً له ليس له أن يكون شهيداً (شهيداً) . لكن الأكثر طرافة أن (السد) لم ينشأ بنية تعمير الأرض وخدمة الناس. بل (للرد) على محكمة الجنايات الدولية!!؟. وهذه سياسة تنحصر وتدور وتتعلق (بشخص) تبنى له السدود و المشروعات (للرد) والدفاع الشخصي عنه وليس من أجل تعمير الدنيا وخير الناس الذي يحكمهم!!، ثم يريد أن يكون شهيداً ويسوق نفسه للناس وفق ذلك ليختاروه رئيساً!!!؟. وهذا بؤس شديد.
حسناً وماذا عن الشهادة من أجل الوطن؟!!. المرشح البشير وعلى مدى عشرين عاماً، لم يخض حرباً ضد أي دولة أو جهة خارجية معادية!!. وجيشه ظل يحارب السودانيين الجنوبيين، وحارب السودانيين في دارفور، وفي الشرق. حتى تشاد المجاورة والتي ظل طيرانها الحربي يغير على بلاده لم يخض ضدها حرباً!!. بل أكتفت القوات المسلحة بإصدار البيانات التي تُعلم الناس بالغارات المعادية وتتوعد بالرد ثم لا شئ. والشرطة تطلق النار على المتظاهرين في بورتسودان وكجبار، وتقمع كل تحرك أو احتجاج جماهيري. والأمن يستهدف أهل وقوى السودان السياسية والمدنية، في الوقت الذي ينسق ويخدم ملفات الإرهاب الأمريكية (ويعتز)بذلك!!. حسناًً دعونا نُهمل كل ذلك لنسأل ماذا عن حلايب؟. لم يُقدم المرشح البشير خلال عشرين سنة على فعل أي شئ تجاه حلايب لا حرباً ولا سلماً!!، وكذلك تجاه منطقة الفشقة على الحدود مع الجارة اثيوبيا. فهل بعد هذا يمكن الحديث عن (شهادة) من أجل الوطن؟. أم أن حلايب والفشقة ليست من مهددات بقاء المرشح البشير على رأس الدولة؟. صدقوني لن يكون المرشح البشير يوماً شهيداً من أجل الوطن. فمن يهمل حلايب والفشقة فلا شئ عنده هام بعدهما، إن لم يكن على استعداد لتقديم تنازلات أكثر وخصماً على وطنه لحماية بقائه على رأس الدولة ، أو حماية آخرين حاولوا اغتيال رئيس دولة مجاورة وكان الثمن هو السكوت على حلايب والفشقة تحديداً.
الواضح أن أمام البشير فرصة واحدة وأخيرة لتحري الشهادة وأن يكتب عند الله والشعب شهيداً. هي أن يسلم نفسه لمحكمة الجنايات ليتضرع له الشعب ويدعو له بالبراءة. لكن قبل ذلك عليه أن يعتذر وعلناً لكل شعب السودان وبالأخص لأهل دارفور والجنوب، ولكل من ظلم من الأمن أو الفصل التعسفي، أو قتل في دولارات ورثها ولم يسرقها ووجدت بخزنة منزله. ولعل الشعب من بعد ذلك ينسى له ما أتي بدارفور، وتجاهله لشعبه وسعي حكمته الدءوب على إذلال وتفقير وتجويع شعبه، بفرض الأتاوات، وجعل كل الخدمات الأساسية من علاج ودراسة بالمال. ولعل الشعب ينسى له ما نالت على يدي أركان حكومته دول الجوار من محاولات اغتيال فاشلة، وحروب بالوكالة
مرة أخرى تقف الحكومة عاجزة عن الدفاع عن نفسها تجاه (فضيحة سيادية) من الدرجة الأولى!!. فقد كشفت صحيفة فرانكفورتر روشاو الألمانية عن وجود (سجون سرية للسي آي أيه) بالسودان ضمن(66) دولة أخرى، وأوردت الخبر عدد من الصحف السودانية (الرأي العام ، الصحافة، أجراس الحرية 10 مارس الماضي) . فقد عجزت الحكومة السودانية عن الرد على ما أوردته الصحيفة الألمانية، بل إن الرد الذي أوردته
(صحيفة الرأي العام) على صدر خبرها الذي حمل عنوان " الشرطة تنفي وجود سجون سرية أمريكية داخل السودان" يفضح الحكومة السودانية أكثر ويؤكد ضلوعها بل وولوغها في بيع السيادة!!؟، إذ جاء بخبر الرأي العام أن (قوات الشرطة تنفي) وليس وزارة الداخلية أو وزيرها!، وجود سجون سرية أمريكية بالسودان. وأورد الخبر أسم د. محمد عبد المجيد الطيب (المتحدث بأسم الشرطة) وليس (الداخلية)!!؟. وليس هذا كل شئ بل رد د. محمد عبدالمجيد لا علاقة له بموضوع السجون السرية الأمريكية!!، وهذا غريب قبل أن يكون مدهشاً؟!!، فقد حمل خبر (الرأي العام) عنه قوله "... أن قوات –يونميد- والأمم المتحدة ليس لهما سجون في السودان. ووصف ما ورد بالصحيفة الألمانية بأنه عار من الصحة!!؟. لكن الصحيفة الالمانية لم تتحدث عن سجون لقوات (اليونميد) أو الأمم المتحدة!، بل عن سجون لمنظمة الاستخبارات الأمريكية السي آي أيه. والواضح من كل هذا أن الحكومة تخاف الفضيحة لكنها لا تتورع في بيع السيادة!!. فبعد فضيحة الغارات الاسرائيلية على الشرق التي فضح سماح الحكومة بها المبعوث الأمريكي غرايشن أمام الكونجرس والذي أفاد في معرض دفاعه عن الحكومة السودانية وتأكيد مدي تعاونها أنها وبحسب غرايشن "...و في سياق ردوده على أسئلة النواب في اللجنة الفرعية للكونجرس الأمريكي أثناء الإدلاء بشهادته، فقد سئل حينها عن مدى قناعاته في التغيير الذي طرأ على الحكومة السودانية؟ فأجاب بثقة الواثق فيما معناه (إنها تحولت من داعم للإرهاب إلى محارب له، بدليل تعاونهم في القضاء على إرهابيين كانوا يحملون شحنات أسلحة قادمة من إيران في طريقها إلى منظمة حماس في قطاع غزة" (راجع مقال فتحي الضو بعنوان: خالد مِشعل: صَهْ يا كنارُ فإن لحَنُك مُوجعٌ! –هنا وهناك بشبكة الانترنت). وإذا علمت أن الغارات كان أولها في 11 يناير وثانيها في 20 فبراير والثالثة وليست الأخيرة وقعت في 8 مايو العام 2009م، يتضح لك أن السيادة السودانية في عهد الإنقاذ والمؤتمر الوطني تباع ليس للسي آي أيه الأمريكية بل أيضاً لإسرائيل. أما حلايب والفشقة فقد باتتا علامات دامغة لبيع الإنقاذ والمؤتمر الوطني للسيادة. للدرجة التي اقترن ذكرهما بحادثة محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، وأن ثمن سكوت دولتي الجوار إثيوبيا التي جرت بها وقائع المحاولة، ومصر التي استهدف رئيسها عن ملاحقة المتورطين فيها، ظل هو التنازل لهما عن حلايب والفشقة. حتى مفوضية الانتخابات أعلنت إجراء الانتخابات بدائرة حلايب، ولكن ليس في حلايب ذاتها، حيث ترفض مصر اعتبار حلايب سودانية. وظلت الحكومة صامتة صمتاً يؤكد أن السيادة السودانية بحلايب والفشقة أصبح هي ثمن لإسكات الدولتين عن المطلوبين في محاولة اغتيال الرئيس المصري. وفضائح الإنقاذ السيادية لا تقف عند هذا الحد بل لها عمق وتاريخ تجاوز عامه العاشر الآن!!، فقصة (الشراكة الاستخباراتية) التي أقامها جهاز الأمن السوداني مع السي آي أيه تعود للعام 2001م، ويؤرخ لها بأحداث 11 سبتمبر الشهيرة، التي أفزعت الإنقاذ وهددت عرشها وخشيت من ضربة أمريكية باتت قريبة خاصة بعد ما حدث بأفغانستان، وفيما بعد العراق. وتلك قصة روتها بتفاصيل صحيفة (الشرق الأوسط: السبـت 21 ربيـع الأول 1426 هـ 30 ابريل 2005 العدد 9650- في تقرير لكين سيلفرستون) حمل عنوان : (مسؤولون أميركيون وسودانيون: الخرطوم وواشنطن أصبحتا حليفتين في الحرب ضد الإرهاب وتعقدان اجتماعات استخبارية سرية). حيث أوضح كين سيلفستر أنه كان لل(سي آي أيه) محطة سرية بالخرطوم في نوفمبر العام 2001م، وأن جهاز الأمن السوداني سمح وداخل السودان ب(...استجواب أعضاء في تنظيم «القاعدة» كانوا يقيمون في العاصمة السودانية، واجري التحقيق في منازل آمنة أعدها جهاز الأمن الوطني، الذي احضر المشتبه فيهم إلى ضباط «اف بي آي». من ضمن الأشخاص الذين حقق معهم كلونان محمد بايزيد و مبارك دوري). كما (..وسمح جهاز الأمن الوطني لمكتب المباحث الفيدرالي بالتحقيق مع مدير بنك الشمال)، وسلمت ملفات خاصة بالبنك للمحققين الأمريكيين!. كما (..أكدت مصادر سودانية وأميركية أن حكومة البشير سلمت إرهابيين مشتبها فيهم إلى أجهزة أمن دول عربية، بما في ذلك مصر والسعودية وليبيا... ومن بين هؤلاء الذين تم تسليمهم للسعودية شخص سوداني الجنسية اسمه ابو حفيظة وهو ناشط في «القاعدة» .. وقد حكمت عليه السلطات السعودية بالسجن لارتكابه «أفعالا إرهابية ضد منشآت حيوية في المملكة»). كما أوضح كين سيلفرستون بتقريره أنه (..وإلى جانب تعاونها منذ 11 سبتمبر، فإن أجهزة الأمن والاستخبارات السودانية سمحت بجمع معلومات عن الجماعات المتطرفة المشتبه فيها في دول لا تستطيع العناصر الأميركية العمل فيها بفاعلية... واعترف وزير خارجية السودان مصطفى عثمان اسماعيل، في مقابلة، أن جهاز الأمن الوطني كان آذان وعيون وكالة الاستخبارات المركزية في الصومال التي تعتبر ملاذا للمتطرفين الإسلاميين ) كما أوضح سيلفرستون أن مسئولا كبيرا في جهاز الأمن الوطني السوداني التقى (.. في واشنطن مع مركز مكافحة التجسس في وكالة الاستخبارات المركزية لمناقشة الوضع في العراق، طبقا لمصادر على علم بالمحادثات). كل هذا دفع قياديا أمريكيا بالسي آي أيه للصراخ (..«إنهم لم يبلغونا فحسب بهوية الأشرار، بل أحضروهم لنا. يا الهي، لا يمكننا إقناع الفرنسيين بعمل مشابه») بحسب سيلفرستون. الواضح من كل ما أورده كين سيلفرستون بالشرق الأوسط أن جذور قصة السجون السرية تعود إلى الخلفية التي تحكي قصة (الشراكة الاستخباراتية) بين جهاز الأمن الوطني السوداني والسي آي أيه الأمريكية ومنذ العام 2001م. لكن لماذا خجلت الحكومة ولم ترد بوضوح على المعلومات التي أوردتها الصحيفة الألمانية؟، في الوقت الذي يتباهي جهاز الأمن بعلاقاته مع وكالات الاستخبارات في أكثر من دولة كما جاء في تصريح شهير لصلاح قوش للزميلة درة قمبو بليبيا ونشر بصحيفة الأحداث. أما المدهش أمام كل هذه المعلومات هو أن كل التحركات الاحتجاجية بما فيها المسلحة التي أطرافها سودانيون يرفضون سياسات الحكومة تجاه إقليم ما أو إقامة مشروع سد أو تسيير مسيرة لتسليم مذكرة، تواجه بأنها تهديد للسيادة والدولة!. في حين أن العمالة والارتزاق والتنازل عن السيادة لدول أخرى يمسى (شراكة استخباراتية) بل ويتباهي به من هم خلفه!!!؟. والغريب أن (السيادة) لها حجية قانونية واسعة داخل السودان وفي مواجهة المعارضين، وخاصة في وجه الصحافة التي دائماً ما تواجه (بالبند الخامس) من (ميثاق الشرف الصحفي) إذا ما توجهت الصحافة بالنقد لمواقف وسياسيات وتوجهات الرئيس البشير، بل لا يعترف مجلس الصحافة ولا يقبل التعامل على صفحات (صحف) مع المواطن عمر حسن أحمد البشير (كمرشح)!!، ويحاجج بأنه ووفقاً للقانون يجب على الصحافة التعامل معه كرئيس فقط!!، وأن كونه مرشحاً يجري وفقاً لقانون آخر هو قانون الانتخابات ومجلس الصحافة غير معني بهذا القانون!!!!؟. كما أن نقد الرئيس أو المرشح عمر البشير يعتبر ووفقاً لمجلس الصحافة وميثاق الشرف الصحفي (إساءة) لرمز السيادة!!؟. لكن المؤلم أمام فضيحة السجون السرية أن السيادة لا يحميها (ميثاق شرف صحفي)!!.
المرشح البشير ... يترشح شهيداً!!. هل تقبلون؟!! ... بقلم: أبوذر علي الأمين ياسين
الأحد, 07 مارس 2010 20:00
لعله من الصعب على المرشح أن يخسر أمام منافسيه خاصة بعد عشرين عاماُ من احتكار الرئاسة. لكن الخسارة ستكون أكبر إذا خسر الانتخابات وخسر فرصة أن يستشهد في سبيل الله بعد أن فقد فرصة الاستشهاد من أجل الوطن. ويبدو أن المرشح الرئاسي عمر حسن البشير موعود بالخسارة على كافة الأصعدة إلا من فرص (محصورة) ، كما أن فرص الشهادة أمامه مما يُكره عليه المرء ولا يأتيه باختياره الحر. وهكذا وعد الله لعباده من ضيَّع وضَّيق على الناس حريتهم أورثه الله الضياع والضيق في حريته.
أمام حشد من شباب حزبه بأركويت الأربعاء الماضي بعد أن أعلن تحديه لمحكمة الجنايات الدولية وقدرته على مواجهة اتهامات الجنائية، ووصفها والقوى الغربية بالكاذبة "... سخر البشير من ترويج عدم قدرته على مغادرة البلاد وسعي بعض الجهات لاختطاف طائرته مقراً بأنه يأمل في اصطفائه شهيداً لأجل الدين والوطن" – الأحداث الخميس 4 مارس الماضي وقال البشير ".. نحن لا نخشاهم وسنستمر في السفر لأن الموت يمكن أن يكون بالحمى أو الملاريا أو حادث سير ولكن الموت السعيد أن نموت شهداء لنلتحق برفقائي الذين استشهدوا " بحسب ما أوردته صحيفة الحياة اللندنية بنفس التاريخ السابق. وأمام هذا التحدي (الجهير) للمرشح عمر البشير، نستغرب عجزه وهو (الرئيس) عن مقاومة وليس (تحدي) المبعوثين الدوليين الذين (يصرون) على عدم التعامل معه مباشرة ناهيك عن مقابلته مقابلة ترحيب عابرة داخل دولته وليس عبر مطارات العالم!!. فقرايشن برغم من أنه المبعوث الذي يتداول مع الحكومة في أخطر الملفات وأكثرها حساسية إلا أنه لم ولن يقابل البشير!!، فثمن ذلك أن يفقد صفته كمبعوث وربما تترتب على ذلك خسائر أفدح تطال حتى مستقبل قرايشن ليس السياسي فحسب بل على كافة مجالات النشاط وفرصه. وعليه فالعاجز عن التعاطي مع التحديات التي افرزها اتهام محكمة الجنايات الدولية (داخل بيته) وحدود سلطته، فإنه أعجز عن غيرها.
هناك الكثير من المدهشات في خطاب المرشح البشير الانتخابي!!، ولعله من المدهشات بين يدي الانتخابات أن يعرض المرشح نفسه ويسوقها (كشهيد)، فالذي يتحرى الشهادة ويجتهد في نيلها يخرج لها حيث هي أقرب منالاً ، بالتأكيد الانتخابات ليست مجال ولا سوق شهادة. بل الانتخابات سوق عرض يقبل عليه الناس إذا وجدوا فيه ما يرجون على مدي فترة الرئاسة القادمة والتي هي بضع سنين، ولن يرغب ناخب في انتخاب شهيد خلال هذه المدة المحدودة، أني كانت هذه الشهادة باختياره (الحر) أو (بإرغامه) عليها. خاصة وأن التحديات التي تواجه البلاد تحتاج قائداً ذو حكمة وعزم، قائد يشاور الناس ولا يفرض عليهم رؤيته، قائد يتحرى الحق والعدل، قائد غير نزاع لحرب قومه الذين انتخبوه، قائد لا يتعامل مع من اختاره وصوتوا له (كملف أمني) ولا يعاملهم وينظر لهم إلا وهم مهدد له. وكل ذلك يفتقده البشير وبجدارة. ولكن دعونا نقف قليلا أمام خطاب الاستشهاد الانتخابي هذا!!، كونه خطاب جديد يستحق عليه المرشح البشير حق (الملكية الفكرية)، كونه خطاب لم نسمع به لا في الأولين ولا الآخرين. فلم نسمع يوماً أحد أنبياء الله أو النبي محمد(ص) ولا أحد الخلفاء الراشدين قد قدم مرشح أو نصب قائد لأنه سيكون (شهيد)!. ولم نعرف في وعبر تاريخ الإنسانية لا في النظم (الديكتاتورية) أو الديمقراطية من تقدم أو قدم نفسه أو تم اختياره زعيماً أو لأي موقع على أساس أنه (شهيد). أما الطريف الذي لم ينتبه له المرشح البشير أن الانتخابات (شهادة) حيث يشهد الشعب على اختياره الحر (غير المزور)، ويلفظ إلى مزبلة التاريخ من هو غير أهل لاختياره (الحر). وذلك تحدي كبير أمام البشير الذي لم نعد نعرف أمرشح هو للرئاسة أم للشهادة؟، لكنا نرغب في معرفة معايير الشهادة التي رسمها لنفسه ومدى استيفائه لشروطها.
قال البشير في خطابة أمام شباب المؤتمر الوطني بأركويت "... بأنه يأمل في اصطفائه شهيداً لأجل الدين والوطن". حسناً لنقف على معايير الشهادة (لأجل الدين) ومدي استيفاء المرشح البشير لشروطها. ومرة أخرى نقف على معايير الشهادة لأجل الوطن ومدى استيفاء المرشح البشير لشروطها.
المعلوم من الدين بالضرورة أن الحرية أصل التدين قبل أن تكون أصل الحياة. وأن الله الذي خلق الإنسان أطلق له حرية أن يؤمن به أو يكفر. حرية للإنسان فيها ما اختار هو فقط وليكون وفقاً لتلك الحرية مسئولا عن اختياراته. بل من كان بلا حرية وبلا اختيار حر، رفع الله عنه القلم، فلا يسأل ولا يحاسب لأنه أرغم على ما أتى بغض النظر عن حسنه أو قبحه، حلاله أو حرامه. فلا دين بلا حرية. وعلى هذه القاعدة (الأصولية) يثبُت أن الذين يضيقون على الناس في حرياتهم (لن) يكون لهم حتى حق(الترشيح) لنيل الشهادة فمن كان بلا رصيد كيف له أن ينال الشهادة أو أن يكتب في زمرة الشهداء. والحرية أصل الحياة فقد (دخلت النار) امرأة في هرة حبستها ولم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض. والمرشح البشير أتى أكثر وأفظع من ذلك تجاه (شعبه) في دارفور وما يزال (متهماً) مطلوباً أمام محكمة الجنايات الدولية بسبب ذلك. وهذا معيار آخر يبعده بل يخرجه عن نطاق المرشحين لنيل الشهادة من أجل الدين. خاصة ونحن نعلم أن الإسلام يحرم قتل النفس، ومن قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعاً والمرشح البشير اعترف بقتل (10000) بدرافور. كما حبس ملايين آخرين بالمعسكرات وكأنه يستلهم خطة المرأة التي قتلت تلك الهرة.
ودينياً أيضاً قبلت حكومة المرشح البشير التعامل (بالربا) في القروض والتي أسس من بعض أموالها (السد الرد). والطريف هنا أن (علماء الدين) الذين يحرمون (حق تقرير المصير) أحلو الربا الذي عارضه المجلس الوطني بما في ذلك (علماني الحركة الشعبية)، لكن حجية العلماء أمضى من قرارات المجلس الوطني الممثل للشعب والرقيب على السلطة التنفيذية!!. ومن يحل الربا أو يتعامل وفقاً له ليس له أن يكون شهيداً (شهيداً) . لكن الأكثر طرافة أن (السد) لم ينشأ بنية تعمير الأرض وخدمة الناس. بل (للرد) على محكمة الجنايات الدولية!!؟. وهذه سياسة تنحصر وتدور وتتعلق (بشخص) تبنى له السدود و المشروعات (للرد) والدفاع الشخصي عنه وليس من أجل تعمير الدنيا وخير الناس الذي يحكمهم!!، ثم يريد أن يكون شهيداً ويسوق نفسه للناس وفق ذلك ليختاروه رئيساً!!!؟. وهذا بؤس شديد.
حسناً وماذا عن الشهادة من أجل الوطن؟!!. المرشح البشير وعلى مدى عشرين عاماً، لم يخض حرباً ضد أي دولة أو جهة خارجية معادية!!. وجيشه ظل يحارب السودانيين الجنوبيين، وحارب السودانيين في دارفور، وفي الشرق. حتى تشاد المجاورة والتي ظل طيرانها الحربي يغير على بلاده لم يخض ضدها حرباً!!. بل أكتفت القوات المسلحة بإصدار البيانات التي تُعلم الناس بالغارات المعادية وتتوعد بالرد ثم لا شئ. والشرطة تطلق النار على المتظاهرين في بورتسودان وكجبار، وتقمع كل تحرك أو احتجاج جماهيري. والأمن يستهدف أهل وقوى السودان السياسية والمدنية، في الوقت الذي ينسق ويخدم ملفات الإرهاب الأمريكية (ويعتز)بذلك!!. حسناًً دعونا نُهمل كل ذلك لنسأل ماذا عن حلايب؟. لم يُقدم المرشح البشير خلال عشرين سنة على فعل أي شئ تجاه حلايب لا حرباً ولا سلماً!!، وكذلك تجاه منطقة الفشقة على الحدود مع الجارة اثيوبيا. فهل بعد هذا يمكن الحديث عن (شهادة) من أجل الوطن؟. أم أن حلايب والفشقة ليست من مهددات بقاء المرشح البشير على رأس الدولة؟. صدقوني لن يكون المرشح البشير يوماً شهيداً من أجل الوطن. فمن يهمل حلايب والفشقة فلا شئ عنده هام بعدهما، إن لم يكن على استعداد لتقديم تنازلات أكثر وخصماً على وطنه لحماية بقائه على رأس الدولة ، أو حماية آخرين حاولوا اغتيال رئيس دولة مجاورة وكان الثمن هو السكوت على حلايب والفشقة تحديداً.
الواضح أن أمام البشير فرصة واحدة وأخيرة لتحري الشهادة وأن يكتب عند الله والشعب شهيداً. هي أن يسلم نفسه لمحكمة الجنايات ليتضرع له الشعب ويدعو له بالبراءة. لكن قبل ذلك عليه أن يعتذر وعلناً لكل شعب السودان وبالأخص لأهل دارفور والجنوب، ولكل من ظلم من الأمن أو الفصل التعسفي، أو قتل في دولارات ورثها ولم يسرقها ووجدت بخزنة منزله. ولعل الشعب من بعد ذلك ينسى له ما أتي بدارفور، وتجاهله لشعبه وسعي حكمته الدءوب على إذلال وتفقير وتجويع شعبه، بفرض الأتاوات، وجعل كل الخدمات الأساسية من علاج ودراسة بالمال. ولعل الشعب ينسى له ما نالت على يدي أركان حكومته دول الجوار من محاولات اغتيال فاشلة، وحروب بالوكالة