درديري كباشي
28-06-2009, 07:30 PM
لكل شعب او امه عادات وتقاليد متوارثة منذ الازل . وهذه العادات لها عدة مصادر منها الدينية ومنها التي كانت لها خلفية الدينية لكن علاقتها بالدين اصبحت اسميه فقط الى ان ابتعدت واصبحت لا سند لها في الشرع . من خلال هذا الموضوع نريد ان نخوض في احدى العادات والتي تلبست مناسبة من مناسباتنا ورغما عن انها مناسبة غير سعيدة ولا تتمناها لاحد . ولكنها سنة الحياة ولابد منها الا وهي الموت . كل الشعوب والديانات حتى الوثنية منها والارضية اعطت تقوس وقداسة للموت ولم تجعلها حادثه عادية تمر مر الكرام . اما حادثة الموت في السودان وانا افضل تسميتها حادثة على ان اطلق عليها مناسبة ، مرت بعدة تطورات ودمجت بها عدة تقوس على اعتبار انها دينية لتعلم بعد ذلك انه لا يوجد نصوص تدل على انها فعلت بهذه الكيفية في صدر الاسلام . وانا كتبت الموضوع بشكل ريبورتاج بمعنى ان اقدم أي وسيلة يمكن ان تضع الضؤ على هذه الظاهره مثلا : مشهد درامي لقاء تقرير معلومات وهكذا والى الحلقة :
اولا المشهد الدرامي :
الديك يصيح مؤذنا بقدوم الفجر وقبل ان يصدح الاذان تسمع جلبه في الباب وتصحى الام منزعجة تسال زوجها الخير عندما تعرف انه هو من فتح الباب ودخل قادما من المستشفى وهو من المفترض ان يبيت مرافقا والدته ... مالك الحصل شنو؟ ...( يرد هو معبورا ... امي الحاجة اتوفت قبل شوية وانا جيت اكلمكم وراجع ... صحي اولادك ديل ... براحة ... ما تصرخوا وتخلعوا الجيران ... خلوا الفجر يفج ...) تصرخ الام وتكتم صرختها عندما يؤشر اليها بالسكات وتبدا تنتحب وتصحي في بناتها ( سوسن ....سناء ....ساميه ... قومن حبوبتكم ماتت .... قوموا ) يقمن البنات بنهره من الوالد والام تنكتم الصرخات .. وتسال سوسن امها ( يعني اييه يا ماما ما حانبكي حبوبة ) ترد ( يا بتي ما عايزين الناس يتلموا فينا قبل ما نحضر حالنا ونرتب البيت .... قومن يا بنتات لمن الفرش وطبقن البطاطين ديل ...)
يذهب الاب ناحية الصالون ويصحي ابنائه ( قم يا ولد خالد ... ولد عمر ... عثمان ) قومو حبوبتكم دي ماتت ...... خالد انت امشي كلم ناس عمك عبد الغفار ..... عثمان امشي لجباره شيلوا منو الحفارات وسوق اصحابك امشوا المقابر ... وانت يا عمر سوق العربية دي امشي كلم عمتك كلتوم براحه خليك عاقل ما تخلعها وجيبها معاك هي وبناتها .
يسمع خبط على الباب تفتح حاجة نفيسة الباب لتجد جارتها حاجة السره وترد على اندهاش حاجة نفيسة من حضورها المبكر بتيرير بعلمها ( اصلي صحيت الصباح شفت نور بيتكم ملوع عرفت في حاجة حصلت .... هو خالتي نعيمه حصلها شي ..... آي اتوفت ) وتبدا حاجة السره الدخول في موال النواح ( الليلة ووووب يا الهدية ورضية يا ام كلتوم وعلوية ) هنا تردها علوية لسع يا حاجة السره نحن لسع ما فتحنا البكا ولا كلمنا الناس انت سمعتي براك . اهدي شوية لمن نجهز حالنا .... على مضض تنكتم الحاجة وهي مغتاظة على اسكاتها وخاصة يبدوا انها اعدت قصيدتها للنواح من فتره وهي تستعد لهذا اليوم منذ ان حولت حاجة نعيمة لقسم الانعاش بالمستشفى .
يبدا الاقارب يتجمعون ويبدا الخبر ينتشر مع بزوق الفجر ويذهب الخير مع اشقائه الى المستشفى لاحضار الجثمان . تحضر الجنازه ويبدا صوت الصراخ يعلوا ويتجمع الاقارب والجيران . وتسمع اصوات الهميمين والمشهورين بالانبراء لهذه المواقف والجمل تتوارد هنا وهناك ( يا عصام امشوا لعثمان بتاع الجمعية جيبوا الصيوانات ...... عبد الرحمن امشي بيتنا جيب الحفارات عشان تدقوا الخيمه ..... الطاهر انت واصحابك ديل لموا العناقريب والسراير ديل وفرشوا السجاد ..... رمضان انت روح ناس التوم جيب منهم مساند وحفاظات الثلج) وتتوارد الجمل والاوامر تتقاذف من هنا وهناك وتجد الشباب يتحركون في كل اتجاه .. كل شخص يريد ان يفعل شيئا وفي ذات الوقت يريد ان يبرهن ان هذا الشئ هو الاهم في الموضوع وهو حريص على تنفيذه ) .. تخرج الجنازه الى المقابر بعد غسلها وتكفينها مع الصراخ والعويل وصوت محاولة اخماد الصراخ من قبل الرجال كبار السن ... ( اسكتي يا بت .... استغفري يا حاجة الكلام دا ما صاح ... يا بنات دا كلو ما بينفع ولا بيرجع حاجة ) تتوارد مثل هذه الجمل عادة عند خروج الجنازة وبصفة خاصة من الكبار والعقلاء .. بعد الدفن والرجوع الى البيت يبدا بالتدريج يتحول بيت الخير الى بيت البكاء المعروف في السودان بشكله المميز . وهو صيوان منصوب في الشارع في شكل غرفة عملاقة ومفروش بالسجاد وهو خاص باستقبال المعزين من الرجال فقط . اما النساء فيكتفين في معظم الاحيان بتفريغ الغرف والصالات من السراير والعناقريب وفرشها بالسجاد وبعض المفروشات مثل المراتب والمخدات .
بيت البكاء في السودان صفة تطلق على بيت العزاء وتلازمه فتره طويلة قد تصل الاربعين يوما او اكثر . لو دخلت أي حاره في السودان وسالت الاطفال . يا اولاد بيت البكا بويين ؟؟ تجد نفر منهم تطوع لتوصيلك دون ان يسالك عن أي بيت تعني اللهم الا اذا كان في الحي اكثر من متوفي واحد .
لقد كان المشهد الدرامي لوضع المشهد امامنا قبل تحليله وهو مشهد خيالي ولكنه ليس بعيدا عن الواقع . وبعد ذلك سنتناول طريقتنا في تبادل التعازي نساءا ورجالا ومصدرها شرعيا واجتماعيا وتاريخيا . واختلافنا مع الشعوب الاخرى في هذا المضمار . ومواقف طريفة في بعض الاحيان تحدث في بيوت البكاء ولكن تجنبا للاطالة دعونا ناخذها بالتدريج
اولا المشهد الدرامي :
الديك يصيح مؤذنا بقدوم الفجر وقبل ان يصدح الاذان تسمع جلبه في الباب وتصحى الام منزعجة تسال زوجها الخير عندما تعرف انه هو من فتح الباب ودخل قادما من المستشفى وهو من المفترض ان يبيت مرافقا والدته ... مالك الحصل شنو؟ ...( يرد هو معبورا ... امي الحاجة اتوفت قبل شوية وانا جيت اكلمكم وراجع ... صحي اولادك ديل ... براحة ... ما تصرخوا وتخلعوا الجيران ... خلوا الفجر يفج ...) تصرخ الام وتكتم صرختها عندما يؤشر اليها بالسكات وتبدا تنتحب وتصحي في بناتها ( سوسن ....سناء ....ساميه ... قومن حبوبتكم ماتت .... قوموا ) يقمن البنات بنهره من الوالد والام تنكتم الصرخات .. وتسال سوسن امها ( يعني اييه يا ماما ما حانبكي حبوبة ) ترد ( يا بتي ما عايزين الناس يتلموا فينا قبل ما نحضر حالنا ونرتب البيت .... قومن يا بنتات لمن الفرش وطبقن البطاطين ديل ...)
يذهب الاب ناحية الصالون ويصحي ابنائه ( قم يا ولد خالد ... ولد عمر ... عثمان ) قومو حبوبتكم دي ماتت ...... خالد انت امشي كلم ناس عمك عبد الغفار ..... عثمان امشي لجباره شيلوا منو الحفارات وسوق اصحابك امشوا المقابر ... وانت يا عمر سوق العربية دي امشي كلم عمتك كلتوم براحه خليك عاقل ما تخلعها وجيبها معاك هي وبناتها .
يسمع خبط على الباب تفتح حاجة نفيسة الباب لتجد جارتها حاجة السره وترد على اندهاش حاجة نفيسة من حضورها المبكر بتيرير بعلمها ( اصلي صحيت الصباح شفت نور بيتكم ملوع عرفت في حاجة حصلت .... هو خالتي نعيمه حصلها شي ..... آي اتوفت ) وتبدا حاجة السره الدخول في موال النواح ( الليلة ووووب يا الهدية ورضية يا ام كلتوم وعلوية ) هنا تردها علوية لسع يا حاجة السره نحن لسع ما فتحنا البكا ولا كلمنا الناس انت سمعتي براك . اهدي شوية لمن نجهز حالنا .... على مضض تنكتم الحاجة وهي مغتاظة على اسكاتها وخاصة يبدوا انها اعدت قصيدتها للنواح من فتره وهي تستعد لهذا اليوم منذ ان حولت حاجة نعيمة لقسم الانعاش بالمستشفى .
يبدا الاقارب يتجمعون ويبدا الخبر ينتشر مع بزوق الفجر ويذهب الخير مع اشقائه الى المستشفى لاحضار الجثمان . تحضر الجنازه ويبدا صوت الصراخ يعلوا ويتجمع الاقارب والجيران . وتسمع اصوات الهميمين والمشهورين بالانبراء لهذه المواقف والجمل تتوارد هنا وهناك ( يا عصام امشوا لعثمان بتاع الجمعية جيبوا الصيوانات ...... عبد الرحمن امشي بيتنا جيب الحفارات عشان تدقوا الخيمه ..... الطاهر انت واصحابك ديل لموا العناقريب والسراير ديل وفرشوا السجاد ..... رمضان انت روح ناس التوم جيب منهم مساند وحفاظات الثلج) وتتوارد الجمل والاوامر تتقاذف من هنا وهناك وتجد الشباب يتحركون في كل اتجاه .. كل شخص يريد ان يفعل شيئا وفي ذات الوقت يريد ان يبرهن ان هذا الشئ هو الاهم في الموضوع وهو حريص على تنفيذه ) .. تخرج الجنازه الى المقابر بعد غسلها وتكفينها مع الصراخ والعويل وصوت محاولة اخماد الصراخ من قبل الرجال كبار السن ... ( اسكتي يا بت .... استغفري يا حاجة الكلام دا ما صاح ... يا بنات دا كلو ما بينفع ولا بيرجع حاجة ) تتوارد مثل هذه الجمل عادة عند خروج الجنازة وبصفة خاصة من الكبار والعقلاء .. بعد الدفن والرجوع الى البيت يبدا بالتدريج يتحول بيت الخير الى بيت البكاء المعروف في السودان بشكله المميز . وهو صيوان منصوب في الشارع في شكل غرفة عملاقة ومفروش بالسجاد وهو خاص باستقبال المعزين من الرجال فقط . اما النساء فيكتفين في معظم الاحيان بتفريغ الغرف والصالات من السراير والعناقريب وفرشها بالسجاد وبعض المفروشات مثل المراتب والمخدات .
بيت البكاء في السودان صفة تطلق على بيت العزاء وتلازمه فتره طويلة قد تصل الاربعين يوما او اكثر . لو دخلت أي حاره في السودان وسالت الاطفال . يا اولاد بيت البكا بويين ؟؟ تجد نفر منهم تطوع لتوصيلك دون ان يسالك عن أي بيت تعني اللهم الا اذا كان في الحي اكثر من متوفي واحد .
لقد كان المشهد الدرامي لوضع المشهد امامنا قبل تحليله وهو مشهد خيالي ولكنه ليس بعيدا عن الواقع . وبعد ذلك سنتناول طريقتنا في تبادل التعازي نساءا ورجالا ومصدرها شرعيا واجتماعيا وتاريخيا . واختلافنا مع الشعوب الاخرى في هذا المضمار . ومواقف طريفة في بعض الاحيان تحدث في بيوت البكاء ولكن تجنبا للاطالة دعونا ناخذها بالتدريج