monim
28-07-2009, 02:09 AM
هرطقات في الحب والكراهية والغربة
كان الرجل القروي البسيط يستلقى على سريره أو بالأحرى ( عنقريبه ) الوحيد في الحوش بدون فرش ولا بطانية ناعمة ولا مخدة طبية ، يلتحف السماء ويفترش ( الحبال المرخية ) ، وبينما هو كذلك يتأمل النجوم ويحاول أن يعدها في انتظار زوجته إذا بها تحضر إليه هاشة باشة مبتسمة ومعها الغطاء الوحيد من البرد وهو عبارة عن ( شملة من الصوف) وتغطيا معا بها مع أنها خشنة جدا على الجسم ولكن ليس لهم غيرها ونعومة الكلام المتبادل بينهما لا يجعلهما يشعران بخشونتها ، وليس لهما عشاء في ذلك اليوم كالعادة ، فحاول بفطرته البريئة وصفاء نفسه ورضاه أن يقول لها ما يخرجها من حالة الإحساس بالجوع والفقر فبادرها بعبارة أشبعتها نفسيا،عمل ليها نوع من الـ SATISFACTION تعرفوا قال ليها شنو ؟؟؟
والله كرعينك ديل سمحات سماحة يستاهلن ليهن حجول دهب.
قالت له بكل رقة وأنوثة ودلال ورضى وتصديق( لو عايز تجيبهم لي غالبك )
تم تبادل هذا الود الجميل بين زوجين ينامان على (عنقريب ) قديم وبدون غطاء ولا عشاء .
هذا يشبه نموذج أم الحسن المرأة المحبة الطيبة ( الافتراضية ) في ذلك الزمن الجميل التي تغنى لها الشاعر / حميد قائلا :
ما قالته جيب .... قوماك يا الحبيب
ودهن النقلتي ..... والترزي القريب
نان يا ام الحسن .... طقهن آ بفيد
طقهن آ بزيد ... انطقن زمن
وان طق الزمن .... لازمك توب جديد
وبي ايا تمن .... رغما للظروف والحال الحرن
شان يا أم الرحوم .... ما تنكسفي يوم
لو جارتنا جن
مارقات لي صفاح .... أو بيريك نجاح
الحاصل إذن ... إيه الدنيا غير
لمة ناس في خير ... أو ساعة حزن .
أين هذه المرأة من نساء هذا الزمن اللاتي لا يعرفن سوى كلمة جيب ( ليس جيب برادو ) وإنما جيب بمعنى هات أو احضر، جيب معاك (جبنة وزبادي) ولا تنسى إحضار (العيش الصامولي) و(السلطة خلصت ) والغاز قطع والظهر أذّن ، والغداء يا دوب ختيته في النار ما بلحقك اغشى المطعم جيب غداء جاهز، والبنت الليلة حا تطلع بدري من المدرسة ، البنات عايزين البقالة وعايزين جلاكسي وعايزين اندومي وعايزين اكسترا ومحمد قال ليك اشتراك النت انتهى ، ورسل لي رصيد عايزة اتكلم مع ناس أمي، والولد مصر يشتري جوال بكاميرا وهو لسه في خامسة ابتدائي وأمه تشجعه على ذلك نكاية في الوالد الذي لازم يكون في حالة شراء دائم والتزامات متلاحقة ما تديه أي نفس يفكر أو يفرفر يظل يلف في هذه الدوامة دون أن يلتقط انفاسه كي لا يفكر يعرس واحدة تانية ، الليلة ماشين بنده ، الليلة في استراحة المغرب ( اربعين محاسن ) وعايزة هدية جيب لي معاك كيك وفطائر من المخبر وكرتونة ببسي عليك الله ، بكرة في عروض في سوق جيان والاولاد زهجانين وعايزين حاجات، الخميس الجاي ماشين المدينة نصلي لينا كم صلاة في الحرم وناكل لينا كم وجبة في مطعم البيك ونمرعلى بتاع التياب السودانية الفي عمارة الجزيرة ، نساء هذا الزمان مغرمات بالشراء والصرف و بكتابة روشتات الحاجات التي لا تنتهي ، جيب وجيب وفورد وكامري وكورلا والنترا كمان ، واذا جبت ترجع تاني وتجيب برضه الى ان يتقد جيبك وايدك توجعك من طليع الاكياس التقيلة وطلوع السلالم وطبعا مافي زول بترسل أو يساعدك . ولما تجي نازل تلقى المرتجعات نصف ما احضرته تحول لزبالة تنزله معاك وأنت راجع الشغل عشان تجيب غيره .
نسوان لا يقرأن الحياة بصورة ذكية ومنطقية ، ولا يقرأن أفكار الرجل المستقبلية عشان يحافظ على صحته ونظره وأعصابه ويبنى ليه بيت ويربى أولاده على الحب والقيم والمثل والترشيد، نسوان جاهلات عايزات يقضن الحياة تظاهر وتفاخر و sales وغويشات وثياب غالية . وغير حامدات ولا شاكرات لما هن فيه من نعمة ، الواحدة ما تصدق تركب ليها عربية وتسوى ليها موبايل وتكشكش ايديها الا تقعد تتفلسف وترقق صوتها وتتراشق تقول جاية من دول الاتحاد الأوربي مش من أرياف السودان .
واحد صاحبنا مرته تذكرت فجأة في عز الظهيرة انها تحتاج لـ (هبهان )، ما أهمية الهبهان في حياتنا ، هل سمعتوا بي زول مات من عدم تناول الهبهان ، والله سمعتوا بزول مشى الدكتور واتضح من الفحص انو فاقد مادة ( الهبهانين ) المهم ارسلت الولد لشراء الهبهان من البقالة ، راح جاب اكبر علبة هبهان في التاريخ وجا شايلا ودخل على أمه وكان أبوه يصلى ، وأثناء صلاته لاحظ أن شيئا ضخما وغير اعتيادي عبر من أمامه وهو يصلي ، فتماسك الأب وواصل خشوعه رغم ( الخلعة ) التي كادت أن تخرجه من صلاته ومن وقاره ومن جلابيته ،وسمع زوجته تقول للولد افتحها سريع قبل ما أبوك يخلص صلاته بقول ليك رجعها ، الأب ركع ركعة طويلة يدعى ربه ويبتهل ويبكي ويسأل الله أن يختاره إلى جنبه خيرا له من هذه الحالة التي يعيشها ، فقالت الزوجة لولدها شوف أبوك ده مالوا أتأخر كده في الصلاة نحن ختينا الهبهبان ( اقصد الغداء ) فنادى الولد ابوه بابا بابا بابا ، وعندما اقترب منه وجده جثة هامدة ، يلا خلو الهبهبان ينفعكم .
واحد جا من الشغل زهجان وقافلة معاه لقى مرته شاخرة تحت المكيف الاسبلت لمان ريالتها ماشة ، حضرتها تابعت جميع المسلسلات التركية والعربية واوبرا ودكتور فيل وباب الحارة الجزء المليون ، وبعد ما فترت اجدعت نامت ، المسكين جا من الشغل لقاها في الوضع ده ، تسلل بهدوء إلى غرفة النوم حيث توجد هي ليغير ملابسه ، فرفعت رأسها وريالتها مالية المخدة وقالت له باستياء ؟، ما تولع النور غير هدومك براحة وأنت ساكت أنا تعبانه ومصدعة أمشي الاوضة التانية مع الأولاد واعمل قهوتك براك واعمل لي معاك كباية طالما انك طيرت مني النومة الله يطير نومك ويطين عيشتك يا راجل يا ثقيل يا ما عندك إحساس ما بتقدر تعبي طول اليوم جاي جايط من برة حرام عليك ( يا حليلك يا ام الرحوم ) ويا حليلك يا زينب بت النوراني الضيعتي عمرك كلو في الشقا والعذاب ، يا حليلك يا الما حضرتي الاسبلت والشاشة البلازما والميكرويف وصاج الكهرباء والدلفري، يا حليلك يا الضيعتي عمرك في العواسة بالقصب والعرق والتعب ، يا حليلك يا القضيتي عمرك كله عبادة وصبر وصيام واحتساب . أمي من قال فيها حميد :
كانت ماها في ... كانت في المراح
شدتله الحمار تحلب في الغنم .... لي شاي الصباح
والطير ما نضم ... ما رسل نغم .
أين نساء هذا الزمن اللاتي يذهب أزواجهن للشغل من غير أن يشربوا شاي الصباح ، يتركوهن نائمات ، بائسات ، مرهقات من السهر، أين هن من ناس زينب بت النوراني التي تصلي الفجر حاضراً وتحلب الغنم وتسوي الشاي ، كم من الأمهات ارضعن أبنائهن الحنان والألفة والمودة مع شاي الصباح ، أين هن من هؤلاء النائمات التعيسات .
أين الحب الحقيقي ، وأين القناعة والرضا بالمقسوم، وأين كلمة قاضية وبتمشي الحال وما ضروري، أليست الماهية أف أليست هذه العيشة التي نعيشها هي عيشة هاك وكف ، ألا تقدر النساء في الغربة ما يبذله الرجال من مجهود مضاعف في العمل وضغوطه حتى يبددنه في التسوق والبعزقة والتفاخر وشراء الملابس البدون حوجة ، هل المرأة السودانية هي الوحيدة التي تفعل ذلك وتشتري وتبعثر راتب زوجها دون حساب ، لماذا رفيقتها المصريات والسوريات تجدهن في الأسواق مع أزواجهن في حالة نقاش وحوار حول السلعة المراد شرائها وبعد إخضاعها لدراسة متكاملة من جميع الجوانب وتوافقهما حولها تماما يتم بعد ذلك الشراء ، أما نسائنا السودانيات تشيل و( رررب ) ترمي في العربية بتاعة الأسواق تقول ليها دى بي كم تلقاها ما عارفه ولا قرت السعر المكتوب عليها ، لأنو في النهاية مكتوب عليك أنت تدفع من غير نقاش ولا تفاهم ولا دراسة ولا حوار ولا حوجة حقيقية ولا حب ولا رحمة.
أليس هذا ما ينطبق على حال بلدنا السودان ، أليست هذه المفاهيم العشوائية وقلة التخطيط وعدم ترتيب الأولويات وعدم الاستفادة من الموارد وسوء الاستخدام هو ما أعاد السودان خطوات للوراء وجعله في زيل الأمم ، أليست هذه الغالبية من السودانيات خارج الوطن هن القادمات من حياة رزق اليوم باليوم ومعظمهن يفكرن في اللحظة وكيف يعشنها قبل العودة للسودان ( سلق ملق ) وايد وراء وايد قدام .
هل الغني المؤقت وحياة الرفاهية الموجودة بدول الاغتراب تصيب السودانيات بشكل خاص بنوع من الصدمة الحضارية ، هل لكوننا بالسودان لا نعرف حياة الأسواق الكبيرة ( المولات ) ولا حياة الشقق المكيفة يجعل نسائنا يقعن فريسة ( الصدمة ) من هذا الوضع فيصبحن مجرد نساء هدفهن إرضاء غرورهن في التمتع ولو إلى حين بما لم يتعودن عليه فيقضين عشرات السنين بلا جدوى ولا مدخرات ودون وضع أي سقف لمدة الاغتراب وخطة لانجاز مشروع معين يعدن به إلى بلادهن ، وهل وسط كل هذا الزخم والنقلة الحضارية يضعف وازع الحب وتضيع ( الملاحة التعطن وجيه المرأة السودانية .. ويضيع زمان الحبيبة البتلس فصول الخصوبة وتضحك أغاني وتدفق عذوبة وتنزل مطر) ، هل فعلا المرأة السودانية المغتربة تنسى نفسها والبيئة التي جاءت منها وتتعالى وتعيش في كذبة الغنى والرفاهية حتى تصدق هذه الكذبة ، وهل فعلا يُصدق ما نسمعه في بعض مجالسهن يرددن أن السودان صعب وحار والكهرباء قاطعة وبعضهن يقلن أنهن عملن خروج نهائي من السودان للغربة وليس العكس . هل المرأة السودانية تضعف مشاعرها وعاطفتها الجياشة بمجرد أن ترتاح ، هل الحب العذري وزمان أمونة وام الحسن وام الرحوم زمان انتهى وأصبح شيء من الماضي ، هل كن نساء من كوكب أخر ، هل رفاهية الغربة تجعل النساء يتكبرن على بعض العادات السودانية مثل ( العواسة ) وبعضهن ينكر علمه المسبق بها لكونها متخلفة وغير حضارية ويجب أن تتعلم صناعة البيتزا والبشملا والزفتلا وغيرها من الأكلات الغير سودانية والتي لا تناسب الرجل السوداني ولكنها تفرض عليه من باب اللياقة والمظهر الاجتماعي والتحضر الزائف الذي هبط عليهم .
هل يصبح الحب والألفة والمودة والرحمة صفات من الماضي وهل إيقاع الحياة العصرية السريع هو ما يجعل السودانيات بشكل خاص لاهثات وراء متطلبات العصر والركض وراء قطار الموضات والأسواق والشراء والمسلسلات والمسابقات فيتراجع الحب والحنان و( الريدة) وينشغل التفكير وتتحول المشاعر لتحقيق هذه المتطلبات العصرية ، أم لكون الزمن ( زمنا كعب) زمن حروب وضغوط وديون كلها أتت على حساب الالفة والمودة والأحاسيس الجميلة. زمان يشتعل فيه الشيب على رؤوس الشباب وتتنوع فيه الأمراض ويكثر استعمال الأدوية والنظارات والجلطات والنساء يزددن نعومة ووزنا ونضارة .
فهل من وقفة لكّن يا معشر النساء تستلهمن العبر والدروس من تجارب المرأة السودانية الأصيلة التي لم تلونها الغربة ولم تلوثها الحداثة ولم تغير مبادئها المادة ، المرأة التي تغنى لها الشعراء وخلدها الكتاب والمغنيين.أين يا ترى ( الزول السمح الفات الكبار والقدرو ) كان شافوهوا ناس قرعيتي راحت المطّمشين في السعودية كان عملوا خروج نهائي وهربوا من هذه الحياة الجافة .
مع تحياتي
عبد المنعم الحسن محمد
المملكة العربية السعودية
27/6/2009م
كان الرجل القروي البسيط يستلقى على سريره أو بالأحرى ( عنقريبه ) الوحيد في الحوش بدون فرش ولا بطانية ناعمة ولا مخدة طبية ، يلتحف السماء ويفترش ( الحبال المرخية ) ، وبينما هو كذلك يتأمل النجوم ويحاول أن يعدها في انتظار زوجته إذا بها تحضر إليه هاشة باشة مبتسمة ومعها الغطاء الوحيد من البرد وهو عبارة عن ( شملة من الصوف) وتغطيا معا بها مع أنها خشنة جدا على الجسم ولكن ليس لهم غيرها ونعومة الكلام المتبادل بينهما لا يجعلهما يشعران بخشونتها ، وليس لهما عشاء في ذلك اليوم كالعادة ، فحاول بفطرته البريئة وصفاء نفسه ورضاه أن يقول لها ما يخرجها من حالة الإحساس بالجوع والفقر فبادرها بعبارة أشبعتها نفسيا،عمل ليها نوع من الـ SATISFACTION تعرفوا قال ليها شنو ؟؟؟
والله كرعينك ديل سمحات سماحة يستاهلن ليهن حجول دهب.
قالت له بكل رقة وأنوثة ودلال ورضى وتصديق( لو عايز تجيبهم لي غالبك )
تم تبادل هذا الود الجميل بين زوجين ينامان على (عنقريب ) قديم وبدون غطاء ولا عشاء .
هذا يشبه نموذج أم الحسن المرأة المحبة الطيبة ( الافتراضية ) في ذلك الزمن الجميل التي تغنى لها الشاعر / حميد قائلا :
ما قالته جيب .... قوماك يا الحبيب
ودهن النقلتي ..... والترزي القريب
نان يا ام الحسن .... طقهن آ بفيد
طقهن آ بزيد ... انطقن زمن
وان طق الزمن .... لازمك توب جديد
وبي ايا تمن .... رغما للظروف والحال الحرن
شان يا أم الرحوم .... ما تنكسفي يوم
لو جارتنا جن
مارقات لي صفاح .... أو بيريك نجاح
الحاصل إذن ... إيه الدنيا غير
لمة ناس في خير ... أو ساعة حزن .
أين هذه المرأة من نساء هذا الزمن اللاتي لا يعرفن سوى كلمة جيب ( ليس جيب برادو ) وإنما جيب بمعنى هات أو احضر، جيب معاك (جبنة وزبادي) ولا تنسى إحضار (العيش الصامولي) و(السلطة خلصت ) والغاز قطع والظهر أذّن ، والغداء يا دوب ختيته في النار ما بلحقك اغشى المطعم جيب غداء جاهز، والبنت الليلة حا تطلع بدري من المدرسة ، البنات عايزين البقالة وعايزين جلاكسي وعايزين اندومي وعايزين اكسترا ومحمد قال ليك اشتراك النت انتهى ، ورسل لي رصيد عايزة اتكلم مع ناس أمي، والولد مصر يشتري جوال بكاميرا وهو لسه في خامسة ابتدائي وأمه تشجعه على ذلك نكاية في الوالد الذي لازم يكون في حالة شراء دائم والتزامات متلاحقة ما تديه أي نفس يفكر أو يفرفر يظل يلف في هذه الدوامة دون أن يلتقط انفاسه كي لا يفكر يعرس واحدة تانية ، الليلة ماشين بنده ، الليلة في استراحة المغرب ( اربعين محاسن ) وعايزة هدية جيب لي معاك كيك وفطائر من المخبر وكرتونة ببسي عليك الله ، بكرة في عروض في سوق جيان والاولاد زهجانين وعايزين حاجات، الخميس الجاي ماشين المدينة نصلي لينا كم صلاة في الحرم وناكل لينا كم وجبة في مطعم البيك ونمرعلى بتاع التياب السودانية الفي عمارة الجزيرة ، نساء هذا الزمان مغرمات بالشراء والصرف و بكتابة روشتات الحاجات التي لا تنتهي ، جيب وجيب وفورد وكامري وكورلا والنترا كمان ، واذا جبت ترجع تاني وتجيب برضه الى ان يتقد جيبك وايدك توجعك من طليع الاكياس التقيلة وطلوع السلالم وطبعا مافي زول بترسل أو يساعدك . ولما تجي نازل تلقى المرتجعات نصف ما احضرته تحول لزبالة تنزله معاك وأنت راجع الشغل عشان تجيب غيره .
نسوان لا يقرأن الحياة بصورة ذكية ومنطقية ، ولا يقرأن أفكار الرجل المستقبلية عشان يحافظ على صحته ونظره وأعصابه ويبنى ليه بيت ويربى أولاده على الحب والقيم والمثل والترشيد، نسوان جاهلات عايزات يقضن الحياة تظاهر وتفاخر و sales وغويشات وثياب غالية . وغير حامدات ولا شاكرات لما هن فيه من نعمة ، الواحدة ما تصدق تركب ليها عربية وتسوى ليها موبايل وتكشكش ايديها الا تقعد تتفلسف وترقق صوتها وتتراشق تقول جاية من دول الاتحاد الأوربي مش من أرياف السودان .
واحد صاحبنا مرته تذكرت فجأة في عز الظهيرة انها تحتاج لـ (هبهان )، ما أهمية الهبهان في حياتنا ، هل سمعتوا بي زول مات من عدم تناول الهبهان ، والله سمعتوا بزول مشى الدكتور واتضح من الفحص انو فاقد مادة ( الهبهانين ) المهم ارسلت الولد لشراء الهبهان من البقالة ، راح جاب اكبر علبة هبهان في التاريخ وجا شايلا ودخل على أمه وكان أبوه يصلى ، وأثناء صلاته لاحظ أن شيئا ضخما وغير اعتيادي عبر من أمامه وهو يصلي ، فتماسك الأب وواصل خشوعه رغم ( الخلعة ) التي كادت أن تخرجه من صلاته ومن وقاره ومن جلابيته ،وسمع زوجته تقول للولد افتحها سريع قبل ما أبوك يخلص صلاته بقول ليك رجعها ، الأب ركع ركعة طويلة يدعى ربه ويبتهل ويبكي ويسأل الله أن يختاره إلى جنبه خيرا له من هذه الحالة التي يعيشها ، فقالت الزوجة لولدها شوف أبوك ده مالوا أتأخر كده في الصلاة نحن ختينا الهبهبان ( اقصد الغداء ) فنادى الولد ابوه بابا بابا بابا ، وعندما اقترب منه وجده جثة هامدة ، يلا خلو الهبهبان ينفعكم .
واحد جا من الشغل زهجان وقافلة معاه لقى مرته شاخرة تحت المكيف الاسبلت لمان ريالتها ماشة ، حضرتها تابعت جميع المسلسلات التركية والعربية واوبرا ودكتور فيل وباب الحارة الجزء المليون ، وبعد ما فترت اجدعت نامت ، المسكين جا من الشغل لقاها في الوضع ده ، تسلل بهدوء إلى غرفة النوم حيث توجد هي ليغير ملابسه ، فرفعت رأسها وريالتها مالية المخدة وقالت له باستياء ؟، ما تولع النور غير هدومك براحة وأنت ساكت أنا تعبانه ومصدعة أمشي الاوضة التانية مع الأولاد واعمل قهوتك براك واعمل لي معاك كباية طالما انك طيرت مني النومة الله يطير نومك ويطين عيشتك يا راجل يا ثقيل يا ما عندك إحساس ما بتقدر تعبي طول اليوم جاي جايط من برة حرام عليك ( يا حليلك يا ام الرحوم ) ويا حليلك يا زينب بت النوراني الضيعتي عمرك كلو في الشقا والعذاب ، يا حليلك يا الما حضرتي الاسبلت والشاشة البلازما والميكرويف وصاج الكهرباء والدلفري، يا حليلك يا الضيعتي عمرك في العواسة بالقصب والعرق والتعب ، يا حليلك يا القضيتي عمرك كله عبادة وصبر وصيام واحتساب . أمي من قال فيها حميد :
كانت ماها في ... كانت في المراح
شدتله الحمار تحلب في الغنم .... لي شاي الصباح
والطير ما نضم ... ما رسل نغم .
أين نساء هذا الزمن اللاتي يذهب أزواجهن للشغل من غير أن يشربوا شاي الصباح ، يتركوهن نائمات ، بائسات ، مرهقات من السهر، أين هن من ناس زينب بت النوراني التي تصلي الفجر حاضراً وتحلب الغنم وتسوي الشاي ، كم من الأمهات ارضعن أبنائهن الحنان والألفة والمودة مع شاي الصباح ، أين هن من هؤلاء النائمات التعيسات .
أين الحب الحقيقي ، وأين القناعة والرضا بالمقسوم، وأين كلمة قاضية وبتمشي الحال وما ضروري، أليست الماهية أف أليست هذه العيشة التي نعيشها هي عيشة هاك وكف ، ألا تقدر النساء في الغربة ما يبذله الرجال من مجهود مضاعف في العمل وضغوطه حتى يبددنه في التسوق والبعزقة والتفاخر وشراء الملابس البدون حوجة ، هل المرأة السودانية هي الوحيدة التي تفعل ذلك وتشتري وتبعثر راتب زوجها دون حساب ، لماذا رفيقتها المصريات والسوريات تجدهن في الأسواق مع أزواجهن في حالة نقاش وحوار حول السلعة المراد شرائها وبعد إخضاعها لدراسة متكاملة من جميع الجوانب وتوافقهما حولها تماما يتم بعد ذلك الشراء ، أما نسائنا السودانيات تشيل و( رررب ) ترمي في العربية بتاعة الأسواق تقول ليها دى بي كم تلقاها ما عارفه ولا قرت السعر المكتوب عليها ، لأنو في النهاية مكتوب عليك أنت تدفع من غير نقاش ولا تفاهم ولا دراسة ولا حوار ولا حوجة حقيقية ولا حب ولا رحمة.
أليس هذا ما ينطبق على حال بلدنا السودان ، أليست هذه المفاهيم العشوائية وقلة التخطيط وعدم ترتيب الأولويات وعدم الاستفادة من الموارد وسوء الاستخدام هو ما أعاد السودان خطوات للوراء وجعله في زيل الأمم ، أليست هذه الغالبية من السودانيات خارج الوطن هن القادمات من حياة رزق اليوم باليوم ومعظمهن يفكرن في اللحظة وكيف يعشنها قبل العودة للسودان ( سلق ملق ) وايد وراء وايد قدام .
هل الغني المؤقت وحياة الرفاهية الموجودة بدول الاغتراب تصيب السودانيات بشكل خاص بنوع من الصدمة الحضارية ، هل لكوننا بالسودان لا نعرف حياة الأسواق الكبيرة ( المولات ) ولا حياة الشقق المكيفة يجعل نسائنا يقعن فريسة ( الصدمة ) من هذا الوضع فيصبحن مجرد نساء هدفهن إرضاء غرورهن في التمتع ولو إلى حين بما لم يتعودن عليه فيقضين عشرات السنين بلا جدوى ولا مدخرات ودون وضع أي سقف لمدة الاغتراب وخطة لانجاز مشروع معين يعدن به إلى بلادهن ، وهل وسط كل هذا الزخم والنقلة الحضارية يضعف وازع الحب وتضيع ( الملاحة التعطن وجيه المرأة السودانية .. ويضيع زمان الحبيبة البتلس فصول الخصوبة وتضحك أغاني وتدفق عذوبة وتنزل مطر) ، هل فعلا المرأة السودانية المغتربة تنسى نفسها والبيئة التي جاءت منها وتتعالى وتعيش في كذبة الغنى والرفاهية حتى تصدق هذه الكذبة ، وهل فعلا يُصدق ما نسمعه في بعض مجالسهن يرددن أن السودان صعب وحار والكهرباء قاطعة وبعضهن يقلن أنهن عملن خروج نهائي من السودان للغربة وليس العكس . هل المرأة السودانية تضعف مشاعرها وعاطفتها الجياشة بمجرد أن ترتاح ، هل الحب العذري وزمان أمونة وام الحسن وام الرحوم زمان انتهى وأصبح شيء من الماضي ، هل كن نساء من كوكب أخر ، هل رفاهية الغربة تجعل النساء يتكبرن على بعض العادات السودانية مثل ( العواسة ) وبعضهن ينكر علمه المسبق بها لكونها متخلفة وغير حضارية ويجب أن تتعلم صناعة البيتزا والبشملا والزفتلا وغيرها من الأكلات الغير سودانية والتي لا تناسب الرجل السوداني ولكنها تفرض عليه من باب اللياقة والمظهر الاجتماعي والتحضر الزائف الذي هبط عليهم .
هل يصبح الحب والألفة والمودة والرحمة صفات من الماضي وهل إيقاع الحياة العصرية السريع هو ما يجعل السودانيات بشكل خاص لاهثات وراء متطلبات العصر والركض وراء قطار الموضات والأسواق والشراء والمسلسلات والمسابقات فيتراجع الحب والحنان و( الريدة) وينشغل التفكير وتتحول المشاعر لتحقيق هذه المتطلبات العصرية ، أم لكون الزمن ( زمنا كعب) زمن حروب وضغوط وديون كلها أتت على حساب الالفة والمودة والأحاسيس الجميلة. زمان يشتعل فيه الشيب على رؤوس الشباب وتتنوع فيه الأمراض ويكثر استعمال الأدوية والنظارات والجلطات والنساء يزددن نعومة ووزنا ونضارة .
فهل من وقفة لكّن يا معشر النساء تستلهمن العبر والدروس من تجارب المرأة السودانية الأصيلة التي لم تلونها الغربة ولم تلوثها الحداثة ولم تغير مبادئها المادة ، المرأة التي تغنى لها الشعراء وخلدها الكتاب والمغنيين.أين يا ترى ( الزول السمح الفات الكبار والقدرو ) كان شافوهوا ناس قرعيتي راحت المطّمشين في السعودية كان عملوا خروج نهائي وهربوا من هذه الحياة الجافة .
مع تحياتي
عبد المنعم الحسن محمد
المملكة العربية السعودية
27/6/2009م