faqatar007
11-08-2009, 01:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
خاطرة
بين الطاعة والمعصية
التقت الطاعة والمعصية مرة في الطريق, فتبادل كل منهما النظرات
فيما راحــت الطاعة تنظر إلى غريمتها نظرة الغاضب الحانق والآسف
المشفق راحت المعصية ترمق غريمتها حائرة وهي تنتظر منها ما تقول.
بادرت الطاعة قائلة: ما هذه الحال معك, أينما أذهب أراك إما سبقتني
وإما على الطريق, ولا أقدر على القيام بعملي الطيب إلا ويفاجئني وجودك
وانحشارك في عملي إلى جانب شغلك الذي لا ينتهي, وكثرة بضاعتك
و تنوع طالبيك وحيرتهم في استرضائك.
قالت المعصية: لا تتهمينني..ولا تحسدينني على كثرة عملي
وطول انشغالي! فأنا أكثر منك جمالا وأبهى منك حلة, منظري يخلب
الألباب وطلتي تسحر الناظرين ولذا فإن بضاعتي أكثر رواجا من بضاعتك
وقاصدي أكثرمن قاصديك وكلما حزبت الأمور بين الناس تم استدعائي أنا
وقليلا ما يستدعونك! فقالت الطاعة: رويدك.. تمهلي قليلا! فأنا لا أنكر أنك
جميلة لكن جمالك هذا خادع كاذب كالسراب جمال الأرعن طائش, لا تتركين
معه أيا من أنواع البهرج والزينة إلا وتستعمليها فتستخدمين كل ما من شأنه
أن يخفي قبحك وطيشك كل ذلك من أجل أن توقعي بالناس من غير أن
تكون لهم القدرةعلى صدك لكن جمالي أنا من نوع مختلف جمال لا يؤخذ به
من يسحره سخف الظاهر الفارغ لديك, والذي لا يولع به إلا الغر ضعيف النفس
وفوق ذلك فكل همك أن توقعي بمن أحببت ولا يهمك بعدها ما إذا أخلص لك أم لا
أما المولعون بي وبجمالي والمأخوذون بهيبتي, فإنهم أكثر حبا لي منك وأشد
إخلاصا وأبعد في تفانيهم لي.
فأجابت المعصية: كيف تقولين ذلك؟ ألا ترين الكثيرين ممن يبدون لك الحب
يحابونك ويلاطونفك أثناء عباداتهم, ثم لي مواعيدي معهم بعد مواعيدك
فأوقاتهم في الصلاة مثلا لا تعدل الكثير من سحابة اليوم وبعضا من الليل بينما
يسهل علي أن أجول في باقي الوقت معهم ويقومون يومهم فيجوعون
ويعطشون ويتعبون فأغلب أحدهم في لحظة غضب ألجئه معها إلى أن يذهل
قليلا عن صيامه فأذهب عنه طاعته وأجرها وحتى في أثناء الطاعة هذه ترين
بعضهم قد لا يجيد استغناء عني فترينه واقفا في الصلاة وهو يضمر في نفسه
شغلا ببعض ما هو لي أصلا وقد يشغله ذلك عن صلاته فترينه كبر وسلم وهو
لا يدري كم ركعة صلى أوأي سورة قرأ.
وترين بعضهم قد لا يكون له من صلاته هذه إلا هيأتها التي يحب أن يراه الناس
عليها فيقولون :فلان ماشاء الله عليه من أهل الصلاح وأهل التقوى فيكون
نصيبي من صلاته أكبر من نصيبك أنت بمئات المرات وترين القليل هم أولئك
الذين يبقون في صلاة وذكر عقب أداء الصلاة, والبقية ينطلقون بعد ذلك إلى
اللغو والأخذ والرد والسباب والغيبة وسوء الظن وإضمار السوء, ولربما نسي
بعضهم أن الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر فابتدر بعضا منهما, وأما الصوم
فلا أسهل علي من ألا أبقي للصائم من صومه غير الجوع والعطش والتعب
وقليلا من نكد اليوم.
فأجابت الطاعة : لا تستعجلي تذكرين هؤلاء القلة وتنسين الكثرة الكاثرة
منهم..تنسين أولئك الذين لا تحسنين ولا حتى الاقتراب من حماهم, أولئك
الذين لا يكاذكر الله الأعلى يفارق ألسنتهم ولا قلوبهم, ولا تكون الصلاة إلا قمة
هرم طاعاتهم والصيام مشغلة لهم عن كل معاصيك .أنسيت أولئك الذين إن
حانت لهم المعصية إن في ليل أو نهار تذكروا فإذا هم مبصرون, ولا يكلفهم
الأمر أكثر من كلمة كي يطردوك لو فكرت بالاقتراب من حماهم بقولهم يا الله.
أنسيت أنك لو بقيت تعملين في إغوائهم وشدهم إليك فاستجابوا لك وأطاعوك
واقترفوا في حماك ما يقترفون, ثم جاء أحدهم بكلمتين اثنتين يستغفر بهما ربه
ويتوب إليه انقلب له ما كان من جرائرك وحصائد الشر منك إلى رصيدي أنا
وحسب له حتى وزر ما أساء حسنات لا ينالها إلا أهل الطاعة, فكيف تفعلين
إذا كنت تجهدين وتعملين كل هذا الجهد ولربما لسنين قد تطول, فآتي أنا
وبكلمتين اثنتين ونية صادقة مخلصة أخطف منك تعب السنين كلها وأنت
تنظرين لا تستطيعين فعلا ولا تحارين جوابا فمن يكون الكاسب ومن الخاسر.
أحست المعصية أن الأمور بدأت تتفلت من بين يديها فقالت: لا تهزئي بي
بهذه الطريقة فأنت خلقك الله وزينك وأوصى بك رغم العنت والصعوبة في
نوالك من قيام في الليل ووضوء على المكاره وجهاد العدو وجهاد النفس
وما إلى ذلك من الطاعات التي لا يسهل عملها, وأنا خلقني الله وحذر مني
وأوصى بالابتعاد عني رغم سهولة ويسر نوالي وتوفري للجميع من النظرة إلى
الكلمة في الغيبة أو النميمة, وغير ذلك الكثير اليسير , فكلانا مخلوق لله تعالى
وإن كنت أنت أحب إليه مني وإن كنت أنا بغيضة مكروهة لديه, ولكن عندي
سؤال أخير وأتركك تتابعين عملك الخير, وأرجو أن تكوني صادقة ولا تؤخذي
كثيرا بهيبتك ووقارك.. وأن تكوني منصفة وعادلة بجوابك.
قالت الطاعة: أعدك بذلك.. قولي!
قالت: لو استبقت أنا وأنت إلى أحد من الصالحين العابدين تشغلين عليه
ليله ونهاره في الطاعات, لا يكاد يفارقها, ليله ذكر وتبتل ونهاره شكر وعمل
يجتهد جل يومه مراقبا لله تعالى , ثم جئت أنا إلى هذا الرجل واستطعت أن
أغويه بفتنتي, وأجرّه إلى لذيذ معصيتي وفتنة الذنب مني, فنال نصيبه مني
واستطاب بعضا من قطافي فقطف منها وأكل في غفلة من رقابة نفسه
ثم انتبه إلى نفسه وما فعل وأراد أن يتوب إلى ربه ويثوب إلى رشده من منا
نحن الاثنتين تكون أقدر على جعله أكثر خشوعا وخضوعا لربه من منا تكون
أقدر على اعتصار نفسه في الخضوع والخشية والتبتل والتذلل إلى ربه من
منا تكون أقدر من أختها على إلجائه إلى سجدة واحدة بين يدي ربه تنهال
معها من مآقيه الدموع الحرة التي تغسل أدران نفسه, وتسمو بها روحه
إلى مصاف الملائكة وتفتح له معها أبواب السماء, هل فعل السنين الطويلة
في الطاعة والامتثال والعبادةأم ذنب واحد ارتكبه شعر معه بحقيقة
نفسه وذله وخضوعه أمام عظمة ربه وجبروت قهره فشعر معه وللمرة
الأولى بمعنىالعبودية الحقة لرب السموات والأرض التي يقف العبد معها
بين يديه بذل المعصية وبذل النفس وقهرها, بموقف يحب الله تعالى أن يرى
عباده عليه أكثر من أي موقف آخر؟فوقفت الطاعة بكل شموخ ووقار
وقالت: انتصرت..!هذا اعتراف منك بانتصاري فقد كنت أنت الوسيلة ولكنه عاد
عنك وثاب إلى رشده,فعاد إلي ورجع! حقا لقد كنت السبب في قمة من
قمم خضوعه لله تعالى بعد أن جال في ساحك قليلا, ولكنه بي توسل وعن
طريقي جاء وإلى رياض الطاعة التجأ, ولن يجد وسيلة إلا عن طريقي أنا فقد
خلقني وأوصى بي وخلقك ومنك حذر وأنذر! نظرت المعصية حولها ثم حانت
التفاتة منها إلى عل حيث تقف الطاعة شامخة أبية مزهوة بنصرها ثم أحنت
رأسها بذل وتابعت طريقها دون أن تنبس ببنت شفة.
طيب الله أوقاتكم
وكل عام وأنتم بألف خير
خاطرة
بين الطاعة والمعصية
التقت الطاعة والمعصية مرة في الطريق, فتبادل كل منهما النظرات
فيما راحــت الطاعة تنظر إلى غريمتها نظرة الغاضب الحانق والآسف
المشفق راحت المعصية ترمق غريمتها حائرة وهي تنتظر منها ما تقول.
بادرت الطاعة قائلة: ما هذه الحال معك, أينما أذهب أراك إما سبقتني
وإما على الطريق, ولا أقدر على القيام بعملي الطيب إلا ويفاجئني وجودك
وانحشارك في عملي إلى جانب شغلك الذي لا ينتهي, وكثرة بضاعتك
و تنوع طالبيك وحيرتهم في استرضائك.
قالت المعصية: لا تتهمينني..ولا تحسدينني على كثرة عملي
وطول انشغالي! فأنا أكثر منك جمالا وأبهى منك حلة, منظري يخلب
الألباب وطلتي تسحر الناظرين ولذا فإن بضاعتي أكثر رواجا من بضاعتك
وقاصدي أكثرمن قاصديك وكلما حزبت الأمور بين الناس تم استدعائي أنا
وقليلا ما يستدعونك! فقالت الطاعة: رويدك.. تمهلي قليلا! فأنا لا أنكر أنك
جميلة لكن جمالك هذا خادع كاذب كالسراب جمال الأرعن طائش, لا تتركين
معه أيا من أنواع البهرج والزينة إلا وتستعمليها فتستخدمين كل ما من شأنه
أن يخفي قبحك وطيشك كل ذلك من أجل أن توقعي بالناس من غير أن
تكون لهم القدرةعلى صدك لكن جمالي أنا من نوع مختلف جمال لا يؤخذ به
من يسحره سخف الظاهر الفارغ لديك, والذي لا يولع به إلا الغر ضعيف النفس
وفوق ذلك فكل همك أن توقعي بمن أحببت ولا يهمك بعدها ما إذا أخلص لك أم لا
أما المولعون بي وبجمالي والمأخوذون بهيبتي, فإنهم أكثر حبا لي منك وأشد
إخلاصا وأبعد في تفانيهم لي.
فأجابت المعصية: كيف تقولين ذلك؟ ألا ترين الكثيرين ممن يبدون لك الحب
يحابونك ويلاطونفك أثناء عباداتهم, ثم لي مواعيدي معهم بعد مواعيدك
فأوقاتهم في الصلاة مثلا لا تعدل الكثير من سحابة اليوم وبعضا من الليل بينما
يسهل علي أن أجول في باقي الوقت معهم ويقومون يومهم فيجوعون
ويعطشون ويتعبون فأغلب أحدهم في لحظة غضب ألجئه معها إلى أن يذهل
قليلا عن صيامه فأذهب عنه طاعته وأجرها وحتى في أثناء الطاعة هذه ترين
بعضهم قد لا يجيد استغناء عني فترينه واقفا في الصلاة وهو يضمر في نفسه
شغلا ببعض ما هو لي أصلا وقد يشغله ذلك عن صلاته فترينه كبر وسلم وهو
لا يدري كم ركعة صلى أوأي سورة قرأ.
وترين بعضهم قد لا يكون له من صلاته هذه إلا هيأتها التي يحب أن يراه الناس
عليها فيقولون :فلان ماشاء الله عليه من أهل الصلاح وأهل التقوى فيكون
نصيبي من صلاته أكبر من نصيبك أنت بمئات المرات وترين القليل هم أولئك
الذين يبقون في صلاة وذكر عقب أداء الصلاة, والبقية ينطلقون بعد ذلك إلى
اللغو والأخذ والرد والسباب والغيبة وسوء الظن وإضمار السوء, ولربما نسي
بعضهم أن الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر فابتدر بعضا منهما, وأما الصوم
فلا أسهل علي من ألا أبقي للصائم من صومه غير الجوع والعطش والتعب
وقليلا من نكد اليوم.
فأجابت الطاعة : لا تستعجلي تذكرين هؤلاء القلة وتنسين الكثرة الكاثرة
منهم..تنسين أولئك الذين لا تحسنين ولا حتى الاقتراب من حماهم, أولئك
الذين لا يكاذكر الله الأعلى يفارق ألسنتهم ولا قلوبهم, ولا تكون الصلاة إلا قمة
هرم طاعاتهم والصيام مشغلة لهم عن كل معاصيك .أنسيت أولئك الذين إن
حانت لهم المعصية إن في ليل أو نهار تذكروا فإذا هم مبصرون, ولا يكلفهم
الأمر أكثر من كلمة كي يطردوك لو فكرت بالاقتراب من حماهم بقولهم يا الله.
أنسيت أنك لو بقيت تعملين في إغوائهم وشدهم إليك فاستجابوا لك وأطاعوك
واقترفوا في حماك ما يقترفون, ثم جاء أحدهم بكلمتين اثنتين يستغفر بهما ربه
ويتوب إليه انقلب له ما كان من جرائرك وحصائد الشر منك إلى رصيدي أنا
وحسب له حتى وزر ما أساء حسنات لا ينالها إلا أهل الطاعة, فكيف تفعلين
إذا كنت تجهدين وتعملين كل هذا الجهد ولربما لسنين قد تطول, فآتي أنا
وبكلمتين اثنتين ونية صادقة مخلصة أخطف منك تعب السنين كلها وأنت
تنظرين لا تستطيعين فعلا ولا تحارين جوابا فمن يكون الكاسب ومن الخاسر.
أحست المعصية أن الأمور بدأت تتفلت من بين يديها فقالت: لا تهزئي بي
بهذه الطريقة فأنت خلقك الله وزينك وأوصى بك رغم العنت والصعوبة في
نوالك من قيام في الليل ووضوء على المكاره وجهاد العدو وجهاد النفس
وما إلى ذلك من الطاعات التي لا يسهل عملها, وأنا خلقني الله وحذر مني
وأوصى بالابتعاد عني رغم سهولة ويسر نوالي وتوفري للجميع من النظرة إلى
الكلمة في الغيبة أو النميمة, وغير ذلك الكثير اليسير , فكلانا مخلوق لله تعالى
وإن كنت أنت أحب إليه مني وإن كنت أنا بغيضة مكروهة لديه, ولكن عندي
سؤال أخير وأتركك تتابعين عملك الخير, وأرجو أن تكوني صادقة ولا تؤخذي
كثيرا بهيبتك ووقارك.. وأن تكوني منصفة وعادلة بجوابك.
قالت الطاعة: أعدك بذلك.. قولي!
قالت: لو استبقت أنا وأنت إلى أحد من الصالحين العابدين تشغلين عليه
ليله ونهاره في الطاعات, لا يكاد يفارقها, ليله ذكر وتبتل ونهاره شكر وعمل
يجتهد جل يومه مراقبا لله تعالى , ثم جئت أنا إلى هذا الرجل واستطعت أن
أغويه بفتنتي, وأجرّه إلى لذيذ معصيتي وفتنة الذنب مني, فنال نصيبه مني
واستطاب بعضا من قطافي فقطف منها وأكل في غفلة من رقابة نفسه
ثم انتبه إلى نفسه وما فعل وأراد أن يتوب إلى ربه ويثوب إلى رشده من منا
نحن الاثنتين تكون أقدر على جعله أكثر خشوعا وخضوعا لربه من منا تكون
أقدر على اعتصار نفسه في الخضوع والخشية والتبتل والتذلل إلى ربه من
منا تكون أقدر من أختها على إلجائه إلى سجدة واحدة بين يدي ربه تنهال
معها من مآقيه الدموع الحرة التي تغسل أدران نفسه, وتسمو بها روحه
إلى مصاف الملائكة وتفتح له معها أبواب السماء, هل فعل السنين الطويلة
في الطاعة والامتثال والعبادةأم ذنب واحد ارتكبه شعر معه بحقيقة
نفسه وذله وخضوعه أمام عظمة ربه وجبروت قهره فشعر معه وللمرة
الأولى بمعنىالعبودية الحقة لرب السموات والأرض التي يقف العبد معها
بين يديه بذل المعصية وبذل النفس وقهرها, بموقف يحب الله تعالى أن يرى
عباده عليه أكثر من أي موقف آخر؟فوقفت الطاعة بكل شموخ ووقار
وقالت: انتصرت..!هذا اعتراف منك بانتصاري فقد كنت أنت الوسيلة ولكنه عاد
عنك وثاب إلى رشده,فعاد إلي ورجع! حقا لقد كنت السبب في قمة من
قمم خضوعه لله تعالى بعد أن جال في ساحك قليلا, ولكنه بي توسل وعن
طريقي جاء وإلى رياض الطاعة التجأ, ولن يجد وسيلة إلا عن طريقي أنا فقد
خلقني وأوصى بي وخلقك ومنك حذر وأنذر! نظرت المعصية حولها ثم حانت
التفاتة منها إلى عل حيث تقف الطاعة شامخة أبية مزهوة بنصرها ثم أحنت
رأسها بذل وتابعت طريقها دون أن تنبس ببنت شفة.
طيب الله أوقاتكم
وكل عام وأنتم بألف خير