عثمان جلالة
18-07-2009, 05:06 AM
عندما دمعت عينا أمي
لم أكن أعي حينها تفاصيل التفاصيل "على قول حبوبتي غناوه الله يرحمها" كنت في مرحلة الوعي واللا وعي ...
غير أني واثق تماماً من أنه كان أحد أعياد الفطر المبارك ... نمت ليلتها مبكراً "ليلة ما قبل العيد" لاعتبارات عديدة أهمها
*** بكره العيد
*** كنت داير أفاجئ نفسي بـ لبسة العيد بعد أن "فترت" من إنتظار الوالد "يرحمه الله" عشان إتأخر في مدني ..
عندما سألتها أمي "الله يديها الصحة والعافية" قالت لي : بكون إتأخر عشان إتأخرت الرواتب وبكره العيد لازم يصرفوا ليهم قبل العيد.
نمت مسرعاً على أمل أن يأتي العيد بالجديد ...... وفي الصباح الباكر نهضت نشيطا ... وأنا أردد "يا عيد تعود يا عيد .. بالخير علينا سعيد"
وجدت أمي بالمطبخ .. تصنع الفرح بالشاي أو تصنع الشاي بالفرح لست ادري .. فـ كثيرا ما عجزت عن تحديد من يأتي أولاً .. ولكني ما أن أشرب هذا الشاي حتى يملأني الفرح ..
غير أني في ذلك الصباح .. وجدت الشاي ولم أجد الفرح !!!!:confused:
لامن سألتها "في شنو ؟؟" أجابتي وهي سارحة ما في حاجه يا ولدي أشرب الشاي واكل اللقيمات وأمشي عيد على أصحابك.
خرجت من الحمام ... وطوااالي على اللبسة الجديدة .. ياااااااا الله مافي لبسة جديدة .. ياهي زاتها لبسة العيد الفات ؟؟؟؟!!!:eek:
يااااااا أمي يااااااااا أمي .. ويني لبستي الجديدة .. إنت غلطت يا يمه ختيتي لي القديمة ؟؟ قالتها أمي في حسرة : ما غلطت يا ولدي .. أبوك أمس ما صرف المرتب نعمل شنو؟؟:mad:
لم أسمع ما قيل بعدها لأنني دخلت في نوبة حادة من البكاء .. وبعد جهد جهيد تعاون الاثنان أمي وأبي .. وبمعاونة الأصدقاء في أن ألبس "اللبسة القديمة" وأعًيد على الناس .. غادرت البيت ولكني لمحت في عيني أمي دمعة حاولت جاهدة إخفائها.
ومن يومها لم أنس هذه الدمعة
ولم أطالب بـ لبسة جديدة في عيد
وإذا أحسست ضرورة التغيير فأنني قد أضطر لـ عمل أشياء غريبة تكون مثار حديث الناس وربما سخريتهم كـ "أدي شبطي مثلا بوهية وأغير لونو":rolleyes:
أو أقوم بعمل "مجلة حائطية".. أعلقها للناس يوم العيد .. وأهو الناس يعيدوا ويقروا ليهم كلمة كلمتين ;)
كنت في صغري كثير التطلع .. وما زلت .. وعندما يبلغنا والدي "يرحمه الله" بأنه ذاهب لـ صرف المرتب .. أزوده بـ لسته طويلة عريضة تشمل بالإضافة للـ أيس كريم وكتب الشياطين الـ 13 أو طرزان أو أرسين لوبين ربما تشمل : تلفزيون وتلاجه وعربية كمان.:rolleyes:
كثيرا ما قالها لي "جدي" يرحمه الله .. "إنتو طايرين يا ولدي لكن الله ما مطيركم".:p
وفي كل عيد أتذكر هذه الحادثة .. وأتعجب كيف لـ مسئول في جهة ما حكومية كانت أو غير حكومية كيف له أن ينام ويضحك .. ويتشارك وأهله العيد .. والموظفين والعمال في جهة عمله .. استقبلوا العيد بلا رواتب !!!! :cool:
قلبي معهم جميعا ... وليهم رب أسمو الكريم.
قلبي مع كل الأمهات في مشارق الأرض ومغاربها .. قلبي مع الأمهات في وطني الحبيب .. قلبي مع "ست الكسرة" و "ست الشاي".
وعذراً أمي .. وشكراً للفقر الذي علمنا الإحساس بالآخرين .. وسأذكر ما حييت وفي كل عيد أمهات العالم جميعا .. أمهات أخذت منهن الحياة أزواجهن.. أو هربوا منهن .. هربوا من قسوة الحياة .. فـ بقين كالأشجار تموت واقفة يعانين الأمرين في سبيل تربية هؤلاء الأيتام .. ويواجهن يومياً خير الحياة وشرها .. ولكن تظل الرسالة سامية.
لأمي ولكل أمهات العالم أهديكم ما قاله الشاعر محجوب شريف :
بين العمل والبيت
فصّد جبينها عرق..
أم اليتامى بكت
لمن حسابها فرق
ماهية تمشي السوق
مركب مصيرها غرق
حق اللبن والزيت
الكسرة والكراس
هم في عيونها برق
الما بحس ما بهم
والخان همومو سرق
هذا المرتب تب
ما بسدها الفرقة..
القعدة في المكتب
والإمضا في الورقة
العبرة في الخبرة
الأيدي لو تعمل
جرح الزمن ببرا
اتباصرت مكنة
ماكوكها يتقدّل
بين خيطها والإبرة
زي ما القلب ساساق
الخطوة ساساقة
وعيونها منتبهة
تباري زقزاقها
لا شك ولا شبهة
والسترة أشواقها
والشفع القصر
والدمعة رقراقة
يا حليل شريك العمر
الدنيا فراقة
اتيقنت أحسن
من تبقى نقناقة
شقشق مقص في ليل
نامت خلايق الله
طاير سُقد حلّق
في بيتها واتدلّى
تدّي الولاد بصة
وتجرب القصة
وتقلّب الحلة
جاهز عمل بكرة
أسأل تقاريرها
السرية والسمعة
هل ركلست يوماً
حتى ولو جمعة
مشكورة في المكتب
مستورة في الحِلة
رغم الشجن هبت
لم تعرف الذلة
ما فارقت سرباً
تتفهم الموقف
تستدرك العلة
ولم تعد أماً
مسكينة بتشفِّق
تفرتق وترتق
قُصاصة في إيدها
كالوردة بتبتِّق
ريانة منشرحة
هدِم قدِم يصبح
في لمحة كم طرحة
لا بد من تكية
لا بد من بكية
لا بد من غمدة
لا بد من سرحة
أنعم بها أماً
بين العمل والبيت
يا مرحىَ يا مرحىَ
لم أكن أعي حينها تفاصيل التفاصيل "على قول حبوبتي غناوه الله يرحمها" كنت في مرحلة الوعي واللا وعي ...
غير أني واثق تماماً من أنه كان أحد أعياد الفطر المبارك ... نمت ليلتها مبكراً "ليلة ما قبل العيد" لاعتبارات عديدة أهمها
*** بكره العيد
*** كنت داير أفاجئ نفسي بـ لبسة العيد بعد أن "فترت" من إنتظار الوالد "يرحمه الله" عشان إتأخر في مدني ..
عندما سألتها أمي "الله يديها الصحة والعافية" قالت لي : بكون إتأخر عشان إتأخرت الرواتب وبكره العيد لازم يصرفوا ليهم قبل العيد.
نمت مسرعاً على أمل أن يأتي العيد بالجديد ...... وفي الصباح الباكر نهضت نشيطا ... وأنا أردد "يا عيد تعود يا عيد .. بالخير علينا سعيد"
وجدت أمي بالمطبخ .. تصنع الفرح بالشاي أو تصنع الشاي بالفرح لست ادري .. فـ كثيرا ما عجزت عن تحديد من يأتي أولاً .. ولكني ما أن أشرب هذا الشاي حتى يملأني الفرح ..
غير أني في ذلك الصباح .. وجدت الشاي ولم أجد الفرح !!!!:confused:
لامن سألتها "في شنو ؟؟" أجابتي وهي سارحة ما في حاجه يا ولدي أشرب الشاي واكل اللقيمات وأمشي عيد على أصحابك.
خرجت من الحمام ... وطوااالي على اللبسة الجديدة .. ياااااااا الله مافي لبسة جديدة .. ياهي زاتها لبسة العيد الفات ؟؟؟؟!!!:eek:
يااااااا أمي يااااااااا أمي .. ويني لبستي الجديدة .. إنت غلطت يا يمه ختيتي لي القديمة ؟؟ قالتها أمي في حسرة : ما غلطت يا ولدي .. أبوك أمس ما صرف المرتب نعمل شنو؟؟:mad:
لم أسمع ما قيل بعدها لأنني دخلت في نوبة حادة من البكاء .. وبعد جهد جهيد تعاون الاثنان أمي وأبي .. وبمعاونة الأصدقاء في أن ألبس "اللبسة القديمة" وأعًيد على الناس .. غادرت البيت ولكني لمحت في عيني أمي دمعة حاولت جاهدة إخفائها.
ومن يومها لم أنس هذه الدمعة
ولم أطالب بـ لبسة جديدة في عيد
وإذا أحسست ضرورة التغيير فأنني قد أضطر لـ عمل أشياء غريبة تكون مثار حديث الناس وربما سخريتهم كـ "أدي شبطي مثلا بوهية وأغير لونو":rolleyes:
أو أقوم بعمل "مجلة حائطية".. أعلقها للناس يوم العيد .. وأهو الناس يعيدوا ويقروا ليهم كلمة كلمتين ;)
كنت في صغري كثير التطلع .. وما زلت .. وعندما يبلغنا والدي "يرحمه الله" بأنه ذاهب لـ صرف المرتب .. أزوده بـ لسته طويلة عريضة تشمل بالإضافة للـ أيس كريم وكتب الشياطين الـ 13 أو طرزان أو أرسين لوبين ربما تشمل : تلفزيون وتلاجه وعربية كمان.:rolleyes:
كثيرا ما قالها لي "جدي" يرحمه الله .. "إنتو طايرين يا ولدي لكن الله ما مطيركم".:p
وفي كل عيد أتذكر هذه الحادثة .. وأتعجب كيف لـ مسئول في جهة ما حكومية كانت أو غير حكومية كيف له أن ينام ويضحك .. ويتشارك وأهله العيد .. والموظفين والعمال في جهة عمله .. استقبلوا العيد بلا رواتب !!!! :cool:
قلبي معهم جميعا ... وليهم رب أسمو الكريم.
قلبي مع كل الأمهات في مشارق الأرض ومغاربها .. قلبي مع الأمهات في وطني الحبيب .. قلبي مع "ست الكسرة" و "ست الشاي".
وعذراً أمي .. وشكراً للفقر الذي علمنا الإحساس بالآخرين .. وسأذكر ما حييت وفي كل عيد أمهات العالم جميعا .. أمهات أخذت منهن الحياة أزواجهن.. أو هربوا منهن .. هربوا من قسوة الحياة .. فـ بقين كالأشجار تموت واقفة يعانين الأمرين في سبيل تربية هؤلاء الأيتام .. ويواجهن يومياً خير الحياة وشرها .. ولكن تظل الرسالة سامية.
لأمي ولكل أمهات العالم أهديكم ما قاله الشاعر محجوب شريف :
بين العمل والبيت
فصّد جبينها عرق..
أم اليتامى بكت
لمن حسابها فرق
ماهية تمشي السوق
مركب مصيرها غرق
حق اللبن والزيت
الكسرة والكراس
هم في عيونها برق
الما بحس ما بهم
والخان همومو سرق
هذا المرتب تب
ما بسدها الفرقة..
القعدة في المكتب
والإمضا في الورقة
العبرة في الخبرة
الأيدي لو تعمل
جرح الزمن ببرا
اتباصرت مكنة
ماكوكها يتقدّل
بين خيطها والإبرة
زي ما القلب ساساق
الخطوة ساساقة
وعيونها منتبهة
تباري زقزاقها
لا شك ولا شبهة
والسترة أشواقها
والشفع القصر
والدمعة رقراقة
يا حليل شريك العمر
الدنيا فراقة
اتيقنت أحسن
من تبقى نقناقة
شقشق مقص في ليل
نامت خلايق الله
طاير سُقد حلّق
في بيتها واتدلّى
تدّي الولاد بصة
وتجرب القصة
وتقلّب الحلة
جاهز عمل بكرة
أسأل تقاريرها
السرية والسمعة
هل ركلست يوماً
حتى ولو جمعة
مشكورة في المكتب
مستورة في الحِلة
رغم الشجن هبت
لم تعرف الذلة
ما فارقت سرباً
تتفهم الموقف
تستدرك العلة
ولم تعد أماً
مسكينة بتشفِّق
تفرتق وترتق
قُصاصة في إيدها
كالوردة بتبتِّق
ريانة منشرحة
هدِم قدِم يصبح
في لمحة كم طرحة
لا بد من تكية
لا بد من بكية
لا بد من غمدة
لا بد من سرحة
أنعم بها أماً
بين العمل والبيت
يا مرحىَ يا مرحىَ