محمد عبد الله عبدالقادر
09-12-2009, 04:59 AM
الى جنات الخلد يا عمر
دائماً ما كنت ارددها خاصاً به أخي وعزيزي فقيد الشباب عمر عبد الله محجوب ( إنشاء الله يوم شكرك ما يجي) ولكن إرادة الله كانت فوق كل شي ونحمد الله على قضائه.
ألم به ذلك المرض الخبيث ( عافاكم الله وحفظكم) وهو في أوج ريعان شبابه يحلم بتربية بنتيه الصغيرتين ( مدينه و ابٍيّه) ورغم توقع الأطباء ذلك إلا انه عند وقوعه صُدم الكثيرين من هول الفجيعة وانتشر الخبر بسرعة البرق بين أحباءه واصدقائة ومعارفه وهم كثر متفرقين في جميع الاتجاهات داخل السودان وخارجه لما له من أيادي بيضاء ونقاء سيره وسريره.
لم تمالك نفسي وانهمرت الدموع من عيني وظل ابني الصغير ( عمر) ذو الأربع أعوام يسألني
- مالك يا بابا انتب تبكي ليه !؟
لم استطع إجابته حملت نفسي وهربت خارجاً من المنزل لا ادري أين اذهب كان اليوم خميس وكالعادة لا دوام اليوم ظللت أهيم في الطرقات حتى عدت ليلاً، والى الآن تمر علينا الكثير من اللحظات نحاول أن نكذب أنفسنا ولكن علينا الرضا بحكم الله سبحانه وتعالى.
اتصل علي الكثير من الأهل والأصدقاء الجميع يحسون أن المصيبة مصيبتهم والفقد فقدهم الجميع يعزي نفسة اولاً، صديقه مشتركة من أوربا علمت بالخبر واتصلت وهي تنوح، أصدقاء وزملاء الدراسة الكل غير مصدق إن ذلك النجم الساطع قد اختفي جسداً حيث تظل دائماً روحه معنا.
ونحن خريجو جدد من الجامعة نتلمس طريقاً لنا في الحياة، رغم وضع أسرته الاقتصادي الجيد إلا انه كان يشاركنا أحلامنا الصغيرة والكبيرة لم يبخل علينا بمشاركة الرأي والمال التفت إلى أحوجنا عملاً ووظفه ساعد الكثيرين في بداية أعمالهم سوا الخاص أو الوظيفي كان لنا المرجع بعد الله سبحانه وتعالى إذا ضاقت بنا السبل في إنجاز عمل أو ضائقة مالية.
لم يتذمر يوماً رغم إننا كنا في كثير من الأحيان نستحوذ على سيارته الخاصة لقضاء مصلحه شخصية لنا ونتركه بلا وسيله بالرغم من مشغولياته وكثرة تحركاته فكان يتركها لنا طوعاً ويتجه إلى تدبير وسيله له. لم يحدث أن رأى شخصاً محتاج إلى شي هو قادر عليه أو يستطيع بوساطته أن يفعلها له إلا قام بها طوعاً بكل طيب خاطر ولا ينتظر جزا أو شكر بل يعمل ما عمله ويتوارى بعيداً لا يحب الأضواء بالرغم من تتبع الأضواء له. كان نعم الصديق الصدوق لا فرق عنده بين غني وفقير ( كما هو سائر بين أولاد الأثرياء) يصادق الجميع ممن يصادوقنه بصدق لذاته ليس لماله وان كان لا يصد أولئك وإنما يعاملهم بالحسنى، كان نظيف القلب لا يحمل حقداً ولا غلاً لأحد من الناس متسامح في حقه ولا يسامح في حق غيره دائماً نجده حيث يطلب العون ولامساعده.
كان يحب أن يعامل من حوله أصدقائه كما يعاملونه ولكم سمعته قائلاً عن احد أصدقائه لمن حاول تقليل شان صديقه أمامه أو من خلفه ( فلان ده صاحبي كده ( ويشير باصبعيه) أنا وهو واحد تعاملو كانو أنا)
ساعد الكثيرين منهم في أعمالهم التجارية ويدين الكثيرين لله اولاً وله في الفضل لما وصلوا إليه في أعمالهم الخاصة.
تعاملت معه تجارياً مره واحدة فقد اتصل بي يسألني إن كنت أود العمل على استيراد دقيق على ما اذكر دفعت نصيبي وتوجهنا شرقاً إلى كسلا جئنا بالعربات المحمله وقام هو بتصريفها واحضر إلى محاسبه كشف بكل قرش استلمه وصرفه والمربح وكيفية توزيعه بيننا، فوجئت به يحول كامل المربح إلى حسابي تاجدلنا واصريت واصر هو بكل حزم وكانت أول وآخر مره.
كان باراً بوالدته ( رحمها الله ) وعند قدوم اكبر ابنتيه أصر على تسميتها باسم أمه وقد حاورته في ذلك حيث تمت ولاده ابنته الأولى هنا بالسعودية وكان معي ساعتها
- كيف تسمي البت باسم أمك – أمك على العين والرأس - لكن ده اسم ناس كبار بالله عليك ما توقف نصيب البت شوف ليك من الاسامي الجديدة يكون قريب من اسم امها عشان ما تتعقد.
فكان جوابه بنفس طريقته المعهوده بطريقه مهذبه ساخره ولكن حازمه:
- هوووي ياخ مالك انته, البت بتي والعاجبو عاجبو، والله امها زاته ما تقدر تقول حاجه.
اتيحت لي الكثير من الفرص بمرافقته كثيراً في سفره داخل السودان – وكان كثير الاسفار والتنقل – وعندما نتصل به نسأله اولاً
- اها انت وين يو اخوي مشرق ولا مغرب!؟
من كسلا و خشم القربه والقضارف القريه 40 المناقل كوستي ربك تندلتي الابيض سنار وكثير بين مدني والخرطوم. كان ينام على الارض مع عمال النظافه في الخلاء سعياً منه في متابعه أعماله يأكل معهم ما يأكلون ويشرب من مائهم ويمازحهم، كانوا يحترمونه كثيراً ويحبونه كثيراً جداً كان كلامه لديهم أوامر ينفذونه بكل طيب خاطر وسرعة واهتمام تقديراً له.
سمع منى ذات مره أن امرأة كبيرة السن تحتاج إلى عصا كتلك التي تستعمل للمعاقين أخذني في سيارته وعند اكبر صيدلية بالخرطوم طلب مني أن اختار لتلك السيدة النوع الذي يريحها، لم اعرف ماذا اختار اتصل بجواله الشخصي وطلب مني مكالمتها ومعرفه أي الأنواع تختار، و استلمت تلك السيدة ما جاد به عليها وما زالت كلما رايتها تدعو له.
ونحن طلبه بالجامعة رأي احد أصدقائنا انه بحاجه إلى نظارة طبية جديدة أخذني جانباً وأعطاني مالاً قائلاً
- امشي معاهو اعملوا ليها النضارة البختارها ولو القروش نقصت كلمني وقول ليهو دي أنحنا كلنا عملناها شيرنتق.
كان سباقاً لعمل الخير ولو فتحت باب لمثل هذه الاعمال فساحتاج إلى الكثير من الاوراق والكتب، يكفى انه كان يرتب معاشاً شهرياً لبعض الاسر المحتاجه يعطيها إياها دون مناً ولا أذى.
كان كريماً جدا إذا عمل له احدهم عملاً ورأى انه بحاجه إلى مساعده ينفحه فوق حقه إضعاف، كان يقف مع الجميع عند ضيقهم وأحزانهم وأفراحهم بجهده وسيارته وماله لا يتحرج في القيام بأدنى العمل للمساعدة.
حتماً سأعود أخي العزيز ( عمر ) فهناك الكثير الكثير
محمد عبد الله
جدة
نوفمبر2009 م
دائماً ما كنت ارددها خاصاً به أخي وعزيزي فقيد الشباب عمر عبد الله محجوب ( إنشاء الله يوم شكرك ما يجي) ولكن إرادة الله كانت فوق كل شي ونحمد الله على قضائه.
ألم به ذلك المرض الخبيث ( عافاكم الله وحفظكم) وهو في أوج ريعان شبابه يحلم بتربية بنتيه الصغيرتين ( مدينه و ابٍيّه) ورغم توقع الأطباء ذلك إلا انه عند وقوعه صُدم الكثيرين من هول الفجيعة وانتشر الخبر بسرعة البرق بين أحباءه واصدقائة ومعارفه وهم كثر متفرقين في جميع الاتجاهات داخل السودان وخارجه لما له من أيادي بيضاء ونقاء سيره وسريره.
لم تمالك نفسي وانهمرت الدموع من عيني وظل ابني الصغير ( عمر) ذو الأربع أعوام يسألني
- مالك يا بابا انتب تبكي ليه !؟
لم استطع إجابته حملت نفسي وهربت خارجاً من المنزل لا ادري أين اذهب كان اليوم خميس وكالعادة لا دوام اليوم ظللت أهيم في الطرقات حتى عدت ليلاً، والى الآن تمر علينا الكثير من اللحظات نحاول أن نكذب أنفسنا ولكن علينا الرضا بحكم الله سبحانه وتعالى.
اتصل علي الكثير من الأهل والأصدقاء الجميع يحسون أن المصيبة مصيبتهم والفقد فقدهم الجميع يعزي نفسة اولاً، صديقه مشتركة من أوربا علمت بالخبر واتصلت وهي تنوح، أصدقاء وزملاء الدراسة الكل غير مصدق إن ذلك النجم الساطع قد اختفي جسداً حيث تظل دائماً روحه معنا.
ونحن خريجو جدد من الجامعة نتلمس طريقاً لنا في الحياة، رغم وضع أسرته الاقتصادي الجيد إلا انه كان يشاركنا أحلامنا الصغيرة والكبيرة لم يبخل علينا بمشاركة الرأي والمال التفت إلى أحوجنا عملاً ووظفه ساعد الكثيرين في بداية أعمالهم سوا الخاص أو الوظيفي كان لنا المرجع بعد الله سبحانه وتعالى إذا ضاقت بنا السبل في إنجاز عمل أو ضائقة مالية.
لم يتذمر يوماً رغم إننا كنا في كثير من الأحيان نستحوذ على سيارته الخاصة لقضاء مصلحه شخصية لنا ونتركه بلا وسيله بالرغم من مشغولياته وكثرة تحركاته فكان يتركها لنا طوعاً ويتجه إلى تدبير وسيله له. لم يحدث أن رأى شخصاً محتاج إلى شي هو قادر عليه أو يستطيع بوساطته أن يفعلها له إلا قام بها طوعاً بكل طيب خاطر ولا ينتظر جزا أو شكر بل يعمل ما عمله ويتوارى بعيداً لا يحب الأضواء بالرغم من تتبع الأضواء له. كان نعم الصديق الصدوق لا فرق عنده بين غني وفقير ( كما هو سائر بين أولاد الأثرياء) يصادق الجميع ممن يصادوقنه بصدق لذاته ليس لماله وان كان لا يصد أولئك وإنما يعاملهم بالحسنى، كان نظيف القلب لا يحمل حقداً ولا غلاً لأحد من الناس متسامح في حقه ولا يسامح في حق غيره دائماً نجده حيث يطلب العون ولامساعده.
كان يحب أن يعامل من حوله أصدقائه كما يعاملونه ولكم سمعته قائلاً عن احد أصدقائه لمن حاول تقليل شان صديقه أمامه أو من خلفه ( فلان ده صاحبي كده ( ويشير باصبعيه) أنا وهو واحد تعاملو كانو أنا)
ساعد الكثيرين منهم في أعمالهم التجارية ويدين الكثيرين لله اولاً وله في الفضل لما وصلوا إليه في أعمالهم الخاصة.
تعاملت معه تجارياً مره واحدة فقد اتصل بي يسألني إن كنت أود العمل على استيراد دقيق على ما اذكر دفعت نصيبي وتوجهنا شرقاً إلى كسلا جئنا بالعربات المحمله وقام هو بتصريفها واحضر إلى محاسبه كشف بكل قرش استلمه وصرفه والمربح وكيفية توزيعه بيننا، فوجئت به يحول كامل المربح إلى حسابي تاجدلنا واصريت واصر هو بكل حزم وكانت أول وآخر مره.
كان باراً بوالدته ( رحمها الله ) وعند قدوم اكبر ابنتيه أصر على تسميتها باسم أمه وقد حاورته في ذلك حيث تمت ولاده ابنته الأولى هنا بالسعودية وكان معي ساعتها
- كيف تسمي البت باسم أمك – أمك على العين والرأس - لكن ده اسم ناس كبار بالله عليك ما توقف نصيب البت شوف ليك من الاسامي الجديدة يكون قريب من اسم امها عشان ما تتعقد.
فكان جوابه بنفس طريقته المعهوده بطريقه مهذبه ساخره ولكن حازمه:
- هوووي ياخ مالك انته, البت بتي والعاجبو عاجبو، والله امها زاته ما تقدر تقول حاجه.
اتيحت لي الكثير من الفرص بمرافقته كثيراً في سفره داخل السودان – وكان كثير الاسفار والتنقل – وعندما نتصل به نسأله اولاً
- اها انت وين يو اخوي مشرق ولا مغرب!؟
من كسلا و خشم القربه والقضارف القريه 40 المناقل كوستي ربك تندلتي الابيض سنار وكثير بين مدني والخرطوم. كان ينام على الارض مع عمال النظافه في الخلاء سعياً منه في متابعه أعماله يأكل معهم ما يأكلون ويشرب من مائهم ويمازحهم، كانوا يحترمونه كثيراً ويحبونه كثيراً جداً كان كلامه لديهم أوامر ينفذونه بكل طيب خاطر وسرعة واهتمام تقديراً له.
سمع منى ذات مره أن امرأة كبيرة السن تحتاج إلى عصا كتلك التي تستعمل للمعاقين أخذني في سيارته وعند اكبر صيدلية بالخرطوم طلب مني أن اختار لتلك السيدة النوع الذي يريحها، لم اعرف ماذا اختار اتصل بجواله الشخصي وطلب مني مكالمتها ومعرفه أي الأنواع تختار، و استلمت تلك السيدة ما جاد به عليها وما زالت كلما رايتها تدعو له.
ونحن طلبه بالجامعة رأي احد أصدقائنا انه بحاجه إلى نظارة طبية جديدة أخذني جانباً وأعطاني مالاً قائلاً
- امشي معاهو اعملوا ليها النضارة البختارها ولو القروش نقصت كلمني وقول ليهو دي أنحنا كلنا عملناها شيرنتق.
كان سباقاً لعمل الخير ولو فتحت باب لمثل هذه الاعمال فساحتاج إلى الكثير من الاوراق والكتب، يكفى انه كان يرتب معاشاً شهرياً لبعض الاسر المحتاجه يعطيها إياها دون مناً ولا أذى.
كان كريماً جدا إذا عمل له احدهم عملاً ورأى انه بحاجه إلى مساعده ينفحه فوق حقه إضعاف، كان يقف مع الجميع عند ضيقهم وأحزانهم وأفراحهم بجهده وسيارته وماله لا يتحرج في القيام بأدنى العمل للمساعدة.
حتماً سأعود أخي العزيز ( عمر ) فهناك الكثير الكثير
محمد عبد الله
جدة
نوفمبر2009 م