المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا والآخر... وحدة أو انفصال



النور محمد يوسف
23-11-2009, 10:58 PM
أنا والآخر... وحدة أو انفصال


أن أكون سودانيا فقد منَّ الله عليَّ بنصف الجهد الذي يفترض أن أبذله من أجل الملاءمة والعيش مع الآخر وتقبل الآخر.... فقد وفَّر الخالق لي الآخر لأتعايش معه وأتعلم منه واعلمه فتصفو لي الحياة هانئة هادئة استمتع فيها بجميع الخيرات المتاحة....وأن أكون قد تحصلت على تعليمي وفقا للمنهج السوداني بالمنظور السوداني أكون قد استوفيت معظم عوامل التعايش مع الآخر أو على اقل تقدير أصبحت النفس مهيأة للعيش معه والاستفادة من طرحه في إكمال الناقص في شخصي ومكوني الحياتي.....

والآخر عندي هو كل طارئ غير متوقع حدوثه أو وجوده أو أن وجوده محدود بفترة وجيزة أو محددة أو أن وجوده كان لمهمة مقرونة بزمن ما وبشخص أو أشخاص ما وله هدف محدد احتاجه في حياتي ومعاشي أو يحتاجه غيري ممن يتمتعون بنفس درجة المواطنة أو الإقامة المكفولة لي ويشاركونني نفس الواجبات والحقوق ونفس المصير ويتطلب وجود ذلك (الآخر) مقاسمة لي إما في معاشي أو في معاشه بكل مكوناته أو في ثقافتي أو ثقافته بكل مدلولاتها أو في الرأي بكل تشعيباته أو في بقائه أو بقائي محايدا بلا تداخل بيننا أو متداخلين سلبا أو إيجابا في شأن يخصنا. ....

فبهذا الفهم يشمل الآخر عندي العديد من العناصر والمكونات ...الحية والجامدة، المتحركة والثابتة ... المتغيرة وغير المتغيرة ...مثل المرأة، والزميل أو الزميلة ومثل المعتقد، الثقافة، الانتماء، الولاء، الثروة، العمر والوقت..فجميع ذلك يتطلب مني نوعا معينا من التعامل أسعى إلى التقيد به والتحلي بجميع مستلزماته فمن خلال هذا التعامل يمكن أن تقاس شخصية الفرد وسلوكه وتحديد مكانته بين المجتمع وتقاس كذلك حنكته وحكمته وسعادته وراحته أو شقاؤه.

من المفترض قبل الدخول في تشكيل الإطار الذي يتم من خلاله تحديد الآخر وهل هو آخر أم غير ذلك وقبل التعامل مع ذلك الآخر من المفترض فهم الوضع الذي يكون عليه الفرد بكل أحواله وظروفه ومؤثراته والمتاح له منها حتى يكون غير الآخر، واقصد بذلك الإطار الذي بين يديك تمتلكه اكتسابا أو هبة ودرجة تأثيرك فيه والمدى الذي يمكنك التحرك من خلاله، وفهم كل العوامل التي يتطلب توفرها لتسندك وتعضد منطقية وشرعية تحركك وتعاملك مما يجعل ذلك التحرك مقبولا ومتلائما نسبيا مع المتوقع قياسا من مواقف ومبادرات أو مقترحات أو مساهمات مع التسلح بجميع ما يلزم من ضروريات يمكن اكتسابها وتتطلبها فترة التعامل مع مراعاة طول ووقت تلك الفترة التي يجب أن تظل فيها تلك الضروريات ثابتة على حالها آنذاك أو القدر الذي يجب تطويرها إليه لمجابهة كل مستجد قد يحدث.

قد يكون ذلك الإطار مرحليا ولكن كان بالإمكان تجهيزه والإعداد له، وقد يكون إطارا دائما ولكنه يتطلب صيانة باستمرار. فعلينا التزام قدر وافر من المصادر المغذية الثابتة والراسخة والدائمة مع استصحاب متغيراتها وآلية تطويعها مع ضمان استمرارية تغذيته كشيء ملازم يجد عندنا باستمرار ما يمكنه ويمكنك من استيعاب كل آخر بالقدر الذي تحصل فيه الفائدة للطرفين

فابتداء بالمرأة ... فهي تمثل الأم والعمة والخالة والأخت وبنت العم وبنت الخال وبنت الأخ وبنت الأخت، من خلال إطار المكوِّن الاجتماعي والثقافي فهي تمثل الآخر الدائم والثابت بالنسبة للرجل، فدوره في إيجادها وتكوينها غائب هنا تماما، ولكن المرأة الزوجة هي الآخر المتغير بالنسبة له، فهي المتغير الطارئ منبثقا من الثابت وهكذا تمثل الآخر بكل أبعاده بالنسبة له ابتداءً من مرحلة معينة والى فترة معينة بعدها يصبح ذلك الآخر دائما وثابتا وجزءا لا يتجزأ منه وليس آخرَ، هذا إذا استطاع الشخص التعامل معها بإستراتيجية من خلالها تحكم تصرفاته وتضبط سلوكه.

تلك الإستراتيجية يجب أن تأخذ في الحسبان كل المكون الثقافي عنها من موروث ومكتسب مع إفراد المجال لاستيعاب ما يطرأ من مفاهيم ومعتقدات تدعيما لما يتطلب منه التصرف الفوري حيالها والتعايش معها بدون المساس بالثوابت التي على ضوئها بنيت كل الإستراتيجية في التعامل مع ذلك المتغير الخاص –المرأة- كزوجة ويجب أن تبنى الاستراتيجيات لمثل تلك المتغيرات على أسس يكون أهمها استبعاد الرفض منذ الوهلة الأولى وتثمين كل إمكانياته واحترام كل قدراته وتهيئة المناخ للاستفادة منها جميعا لخير المجتمع والعمل على بلورة الأطر التي يمكن من خلالها تفعيل ذلك ومحاربة كل القيود التي تضطهد وتحد من بروز قدراته حتى لا يصبح المجتمع مشلولا نصفيا ...لذلك يجب التحسب لذلك الآخر وحجز الحيز الكبير له في الحياة، فيجب أن تكون أولى الخطوات هي محاولة استيضاح جميع نقاط الالتقاء ومعرفة معظم نقاط الاختلاف والإلمام بها ومن ثم تحديد المنطقة الوسط ليتم التعايش بموجبها بدون إلغاء له أو حتى مجرد محاولة الإلغاء، حتى تتغلب معظم القناعات على الأخرى فتذوب أو تتلاشى أو تتواءم ...مع بعضها لمجابهة أي متغير غيرهما قد يطرأ عليهما سويا مما يستوجب المجابهة ، وأدق كلمة للتعبير في هذه المرحلة هو التفاعل ...تتفاعل تلك القناعات والمكونات والقدرات لنحصل في الآخر على مركَّب يجمع بين كلا الشخصيتين المتعايشتين ويجب أن يكون في ذلك إضافة ينشدها الطرفان تسهم في سلاسة الحياة وإتمام الملاءمة ، ويجب أن يعرف الطرفان بان هناك خصوصيات لكل منهما يجب احترامها ولو من غير كتابة ...لا يجوز المساس بها أو محاولة تذويبها مع الاتفاق الكامل بينهما على آلية يتم الرجوع إليها تلقائيا للفصل في أي تنازع قد ينشا عند محاولة تغلب طرف على الآخر إذا تم من غير إتباع المتفق عليه من طرق ومسارات...

من ضمن المتغيرات التي قد تطرأ على ذلك المتغير المرحلي ( المرأة كزوجة) وتجعل منه أخرَ بنوع جديد هو نفس ذلك الآخر فقط مستصحبا معه الأطفال وما تتطلبه تربيتهم وتنشئتهم من متغير تعايشهم مع وسطهم الذي يعيشون فيه. فهذا الآخر (المرأة ) بعد وجود (الأطفال) يصبح آخرَ متغيرا مركبا بالإضافة إلى شخصك بصفتك الجديدة والتي يجب عليك تقبلها والتأقلم معها في دواخلك... فهذا يوجب عليك استصحاب مفاهيم عديدة وقناعات مختلفة حتى تستطيع المواءمة والعيش مع جميع ذلك الآخر المتغير ...الآخر الجديد (الثلاثي) ... وهنا يحصل نوع من التنازل من بعض القناعات التي تعود عليها الفرد قبل مجيء هذا الآخر والآخر المركب فلا عدد ساعات النوم يكون كما كان ولا العلاقات الاجتماعية ستكون كما كانت وحتى الإحساس بالوقت سوف يتغير.... ويجب أن يستغل ذلك في سعادتهما وزيادة نكهة العيش الجديد وإضافة ايجابية جديدة للمجتمع وحركته ... فقد تتبدل أحيانا كثيرة حتى الواجبات الأسرية حسب توفير الممكن منها لزوم الأخر الجديد ...فالتزاماتك نحو الأخ سوف تتغير وكذلك نحو الأخت وتحل محلها التزامات جديدة بمجهود جديد وبمردود مختلف ...وهذا قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى ضمور في الإحساس بتلك العلاقات والروابط بالمفهوم القديم ولكنه يبقي على الحد المعقول الذي يرتضيه المجتمع إيجابا والذي يقره الدين، ومن هنا يبدأ التقييم الصحيح من الناس لشخصية الفرد قياسا على تلك المعايير التي برزت نتيجة لتعايشه بمتغيراته الثلاث مع المجتمع المُقيس، وتظهر بالتالي قناعة الشخص نحو دوره في الحياة نتيجة تعامله على ضوء تلك المتغيرات وتأرجح مكانته سلبا أوايجابا إلى حين درجة التوازن فعندها تكون الراحة النفسية والذهنية والتصالح مع الأشياء ومع الآخر، فالعاقل من اخذ بكل الأسباب وبكل المتغيرات وحاول توظيفها لتحسين درجة القياس المتحصل عليها إلى حين بلوغ تلك الدرجة المتعادلة والمحاولة باستمرار أن يبقى فيها أطول وقت ممكن بمكونه المركَّب.

وهذه القاعدة التي ذكرتها أعلاه يمكن أن تنطبق على كل آخر غير المرأة ، فالآخر قد يكون معتقدا أو عرقا وقد يكون ثقافة أو عادة أو تقليدا وقد يكون وضعا اقتصاديا أو سياسيا كما أن الآخر قد يكون صحة أو عافية وقد يكون مرضا أو كارثة وقد يكون جيلا أو أجيالا...فمبدأ الرفض لا يجوز خاصة إذا كان ليس من بين الخيارات خيار الرفض...

في وضعنا الحالي الذي حتم على كثير منا العيش بعيدا في مجتمعات أخرى الغالب فيها اختلاف المكونات في القناعات والتفكير وفي المسلَّمات والضروريات وكذلك الأولويات...يتوجب علينا التركيز على المنطقة الوسط في دواخلنا وتنميتها وتطويرها مع الأخذ في الاعتبار كما ذكرنا ضرورة تحديدها بدقة حتى لا يتم الخروج من إطارها بطريقة قد تمس واحدة من مسلمات الآخر ومن غير الإخلال بها أو بمسلماتها ...وذكرنا انه يجب أولا الاعتراف للآخر بوجوده وحقه في الوجود قبل أي خطوة ومن ثم معرفة الحدود التي بإمكانك التحرك فيها بموجب الموروث لديك من قناعات ومن ثم محاولة تطوير ذلك الموجود نحو استيعاب غير المتوافق من ذلك الآخر لتضيفه إلى قناعاتك ولو من باب العلم، ومحاولة إيجاد مكان لحركتك في المنطقة الوسطى التي سمحت بها ثقافتك وتكوينك ومن ثم يبدأ التعايش ...وذكرنا أن رفضك للآخر من الوهلة الأولى سوف يمنع عنك استكشاف جوانبه ويبدأ الصراع من اجل بقائه من ناحيته ومن أجل بقائك من ناحيتك أنت وتبدأ الخسارة من الطرفين فالنتيجة في الآخر هي وجوده أو فناؤه إذا كان مبدأ التعايش مرفوضا... فوعيك وتهيئتك لتقبل الآخر تمنع حدوث أي صراع معه...خاصة وأن مثل هذه المعارك سوف تستخدم بآخر ما وصلت إليه تقنية تصنيع السلاح...لان المعركة هنا سيدها مبدأ أكون أو تكون ...سوف نأخذ على ذلك أمثلة مختلفة للتوضيح من خلال السرد التالي:

صديقي الدكتور بونو جون، من زائير، كان هو المحطة الأولى بالنسبة لي لاكتشف ما معنى الآخر ، فقد كان بونو يمثل ثقافة تختلف عن ثقافتي سواء السودانية أو العربية، أو الدينية... رأيت من خلال عيونه كيف أن الأشياء لها مدلولها ...كل حسب ما يراه لا بالعيون ولكن من منطلق الموروث فيه من ثقافة وقناعات... من خلال عيشي مع الدكتور بونو تساقطت عندي كثير من القناعات التي بنيتها معتمدا على ما اكتسبه بعيون مبصرة فيزيائيا وعلى بعض النصوص الدينية الظاهرية ... فتغيرت عندي معه مؤشرات ومدلولات الكثير من القيم وعلى سبيل المثال قيمة الجمال ... في الأشخاص وفي الطبيعة وفي السلوك وفي الأخلاق وفي كل الأشياء...فالثقافة تحكم المعايير وبالمعايير نحكم على الثقافة ... يرى بعيونه الجمال مجردا من كل إضافات ...يراه متكاملا بلا رتوش ... يرى في الشجرة متكاملة بجذورها مدفونة تحت الأرض وليس فقط على ما يراه من أوراق وغصون يرى فيها جمالا متناهي الإبداع ... يراه في المرأة إرثا أخلاقيا وقيما وكائنا مهما في الوجود ودورا لا يقوم به كائن غيرها فيراها كذلك بكل تلك المكونات مجردة من كل شعر أو مكياج فلا يهمه براعة الصانع للباروكة بقدر إعجابه بذوق الشخص وبراعته في الاختيار بل يكون شديد الإعجاب والوله بحبيبته وهي بلا شعر وبلا باروكة إلا من حلقات مثبتة على الأذنين ...

وصديقي الدكتور روجير الكندي (شديد بياض البشرة) حيرني في معاييره في الحكم على الأشياء فهو متزوج بجوليا (شديدة سواد البشرة) امرأة من جنوب أفريقيا...كيف أنهما سعيدان يقضيان كل أوقاتهما مبتسمين فرحين كأنما الجنة هنا في دارهما دون سواهما هانئين ... وكانت تدور بيننا كثير من النقاشات بعمق ... وأتذكر انه في مرة من المرات وقد امتد النقاش بيننا فترة طويلة حاول أن ينهيه بطريقة لا تغضب أي فريق ... قال لنتفق على أننا اتفقنا أن أبانا واحد وأمنا واحدة ، وأننا عاجزون عن معرفة ما يفيدنا مستقبلا... لذلك أرسل خالقنا إلينا الرسل لتعيننا بقصد توطيد علاقتنا بخالقنا, نعم متفقون ... وان خالقنا هو خالق واحد هو نفس الخالق الذي خلقني والذي خلقك... نعم هو كذلك هو نفسه الخالق لي ولك ... أنا أؤمن بذلك وأنت كذلك ....ثم قال : لك الحق في تسميته بما تشاء ولي الحق بتسميته ما أشاء فقط من اجل تحديد وجهة مسار احترامي له وتقديري له....نعم إذاً نحن متفقون على كل ذلك وعلى وحدانية الخالق...كما أننا متفقون على انك تحترمه وأنا كذلك احترمه ... نعم متفقون ... فقط نختلف في الطريقة التي نعبر فيها عن احترامنا له ...فأنت ومن خلال اطلاعي على قناعاتك ومعتقدك توجه هذا الاحترام إليه في ملكوته من خلال الصلوات وتنفيذ أوامر معينة فرضها عليك لتكون معه باستمرار ...وأنا كذلك لدي طريقتي التي أسعى من خلالها إلى أن أكون معه باستمرار ... أنت واثق من سلامة وصحة الطريق الذي تسلكه وصولا إليه ... وأنا كذلك واثق من أن الطريقة التي أتوصل بها إليه هي صحيحة مع اقتناعي بأنك تعتقد جازما أن طريقتي محرفة وأصابها الكثير من التحريف وهنا أقول لك هذا ليس ذنبي أنا ولكن ذنب من حرَّف... ومبدؤكم يمنع أخذ الآخرين بجريرة غيرهم ...أنا لا ألزمك بطريقتي وبالمثل لا يحق لك أن تلزمني بطريقتك للوصول إليه ... أكون مسرورا لو مشيت معي نفس الطريق ولكني لا أغضب إذا مشيت أنت على طريقتك وهذا يفترض أن يكون هو نفس شعورك معي...يمكنك أن تحترمني لأني هنا أقريت بما أقررت به أنت وكلانا يسير في طريق يرى انه صحيحا يوصلنا بخالقنا الواحد....فهذه مساحة للاتفاق بيننا يمكن أن نستغلها من اجل منفعتنا كلينا .... ثم إنني لا أتضرر من طريقتك واعرف تماما انك لا تتضرر من طريقتي ...ونقاط الاختلاف بيننا غير المكتسب التاريخي المرحلي في مرحلة ما ومن قبل أناس منا كانت لديهم نظرة خاطئة للأشياء، تكمن في أنكم كونتم من أنفسكم ممثلا للخالق مطلقا على مدى الدهور يعاقب من سار على غير طريقكم وهذا دور ليس مفروضا عليكم بل صنعتموه لأنفسكم ولم يكن لديكم تفويض من الخالق بذلك فصرتم سلطة تنفيذية وكان الأجدر بكم أن تكونوا سلطة إشرافية فقط تحدد وتوضح دون إلزام للغير (الدعوة) كما نفعل نحن نبين طريقتنا ولكننا لا نقاتل من لم يلتزمها ولا نجبره على إتباعها مع علمنا التام بأنه في نهاية الاعتقاد يحترم خالقي وهو نفس خالقك، فقط يعجز عن توصيل ذلك الاحترام ليعود إليه العائد منفعة وسعادة في حياته...أما إذا كان لا يؤمن إطلاقا بان خالقي هو نفس خالقك أو أن الخالق غير موجود ابتداءً فدوري هنا أن أتعامل معه على انه ينتمي لامي ولأبي ولجيلي وقد ينتمي لنفس عشيرتي أو قبيلتي أو لبلدي ...فمن المؤكد أن خالقي لم يخلقه عبثا فهو يعلم حاجتي لكل مواردي في هذا الوقت ولكنه خلقه ليكون معي فهل أنا من سعى لإيجاده ؟؟؟ بالطبع لا ...إذاً أنا لست مسئولا عن ذلك... فلا يجب أن أكون تنفيذيا واحدد بمعاييري أنا بقاءه أو فناءه في/من هذه الحياة ... ويواصل : أنا افترض في خالقي كل الحكمة والعلم والدهاء والقوة والغنى وأؤمن بأنه لا يحتاج إلى عبادتي تقوية له ولا إلى أموالي أوزعها على المساكين بسبب أنه عجز عن إعطائهم أو عن معيشتهم بل إن طلب مني ذلك فانه يقصد ترويضي وتعليمي العمل من اجل الغير لتستقيم حياتي مع غيري.....ويستقيم في النهاية المجتمع فنعيش جميعنا وفقا لنواميسه هو ...


تعلمت من معايشتي للآخر عدم الخوض في مثل هذه المواضيع إلا في نطاق محدود اعرف أن فيه متسع من الطرف الآخر لحياة الآخر ... وأحس بان هنالك رغبة في التعايش لا للإلغاء ....

ومن باب التنوير أورد هنا تلك المجالات التي نختلف فيها ولا يمانع في مناقشتها باستمرار ...فقد كانت هناك مساحات كبيرة للاختلاف يحاول هو توسيعها في كل مرة ليجد كل منا راحته في التعبير(ذلك منطقه نحو الآخر ..أعطه راحته وأطلق له العنان في التفكير والنقاش ...يجادل وحتما سوف يصل إلى الطريق الصحيح )...

واحدة من تلك الاختلافات أن احترامنا حسب رؤيته نوجهها للخالق الذي خلقنا كلنا مسلمين وغير مسلمين ... هو خالق واحد وهو يقول ذلك ... لكن ذلك الخالق حسب وجهة نظره هو ثلاثي الوجود فتوجيهه لذلك الاحترام يكون للواحد في ثلاثة ...الثالوث الله المسيح وروح القدس (جبريل) ... وهذا كلام ذكره ربنا سبحانه وتعالى بأنهم قالوا أن الله ثالث ثلاثة... فيقول روجير ذلك الاحترام إلى ثلاثتهم احترامنا كله لهم الثلاثة في الواحد وهو خالقنا وهو نفس خالقكم وليس هناك خالق لنا ولكم غيره...ويقول انه قوي وغني وعالم وبصير في واحديته الثلاثية تلك ووو...الخ ويردد باستمرار أنكم لستم الأوصياء ولا التنفيذيين لتقويم الأشياء إن كان هناك خطا في الاعتقاد، يجب أن تعلموا أن دور كل البشر هو التوضيح والإشراف تجاه أي تجاوزات ليتم تنبيه المتجاوز إليها وليس العقاب نيابة عن الخالق فكأننا بذلك قد حكمنا على خالقنا بالعجز وبالعوز وقفلنا بجهلنا بابا هو فتحه ...باب التوبة لكل المخلوقات ....

كان لزاما علي هنا أن أتعمق في دراسة المسيحية والإلمام بأدق التفاصيل عنها حتى أجد مزيدا من السعة لتقبله صديقا ورفيقا فرضت ظروف الحياة أن أعيش وأتعايش معه فكلانا مربوط بعقد عمل، فيه نفس الشروط والحقوق والواجبات ويعامل كل منا على ضوئه، فاقبلت على كتب ومحاضرات الشيخ الداعية احمد ديدات يرحمه الله فساعدني ذلك كثيرا في توضيح الكثير مما استشكل علي فهمه وازددت تعلقا بالاطلاع على أدق التفاصيل في بحور ديننا الحنيف فركزت جل وقتي على الفقه بأنواعه المختلفة وركزت أكثر ما ركزت على فقه السيرة لفهم الواقع ومتابعة الفتاوى التي تهتم بشأننا اليومي المعاصر ... وخلصت إلى أن الإسلام هذا دين واسع يسع الجميع ولا يحتم على الداخل فيه تغيير اسمه أو عادات أهله إن كانت لا تتعارض مع حكم مبني على نص صريح في الدين وان الغرض الأساسي لكل الدين هو الاستسلام لله، التعايش مع نواميس الله فلا نتعدى عليها سواء كان ذلك التعدي تعديا على فرد أو مجموعة أو جنس أو نوع أو صناعة أو مشروع صناعة... وصرت أكثر قناعة بأننا امة وسطا لنكون على الناس شهداء وصرت موقنا جدا بان الدين عند الله هو الإسلام وان الموت حق ولا يتبع الميت إلى قبره وفي قبره إلا العمل الصالح وان السؤال سيكون فرديا لا مجال أبدا فيه إلى التبريرات... أضلني فلان أو خذلني فلان أو اتبعت فلانا... وان في كل كبد رطب اجر فما بالك فيمن هو أخ لك من ادم ومن حواء وفي الإنسانية... وان الله خلق كل هذا الخلق ليس عبثا فلا يحق لي اختيار من سيبقى ومن سيغادر...وصرت أكثر اقتناعا بان الغرب يعيش الإسلام واقعا وعملا وسلوكا فقط تنقصه الشهادة ألا لا اله إلا الله محمد رسول الله مع قليل من الترميمات، ونحن ننطق الشهادة لكننا ودعنا الدين عملا وسلوكا ومجتمعا وان الحديث "الدين المعاملة" يجب أن يصبح شعار كل مسلم وكل دولة وأيقنت تماما أن الله يخلق ما لا نعلم ومازال يخلق فيجب علينا أن نكون أكثر انفتاحا مع المخلوق اليوم ومع كل ما سيخلقه ربنا غدا لنستقيم معه سلوكا وحياة، وأيقنت أن الأسرة في الإسلام شيء مقدس فلا نحاول لأتفه الأسباب تفكيكها أو تشتيت أفرادها وليت قومي يجتهدون أكثر في هذا المجال فلا يكون هناك أي مبرر لانفصال أو اختلال في الأسرة.

وأيقنت أن السودان بلد وهبه الله من الثروات والخير الكثير فيمكن لجميع أهله العيش فيه والكل يحترم سلوك الآخر وتقاليده ومعتقده وأننا نحن الآن أمام معضلة وامتحان عسير ... وحدة طوعية أو انفصال...والحياة جميلة وحلوة مع امثال صديقي الدكتور بونو جون ودكتور روجير هنا بالسودان.

أبو جودي
23-11-2009, 11:38 PM
أحي فيك أخي النور محمد يوسف إبداعك الفكري وكثيراً ما يجزبني وأتفحص ما فيه من كلمات بروية ،،،
فلك التحية أخي النور ولقلمك ،،، ونستفيد منك كثيراً

حاتم مرزوق
23-11-2009, 11:54 PM
أنا والآخر... وحدة أو انفصال

وأيقنت أن السودان بلد وهبه الله من الثروات والخير الكثير فيمكن لجميع أهله العيش فيه والكل يحترم سلوك الآخر وتقاليده ومعتقده وأننا نحن الآن أمام معضلة وامتحان عسير ... وحدة طوعية أو انفصال...والحياة جميلة وحلوة مع امثال صديقي الدكتور بونو جون ودكتور روجير هنا بالسودان.



الأخ الفاضل والأستاذ الأديب النور محمد يوسف

لك التحية

من هبات الله علينا كسودانيين، ان جعل بيننا محبة ورحمة وتآلف، وان هيأ لنا مُناخا ملائما نتعايش فيه، كقبائل وأعراق وديانات مختلفة في بلد وآحد وفي تناغم وانسجام وإلفة ولولا هذه التهيئة لما تعايشنا مع بعضنا البعض ولما صبرنا علي بعضنا البعض كل هذه السنين.

لذلك نقول، من غير المألوف ان ينفصل الجسد الواحد الي جسدين وبينه كل هذا الأمتداد والتواصل والأرتباط القديم.

والذين يسعون لتقسيم السودان وفصل جنوبه عن شماله لم يقرءوا التاريخ جيداً ولم يحسبوا حساباتهم علي أسس صحيحة، قد يكون إتخاذ قرار الأنفصال سهلاً ولكن لن تكون نتائج الأنفصال سهلة كما يتخيلون.

نظرية الثابت والمتغير هي التي يجب ان تحكم أُطر هذه العلاقة الأزلية بين الجنوب والشمال فالحكومات زائلة ومتغيرة والشعب ثابت فلا يجب ان يتغير الثابت علي اساس المتغير ولكن يجب ان يتغير المتغير علي اساس الثابت.

وبناءاً علي ذلك، الحكومتان (حكومة الشمال وحكومة الجنوب) لا تملكان حق تقسيم السودان وإن حشدتا الشعب لأتمام ذلك الأمر، فالشعب وحده هو الذي له الحق في إتخاذ هذا القرار المصيري دون تدخل الحكومات، بمعني ان الأنفصال لا يكون بتقسيم الأرض وحدها وانما بتخلي الشعب عن بعضه البعض من خلال تعايشه اليومي و انقطاع كل الصلات التي تربط بينه. في تقديري هذا مستحيل لأن الأرتباط بين الشماليين والجنوبيين قديم وقد توج هذا الأرتباط بزيجات كثيرة نتج عنها استقرار البعض في مكان الآخر، هذا بالأضافة للعلاقات والمصالح التجارية التي حتمت تواجد البعض في منطقة الآخر.

مما لا شك فيه ان للجنوبيون حقوق مثلما للشماليين وقد يسعي الشماليون لتنفيذ تلك الحقوق قبل الجنوبيين وقد يقف السياسيون اما تلك التطلعات ولكنها تظل باقية الي ان يسخر الله لها من يجعلها واقعاً.

السودان ملك للجميع فمن يتنازل عن هذا الأسم لغيره؟

أشرف صلاح السعيد
24-11-2009, 12:19 AM
استاذنا النور سلام..
الموضوع جد طويل ودسم وداير ليو وقت الواحد يقعد بمزااج يفليو ويهضمو..
مرور اولى فلم اقرأ الموضوع كله ولى عودة ..
ولك كل التحايا..

همسة: بمثل هذه المواضيع التى لا تتطلب الاختزال ارجو مدنا بها كأجزاء حتى لا نصاب بالتخمة مرة واحدة لما فيها من نشويات وبروتينات وفيتمينات وعناصر غنية بإلتهامها بمرة واحدة..بعدين الواحد يااخ مكنتو على قدرو جنس المواضيع دى بتفوت المكنة وبتصلبا يااخ..

النور محمد يوسف
24-11-2009, 03:35 AM
أحي فيك أخي النور محمد يوسف إبداعك الفكري وكثيراً ما يجزبني وأتفحص ما فيه من كلمات بروية ،،،
فلك التحية أخي النور ولقلمك ،،، ونستفيد منك كثيراً


ابوجودي لك التحية عابرا وقارئا ومتفحصا بروية ... تجذبني ايضا مداخلاتك التي استشف فيها عمقا في التفكير اتمنى ان احظى بمثله .... فلك التحية انت ايضا ونسال الله ان يتم نعمه علينا جميعنا ونحظى بعيش هانئ وسعيد في وطننا الواحد اخوة متحابين يكمل كل منا الاخر نحو نهضة حقيقية في كل المجالات ...

السودان محط انظار كل العالم لانتشال العالم من مصيبة الجوع ونحن ضاقت الرؤية امانا فلا نرى غير غير الفقر ... لان الدنيا صارت كل همنا

ومن كانت الدنيا كل همه جعل الله فقره في عينيه

افلا نتدبر هذا الحديث فننظر الى البعيد وبعيون كما هي عيون العالم نحونا

حقاً ان اخلاق الرجال تضيق

ليتنا ننظر بعيونك ابوجودي فنطمئن الى هذا الخير الوفير وهذا الاخر الجميل

أشرف صلاح السعيد
24-11-2009, 05:04 AM
اخى النور تحياتى..
"فذكر إنما أنت مذكر (21)لست عليهم بمصيطر(22) إلا من تولى وكفر (23)فيعذبه الله العذاب الأكبر (24)إن إلينا إيابهم(25) ثم إنا علينا حسابهم (26)" - سورة الغاشية..
هذه الستة آيات منهاج للتعامل مع الآخر إبتداءً ممن يتفق معنا عقيدة إلى من يكفر بما نؤمن به..
وهناك آيات أخرى بالقرآن تستحثنا بالقيام من مجلس يكفر فيه بالله إن أصر الآخر على عدم السكوت عن ذلك..
كثير من الخيارات متاحة للتعامل مع الآخر وإن استحالة جميعها فحينها علينا أن نتوقف عن المضى بتلك المساحات المتاحة والابتعاد عنها لا كما يفهم الكثيرون بأن الجهاد أساس فكرته إجبار غير المسلم على الإسلام..مفهوم الغزو بالإسلام هو إستعمال القوة عند عدم سماح الآخر غير المسلم بعدم السماح للدعاة من دخول مناطق جديدة خارج حدود الدولة الإسلامية لنشر الدعوة..فمن لا يسمح للدعاة الدخول تعرض عليه الجزية ومن امتنع عن الجزية ودخول الدعاة فحينها تدخل الجيوش لتأمين المساحة للدعوة فيمن رفض قادتهم الدخول سلما..
"لكم دينكم ولى دين"..هذا ما قاله الله على لسان نبيه وهذه آخر حدود المسلم مع الآخر..وإطلاق الحكم على الآخر قد يكون مفهوما لدينا كمسلمين ولكن ليس بالضرورة مفهوم للآخر الذى أصلا لم يؤمن بنبينا عليه افضل الصلاة والسلام وكل ما علينا أن نُذكر تحت شرط مهم وهو معرفتنا وتملكنا لكل أدوات المعرفة والدعوة بالإسلام فى الجزئية المختلف فيها مع الآخر..يمكننا تبليغ آية أو حديث ولكن ليس علينا إجبار الآخر بالإيمان بما بلغنا "إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"..
ما تناولته هو أقصى درجات الخلاف بينى وبين الآخر ..وإن كان هذا ما يجب أن ننتهجه مع الآخر الغريب دينا وثقافة ومكانا فما بال تعاملنا مع الآخر كان إمرأة أو جنوبيا تربطنا بهم كثير من السمات تزيل كل ملامح الغربة عنهم وعنا..
الوصاية داء خطير إنعكست سلبياته بمجتمعنا كان شماليا او جنوبيا ..مسلما كان ام مسيحيا ..الوصاية بزمن الإستعمار والوصاية ما بعد الاستعمار والوصاية بمؤتمر الطاولة المستديرة وبكل الطاولات وبكل تغيرات أشكالها..وإلى يومنا نعيش الوصاية من شريكين لم يتفقا إلا إستنادا على مبادئ الوصاية..
السودان بلد تتجانس فيه حتى المتغيرات إن أزيلت إسقاطات الوصاية وتكفير فكر الآخر وتحيده..
ونسأل الله أن يهدنا ويهديهم فهو الله الخالق صاحب الحق المتفرد بهداية عباده سواء أقروا به أم لم يقروا..

النور محمد يوسف
24-11-2009, 11:55 PM
الأخ الفاضل والأستاذ الأديب النور محمد يوسف

لك التحية

من هبات الله علينا كسودانيين، ان جعل بيننا محبة ورحمة وتآلف، وان هيأ لنا مُناخا ملائما نتعايش فيه، كقبائل وأعراق وديانات مختلفة في بلد وآحد وفي تناغم وانسجام وإلفة ولولا هذه التهيئة لما تعايشنا مع بعضنا البعض ولما صبرنا علي بعضنا البعض كل هذه السنين.

لذلك نقول، من غير المألوف ان ينفصل الجسد الواحد الي جسدين وبينه كل هذا الأمتداد والتواصل والأرتباط القديم.

والذين يسعون لتقسيم السودان وفصل جنوبه عن شماله لم يقرءوا التاريخ جيداً ولم يحسبوا حساباتهم علي أسس صحيحة، قد يكون إتخاذ قرار الأنفصال سهلاً ولكن لن تكون نتائج الأنفصال سهلة كما يتخيلون.

نظرية الثابت والمتغير هي التي يجب ان تحكم أُطر هذه العلاقة الأزلية بين الجنوب والشمال فالحكومات زائلة ومتغيرة والشعب ثابت فلا يجب ان يتغير الثابت علي اساس المتغير ولكن يجب ان يتغير المتغير علي اساس الثابت.

وبناءاً علي ذلك، الحكومتان (حكومة الشمال وحكومة الجنوب) لا تملكان حق تقسيم السودان وإن حشدتا الشعب لأتمام ذلك الأمر، فالشعب وحده هو الذي له الحق في إتخاذ هذا القرار المصيري دون تدخل الحكومات، بمعني ان الأنفصال لا يكون بتقسيم الأرض وحدها وانما بتخلي الشعب عن بعضه البعض من خلال تعايشه اليومي و انقطاع كل الصلات التي تربط بينه. في تقديري هذا مستحيل لأن الأرتباط بين الشماليين والجنوبيين قديم وقد توج هذا الأرتباط بزيجات كثيرة نتج عنها استقرار البعض في مكان الآخر، هذا بالأضافة للعلاقات والمصالح التجارية التي حتمت تواجد البعض في منطقة الآخر.

مما لا شك فيه ان للجنوبيون حقوق مثلما للشماليين وقد يسعي الشماليون لتنفيذ تلك الحقوق قبل الجنوبيين وقد يقف السياسيون اما تلك التطلعات ولكنها تظل باقية الي ان يسخر الله لها من يجعلها واقعاً.

السودان ملك للجميع فمن يتنازل عن هذا الأسم لغيره؟




الاخ حاتم مرزوق أيها العميق فكرا والمتبحر علما

نعم هذا ما نقصده بالتحديد ولو تلاحظ في كثير من الاراء التي اطرحها احاول ان الفت انتباه اخوتي جميعهم بان يتمسكوا بحقوقهم ولا يسلبها منهم احد باي شكل من الاشكال

فلا احد في وقتنا الراهن يملك الحق في تحديد مصير هذا البلد النعمة الوفيرة

لا شمال ولا جنوب له الحق في تحديد مصير هذا السودان الحبيب

فلو كان هنالك قرار كما ذكرنا ونذكر دائما فيجب ان يكون نابعا من برلمان يمثل كل الوطن ويتم اختياره بطريقة نزيهة وشاملة بلا استثناء لمنطقة دون الاخرى

من اعطى الجنوبي الحق في ان يختار ولا اختار

هنا تبدو القسمة ضيزى

ولا يقبل بها عاقل

فقانونا نرفض مبدا هذا القرار واجتماعيا نرفض ذلك

فنحن والاخر احلى ما نكون لو تركوا لنا الخيار وحرية العيش سويا

شكرا اخي حاتم على هذه الاضافة وعلى هذا البعد العميق

الأسمر
26-11-2009, 02:19 PM
أن رفضك للآخر من الوهلة الأولى سوف يمنع عنك استكشاف جوانبه ويبدأ الصراع من اجل بقائه من ناحيته ومن أجل بقائك من ناحيتك أنت وتبدأ الخسارة من الطرفين فالنتيجة في الآخر هي وجوده أو فناؤه إذا كان مبدأ التعايش مرفوضا...


سلمت وسلم قلمك المتميز يا أستاذ .

العاقب مصباح
30-11-2009, 11:33 PM
أستاذى العزيز النور محمدج يوسف

كل عام وأنت بألف خير

جعل الله عيدك وأعيادك فى فرح مستمر

وأطال الله عمرك

وحقق جميع أمنياتك


لدى مشاركة سابقة بعنوان ديوان المسيركاوى آثرت جلبها إلى هنا فتقبلها منى :-


دكان المسيركاوى
المسيركاوى ولد فى أبيى من أب مسيرى وأم دينكاوية وقد فتح الله عليه فى الرزق وعمل دكانا كبيرا فى ظل احد الاشجار الكبيرة ... كان يعمل فى الدكان شخصين احدهم من أقاربه بأبيه والثانى من أقاربه بأمه... وكان للدكان بابين كل شخص يطل من باب ... وقد كان هو الدكان الوحيد فى القرية ...
كان الناس يأتون للدكان وللظل لما فيه من إنس وضحك وأفراح وكانوا ييشترون منه بالدين فى احيان كثيرة وكان المسيركاوى قد أمر بائعيه بأن يتساهلون فى البيع وأن يخدمون الناس ويساعدون المحتاج ويفكون كرب من أتاهم محتاجا...
وكانت تتوسط تلك الشجرة التى يوجد فيها دكان المسيركاوى مزيرة كبيرة بها ماء باردا يحلوا للجالسين والمشترين سواء الشرب منها...
بتحريض من أهل الزوح بأبيه قام البائع المسيرى بمنع من يشترون من العامل الدينكاوى من الشرب فى الماء ... وفى نفس الوقت قام اهل الدينكاوى بتحريضه على منع من يشترون من المسيراوى من الشرب ايضا من المزيرة...
قامت بسبب ذلك المنع بعض المناوشات والاحقاد ... مع انهم يتناولون وجباتهم سويا ... ويضحكون سويا إلأ ان الاهل لم يتركوهم فى حالهم ... وتحولت صداقتهم واخوتهم الى عداء كبير... واصبح المسيرى احيانا يأخذ ترابا فيرميه فى المزيرة.. على غفلة من الدينكاوى والدينكاوى يفعل نفس الافاعيل فى غفلة من المسيراوى..
بسببها تجمع الاهل كل فى جانب إبن قبيلته وكل منهم يبحث عن طريقة للإستيلاء على المزيرة محل النزاع... وشهدت حربا بين الأهل كل منهم يحمل سيفا وحربة وهو يقف على بعد امتار من المزيرة...توقفت على أثرها عمليات البيع فى دكان المسيركاوى... وأصبح الناس مشتغلون بالحرب بسبب المزيرة...والدينكاوى قد جلب معه ابريقا من الماء يشرب به فى داخل الدكان ... والمسيراوى ايضا جلب من الماء ما يحتاجه... واصبحوا لا يحتاجون للمزيرة للشرب ... استمر الحال على وضعه دهرا ...وكل من القبيليتن تقف حارسة للمزيرة... وقد جفت مياهها... ولكنهم يقفون ...
بعد شهرين رأوا احد الغرباء يمر بالدكان وسألهم أنه يُريد ان يشتريه من صاحبه... فردوا عليه بأن صاحبه قد يعود اليوم بعد أن غاب لعام كامل عن القرية... وقصوا عليه قضية نزاعهم ... وأمروه بأن يحل المشكلة القائمة بينهم .. ففرح فرحا شديدا ذلك الغريب وقال أن هذه فرصته ليشترى الدكان ..... وأمرهم بأن يستولى هو على المزيرة ... ولا يأخذها أحدهم ...وبذلك تنتهى القضية بينهم .... فوافقوا على الحل العجيب .... وبينما الغريب يحاول إقتلاع المزيرة من مكانها إذ حضر المسيركاوى وهو يلهث...ودموعه قد بللت وجهه قائلا :- أنا عملت الدكان والمزيرة عشان الناس تتلم وتكون اسرة واحدة... لا مسيرى بلا دينكاوى... ولا دينكاوى بلا مسيراوى...كلنا اخوان... عشنا هنا دهرا ....تعلمنا كيف نتقاسم المرعى ...وكيف نتقاسم الابقار ... وعندما يفيض من احدنا لبنا يعطيه لأخيه... هكذا اوصانى أبى ...وهكذا قالت لى أمى... فلماذا تريد أن تهدم انت الان ما بنيته أنا فى أعوام...
شوهدت فى تلك اللحظات السيوف والحرب تنزل إلى الارض خلسه...وتعانق من كان حاضرا من القبيلتين... ورأوا أن لا شمال بلا جنوب... ولا مسيراوى بلا دينكاوى ولا دينكاوى بلا مسيراوى... وأخذوا يٌردوون بصوت واحد كلمات حميد :-

سوقني معاك يا حمام ..


سوقني معاك يالحمام
... ...
سوقني محل ما الحبيبة
قريبة تراعي الغرام
غريبة الأشواق حبيبة
يجيبا منام في منام
... ...
سوقني محل ما المحنة
أيادي تقطر سلام
سماحة الحياة فوق أهلنا
وبلادي تقرقر وئام
... ...
غلابه وأمان مو الطيابة
ضكارى بصارى وكرام
حبابه الحبان في بابه
وتدخلوا عليّ الحرام

فقارى ولكن غنايا
غنايا بهذا الغمام
بهذا النيل كم تغايا
وتيرابا النرميهو قام
... ...
إرادة القمره البتقدر
براها تضوي الضلام
شعاع شمشاً ياما خدّر
وإذا يبَّس لا يُلام
... ...
فيابا خرابا الحرابة
وخرابة فكر سوسي سام
خرابة الكل نفسو تأبى
عقابه .. تلِم عم سام
... ...
ولِيد مخلوق للقرايي
خزين مدخور للجِسام
تتمر نيتو التخايي
إلاما مذهلل إلام

درب من دم ماب يودي
حرِب سُبّه .. حرب حرام
تشيل وتشيل مابِ تدِّي
عُقب آخرتا إنهزام
... ...
بطانة الشيطان قديمِة
وبعد دا منو العرشو دام

إذا الإنسان ما لو قيمِة
علي إيش خلَّفُو سام وحام
... ...
تعالوا الدم ما هو مويةِ
ولا ها ترايي المسام
أخويا وطراوة الخوة إبتسام
... ...
تعالوا نحانن بعضنا
تعالوا نحانن بعضنا
نخل قلبو على التُمام
نبضنا يشهل أرضنا
وأرضنا تجِم العضام
... ...
تعالوا بدل نبني ساتر
نخيب ظن الصدام
نطَّيب للعازه خاطر
نقوم لأطفاله سام
... ...
أخير كرّاكةً بتفتح
حفير وتراقد الركام
أم الدبابة البتكشح
شخير الموت الزؤام
... ...
تعال لي غابتك يا خيرا
تعال لها يا أسده الهمام
بدل دوشكة يغني طيره
محل قنبلة عش نعام
... ...
بلد صمَّي وشعب واحد
عصية على الإنقسام
أبيه وبكراها واعد
صبية ومشهاده تام
... ...
بساطه أحمدي كم يشيلنا
وتشهِّلنا على الدوام
نَقِل ليلنا تقوِّي حيلنا
ودليلنا تمام التمام
... ...
نلقّم سقف المتاهة
نجم هدّاي في الضلام
ونطعِّم حرف النزاهة
لإيئلافك يا حمام

ديموقراطية وأمان
سوا .. سوا عالين مقام
مواريثنا المن زمان
محصَّنة في أروع نظام
... ...
بريدك يا زول بريدك
بعشقك حتّى الهيام
أريحيتك عد تزيدك
مهابة وليك القيام
... ...
عهدي معاك يا حمام
حبِيْب الرُسل الكرام
رسول الأمراء العظام
عصامي على ما يرام
... ...
ماب تهدِل في خنادق
ولا ب تقدِل فوق حطام
ولا ب تنزل في فنادق
وسطنا مراعيك قُدام
... ...
فيا ملدوغ من أديس
معوَّق في كوكدام
تعال عمِّر فينا ميس
كفانا طشيش الكلام
جناحيك جنوب شمال
وأمش طوِّف يا حمام
محِل غصن العزّة مال
عليك وعليهُو السلام

حكيم الطير يا مهبِّر
شُراكة القَتَلة اللئام
متين بإسم الحق تكبِّر
وبالرحمة تصلِّي إمام
... ...
فلاحة العالم تعمر
محبّة مودة ووئام
يقص الايد التدمر
تشمِّر ساعد السلام
... ...
سوقني زمن كُلُّو عافي
نتاجو عِلم خيرو عام
بري آيمة من المنافي
وطن وافي على الدوام
قِبلة غناي

النور محمد يوسف
01-12-2009, 01:10 AM
استاذنا النور سلام..
الموضوع جد طويل ودسم وداير ليو وقت الواحد يقعد بمزااج يفليو ويهضمو..
مرور اولى فلم اقرأ الموضوع كله ولى عودة ..
ولك كل التحايا..

همسة: بمثل هذه المواضيع التى لا تتطلب الاختزال ارجو مدنا بها كأجزاء حتى لا نصاب بالتخمة مرة واحدة لما فيها من نشويات وبروتينات وفيتمينات وعناصر غنية بإلتهامها بمرة واحدة..بعدين الواحد يااخ مكنتو على قدرو جنس المواضيع دى بتفوت المكنة وبتصلبا يااخ..


اخي الاديب الرقيق اشرف لك كل التحايا وانت تستقطع من وقتك متابعا ومناقشا ومحاورا لبقا حصيفا وبدراية فما الطيب الا من الطيبين الكرماء رايا وفكرة ومشورة فالى مثلك يطيب الجلوس ويحلو الحديث وتجري الكلمات وتاتي العبر

معك ينداح العقل يجوب كل الكرفسات فياتينا بتفصيل ما استشكل علينا حله فنفته وننفشو ونغربلو ونشاشيهو لنخرج في الاخر باضاءات تنير طريقنا لنمشيها الخطوات المتبقية لنا في حياتنا مع اخواننا وبينهم فلا ندقش حاجة هنا ولا نكسر كباية هناك او نكشح ابريقا لشيخ منا كبير

اخي اشرف بحجم ارضنا المعطاءة وبحجم خيراتها وهبكم الله عقولا لا تعرف المتاريس مبسوطة انبساط جزيرتنا لا يحد النظر فيها تلال او جبال لذلك عطاؤكم اسهاب وقولكم اسهاب وفكركم اسهاب ولعمرى اناس هذا ديدنهم لا تبقى وراءهم شاردة او واردة الا وهي ممحصة مدروسة بحصافة وفكر عميق لذلك احتويتم انتم الاخر بين الضلوع وعاش كريما عاف حتى دياره لشدة كرمكم وسمو ونبل مقصدكم نحوه وتجاهه

كل افريقينا تقيم الان بيننا بكل سحناتهم ولهجاتهم وعاداتهم ومعتقداتهم فاحببناهم وفتحنا لهم القلوب فوسعتهم البيوت وفاضت خيرات التعايش ابتسامة على كل الوجوه منتهية في خلط الدم بالدم نسبا وتصاهرا وعيشا كريما رغدا سعيدا
ننتظرك اخي اشرف فهناك سيكون الرد ايضا تعضيدا لكل المواقف تجاه الاخر منكم ومنا ومن كل سوداني غيور

شكرا اشرف شكرا شكرا

النور محمد يوسف
01-12-2009, 11:04 PM
اخى النور تحياتى..
"فذكر إنما أنت مذكر (21)لست عليهم بمصيطر(22) إلا من تولى وكفر (23)فيعذبه الله العذاب الأكبر (24)إن إلينا إيابهم(25) ثم إنا علينا حسابهم (26)" - سورة الغاشية..
هذه الستة آيات منهاج للتعامل مع الآخر إبتداءً ممن يتفق معنا عقيدة إلى من يكفر بما نؤمن به..
وهناك آيات أخرى بالقرآن تستحثنا بالقيام من مجلس يكفر فيه بالله إن أصر الآخر على عدم السكوت عن ذلك..
كثير من الخيارات متاحة للتعامل مع الآخر وإن استحالة جميعها فحينها علينا أن نتوقف عن المضى بتلك المساحات المتاحة والابتعاد عنها لا كما يفهم الكثيرون بأن الجهاد أساس فكرته إجبار غير المسلم على الإسلام..مفهوم الغزو بالإسلام هو إستعمال القوة عند عدم سماح الآخر غير المسلم بعدم السماح للدعاة من دخول مناطق جديدة خارج حدود الدولة الإسلامية لنشر الدعوة..فمن لا يسمح للدعاة الدخول تعرض عليه الجزية ومن امتنع عن الجزية ودخول الدعاة فحينها تدخل الجيوش لتأمين المساحة للدعوة فيمن رفض قادتهم الدخول سلما..
"لكم دينكم ولى دين"..هذا ما قاله الله على لسان نبيه وهذه آخر حدود المسلم مع الآخر..وإطلاق الحكم على الآخر قد يكون مفهوما لدينا كمسلمين ولكن ليس بالضرورة مفهوم للآخر الذى أصلا لم يؤمن بنبينا عليه افضل الصلاة والسلام وكل ما علينا أن نُذكر تحت شرط مهم وهو معرفتنا وتملكنا لكل أدوات المعرفة والدعوة بالإسلام فى الجزئية المختلف فيها مع الآخر..يمكننا تبليغ آية أو حديث ولكن ليس علينا إجبار الآخر بالإيمان بما بلغنا "إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"..
ما تناولته هو أقصى درجات الخلاف بينى وبين الآخر ..وإن كان هذا ما يجب أن ننتهجه مع الآخر الغريب دينا وثقافة ومكانا فما بال تعاملنا مع الآخر كان إمرأة أو جنوبيا تربطنا بهم كثير من السمات تزيل كل ملامح الغربة عنهم وعنا..
الوصاية داء خطير إنعكست سلبياته بمجتمعنا كان شماليا او جنوبيا ..مسلما كان ام مسيحيا ..الوصاية بزمن الإستعمار والوصاية ما بعد الاستعمار والوصاية بمؤتمر الطاولة المستديرة وبكل الطاولات وبكل تغيرات أشكالها..وإلى يومنا نعيش الوصاية من شريكين لم يتفقا إلا إستنادا على مبادئ الوصاية..
السودان بلد تتجانس فيه حتى المتغيرات إن أزيلت إسقاطات الوصاية وتكفير فكر الآخر وتحيده..
ونسأل الله أن يهدنا ويهديهم فهو الله الخالق صاحب الحق المتفرد بهداية عباده سواء أقروا به أم لم يقروا..


لله درك اديبنا اشرف، تلك سياحة لم تكن غريبة على انسان مدني وتربية مدني انسان الوسط القلب النابض بالحياة وبالفهم والامة الوسط فنحمد الله على هذه التهيئة التي تتملكنا كلنا فلا يجد الاخر منا الا كل احترام وتقدير فلا غرو ان تجد زوايا الذكر في كل ركن والمساجد في كل زاوية دعوة للاخاء للتسامح للرحمة والتوادد بين افراد المجتمع

وتلك صبغة الله فنحمده ان ولدنا على الفطرة ونشأنا عليها وتربينا تحت كنفها فلم نكن ممن يُلزمون بادارة الخد الايمن عند الصفع واتاحة الخد الايسر ولم نكن ملزمين بابادة كل ما يلينا ممن خالف طريقنا ولكننا خُلقنا بامر ان نعتدي على من اعتدى علينا وفي نفس الوقت ان نسامح ان شئنا فتلك هي الفطرة وذلك هو السلوك الانساني الذي خلقه الله لا ملائكيا ولا شيطانيا ولذلك نجد الاستقرار في دواخلنا عقيدة تسمح لنا ببراحات يستوطن فيها الاخر بحبنا ورعايتنا واحترامنا له

الله لا يحب المعتدين واسماعنا لصوت الحق لمن استجار بنا او جاورنا او ساكننا لمن اوجب واجباتنا بالتي هي احسن وما انتشر الاسلام واستوطن القلوب الا لسماحته ومقدرته على ايراد الحجة والرقي بالعقل والفكر لا حجره وسد منافذه لذلك تجد المستنيرين من اهل ملتنا محبوبين حتى لاعدائنا فمعهم الحق ومعهم الحقيقة وما ارتقت البشرية الا بنهج الاسلام العملي التطبيقي المتبوع بالعمل والتجربة لذلك اخي اشرف عندما يحس الاخر باعترافنا به وحبنا الى تقريبه الينا واسماعه منطقنا وحجتنا نجده يسارع الى الدفاع عنا وتعضيد موقفنا الا من بعض المرضى حيث تتمكن الغيرة والحسد ولكنه يظل يحترم مبدأنا وتمسكنا به وهؤلاء قلة ولكننا نتفق جميعنا على ان خالقنا ما خلق ذلك باطلا ولكنه اراد اختبارنا واختبار مقدرتنا في السير وفق مقدراته وتقديره وكثيرون هم من انتبهوا الى ذلك ولكننا في السودان عشناه واقعا وطبقناه سلوكا ....الارض لنا كلنا لا نوَرِّثُها نحن ولكن يرثها باذن الخالق عباده المخلصون فعلام الاقتتال اذن وعلام التباغض ورفض من هم لسنا سببا في وجودهم

وتلك حكمة الله والضوء مسلط عليها منذ الازل "أننا شعوب وقبائل لنتعارف" وان الله قادر على ان يجعلنا شعبا واحدا وامة واحدة ولكنه اراد لنا ذلك فلنسلم لامره ونرضى بتقديره بلا احتجاج فليس لنا الخيرة من امرنا ....أمنَّا ونسلِّم تسليما

بارك الله فيك اخي وعزيزي اشرف والى الامام للمزيد من ابداعك فكرا مستنيرا