عمران حسن
03-07-2009, 09:57 AM
الحملة الأمنية الأخيرة التي شنتها أجهزة الأمن المصرية ضد كوادر مهمة من قيادات "الإخوان المسلمون" واعتقال د.عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد الجماعة والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب ومعه ستة آخرون، ضمن القضية المعروفة إعلاميًا بـ "قضية التنظيم الدولي للإخوان"، هذه الحملة ليست شيئًا جديدًا وإنما هي حلقة من حلقات مستمرة ومتواصلة أصبح الأمن المصري يجيدها ويجد متعة في القيام بها واستعراض عضلاته من خلالها.
الاتهامات الموجهة للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح اتهامات قديمة ومحفوظة، عادة ما يواجهها كلما تَمّ إلقاء القبض عليه، وهي: الانضمام إلى جماعة محظورة قانونًا، وإعادة إحياء التنظيم الدولي للجماعة، والاتصال بمنظمات إرهابية، واستغلال منصبه كأمين عام لاتحاد الأطباء العرب في دعم منظمات إرهابية وغسيل أموال، وقد سبق أن حوكم عليها أبو الفتوح أمام المحكمة العسكرية عام 1995م وعوقب بالسجن خمس سنوات.
ويتمسك أبو الفتوح هذه المرة بأن قرار القبض عليه باطل؛ لأنه يتمتع بالحصانة بصفته عضوًا بالهيئة العليا للمجلس الطبي العربي التابع للجامعة العربية، بموجب اتفاقيه المقر الخاصة بالجامعة التي يتبعها اتحاد الأطباء العرب الذي يشغل منصب الأمين العام به.
اللافت أنه ضمن المجموعة التي تم إلقاء القبض عليها كان المستشار فتحي لاشين البالغ من العمر ثمانين عامًا والمريض بعدة أمراض منها الفشل الكلوي، وبعد أن قضى يومًا في المستشفى، خاف الأمن من تدهور حالته الصحية فتم الإفراج عنه، حتى لا يكون سببًا في هجوم حادّ على الدولة وأجهزة الأمن من الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان إذا حدث له مكروه، وهو ما يؤكد من جانب آخر تهافت أدلة الاتهام الموجهة إليه وأنها اتهامات سياسية وليست جنائية، إذ لو كانت الاتهامات حقيقية وقائمة على أساس ما أفرجت عنه أبدًا أجهزة الأمن مهما كان مرضه، وسجلها وتراثها يؤكدان ذلك.
ويبدو أن الأمر قد احتاج لبعض الوقت من أجل إنضاج طبخ هذه القضية، حيث إن اسم د. عبد المنعم أبو الفتوح قد ورد في محضر تحريات سابق ومعه أعضاء إخوان بمجلس الشعب على رأسهم الدكتور سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في المجلس، أسندت إليهم تهمة إحياء التنظيم الدولي للإخوان، ومن المتوقع أن يصدر النائب العام قرارًا برفع الحصانة عنهم، إذا لم يصدر قرار جمهوري قريبًا بحل مجلس الشعب.
تهمتان محببتان للأمن
ويبدو أيضًا أنّ تهمة تلقي أموال من التنظيم الدولي للجماعة بالإضافة إلى تهمة غسيل الأموال، أصبحتا تهمتين محببتين لأجهزة الأمن ضد جماعة الإخوان وكوادرها في السنوات الأخيرة، فقد تم توجيههما إلى نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر في المحاكمة العسكرية الأخيرة بالإضافة إلى مجموعة من التهم الأخرى، ورغم أن المحكمة العسكرية التي حاكمت الشاطر محكمة استثنائية إلا أنها برأته منها رغم أنها أدانته في تهم أخرى.
وأكبر دليل على تهافت الاتهامات ضد أبو الفتوح ورفاقه، الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة بإلغاء القرارات التي أصدرتها نيابة أمن الدولة العليا ضد 13 من قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين في 14 مايو الماضي وأمرت المحكمة بالإفراج الفوري عنهم، بعد أن تَمّ اعتقالهم بتهمة غسيل الأموال في قضية التنظيم الدولي للإخوان.
ومما يؤكد أن التهم معادة ومكررة وسياسية أن الدولة عادة ما تحيل مثل هذه القضايا إلى المحاكم العسكرية التي لا تتيح للمتهمين الدفاع عن أنفسهم بصورة جيدة ولا تفسح صدرها لهم وتكون أقرب إلى الاقتناع بحجج أجهزة الأمن، ويكاد يجمع المتابعون للأمر أنه لو تمت إحالة المتهمين إلى القضاء الطبيعي لتم تبرئتهم، ولا ينسى الناس إحدى التهم المضحكة التي وجهها جهاز أمن الدولة إلى أحد قادة الإخوان وهو د. عبد الحي الفرماوي وهي اتهامه بتصنيع طائرة بالتعاون مع حركة "حماس".
حينما يكون إنشاء قناة فضائية تهمة!!
التهم كثيرة ومتنوعة ومن كل لون، ومن هذه التهم ما سربته أجهزة الأمن لوسائل الإعلام والتي لم توجهها النيابة حتى الآن للمتهمين، أنهم كانوا يستعدون لإطلاق قناة فضائية جديدة اسمها "الأمة"، رصدوا لها خمسة وعشرين مليون دولار. وهذه من أعجب التهم، فالتواجد في الفضاء الخارجي الذي تعتبره أجهزة الأمن اتهامًا لكوادر الجماعة حق مشروع لكل الناس طالما سار بالشكل القانوني ومحال أن يحدث البثّ دون الحصول على الترخيص اللازم وبالتالي فليست هناك قناة غير مشروعة، اللهم إلا قنوات الرقص والمجون والمسلسلات التي حصلت على تراخيص من الدولة.
أمثال هذه التهم المضحكة تؤكد أن الأمر هزل وليس جد وأن التهم غير حقيقية وأنها تهم سياسية بحتة الغرض منها هو الضغط على الجماعة لتشتيت انتباهها ولدفعها لارتكاب أخطاء يمكن استغلالها ضد الإخوان بصورة أكبر من أجل تبرير شنّ حملة أكبر وأكثر إيلامًا وتأثيرًا على الجماعة.
المعادلة التي تربط الإخوان بالنظام المصري عجيبة، فالإخوان، منذ أفرج عنهم الرئيس السادات في السبعينات، لم يمارسوا العنف أبدا وأدبياتهم وثقافتهم ومنطقاتهم الفكرية تؤكد نبذ العنف واعتماد الدعوة السلمية والأساليب الديمقراطية في العمل السياسي، وفي نفس الوقت اعتمدت الدولة معادلة حذرة ودقيقة في التعامل مع الإخوان عن طريق وضعهم تحت ضغط مستمر وتشديد الرقابة عليهم وشن حملات دهم بصورة منتظمة ضد مؤسساتهم واعتقال كوادرهم الوسيطة والنشطة وإحالتهم للمحاكمة العسكرية والمدنية.
يرى الإخوان أنهم فوتوا الفرصة في كل مرة على مؤامرات النظام لاستدراجهم للعنف، ويقولون إن الجماعة لن تقوم أبدا برفع السلاح وستستمر في انتهاج أسلوب المقاومة السلمية التي يسددون ثمنها من أجل تحقيق الإصلاح السياسي، إلا أن قطاعًا من الناشطين السياسيين يرون في النهج الإخواني استسلامًا للنظام الذي أصبح مفلسًا ولا يملك شيئًا للتعامل مع المعارضة سوى العصا والجزرة، حيث يستخدم العصا ضد الإخوان ويعطي الجزرة للأحزاب المعارضة والقوى السياسية الأخرى، وهؤلاء يرون أن الإخوان لابد أن يغيروا من طرق تعاطيهم وضغطهم على النظام الذي هو في أضعف حالاته.
أسباب النظام التي دعته لهذه الحملة الأمنية كثيرة، منها: تصفية الحسابات ومحاولة التعويق وتهديد العاملين في مجال العمل الإخواني لدعم ونصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية, والتضييق على الجماعة وتحجيمها وإقصائها من الحياة السياسية، خاصة في ظل الاستعدادات للتجديد النصفي لمجلس الشورى، واحتمالات حل مجلس الشعب وبالتالي التبكير بالانتخابات البرلمانية، وحث الخطى في اتجاه التوريث، كما لا يمكن فصل سيناريو التضييق الأمني والسياسي على الإخوان بعلاقة النظام المصري بأمريكا وإسرائيل واعتقاده أن أداءه في هذا الملف سيسهل مأمورية دعم الأمريكان له في الملفات الأخرى وأهمها ملف التوريث، لكننا ينبغي ألا نقف عند هذه الأسباب لأن النظام تتجدد أسبابه بالنسبة للإخوان بشكل دائم ومستمر، فهو يتعقب الجماعة ويخترع الأسباب ولا يقف عند سقف معين في هذا الاتجاه.
معادلة مستعصية على الحل
استهداف الإخوان ووضع العراقيل أمامهم، وإحالتهم المستمرة للمحاكم العسكرية وسجن وتشريد كوادرهم... الخ، كل ذلك يؤكد أننا أصبحنا أما معادلة مستعصية على الحل، ويجب أن يسعى الإخوان إلى فكر جديد وممارسة جديدة من أجل إجبار النظام على تغيير سلوكه وكشفه أمام الرأي العام.
فإما أن يتنازل الإخوان على المنازلة السياسية المستمرة، والمنافسة في كل الانتخابات، ومحاولة إثارة النظام وأجهزة أمنه، في إطار تهدئة عامة لعدة سنوات حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، وإما ينتقل الإخوان إلى ممارسات أكثر جرأة تحرج النظام وتهزه، مع تسليمنا أنها ممارسات سلمية لكنها في الشارع تقوده وتحرضه، فالإخوان هم الجماعة الحقيقية التي تستطيع النزول للشارع وإحراج النظام وإرهاقه لكن قيادتها اتخذت قرارًا استراتيجيًا بعدم فعل ذلك وعدم دفع الإخوان الفاتورة وحدهم، وإن كان المسموح به فقط هو العمل مع القوى الوطنية الأخرى.
وإذا كان الإخوان غير مستعدين لتغيير أسلوبهم في مواجهة إستراتيجية النظام للتضييق والسيطرة عليهم، فإن عليهم أن يغيروا من طريقة تعاملهم مع القوى السياسية المختلفة وعدم الاستعلاء عليها، ومحاولة تغيير قناعات هذه القوى بأن الإخوان يعملون لحسابهم الخاص وأنهم بممارساتهم في النقابات وفي الانتخابات البرلمانية لا يميلون للتنسيق مع غيرهم، نحن نريد أن تتفاعل القوى السياسية مع الإخوان بشكل أكبر، كما نريد أن يهتم الإخوان بالشارع المصري بشكل أكبر وأكثر إخلاصًا، لأن ذلك هو طريقهم لمنع النظام من الانفراد بهم ومضايقتهم وظلمهم.
الاتهامات الموجهة للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح اتهامات قديمة ومحفوظة، عادة ما يواجهها كلما تَمّ إلقاء القبض عليه، وهي: الانضمام إلى جماعة محظورة قانونًا، وإعادة إحياء التنظيم الدولي للجماعة، والاتصال بمنظمات إرهابية، واستغلال منصبه كأمين عام لاتحاد الأطباء العرب في دعم منظمات إرهابية وغسيل أموال، وقد سبق أن حوكم عليها أبو الفتوح أمام المحكمة العسكرية عام 1995م وعوقب بالسجن خمس سنوات.
ويتمسك أبو الفتوح هذه المرة بأن قرار القبض عليه باطل؛ لأنه يتمتع بالحصانة بصفته عضوًا بالهيئة العليا للمجلس الطبي العربي التابع للجامعة العربية، بموجب اتفاقيه المقر الخاصة بالجامعة التي يتبعها اتحاد الأطباء العرب الذي يشغل منصب الأمين العام به.
اللافت أنه ضمن المجموعة التي تم إلقاء القبض عليها كان المستشار فتحي لاشين البالغ من العمر ثمانين عامًا والمريض بعدة أمراض منها الفشل الكلوي، وبعد أن قضى يومًا في المستشفى، خاف الأمن من تدهور حالته الصحية فتم الإفراج عنه، حتى لا يكون سببًا في هجوم حادّ على الدولة وأجهزة الأمن من الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان إذا حدث له مكروه، وهو ما يؤكد من جانب آخر تهافت أدلة الاتهام الموجهة إليه وأنها اتهامات سياسية وليست جنائية، إذ لو كانت الاتهامات حقيقية وقائمة على أساس ما أفرجت عنه أبدًا أجهزة الأمن مهما كان مرضه، وسجلها وتراثها يؤكدان ذلك.
ويبدو أن الأمر قد احتاج لبعض الوقت من أجل إنضاج طبخ هذه القضية، حيث إن اسم د. عبد المنعم أبو الفتوح قد ورد في محضر تحريات سابق ومعه أعضاء إخوان بمجلس الشعب على رأسهم الدكتور سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان في المجلس، أسندت إليهم تهمة إحياء التنظيم الدولي للإخوان، ومن المتوقع أن يصدر النائب العام قرارًا برفع الحصانة عنهم، إذا لم يصدر قرار جمهوري قريبًا بحل مجلس الشعب.
تهمتان محببتان للأمن
ويبدو أيضًا أنّ تهمة تلقي أموال من التنظيم الدولي للجماعة بالإضافة إلى تهمة غسيل الأموال، أصبحتا تهمتين محببتين لأجهزة الأمن ضد جماعة الإخوان وكوادرها في السنوات الأخيرة، فقد تم توجيههما إلى نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر في المحاكمة العسكرية الأخيرة بالإضافة إلى مجموعة من التهم الأخرى، ورغم أن المحكمة العسكرية التي حاكمت الشاطر محكمة استثنائية إلا أنها برأته منها رغم أنها أدانته في تهم أخرى.
وأكبر دليل على تهافت الاتهامات ضد أبو الفتوح ورفاقه، الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة بإلغاء القرارات التي أصدرتها نيابة أمن الدولة العليا ضد 13 من قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين في 14 مايو الماضي وأمرت المحكمة بالإفراج الفوري عنهم، بعد أن تَمّ اعتقالهم بتهمة غسيل الأموال في قضية التنظيم الدولي للإخوان.
ومما يؤكد أن التهم معادة ومكررة وسياسية أن الدولة عادة ما تحيل مثل هذه القضايا إلى المحاكم العسكرية التي لا تتيح للمتهمين الدفاع عن أنفسهم بصورة جيدة ولا تفسح صدرها لهم وتكون أقرب إلى الاقتناع بحجج أجهزة الأمن، ويكاد يجمع المتابعون للأمر أنه لو تمت إحالة المتهمين إلى القضاء الطبيعي لتم تبرئتهم، ولا ينسى الناس إحدى التهم المضحكة التي وجهها جهاز أمن الدولة إلى أحد قادة الإخوان وهو د. عبد الحي الفرماوي وهي اتهامه بتصنيع طائرة بالتعاون مع حركة "حماس".
حينما يكون إنشاء قناة فضائية تهمة!!
التهم كثيرة ومتنوعة ومن كل لون، ومن هذه التهم ما سربته أجهزة الأمن لوسائل الإعلام والتي لم توجهها النيابة حتى الآن للمتهمين، أنهم كانوا يستعدون لإطلاق قناة فضائية جديدة اسمها "الأمة"، رصدوا لها خمسة وعشرين مليون دولار. وهذه من أعجب التهم، فالتواجد في الفضاء الخارجي الذي تعتبره أجهزة الأمن اتهامًا لكوادر الجماعة حق مشروع لكل الناس طالما سار بالشكل القانوني ومحال أن يحدث البثّ دون الحصول على الترخيص اللازم وبالتالي فليست هناك قناة غير مشروعة، اللهم إلا قنوات الرقص والمجون والمسلسلات التي حصلت على تراخيص من الدولة.
أمثال هذه التهم المضحكة تؤكد أن الأمر هزل وليس جد وأن التهم غير حقيقية وأنها تهم سياسية بحتة الغرض منها هو الضغط على الجماعة لتشتيت انتباهها ولدفعها لارتكاب أخطاء يمكن استغلالها ضد الإخوان بصورة أكبر من أجل تبرير شنّ حملة أكبر وأكثر إيلامًا وتأثيرًا على الجماعة.
المعادلة التي تربط الإخوان بالنظام المصري عجيبة، فالإخوان، منذ أفرج عنهم الرئيس السادات في السبعينات، لم يمارسوا العنف أبدا وأدبياتهم وثقافتهم ومنطقاتهم الفكرية تؤكد نبذ العنف واعتماد الدعوة السلمية والأساليب الديمقراطية في العمل السياسي، وفي نفس الوقت اعتمدت الدولة معادلة حذرة ودقيقة في التعامل مع الإخوان عن طريق وضعهم تحت ضغط مستمر وتشديد الرقابة عليهم وشن حملات دهم بصورة منتظمة ضد مؤسساتهم واعتقال كوادرهم الوسيطة والنشطة وإحالتهم للمحاكمة العسكرية والمدنية.
يرى الإخوان أنهم فوتوا الفرصة في كل مرة على مؤامرات النظام لاستدراجهم للعنف، ويقولون إن الجماعة لن تقوم أبدا برفع السلاح وستستمر في انتهاج أسلوب المقاومة السلمية التي يسددون ثمنها من أجل تحقيق الإصلاح السياسي، إلا أن قطاعًا من الناشطين السياسيين يرون في النهج الإخواني استسلامًا للنظام الذي أصبح مفلسًا ولا يملك شيئًا للتعامل مع المعارضة سوى العصا والجزرة، حيث يستخدم العصا ضد الإخوان ويعطي الجزرة للأحزاب المعارضة والقوى السياسية الأخرى، وهؤلاء يرون أن الإخوان لابد أن يغيروا من طرق تعاطيهم وضغطهم على النظام الذي هو في أضعف حالاته.
أسباب النظام التي دعته لهذه الحملة الأمنية كثيرة، منها: تصفية الحسابات ومحاولة التعويق وتهديد العاملين في مجال العمل الإخواني لدعم ونصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية, والتضييق على الجماعة وتحجيمها وإقصائها من الحياة السياسية، خاصة في ظل الاستعدادات للتجديد النصفي لمجلس الشورى، واحتمالات حل مجلس الشعب وبالتالي التبكير بالانتخابات البرلمانية، وحث الخطى في اتجاه التوريث، كما لا يمكن فصل سيناريو التضييق الأمني والسياسي على الإخوان بعلاقة النظام المصري بأمريكا وإسرائيل واعتقاده أن أداءه في هذا الملف سيسهل مأمورية دعم الأمريكان له في الملفات الأخرى وأهمها ملف التوريث، لكننا ينبغي ألا نقف عند هذه الأسباب لأن النظام تتجدد أسبابه بالنسبة للإخوان بشكل دائم ومستمر، فهو يتعقب الجماعة ويخترع الأسباب ولا يقف عند سقف معين في هذا الاتجاه.
معادلة مستعصية على الحل
استهداف الإخوان ووضع العراقيل أمامهم، وإحالتهم المستمرة للمحاكم العسكرية وسجن وتشريد كوادرهم... الخ، كل ذلك يؤكد أننا أصبحنا أما معادلة مستعصية على الحل، ويجب أن يسعى الإخوان إلى فكر جديد وممارسة جديدة من أجل إجبار النظام على تغيير سلوكه وكشفه أمام الرأي العام.
فإما أن يتنازل الإخوان على المنازلة السياسية المستمرة، والمنافسة في كل الانتخابات، ومحاولة إثارة النظام وأجهزة أمنه، في إطار تهدئة عامة لعدة سنوات حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، وإما ينتقل الإخوان إلى ممارسات أكثر جرأة تحرج النظام وتهزه، مع تسليمنا أنها ممارسات سلمية لكنها في الشارع تقوده وتحرضه، فالإخوان هم الجماعة الحقيقية التي تستطيع النزول للشارع وإحراج النظام وإرهاقه لكن قيادتها اتخذت قرارًا استراتيجيًا بعدم فعل ذلك وعدم دفع الإخوان الفاتورة وحدهم، وإن كان المسموح به فقط هو العمل مع القوى الوطنية الأخرى.
وإذا كان الإخوان غير مستعدين لتغيير أسلوبهم في مواجهة إستراتيجية النظام للتضييق والسيطرة عليهم، فإن عليهم أن يغيروا من طريقة تعاملهم مع القوى السياسية المختلفة وعدم الاستعلاء عليها، ومحاولة تغيير قناعات هذه القوى بأن الإخوان يعملون لحسابهم الخاص وأنهم بممارساتهم في النقابات وفي الانتخابات البرلمانية لا يميلون للتنسيق مع غيرهم، نحن نريد أن تتفاعل القوى السياسية مع الإخوان بشكل أكبر، كما نريد أن يهتم الإخوان بالشارع المصري بشكل أكبر وأكثر إخلاصًا، لأن ذلك هو طريقهم لمنع النظام من الانفراد بهم ومضايقتهم وظلمهم.