الهادي عبدالله
30-03-2010, 08:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بعض المسلمين يفسرون مبادئ وأحكام الإسلام على ظاهرها ويغفلون تماما جذورها الروحية ولا يأبهون بالبعد الروحي الذي تركز عليه نصوص الوحي:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
التصوف نهج إسلامي اهتم بالعمق الروحي وحافظ على روحانية أحكام وشعائر الإسلام في وجه نهج فقهي جفف تلك الروحانية. وحقق التصوف للناس طمأنينة وتربية روحية في ظل غلظة مسالك السلاطين الذين حاولوا تحويل الولاء للدين لولاء لسلطانهم بكل ما فيه من قهر وإكراه، لذلك صار للصوفيين على مر عصور الإسلام دور خاص وصلة قوية بالأفراد والمجتمعات واحتلوا ولاءا خاصا في نفوس الكثيرين واستطاعوا أن يحافظوا على التربية الإسلامية في مجتمعات أهل القبلة، وأن ينشروا الإسلام بالحسنى في المجتمعات غير المسلمة. هكذا ساهموا هم والعلماء والتجار والمهاجرون في نشر الإسلام سلميا في جنوب شرق آسيا وفي السودان وفي أفريقيا جنوب الصحراء.
كان للتصوف في السودان صفات خاصة أهمها:
خلوه من مدارس استشراقية كما في المشرق جعله سنيا دون طابع ظاهري. ومحبا لآل البيت دون تشيٌع.
ضعف الجانب العلمي النسبي في الإسلام في السودان وضعف المكتبة المرجعية ساهما في إفساح المجال لكثير من الاعتقادات والممارسات الشعبية.
احتلت الطرق الصوفية مكانة اجتماعية مكنتها من امتصاص العصبيات القبلية، ومن القيادة الدينية والاجتماعية، ومن دور الناصح للحكام في سبيل العدل والإصلاح. هكذا كان دور الشيخ فرح ود تكتوك، والشيخ حسن ود حسونة، والشيخ إدريس ود الأرباب وغيرهم.
للتصوف في السودان، بالإضافة للدور الروحي، والأخلاقي، والتربوي، دور عام دعوي في نشر الدين، وإصلاحي في إرشاد الناس ونصح الحكام.
الإسلام في السودان اليوم يواجه استقطابا حادا بين منسوبين له يتخذون نهجا علمانيا يطرد الإٍسلام من الشأن العام. ودعاة للإسلام تشدهم حماستهم لرؤية دينية تكفيرية. فالدعوة الإسلامية تحتاج لنهج وسطي منطلق من قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) ومقولة النبي (ص): «خَيْرَ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا».
والسودان يواجه تحديات مصيرية تنذر بانفصال جنوبه لدولة عدائية مجاورة. وتنذر بمزيد من التمزق في غربه وشرقه وشماله وتضعه تحت وصاية دولية.
الواجب الديني والوطني للقوم وسائر أهل التصوف في السودان اليوم هو العمل على اتحاد كلمتهم للتعاون في برنامج فحواه:
السعي لتوحيد أهل القبلة بالتي هي أحسن.
التعاون في برنامج إصلاح اجتماعي في بلاد عمّ فيها الفساد وتفككت فيها الأسرة وانهارت فيها الأخلاق.
الحوار مع غير المسلمين في البلاد من أجل التسامح والتعايش الديني.
تقديم النصح المخلص للحكام ولسائر العاملين بالسياسة.
ومع أن هذا النهج هو الواجب فقد شاء بعض أهل التصوف أن يحيدوا عنه وأن يجعلوا دورهم تأييدا للحزب الحاكم في البلاد.
قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه: "إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فهو قاطع طريق يقطع طريق الله للعباد".
الحزب الحاكم في السودان محتاج للناصحين لا للمؤيدين:
هذا الحزب طبق برنامجا قهريا دمويا في السودان. أعدم دون محاكمات عادلة، وأعدم مواطنين في غير حد شرعي، وطبق سياسات باسم الإسلام مجافية لمقاصده. فالزكاة التي طبقوها مخالفة من حيث الجمع والصرف للشرع، واتخذ سياسات هي التي أفرزت مطلب تقرير المصير في الجنوب، وهي التي توشك أن تجعل تقرير المصير أداة لتكوين دولة معادية على حدودنا الجنوبية، وهو الذي اتبع سياسات أدت لحريق دارفور وأدت لوجود دولي عسكري في دارفور ولإصدار أكثر من 20 قرار مجلس أمن تصف السودان بأنه خطر على السلام والأمن الدوليين.
فعلوا كل هذا باسم الإسلام فلطخوا اسم النهج الإسلامي وصارت تجربتهم مضرب المثل في العالم الإسلامي لما ينبغي تجنبه في مجال الدعوة للإسلام.
كان أولى بالحزب الحاكم أن يعترف بما ارتكب من أخطاء، وأن يبدي عزما أكيدا لتوبة نصوح ومسلك مغاير فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. ولكن هيهات. لا مراجعة ولا توبة بل عناد وإصرار على نفس النهج القديم. وها هو يشجع بعض علماء الظاهر أن يؤيدوه بمنطق أن من يعارضه مارق من الدين وأفسح في أجهزته الإعلامية لهؤلاء:
المجلس العلمي لأنصار السنة (جناح الشيخ أبو زيد) في 22/2/2010م قال: الانتخابات مفسدة. ومع ذلك يرى أن يصوتوا للمؤتمر الوطني. وقالوا: انتخاب امرأة أو مسيحي خروج عن ملة الإسلام.
وفي صحيفة الرأي العام أعلنت جماعة سمت نفسها أنصار الكتاب والسنة بتاريخ 19/2/2010م أن التداول السلمي للسلطة بدعة ذميمة. وأن الانتقال الوحيد المشروع للسلطة هو كما انتقلت من أبي بكر رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه. وأن رئيس المؤتمر الوطني هو ولي أمر المسلمين حتى إذا سقط في الانتخابات والجهاد ضد هذا واجب.
وتواترت على البلاد فتاوى كثيرة من هؤلاء التكفيريين. وهم يعتقدون أن علة القتال في الإسلام هي الكفر. لذلك يستبيحون دماء من يكفرونهم.
هذه خلايا فتنة في ظروف السودان الراهنة سوف تغرق البلاد في مزيد من الدماء. المسلمون حقا مطالبون بشجب هذا النهج لا المزايدة معه في تأييد أصحاب السلطان.
رئيس المؤتمر الوطني يواجه محنة توشك أن تشل حركته الدولية:
مشكلته أصلا مع مجلس الأمن الذي أصدر القرار 1593 وأحال جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية. والمحكمة أصدرت أمرا باستدعائه وهو أمر لن يزيله تقادم ولا حصانة مهما كان حظه في الانتخابات.
هنالك 110 دولة في العالم هم أعضاء ملتزمون بالمحكمة الجنائية الدولية وواجبهم الالتزام بأوامرها.
لم يعد قادرا على حضور كثير من الأنشطة الدولية مثلا – المؤتمر الإسلامي في تركيا، ومؤتمر البيئة في كوبنهاجن- وغيرها.
لم يعد السودان قادرا على التعاون التنموي مع الاتحاد الأوربي بموجب اتفاقية كوتنو وللسودان فيها مصلحة تبلغ مليار ونصف دولار حتى الآن.
نحن نؤمن بعدم تسليم رأس الدولة السوداني كما نؤمن بعدم جدوى إغفال العدالة وأمر المحكمة. وقدمنا معادلة توفق بين الأمرين يمكن أن يقبلها مجلس الأمن وتحقق العدالة في وفاق مع الاستقرار وتلتزم المحكمة الجنائية الدولية بما يقرر مجلس الأمن.
إن التعامل مع العدالة الدولية بالعناد والإنفراد لا يجدي كما اكتشف شارلس تيلور في ليبريا، وسلوفودان ميلوسوفتش في صربيا، وكما اكتشفت ليبيا في أمر لوكربي.
ولا قياس مع إسرائيل فهي مجرمة حقا، ولكنها تحظى مؤقتا بحماية أمريكية في نظام دولي غير عادل. ولكننا جزء منه. نعمل لإصلاحه: نعم، ولكن لا يمكن أن نلغي وجوده. كما لا قياس مع موقف إيران فإيران لم تخرق قانونا دوليا لأنها ملتزمة باتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية. وخصومها يريدون حرمانها من المعرفة التكنولوجية.
وهذا غير مشروع بنص الاتفاقية إذن نحن أهل السودان يمكن أن نحمي رأس الدولة ويجب أن نحمي السودان مما يقع على الدولة السودانية من ناحيته.
هذه هي مداخل النصيحة لمن شاء أن يحكّم ضميره الديني والوطني.
وهل أفسد الدين إلا الطغاة وأحبار سوء ورهبانها
فباعوا النفوس ولم يربحوا ولم يغل في البيع أثمانها؟
أكتب هذا لكم بموجب ما يجمعنا من إخاء ديني ووطني (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) وأرجو أن نتضامن في كلمة الحق حتى لا يدركنا وعيده: (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ). بل نرجو أن يعمنا وعده: (وَلَقدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).
بعض المسلمين يفسرون مبادئ وأحكام الإسلام على ظاهرها ويغفلون تماما جذورها الروحية ولا يأبهون بالبعد الروحي الذي تركز عليه نصوص الوحي:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
التصوف نهج إسلامي اهتم بالعمق الروحي وحافظ على روحانية أحكام وشعائر الإسلام في وجه نهج فقهي جفف تلك الروحانية. وحقق التصوف للناس طمأنينة وتربية روحية في ظل غلظة مسالك السلاطين الذين حاولوا تحويل الولاء للدين لولاء لسلطانهم بكل ما فيه من قهر وإكراه، لذلك صار للصوفيين على مر عصور الإسلام دور خاص وصلة قوية بالأفراد والمجتمعات واحتلوا ولاءا خاصا في نفوس الكثيرين واستطاعوا أن يحافظوا على التربية الإسلامية في مجتمعات أهل القبلة، وأن ينشروا الإسلام بالحسنى في المجتمعات غير المسلمة. هكذا ساهموا هم والعلماء والتجار والمهاجرون في نشر الإسلام سلميا في جنوب شرق آسيا وفي السودان وفي أفريقيا جنوب الصحراء.
كان للتصوف في السودان صفات خاصة أهمها:
خلوه من مدارس استشراقية كما في المشرق جعله سنيا دون طابع ظاهري. ومحبا لآل البيت دون تشيٌع.
ضعف الجانب العلمي النسبي في الإسلام في السودان وضعف المكتبة المرجعية ساهما في إفساح المجال لكثير من الاعتقادات والممارسات الشعبية.
احتلت الطرق الصوفية مكانة اجتماعية مكنتها من امتصاص العصبيات القبلية، ومن القيادة الدينية والاجتماعية، ومن دور الناصح للحكام في سبيل العدل والإصلاح. هكذا كان دور الشيخ فرح ود تكتوك، والشيخ حسن ود حسونة، والشيخ إدريس ود الأرباب وغيرهم.
للتصوف في السودان، بالإضافة للدور الروحي، والأخلاقي، والتربوي، دور عام دعوي في نشر الدين، وإصلاحي في إرشاد الناس ونصح الحكام.
الإسلام في السودان اليوم يواجه استقطابا حادا بين منسوبين له يتخذون نهجا علمانيا يطرد الإٍسلام من الشأن العام. ودعاة للإسلام تشدهم حماستهم لرؤية دينية تكفيرية. فالدعوة الإسلامية تحتاج لنهج وسطي منطلق من قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) ومقولة النبي (ص): «خَيْرَ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا».
والسودان يواجه تحديات مصيرية تنذر بانفصال جنوبه لدولة عدائية مجاورة. وتنذر بمزيد من التمزق في غربه وشرقه وشماله وتضعه تحت وصاية دولية.
الواجب الديني والوطني للقوم وسائر أهل التصوف في السودان اليوم هو العمل على اتحاد كلمتهم للتعاون في برنامج فحواه:
السعي لتوحيد أهل القبلة بالتي هي أحسن.
التعاون في برنامج إصلاح اجتماعي في بلاد عمّ فيها الفساد وتفككت فيها الأسرة وانهارت فيها الأخلاق.
الحوار مع غير المسلمين في البلاد من أجل التسامح والتعايش الديني.
تقديم النصح المخلص للحكام ولسائر العاملين بالسياسة.
ومع أن هذا النهج هو الواجب فقد شاء بعض أهل التصوف أن يحيدوا عنه وأن يجعلوا دورهم تأييدا للحزب الحاكم في البلاد.
قال سعيد بن المسيب رضي الله عنه: "إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فهو قاطع طريق يقطع طريق الله للعباد".
الحزب الحاكم في السودان محتاج للناصحين لا للمؤيدين:
هذا الحزب طبق برنامجا قهريا دمويا في السودان. أعدم دون محاكمات عادلة، وأعدم مواطنين في غير حد شرعي، وطبق سياسات باسم الإسلام مجافية لمقاصده. فالزكاة التي طبقوها مخالفة من حيث الجمع والصرف للشرع، واتخذ سياسات هي التي أفرزت مطلب تقرير المصير في الجنوب، وهي التي توشك أن تجعل تقرير المصير أداة لتكوين دولة معادية على حدودنا الجنوبية، وهو الذي اتبع سياسات أدت لحريق دارفور وأدت لوجود دولي عسكري في دارفور ولإصدار أكثر من 20 قرار مجلس أمن تصف السودان بأنه خطر على السلام والأمن الدوليين.
فعلوا كل هذا باسم الإسلام فلطخوا اسم النهج الإسلامي وصارت تجربتهم مضرب المثل في العالم الإسلامي لما ينبغي تجنبه في مجال الدعوة للإسلام.
كان أولى بالحزب الحاكم أن يعترف بما ارتكب من أخطاء، وأن يبدي عزما أكيدا لتوبة نصوح ومسلك مغاير فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. ولكن هيهات. لا مراجعة ولا توبة بل عناد وإصرار على نفس النهج القديم. وها هو يشجع بعض علماء الظاهر أن يؤيدوه بمنطق أن من يعارضه مارق من الدين وأفسح في أجهزته الإعلامية لهؤلاء:
المجلس العلمي لأنصار السنة (جناح الشيخ أبو زيد) في 22/2/2010م قال: الانتخابات مفسدة. ومع ذلك يرى أن يصوتوا للمؤتمر الوطني. وقالوا: انتخاب امرأة أو مسيحي خروج عن ملة الإسلام.
وفي صحيفة الرأي العام أعلنت جماعة سمت نفسها أنصار الكتاب والسنة بتاريخ 19/2/2010م أن التداول السلمي للسلطة بدعة ذميمة. وأن الانتقال الوحيد المشروع للسلطة هو كما انتقلت من أبي بكر رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه. وأن رئيس المؤتمر الوطني هو ولي أمر المسلمين حتى إذا سقط في الانتخابات والجهاد ضد هذا واجب.
وتواترت على البلاد فتاوى كثيرة من هؤلاء التكفيريين. وهم يعتقدون أن علة القتال في الإسلام هي الكفر. لذلك يستبيحون دماء من يكفرونهم.
هذه خلايا فتنة في ظروف السودان الراهنة سوف تغرق البلاد في مزيد من الدماء. المسلمون حقا مطالبون بشجب هذا النهج لا المزايدة معه في تأييد أصحاب السلطان.
رئيس المؤتمر الوطني يواجه محنة توشك أن تشل حركته الدولية:
مشكلته أصلا مع مجلس الأمن الذي أصدر القرار 1593 وأحال جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية. والمحكمة أصدرت أمرا باستدعائه وهو أمر لن يزيله تقادم ولا حصانة مهما كان حظه في الانتخابات.
هنالك 110 دولة في العالم هم أعضاء ملتزمون بالمحكمة الجنائية الدولية وواجبهم الالتزام بأوامرها.
لم يعد قادرا على حضور كثير من الأنشطة الدولية مثلا – المؤتمر الإسلامي في تركيا، ومؤتمر البيئة في كوبنهاجن- وغيرها.
لم يعد السودان قادرا على التعاون التنموي مع الاتحاد الأوربي بموجب اتفاقية كوتنو وللسودان فيها مصلحة تبلغ مليار ونصف دولار حتى الآن.
نحن نؤمن بعدم تسليم رأس الدولة السوداني كما نؤمن بعدم جدوى إغفال العدالة وأمر المحكمة. وقدمنا معادلة توفق بين الأمرين يمكن أن يقبلها مجلس الأمن وتحقق العدالة في وفاق مع الاستقرار وتلتزم المحكمة الجنائية الدولية بما يقرر مجلس الأمن.
إن التعامل مع العدالة الدولية بالعناد والإنفراد لا يجدي كما اكتشف شارلس تيلور في ليبريا، وسلوفودان ميلوسوفتش في صربيا، وكما اكتشفت ليبيا في أمر لوكربي.
ولا قياس مع إسرائيل فهي مجرمة حقا، ولكنها تحظى مؤقتا بحماية أمريكية في نظام دولي غير عادل. ولكننا جزء منه. نعمل لإصلاحه: نعم، ولكن لا يمكن أن نلغي وجوده. كما لا قياس مع موقف إيران فإيران لم تخرق قانونا دوليا لأنها ملتزمة باتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية. وخصومها يريدون حرمانها من المعرفة التكنولوجية.
وهذا غير مشروع بنص الاتفاقية إذن نحن أهل السودان يمكن أن نحمي رأس الدولة ويجب أن نحمي السودان مما يقع على الدولة السودانية من ناحيته.
هذه هي مداخل النصيحة لمن شاء أن يحكّم ضميره الديني والوطني.
وهل أفسد الدين إلا الطغاة وأحبار سوء ورهبانها
فباعوا النفوس ولم يربحوا ولم يغل في البيع أثمانها؟
أكتب هذا لكم بموجب ما يجمعنا من إخاء ديني ووطني (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) وأرجو أن نتضامن في كلمة الحق حتى لا يدركنا وعيده: (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ). بل نرجو أن يعمنا وعده: (وَلَقدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).