مشاهدة النسخة كاملة : رحلات بن بطوطة السوداني المدناوي (اللي هو أنا) ما بين طنجة وجاكرتا
كانت بداية رحلات بن بطوطة المدناوي (اللي هو أنا) في أواخر عام 1975 حينما قدمت أوراقي لقسم البعثات بوزارة التعليم العالي بالخرطوم، إذ كان قد أُعلن عن منحات دراسية لحوالي سبع او تسع دول، على ما أذكر كانت يوغسلافيا ورومانيا ونيجيريا ومصر والعراق والمغرب وليبيا، وكانت حصتنا نحن الأدبيين محصورة فقط في دولتين هما العراق والمغرب، فقدمت لمنح المغرب، ورجعت لمدني..
وبما أن مدرسة شدو كانت تبعد عن منزلنا خمس خطوات، فقد ذهبت الى مديرها وصاحبها المرحوم عباس شدو عليه رحمة الله (ترحموا عليه جزاكم الله كل خير)، ولم اقل له انني اريد العمل في التدريس بمدرسته، بل سألني عن الدرجات التي حصلت عليها في امتحان الشهادة الثانوية، فسردتها عليه، فسر بها ايما سرور، وفوراً بعثني الى الفصول لأدرس مادة الانجليزي للسنة الثالثة (ثانوي عام) ومادة التاريخ للسنة الثانية، ومادة العربي للسنة الأولى..
وأنا في إحدى الحصص طرق باب الفصل زميلي في مدني الثانوية عمر الإمام النور، فبشرني بأنه قُبل في منحة المغرب، وكذلك العبد لله، فباركت له، وحمدت الله أنه سيكون زميلي ايضاً في الدراسة الجامعية بالمغرب.. وأكملت ثلاثة أشهر بالتدريس حتى حان موعد السفر وتجهيز الأوراق والتأشيرات.. فذهبت الى الخرطوم، وفي زيارة لي للسفارة المغربية هناك سمعت حواراً يدور حول إرسال السودان لوفد تضامني مع المسيرة الخضراء المغربية، وأنا راجع من السفارة المغربية فكرت في الاستفادة من ذلك بأن اسافر مع الوفد بالطائرة الخاصة التي ستقلهم الى هناك، وفي طريقي عرجت على بن عمي محمد قيلي وسألته إن كان يعرف أحد في الاتحاد الإشتراكي (هو الذي نظم تلك الرحلة التضامنية)، فقال لي نعم اعرف، وكان من يعرفه هو قريبنا عبد الغفار خلف الله، وكان رئيس المنظمات الفئوية، فذهبنا اليه في منزله ببحري، فوعد خيراً، وحينما إذيعت اسماء الوفد المغادر الى المغرب، وكان عددهم يفوق المائة قليلاً (اتذكر انه كان 109)، كان اسمي ضمن قائمة الطلاب..
وفي اليوم المحدد (على ما أذكر كان يوم 9 نوفمبر 1975م) كانت امي وبعض اخواتي واخوالي في وداعي بمطار الخرطوم، وكان هذا أول فراق لي للسودانه، وأذكر ان خالي البروفيسور الصادق حسن الصادق قد قال لي وهو يودعني: (شد حيلك)، ولم افهم مغزى هذه العبارة الا فيما بعد.. ثم اقلعت بنا الطائرة من مطار الخرطوم وبعد ساعتين هبطت في مطار القاهرة للتزود بالوقود، ثم اقلعت من مطار القاهرة متوجهة الى مطار أغادير في المغرب..
وبعد حوالي خمس ساعات وصلنا مطار أغادير أنزقان في أواخر الليل، وحملتنا حافلات فاخرة من المطار الى فندق أطلس الذي يقع على الشاطئ مباشرة- وكان وقتذاك حديث بناء- وكان فاخراً وفخماً بكل المقاييس، حينما تنظر في سقف البهو الرئيسي بعد المدخل ترى قبة لونها لون السماء، مرصعة بالنجوم، فلا تدري أتنظر الى سقف الفندق ام الى السماء حقيقة.. وتم توزيعنا على الغرف، وما أروعها من غرف، ونمنا بعد رحلة طويلة من ملتقى النيلين الى ضفة الأطلسي الشرقية.. حيث أغادير المدينة الحديثة البناء (حيث تم بناؤها بعد عام 1961 عقب زلزال أغادير الشهير الذي دمر المدينة تماماً)..
*******
أخى الحبيب عمر غلام الله
مازلت فى الفندق ؟ نحن فى الأنتظار !
استاذنا عمر كيفنك .. أنا تلقاني في بهو الفندق .. أشرب لي كباية شاي .. ومنتظرك بعد تاخد ليك نومه .. وترتاح .. تجي تكمل لينا باقي القصة .. قصة أول رحلة خارج الوطن ... طالب علم ... لك الود والتحية
bakry kassala
04-06-2009, 06:04 AM
أستاذنا عمر غلام الله ...
أضيفت الصفحة الثانية .....
وآسف جداً لحذف المشاركات التي كانت .. لظروف فنية ..
أرجو أن تقبلوا إعتذاري أخواني عصمت وعوض الكريم ..
<HR style="COLOR: #96c97d" SIZE=1><!-- / icon and title --><!-- message --><TABLE id=table4 height=250 cellSpacing=3 cellPadding=3 width="100%" border=0><TBODY><TR><TD vAlign=top><!-- / message -->
الاخ عمر نحن في انتظار هذا الابداع وهذا السرد الجميل
</TD></TR></TBODY></TABLE>
مدنيّة
07-06-2009, 08:59 AM
غايتو يااستاذ عمر
السيل اتلوم
العود احمد والله
شكرا على الطلة البهية يا مدنية
والله الشوق بحر لمداخلاتك الرائعة
بس استنوني لما القى الصفحة التانية عشان انزل بقية الصفحات..
مدنيّة
08-06-2009, 08:23 AM
يديك العافية يااستاذ
وان شاء الله تلقاها الصفحة التانية
واحنا منتظرين معك
العاقب مصباح
08-06-2009, 09:57 AM
شكرا يا بكري كسلا يا رائع..
ما عندي غير اقول ليك جزاك الله كل خير، وجزا العاقب كل خير..
وفي انتظار الصفحة الثالثة، لكي انسخ بقية الصفحات من الرابعة وحتى التاسعة..
والله انت زول بركة يا شيخ عمر
بمجرد جيتك بتتلقى صفحة
يا اخوى ادينا الفاتحة نعرس
واتفضل الصفحة التالتة كمان فى الشرطة بى هناك
مع خالص احترامى ومحبتى
والله انت زول بركة يا شيخ عمر
بمجرد جيتك بتتلقى صفحة
يا اخوى ادينا الفاتحة نعرس
واتفضل الصفحة التالتة كمان فى الشرطة بى هناك
مع خالص احترامى ومحبتى
ده انت اليدك فيها البركة..
الله يديك عروس مليااااااااااااااااااانه فلوس
ويديك ذرية تسد عين الشمس (كان بالكثرة كان بالهامة والقامة والفهامة)
ويديك كل الفي مرادك
ويخليك للمنتديات، ولينا
ويجزيك عننا خير الجزاء
ودمت
صديق محمدعلي
13-06-2009, 07:51 AM
الله اديك العافيه يا اخونا يا رايع
الاخ عمر نحن في انتظار هذا الابداع وهذا السرد الجميل
الله اديك العافيه يا اخونا يا رايع
ويديك الف عافيه وعافيه، وشكراً على المرور
أخى الحبيب عمر غلام الله
مازلت فى الفندق ؟ نحن فى الأنتظار !
العزيز سيد العشير وام سويقو والمدنيين والقبة.. عوض
شكرا لمرورك الذي أسعدني، وشكراً لمداخلتك (البرنجي) اي الأولى..
وانتظرني.. فالحكاوي لا تكمل، فهي كما اسلفت تبدأ من طنجة (أي المغرب) مروراً باليونان والمانيا (أي أوروبا) والهند والحبشه انتهاء بجاكرتا..
استاذنا عمر كيفنك .. أنا تلقاني في بهو الفندق .. أشرب لي كباية شاي .. ومنتظرك بعد تاخد ليك نومه .. وترتاح .. تجي تكمل لينا باقي القصة .. قصة أول رحلة خارج الوطن ... طالب علم ... لك الود والتحية
الغالي عثمان
ما تنسى انو شاي اخضر بالنعناع، مع انو في الفنادق بتلقى شاي احمر وشاي ابيض، لكن المغاربة لا يشربون إلا الأخضر بالنعناع، وكذلك يشربون القهوة بالحليب (نظام فرنساوي يعني)..
طبعاً النومة بعد الرحلة ديك ما حتكون مريحة، رغم انو الفندق مريح للغاية، كان في زمانه أرقى فندق في اغادير..
ومد حبل الصبر، الحكاوي كتيره ان شاء الله
الاخ عمر نحن في انتظار هذا الابداع وهذا السرد الجميل
ود الطاهر، الحبيب النسيب
انت هنا؟ وخالي الوليه تغسل العدة براها؟ ما شافك نزار ود حسن!! الليلة غايتو شيل شيلتك من القوالات..
شكرا على طلتك، وشكرا على مداخلتك، وسأبذل قصارى جهدي لاستخرج من الذاكرة المدفون فيها منذ عقود..
.. نواصل..
عندما استيقظنا من النوم نزلنا الى مطعم الفندق حيث تناولنا طعام الإفطار، وبعده نزلنا الى شاطئ البحر الذي يبدأ مباشرة من أمام الفندق، حيث الرمال البيضاء ومياه المحيط داكنة الزرقة، وتلك الأمواج العالية التي ترى في البعيد.. لقد كان الشاطئ مهيأ كـ Beach أو بلاج بالفرنسية، وطبعاً وجدنا كثيراً من الخواجات متمولصين ومتمسحين بدهان نحاسي اللون (لزوم البرونزيه، اي عشان يكون لونهم برونزي، بعبارة اخرى عشان يبقوا سمر اللون.. هم يتفشوا على البيبقيهم زرق، وبناتنا يفتشوا على البيبقيهم حمر)، ومتبطحين فوق الرمال البيضاء النظيفة، طبعاً كان منظر غريب لكثير مننا خاصة اولئك الذين لم يغادروا السودان من قبل (زي حالتنا)..
طبعاً تجولنا على طول الشاطئ واشكالنا كانت اشكال الغبش، ونظراتنا نظرات قرويين يجو المدينة لأول مره.. والحاجة الكويسة في الخواجات ما بيتنبهوا للغير، يعني ما بيعاينوا لزول، اما المغاربة فكانوا يحاولون التعرف علينا، فكثيراً ما أوقفونا وتكلموا معنا بالفرنسية اولاً ثم بالعربية اذا ما قلنا لهم اننا لا نتحدث الفرنسية، فيقولون لنا باستغراب: انتم تتكلمون العربية؟ ولسان حالهم يقول كيف لهؤلاء الأفارقة ان يتحدثوا العربية؟ فيسألون من أين نحن فنقول لهم من السودان.. فيقولون السودان الفرنسي؟ ويقصدون (مالي)، وهي بالفعل كانت تسمى السودان الفرنسي، وسوداننا يسمونه بالسودان الانجليزي المصري، فإذا عرفوا اننا من هذا الأخير قالوا: آآآآآ جعفر نميري! فهم يعرفون السودان إما بالسودان الانجليزي المصري او السودان بتاع جعفر نميري، خاصة ان نميري قد ارسل لهم عشرة آلاف رأس من الضأن كمساهمة منه في المسيرة الخضراء، سبقت هذا الوفد الكبير..
تجولنا ايضا في الأسواق الشعبية في المدينة، وتسمى (السويقة)، وفيها المنتجات التقليدية خاصة الجلدية مثل الأحذية التقليدية المغربية التي تسمى (البلغه) ومثل التكايات المصنوعة من الجلد والتي تحشى بأي شئ ليتم وضعها على الأرض كتكايات جلدية مزينة برسومات وزخارف، كذلك الأحزمة الجلدية، وبعض الصناعات المعدنية كالسلاسل وعلاقات المفاتيح، وأساور اليد، وغيرها من الصناعات التي يحبها السواح.. كذلك يوجد في هذا السوق الجلابية المغربية المزخرفة للنساء وأخرى للرجال التي انتشرت فيما بعد في كل ارجاء الوطن العربي، حتى اننا نشتريها من هنا من السعودية كجلابية بيت.. في هذا السوق الشعبي ايضاً تجد المحلات المتخصصة في بيع الزيتون، فتجد عشرات الأنواع منه، فالمغرب منتج ومصدر للزيتون ولزيت الزيتون..
قضينا اليوم الأول نتجول في المدينة لنتعرف عليها، ونتعرف على أناسها، وأول ما لفت نظرنا جمال المغربيات بجلاليبهن ذات غطاء الرأس الذي يتركنه يتدلى على أعلى ظهورهن، فإذا ما كانت هناك امطار رفعنه ليغطي الرأس، وهو شبيه بجلابية الرجال المغربية (غير بتاعة النوم التي ذكرناها)، فالجلابية الرسمية للمغاربة هي جلابية طويلة بأكمام طويلة وبغطاء رأس (منو فيهو) أيضاً يتركونه يتدلى على أعلى الظهر، وفي البرد يغطون به الرأس ليحمي الأذنين ايضاً من البرد ومن المطر، وكلاهما الجلابية الرجالية والنسائية بها فتحات جيوب ولكن ليس بها جيوب، إذ هي تلبس فوق الملابس، كالبنطلون وأحياناً تلبس فوق البدلة الكاملة الرجالية، والنسائية تلبس فوق ملابس اشبه ما تكون بجلاليب البيت، وتصنع كلا الجلابيتين من أقمشة فخمة، والشتوية تكون صوفية ثقيلة.. وكثير من البنات المغربيات الشابات يلبسن الزي الأوربي بأشكاله المختلفة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. نواصل..
..نواصل..
لم تكن اغادير هي عاصمة المغرب عندما هبطت الطائرة فيها مباشرة عند دخولها الأجواء المغربية، فالعاصمة هي الرباط، والعاصمة الإقتصادية هي الدار البيضاء، ولكنها هبطت في مطار أغادير لأنه آخر مطار في الجنوب المغربي وأقرب مطار للصحراء المغربية التي تنوي المغرب انطلاق المسيرة الخضراء لتحريرها من الاستعمار الاسباني.. وبعد أن قضينا ليلة ثانية في مدينة أغادير ذات الأغلبية من السكان البربر، ركبنا طائرات عسكرية (ناقلة جنود) واحدة منها كانت تابعة للجيش المغربي والأخرى تابعة للجيش السعودي- حيث تشارك السعودية أيضاً بوفد في دعم المسيرة الخضراء- وكان نصيبي أن أركب الطائرة السعودية، وفي المطار توجهنا نحو الطائرة العسكرية التي كانت مراوحها تدور، وكانت قوة الهواء تمنعنا من المشي تجاه باب الطائرة، فانتهرنا القائمون على أمر إركابنا بأن نجري نحو الطائرة، فاضطررنا للجري ورؤوسنا الى أسفل لتفادي قوة الهواء المنطلق من المراوح.. ودخلنا الطائرة، فكانت غريبة الشكل بالنسبة لنا، فهي تختلف جذرياً من الداخل عن طائرات الركاب، فعلى جدرانها كنت ترى كل الأسلاك والمواسير، اي لا تغطي جدرانها اي غطاء، واما المقاعد فكانت في شكل شرائط متقاطعة، شرائط تشبه تلك المصنوعة منها أحزمة الأمان في السيارات، ولكن التي في الطائرة كانت أقل في العرض.. وكانت تلك المقاعد متقاربة جداً بحيث ان الجالس في قبالتك تلتصق ركبتيه بركبتيك..
اقلعت الطائرة متوجهة نحو الجنوب، نحو الحدود مع الصحراء، وفي مدينة (طرفايه) هبطت في مدرج ترابي- وليس مطار- وكان نزولها خشناً، فقد كانت عجلاتها اشبه بعجلات التراكتور، ولم يكن المدرج مسفلتاً، لذلك هبطت ومشت على المدرج الترابي بصوت مزعج وبهزة عنيفة ذكرتني اللواري التي كانت تشق الجزيرة عبر تلك الطرق الترابية..
المهم وجدنا في مدينة طرفاية تلك، والتي لم تكن أكثر من معسكر للجيش، وجدنا خيام مجهزة لنا (قلنا يا حليل فندق أطلس الراقي وتلك الوسائد الحريرية، وتلك الحمامات الرخامية البيضاء النظيفة، وتلك الموسيقى الهادئة التي تصدح في ممراته المفروشة بالسجاد)..
المهم سألنا عن بقية الوفد الذي صعد في الطائرة العسكرية المغربية، فقالوا أن إشارة أرسلت للطائرة وهي في الجو بأن المسيرة الخضراء قد توقفت، فغيرت الطائرة اتجاهها الى مدينة مراكش في رحلة سياحية، كان خبر توقف المسيرة الخضراء بالنسبة لنا كإعلان يوم العيد.. فركوبنا تلك الطائرة العسكرية، ونزولنا في مدينة طرفاية في خيام أوحى لنا بأننا مقبلون على معركة، خاصة واننا كان يجب ان نسير على أقدامنا مع المسيرة التي انطلقت من طرفاية تجاه عاصمة الصحراء (العيون).. وكان متوقعاً أن تطلق القوات الاسبانية النار على المسيرة، رغم أن الناس الذين شاركوا في المسيرة لا يحملون غير المصاحف والأعلام المغربية..
لماذا توقفت المسيرة الخضراء؟ قالوا بأن اسبانيا قررت الانسحاب من الصحراء.. يا سلام على الأسبان، شعب راقي وحكومة راقية.. وتحولت رحلتنا الى رحلة سياحية، قضينا يومين في تلك المدينة الصحراوية (طرفايه)، غنينا معهم:
العيون عينيه
والساقية الحمراء لي
والوادي وادي يا سيدي
والوادي وادي
نمشيه في كفوف السلامة
الله والنبي والقرآن معانا
الله والنبي والقرآن يا سيدي
اليوم.. اليوم.. بان الحق ينادي
أعلامنا في العيون طرفه تنادي طرفه
والعيون كما أسلفت هي عاصمة الصحراء، والوادي هو مدينة وادي الذهب، والساقية الحمراء هي مدينة في الصحراء ايضاً..
قضينا وقتاً جميلاً في ذلك المعسكر، وبعد يومين ركبنا نفس الطائرة العسكرية متوجهين الى مراكش.. وما أدراك ما مراكش..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. نواصل..
ياسلام علي سردك الرائع يااستاذ
وواصل من غير فواصل
وسلم لينا علي الفاضل سانتو يااستاذ
تحياتى يااستاذ 114 والله امتعتنا وجعلتنا نتجول معك ونحس المكان باسلوبك الرائع وسردك الجميل ،،، حفظك الله ورعاك ،،،
اعجبنى كثيراً
ياسلام علي سردك الرائع يااستاذ
وواصل من غير فواصل
وسلم لينا علي الفاضل سانتو يااستاذ
تسلمي يا مدنية على المرور، وشكرا على التواصل معنا في البوست، وسنواصل ان شاء الله، لكن لازم بفواصل عشان نفسكم ما ينقطع..
وبمناسبة الفاضل سانتو اللي ما عرفتو لمن لاقيتو في (السويقه) في الرباط- المغرب، وعشان اعتذر ليهو عن عدم معرفتي بيهو بسبب عدم معرفتي بناس الكوره، ذكرت ليه قصة حصلت لي في مدني مع لاعب كوره:
جارنا في 114 عبده مالك ولاعب فريق الوحدة كان عندو عزومة، وكنت ماسك الكشف، فناولني احدهم قروشو وذكر لي اسمو، فأنا ما سمعتو لانو قالها بصوت منخفض، قلت ليهو: منو؟
رد علي قال لي: انت ما قاعد تدخل كوره واللا شنو؟ فتدارك الموقف احد اولاد الحي وقال لي اكتب: بله سليم.. وبعد ان انصرف هذا البله سليم سألت من هو بله سليم؟ قالوا لي: بالغت يا راجل، ما بتعرف بله سليم قون الأهلي؟
حكيت ذلك للفاضل سانتو وما كنت ادري ان الفاضل سانتو علم على رأسه نار، ولم اعرف كذلك من كان يرافق سانتو في ذلك النهار الرباطي الجميل، والذي عرفني باسمه وهو المعز مصطفى الأمين، ولم ادر من هو هذا المعز الا حينما حضر الي في الحي الجامعي لأقابله بعبد العظيم مصطفى أخو عبده مصطفى، وكان المعز هذا هو ما يعرف بأبو العز لاعب الهلال الشهير.. شفتي التسطيح ده كيف؟!!!
اما ناس سانتو فلي معهم حكايات أخرى، فقد اتصلت من مكتبي بالطابق الحادي عشر ببرج دله على بن مدني البار مبارك عبد الحافظ، وكان في الدور الثاني من نفس البرج، فقال لي أن بابكر سانتو معي الآن، فقلت له بابكر سانتو اخو الفاضل سانتو؟ قال لي: لا، الفاضل سانتو اخو بابكر سانتو!! قلت ليهو بابكر الأكبر، قال لي الأكبر والألعب.. طبعا دي دقسه تانية، لكن الحمد لله اني قابلت بابكر برضو في بيتي حيث فطر معي هو وزميلي مبارك في رمضان..
أها، يا مدنية الحكاوي جابت الحكاوي..
تحياتى يااستاذ 114 والله امتعتنا وجعلتنا نتجول معك ونحس المكان باسلوبك الرائع وسردك الجميل ،،، حفظك الله ورعاك ،،،
اعجبنى كثيراً
العزيز الأمين عثمان
شكرا لمرورك الجميل، وشكرا لمداخلتك،
وتشجيعكم لي يجعلني اجتهد وانحت الذاكرة لآتي بالتفاصيل من ذاك الزمان البعيد الجميل، وتلك البقاع الرائعة..
ربنا يحفظك ويحفظ كل من تحب..
أستاذنا عمر غلام ( 114 )
شكراً على هذا السرد الجميل لذكريات خالدة وجميلة نتمنى أن نشاركك في إستعادتها
تعرف يا أستاذ عمر مرة واحد تونسي في جدة قال لي بالله أنتو السودانيين بتتكلموا عربي
قلت ليهو أيوا ، قال لي والله أنا قايلكم بتتكلموا فرنسي
وبعدها أديتو محاضرة عن علم السودانيين ومعرفتهم وإدراكهم بجغرافية وتأريخ وفنون ورياضة وسياسة تونس الخضراء
واصل بفواصل أو بدون فواصل فنحن في الإنتظار
والتحية والتقدير لبابكر سانتو الذي يقيم بمدينة جدة وللفاضل بالسودان
أستاذنا عمر غلام ( 114 )
شكراً على هذا السرد الجميل لذكريات خالدة وجميلة نتمنى أن نشاركك في إستعادتها
تعرف يا أستاذ عمر مرة واحد تونسي في جدة قال لي بالله أنتو السودانيين بتتكلموا عربي
قلت ليهو أيوا ، قال لي والله أنا قايلكم بتتكلموا فرنسي
وبعدها أديتو محاضرة عن علم السودانيين ومعرفتهم وإدراكهم بجغرافية وتأريخ وفنون ورياضة وسياسة تونس الخضراء
واصل بفواصل أو بدون فواصل فنحن في الإنتظار
والتحية والتقدير لبابكر سانتو الذي يقيم بمدينة جدة وللفاضل بالسودان
عزيزي mohalnour
شكرا لك على مرورك الجميل، وشكرا لمداخلتك الأجمل..
المشكلة اننا نعرف كل شئ عن العالم العربي، وعن العالم ككل، ولكن لا أحد يعرف عننا شئ، حتى جيراننا المصريين- ناهيك عن التوانسة او المغاربة- لا يعرفون شئ عن السودان، فما زال في فهمهم السودان ذلك المكان الذي يعج بالأفيال والأسود.. ولا يعرفون لا جغرافية السودان ولا تاريخه..
بابكر سانتو رجع السودان منذ مدة.. له التحية والتقدير، ولك
.. نواصل..
هبطنا في مطار مراكش، ومثل كبار الزوار خرجنا من المطار وركبنا حافلات فخمة الى الفندق، كان فندقاً مختلفاً عن فندق أطلس في اغادير، فقد كان أطلس ممتداً رأسياً، اي طوابق، اما فندق مراكش فقد كان ممتداً أفقياً، كل الغرف أرضية ومنتشرة في مساحة واسعة، إضافة الى وجود مساحات خضراء كبيرة حول الغرف، وفيها منطقة للصيد، لا ندري صيد ماذا ولكن عرفت ذلك من بعض النزلاء الذين يحملون بنادق صيد ويتوجهون الى تلك المناطق، ربما طيور او ارانب او غيرها لا اعلم.. وقد بدأت التعرف عن كثب بالمغاربة من هذا الفندق، فقد تعرفت على احد النزلاء المغاربة (ومن الذين كانوا يحملون بندقية صيد)، وعرفني بنفسه واسمه محمد هلال، ويعمل في شركة الكهرباء، وقد اعطاني عنوانه في الدار البيضاء.. وقد ذهبت اليه بعد استقراري في المغرب في داره في عيد الأضحى، فأكرم مثواي وجلست معه ومع زوجته الجزائرية عدة أيام.. أحييه من هذا المنبر (منتديات ود مدني)..
تجولنا في مراكش، التي تختلف طبيعتها عن أغادير، فهي في الصحراء بينما اغادير على ساحل المحيط، وتمتاز مراكش بكثرة اشجار النخيل والزيتون فيها، فترى على امتداد البصر غابات من النخيل، وكذلك غابات من اشجار الزيتون.. اما المدينة نفسها فبيوتها تمتاز باللون البني المائل للإحمرار،
وقد نقلت لكم حقائق عنها من موقعة وزارة الثقافة المغربية، للتوثيق، فتاريخياً تحدد المصادر التاريخية بناء النواة الأولى لمراكش سنة 1070 م من قبل المرابطين ، وهم مجموعة قبائل أمازيغية رحل أتت من الصحراء. وقد تطورت هذه المدينة تحت حكم السلطان يوسف بن تاشفين (1061 – 1107) إلى حد كبير من نتائج التوسع المرابطي في افريقية والأندلس لتصبح المركز السياسي والثقافي للغرب الإسلامي.
بعد استتباب الامر للموحدين عقب دخولهم المدينة سنة 1147م، اتخذوها عاصمة لحكمهم. وأنجزوا بها عدة معالم تاريخية لازالت تشكل مفخرة عصرهم كصومعة الكتبية بمسجديها، الأسوار، الأبواب والحدائق إضافة إلى قنطرة على وادي تانسيفت ظلت تستعمل حتى عهد قريب. هكذا عرفت مراكش تحت حكم الموحدين إشعاعا كبيرا جعل منها مركزا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا لا نظير له في الغرب الإسلامي.
أمام ضعف الموحدين استولى المرينيون القادمون من الشرق سنة 1269م على المدينة غير أنهم اتخذوا فاس عاصمة لهم لقرب هذه الأخيرة من موطنهم الأصلي مما أدى إلى تراجع مدينة مراكش وتحولها لمركز ثانوي. في سنة 1551م استعادت المدينة مكانتها كعاصمة للسعديين ( 1589م –1659م). فعلى عهدهم تم تشييد بنايات ومنشآت جديدة أهمها قصر البديع ومجمع المواسين ومدرسة ابن يوسف وقبور السعديين وعدد من السقايات.
تحت حكم العلويين، قام المولى رشيد بترميم مسجد بن صالح المريني، غير أن خلفه المولى إسماعيل أولى كل اهتمامه بعاصمة حكمه الجديدة مكناس. وقد عمل السلطان سيدي محمد على إعادة مراكش إلى مكانتها وذلك من خلال إنشاء أحياء ومعالم جديدة. ويمكن القول أن مراكش اتخذت شكلها النهائي إبتداءا من فترة حكم هذا السلطان، إذ اقتصرت المراحل القادمة على ترميم ما تم انجازه منذ العصر الوسيط. ونظرا لما تذخر به من إرث حضاري كبير، أصبحت مدينة مراكش قبلة للسياحة العالمية ومقرا للمؤتمرات الدولية ذات المستوى الرفيع، لتحتل بذلك مكانة خاصة في المغرب الحديث.
ومن اشهر معالمها صومعة (أي مئذنة) الكتبية، ويتوسط جامع الكتبية مدينة مراكش، بالقرب من ساحة جامع الفنا، وتسمية المسجد مشتقة من "الكتبيين"، وهو اسم سوق لبيع الكتب يعتقد أنه كان بمقربة من المسجد. لقد بني جامع الكتبية الأول من طرف الخليفة عبد المومن بن علي الكومي سنة 1147م على أنقاض قصر الحجر المرابطي الذي كشفت التنقيبات الأثرية على بناياته ومكوناته المعمارية.
أما المسجد الثاني فقد تم بنائه في سنة 1158م، وهو يشبه من حيث الحجم البناية الأولى، وفيه قاعة للصلاة مستطيلة الشكل تضم سبعة عشر رواقا موجهة بشكل عمودي نحو القبلة، تحملها أعمدة وأقواس متناسقة وتيجان فريدة تذكر بتلك التي نجدها بجامع القرويين بفاس. ويشكل التقاء رواق القبلة بقببه الخمسة والرواق المحوري تصميما وفيا لخاصيات العمارة الدينية الموحدية التي كان لها بالغ التأثير في مختلف أرجاء الغرب الإسلامي. وصومعة الكتبية تشبه تماماً صومعة حسان في الرباط ، وتشبه تماماً صومة الخيرالدا (او الجيرالدا) في قرطبة في الأندلس باسبانيا، وقد رأيت (أنا عمر) الثلاثة..
ومن معالم مراكش الشهيرة- حتى يومنا هذا- ساحة جامع الفنا، التي تشكل فضاءا شعبيا للفرجة والترفيه، وتعتبر القلب النابض لمدينة مراكش حيث كانت وما زالت نقطة إلتقاء بين المدينة والقصبة المخزنية (الحكومية) والملاح، ومحجا للزوار من كل أنحاء العالم للإستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي ورواة الأحاجي والقصص، والموسيقيين الى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية التي تختزل تراثا غنيا وفريدا كان من وراء ترتيب هذه الساحة تراثا شفويا إنسانيا من طرف منظمة اليونيسكو سنة 1997.
وأثناء تجولنا في ساحة الفناء استدعاني أحد قارئي الكف ليقرأ لي الكف، فرفضت على أساس انه حرام وانه خزعبلات، وعلى أساس أنه سيأخذ أجراً عليه وانا في امس الحاجة لكل درهم لأنني مقبل على دراسة وغربة ومجتمع وبلد جديد، وتحت الحاح الرجل مددت له يدي فقال كلاماً عادياً كما تقوله الوداعيات عندنا في السودان، كلام يمكن أن يحصل لكل شخص..
وحول ساحة الفناء توجد محلات لبيع عصير الليمون (البرتقال) الطازج، المغاربة يسمون البرتقال ليمون، والليمون حامض، المهم استمتعنا بشراب البرتقال الطبيعي (بدون اضافة ماء)، وحول الساحة ايضاً توجد المحلات التي تبيع المصنوعات المغربية التقليدية مثل التي ذكرناها في أغادير..
قضينا يومين في مراكش الرائعة جداً، واستمتعنا بجوها الصحراوي الدافئ، وناسها الطيبون ذوي الأصول البربرية..
وحول ساحة الفناء توجد محلات لبيع عصير الليمون (البرتقال) الطازج، المغاربة يسمون البرتقال ليمون، والليمون حامض، المهم استمتعنا بشراب البرتقال الطبيعي (بدون اضافة ماء)، وحول الساحة ايضاً توجد المحلات التي تبيع المصنوعات المغربية التقليدية مثل التي ذكرناها في أغادير..
الاخ عمر غلام الله لك التحية على هذا السرد الرائع وهو ليس غريبا عليك وانت الاديب والشاعر .
ليتك تعطينا امثلة اكثر عن اختلاف المسميات بين الشعوب العربية التي عايشتها كما ارجو ان تواصل بسرعة اكثر مع الاطالة في التاريخ والجغرافيا فقد كانت دروسا مفيدة .
[quote]الاخ عمر غلام الله لك التحية على هذا السرد الرائع وهو ليس غريبا عليك وانت الاديب والشاعر .
ليتك تعطينا امثلة اكثر عن اختلاف المسميات بين الشعوب العربية التي عايشتها كما ارجو ان تواصل بسرعة اكثر مع الاطالة في التاريخ والجغرافيا فقد كانت دروسا مفيدة . [/
quote]
الأخ الممتن
لك التحية والتقدير، وشكرا على مرورك الهام، وعلى تعقيبك الأهم، فبالفعل هناك اختلاف كبير بين مسميات الأشياء بين المغرب والسودان، بل انك للوهلة الأولى لن تفهم مغربي يتكلم باللغة العربية، إلا أن تتعود على (الهضره ديالم)، والتي ترجمتها (كلامهم)..
أرجو أن نفيد بهذا السرد ما استطعنا، فبعضها تجارب شخصية لكنها قد تفيد من يسافر لتلك البقاع..
.. نواصل..
ركبنا الحافلات السياحية الفخمة من مدينة مراكش صوب مدينة بني ملال التي تقع شرق الدار البيضاء على بعد 200 كم تقريبا، وهي مدينة زراعية ويحدها من الشرق جبال الاطلس، حيث استضافنا عاملها (محافظها)، وقدم لنا وجبة مغربية رائعة، حملان مشويه بكاملها، ودجاج يعوم في زيت الزيتون، وعلى ما أذكر أن عامل أغادير قد استضافنا هو الآخر، وأذكر ان اول كلمة مغربية طرقت أذني ولم افهمها وقتها هي كلمة (صافي)، وكان ذلك عندما صب لنا المغربي الماء من ابريق (مزخرف) لنغسل إيادينا، وهو يمسك باليد الأخرى ماعون- مزخرف أيضاً- أشبه بالطشت الصغير، ولكنه مغطى بغطاء مخرم حيث ينزل ماء الغسيل في الإناء السفلي ويختفي تحت الغطاء العلوي المخرم، المهم عندما غسل لنا ذلك المغربي أيادينا قال لنا (صافي؟) فهمناها فيما بعد بأنها (خلاص؟) اي (كفاية؟)..
بعد الغداء مع عامل اقليم بني ملال الزراعي الجميل، صعدت بنا الحافلات الى قمة جبل، وكان الصعود في شكل حلزوني، وقد ذكرني جبل الهدا- فيما بعد عندما زرته في طريقنا الى مدينة الطائف بذلك الجبل في بني ملال- حيث (عين السردون) وهي عين ماء تنبع من الجبل، وهي شديدة الإنحدار لذا أنشئت لها شلالات صناعية لتخفف شدة الإنحدار، والعين شديدة البرودة، وتنحدر من الجبل لتسقي الحقول في السهل المنبسط أسفل الجبل، وفي القمة وجدنا خيمة كبيرة مجهزة لنا.. كان منظراً رائعاً وانت تطل من أعلى القمة الى الحقول تحتك وكأنك تنظر إليها من الطائرة..
ثم هبطنا الى سفح الجبل بنفس الطريقة الحلزونية عبر ذلك الطريق الجبلي، وفي مخيلتنا تلك المناظر الخلابة التي رأيناها من عل، وتلك الجلسة المنعشة الجميلة التي احتسينا فيها الشاي الأخضر بالنعناع- وهو المشروب الشعبي في المغرب، هو والقهوة بالحليب، فالشاي الأخضر يشرب أثناء الوجبات، والقهوة بالحليب تشرب مع الفطور، والفطور غالباً كرواسه (هلاليه) او خبز بالزبده والمربى، وقبل أن انسى كان الطلاب المغاربة (زملاءنا فيما بعد) يرددون دائماً: يا شارب الشاي بلا نعناع ضعيت حقك بلا نزاع.. والنعناع يوجد في اي ركن، وفي اي بقالة، او براكه (والبراكه هي مثل الكشك الصغير، وهي مصنوعة من الخشب، وتوجد دائماً في المناطق ذات العمران الجديد حيث لا يكون هناك بقالة قريبة او سوق، او توجد حول الأحياء الجامعية الطرفية ويباع فيها الضروري من السلع).. ولأهمية النعناع سمعنا وقتذاك أن البرلمان المغربي ناقش موضوع تأميم زراعة النعناع!!
من معالم بني ملال الأثرية قصبة تادلة وقنطرة واد أم الربيع، وموقع الزياتين.. وانتهت زيارتنا الى اقليم بني ملال سريعاً، ومنها توجهنا الى اقليم (الجديدة) قرب الدار البيضاء..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. يتبع..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
أها، يا مدنية الحكاوي جابت الحكاوي..
ما اجملها من حكاوي
وماامتعه من سرد استاذ عمر
بالله يا استاذ كل ما تجد وقت اكتب واكتب واكتب
لكي تخرج لنا مخزون الدرر التي بداخلك
شكرا عمر غلام الله
ما اجملها من حكاوي
وماامتعه من سرد استاذ عمر
بالله يا استاذ كل ما تجد وقت اكتب واكتب واكتب
لكي تخرج لنا مخزون الدرر التي بداخلك
شكرا عمر غلام الله
الله يطيب خاطرك يا مدنيه أم جمال.. ده انا قايل كلامي تقيل على الناس.. وقلت لو ما قروه هسه يقروه اولادهم بعدين ويستفيدو منو في رحلاتهم وسفرياتهم..
سأكتب وأكتب وأكتب لغاية ما تزهجو مني!
تخريمه:
أها اللون الأخضر ده كيف معاك؟
.. نواصل..
ركبنا الحافلات السياحية من بني ملال الخضراء باتجاه مدينة الجديدة، وقبل الخوض في تفاصيل رحلتنا اليها، أسوق اليكم نبذة عنها منقولة من موقع وزارة الثقافة المغربية..
"مازاكان" كانت عبارة عن قصبة صغيرة برتغالية تم احداثها سنة 1514. التصميم الأول لهذه القصبة كان للأخوين " فوانسيسكو ودييكو دوارودا" وهما مهندسان يتمتعان بشهرة كبيرة نظرا لإنجازاتهما سواء في البرتغال أو في المدن المغربية المحتلة. تم توسيع " مازاكان" سنة 1541 من طرف البرتغال خصوصا بعد انسحابهم من أكادير وآسفي وأزمور. كما تم وضع تصميم نهائي لها من طرف مهندس إيطالي يعمل لحساب البرتغال معروف بنمط معماري خاص به استعمله في دول أخرى كما هو الشأن في مازاكان.
مع توسيع هذه القصبة، عرفت هذه الأخيرة نموا حضاريا مهما وهكذا تم بناء عدة منازل وبنايات مدنية وعسكرية خصوصا بين 1541 و 1548. عمر البرتغاليون مدة 267 سنة تقريبا تخللتها حروب وفترات هدنة وعدة علاقات حضارية مع المغاربة، حتى مجيء السلطان سيدي محمد بن عبد الله (1790-1757) حيث حاصر مازاكان مدة شهرين اضطر معها البرتغال إلى الإنسحاب من المدينة. بعد استرجاع المغاربة لهذه المدينة بقيت خالية حوالي 50 سنة، عرفت خلالها بإسم "المهدومة". في سنة 1820، أمر السلطان مولاي عبد الرحمان " باشا" المنطقة بإعادة بناء المنازل المهجورة، وبناء مسجد وإعادة تعمير المدينة الجديدة.
وبالرغم من محاولة إضفاء طابع إسلامي على المدينة وذلك من خلال بناء المسجد إلا أن المدينة حافظت على بعض مميزات الماضي البرتغالي بما في ذلك أماكن العبادة والصلاة.
تصميم قصبة الجديدة يشبه تصاميم قصر chambord في فرنسا وقصر Evoramonte بالبرتغال. القصبة البرتغالية كانت محاطة بسور يعزلها عن باقي المدينة وتصميمها هو على شكل نجمة رباعية الشكل. هذه الخصائص المعمارية تذكر بهندسة بداية العهد الحديث والمتميز بظهور الأسلحة النارية.
دخلنا هذه المدينة القديمة الجديدة، ونزلنا في فندق يشبه ذلك الفندق الذي في مراكش، حيث ان غرفه تمتد افقياً وليس راسياً، وقد لبينا دعوة عامل الجديدة (واليها) على الغداء، وكالمعتاد كان الكرم المغربي سيد الموقف، بقينا يومين في هذه المدينة الصغيرة التي تبعد حوالي 200 كيلومتر من الدار البيضاء، وأذكر حينما تأهبنا للرحيل الى الدار البيضاء وخرجت بعض البصات من الفندق، أوقف الشرطي الذي كان ينظم حركة المرور امام الفندق، اوقف كل السيارات ليسمح لحافلات الوفد السوداني بالمرور، ماداً يده اليمنى الى اليمين، وكذلك اليد اليسرى في نفس الإتجاه، تحية للحافلات وسماحاً لها بالمرور وإيقافاً للسيارات الأخرى.. كنا نشاهد ذلك من نافذة غرفنا، وكان بعض الأخوة ما زالوا يتناولون الفطور، وظل الشرطي في هذا الوضع، والسيارات واقفة في التقاطع في انتظار بقية الحافلات ان تعبر من الفندق الى الشارع، واستغربنا على طولة بال هذا العسكري وطولة بال أصحاب السيارات.. لن تصدقوني لو قلت لكم أنهم ظلوا هكذا الى ان فرغ الجماعة من فطورهم وركبوا الحافلات وعبرت هذا التقاطع!!
لم تسجل ذاكرتي اشياء اخرى في مدينة الجديدة، لذلك سأنتقل مع الوفد الى مدينة الدار البيضاء، وإذا تذكرت شيئاً فيما بعد سأوافيكم به..
الى اللقاء في الدار البيضاء (كازبلانكا)..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الله يطيب خاطرك يا مدنيه أم جمال.. ده انا قايل كلامي تقيل على الناس.. وقلت لو ما قروه هسه يقروه اولادهم بعدين ويستفيدو منو في رحلاتهم وسفرياتهم..
سأكتب وأكتب وأكتب لغاية ما تزهجو مني!
تخريمه:
أها اللون الأخضر ده كيف معاك؟
اي اي امسك لينا في الاخضر دا شديييييييد
الله يخضر ليك ايامك
صراحة يااستاذ موسوعة انت ماشاء الله تبارك الله
وبتاخدنا معك في رحلاتك دي كاننا فعلا سافرنا وشفنا بعيونا
واحنا بنقرا ونحفظ لاولادنا باذن الله عشان هم كمان يقروا
يديك العافية يارب
حاتم مرزوق
17-06-2009, 05:43 AM
الحمدلله ان تم انقاذ جزء كبير من هذا الموضوع الجميل المعتق .
وذكرتني برحلتي الي تونس الخضراء في العام 91 وبالتحديد منطقة الحمامات حيث نفس الشاطي برماله وخواجاته.
نتمني ان تتم استعادة ما تبقي.
لي عودات الي هذه السلسلة المتميزة و لا اقول ليك حأخلي الموضوع ده مركز انطلاق.
تحياتي استاذنا عمر
الحمدلله ان تم انقاذ جزء كبير من هذا الموضوع الجميل المعتق .
وذكرتني برحلتي الي تونس الخضراء في العام 91 وبالتحديد منطقة الحمامات حيث نفس الشاطي برماله وخواجاته.
نتمني ان تتم استعادة ما تبقي.
لي عودات الي هذه السلسلة المتميزة و لا اقول ليك حأخلي الموضوع ده مركز انطلاق.
تحياتي استاذنا عمر
العزيز حاتم مرزوق
لك التحية وانت تشرف بوستنا المستعاد، ولله الحمد فقد تم استعادة كل المفقود، وقد كان للأخ العاقب القدح المعلى في ذلك، إذ بعد ان فشلت في الحصول على الثلاث صفحات الأولى عمل هو بجد واجتهاد لاستعادتها، وهأنذا أعيد نشرها هنا مرة أخرى، بعد اضافة المداخلات التي تمت في ذلك الوقت، وقد اضطرت لمسح ما نقله أخينا العزيز بكري كسلا من الصفحة الأولى المفقودة، وذلك لأعيدها بالخط الكبير وبالألوان وبمداخلات الأخوة الزملاء..
المغرب العربي كله جميل، وشواطئه رائعة ونظيفة، وطبيعته قمة الروعة، وأهله طيبون وودودون.. لذلك هو مهوى افئدة السياح الأوربيين، ومؤخراً العرب..
تحياتي وتقديري
كازبلانكا اسم جميل لكن في مدني ليهو معاني تسلم 114 وفي انتظار المزيد
كازبلانكا اسم جميل لكن في مدني ليهو معاني تسلم 114 وفي انتظار المزيد
ود الطاهر هوي هه، نحن بنعرف كازبلانكا ست الإسم، والمعاني التانية بتعرفوها انتو يا ناس جوه البلد، ناس 114 ما بيعرفوا معاني تانية وحاجات تانيه..
المزيد يأتيك بكل نادر وفريد.. بس استنونا..
أستاذنا : عمر غلام
لك التحية وأنت تمطرنا بهذه المعلومات القيمة والمفيدة
واصل بلا فواصل
ونحن في الإنتظار
..
استضافنا عاملها (محافظها)، وقدم لنا وجبة مغربية رائعة، حملان مشويه بكاملها، ودجاج يعوم في زيت الزيتون، وعلى ما أذكر أن عامل أغادير قد استضافنا هو الآخر، وأذكر ان اول كلمة مغربية طرقت أذني ولم افهمها وقتها هي كلمة (صافي)، وكان ذلك عندما صب لنا المغربي الماء من ابريق (مزخرف) لنغسل إيادينا، وهو يمسك باليد الأخرى ماعون- مزخرف أيضاً- أشبه بالطشت الصغير، ولكنه مغطى بغطاء مخرم حيث ينزل ماء الغسيل في الإناء السفلي ويختفي تحت الغطاء العلوي المخرم، المهم عندما غسل لنا ذلك المغربي أيادينا قال لنا (صافي؟) فهمناها فيما بعد بأنها (خلاص؟) اي (كفاية؟)..
الجبل في بني ملال- حيث (عين السردون) وهي عين ماء تنبع من الجبل، وهي شديدة الإنحدار لذا أنشئت لها شلالات صناعية لتخفف شدة الإنحدار، والعين شديدة البرودة، وتنحدر من الجبل لتسقي الحقول في السهل المنبسط أسفل الجبل، وفي القمة وجدنا خيمة كبيرة مجهزة لنا.. كان منظراً رائعاً وانت تطل من أعلى القمة الى الحقول تحتك وكأنك تنظر إليها من الطائرة.. النعناع يوجد في اي ركن، وفي اي بقالة، او براكه (والبراكه هي مثل الكشك الصغير، وهي مصنوعة من الخشب، وتوجد دائماً في المناطق ذات العمران الجديد حيث لا يكون هناك بقالة قريبة او سوق، او توجد حول الأحياء الجامعية الطرفية ويباع فيها الضروري من السلع).. ولأهمية النعناع سمعنا وقتذاك أن البرلمان المغربي ناقش موضوع تأميم زراعة النعناع!!
الاخ عمر تزداد المتعة مع كل حلقة
حينما تتمعن في كثير من الكلمات والعبارات تجد الجديد والمثير
1- تسمية المحافظ بالعامل لها دلالة قوية على خدمة الناس
2- الكرم والتواضع عند العرب صب (لنا المغربي الماء من ابريق (مزخرف) لنغسل إيادينا)
وقدم لنا وجبة مغربية رائعة، حملان مشويه بكاملها، ودجاج يعوم في زيت الزيتون، وعلى ما أذكر أن عامل أغادير قد استضافنا هو الآخر،
3- استخدام الكلمات بمعاني مختلفة (صافي؟) فهمناها فيما بعد بأنها (خلاص؟) اي (كفاية؟)
4- المناظر الجميلة والخلابة التي حبانا بها الله في السودان لم نسوقها سياحيا في حين اهتمت بها دول المغرب العربي (الجبل في بني ملال- حيث (عين السردون) وهي عين ماء تنبع من الجبل، وهي شديدة الإنحدار لذا أنشئت لها شلالات صناعية لتخفف شدة الإنحدار، والعين شديدة البرودة، وتنحدر من الجبل لتسقي الحقول في السهل المنبسط أسفل الجبل)كان منظراً رائعاً وانت تطل من أعلى القمة الى الحقول تحتك وكأنك تنظر إليها من الطائرة
5- البراكة الكشك الخشبي الصغير
أستاذنا : عمر غلام
لك التحية وأنت تمطرنا بهذه المعلومات القيمة والمفيدة
واصل بلا فواصل
ونحن في الإنتظار
محمد النور العزيز جداً
شكرا لك على مرورك، ولك كل تحية ومودة، وأتمنى أن يحوز البوست رضاكم، واتمنى ان تسعفني الذاكرة بكل ما أود سرده..
وسأواصل بمشيئة الله، بس انتظرونا..
اي اي امسك لينا في الاخضر دا شديييييييد
الله يخضر ليك ايامك
صراحة يااستاذ موسوعة انت ماشاء الله تبارك الله
وبتاخدنا معك في رحلاتك دي كاننا فعلا سافرنا وشفنا بعيونا
واحنا بنقرا ونحفظ لاولادنا باذن الله عشان هم كمان يقروا
يديك العافية يارب
ويخضر ايامك، ويحمر مريخك،
والكويسه في النت انو بيحفظ اي شئ، يعني إن الله أحيانا ممكن الكلام ده يقعد عشرات السنين، والرجوع ليهو ساهل،
والله يخلي ليك جمال، ويكبروا، ويقرا لينا بعدين هو واولادو..
الاخ عمر تزداد المتعة مع كل حلقة
حينما تتمعن في كثير من الكلمات والعبارات تجد الجديد والمثير
1- تسمية المحافظ بالعامل لها دلالة قوية على خدمة الناس
2- الكرم والتواضع عند العرب صب (لنا المغربي الماء من ابريق (مزخرف) لنغسل إيادينا)
وقدم لنا وجبة مغربية رائعة، حملان مشويه بكاملها، ودجاج يعوم في زيت الزيتون، وعلى ما أذكر أن عامل أغادير قد استضافنا هو الآخر،
3- استخدام الكلمات بمعاني مختلفة (صافي؟) فهمناها فيما بعد بأنها (خلاص؟) اي (كفاية؟)
4- المناظر الجميلة والخلابة التي حبانا بها الله في السودان لم نسوقها سياحيا في حين اهتمت بها دول المغرب العربي (الجبل في بني ملال- حيث (عين السردون) وهي عين ماء تنبع من الجبل، وهي شديدة الإنحدار لذا أنشئت لها شلالات صناعية لتخفف شدة الإنحدار، والعين شديدة البرودة، وتنحدر من الجبل لتسقي الحقول في السهل المنبسط أسفل الجبل)كان منظراً رائعاً وانت تطل من أعلى القمة الى الحقول تحتك وكأنك تنظر إليها من الطائرة
5- البراكة الكشك الخشبي الصغير
الأخ الممتن
شكرا ليك على تواصلك مع بوستي، وملاحظاتك جديرة بالتقدير، وبالفعل نحن نفتقد الى توظيف مليوننا المربع للسياحة، لدينا جبل مره ولدينا جبل البركل ولدينا اهرامات البجراويه، ولدينا حظيرة الدندر، ولدينا عروسه على البحر الأحمر وغيرها وغيرها، ولكن يلزمنا نهضة سياحية، وفكر سياحي..
دمت عزيزي الممتن..
.. نواصل ..
الدار البيضاء
وهي كلمة برتغالية اطلقها عليها البرتغاليون، وأسوق إليكم بعض المعلومات عنها مستقاة من ويكيبيديا (وقد قمت ببعض التعديلات، مع ملاحظة أن تعداد السكان المذكور أشك في صحته):
الدار البيضاء هي العاصمة الاقتصادية للمغرب، وهي تقع على بعد حوالي 95 كم جنوب العاصمة الإدارية الرباط ويبلغ عدد سكانها حوالي 4 ملايين نسمة حسب آخر إحصاء للسكان (2004 م)، وتعتبر القلب النابض للإقتصاد المغربي، فهي تحتوي على معظم الصناعات والوحدات الصناعية.
المدينة القديمة (أي الدار البيضاء القديمة)
كانت عبارة عن مجموعة من الأسوار تحيط بمدينة الدر البيضاء القديمة لم يتبقى منها إلا جزء يحد الساحل على مسافة كيلومتر وسط المدينة، فقد تهدم جزء منها إثر زلزال سنة 1755. والمدينة القديمة المسلمة، الواقعة بمحاذاة الشاطئ، تضم الآثار الأكثر قدما بالمدينة مثل حي القناصلة الذي كانت تتواجد به القوى الأجنبية،
أما وسط المدينة، فقد عرف تدفقا هائلا من الأوروبيين في القرن التاسع عشر وذلك نتيجة للرواج التجاري الذي عرفته المدينة، وقد شيد بها الفرنسيسكان كنيسة بزنقة طنجة سنة 1891.
الملاح: الحي اليهودي القديم، يوجد بالجهة المقابلة للساحل، ولم يكن محدودا كما كان عليه في عدة مدن مغربية أخرى، هدم جزء منه خلال سنوات الثلاثينات إثر تهيئة ساحة فرنسا (ساحة الأمم المتحدة حاليا)، وتم تشييد كنيس اليهود سنة 1938 بزنقة لاميسيون.
الاحياء الرئيسية بمدينة الدار البيضاء:
سباتة، 2 مارس ، عين الذئاب، عين الشق ، عين السبع، أنفا ، كارتييه مازولا ، وسط المدينة ، درب غلف ، درب سادي ، درب السلطان، الفداء ، درب ميلان ، العنق ، حي ليساسفة ، الحبوس ، الحي الحسني ، الحي المحمدي ، حي مولاي رشيد ، المعاريف (وسميت بها صحيفة معاريف الاسرائيلية)، مرسى السلطان ، سيدي البرنوصي ، سيدي مومن ، سيدي معروف ، سيدي عثمان ، حي الأسرة ، حي الصدري ، بين المدن.
كما أضيف نبذة عنها أيضاً من جريدة (المغرب اليوم)، وأيضاً قمت بتصحيحها:
يدللونها فيسميها المغاربة بـ"كازا"، كما يحلو أيضا لزوارها من خارج المغرب إطلاق ذلك الاسم نفسه عليها. "كازا"، هي إحدى عرائس المحيط الأطلسي، تبعد عن أوروبا بأقل من ساعتين وعن نيويورك بأمريكا بأقل من ثماني ساعات، وتعتبر في نفس الوقت بوابة الشمال أيضا، فهي العاصمة التجارية للملكة المغربية حيث تضم المدينة حوالي 60 في المائة من الشركات العاملة في المغرب، ومنها تلك العاملة في قطاع تقنية المعلومات. إنها الدار البيضاء، هذه المدينة المغربية الشهيرة، والتي لها موقع خاص في قلب كل من زارها، علما بأنها تحتل كذلك تلك المكانة الخاصة في قلوب أبناء المغرب أنفسهم.
تقع الدار البيضاء، المعروفة في جميع أنحاء العالم باسم "كازابلانكا"، على سواحل شمال أفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي، وهي تعد أكبر مدن المغرب بلا منازع، وتحفل المدينة بالكثير من فرص الترفيه والرياضة والاستجمام والتسوق والتجوال وتناول أشهى الأطعمة، وعلى الرغم من أن العربية هي اللغة الرسمية، إلا أن الجميع وفي كل مكان تقريبا يتحدثون الفرنسية أيضا، بينما يتحدث العاملون في الفنادق والمتاجر والشركات اللغات الإنجليزية والأسبانية أيضا.
وتحفل مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، بالميادين الحافلة بالحركة والحيوية والحدائق العامة والنوافير الجميلة والمباني التقليدية والحديثة، وهي مدينة بديعة تجتمع فيها الثقافة والتاريخ والهندسة المعمارية ضمن أسلوب فريد، ويهيمن على المدينة مسجد الحسن الثاني، بينما يتميز حي الحبوس في المدينة القديمة بساحاته المظللة وأزقته الضيقة وأسواقه الشعبية التي تعرض الهدايا التذكارية والمنتجات الحرفية العالية الجودة.
وتقع البلدة العربية القديمة في المنطقة الداخلية مقابل الميناء، وهي عبارة عن متاهة من الأزقة الضيقة والمنازل المصبوغة باللون الأبيض، وتعتبر فردوسا للمتوقين والباحثين عن المنتجات الفنية والحرفية المغربية الأصيلة.
أروع ما يمكن زيارته هي شواطئ الدار البيضاء الجميلة، حيث يمكن لك التوجه إلى الشرق من مركز المدينة حيث الكورنيش، وهي منطقة راقية تنتشر فيها الفنادق والمطاعم الفخمة، ويستطيع الذواقة الاستمتاع في هذه المنطقة بأشهى الأطعمة التي تمتزج فيها فنون الطهي المغربية والفرنسية.
أهم ما يميز مدينة كازابلانكا عن بقية المدن الأخرى أنها لا تتمتع بخليج طبيعي يصلح لإقامة ميناء، لهذا السبب تم بناء كاسر أمواج بطول ثلاثة كيلومترات لإقامة ميناء "مولاي يوسف" الذي يعد أكبر ميناء في المغرب والرابع على مستوى قارة أفريقيا.
وللاستمتاع بحياة الدار البيضاء الحقيقية، ننصح بمرافقة حشود الناس على الشواطئ وفي المقاهي والمطاعم والنوادي الليلية التي تجاور الكورنيش، كما يمكن الاكتفاء بالاسترخاء ومشاهدة العالم وهو يمر من أمامك.
أما المعلم الرئيسي بالمدينة البيضاء فهو مسجد الحسن الثاني، وهو من أكبر وأجمل المساجد في العالم، ويتسع لحوالي 25 ألف مصل، ويتضمن هذا المسجد الذي تم تدشينه عام 1993، متحفا وحمامات بخار ومكتبة ومدرسة لتعليم القرآن ومرافق للمؤتمرات، كما تنظم في الموقع طوال اليوم جولات وزيارات استطلاعية للزوار.
هناك كذلك المدينة القديمة، وهي المدينة العربية الأصيلة التي تقع داخل سور قديم وتضم طرقات ضيقة وبيوتا من الفخار الأبيض أو الحجر ومحلات كثيرة وبضائع متنوعة. وفي الجانب الآخر ستجد ميناء الدار البيضاء، وهو الأكبر والأكثر حركة في القارة الإفريقية، ويعج بكل أنواع السفن من ناقلات النفط وحتى السفن السياحية، وتكثر عند الميناء أيضا مراكب صيد السمك والمراكب الخاصة، ويحلو هناك زيارة مركز 2000 الكببر وهو مركز تجاري جذاب.
لكن ما ننصح به هو أن لا تنسى زيارة ميدان محمد الخامس، وهو عبارة عن ساحة في قلب المدينة، تزينها مبان على الطراز المعماري الفرنسي وتضم مكاتب حكومية وعامة وتتوسطها نافورة ماء تنثر المياه الملونة في كل صوب على أنغام موسيقى ساحرة ووسط أسراب من الحمام الأبيض.
أما المدينة الجديدة فتقع في جنوب الدار البيضاء، وتعرف باسم حي الحبوس أو منطقة القديسين، وقد بناها الفرنسيون في محاولة لحل مشاكل السكن في الثلاثينات، ومع اختلاط الهندسة العربية التقليدية بالتخطيط الحديث ازدادت المدينة جمالاً بازدياد الأشكال والألوان والأنوار.
شنو ليكم كازابلانكا يا شباب مدني؟
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
مشكور أستاذنا : عمر غلام
أها كازبلانكا حقتنا بتاعت دردق فهي معروفة بالكوارع والفول المدنكل والباسطة
وفيها جزارة يعني مركز تسوق صغير
مشكور أستاذنا : عمر غلام
أها كازبلانكا حقتنا بتاعت دردق فهي معروفة بالكوارع والفول المدنكل والباسطة
وفيها جزارة يعني مركز تسوق صغير
شكرا لمرورك ومتابعتك الموضوع،
لما ود الطاهر قال لي كازبلانكا بتاعة مدني كنت ناسي اين توجد هذه الكازبلانكا، اما الآن فقد ذكرتني بها، وفعلاً هي توجد في اول دردق في طريق المواصلات..
على فكرة في كثير من دول العالم، وخاصة العالم العربي تجد محلات وفنادق ومطاعم تسمى بكلازبلانكا..
يديك العافيه..
.. نواصل ..
تحركت بنا الحافلات باتجاه الدار البيضاء.. وبعد مدة من الزمن لمح أحدنا من على البعد مدينة عملاقة ذات عمارات عالية وكثيرة وكلها بيضاء اللون، يبدو أننا قد اقتربنا من الدار البيضاء.. لم أشاهد من قبل مدينة بهذه الضخامة وذات مبانٍ عاليه ومتراصة، فأكبر مدينة رأيتها هي الخرطوم، وأما القاهرة فقد وصلنا مطارها ليلاً وغادرناها ليلاً، ولم نترك مقاعدنا في الطائرة.. لقد أذهلتنا هذه المدينة العملاقة، ولفت نظرنا لون مبانيها الأبيض، وقد علمنا فيما بعد أن هناك الزام من البلدية بأن يطلي كل صاحب عماره او بيت منزله من الخارج باللون الأبيض، ولا أدري هل تسميتها بالدار البيضاء هو الذي جعلهم يصرون على اللون الأبيض؟ أم أن تقليد طلاء البيوت باللون الأبيض هو الذي أعطاها هذا الإسم؟ ولو تذكرون في مدينة مراكش كل المباني مطلية باللون البني المائل للإحمرار، لذلك يسميها البعض (المدينة الحمراء)..
دخلنا الدار البيضاء فوجدناها نظيفة منظمة تزدان بحدائق خضراء وأشجار الزيتون تزين جوانب شوارعها، وكذلك أشجار الحمضيات، فترى اليوسفي البرتقالي اللون يتدلى من الأشجار فيعطي منظراً جميلاً (فيما بعد عرفنا أن هذا اليوسفي طعمه حامض جداً لا يستساغ، لذا لا يحتاج لمنع خاص من الناس لكيلا يقطفونه من أشجاره).. كذلك لاحظنا أن النجيلة تغطي كل المساحات غير المغطاة بالأسفلت او البلاط (الرصيف ما بين الشارع والبنايات من بلاط اسمنتي كبير الحجم)، والنجيلة ليست كالتي عندنا، بل هي غليظة كبيرة، وترتفع عدة بوصات فوق سطح الأرض، حتى لتظنها سجادة خضراء كثيفة..
وصلت الحافلات لوسط المدينة، فوجدنا عمارات فخمة ومحلات تجارية راقية، ولاحظنا أن في وسط شوارع متعددة متقاطعة قبة شبه زجاجية ملونة بألوان الطيف، والألوان في شكل مثلثات، هذه القبة في وسط التقاطعات، وتحتها يوجد ممر للمشاة تحت هذه الشوارع يربط ما بين المدينة القديمة وسوقها التقليدي (السويقة) وما بين شارع محمد الخامس التجاري الشهير، ويمنع عبور المشاة في هذه الشوارع، لذا يضطر المشاة الى النزول عبر الدرج الى تحت الأرض، وتحت الشوارع الرئيسية تلك، وتحت تلك القبة، ويمرون على نافورة وسط حوض من الماء، ولاحظنا ان بقاع الحوض عملة معدنية، عرفنا ان الناس- خاصة العشاق- تلقي بها (يبدو ان العادة مأخوذة من اوروبا، اذ لاحظت مثل ذلك في عدة مدن اوروبية)، ويعبر المشاة الى الجهة الأخرى..
وتوقفت بنا الحافلات أمام احدى البنايات الفخمة في شارع محمد الخامس، وكانت البناية هي فندق (أطلس) الفخم، حيث كان نزولنا..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
بدر الدين محمد
22-06-2009, 06:02 AM
نحن الآن نتجول معك في رحاب المغرب العربي امتعتنا بالسرد والمعلومات ونواصل
نحن الآن نتجول معك في رحاب المغرب العربي امتعتنا بالسرد والمعلومات ونواصل
الفنان المرهف بدر الدين
لك التحية والتجلة والاحترام، وشكرا لمرورك الكريم ولمداخلاتك القيمة، وارجو ان تصبروا معي لنعبر مضيق جبل طارق الى شبه جزيرة ايبريا، ثم الى القارة العجوز، وفيما بعد الى اقصى جنوب شرق آسيا..
كل الود..
.. نواصل ..
كان فندق مرحبا مثل تلك الفنادق التي نزلنا فيها في اغادير ومراكش، من حيث الفخامة والنجوم الخمس، وكانت الغرف مريحة وجميلة..
بعد ايداع امتعتنا في الغرف نزلنا الى الشارع، حيث كان الفندق في وسط المدينة، وبقرب المدينة القديمة، فتجولنا في شارع محمد الخامس التجاري ذا المحلات الفخمة، وسكان الدار البيضاء كسكان المدن الكبيرة، غالب لبسهم الافرنجي خاصة البنات، فالزي الأوروبي هو السائد، مع وجود الزي المغربي الذي ذكرناه عندما تحدثنا عن اغادير، وغالبية الذين يلبسون الزي المغربي هم من كبار السن سواء رجال او نساء..
والذي لفت نظرنا اول خروجنا من الفندق رجال ينتشرون حول الفندق يروجون بضاعة من نوع آخر، بضاعة بشرية، ولقد شاهدنا بعضهن يصعدن مع بعض أعضاء وفدنا الى غرفهم.. اي كان هذا الشئ مسموحاً به في تلك الفنادق، لذا كان استغرابنا..
لاحظنا في (السويقة) أن الموسيقى المغربية التقليدية تصدح في كل ناحية، فأكشاك بيع الأشرطة تفتح مسجلاتها على أعلى صوت، فسمعنا أغاني في لحنها تشبه اللحن السوداني (فهمنا فيما بعد ان الموسيقى المغربية مثل السودانية تستعمل السلم الخماسي)، ولكن الكلمات غير مفهومة لنا، واتضح فيما بعد ان بعض تلك الأغاني كانت باللغة البربرية.. وهناك موسيقى حديثة وموسيقى شعبية، الأخيرة تغنيها فرق شعبية مثل (ناس الغيوان)، (جيل جيلاله)، (أزنزارن) ومعظم الفرق هذه هي بربرية، اما الموسيقى الحديثة فكان على رأسها وقتذاك عبد الوهاب الدوكالي وعبد الهادي بلخياط ونعيمة سميح وغيثة بن عبد السلام، وعزيزة جلال، وقد كانت سميره بن سعيد في أوائل ظهورها في تلك الفترة، واشتهرت بأغنية (وعدي يا وعدي) والتي ما زالت عالقة بذهني منذ ذلك الوقت بعض ابياتها:
وعدي يا وعدي
وعدي خدو مني قلبي ما بقالي حكم عليه
خدوه مني يمي ودوه.. حالي الله عالم بيه
اهرب.. امي يا الحبيبة
كيفاش نهرب ونداري كيفاش نهرب
وانا يمي مغلوبة
وترجمتها:
وأسفي ووأسفي
أسفي أخذو مني قلبي ولم يعد لي تحكم فيه
اخذوه مني يا أمي بعيداً وحالي الله عالم به
أهرب.. أمي يا الحبيبة
كيف أهرب وأداري
وأنا يا أمي مغلوبه
وحتى لا أنسى، فقد زارتنا سميره بن سعيد في كلية الحقوق بالرباط- فيما بعد- وهي اصلاً من مدينة الرباط، وعندما كنا نحن في الجامعة كانت هي في الثانوية..
ولو لاحظتم فإن اسم سميره بن سعيد وليس سميره بنت سعيد، كذلك غيثه بن عبد السلام، وليس غيثه بنت عبد السلام، إذ أن اسم الشخص يقرن بالإسم العائلي وليس باسم الأب كما هو لدينا في السودان وفي مصر، ف (بن سعيد) هو اسم عائلتها، وكذلك (بن عبد السلام)، وكل اسماء المغاربة تتكون فقط من اسمين: اسم العائله، واسم الشخص، وفي غير المشهورين لابد من أن يسبق اسم العائلة اسم الشخص، فلما سجلنا في الكلية فيما بعد (حاكيناهم) فكتبنا اسماءنا هكذا (غلام الله عمر)، ويبدو ان محاكاتنا لم تكن في محلها، فسرعان ما اضطررنا الى الرجوع الى اسماءنا بطريقتنا السودانية، لسبب بسيط، هو ان جوازات سفرنا كانت مكتوبة هكذا..
مودي اليوم للكتابة مش ولابد.. لذا سأتوقف..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
مشكور يا أستاذ عمر
ذكريات جميلة وسرد ومعلومات أجمل
حلوة حكاية سميرة بن سعيد دي
.. نواصل ..
لم نمكث في الدار البيضاء غير يوم واحد، إذ كان اليوم التالي هو العيد الوطني، وكان الوفد السوداني ضيفاً على الاحتفال، فنقلتنا الحافلات الى الرباط، ولما تحركنا من امام فندق مرحبا اخترقنا مدينة الدار البيضاء، فأدركنا مدى ضخامة هذه المدينة، فنحن من شارع لشارع، ومن حي لحي، حتى خرجنا من العمران فوجدنا على جانبي الطريق المزارع الخضراء والقرى الصغيرة.. ولم تطل لحظات التأمل في تلك الطبيعة الساحرة، فقد لاحت لنا مدينة الرباط، او رباط الفتح، كما يحلو لي ان اسميها، وهي عاصمة المغرب الحديثة، إذ سبقتها كل من مراكش وفاس كعاصمتين سابقتين للمغرب..
وقبل أن أواصل سرد رحلتي لتلك المدينة التي أحببت، أسرد لكم نبذة عنها استقيتها من موقع وزارة الثقافة المغربية..
مدينة الرباط
يرجع تاريخ مدينة الرباط إلى فترات تاريخية مختلفة، إلا أن التأسيس الأولي للمدينة يعود إلى عهد المرابطين الذين أنشأوا رباطا محصنا، ذلك أن هاجس الأمن كان أقوى العوامل التي كانت وراء هذا الإختيار ليكون نقطة لتجمع المجاهدين، ورد الهجمات البورغواطية.
خلال العهد الموحدي عرفت المدينة إشعاعا تاريخيا وحضاريا، حيث تم تحويل الرباط (الحصن) على عهد عبد المومن الموحدي إلى قصبة محصنة لحماية جيوشه التي كانت تنطلق في حملات جهادية صوب الأندلس.
وفي عهد حفيده يعقوب المنصور، أراد أن يجعل من رباط الفتح عاصمة لدولته، وهكذا أمر بتحصينها بأسوار متينة، وشيد بها عدة بنايات من أشهرها مسجد حسان بصومعته الشامخة، وفي القرن الرابع عشر بدأت الرباط تعرف اضمحلالا بسبب المحاولات المتتالية للمرينيين للاستيلاء عليها، وإنشاؤهم لمقبرة ملكية بموقع شالة لخير دليل على ذلك.
وفي عهد السعديين 1609 سمح للمسلمين القادمين من الأندلس بالإقامة بالمدينة، فقاموا بتحصينها بأسوار منيعة والتي ما زالت تعرف بالسور الأندلسي. وفي هذا العهد تم توحيد العدوتين (مدينة الرباط وسلا) تحت حكم دويلة أبي رقراق، التي أنشأها الموريسكيون، ومنذ ذلك الحين اشتهر مجاهدوا القصبة بنشاطهم البحري، وعرفوا عند الأوربيين باسم "قراصنة سلا" وقد استمروا في جهادهم ضد البواخر الأوربية إلى غاية سنة 1829.
موقع شالة
ورد ذكر موقع شالة عند المؤرخين القدامى كمدينة صغيرة تقع على نهر يحمل اسم "سلا " والذي يطلق عليه حاليا اسم واد أبي رقراق، وفي العهد الإسلامي أصبحت هذه التسمية مقتصرة على المدينة الحديثة الواقعة على الضفة اليمنى للوادي أما الموقع فبدأ يحمل اسم شالة.
يرجع تاريخ "شالة" إلى القرن السابع أوالسادس قبل الميلاد، ويبدو أن المدينة قد ازدهرت تحت حكم الملوك الموريين خاصة خلال عهدي الملكين يوبا وابنه بطليموس، حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسد جلها التأثير الهليني والروماني، كما سكت نقودا تحمل اسمها. ابتداء من سنة 40 م شهدت المدينة تحولا جديدا تحت الحكم الروماني، حيث تميزت بتغيير في مكوناتها الحضرية بإنشاء الساحة العمومية والحمامات والمعبد الرئيسي وتحصينها بحائط متواصل امتد من الساحل الأطلسي إلى حدود وادي عكراش، وفي سنة 144م أحيطت المدينة بسور دفاعي، لتبقى خاضعة للاحتلال الروماني حتى أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الخامس الميلادي.
ما زالت حدود المدينة القديمة غير معروفة، إذ لم يتم الكشف لحد الآن إلا عن الحي العمومي، هذا الأخير ينتظم بجانبي شارع رئيسي (الديكومانوس ماكسموس) مرصف ينتهي في جهته الشرقية بالساحة العمومية (الفوروم)، أما بشمال غرب الساحة فيتواجد معبد مكون من خمس مقصورات تبرز التأثيرالمعماري الموري، وقد كشفت الحفريات جنوب الديكومانوس عن حوض الحوريات ومخازن عمومية وحمامات، أما بشماله فقد ظهرت بقايا المعبد الرسمي (الكابتول) وهو بناية ضخمة بني جزء منها فوق صف من الدكاكين المقببة، فتعلو بذلك فضاءا واسعا يضم كلا من قوس النصر ودار العدالة التي لم يتبق منها إلا أجزاء من الواجهة الرئيسية.
بقيت شالة مهجورة منذ القرن الخامس حتى القرن العاشر الميلادي حيث تحول الموقع إلى رباط يتجمع فيه المجاهدون لمواجهة قبيلة برغواطة، لكن هذه المرحلة التاريخية تبقى غامضة إلى أن اتخذ السلطان المريني أبو يوسف يعقوب سنة 1284م من الموقع مقبرة لدفن ملوك وأعيان بني مرين حيث شيّد النواة الأولى لمجمع ضم مسجدا ودارا للوضوء وقبة دفنت بها زوجته أم العز.
حظيت شالة على عهد السلطان أبي الحسن باهتمام بالغ. أما ابنه السلطان أبو عنان فقد أتم المشروع، فبنى المدرسة شمال المسجد والحمام والنزالة وزين أضرحة أجداده بقبب مزخرفة تعتبر نموذجا حيا للفن المعماري المتميز لدولة بني مرين. تراجعت شالة مباشرة بعد قرار المرينيين بإعادة فتح مقبرة القلة بفاس، فأهملت بناياتها، بل وتعرضت في بداية القرن الخامس عشر الميلادي للنهب والتدمير لتحتفظ بقدسيتها العريقة وتعيش بفضل ذكريات تاريخها القديم على هامش مدينة رباط الفتح ، وتصبح تدريجيا مقبرة ومحجا لساكنة المنطقة، بل معلمة تاريخية متميزة تجتذب الأنظار.
في القرن الرابع عشر الميلادي (1339) أحيط الموقع بسور خماسي الأضلاع مدعم بعشرين برجا مربعا وثلاث بوابات أكبرها وأجملها زخرفة وعمارة الباب الرئيسي للموقع المقابل للسور الموحدي لرباط الفتح، أما داخل الموقع فقد تم تشييد أربع مجموعات معمارية مستقلة ومتكاملة تجسد كلها عظمة ومكانة مقبرة شالة على العهد المريني.
ففي الزاوية الغربية للموقع ترتفع بقايا النزالة التي كانت تأوي الحجاج والزوار، وفي الجزء السفلي تنتصب بقايا المقبرة المرينية المعروفة بالخلوة، والتي تضم مسجدا ومجموعة من القبب أهمها قبة السلطان أبي الحسن وزوجته شمس الضحى، والمدرسة التي تبقى منارتها المكسوة بزخرفة هندسية متشابكة ومتكاملة وزليجها المتقن الصنع نموذجا أصيلا للعمارة المغربية في القرن الرابع العاشر.
في الجهة الجنوبية الشرقية للموقع يوجد الحمّام المتميز بقببه النصف دائرية، التي تحتضن أربع قاعات متوازية: الأولى لخلع الملابس والثانية باردة والثالثة دافئة و الرابعة اكثر سخونة.
أما حوض النون، فيقع في الجهة الجنوبية الغربية للخلوة وقد كان في الأصل قاعة للوضوء لمسجد أبي يوسف، وقد نسجت حوله الذاكرة الشعبية خرافات وأساطير جعلت منه مزارا لفئة عريضة من ساكنة الرباط ونواحيها.
السور الموحدي
شيّد هذا السور من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، حيث يبلغ طوله 2263م، وهو يمتد من الغرب حتى جنوب مدينة الرباط، ويبلغ عرضه 2.5م وعلوه 10 أمتار وهذا السور مدعم ب 74 برجا، كما تتخلله 5 أبواب ضخمة (باب لعلو، باب الحد، باب الرواح، وباب زعير).
السور الأندلسي شيد على عهد السعديين من طرف المورسكيين، يقع على بعد21م تقريبا جنوب باب الحد، ليمتد شرقا إلى برج سيدي مخلوف، وهو يمتد على طول 2400م. وقد تم هدم جزء من هذا السور 110م بما فيه باب التبن، والذي يعتبر الباب الثالث لهذا السور مع باب لبويبة وباب شالة، وهو على غرار السور الموحدي مدعم بعدة أبراج مستطيلة الشكل تقريبا، ويبلغ عددها 26 برجا، وتبلغ المسافة بين كل برج 35 مترا.
قصبة الأوداية
كانت الأوداية في الأصل قلعة محصنة، تم تشييدها من طرف المرابطين لمحاربة قبائل برغواطية، ازدادت أهميتها في عهد الموحدين، الذين جعلوا منها رباطا على مصب وادي أبي رقراق، وأطلقوا عليها إسم المهدية. بعد الموحدين أصبحت مهملة إلى أن استوطنها الموريسكيون الذين جاءوا من الأندلس، فأعادوا إليها الحياة بتدعيمها بأسوار محصنة.
وفي عهد العلويين عرفت قصبة الأوداية عدة تغييرات وإصلاحات ما بين ســــــــنة (1757-1789)، وكذلك ما بين سنة (1790 و 1792). وقد عرف هذا الموقع تاريخا متنوعا ومتميزا، يتجلى خصوصا في المباني التي تتكون منها قصبة الأوداية، فسورها الموحدي وبابها الأثري (الباب الكبير) يعتبران من رموز الفن المعماري الموحدي، بالإضافة إلى مسجدها المعروف بالجامع العتيق، أما المنشآت العلوية فتتجلى في الأسوار الرشيدية، والقصر الأميري الذي يقع غربا، وكذلك منشآتها العسكرية: برج صقالة.
مسجد حسان
يعد واحدا من بين المباني التاريخية المتميزة بمدينة الرباط التي تقع عليها عين الزائر، شيد من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، كان يعتبر من أكبر المساجد في عهده، لكن هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال الذي ضربه سنة 1755م، وتشهد آثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد، حيث يصل طوله 180 مترا وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتبية بمراكش والخيرالدا بإشبيلية على وجود المسجد وضخامته، والصومعة مربعة الشكل تقف شامخة حيث يصل علوها 44 مترا، ولها مطلع داخلي ملتو، يؤدي إلى أعلى الصومعة ويمر على ست غرف تشكل طبقات، وقد زينت واجهاتها الأربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر المنحوت، وذلك على النمط الأندلسي المغربي من القرن الثاني عشر.
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
مشكور أستاذنا عمر غلام
وحقيقة أول مرة أعرف أن أسم مدينة الرباط له علاقة بدولة المرابطين
واصل ونحن في الإنتظار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشكور أستاذنا عمر غلام
وحقيقة أول مرة أعرف أن أسم مدينة الرباط له علاقة بدولة المرابطين
واصل ونحن في الإنتظار
شكراً لك عزيزي mohalnour، وسأواصل عشانك انت بس، لأنك بتشجعني بمداخلاتك وتعليقاتك..
.. نواصل ..
توقفت بنا الحافلات في شارع حسان، أمام سور عتيق ضخم، هو أحد أسوار مدينة الرباط القديمة، وقد أغلقوا الشارع ونصبوا مقراً للاحتفالات، وتم توزيعنا على المقاعد، وجلسنا عليها، وكنا نقرأ في أعلى مساند المقاعد التي حولنا لوحات ورقية صغيرة مكتوب عليها (الوزير الفلاني، سفير كذا)، أي أجلسونا في منصة كبار الزوار، ووزعوا علينا كتيبات عن الاحتفال وبرنامجه، وكان من يوزعها فتيات أشبه ما يكن بمضيفات الطيران، وربما كن اكثر اناقة وجمالاً من أولئك.. يبدو أنهن مضيفات تابعات للمراسم الملكية او شئ من هذا القبيل..
وأثناء جلوسنا كانت كل عدة دقائق تتوقف سيارة مرسيدس سوداء فارهة أو سيارة ستروين كبيرة رمادية (جميع السيارات التي أنزلت السفراء كانت من هذين النوعين فقط)، ويرفرف عليها علم دولة، فينزل السفير فيستقبله المستقبلون ويجلسونه في مكانه المخصص له.. ثم جاء طفلان أحدهما حوالي عشر سنوات والآخر حوالي ست سنوات، وهبطا من سيارة فارهة، واصطف ضباط كبار، أعلى رتب (يبدو أنهم قيادات الجيش والشرطة) يسلمون على هذين الصبيين، وكانا يقبلان أيديهما.. إنهما مولاي محمد (ملك المغرب الحالي) ومولاي رشيد ابناء الحسن الثاني ملك المغرب عليه رحمة الله- أرجو ان تترحموا معي عليه- ثم بعد تحيتهم جلسا في مكانهما المخصص لهما، وأخيراً وصل الملك الحسن الثاني، وألقيت الكلمات، وكانت هذه أول - وآخر- مره ارى فيها الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس والأمير رشيد..
وعشان ما أنسى سأذكر لكم شيئاً حدث لي فيما بعد له علاقة برؤية الملك، فبينما نحن ندرس في كلية الحقوق بالرباط، وكنا نأتي من الحي الجامعي بالحافلات، وننزل منها لنعبر الشارع الرئيسي الى مدخل الكلية، فلاحظنا ذات يوم ان حركة المرور توقفت في هذا الشارع، فلم نعد نرى سيارات تعبره، كذلك كنا نرى جنوداً على جانبي الطريق، بين كل جندي وآخر حوالي عشرة أمتار، واستمر ذلك لمدة ثلاثة ايام، وفي اليوم الثالث، وفي حوالي الساعة الثانية ظهراً هبطت من الحافلة وتوجهت نحو الكلية، ولكن لم استطع عبور الشارع، إذ منعني الجنود، فوقفت، وبعد مدة من الزمن ظهرت سيارات الشرطة من بعيد، بأصوات ابواقها (التي تسمى في السعودية الونان، ولا أعرف في السودانية اسم لها) فسألت إحدى الطالبات وكانت تقف بجواري تنتظر السماح لها بالمرور الى الكلية، سألتها ماذا يحدث فقالت لي ان الملك يعبر من هذا الطريق، فقلت فرصة لعلي أرى الملك عن قرب (كان ذلك بعد عامين تقريباً من وصولي للمغرب)،
فركزت بصري على الجهة التي تأتي منها اصوات سيارات الشرطة ومواترها، فظهرت من على البعد، فأردت تبين من بداخل سيارة الملك، فلم استطع، ليس لأن الزجاج مظلل، بل لأنني لم أر السيارة نفسها، هل تصدقون؟ ربما لو مر سهم انطلق من قوسه لرأيته، ولكن سيارة الملك لم أر إلا شيئاً يظهر ثم يختفي كلمح البصر، وفي ثواني- ثواني مين ياعم، ديل أجزاء من الثانية- كان الموكب قد اختفى عن انظارنا تماماً، وفي الثواني التالية انصرف الجنود الواقفون على جانبي الطريق، وعبرنا الشارع الى كليتنا، ثم عادت الحياة للشارع لطبيعتها.. وسألت التي كانت تقف بجواري قبل السماح لنا بالعبور، الى اين يا ترى ذاهب الملك؟ قالت ربما لزيارة أخيه الأمير عبد الله- رحمه الله رحمة واسعة، ترحموا عليه معي- وكان قصر عبد الله خلف غابة البان التي تلي كليتنا، اي كان على مقربة من كلية الحقوق.. ويبدو ان مثل تلك الزيارة كانت نادرة، حيث اننا لم نشاهد مثل ما حدث ذلك اليوم فيما بعد..
وبمناسبة الزيارة الملكية لأخيه، علمنا أن تربية الأميرين محمد ورشيد توكل لوزير، وظيفته (الوزير المكلف بتربية أصحاب السمو الملكي)، وهي ليست تربية دلع، بل فيها تربية عسكرية، وعرفنا ان الأولاد لا يرون أباهم الا في أيام معلومات، يقال ثلاث مرات فقط في الأسبوع، كما أن المدرسة الخاصة التي يدرسون فيها يجلب إليها طلاب من مختلف فئات الشعب، فتجد في المدرسة ولد مزراع وولد عامل وولد موظف وولد تاجر.. وهكذا، وذلك ليكون على احتكاك ومعرفة بفئات الشعب المختلفة..
وحتى لا أنسى ايضاً فإن الأمير محمد درس في كليتنا (الحقوق) فيما بعد- اي بعد تخرجنا- وعلمنا من الطلاب السودانيين الذين درسوا في تلك الفترة أن إدارة الكلية نقلت كل الدفعة التي في السنة الأولى الى السنة الثانية تمهيداً لدخول الأمير الى السنة الأولى، حتى ان هناك طالبة كانت مريضة ولم تحضر للامتحان، فذهبوا اليها في المنزل ونقلوها بسيارة الى الكلية لتؤدي الامتحان- كيفما اتفق، حتى لو تكتب اسمها فقط في ورقة الإجابة- ولم يكرر (يعيد) في السنة الأولى أحد، يعني البليد لقى فرصة في السنة ديك انو ينتقل للسنة الثانية.. فقط دخل معه السنة الأولى مجموعة معينة معروفة لديه ومعروفة للحكومة (لدواعي امنية ربما، او لدواعي اخرى لا نفهمها).. هذا يقرأ بعدة اتجاهات، هي انه درس في الجامعة مع عامة الناس، وفي نفس الكلية التي يدرس فيها وتخرج فيها طلاب مغاربة وغير مغاربة، ومنها انه له خصوصية بطريقة ما بحيث لم يتركوا معه في الفصل غير عدد محدود من الطلاب..
يعني انا اقدر اقول انو الملك محمد السادس ملك المغرب درس في الكلية التي درست بها، (لاحظتوا اني ما قلت انا درست في الكلية التي درس بها الملك محمد السادس، والسبب اني سبقته في الدراسة فيها)..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
ابوخالد
02-09-2009, 05:34 AM
وصف فات حد الوصف ذاتو ....
روعة ومتجسدة فى ثوب روائى شفاف ....
والله عشنا معاك الدور بى حذافيره ...
رحلة ممتعة ولا أروع .....
وكمل يامزمل ..
وصف فات حد الوصف ذاتو ....
روعة ومتجسدة فى ثوب روائى شفاف ....
والله عشنا معاك الدور بى حذافيره ...
رحلة ممتعة ولا أروع .....
وكمل يامزمل ..
الغالي ابو خالد
شرفت البوست وآنست ..
وتشجعني مداخلتك على المضي في السرد واستحلاب الذاكرة
.. نواصل ..
انتهى الاحتفال باليوم الوطني للمغرب، وركبنا الحافلات وتوجهنا لزيارة عمالة (محافظة) الرباط، وأذكر أننا أثناء خروجنا كانت البوابة من الزجاج، وكذلك كل الواجهة للعمالة، ولا يتميز الباب عن بقية الواجهة بشئ، فواصل أحد أعضاء الوفد مشيه حتى اصطدم بزجاج الواجهة، ظاناً أنها لا شئ (من نظافة الزجاج وكبر مساحته)، فضحكنا جميعاً..
ثم ركب أعضاء الوفد الحافلات متوجهين الى المطار حيث كانت تنتظرهم الطائرة السودانية لتقلهم عائدين الى ملتقى النيلين، تاركين وراءهم حوالي ثلاثة او اربعة من اعضاء الوفد هم شخصي ومحمد خالد وطارق المحينة وجلال حنفي، وكنا جميعاً مسجلين في منحة المغرب، وفيما بعد رجع بعض من كان معنا في الوفد ليسجل معنا في الجامعات المغربية..
أحسست باليتم بعد مغادرة الوفد أرض المغرب، إذ حتى هذه اللحظة كنت اعيش في مجتمع سوداني بحت، وفي ضيافة مغربية كريمة، ولكن بعد مغادرة الوفد انتقلنا من عيشة الفنادق الراقية والعزومات شبه الملكية، عزومات عاملي العمالات (محافظي المحافظات) الى عيشة الحي الجامعي (مولاي اسماعيل) والى أكل سندويتشات الساردين والجبنة والمربى.. فقد أخذونا الى الحي الجامعي بعض من الطلاب الذين سبقونا الى المغرب، وجاءوا الى الوفد السوداني، فكانت ليلتنا الأولى في الرباط في حجرة كبيرة تحت الأرض (بدروم)، مفروش على أرضيتها المراتب، وفهمت ان هذا سكن مؤقت لمن لم يجدوا له مكاناً في أجنحة (عمارات) الحي الجامعي..
كان الحي الجامعي (مولاي اسماعيل) في السابق ثكنة عسكرية، ثم خرج منه العسكر وسكنه طلاب الجامعات، وكان على شاطئ المحيط الأطلسي مباشرة، ويتكون من حوالي خمسة أجنجة، كل جناح به حوالي ثلاثة طوابق، منها طابق تحت الأرض (بدروم)، ولكن نوافذه تطل على سطح الأرض تقريباً، من هذه الأجنحة الخمسة هناك جناح مخصص للبنات، وفي الحي الجامعي مصلى في ركن من الحي، ومقر للإدارة في نفس الجناح الذي أسكنونا فيه في الليلة الأولى، وعيادة تزورها طبيبة ثلاث مرات في الأسبوع، وكان هذا الحي قريب الى حد ما من وسط البلد ومن السوق ومن المدينة القديمة، وامامه مجموعة من البقالات والمطاعم، ولم يكن مطعم الحي الجامعي نفسه مفتوحاً (فُتح بعد أن غادرناه)، قضينا اليوم الأول على مراتب في الأرض (يا حليل فنادق اطلس ومرحبا)، وأكلنا ساندوتشات الساردين (يا حليل الخروف المشوي والدجاج العائم فوق زيت الزيتون)..
وجدت في هذه الغرفة الفسيحة مجموعة من الطلاب السودانيين، أعرف منهم عمر الإمام النور الذي كان يدرس معي في مدني الثانوية، والذين كانوا معي في الوفد، وتعرفت على البقية، ومنهم طلحه جبريل الذي اصبح صحفياً لامعاً إذ كان مراسل جريدة الشرق الأوسط في المغرب ثم اصبح مدير المكتب هناك، ثم عمل بعد سنوات طويلة في وكالة يوانتيد برس، واخيراً استقر في واشنطون.. كذلك تعرفت على حسن عبد اللطيف قرناص (الذي لقبه الزملاء بحسن كسينجر، لأنه كان يتكلم بطريقة رأوا فيها انه أشبه بوزير الخارجية الأمريكي هنري كينسجر)، كذلك كان معنا سيف الدولة وجمال ميرغني وكمال شرف وعبد اللطيف محمد خير والنور وغيرهم..
وقد أفادونا الذين سبقونا في التسجيل في الكليات، وعرفنا منهم أنه لا مجال إلا في كلية الحقوق قسم القانون، او قسم العلوم السياسية، او كلية الآداب بتخصصاتها المختلفة، إذ ان بقية الكليات كانت باللغة الفرنسية، وقد حاول البعض دراسة كليات تدرس بالفرنسية مثل الطب، ولكنهم تعبوا، منهم محمد محي الدين – من أبناء بورسودان- إذ وجدناه يدرس في كلية طب جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وكان قد استنفد سنوات الرسوب في كلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط، فدرس عامين في الرباط، وعامين في الدار البيضاء ولم يستطع تجاوز السنة الأولى، رغم اجادته للغة الفرنسية، ثم انتقل – بعد ان اكملنا دراستنا في المغرب وغادرناها- الى الجزائر.. المهم فيما بعد عرفنا انه تخرج من كلية الطب، وبما أن اسرته تسكن بجوار اسرة خالتي بابو حشيش في بورسودان فقد تابعت اخباره، وعلمت انه طبيب شاطر رغم انه عمومي.
المهم انا سجلت في كلية الحقوق – فرع العلوم السياسية- اسوة ببقية الزملاء، الذين نستثني منهم القليل، فقد سجل عمر الإمام وسيف الدولة في القانون، وسجل طلحه جبريل في كلية الآداب، وكذلك محمد عثمان الخليفة (اخو وزير التربية والتعليم في عهدنا – محمد خير عثمان)، وكان أيضاً قد درس معنا في مدني الثانوية..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
.. نواصل ..
تسلل زملاء الغرفة الجماعية تباعاً الى الأجنحة المختلفة، والتي هي ايضاً غرفاً جماعية، إلا أن فيها أسرّة (جمع سرير) وبجانب كل سرير دولاب صغير، وفي جانب من الغرفة دواليب كبيرة يضع فيها الطالب ملابسه وحاجياته، وفيها نظام السرائر ابو دورين، يعني سرير فوق الثاني، وجاء دوري للتسلل خارج الغرفة الجماعية الى الجناح e على ما أذكر، وكان سريري في الأعلى، وعندما نقلت حاجياتي من الغرفة الجماعية الى مقري الجديد جاء معي زميلي جمال ميرغني وآخر نسيت من هو، وعندما وجدا السرير الذي تحتي والذي بجانبي خاويان- وكان الوقت ليلاً- حسبا ان السرائر لا يوجد بها أحد، فناما معي، ولكن أصحاب السراير الذين وصلوا أيقظوهما من نومهما- وهم يرطنون بالفرنسي ظناً منهم أن هؤلاء من دول افريقيا الفرانكفونية، لأنهم لم يروا سودانياً من قبل، ولا يعرفون من الأفارقة غير الناطقين بالفرنسية، وكانت لهجتهم توحي بالعدوانية- ولم يفهم جمال وزميلي الآخر شيئاً مما قالا، لكنهما فهما المقصود، فغادرا الجناح الى الغرفة الجماعية..
اعتقدنا ان ذلك طرد، ولكن فيما بعد علمنا أن هؤلاء إن لم ينوما في أماكنهما فلا مكان لهما، إذ هما من أقصى الجنوب المغربي، من البربر، من جهة اغادير، وبالتحديد من انزغان التي هبطت بنا الطائرة السودانية فيها (مطار أغادير انزغان) كأول محطة في المغرب.. وقد أعطاني هذا الذي حدث في الغرفة إحساساً بالخوف من هؤلاء، فهم اول مغاربة- من غير الرسميين الذين استقبلونا في رحلتنا عبر المغرب بعد انتهاء المسيرة الخضراء- وتساءلت هل يا ترى كل المغاربة هكذا؟ وقد توجست خيفة..
ولكن فيما بعد اتضح أنني كنت مخطئ، فقد كان هؤلاء الجيران هم أصدقائي فيما بعد، وكانوا من ألطف الناس، وأذكر فيما بعد عندما عرفت طريق المطعم الجامعي في الحي الجامعي السويسي الأول- وكان بعيداً عن هذا الحي الذي نسكنه بمسافة، ولابد من ركوب الحافلة للوصول إليه، وكان لابد من تكبد المشاق ودفع حق المواصلات ذهاباً وإياباً (الرحلة كانت ب 40 سنتيم) بينما ثمن الوجبة درهم و40 سنتيم، اي كنا ندفع 80 سنتيم من اجل وجبة ب 140 سنتيم، لكن كانت الوجبة تستأهل كل هذا الجهد – المال والتعب والوقت- اذ كانت الحافلة التي تنقلنا من امام الحي الى الحي الذي فيه المطعم تزدحم بالطلاب والطالبات لدرجة انك لا تستطيع الركوب، واذا ركبت فالدفس والعفص داخل الحافلة، وقد تلتحم الأجساد بضغط شديد، وكان ذلك شديداً علينا نحن القادمين من مجتمع محافظ..
المهم ان الوجبة تستأهل هذا الجهد لأنها وجبة كاملة، فيها كل احتياجات الإنسان، ففيها المقبلات والسلطات والوجبة الرئيسية التي كانت تتكون اما من اللحم او الدجاج او السمك، بالإضافة الى الأرز والخضروات والتحلية والفاكهة، وهذه الوجبة لو تناولناها في المطعم فسوف تستنزف المنحة التي تعطينا إياها الحكومة المغربية، وكانت المنحة 380 درهم، زيدت فيما بعد لتصل 390 ثم بعد ذلك الى 420 درهم..
نرجع الى (عندما عرفت طريق المطعم الجامعي).. فقد عدت من المطعم الجامعي بعد وجبة عشاء دسمة (بمعنى الكلمة)، نمت في سريري – في الدور التاني- وفجأة عند منتصف الليل اندفع ما في بطني الى فمي، ولم يكن هناك وقت للنزول من السرير والذهاب الى الحمام، فحاولت أن أسد فمي بيدي لكن ما في فمي غالبني فغلبني ثم اندفع الى الخارج، وللأسف تأثر بذلك الذي ينام في السرير الذي تحتي، رغم انني وجهت وجهي للجدار خلف رأسي مباشرة، لكن نزل ما نزل على الجدار حتى وصل للمسكين في سريره.. نزلت مسرعاً الى الحمامات، فأكملت الاستفراغ، ولحقني زميلي ليغسل ما ناله من محتويات جوفي.. فاعتذرت له..
فيما بعد عرفت أنه ظن بأني قد شربت (روج) وهو مسكر يشربه كثير من الطلاب، وعادة ما يستفرغونه- لا أدري لماذا- ولكن فيما بعد عرف أنني برئ من الروج.. أحسست ان بطني ليست على ما يرام، وفي الصباح دلوني على عيادة الطبيبة في هذا الحي وهي تأتي ثلاث مرات على ما أذكر في هذا الحي، المهم اعطتني العلاج وسألتني ان كنت أتناول وجباتي في المطعم الجامعي، فأجبت بالإيجاب فكتبت لي بطاقة (ريجيم) اقدمها للمطعم لأتناول وجبة خاصة خالية من الدهون، فكانوا يعطوني لحم مشوي بدل اللحم المطبوخ في (الدمعة) وبدل الدجاج المطبوخ دجاج مسلوق، ويعطوني بسله بدل العدس (البسله عندهم يسمونها جلبانه)، ويعطوني فاصولياء خضراء بدل الفاصوليا البيضاء (الفاصوليا عندهم يسمونها لوبيا)، وبدل الأرز المطبوخ يعطوني أرز مسلوق.. فارتاحت بطني، وعلمت ان سبب الاستفراغ كان بهذه الدهون (الدسم) التي كانت في الأكل الذي تناولته في مطعم الحي الجامعي، طبعاً لأن الجو بارد جداً في المغرب فإن معظم اللحوم تكون دهينه ويضعون كمية من الشحم في الطبيخ..
أواصل سرد مسميات الخضروات عندهم، فالجزر يسمى عندهم خزّو، والشمام عندهم يسمى بطيخ، والبطيخ يسمى دلاّح، والبطاطس بطاطا، واليوسفي مندرين، وكما اسلفت البرتقال يسمى ليمون، والليمون يسمى الحامض، والكمثرى ابو عويد، والسمك يسمونه الحوت، والضان يسمونه الغنم..
أرفقت صورة لأحد أجنحة الحي الجامعي مولاي اسماعيل، ويبدو في الصورة الزميلين محجوب البيلي (دفعة 1974) وطلحه جبريل (دفعتنا، الذي يحمل جريدة العلم المغربية)، وخلفهما يبدو مغربيان.. كما تلاحظون فهناك درج (سلم) يؤدي الى الدور الأرضي من الجناح، كما يبدو في داخل الجناح الدرج المؤدي للدور الأول، بينما تبدو شبابيك الدور تحت الأرضي في اقصى يمين الصورة الى الأسفل، وهناك شريط من الطلاء الداكن يحدد الطابق تحت الأرضي ويتضمن الشباك.. والصورة تقريباً في العام 1975م..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
تشكر عمي 114 علي هذا السرد الجميل
ود الجعلي
06-09-2009, 06:25 AM
الاستاذ
لك التحية ونحن نتابع هذه الرحلة العمرية المليئة بالمعالم الحياتية المعبرة
واصل استاذي الفاضل
وتقبل مروري ومطالعتي في هذا البوست الراقي
الاستاذ
لك التحية ونحن نتابع هذه الرحلة العمرية المليئة بالمعالم الحياتية المعبرة
واصل استاذي الفاضل
وتقبل مروري ومطالعتي في هذا البوست الراقي
ود الجعلي الغالي
مرورك مقدر، ومطالعتك تسعدني، وكلماتك الراقية تسجعني للمواصلة..
ولك خالص الود
لطفا يااستاذ علي الانقطاع في مواصلة هذه الروائع للظروف التي المت بنا
بمشي اقرا بمزاج عشان نستفيد
مشكور أستاذنا عمر غلام
بالجد باين عليها كانت أيام جميلة
ويا حليل أيام الجامعات الكانت بتدلع الطلاب
همسة : حكاية الروج دي بتكون خلت ابسفروق يتحسر أنو ما درس معاك في المغرب
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح ودالطاهر
تشكر عمي 114 علي هذا السرد الجميل
ود الطاهر
شكرا على المرور، وشكراً على المداخلة التلغراف..
بعدين شنو حكاية عمي دي؟ انت قايلني ابو شوارب واللا شنو؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
لطفا يااستاذ علي الانقطاع في مواصلة هذه الروائع للظروف التي المت بنا
بمشي اقرا بمزاج عشان نستفيد
مدنية والله انا نسيت انك قاعده في الخرطوم، الف سلامة ليكم والله، لعل ما ضربوا قريب منكم وهجموكم؟
واللا انتي في الخرطوم ومش في امدرمان؟ عموماً حمداً لله على سلامة اهلك واحبابك وجيرانك برضو..
وشكرا على مرورك وتشجيعك لي للكتابة..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشكور أستاذنا عمر غلام
بالجد باين عليها كانت أيام جميلة
ويا حليل أيام الجامعات الكانت بتدلع الطلاب
همسة : حكاية الروج دي بتكون خلت ابسفروق يتحسر أنو ما درس معاك في المغرب
العزيز mohalnour
انت دائماً مطيب خاطري بمرورك الكريم وبمداخلاتك الرقيقة..
فعلاً كانت ايام روعه لدرجة اني لغاية الآن بتذكر تفاصيلها بدقة، وناسي الحصل امبارح هنا في الرياض في السعودية، وما زلت اشتاق للمغرب ولناس المغرب، ولما اتذكر الأيام الخوالي واتذكر اصحابي عيوني تدمع.. سنين قليلة تركت اثر كبير في نفسي..
يا ابسفروق.. ما تمشي تكمل قرايتك في المغرب؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
الله يسلم يااستاذ
في الخرطوم نعم لكن الخوفة وصلت لمدني مش الخرطوم بس دي دانات يااستاذ شغالة فينا كانت
بمناسبة موكب الملك
ذكرتني فيلم طباخ الرئيس
الرئيس بيسال الطباخ عن سبب تاخيره
الطباخ قال ليه بسبب الزحمة
الرئيس قال ليه غريبة وانا معدي من الكبري ماكانش في زحمة
الطباخ قال ليه مااحنا اللي كنا تحت الكبري ياريس
فعلاً لما شفنا السلاح والعربات المقبوضة احترنا عدييييييل.. ده جيش بكامل عتاده.. والله ربك ستر سااااكت، لكن برضو كان فيه ضحايا من المدنيين نسأل الله ان يتقبل شهادتهم..
وأنا اختي في ود نوباوي في امدرمان قالت الضرب كان قرييييييييييب ليهم، حتى قالت لي من الخوف ماسكني صداع..
موكب الرئيس دي جابت ليها تجربة تانية حصلت لي الأسبوع الفات هنا في الرياض.. كنت جايب الأولاد من المدارس، وطلعت من طريق الملك الفهد عشان ادخل طريق مكة خريص، فإذا بالمدخل الى هذا الشارع مغلق بسيارة مرور، فعرفنا ان هناك شخصية ستمر عبر الشارع.. فانتظرنا.. وبعد قليل سمعنا ابواق سيارات الشرطة (الونان) ثم ظهرت سيارات الشرطة تليها سيارات تشبه سيارات الجمس gmc ولكنها كلها سوداء، ومعها سيارات لها شئ اشبه بالطابق الثاني، وكان عدد هذه السيارات لا يقل عن عشرين او خمس وعشرين سيارة، وكلها مظللة الزجاج، وتتشابه تماماً.. ويبدو أنه كان موكب الملك.. ولم تمض ثوانِ او ربما جزء من ثانية ومرقت السيارات كسهم منطلق من قوسه.. وفتح الطريق لنا وواصلنا سيرنا، فتذكرت ذلك الموكب قبل نيف وثلاثين عاماً.. بس الفرق هو انو الطريق كان مقفول هنا لمدة دقائق، بينما في الرباط كان مقفول لمدة ثلاثة أيام.. يعني قعدنا تحت الكبري دقائق معدودات، مش زي الطباخ..
يبدو أن مداخلة مدنية التي عقبت عليها اعلاه ضاعت، إذ لم أجدها في نهاية الصفحة الثانية المستعادة بعد فقدها ولا في بداية الصفحة الثالثة..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض صقير
متعة فى رحلة
حقيقة أستمتعنا أخى عمر بهذا السرد التفصيلى الممتع
ومن خلاله عرفنا الكثير عن هذه المنطقة الرائعة
ومنتظرين البقية أستاذى
عوض صقر العزيز
شرفت البوست يا أخي.. وزادك الله علماً ورفعة..
والمزيد يأتيكم تباعاً بإذن الله، وأرجو أن يعجبكم..
يبدو أن مداخلة عوض صقير التي عقبت عليها اعلاه ضاعت، إذ لم أجدها في نهاية الصفحة الثانية المستعادة بعد فقدها ولا في بداية الصفحة الثالثة..
ابوخالد
11-09-2009, 06:32 PM
ده انت اليدك فيها البركة..
الله يديك عروس مليااااااااااااااااااانه فلوس
ويديك ذرية تسد عين الشمس (كان بالكثرة كان بالهامة والقامة والفهامة)
ويديك كل الفي مرادك
ويخليك للمنتديات، ولينا
ويجزيك عننا خير الجزاء
ودمت
لكن يا أستاذ عمر ...
دعوة رائعة ... دى دعوة مغربية والا شنو ...ربنا يتقبل منك ...
ونقول للعاقب جمعآ إن شاء الله ..
وواصل فى السرد والإبداع ...
لكن يا أستاذ عمر ...
دعوة رائعة ... دى دعوة مغربية والا شنو ...
ربنا يتقبل منك ...
ونقول للعاقب جمعآ إن شاء الله ..
وواصل فى السرد والإبداع ...
دي دعوة سيد الرايحة الفتش خشم البقره.. ويقوم العاقب يلقى ليهو الرايحة دي.. يعني دعوة من الأعماق، عشان كده بقت دعوة مخلطة (زي مخلط البخور ومخلط العطور) من دعوات مغربية سودانية سعودية..
نواصل عشان خاطرك يا ابو لواء
خالد 000 ابقرجة
14-09-2009, 03:15 AM
أستاذنا القامة عمر غلام الله 000
حينما كنت أدخل للمنتدي زائرا 000 كان هذا البوست بنسخته الأولي 000
يحتل مكانا علي الصفحة الرئيسية 000
وكان مدخلي لهذا المنتدي علي يديه مع المواضيع التوثيقية لأستاذنا عمر سعيد النور 000
وعند تسجيلي 000 الأول قبل السيل 000
كنت أدخل الي هنا قراءة صامتة 000
لأنني أعشق حديث الذكريات 000 والتجوال بين الشعوب 000
لكنني عشقت هذا السرد الذي يجعلك تبحر في رحلة معرفية 000
ومتعة سياحية (مجانية ) 000
اليوم أردت أن أكسر هذا الحاجز الذي دوما يلجمني عن المداخلة هنا 000
ودعني أقول لك أن كل الرحالة الذين نستقي التاريخ وحضارات الشعوب من كتاباتهم لم يكن في تخطيطهم تصنيف أنفسهم كذلك 000
لكنهم كانو يكتبون تداعيهم وملاحيظهم علي البلدان التي زاروها كما تفعل الآن هنا 000
وكما فعلت من النمسا 000
وسأحتفظ بنسخة من هذه الصفحة 000
لأقول لأحفادي أنني كنت صديقا لهذا المؤرخ 000
محبتي
.. نواصل ..
بعد أن سجلت في الجامعة في كلية الحقوق – شعبة العلوم السياسية- عربي- بدأت أذهب للدراسة، وكانت معظم المحاضرات في معهد (المغرب الكبير) ، ولحسن الحظ كان هذا المعهد قريب من الحي الجامعي مولاي اسماعيل، فلم نكن نحتاج لمواصلات، وكانت المدرجات ضخمة جداً، وتفأجات بأن عدد الطلاب في قسمنا فقط حوالي 1500 طالب (الف وخمسمائة وليس مائة وخمسين)، لذلك كان المحاضر يلقي محاضرته عبر الميكروفون.. وتقريباً نفس العدد يدرس في شعبة العلوم القانونية- عربي، وتقريباً نفس العدد في شعبة العلوم القانونية- فرنسي، وتقريباً نفس العدد في شعبة العلوم السياسية- فرنسي، وتقريباً نفس العدد في شعبة العلوم الاقتصادية- فرنسي، هذا كله في السنة الأولى في كلية الحقوق بجامعة محمد الخامس، وهناك جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وهناك جامعة فاس.. لذلك قال الملك الحسن الثاني رحمه الله ذات مرة انه لو حدث انهيار اقتصادي للمغرب فسيكون السبب التعليم، ولاحظ أن كل طالب ينال منحة من الدولة، سواء كان مغربياً او غير مغربي.. بالإضافة الى السكن شبه المجاني، فكنا ندفع فقط ستون درهماً نظير السكن في الحي الجامعي، ويغسلوا لك الملايات وأكياس المخدات كلما اتسخت، وينظفوا الغرف، وفيها التدفئة، والماء الساخن في الحمامات.. ويوفروا الأكل في المطعم الجامعي بسعر رمزي كما أسلفت..
قبل أن أنسى، كنا حينما نمشي الى المحاضرات في معهد المغرب الكبير، كان الصبية الذين يتواجدون في الشارع او يلعبون، كانوا يسألوننا سؤالاً متكرراً : (ايش حال في الساعة؟)، وترجمتها (الساعة كم)، فكنا نجيب، ولكن عندما كثرت، حسبناها (كلام ما كويس) فاصبحنا (نطنش).. لكن فيما بعد فسرت ذلك بأنهم يريدون أن يعرفوا لهجتنا، وما إذا كنا نتكلم اللغة العربية أم لا، سيما واننا أفارقة- وكما اسلفت لم يكن غيرنا من الأفارقة يتحدث العربية، او بالأصح لا يتحدث الفرنسية- وأحياناً يكون سؤال هؤلاء الصبية كمدخل للتعارف..
تعرفنا على البقالات التي امام الحي الجامعي، فكان فطورنا نصف عيشه مدوره محشية بالزبدة والمربى، او الجبنة (المثلثات) والمربى (كانت بقرشين، اي 20 سنتيم)، وغداؤنا عيشه مدوره محشية بالسردين، وبما ان السردين اكثر وجبة مشبعة، وأرخص وجبة مشبعة (كان الساندوتش يكلف حوالي 3 قروش او اقل) لذا كان غداءنا دوماً، لأن السفر الى المطعم الجامعي كما اسلفت يكلف الوقت والمال، وبما انني قد اخذت كفايتي منه، فقد كرهته الى الأبد، الآن لا آكل السردين ولا التونا، وأما عشاؤنا فكنا نشتري نصف خبزة وكيس حليب (لأول مرة ارى الحليب المعبأ في أكياس نايلون او كراتين، ومبستر، طبعاً هسه انتشر المعبأ في الكراتين في السعودية).. ولأول مرة أيضاً رأينا زجاجات المياه الغازية بعدة أحجام (في السودان كان فيه حجم واحد بس)، فوجدنا زجاجة صغيرة جداً، وتلك التي بالسودان، وواحدة أكبر منها، ثم الحجم العائلي الذي ظهر فيما بعد في السعودية، وأخيراً في السودان، والمغاربة يسمون المياه الغازية (موناضا)، (طبعاً المصريين يسمونها "حاجة ساقعة" مع قلب الجيم قاف أعجمية والقاف ألف)، فأي نوع سواء كان كولا او فانتا او سفن او خلافه فهو موناضا، طبعاً هم ينطقون الدال والتاء ضاء، بسبب تأثرهم باللغة الفرنسية، فيقولون موريطانيا، طاكسي..
نرجع لمعهد المغرب الكبير (المغرب الكبير يعني دول المغرب العربي- المملكة المغربية، الجزائر، تونس- زائداً ليبيا وموريطانيا.. قلت ان المدرجات ضخمة جداً، بالتالي فإن أماكن الجلوس عبارة عن منصات متواصلة يفصل بين كل صف والآخر ممر، والمقاعد عبارة عن خشبة تجلس عليها وترتفع تلقائياً عندما تقوم منها، فإذا أردت ان تجلس لابد لك من إعادتها بيدك الى وضعها الأفقي، وأما مسند الظهر فهو أدراج الذين خلفك- وكما اسلفت فهي ادراج متصلة تشبه (Bench) المعامل عندنا.. المشكلة في أنه إذا أراد أحد الطلاب أن يخرج في أثناء المحاضرة او قبل بدئها، وكان في وسط الصف، فلابد لبقية الطلاب أن يقوموا الواحد تلو الآخر لكي يسمحوا له بالمرور من أمامهم- ما بينهم وبين الأدراج- الى الممر، فإذا قاموا ارتفع المقعد الى الوضع الرأسي، فيجب عليك أن تعيده للوضع الأفقي إذا أردت الجلوس، علماً بأن المار أمامك ليخرج سيضغطك الى الخلف حتى تلتصق بالأدراج التي خلفك، وسيحتك بك حتماً، المشكلة مش في الزملاء، المشكلة في الزميلات.. كان ذلك شديداً علينا نحن القادمون من السودان..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
أرفق لكم صورة لجانب من كلية الحقوق بالرباط حيث درسنا، ويظهر في الصورة:
على يمينك محمد أبكر ابراهيم، ثم محمد السماني عبد الرازق، ثم عمر حسن غلام الله، ثم طالب مغربي تصادف مروره لحظة التقاط الصورة.
غالباً ما تكون هذه الصورة قد التقطت في عام 1976م- حيث لم اجد تاريخاً مسجلاً في خلفها- وواضح من الملابس التي نلبسها انها في الصيف..
أستاذنا القامة عمر غلام الله 000
حينما كنت أدخل للمنتدي زائرا 000 كان هذا البوست بنسخته الأولي 000
يحتل مكانا علي الصفحة الرئيسية 000
وكان مدخلي لهذا المنتدي علي يديه مع المواضيع التوثيقية لأستاذنا عمر سعيد النور 000
وعند تسجيلي 000 الأول قبل السيل 000
كنت أدخل الي هنا قراءة صامتة 000
لأنني أعشق حديث الذكريات 000 والتجوال بين الشعوب 000
لكنني عشقت هذا السرد الذي يجعلك تبحر في رحلة معرفية 000
ومتعة سياحية (مجانية ) 000
اليوم أردت أن أكسر هذا الحاجز الذي دوما يلجمني عن المداخلة هنا 000
ودعني أقول لك أن كل الرحالة الذين نستقي التاريخ وحضارات الشعوب من كتاباتهم لم يكن في تخطيطهم تصنيف أنفسهم كذلك 000
لكنهم كانو يكتبون تداعيهم وملاحيظهم علي البلدان التي زاروها كما تفعل الآن هنا 000
وكما فعلت من النمسا 000
وسأحتفظ بنسخة من هذه الصفحة 000
لأقول لأحفادي أنني كنت صديقا لهذا المؤرخ 000
محبتي
عزيزي خالد، بن البان وساكن أطهر بقعة، والمجاور لسيد الأنام..
يا خير من دفنت في القاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر انت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
مرحب بيك والف مرحب بمطالعتك الصامتة، وبمداخلتك بعد كسر الحاجز، واي مداخلة هي، لقد رفعت معنوياتي يا هذا..
وربنا يخليك ويخلي اولادك ويحضرك زمن احفاد احفادك عشان تعرفني بيهم ونحكي ليهم سوياً عندما تسقط كل أسناننا ولا يبقى لنا غير الحكاوي عن الأيام الخوالي، ونستمتع باستماعهم لنا..
لك كل التحية والتقدير والمودة
يعني المعيشة كانت زي جامعة الخرتوم زمان يااستاذ !!!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
يعني المعيشة كانت زي جامعة الخرتوم زمان يااستاذ !!!
كانت احلى بكتير يا مدنية..
استني لسه لما احكيلك..
تسلمي على المرور وعلى المشاركة
(الدور جاء على الأزرق مصادفة، اصلي انا باخد الألوان بالدور.. ممكن تغيريه لو حبيتي، مش عندك امكانية التعديل؟)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
كانت احلى بكتير يا مدنية..
استني لسه لما احكيلك..
تسلمي على المرور وعلى المشاركة
(الدور جاء على الأزرق مصادفة، اصلي انا باخد الألوان بالدور.. ممكن تغيريه لو حبيتي، مش عندك امكانية التعديل؟)
منتظرين حكاويك الجميلة يااستاذ
والله المرة دي نسميها رضينا
بس تاني ما تكررها
هسي يااستاذ من خلال واقع تجربتك المغربية اولمبيك خريبكة المغربي دا بالله كيف ؟؟؟:confused::confused::confused:
.. نواصل ..
استكشفنا الحي الجامعي مولاي اسماعيل، فوجدنا أن الحمامات (الدوش) معظمها لا أبواب لها، اي مخلعة الأبواب، وكان هذا غريباً علينا، لكنه لم يكن غريباً على المغاربة.. فكانوا يستحمون في اي وقت، أما نحن فكنا نبحث عن الوقت الذي لا يكون فيه زحمة، او ننتظر خلو تلك التي بها أبواب، وجدنا في الحي ان هنالك كافتيريا، وجلسنا فيها في الأيام الأولى نستمع الى الحديث المغربي الذي لم نكن نفهم منه شيئاً، فوجدنا فتاتين تتونسان مع زملائنا الذين سبقونا في المجئ، وكان منهم عبد المنعم بيومي القادم من مكة المكرمة حيث كانت تقيم أسرته (علمت قبل عام أنه رجع السودان بعد مكثه في المغرب لأكثر من ثلاثين عاماً، من عام 1975 الى عام 2007، وقبله كان مع أهله بمكة المكرمة)، وعبد السلام من جزيرة توتي، وكانا من نفس دفعتنا لكنهما سبقانا بالمجئ الى المغرب، لذا كانا هما المترجمان لنا، وكانت الفتاتان صديقات لهذه الشلة، واحياناً نجدهما تغنيان أغاني مغربية، ويردد معهما المذكورين، وإن اسعفتني الذاكرة فكانتا تغنيان اغنية لعزيزة جلال، ربما اتذكرها لاحقاً..
كان هناك مصلى صغير، كنا نصلي فيه، ولكن كان وجود المغاربة شبه معدوم، عدا (الشاويش) وهو فراش مكتب المدير، وكان كبيراً في السن، وأحياناً كنت لا أجد غيره في المصلى، خاصة في صلاة الصبح، ولم أكن مواظباً دوماً في صلاة الصبح، لذا توقعت ان يكون الشاويش لوحده في صلاة الفجر.. أسأل الله أن يتقبلها منه..
هنالك أيضاً قاعة المذاكرة، التي تمتلئ بالطلاب والطالبات، وذكرتني هذه القاعة بحكاية طريفة حكاها لي بطلها وهو احد الزملاء السودانيين.. فقد قال لي مرة: (الحشيش بتاعم ده كعب خلاص! تصدق مره شربتو، وجيت ماشي لقيت البت دي (وأشار الى واحدة من الطالبات) واقفة، بستها ومشيت، بعدين فيما بعد مشيت قاعة المذاكرة، شفتها قاعده هناك، بقيت اضاري وشي بغلاف الكتاب منها، يعني عامل خجلان).. سألته: (ما قالت ليك حاجه لمن بستها؟) قال لي: (ما قالت اي حاجة).. والكلام بيجيب الكلام.. هنالك فتاة شكلها يشبه الغجر، نحيفة وقصيرة يعني قليلوووووونه، وكمان عجوز مقارنة بالطلاب جميعاً بما فيهم طلاب السنوات النهائية، وتمشي مشية غريبة، زي ما بيقولوا المصريين (تتقصع)، وكان الصبية والأطفال يشاغلونها، فكلما ذهبت للبقالة التي امام الحي الجامعي او رجعت منها تراهم ينادونها باسمها الحركي (نسيتو هسه) وربما حدفوها بحجر صغير او شئ من هذا القبيل، وعلمنا فيما بعد أنها تبيع الحشيش للطلاب في الحي الجامعي..
حضرنا ايضاً في هذا الحي منافسات رياضية، واذكر منها مباراة في كرة السلة، وكنت اتفرج وكان هناك تصوير تلفزيوني، فركز الكاميرا مان على شخصي الضعيف الفوكس لعدة دقائق، لكني لم أر نفسي في التلفزيون.. لأنه ببساطة لم يكن لدي تلفزيون.. وأذكر بوضوح واحدة من اللاعبات الجميلات جداً والتي كانت تبلس الشورت (جداً)، وقد همت بها حباً، إلا أن حبي لم يتعد النظرات، إلى أن رأيتها عدة مرات في المطعم الجامعي برفقة طالب بدأ من ملامحه وبالطوه انه في السنوات النهائية لكلية الطب..
تذكرت بعض الطرائف، فقد كان من الذين وصلوا معنا في نفس السنة محمد عمر حامد وهو من ابناء شمبات، وكان يدخن الروثمان، بينما زميلنا عمر الإمام النور – الذي درس معي في مدني الثانوية، وهو بالمناسبة من قرية حليوه في الجزيرة- كان يدخن السجائر المصنوع محلياً في المغرب، ويسمى (كازا) وكان بلا فلتر، وكان قوياً جداً وذا دخان كثيف ورائحته غريبة، فكان عمر عندما يدخن هذه السيجارة يعرض علبته على محمد عمر حامد- أي يعزمه على سيجارة- فيجيبه محمد عمر: زح بعرتك دي كدي، فيموت بالضحك عمر الامام، وكلما أراد المزاح معه قدم له سيجارة كازا.. بالمناسبة عمر الإمام الآن موجود بالمغرب وعنده مطعم مشهور بالشاورما في الرباط، فقد عمل في ليبيا بعد التخرج ولم يرجع للسودان كحالتنا، فجمع من هناك مبلغاً من المال ورجع للمغرب وافتتح هذا المطعم، وحسب علمي ما زال حتى الآن هناك، فله التحية، ولمحمد عمر حامد الذي رجع السودان واشتغل في وزارة التعاون على ما أعتقد، له التحية والتقدير، ولكل الزملاء الكرام..
ومن ضمنهم الطيب جاد السيد الذي اختفى اسم ابيه ليحل محله طنجه، فأصبح اسمه الطيب طنجه، ولا أحد غيري يتذكر الآن اسم والده، فأنا أعرف بعضاً من أسرته لذلك اعرف اسم والده، اما زملاءنا في المغرب فقد غطى اسم الطيب طنجه على الاسم الحقيقي، وسبب تسميته بهذا الاسم هو انه كان يردد دائما أنه سيذهب الى طنجه ليشتري الحاجات، واتضح فيما بعد ان الحاجات (وهي البضائع المستوردة من اسبانيا) توجد في مدينة تطوان وليس طنجه، وكلاهما في الشمال، يعني كان (لافحو ساكت).. تحياتي له وهو الآن بالسودان حسبما علمت من مصادر قابلته في الخرطوم قبل حوالي شهرين، بعد أن عمل في إحدى المنظمات الخيرية الإسلامية في تنزانيا او كينيا لست متأكد..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
في اجازتي للسودان ولمدني هذا العام، بحثت في صوري فوجدت بعض الصور القديمة، فأردت أن أشرككم في رؤيتها، والصورة المدرجة تضم من اليمين الأخ عبد الله خالد إدريس ووجدت خلف الصورة أنني كتبت بعد اسمه بين قوسين (Comera) ويبدو أنه كان لقبه الذي اطلقه عليه الزملاء السودانيين في الجامعة، والكوميرا تعني الرغيف التوسته الطويل، ولا أذكر لماذا سمي هكذا، ربما لأنه كان طويلاً ونحيفاً، وبجانبه العبد الله، والصورة في الحي الجامعي مولاي اسماعيل، وكما تلاحظون كنا نجلس في ميدان نجيله كبير وواسع، وخلفنا تبدو الأجنحة السكنية وبقية مباني الحي، والصورة تاريخها ديسمبر 1975م وكنا يادوب واصلين من السودان لينا شهر وشويه..
أشرف صلاح السعيد
14-09-2009, 07:05 AM
استاذنا عمر عوافى..
لعمرى كأننى قد زرت وتجولت بالمغرب وتلاوين مدنها وطرقاتها..سياحية بلوشى مذهلة وزانها رؤيتتنا لها بعين سودانية معتدلة"بلا دعاية ولا زيادات ولا تخوفات من الفكر والاخر"..
لا أدرى ولكنى أحسب السفر والعيش حينا من الزمان خارج صريف السودنة ينمى فينا الرؤية "the vision" تعرف العيشة فى مجتمع واحد مغلق بشبهو زى حصان الكارو اب كرتونتين على جانبى العين..نرى الاشياء التى يريدنا المجتمع ان نراها فنخلص لجيل أحادى النظرة الحياتية..ولقد لاحظت بالناس كثيرى السفر تشابهم بالمدن الساحلية أكثر ثقافة وأكثر رؤا وذكاء واقل تقليدية "إلا من رحم ربى"..ولعل إختفاء البعثات التعليمية قد أفقرت الأجيال الحالية لكثير من النهل من إختلاف الدنان..فالمسافر والقارئ خارجا كان يحكى عن الخارج بكله وبالتالى تتوفر نظرية "المامات ماشق المقابر" لمن جلس داخل الاسوار..
واصل سياحتك بنا فما احلا موروكو وبلداتها واطلسها البهيج كل المواسم..
استاذنا عمر عوافى..
لعمرى كأننى قد زرت وتجولت بالمغرب وتلاوين مدنها وطرقاتها..سياحية بلوشى مذهلة وزانها رؤيتتنا لها بعين سودانية معتدلة"بلا دعاية ولا زيادات ولا تخوفات من الفكر والاخر"..
لا أدرى ولكنى أحسب السفر والعيش حينا من الزمان خارج صريف السودنة ينمى فينا الرؤية "the vision" تعرف العيشة فى مجتمع واحد مغلق بشبهو زى حصان الكارو اب كرتونتين على جانبى العين..نرى الاشياء التى يريدنا المجتمع ان نراها فنخلص لجيل أحادى النظرة الحياتية..ولقد لاحظت بالناس كثيرى السفر تشابهم بالمدن الساحلية أكثر ثقافة وأكثر رؤا وذكاء واقل تقليدية "إلا من رحم ربى"..ولعل إختفاء البعثات التعليمية قد أفقرت الأجيال الحالية لكثير من النهل من إختلاف الدنان..فالمسافر والقارئ خارجا كان يحكى عن الخارج بكله وبالتالى تتوفر نظرية "المامات ماشق المقابر" لمن جلس داخل الاسوار..
واصل سياحتك بنا فما احلا موروكو وبلداتها واطلسها البهيج كل المواسم..
الباشمهندس اشرف
حللت أهلاً ونزلت سهلاً في بوستي المتواضع، وشرفت..
وأشكرك على كلامك الجميل ده
ومصداقاً لكلامك أعلاه فهناك مثل مغربي يقول: (الما جال ما شاف حق الرجال) ومعناه ان الذي لم يتجول- اي يسافر- لم يسترجل، اي لم يقوَّ عوده او يشتد، فالسفر والتجوال تقوي الشكيمة ومواجهة الصعاب والتحدي والاعتماد على النفس، وكما قال الشاعر:
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفـرج هـم واكتسـاب معيشـة وعلـم وآداب وصحبة ماجـد ...
سافر تجد عوضا عمـن تفارقـه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب ...
وأتفق معك بأن توقف التبادل الثقافي أدى لانكماش المعرفة المتبادلة بين الشعوب وجلب النافع من العادات والتقاليد وبالضرورة تمكين الشعوب الأخرى من معرفة عاداتنا وتقاليدنا والاستفادة منها..
لك التحية والود
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
منتظرين حكاويك الجميلة يااستاذ
والله المرة دي نسميها رضينا
بس تاني ما تكررها
حاضر يا رضينا، نشوف المرة دي اللون حيجي شنو!!
بختك جاء اخضر (يا ربي ده حق أهلي مدني واللا شنو؟)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
هسي يااستاذ من خلال واقع تجربتك المغربية اولمبيك خريبكة المغربي دا بالله كيف ؟؟؟
مافي خيارات؟
- المغاربة لهجتهم - والتوانسة والجزائريين - صعبة جدا
واعتقد انه الواحد عشان يفهمهم عايز لية دورات
- تحس من خلال حكاويك انه مجتمعهم زي الما ملتزم يااستاذ
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
حاضر يا رضينا، نشوف المرة دي اللون حيجي شنو!!
بختك جاء اخضر (يا ربي ده حق أهلي مدني واللا شنو؟)
انت متاكد يااستاذ انك من مدني
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
حضرنا ايضاً في هذا الحي منافسات رياضية، واذكر منها مباراة في كرة السلة، وكنت اتفرج ..
يااستاذ المنافسات دي اصلو ماكان فيها كورة
الرياضة الا سلة بس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
مافي خيارات؟
:d:d:d:d:d
الاخ عمر غلام الله متعك الله بالصحة والعافية عندي طلب صغير وهو عكس ماطلبت من قبل وهو ان تبطىء شوية لانى فاتتني وغيرى حلقات كثيرة لاني من سكان ام درمان وفي بانت اى في نص الاحداث (يازمن وقف شوية )وهناك مشاغل متراكمة بسبب الاحداث . مع تحياتي
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
- المغاربة لهجتهم - والتوانسة والجزائريين - صعبة جدا
واعتقد انه الواحد عشان يفهمهم عايز لية دورات
- تحس من خلال حكاويك انه مجتمعهم زي الما ملتزم يااستاذ
اول مرة لما كانوا يتكلموا معانا كنا زي الأطرش في الزفة، فالدارجة المغربية خليط من العربية والبربرية والفرنسية والاسبانية،
لما كنا هناك كان الأسبان اكثر التزاماً منهم، فهم تربية فرنسيين، ومعروف ان هؤلاء يفرنسون مستعمراتهم ليعيشوا فيها، لذا اشتهر عن الاستعمار الفرنسي بأنه استعمار ثقافي- عكس الانجليزي الذي همه امتصاص خيرات البلد ولا علاقة له بتغيير ثقافته، لذا كنا نحن في نعيم..
وكذلك الاستعمار الأسباني، فشمال المغرب كان مستعمراً من قبل اسبانيا، لذلك كان محافظاً- مثل مدينة تطوان- ولكن باقي المغرب قد عاث فيه الفرنسيون فساداً بثقافتهم اللاملتزمة..
لكن يبدو أن الصحوة قد غشيتهم الآن كما غشيت بقية الدول الاسلامية، ولي مقال كتبته في هذا الخصوص بجريدة المستقلة، سأسرده لاحقاً ان شاء الله
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
انت متاكد يااستاذ انك من مدني
متأكد
لكن ما قدرت اعرف بله سليم قون الأهلي، لما كان في عزو ومجدو، ولما انا كنت قاعد في مدني.. هسه الله يعلم حأعرف لون شعارو!!
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
يااستاذ المنافسات دي اصلو ماكان فيها كورة
الرياضة الا سلة بس
مالي ومال الدفس والعفص، خلينا مع الرقة دي.. وانا ما رسخت بذهني المباراة لانها سلة، رسخت في ذهني عشان الأمورة..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الممتن
الاخ عمر غلام الله متعك الله بالصحة والعافية عندي طلب صغير وهو عكس ماطلبت من قبل وهو ان تبطىء شوية لانى فاتتني وغيرى حلقات كثيرة لاني من سكان ام درمان وفي بانت اى في نص الاحداث (يازمن وقف شوية )وهناك مشاغل متراكمة بسبب الاحداث . مع تحياتي
العزيز الممتن
ومتعك ومن تحب بالصحة والعافية- العافية مش بلهجة المغاربة التي تعني النار، عشان كده لو لقيت مغربي ما تقول ليهو الله يديك العافيه، حيتعبرها دعوة عليه بالنار-
وحمداً لله على سلامتكم مما حدث لأمدرمان العزيزة، وربنا قدر ولطف، وما تشوفوا شر إن شاء الله..
يبدو لي اني غصباً عني سأبطئ في الويك اند، لاني ما بجي المكتب الخميس والجمعة، لذلك ديل ايام الراحة ليكم من وجع الراس البسببو ليكم بالحلقات دي..
تحياتي لك ولأهل امدرمان الصامدة..
.. نواصل ..
كانت الموضة في ذاك الزمان هي الخنفس، اي أن نترك شعرنا بدون قص، وننفشه بالخلال- يبدو أن هذه الموضة عادت مرة أخرى في هذا العصر، فقد رأيت بالأمس شاباً سعودياً (مخنفس)- وكان بعض الممثلين الزنوج في عصرنا يعملون بشعورهم هكذا، وكان منهم الممثل الزنجي شافت، ويبدو أنني كنت أشبه لهذا الممثل من جهة اللون والشعر الخنفس.. لذلك كانت لي جماهيرية بين بنات البكالوريا (الثانوي)، فكنا عندما نمر بقرب مدرستهن الكائنة في طريق معهد المغرب الكبير، كن يشاغلن شافت السوداني.. وشافت عامل فيها خجول.. وذات مرة قال لي صديقي وزميلي محمد ابكر ابراهيم- كان في الامارات لفترة من الزمن ثم انقطعت اخباره عني- وكنا نسير معاً ومررنا من أمام مدرسة البنات: ضغط! (وهذه كلمة كنا نتداولها في ذلك الزمان وتعني التعجب الشديد)، ثم أكمل: البت دفرت زميلتا فيك!! ولم أكن ملتفتاً الى جهة البنات وهن يشاغلن شافت، لذلك دفرت إحداهن زميلتها باتجاهي، ويبدو أنني كنت قد تجاوزتهن فلم تقع عليّ..
وحتى لا أنسى، ففيما بعد- ربما في الاجازة الصيفية الأولى او الثانية لا أذكر- كنت مع عمر الإمام النور في وسط العاصمة الرباط، وفي قلب السوق ننتظر حتى يفتح مكتب السفريات ليأخذ عمر تذكرة القطار والباخرة- إذ كان مسافراً في نفس الصباح الى بريطانيا للعمل هناك في اجازة الصيف- وبما أن الوقت كان باكراً، فلم نجد المكتب مفتوحاً، لذلك قعدنا على الأرض في برندات السوق، وفرشت منديلي وجلست عليه، وتصادف أن مكاننا هذا بقربه محطة حافلات، فكان الناس ينزلون من الحافلة فيمرون من أمامنا في طريقهم الى أعمالهم، وفي أثناء جلستنا تلك نزلن اربع فتيات من الحافلة واتجهن نحونا.. كل واحدة أجمل من الأخرى، وأدناهن جمالاً كانت اجمل من بارجيت باردو، ولاحظت أنهن كن يركزن النظر باتجاهنا، وكلما قربن منا اتضحت النظرة، فركزت نظري على أجملهن، وحين اقتربت كانت هناك ابتسامة عذبة على محياها.. ثم عندما حاذتني قالت لي بوضوح: أيا قمراً في فؤادي نزل!
لم استطع التفوه ببنت شفه، فقد ألجمت لساني بجمالها وبابتسامتها وبكلماتها تلك، وعندما أفقت، لم أجد غير نوتة مذكرات عمر لأسجل فيها الدقيقة والساعة والتاريخ الذي حدثت فيه هذه المغازلة الرائعة، وبالطبع سجلت الجملة الجميلة ولا ادري ان كانت بيتاً في قصيدة او اغنية..
بيقولوا في المثل السوداني: (الصندل في بلدو خشب)، وهذا المثل ينطبق على بنات المغرب، فالجمال غالب في هذه البقعة من الأرض، خاصة بنات فاس، فالمغاربة أنفسهم يقولون أن الجمال يوجد في مدينة فاس، وبالفعل، فقد تعرفت فيما بعد على طالبة من شعبة القانون بكلية الحقوق- الدفعة التي بعدنا- وكانت غاية في الجمال والروعة.. ولا يداني المغربيات في الجمال إلا الإيطاليات، والفرق بين الجمالين أن الجمال المغربي يزيد بشئ، شئ يفضله العرب:
فرعاء مقبلة عجزاء مدبرة لا يُشتكى قصر منها ولا طول
بالإضافة الى اللون الذي بين الأسمر والأبيض، اي لسن شقراوات، بل لون المنقه، او لون البرتكان الناير.. وغاية الفتاة المغربية ان تتزوج أجنبي، والأفريقي من ضمن الأجانب، وكثير من السودانيين تزوج مغربيات، فهن يفضلن الأجنبي لأن المغربي يجكسا وبعدين يديها شلوت بعد ان ينال ما يريد ويشبع فيرمي بقية الساندوتش، واما الأجنبي وخاصة الأفريقي فهو يلتزم، والسوداني حسب بيئته ما بيقدر يفلفص..
أطفال المغاربة حلوين، اولاد او بنات، فإذا ما كبر الأولاد صاروا ليس كذلك، فالشعر الكثيف في ظاهر الجسم يغلب عليهم، والاخشوشان كذلك..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
لكن ما قدرت اعرف بله سليم قون الأهلي، لما كان في عزو ومجدو، ولما انا كنت قاعد في مدني.. هسه الله يعلم حأعرف لون شعارو!!
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
مالي ومال الدفس والعفص، خلينا مع الرقة دي.. وانا ما رسخت بذهني المباراة لانها سلة، رسخت في ذهني عشان الأمورة..
أنت يا أستاذ عمر الصراحة الكاتلاك شنو ، ما تكضب القيامة بكرة
بعدين تباري لي مدنية دي والله بعد شوية تقول ليك ما عندك علاقة بي حي 114
مشاققة : شكلك كدا كنت مقطع السمكة وديلها
منتظرين ذكرياتك الجميلة وسردك الرائع فلا تبخل علينا
تخريمة : مدنية ما تحكيها كدا جابت الدم عديل كدا ، الراجل متغرب بي عمرنا عايزاوهو يتذكر
ليك شعار الأهلي شنو
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
أنت يا أستاذ عمر الصراحة الكاتلاك شنو ، ما تكضب القيامة بكرة
بعدين تباري لي مدنية دي والله بعد شوية تقول ليك ما عندك علاقة بي حي 114
مشاققة : شكلك كدا كنت مقطع السمكة وديلها
منتظرين ذكرياتك الجميلة وسردك الرائع فلا تبخل علينا
تخريمة : مدنية ما تحكيها كدا جابت الدم عديل كدا ، الراجل متغرب بي عمرنا عايزاوهو يتذكر
ليك شعار الأهلي شنو
الصراحة دي جرجرتني ليها مدني، الظاهر عليها كانت محقق في السرايا زمان
مدنية دي من يوم ما كتبت ليها بالأزرق وهي شانه علي حمله..
مشاققه: ده انا كنت غلباااااااااااااااااااان يا بيه..
تخريمه: شفت عمايل مدنية دي، خلي شعار الأهلي مدني، انا شعار اهلي جده القاعد فيها عشرين سنة يا دوب عرفتو لمن دخلت ولدي يتعلم الكاراتيه، وهسه افتكرت انو اهلي مدني زي اهلي جده شعارو الأخضر.. مش قالوا اهلي جدة اسسوه ناس مدني وسموه زي اهلي مدني.
انا بعرف فضل السودانيين وأتحاد مدني على أتحاد جدة
وإليك هذا الرابط
http://wadmadani.com/vb/showthread.php?p=217107#post217107
أما الأهلي فدي معلومة جديدة
شكرا على الرابط عزيزي محمد، ومع انني لا املك توثيقاً لما قلت، فارجو من البحاثة والرياضيين تأكيد هذه المعلومة او نفيها..
.. نواصل ..
دفعتنا تلك تعتبر الدفعة الثانية من السودانيين الدارسين في المغرب، وسمعنا أن هنالك دفعة جاءت الى المغرب سنة 1969م، ولكن لم نسمع اي اسم من هذه الدفعة، لا من المغاربة ولا من أي أحد في السودان، وقد وصلت الدفعة التي سبقتنا في العام 1974م، ولم تجد سوداني قبلها غير قاضي يعمل بالقضاء المغربي اسمه ربيع، وتاجر سلاح عالمي هو المرحوم ابراهيم النيّل- قيادي في حزب الأمة خرج من السودان عقد انقلاب مايو 1969م- وزوجته هي ابنة القيادي في حزب الأمة عبد الله عبد الرحمن نقد الله، والتي ما زالت بالمغرب حتى هذه اللحظة حسب علمي، كذلك هناك رجل ضنقلاوي كبير في السن كان يعمل ساعياً أو سائقاً في السفارة السودانية، ثم أعضاء السفارة السودانية الذين وصلوا في نفس السنة 1974م، وكان على رأسهم السفير الرشيد نور الدين رحمه الله الذي توفي بحادث حركة في المغرب في العام 1977م تقريباً، إذ كان راجعاً من مدينة فاس فانقلبت السيارة ومات هو والسائق، وربما أحد أعضاء السفارة، لم أعد أذكر اسمه، ربما ابراهيم.. من أعضاء السفارة ايضاً المرحوم عمر سيد طه، وقد توفي بعد سنوات من مغادرته المغرب، وأذكر أنه التحق بالسفارة في السنة الأخيرة لدراستنا عثمان عمر رضوان، وكان على ما أذكر إدارياً، وكان عريساً يوم وصوله، إذ كانت الحنة ما زالت سوداء في يديه، ويبدو أنه لم يكمل شهر العسل ولا اسبوعه، وعلمت فيما بعد أنه أحضر عروسه الى المغرب، ثم في عامنا الأخير أيضاً التحق بالسفارة كملحق ثقافي شاعر تبلدية جعفر محمد عثمان، وكانوا لطفاء معنا.. لكن انقلبوا علينا حينما كتبت مقالاً في جريدة الصحافة بعنوان: (أغيثوا أولادكم بالمغرب) وتلك قصة أخرى أرجو أن أذكرها لكم لاحقاً..
الدفعة التي قبلنا كان طلابها اكبر مننا بحوالي سنتين على الأقل، لأنهم بعد تخرجهم من الثانوي تأخرت اجراءاتهم لمدة سنتين، اي انهم امتحنوا الشهادة عام 1972م، وبعضهم كان قادماً من العراق، مثل محمد البشرى الذي درس في الجامعات العراقية ثم جاء الى المغرب، ومن دفعتنا قدم ايضاً عدد من الطلاب من الجامعات العراقية مثل ايوب وحمو وهما من اهلنا الحلفاويين.. اما زعيم الدفعة وأولها في الكلية- خاصة في السنة الأخيرة- فهو الأخ عمر احمد محمد صالح، وهو من ابناء الشمالية- جلاس- وهو حالياً أمين عام مجلس الوزراء السوداني، وأذكر أن في امتحان السنة النهائية كان الدكتور عبد القادر القادري- وكنا نسميه الفك المفترس لقسوته في تصحيح الامتحانات، وكان يخرج من قاعة المداولات وهو يقول: (أعطيت 60 صفر بيدي دي)- هذا الدكتور على النقيض من ذلك، خرج ذلك اليوم وليس في لسانه غير السودانيين واداؤهم الممتاز، وقال ان اجابة عمر تصلح ان تكون رسالة ماجستير وليس اجابة في امتحان البكالوريوس..
من ضمن هذه الدفعة عمر باكمبا، وسمير الحلفاوي، والمرحوم حسن إدريس وهو من أبناء امدرمان – وكان ايضاً من الطلاب الممتازين- وقد التقيته في الطائف فيما بعد، وتوفي بها منذ عدة سنوات- ربما عشرة- كذلك من الذين توفاهم الله في السعودية من نفس الدفعة هو حسبو، وقد توفي قبل عمر بعدة سنوات، ايضاً من نفس الدفعة توفي قبل عامين بومدين احمد خليفه، وهو من ابناء كوستي، وقد تخرج من المغرب، ثم عمل بإحدى دول افريقيا- على ما أظن تنزانيا- ثم عاد للمغرب واستقر بها وعمل في الأملاك الخاصة للشيخ زايد بالمغرب، وتزوج بمغربية وانجب منها اطفالاً رأيتهم في العام 1997م أبان زيارتي لمنزلهم بالرباط، ثم رأيتهم قبل حوالي ثلاث سنوات في تلفزيون السودان الذي نقل حفل تجمع للجالية السودانية بالمغرب، نسأل الله ان يتغمدهم جميعاً بواسع رحمته وان يجعل مثواهم الجنة، ارجو ان تدعو لهم..
من هذه الدفعة ايضاً صديقي الشاعر محجوب البيلي، والذي نشرت له عدة قصائد بمحراب الآداب والفنون، وهو من ابناء الشمالية- منصوركتي- وقد بقي في المغرب من عام 74 الى عام 1985م (قعده واحدة) ثم رجع للسودان لمدة شهرين، ثم عاد واستقر بالمغرب، وفي عام 1996 زار السودان مرة أخرى ثم رجع الى المغرب، فقالوا له مؤكد ان زيارتك التالية للسودان ستكون عام 2007م، وللأسف خيب ظنهم، إذ لم يرجع للسودان بعدها، وحتى تاريخه، إذ انتقل للعمل بالامارات العربية المتحدة، وكان قد تزوج بمغربية، توفيت قبل عامين او ثلاثة، وكنت قد قابلتها اثناء زيارتي للمغرب في العام 1997م، بل وضيفوني في منزلهم بحي اكدال ابان اقامتي بالرباط، نسأل الله ان يتغمدها بواسع رحمته وان يجعل مثواها الجنة، ارجو ان تدعو لها..
كذلك كان من ضمن الدفعة عم الزين (كنا نسميه هكذا لأنه كان يكبرنا كثيراً، وكانت في تلك الأيام مسلسلة اذاعية بإذاعة امدرمان ينشد فيها ابو عركي البخيت:
وعم الزين محكر في قطار الهم
يشرق يوم، يغرب يوم ، شهور ودهور
وزي ما الدنيا سكة طويلة مره تهدي مره تعدي مره تدور
عم الزين هذا علمنا انه هاجر لأمريكا منذ عقود من الزمن، اما عبد العزيز فقد سافر الى فرنسا بعد تخرجه، وأذكر له طرفة، فقد كان مسكين لدرجة غريبه، قليل الكلام، وفي يوم من الأيام أوقفه الأمن المغربي وهو يقود موتره، ويبدو ان هناك نقص في اوراقه او انه لم يكن يحمل اقامته في تلك اللحظة، فأخذه الى مخفر الشرطة، واضطر ان يحمل موتره- رغم ثقله- عبر السلالم الى الغرفة تحت الأرض حيث المعتقل، ويحمله الى اعلى عند خروجه، وكان نادراً أن يعتقل الأمن سودانياً.. عبد العزيز نال الدكتوراة فيما بعد من فرنسا واعتقد انه عمل محاضراً في جامعاتها..
بمناسبة الأمن سأحكي لكم حكاية حدثت لي معه..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
اقتباس:
وأنا راجع من السفارة المغربية فكرت في الاستفادة من ذلك بأن اسافر مع الوفد بالطائرة الخاصة التي ستقلهم الى هناك
ودي أجمل فكرة ..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معتز الريح
ودي أجمل فكرة ..
شرفت يا ود الريح.. حبابك عشره
بمناسبة الأمن دي وقفت مالك يا أستاذ عمر
سردك جميل بالجد
والرحمة والمغفرة لكل الذين ذكرتهم وأنتقلوا للدار الأخرة
ومتعك الله دوماً بالصحة والعافية
اقتباس:
بمناسبة الأمن دي وقفت مالك يا أستاذ عمر
سردك جميل بالجد
والرحمة والمغفرة لكل الذين ذكرتهم وأنتقلوا للدار الأخرة
ومتعك الله دوماً بالصحة والعافية
حأواصل حكايتي مع الأمن
سردي ليس بجمال متابعتك وتعليقاتك.. دمت، ومتعك الله بالصحة والعافية.. ودوامهما..
.. نواصل ..
الأمن في المغرب- وككل دولة ملكية- قوي جداً، ومن دلائل ذلك ما سردته لكم سابقاً عندما أراد الملك الراحل الحسن الثاني- رحمه الله- زيارة اخيه، فأخلوا الشارع الذي سيمر فيه لمدة ثلاثة أيام، كذلك كنا نرى دوريات الأمن العام (الشرطة) تجوب شوارع الرباط الخالية تماماً في الليل- إلا منا نحن السودانيون- فكنا ما زلنا متعودين على سهر السودان والعودة من السينما - الدور الثاني- ويبدو أن جو الرباط الهادئ ليلاً جلعنا ندمن السينما - الدور الثاني- في الرباط، وبما أن الرباط تنام من الساعة العاشرة، والمواصلات العامة تقف عند الساعة الثامنة او الثامنة والنصف، فكنا نرجع الى الحي الجامعي راجلين، وكنا غالباً نسير في مجموعات من ثلاث او اربع سودانيين..
وعلى ذكر خروجنا من السينما بالليل، وكان العرض الأخير ينتهي حوالي الساعة 11 او 11 ونص، فنجد باعة الجرائد امام السينما وهم ينادون: (العلم ديال غده، لوبنيون ديال غده) ومعناها جريدة "العلم" عدد يوم الغد، جريدة Le opinion عدد يوم الغد، إذ كانت الجرائد تصدر بالليل ويوزع بعضها في نفس الليلة، يعني كنا بناخد الأخبار طازه من الفرن..
نعود لحكاية المشي ليلاً، فاشتهرنا بذلك، وصار الأمن يحفظنا (صم)، فترى الدورية تمر من بعيد ولا توقف احدنا، ولم نكن نرى في الشوارع غيرنا وتلك الدوريات، ويبدو ان المغاربة الذين يدخلون معنا السينما كانوا يسكنون بقرب تلك السينمات، لذلك يتفادون السير ليلاً في شوارع الرباط، حتى مرة قيل لزميل لنا وهو الأخ سيف الدولة ما معناه: بطل تتسارى (حوامة) بالليل، ولم يقولوا له ذلك في الليل، بل بالنهار وفي موقف آخر، وهذا يدل على انهم يعرفوننا بالواحد..
في مرة من المرات كنت ومعي زميلين سودانيين منهم ابو زيد محمد صالح- وهو من أبناء الفاشر- وكنا عائدين في وقت متأخر من الليل من منزل أصدقاء لنا تشاديين، فوقفت بجانبنا سيارة الأمن العام، ولأول مرة منذ اقامتي في الرباط يسألونني هذا السؤال: أين هويتك؟ وكان ذلك في العام الثاني، فبحثت عنها في جيوبي فلم أجدها- يبدو انني قد نسيتها في السكن- ولكن، ويا للغرابة، قالوا لي اركب، فركبت سيارة الشرطة، ولم تكن غير فان صغير خالي من المقاعد، ووجدت من سبقنى اليها، ويبدو انهم يقومون بحملة أمنية في هذا الحي (حي المحيط)، ولم أكن آخر الداخلين، فظلوا يجوبون الحي وكلما وجدوا احداً سألوه عن هويته، وإذا لم يكن يحملها – وهذا نادر جداً لدى المغاربة- أركبوه معنا، ولكن تفاجأت بأن احدهم كان يقف على شاطئ المحيط وحيداً في تلك الليلة وفي ذلك الظلام، وعندما طلبوا منه الهوية ابرزها لهم، ومع ذلك أركبوه معنا، يبدو ان وقفته تلك غير طبيعية في نظرهم..
وعندما امتلأت السيارة توجهوا بنا الى نقطة الشرطة، ولاحظت أن هناك عدد من العساكر في انتظار السيارة، ويقف معهم واحد يلبس زياً مدنياً، وأول ما نزلنا من السيارة، وما إن رآني هذا المدني حتى حياني وسلم عليّ وأدخلني على الفور الى مكتبه، واجلسني وبدأ يتونس معاي ونسة معرفة، وانا عقلي يودي ويجيب، يا ربي ده منو؟ حتى وصل في حديثه معي ان سألني هل حضرت الحفلة؟ قلت له أي حفلة؟ قال حفلة المركز! قلت له أي مركز؟ قال انت ما عرفتني واللا إيه؟
فأسقط في يدي، كنت في اول الحوار اجاريه بالكلام، لكن عند هذا الحد اكتشف ضابط المخفر انني (ودرتو تب) فقال لي: المركز الثقافي الفرنسي! وبالفعل انا كنت ادرس معه، ولكن الذي تراه في الفصل لا تتوقع ان تراه ضابط مخفر.. فقال لي في النهاية وبعد أن تصببت عرقاً لذلك الموقف المحرج، قال لي فرصة سعيدة، وأوصلني حتى باب المخفر ونظرات زملائي المعتقلين تلاحقني باستغراب، وبحسد ربما..
قفلت راجعاً الى سكني، ويبدو أن زملائي قد احضروا اقامتي الى المخفر فوجدوا أنه قد تم اطلاق سراحي..
في عهدنا كانت الاقامة في شكل دفتر شبيه بدفتر الإقامة الذي في السعودية، وفيما بعد- بعد ان غادرنا المغرب اي منذ حوالي ربع قرن او يزيد- صارت في شكل بطاقة، ويبدو أن السعوديين سيحذون حذوهم الآن، فقد بدأوا في اصدار اقامات في شكل بطاقة بلاستيكية..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
.. نواصل ..
كان بواب الحي الجامعي مولاي اسماعيل عسكري متقاعد، ولصعوبة مراسه لقبه الطلاب السودانيون ب(كارلوس)، فكان لا يسمح لغير قاطني الحي من الدخول اليه، ويحكي كمال شرف (دفعتنا وهو من ابناء كسلا، وقد عمل بعد التخرج في السعودية ثم رجع للمغرب وحضر للدكتوراه وعمل في دائرة الشيخ زايد بالمغرب) يحكي أنه بعد انتقاله من الحي الجامعي مولاي اسماعيل الى الحي الجامعي السويسي الأول، أنه أراد زيارة بعضاً من زملائه القدامى، فبدأ عند وصوله للبوابة في الونسة مع كارلوس- الذي يعرفه حق المعرفة منذ ان كان مقيماً في الحي- وبعد أن اطمأن ان هذه الونسة هي جواز سفره لدخول الحي، وما إن رفع قدمه ليخطو عبر البوابة الى داخل الحي حتى اوقفه كارلوس: فين غادي؟ (ماشي وين).. ممنوع يا سيدي! وفشلت خطة كمال وعاد أدراجه ولسان حاله يقول: فعلاً كارلوس، لا يتغير ابداً.. وفيما بعد أطلق السودانيون اسم (تل الزعتر) على الحي كله..
توسعت معرفتنا بما حول الحي قليلاً، فبعد التعرف على البقالة انتشرنا قليلاً عبر الشارع، فتعرفنا على (الطنجاوي) ويبدو من اسمه انه من مدينة طنجه، وكان يبيع سندوتشات الكفته، وهي بديل لا بأس به لسندوتشات السردين.. وأذكر فيما بعد أنني كنت مسافراً بالقطار الى اسبانيا، وعند حدود مدينة سبته- المستعمرة الاسبانية والتي على التراب المغربي- التقيت بهذا الطنجاوي، ويبدو انه كان مهاجراً للعمل في اوروبا..
كان الحي الجامعي مولاي اسماعيل قريباً من المدينة القديمة، ومن مركز المدينة خاصة شارع محمد الخامس، الشارع التجاري الأكبر والأشهر في الرباط- كما هو في الدار البيضاء- وكنا في عطلة نهاية الأسبوع، وهي يوم الأحد (ناقشنا المغاربة لماذا لا تكون عطلتكم يوم الجمعة- عطلة المسلمين- فقالوا لنا ومن قال لكم ان عطلة المسلمين يوم الجمعة، وسُقط في أيدينا، بالفعل لا توجد عطلة اسبوعية محددة في الإسلام: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )..
كنا نجوب شارع محمد الخامس من السويقة (سوق شعبي داخل المدينة القديمة) بعد أن نتفرج على البضائع الرخيصة، وعلى المطاعم الشعبية، ونسمع الأغاني الشعبية التي تبث عبر المسجلات في معظم المحلات خاصة محلات بيع الأشرطة، وأحياناً نجلس في قهوة موريطانيا، ونشرب (نيقرو بالحليب) اي شاي بلبن، ولكلمة شاي بلبن هذه طرفة جميلة، إذ جلس أحد الطلاب السودانيين الجدد في المقهى وطلب من الجرسون شاي بلبن، فاستغرب الجرسون، وقال له: كيفاش (كيف) شاي بلبن؟ فرد السوداني: ايوه شاي بلبن، وظل هذا يردد: كيفاش شاي بلبن؟ وذاك يردد: ايوه شاي بلبن، وعندما لم يقتنع احدهما بكلام الآخر، ذهب الجرسون وأتي بشاي ساده في كبايه، وبلبن (روب) في علبة كرتون.. وهنا أدرك صاحبنا السوداني بالمفارقة في المصطلحات، فاللبن عندهم هو الروب عندنا، واما اللبن عندنا فهو الحليب عندهم.. وهنا ضحك صاحبنا وقدر للجرسون ذكائه إذ لم يأتيه بالشاي واللبن (الروب) ممزوج به، بل أحضره له منفصلاً.. ومن ذاك اليوم صار الجرسون كلما رأي صاحبنا يقول له: (شاي بلبن)..
ومن الطرائف الخاصة بالمطاعم والمقاهي، أن صاحبنا بانقا ومعه أحد الزملاء كانوا في ضيقٍ مادي شديد- وكثيراً ما يحدث هذا خاصة في الإجازة الصيفية عندما تتوقف المنحة الدراسية المغربية وتتأخر منحة الإجازة من السودان- فجلسا في مطعم شعبي داخل سور مدينة الرباط العتيق، فطلبا من الجرسون واحد بصاره وجوج عشائق.. وترجمتها: واحد (كورية) بصاره- وهو الفول المصري المطحون، واتنين ملعقه.. فحكيا تلك الواقعة لنا فيما بعد فصارت من النوادر الطريفة..
أيضاً عندما حضر قريبي عباس وداعه- وهذا جاء بعدنا وما زال بالمغرب حتى الآن- نزلوا في فندق، وقريب من الفندق كان يوجد بائع عصير برتقال، وهو يحسبه يبيع البرتقال نفسه، فأعطاه مبلغاً كبيراً- ربما درهم- واظن كانت كباية العصير بحوالي 20 سنتاً، اي بالدرهم يعطيك خمس كبايات، فصار الرجل يعصر ويملأ الكبايات ويعطي عباس، وعباس يشرب، واضطر صاحبنا ان يشرب خمس كبايات (شب) من عصير البرتقال، وهو لم يفهم لماذا يعصر هذا الرجل كل هذا البرتقال..
أما المقاهي الفخمة في شارع محمد الخامس، فكنا نمر من أمامها فقط ولا نجرؤ على الدخول اليها، ومن ضمن تلك المقاهي مقهى شهير قبالة مبنى البرلمان المغربي- يفصله عنه شارع محمد الخامس- هو مقهى (باليمو) وكان هذا المقهى في الهواء الطلق، محاطاً بأشجار وسياج ويوجد على كل طاولة مظلة واقية من المطر ومن الشمس.. دخلت هذا المقهى بعد 22 عاماً، في زيارة لي للمغرب في العام 1997م، وقلت في نفسي خليني ادخل هذا المقهى العجيب الذي كنا لا نرى فيه غير علية القوم ومنهم بعض اساتذتنا في الجامعة.. وعندما دخلت فوجئت بأنه عادي جداً- ربما كان عادي بالنسبة لي الآن في العام 1997م، وأنني لو كنت دخلته في العام 1975م لأحسست بالرهبة وبالفخامة.. او ربما تدهور بفعل عوامل الزمن.. او .. او .. المهم أنني اشفيت غليلي واشبعت رغبة قديمة، ولكني لم اشرب فيه شئ، ببساطة لأن الخدمة كانت فيه سيئة، فلم يأتيني جرسون طيلة فترة انتظاري الطويلة..
المقاهي في المغرب عامة جميلة جداً- حتى الشعبية منها- فالكراسي العادية والترابيز توضع في برندات المقهى فتطل على الشارع تتفرج على الرائح والجاي، واما بالداخل فتوجد المقاعد الوثيرة (Sofa)، وبعض المقاهي لها طابق اعلى (للتجكيس) أو المذاكرة- إذا كان المقهى يقع قريباً من جامعة او كلية- وغالباً ما تكون هناك العاب داخل هذه المقاهي للشباب، وفيها ايضاً اجهزة موسيقى من النوع الذي يعمل بالاسطوانات، فإما أن يلقي الزبون بدرهم معدني بعد ان يختار اغنية بعينها، او أن يشغل صاحب المقهى الجهاز باستمرار فيأخذ الجهاز اوتوماتيكياً اسطوانة تلو الأخرى على مدار الساعة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
ما شاء الله عليك يا أستاذ عمر الذاكرة حديدية لسه متذكر الأشياء دي وبتفاصيلا
مشاققة : حكاية اللبن والحليب دي برضو جهجهتنا لمن كنا جديدين في المملكة
واصل ومنتظرين منك المزيد
.. نواصل ..
كنا نجوب شارع محمد الخامس من السويقة وعبر بوابة المدينة القديمة- وهي احدى البوابات الضخمة في السور الضخم جداً والذي يحيط بالمدينة القديمة (سبق ذكره في التعريف بالرباط)، وعند عبورنا من البوابة نواجه سوقاً للخضر واللحمة على اليمين، ثم نواصل سيرنا فنرى موقف (الستيام ctm) وهو موقف الحافلات الفخمة التي تنقل الركاب من الرباط الى الدار البيضاء وفاس وغيرها من مدن المغرب، لكن في السنة الثانية لوصولنا للمغرب نقل الموقف من هذا المكان، ورأينا حفرة ضخمة في الأرض، ثم بدأت شبكات من حديد التسليح تظهر من جوف الأرض ثم ما لبثت أن قامت أعمدة ضخمة.. ثم في نهاية الأمر قامت عدة عمارات ضخمة جداً ربما ارتفاعها اربعة عشر طابقاً او أكثر.. هذا من ناحية موقف (الستيام ctm)،
أما موقف (الكيران) وأعتقد انها جمع car فمكانه عند باب الحد (الأحد) وهو لا يبعد كثيراً عن هذا الموقف، ولكن نوعية الحافلات اقل فخامة واقل سعراً، وعند باب الحد هذا كنا نجد نساء جالسات وأمام كل واحدة منهن طشت، وكلما ممرنا بهن نادت احداهن علينا: (تصبن)؟ وترجمتها: تغسل؟ اي تغسل ملابسك، وفهمنا فيما بعد أن هؤلاء النسوة تخصصن في غسل الملابس، فيذهبن مع الزبون الى منزله فيغسلن له الحوائج (الملابس) بمبلغ بسيط.. وعلى ذكر (تصبن حوائجك) اي تغسل ملابسك، فهم يستخدمون لكوي الملابس عبارة اخرى، هي (تحدد)، والمكوة (حدّاده)، ونادراً ما يكوي المغربي ملابسه، فإما يأخذها الى الدراي كلين واما يلبسها بدون مكوه.. بالمناسبة المكوه عند السعوديين شئ آخر خلاف ما عندنا.. ولا علاقة له بكي الملابس.. بل ربما له علاقة بما تحت الملابس..
كذلك كانت هؤلاء النسوة يبعن شيئاً أشبه بكسرة الحبش، فكنا نشتريها أحياناً ونعمل عليها ملاح ويكه ناشفه.. طبعاً كنا بنجيب معانا خيرات السودان من ويكه وكركديه وطحنيه (لا توجد طحنية في المغرب)..
نعود لمواصلة المشوار عبر شارع محمد الخامس، فبعد ان نجتاز موقف الـ (الستيام ctm) تبدأ فخامة الشارع، فكل المحلات على الجانبين ذات مستوى عالي، وفي نفس الشارع توجد الخزينة العامة، وهي تعادل الخزانة العامة عندنا، اما الخزانة العامة عندهم فتعني المكتبة العامة عندنا.. اي خزانة الكتب.. وبعد الخزينة العامة- وربما قبلها لم أعد اتذكر بوضوح، ألحقنا يا طارق جبريل، فأنت الوحيد الذي بيننا الآن ويعرف عن المغرب- يوجد البريد، وبعدهما يوجد البرلمان المغربي، ومقابله وعبر شارع محمد الخامس- كما اسلفت- يوجد فندق ومقهى باليما (ذكرته باليمو، والعتب على الذاكرة)، كما يوجد في صف هذا الفندق والمقهى سينما Renascence وتعني النهضة، كما توجد محطة القطار La Gare وينطقها المغاربة دوماً (اللاقار) وهي توجد في صف البرلمان، والقطارات تعبر من تحت هذا الشارع الكبير، وتظل تحت الأرض حتى تخرج من مدينة الرباط، وتوجد محطتان داخل الرباط، هذه التي نحن بصددها وتسمى محطة الرباط المدينة، والأخرى تسمى الرباط أكدال- لأنها توجد في هذا الحي- وهي لا تبعد عن هذه غير كيلومتر او كيلومترين.. وربما ثلاثة.. عند اللاقار يوجد تقاطع كبير لشارع محمد الخامس مع مجموعة شوارع- على ما أظن احدها شارع حسان الذي يؤدي الى صومعة (مئذنة) حسان- وقبل هذا التقاطع، وفي منتصف شارع محمد الخامس، تبدأ جزيرة بين المسارين، تلك الجزيرة مزروعة بالنجيله وعلى جانبيها أشجار النخيل، وهذا المنظر كثيراً ما يشاهده الناس في التلفزيونات متى ما كانت هناك احداث في الرباط، خاصة الاعتصامات امام البرلمان، وفي هذه الجزيرة يجلس الناس ويستريحون والأطفال يلعبون خاصة في المناسبات والعطلات، ولالتقاط الصور التذكارية،
وبمناسبة الصور، في تلك الحقبة كان يوجد مصورون متجولون- خاصة في المناسبات والعطلات- يلتقطون لك الصور ويعطونك ايصالاً لتستلم الصور من ستديو، وكانت مثل هذه الصور في الشارع وفي برندات المحلات الفخمة وفي تلك الجزيرة الخضراء المزدانة بالنخيل، كانت مثل هذه الصور لها وقع خاص وتسجل حقبة جميلة وأمكنة أجمل، ولم تكن غالية، بل في متناول الجميع..
بمناسبة الصور و موقف الـ (الستيام ctm)، فقد تعرفت على طالبة في كلية الطب، كانت مليحة، ولكن اهم من ذلك كانت مسكينة وليس عندها صديق!! عرفتني بها زميلة سودانية كانت تسكن معها في نفس الحي الجامعي، وكنا نسير على ارجلنا خارج الحي الجامعي السويسي، والتقيت بهن، فتركتنا عائشة مسافة خلفهم، وتونسنا، وصارت صديقة لي (ليس بالمعنى المغربي)، فكنت اتحدث معها في امور شتى، وسألتها عن بلدها فقالت انها من صفرو، وهي من جهة فاس، وتشتهر بالتزلج على الجليد في موسم الشتاء، وعن مهنة والدها قالت إنه (مغرّق) ثم ضحكت، فاستفسرت عن هذا المغرق، فقالت لي: أوليس المحامي من يحاول إنقاذ المتهم؟ قلت نعم، قالت، ومحامي الدولة (المدعي العام) يريد أن يلبسه التهمه؟ (اي يريد ان يغرقه)، قلت نعم، قالت فإن ابي هو وكيل الملك، أي هو وكيل الدولة، اي وكيل النيابة في منطقة صفرو.. المهم لاحظت على حورية عدم إقامة اي علاقة عاطفية مع اي شاب- وكان هذا نادراً- وصارحت عائشة بهذه الملاحظة، فأمنت على كلامي، بل أضافت أن خال حوريه حينما يأتي ليزورها في الحي الجامعي كانت تتردد في الخروج معه..
في أول اجازة صادفتنا بعد انتهاء العام الدراسي الأول كانت حورية مسافرة الى بلدها ومعها صديقتها وزميلتها في كلية الطب جميلة، فذهبت معهم الى موقف الـ (الستيام ctm)، وجاء المصور يعرض علينا تصويرنا، ولحسن الحظ كانت الكاميرا فوريه، فالتقط لنا صورة، وكان شعر حوريه في شكل ضفيره واحدة جاءت من وراء رأسها وبجانب عنقها لتستقر على صدرها وتمتد لتنزل الى قرب نهاية الفستان الذي كانت ترتديه.. اي الى ما بعد وسطها..
وعندما قابلتها بعد انتهاء الاجازة الصيفية وجدتها قد قصت شعرها الى كتفيها، فسألتها لماذا قصصتي شعرك الحرير؟ فقالت انه يأخذ منها وقتاً كثيراً في تسريحه، وهي طبعاً طالبة طب والوقت كالذهب.. والغريب أن شكلها بدأ أجمل بقصة شعرها تلك، وعندما سافرت في اجازة الربيع، وهي اول اجازة بعد بدء العام الدراسي، ورجعت وجدتها قد قصت شعرها اكثر، فأصبح حول رأسها فقط، والغريب أنها كانت أجمل من المرة السابقة أيضاً..
بمناسبة الشعر، مرة رأيت مغربية تسير باتجاهي، وكانت تلبس سروال (ما تتخلعوا، السروال يعني بلغتهم بنطلون بلغتنا)، كانت تسير باتجاهي فرأيت ضفيرتها من بين أرجلها، وكانت الضفيرة من وراء ظهرها.. لكن لطولها برزت للعيان من الأمام.. كان ذلك شديداً علينا نحن السودانيون القادمون من قلب افريقيا وصحرائها الكبرى، التي لفحتني بالحرارات الشموس، فجعلتني منها كعود الأبنوس..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
هههههههههه
المرة دي حأكتفي بالضحك يا أستاذ عمر غلام
واصل بدون فواصل
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
ماشاء الله عليك يا أستاذ عمر الذاكرة حديدية لسه متذكر الأشياء دي وبتفاصيلا
مشاققة : حكاية اللبن والحليب دي برضو جهجهتنا لمن كنا جديدين في المملكة
واصل ومنتظرين منك المزيد
تعيش يا محمد النور.. مرات بشوف بضبابية لتلك السنوات، ومرات بتتضح الرؤية، مرات انسى اسماء، وبعد ما انتهي من الكتابة وارجع البيت اتذكرها.. والغريبة الواحد بتذكر عشرات السنين للخلف ولا يتذكر قبل ساعتين حصل شنو..
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
هههههههههه
المرة دي حأكتفي بالضحك يا أستاذ عمر غلام
واصل بدون فواصل
ما دام انت متابع حأواصل..
ضحكت في شنو؟ الضفيرة واللا الشديد علينا نحن السودانيين؟
لطفا للانقطاع يااستاذ
اخلاء الشارع لمدة تلاتة ايام عشان الملك يمر
هل مستمرة الحكاية دي للان ؟؟
وبعدين الملك دا يعني ما بيطلع من قصره ولا شنو
كل ما يمر بشارع يقفلوه تلاتة ايام ؟؟
طالبة الطب دي ياها زاااااااااتها بتاعت التنس ديك يااستاذ ؟؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
لطفا للانقطاع يااستاذ
اخلاء الشارع لمدة تلاتة ايام عشان الملك يمر
هل مستمرة الحكاية دي للان ؟؟
وبعدين الملك دا يعني ما بيطلع من قصره ولا شنو
كل ما يمر بشارع يقفلوه تلاتة ايام ؟؟
الغالية علينا بت مدني المدنيه
فعلاً افتقدتك الأيام الفاتت..
حكاية لسه مستمرة دي حأسأل عليها العضو الجديد طارق جبريل، فهو لا زال مقيم في المغرب..
الظاهر ما كان بيطلع من قصره إلا للمناسبات الهامة جداً - مثل ذلك الاحتفال الذي حضرناه بمناسبة اليوم الوطني للمغرب- وكان نادر السفر للخارج- مش زي اب عاج والبعدو الذين يخرجون يومياً وينزلون الى الناس- الملكية دائما عندها بروتوكولات صارمة جداً، وكان الحسن الثاني لما يلقي خطاب في بعض المناسبات يظل يتكلم لمدة ساعتين (من راسو) بدون ما تكون قدامو ورقه يقرا منها.. وما زلت أذكر ترديده دائماً: شعبي العزيز، في بداية الخطاب وفي أثنائه..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
طالبة الطب دي ياها زاااااااااتها بتاعت التنس ديك يااستاذ ؟؟
ابداً ديك ما اظن كانت بتدرس في الطب، لكن الجكسي بتاعا ياهو الكان في الطب، دي واحده تانيه بقت صاحبتي البتونس معاها (بس)، لكن بتاعة التنس كان اعجاب من بعيد لبعيد
والله يااستاذ تجربة ثرة
اثرت فيك كتير طبعا
اتذكر مديري وهو درس في مصر
دائما عنده جملة بيقولها
(مصر دي بقتني زول )
باعتبارات كتيرة طبعا
.. نواصل ..
عند مغادرتي للسودان ودعني خالي البروف الصادق حسن الصادق وقال لي: شد حيلك.. ولم أفهم مغزاها إلا حينما انتهت رحلتنا السياحية التي بدأت كمشاركة في المسيرة الخضراء، وما إن غادر وفد السودان حتى أحسست باليتم، وفي الليلة الأولى بالحي الجامعي مولاي اسماعيل جاءني إحساس غريب لم أعهده من قبل، شوق جارف للأهل وللوطن، بل شئ أكثر من الشوق، لا أدري كنهه.. حينها تذكرت وصية خالي: شد حيلك.. فعلمت ما كان يرمي إليه، فلابد أن اشد حيلي لأتحمل جحيم فراق الأهل.. لقد جرب خالي ذلك أبان ابتعاثه لدراسة الماجستير في امريكا، لذلك فقد توقع ما سيحدث لي.. نعم لقد جرفني حزن طاغٍ لدرجة أنني تمنيت أن تتعثر اجراءات تسجيلي في الكلية لأرجع لأهلي فوراً!!
أول خطاب وصلني من السودان كان من بن خالي الذي تربى معي في حي 114 وهو عادل سراج حسن، وكان يسكن في منزل جدي، ووقتها كان يدرس في مدرسة مدني الأهلية (ب)، ويبدو أنه أرسل الرسالة قبل أن استقر في الرباط- فقد كنت أرسل كروت مناظر وخطابات من كل مدينة نزلنا بها بدءاً بأغادير مروراً بمراكش وانتهاء بكازابلانكا- وعلى ما أذكر وصلتني عبر عنوان السفارة.. المهم هذه الرسالة الأولى عندما بدأت اقرأها أحسست أن شيئاً من جوفي يتحرك للأعلى.. لم أعرف ماهو، لكنه حين وصل الى صدري أحسست بضيق في صدري، ثم ارتفع ذلك الشئ الى عنقي، فإذا حلقي ينسد، وإذا عبرة تخنقني، ثم خرجت العبرة دموعاً غزيرة.. لم يكن في خطابه ما يجعلني أبكي، فقد كان خطاباً عادياً، ولم أصل في قراءته الى نصفه ولا حتى الى ربعه، ولكن لأنه أول خطاب يصلني من السودان، ولأنه أشعرني أنني خارج السودان، وانني بعيد عن اهلي وعشيرتي.. وكنت في سريري في الحي الجامعي مولاي اسماعيل، وجاري الذي أخبرتكم عنه في السابق كان قد لاحظ إجهاشي بالبكاء، فقال بصوت رقيق ومواسي ما معناه: عسى ألا يكون هناك مكروه، ويريد ان يقول عسى ألا يكون هناك خبر سيئ في هذا الخطاب..
فيما بعد لجأنا الى وسيلة جديدة لم تكن مألوفة لإرسال الرسائل واستقبالها، ألا وهي التسجيل الصوتي، فكنا نسجل حديثنا ونرسل الشريط بالبريد الى أهلنا، ويصلنا الرد كذلك بالبريد.. وأذكر أن أول شريط وصلنا كان مسجلاً لي فيه حديث اهلي، وأغنية محمد جباره الشهيرة في ذلك الزمان: بحر الموده
شوفى الزمن يا يمه ساقنى بعيد خلاص
دردرنى .. اتغربت .. واتبهدلت ورينى الخلاص
ساقنى القدر منك بعيد .. جرعني كأس
***
يا يمه يا فيض الحنان الما كمل
يا يمه يا بدرى البشع دايماً يهل
يا يمه يا نور الصباح وكتين يطل
واشرى يا (زينوبه) ولدك فى دروب الشوق كتل
محروم من الحب والمحنه وراك همل
***
يا يمه يا بحر المودة وكت يفيض
يا يمه يا شعلة أمل زادت وميض
يا يمه يا عنقود كلام منظوم قريض
يا يمه يا نغماً حنين بالشوق يرن
وافكارى فيهو .. بيرتعن
دمعاتى شانو .. بينزلن
***
واتذكرك يا يمه
فى الدغش النسايمو يهبهبن
قايمى الصباح متكفلتى
شايلى الحليلى على المراح
والساعة ديك يادوبو ديكنا بدا الصياح
والطير صغارو يغردن.. جبتى اللبن بانشراح
***
واتذكرك يا يمه في ساعة الهجير
صالاكى نار الدوكى عُستيلنا الفطير
رشيتى.. قلتى اكلوهو خير
واتذكرك يا يمه يا بسمة الطفل الغرير
وكت الخلوق ترقد تنوم
واسهر براى أرعى النجوم
والشوق يرف جنحيهو بى فوق لى يحوم
اهتف باسمك فى الخيال
طيفك كمان بي فوقى جال
واتمنى لو لحظات يدوم .. لكنى فجأة القاهو زال
***
واتذكرك يا يمه ساعة الناس يجونا من البلد
ناعم ترابو على جسيماتن رقد
ريحة التمر فوق الهدوم لون الخدار خالف لبد
والشوق أوارو بيشتعل كان ظنى فيهو يكون خمد
***
واتذكرك يا يمه والناس قالو قايمين البلد
رصو الهديمات ..عدلوا
ركبوا اللوارى وقبلوا
خلونى وحدى بلا أنيس
كيف انفرادى ..اتحملوا
شالوا السلام أنا مني ليك
وان شاء الله عندك يوصلوا
***
يا يمه ساعة يوصلوا ويقولوا ليك شفناه فى بلد الامان
مبسوط ورايق فى امان
أنبسطى يا نبع الحنان
وانا حالى يشهدبو الزمان
يا يمه رسلى لى عفوك
ينجينى من جور الزمان
كان معي مجموعة من الأخوة السودانيين في تلك اللحظة، أذكر منهم جمال ميرغني والنور محمد احمد، المهم الجميع بدأ بالبكاء.. وعندما انصرفوا قال لي جاري المغربي: لأول مره أبكي منذ زمن بعيد.. فقد أبكيتموني عندما بكيتم.. ويبدو أنه أحس بما أحسسنا به، فهو أيضاً بعيد عن أهله، فهم كما أسلفت من جهة أغادير في أقصى الجنوب المغربي..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
والله يااستاذ تجربة ثرة
اثرت فيك كتير طبعا
اتذكر مديري وهو درس في مصر
دائما عنده جملة بيقولها
(مصر دي بقتني زول )
باعتبارات كتيرة طبعا
بلا شك الغربة لها أثر كبير في شخصية الإنسان، وللمغاربة مثل يجسد ذلك، فهم يقولون:
اللي ما جال ما شاف حق الرجال
وترجمتها من لم يتجول لم يرى من حقوق الرجال شيئاً، اي لم يسترجل، اي أن التجوال والسفر يقوي عزيمة الرجال..
وبالفعل المغرب لها تأثير ايجابي على نفسي، فقد تعلمت منها الكثير، وتعلمت من الغربة- من حيث هي غربة- الكثير أيضاً.. وما زلت حتى اليوم عندما أتذكر اصدقائي وايام المغرب الجميلة تجيش في صدري مشاعر شتى، حتى تدمع عيوني، وأحن الى تلك الديار الجميلة، والى اهلها الطيبين (فيهم طيبوبة- حسب لهجتهم)..
يشجعني مرورك كثيراً انت ومحمد النور، شكراً لكما..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
مافي تريقة ترسلها لي
قضيتي الإلزامية ؟ وثقتي شهادتك ؟ عشان ما أتمقلب وأرسل الفيزا ساي
أستاذنا عمر غلام ( 114 ) التحية لك وأنت تتحفنا بهذه الذكريات
والرحمة والمغفرة لعازف الكمان الماهر ( علي ميرغني ) والفنان ( سيد خليفة )
وزميلك بو مدين أحمد خليفة
مشاققة : طب سبعة سنة دي مبالغة عديل كدا يعني الواحد لو ( ربت ) ليهو سنة سنتين ما مشكلة
صباح الخيرات استاذ عمر
نظام امتحاناتهم غريب
شفوي دا صععععععععععععب يااستاذ
هو الكتابي يا الله الله
.. نواصل ..
كانت الخطابات عندما تصلنا نحس بفرح غامر، فرح الطفل عندما تهديه لعبة، او حلوى، وكان تأخر وصولها يصيبنا بالاكتئاب- خاصة خطابات الجكسويات- لقد كان بعض الزملاء يساومونك على خطابك بمبالغ مالية او هدية حتى يعطونك إياه، لقد كانت الخطابات هي همزة الوصل الوحيدة بيننا وبين الوطن، ففي ذاك الزمان لم تكن هناك فضائيات، فالتلفزيون أرضي يغطي جزء من مساحة السودان، واما الإذاعة فلا تكاد تُسمع في بورسودان، ناهيك أن نسمعها في الرباط، وطبعاً بالضرورة لم يكن هناك ايميل ولا مسنجر ولا خلافه..
ذكرتني حكاية الإذاعة دي قصة جميلة، ففي مرة كنت استمع لإذاعة الرباط من جهاز الراديو/ المسجل الذي كنت قد اشتريته من اخينا محجوب البيلي، وكان البرنامج (ما يطلبه المغتربون) والمقصود طبعاً المغتربين المغاربة، فهم كثر في أوروبا.. وطبعاً كانت اغاني البرنامج الأولى كلها مغربية.. ثم أطالت المذيعة قراءة اهداءات المغتربين المغاربة للأغنية الأخيرة، ولكثرة هؤلاء الذين يطلبون الأغنية؛ فقد بدأ لحن الأغنية في الظهور والمذيعة ما زالت تقرأ اهداءات المستمعين.. لقد بدأ لحن مقدمة الأغنية مألوفاً لدي.. وما إن انتهت المذيعة من اهداءات آخر مغترب حتى بدأ المغني يغني الأغنية، وكانت الأغنية: يا وطني
يا وطنى يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
يا الخرطوم يا العندى جمالك .. جنة رضوان
طول عمرى ما شفت مثالك.. فى اى مكان
انا هنا شبيت يا وطني.. زيك ما لقيت يا وطني
فى وجودى أريدك وغيابى
يا وطني يا بلد أحبابى
بتذكر فيك عهد صباي.. على شاطئ النيل
وحبيبى الساهر معاي.. أسمر وجميل
انا بفخر بيك يا وطني
بالروح افديك يا وطني
يا وطنى يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
ياحليلك وياحليل ايامك
على بالي دوام
وقلبى عايش لغرامك.. ما بعدو غرام
طول عمري ما شفت مثالك في اي مكان
كانت أيام يا وطني
زى الأحلام يا وطني
يا وطنى يا بلد أحبابى فى وجودى احبك وغيابى
نعم، لقد كان المغني هو سيد خليفه- اسأل الله له الرحمة والمغفرة، أدعو له بالرحمة معي- وما إن بدأ سيد خليفه الأغنية حتى تلاحقت دموعي، لم تكن دموعي ساهلة كما تظنون، ولكن من عاش مثل ما عشت فسيعرف مغزى ذلك..
وللعلم فإن الفنان سيد خليفة كان معروفاً جداً في المغرب، فقد قال لي زملائي الطلاب المغاربة في الجامعة أنهم عندما كانوا في الابتدائية، كانوا ينشدون في طابور الصباح نشيد يا وطني للفنان سيد خليفه، اي أنهم كانوا يفعلون ذلك في أواسط وأواخر الستينات.. وطبعاً يعرفون ايضاً أغنية (إزيكم).. سأحكي لكم لاحقاً زيارة سيد خليفة ومحمد ميرغني لنا في المغرب (بس ذكروني).
فيما بعد وعندما اغتربت في السعودية، كنت أحياناً أجد أحد الزملاء الفلبينين في حالة اكتئاب، فاسأله ما بك؟ فيقول لي Home sick وتفسيرها طبعاً هو فقدان مشاهدة الأهل والبعد عن الوطن، اي ما ذكرته في الفقرات السابقة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
والله يا أستاذ عمر عشت معاك معاناة الغربة في فترة السبعينات عبر هذا السرد
عندما أغتربت فقط عرفت معنى الفراق وعرفت قيمة الوطن الحقيقية
الرحمة والمغفرة للفنان سيد خليفة فقد كان سفير السودان الشعبي في كل البلدان
وربنا يرد غربة الجميع
مشاققة : برضو يا مدنية تقولي لي عايزة ليك فيزا
اقتباس:
والله يا أستاذ عمر عشت معاك معاناة الغربة في فترة السبعينات عبر هذا السرد
عندما أغتربت فقط عرفت معنى الفراق وعرفت قيمة الوطن الحقيقية
الرحمة والمغفرة للفنان سيد خليفة فقد كان سفير السودان الشعبي في كل البلدان
وربنا يرد غربة الجميع
مشاققة : برضو يا مدنية تقولي لي عايزة ليك فيزا
محمد النور
طبعاً المغرب كانت بعيدة نسبياً عن السودان، والسفر كان عن طريق روما، يعني احياناً يوم كامل انت تكون ما وصلت، مش زي السعودية في ساعة وربع تكون في السودان..
فيزا شنو كمان في الألفية الثالثة؟ ديل الهنود والأتراك والشوام والمصريين فاضت بيهم شوارع الخرطوم، حتى السعوديين بعضهم نقل شغلوا للسودان واستقر هو واولاده في السودان، نحن البنلعب في الزمن الضائع هسه.. يا بخت اللي سبقونا في الرجوع للسودان.. والسبق رقد..
طبعا مدنية هسه تنط تقول لينا: والحابسكم شنو؟ والله دي حسادة منكم يا المغتربين.. كلما نقول دايرين نغترب تقولوا السودان احسن..
نقول ليها شوفي لينا شغل هناك وتاني يوم تلقينا في مطار الخرطوم، ومافي مانع الشغل يكون في المدينة الحالمة مدني!!
.. نواصل ..
سأحكي قصة زيارة سيد خليفة ومحمد ميرغني لنا في المغرب، حتى لا أنسى، رغم انها حدثت في السنة الثانية لوجودي بالمغرب.. اي سنة 1976م تقريباً..
بينما انا خارج من الجناح الذي اسكنه في الحي الجامعي السويسي الثاني، إذ لمحت على الباب ورقة ملصقة بها اعلان عن حفلة بالحي الجامعي مولاي اسماعيل، يغني فيها الفنانان سيد خليفة ومحمد ميرغني، ففرحت فرحاً شديداً أفرح صديقي مصطفى محفوظ طالب كلية الطب، الذي أوصلني بموتره الى مكان الحفل.. وتفاجأت هناك بوجود خالي علي ميرغني عازف الكمان المشهور وسكرتير اتحاد الفنانين وقتها- رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً، أسألكم الدعاء له- ووجوده زادني فرحاً على فرح، وكان يرأس الوفد الفني هذا، وبالفعل غرد الفنانان في الحي الجامعي مولاي اسماعيل، وفرح المغاربة ايما فرح بوجود سيد خليفة لحماً ودماً بينهم..
رقصنا في ذلك الحفل، ولم يكن هو الحفل الوحيد، فقد أقاموا حفلاً آخر في مسرح محمد الخامس، وهو المسرح الرئيسي والأكبر في الرباط، وحضر الحفل هذه المرة مسؤولون مغاربة بالإضافة الى اعضاء السلك الدبلماسي السوداني، وامتلأ المسرح بالناس، وغنى سيد خليفة تلك الأغاني الخفيفة، فطلبنا منه ان يغني الأغاني التي تعجبنا كأغاني ادريس جماع، والأغاني الجميلة: انا لو رضيت بالهم ما بيرضى بي همي، واشباهها، فقال لنا انا جيت اغني للمغاربة، وانتو بتسمعوني كان في السودان او في الاذاعة او المسجلات.. اي انه يريد ان يطرب المغاربة بالأغاني الخفيفة السريعة الإيقاع، وقد غير بعض الكلمات في اغانيه لتتوافق مع اللهجة المغربية، اذكر منها:
ازيكم .. كيفنكم .. انا لي زمان ما شفتكم
ازيكم .. لا باس عليكم (وهو سلام المغاربة)
في الحي معاكم.. وأنا ليكم جار
وعندما ينطق كلمة الحي يضيف لها كلمة (هنا) ويشير بأصبعه الى الأرض، اي في الحي الجامعي مولاي اسماعيل..
طبعاً في الخليج يغني نفس الأغنية ويغيرها:
ازيكم .. كيفنكم .. انا لي زمان ما شفتكم
ازيكم .. إيش لونكم (وهو سلام الخليجيين)
وبعد انتهاء الحفلات تلك كنت ازور خالي في الفندق الذي ينزلون فيه، ووجدت هناك بعض زملاءنا الطلاب السودانيين، وبينما انا جالس مع خالي في غرفته اعطاني العود وقال لي امشو لسيد في أوضتو يغني ليكم.. فذهبت الى سيد خليفه واعطيته العود وقلت له ان خالي قال ليك غني لينا.. فرفض اولاً (مازحاً) ثم اخذ العود وبدأ يغني لنا تلك الأغاني التي نحبها.. وقد غنى اغنية لم نسمعها من قبل، وكانت حزينة جداً، فطأطأنا رؤسنا مستمتعين بها ومتأثرين أيما تأثر بها، سيما زميلي بومدين احمد خليفة – رحمه الله رحمة واسعة وادخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، أسألكم الدعاء له- وكان أن حضر خالي علي ميرغني رحمه الله ووجدنا على تلك الحال، فقال لسيد خليفه: بكيتم ياخي..
وسألنا سيد خليفه عن تلك الأغنية فقال ان فلاناً (نسيت اسمه) قد اعطاها له، وقبل ان يكمل لحنها مات هذا الشاعر، وهو لا يذكر غير هذه الأبيات التي غناها لنا، وللأسف لم اسمع هذه الأغنية بعد ذلك ابداً..
جاءت سيارة من السفارة لتنقل الوفد الفني الى السفارة، فذهبت معهم، وكان في السيارة خالي وسيد خليفه وعلي ميرغني، وكلما رأي سيد مغربية جميلة في الشارع عبر بطريقة مرحة عن احساسه بالجمال، وكنا طوال الرحلة نضحك مع تعليقاته رحمه الله.. فيما بعد عند رجوعنا للسودان قابلت خالي علي ميرغني ومعه الفنان محمد ميرغني، وكان ذلك في موقف بصات مدني (كانوا في رحلة فنية الى مدني) فما إن رآني محمد ميرغني- وقبل أن أصله وأسلم عليه- حتى قال لي: الجابك من البلد السمحة ديك شنو؟ لقد اعجبتهم المغرب ايما اعجاب..
نسيت أقول ليكم أن السلطات المغربية سلمتنا- نحن الطلاب الذين شاركنا في وفد المسيرة الخضراء- عبر السفارة وسام المسيرة الخضراء، وبطاقة مشاركة، وما زلت احتفظ بالوسام حتى الآن، وقد سمعت أن له قيمة خاصة في المغرب، لكني لم استخدمه إلا عندما كنت في الطائف وأردت زيارة المغرب، وكان ذلك عام 1985م، اي بعد سبعة أعوام من تخرجي، فسافرت للقنصلية المغربية في جدة لطلب الفيزا، وكان النظام ان ارسل انا برقية على حسابي للخارجية المغربية وانتظر الرد، والذي عادة ما يتأخر، وبينما انا في الطائف اتصل كل حين واخر اسأل عن الفيزا ودائماً الرد لم يصل شئ، فجأة تذكرت الوسام، فاتصلت من الطائف عبر الهاتف على القنصلية وطلبت مكالمة القنصل- بكل ثقة- فقالت لي الموظفة لا يوجد قنصل ولكن يوجد نائب للقنصل، فقلت لها اعطيني نائب القنصل فأعطتني إياه، فقلت له انا احمل وسام المسيرة الخضراء، اي انني مساهم في تحرير التراب المغربي من الاستعمار الأسباني، وقد طلبت تأشيرة دخول للمغرب، ولم احصل عليها حتى الآن، فقال لي اتصل غداً، فاتصلت في الغد، فقال لي تعال خد التأشيرة!!
.. والحديث ذو صلة..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشاققة : برضو يا مدنية تقولي لي عايزة ليك فيزا
اي عايزاها عشان شايفاك انت لهسي قاعد في الغربة ماجيت راجع
مافي تريقة ترسلها لي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
محمد النور
طبعاً المغرب كانت بعيدة نسبياً عن السودان، والسفر كان عن طريق روما، يعني احياناً يوم كامل انت تكون ما وصلت، مش زي السعودية في ساعة وربع تكون في السودان..
فيزا شنو كمان في الألفية الثالثة؟ ديل الهنود والأتراك والشوام والمصريين فاضت بيهم شوارع الخرطوم، حتى السعوديين بعضهم نقل شغلوا للسودان واستقر هو واولاده في السودان، نحن البنلعب في الزمن الضائع هسه.. يا بخت اللي سبقونا في الرجوع للسودان.. والسبق رقد..
طبعا مدنية هسه تنط تقول لينا: والحابسكم شنو؟ والله دي حسادة منكم يا المغتربين.. كلما نقول دايرين نغترب تقولوا السودان احسن..
نقول ليها شوفي لينا شغل هناك وتاني يوم تلقينا في مطار الخرطوم، ومافي مانع الشغل يكون في المدينة الحالمة مدني!!
طبعا ضحكتني يااستاذ
لانك عارف الاسئلة واجاباتها
بالمناسبة لو عايز ترجع السودان الشغل وخصوصا الاستثمارات حاجة مبالغة
لكن محل الرئيس بنوم والطيارة بتنوم
لو عايز اعمل ليك دراسة جدوي في مجال معين كلمني وانا تحت الطلب
وطبعا حقي برة يااستاذ
اتصرفت عليهم يعني يااستاذ عشان تاخد التأشيرة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
قضيتي الإلزامية ؟ وثقتي شهادتك ؟ عشان ما أتمقلب وأرسل الفيزا ساي
ود الجاك
كان عايز ترسل الفيزا رسلها ساااااااااااااااااااااي
انا ما علي خدمة
اقتباس:
بالمناسبة لو عايز ترجع السودان الشغل وخصوصا الاستثمارات حاجة مبالغة
لكن محل الرئيس بنوم والطيارة بتنوم
لو عايز اعمل ليك دراسة جدوي في مجال معين كلمني وانا تحت الطلب
مدنية
الاستثمارات دي خوفونا منها التماسيح.. فيه تماسيح مهنتهم وتخصصهم هو (حيازة) مدخرات المغتربين وشقى سنينهم.. يلبدوا للمغترب ويدخلوه في شراكات ومشاريع وفي النهاية يضطر يستلف حق التذكرة عشان يرجع للغربة تاني!!
وبمناسبة دراسة الجدوى، انا كنت اقترحت على مدير الاستثمار في ولاية الجزيرة، وعلى ملتقى ابناء الجزيرة في المهجر أن يعملوا دراسات جدوى مختلفة- ويمكن ان يستعينوا بطلاب الجامعات في ذلك- وما على المغترب إلا أن يختار ما يناسب مدخراته (مصر على مدخرات دي لانو مافي مغترب عندو راسمال)..
ومع ذلك شوفي لينا دراسة جدوى مناسبة ، وحقك محفوظ (اخو نجيب محفوظ)...
.. نواصل ..
في المغرب يهتمون بالطلاب وبراحتهم وبترفيههم، فكنا نجد ملصقات في أبواب أجنحة الحي الجامعي تدعو الى رحلة ترفيهية الى مناطق سياحية، وكان بعضها ينظمها اتحاد الشباب المغربي او شئ من هذا القبيل، واحياناً ينفذها الحي الجامعي، وكانت الرسوم رمزية، ومؤكد أن تكلفة الرحلة أكثر من ذلك بكثير، ولكن يدفع الباقي الاتحاد او الحي الجامعي، ففي مرة اشتركنا في احدى هذه الرحلات، وكانت الى الشمال، وبالتحديد الى منطقة تسمى الفنيدق، وهي قريبة من مدينة سبته (المستعمرة الاسبانية في التراب المغربي)..
كان معي من السودانيين في هذه الرحلة محمد ابكر ابراهيم- من امدرمان حي العمده- وجمال ميرغني من الخرطوم حي الزهور- وتجمعنا في مقر الجمعية وتحرك بنا البص باتجاه الشمال.. وفي الطريق كانت توجد نقاط تفتيش- الهم الأمني في الدول الملكية وكذلك في الدول العسكرية هو المسيطر دائماً- المهم في نقطة التفتيش صعد العسكري الى البص يسأل كل راكب عن هويته، وعندما وصلنا- وكنا ثلاثتنا نجلس في مقاعد متجاورة- رطن معي بالفرنسية، وكنت الأقرب اليه إذ كنت في مقعد الممر، فتحدثت معه بالعربية، فقال لي تعرف العربية قلت نعم، قال من أين انت قلت من السودان، وكالمعتاد قال لي: جعفر نميري؟ قلت نعم، وكان اقامتي في يدي لأعطيها له، فلم يمد يده لي ولا لزميلي محمد ابكر- فكلانا سودانيو السحنة والملامح- وانما مد يده لجمال ميرغني، وكان مغربي اللون والملامح، وما إن مد جمال بإقامته للعسكري، ولاحظ العسكري انها اقامة أجانب وليس بطاقة مغربي حتى سحب يده دون أن يأخذها، وقال سوداني برضو؟ لقد كان لنا نحن السودانيون مكانة في نفوس المغاربة..
ووصلنا الى الفنيدق، وكانت الفنيدق عبارة عن فندق على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، ومن خلف الفندق سلسلة جبال.. ويبدو أن اسم الفنيدق سببه هذا الفندق، فليس هناك شئ آخر في المنطقة غير هذا الفندق.. كان مكاناً رائعاً للراحة والاستجمام.. ودخلنا الفندق، وكل شخصين استلما مفتاح غرفة، وعلى ما أظن كل ولدين في غرفة وكل بنتين في غرفة، لكن لاحظنا فيما بعد أن المغاربة (شكوها ووزعوها من جديد، وبقت الدامه مع الولد والولد مع الدامه، والشياب براهم- زي حالتنا- مع اني الزمن داك كان عمري عشرين سنة بس.. طبعاً نحن ما كنا عارفين انو ممكن حاجات زي دي بتحصل، عشان كده ما نسقنا كويس من الأول، وكنا برالمه ساااااااكت.. المهم حصرنا استمتاعنا بالطبيعة الساحرة للبحر والجبل والرمال الناعمه، والوجبات الشهية المجانية- ضمن المبلغ الزهيد الذي دفعناه- اضافة للونسة..
على مسافة من الفنيدق كانت هناك قرية فيها البضائع الأسبانية- ربما كانت (كابو نيقرو) وهي كلمة اسبانية معناها (الرأس الأسود) ويبدو أن الجبل الذي في المنطقة يشبه رأس الزنجي لذلك سمي بهذا الإسم، او ربما كانت القرية هي الفنيدق نفسها، وانها قرية نمت قرب الفندق، او العكس ان الفندق بني قرب القرية- لم اعد أتذكر جيداً- المهم اننا تسوقنا في هذه القرية من البضائع الاسبانية (المهربة) او التي تأتي من سبته بدون جمارك- فالجمارك توجد على مسافة بعيدة من منطقة الشمال في طريق الرباط، فإذا كان حملك من البضائع كبيراً فربما تعرضت لدفع جمارك، ولكن الحاجات الخفيفة (صحبة راكب) لا تدفع جمارك لها..
في رحلة أخرى ذهبنا الى مدينة طنجة، ويا لروعة طنجة، واهلها ينطقونها (طنزه)..
وأدرج لكم نبذة عن مدينة طنجة استقيتها من موقع وزارة الثقافة المغربية:
مدينة طنجة
تتميز طنجة بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط من جهة، و بين القارة الأوروبية و القارة الإفريقية من جهة أخرى. هذه الوضعية الإستراتيجية الهامة مكنتها من الاستئثار باهتمام الإنسان، وجعلت منها محطة اتصال وعبور وتبادل الحضارات منذ آلاف السنين، مما تشهد عليه المواقع و البقايا الأثرية المتواجدة بطنجة ومنطقتها، والمنتمية إلى حضارات ما قبل التاريخ وحضارات الفنيقيين والبونيقيين التي ربطت اسم طنجة في أساطيرها العريقة باسم " تينجيس " زوجة " آنتي " ابن" بوسايدون " إله البحر و " غايا " التي ترمز للأرض.
ثم الفترة الرومانية التي خلالها أصبحت طنجة تتمتع بحق المواطنة الرومانية، بل من المحتمل جدا أن روما جعلت من طنجة عاصمة لموريتانيا الطنجية، المقاطعة الغربية لروما بشمال إفريقيا.
بعد فترة من السبات، استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزو الأندلس علي يد طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين و الموحدين الذين جعلوا من طنجة معقلا لتنظيم جيوشهم و حملاتهم. بعد ذلك تتالت على طنجة فترات الاحتلال الإسباني والبرتغالي والإنجليزي منذ 1471م إلى 1684م، والتي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار و الأبراج و الكنائس.
لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية وعمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث هي فترة السلاطين العلويين خصوصا المولى إسماعيل وسيدي محمد بن عبد الله. فبعد استرجاعها من يد الاحتلال الإنجليزي سنة 1684م في عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري والدبلوماسي والتجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، و بالتالي عرفت تدفقا عمرانيا ضخما، فشيدت الأسوار والحصون والأبواب. وازدهرت الحياة الدينية والاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور والنافورات والحمامات والأسواق، كما بنيت الكنائس والقنصليات والمنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب، حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، ومدينة دولية يتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبية التي كانت تتمتع بها.
الصورة المرفقة تضمني (على يمينك) وطالبين مغربيين، احدهما اختفت ملامحه بسبب تمزق سطح الصورة، وهي في أحد أجنحة الفندق في بلدة الفنيدق، وتبدو الجبال من ورائنا وبعض أجنحة الفندق..
وتاريخ الصورة ربما كان في العام 1976 أو 1977م..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
النويري
23-03-2010, 10:22 PM
الأستاذ الكبير 114 نحن نستمتع هنا ليس بالسرد فقط بل بكبسولاتك الثقافية التي تمدنا بها حول المدن والبلدان وتاريخها وهذه الحضارات فهنيئاً لك بكل هذا التجوال وليتنا نستطيع أن نخرج من دائرتنا الضيقة في زمن قل فيه الترحال وأصبحنا متكورين لا نستطيع حتى الذهاب للعمرة ههههههههههههههههههههههه
همسة: لكن الخنفس عندك
الأستاذ الكبير 114 نحن نستمتع هنا ليس بالسرد فقط بل بكبسولاتك الثقافية التي تمدنا بها حول المدن والبلدان وتاريخها وهذه الحضارات فهنيئاً لك بكل هذا التجوال وليتنا نستطيع أن نخرج من دائرتنا الضيقة في زمن قل فيه الترحال وأصبحنا متكورين لا نستطيع حتى الذهاب للعمرة ههههههههههههههههههههههه
همسة: لكن الخنفس عندك
النويري
شكرا لتواصلك مع البوست وتفاعلك معه
نتمنى أن تنتهز فرصة وجودك هنا بالسعودية لكي تزور بلدان العالم، فلو رجعت الى السودان فستقل الفرصة.. وتذكر قول المغاربة: (اللي ما جال ما شاف حق الرجال)..
همسة: شفت الشباب اليومين ديل رجعوا يحاكونا.. يعني رجعت موضة السبعينات اليوم (الألفية الثالثة) وكمان في عقدها الأول.. عشان كده انا ما بلوم شباب اليومين ديل على تقليعاتهم تلك، فأنا ايضاً كنت مثلهم، وهم حتماً سيكونون مثلي عندما يبلغون ما بلغت من العمر، بس أهم حاجة الأخلاق واحترام الآخرين..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
اتصرفت عليهم يعني يااستاذ عشان تاخد التأشيرة:o
ناس ما تجي إلا بالعين المريخية (قصدي بالعين الحمراء)
النويري
24-03-2010, 11:34 PM
النويري
شكرا لتواصلك مع البوست وتفاعلك معه
نتمنى أن تنتهز فرصة وجودك هنا بالسعودية لكي تزور بلدان العالم، فلو رجعت الى السودان فستقل الفرصة.. وتذكر قول المغاربة: (اللي ما جال ما شاف حق الرجال)..
همسة: شفت الشباب اليومين ديل رجعوا يحاكونا.. يعني رجعت موضة السبعينات اليوم (الألفية الثالثة) وكمان في عقدها الأول.. عشان كده انا ما بلوم شباب اليومين ديل على تقليعاتهم تلك، فأنا ايضاً كنت مثلهم، وهم حتماً سيكونون مثلي عندما يبلغون ما بلغت من العمر، بس أهم حاجة الأخلاق واحترام الآخرين..
الأستاذ عمر اليومين دي في السعودية في فرص لرحلات سياحية في عدة وكالات وبأسعار ممتازة نتمنى أنو نذهب في هذا الصيف إلى تايلند أو أي منطقة في أسيا وتكون بداية لرحلات سوف تتواصل بإذن الله وذي ما قلت من الصعب أنت في السودان تسافر للسياحة لأي بلد أخر الحسابات بتختلف واصل ونحن معاك متابعين
أواصل عشانك يا النويري
وأتمنى أن (تواصل) كتاباتك عن رحلاتك الجايه، بدءاً من تايلاند..
لك كل الشكر على المداخلات
النويري
29-03-2010, 05:55 AM
أواصل عشانك يا النويري
وأتمنى أن (تواصل) كتاباتك عن رحلاتك الجايه، بدءاً من تايلاند..
لك كل الشكر على المداخلات
مشكور يا أستاذ على هذه اللمحة وأنا في إنتظارك بس ما تطول الغيبة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
صباح الخيرات استاذ عمر
نظام امتحاناتهم غريب
شفوي دا صععععععععععععب يااستاذ
هو الكتابي يا الله الله
شفوي ده بالذات للما متعود عليه (زينا نحن القادمون من السودان) بيكون أصعب وأخطر.. طبعاً اجابتك على السؤال بتعتمد عليك، لكن بتعتمد على الأستاذ الممتحن، يعني لو ما هيأك للسؤال بطريقة إيجابية ممكن تتلخبط وتعرق في عز الشتاء وترجف، وكل المعلومات الدرستها تطير من راسك.. لذلك كنا نفضل الأستاذ كبير السن، فهو حتماً له تجربة وخبرة في مثل هذه الامتحانات، ومعرفة بنفوس الطلاب، اما اخطرهم فصغار السن- خاصة الذين تعينوا حديثاً كأساتذة مساعدين او معيدين، او حتى الذين حصلوا على الدكتوراة للتو، وبعضهم يكون قريب من عمرنا- فهؤلاء دائماً يستعرضون عضلاتهم علينا.. ولا يهتمون بالحالة النفسية للطالب..
أما الكتابي فيمكنك ان تأخذ وقتاً للتفكير والتدبر، وربما تستريح لمدة دقائق قبل أن تبدأ الإجابة، ويمكن ان تغيرها اذا اردت، وتراجعها قبل ان تسلم الورقة، اما الشفوي فكل الوقت المخصص لك دقائق معدودة، ولا تدري من أين ستأتي بالإجابة، ولو ترددت في الإجابة تحسب ضدك..
وأذكر في أحد الامتحانات الشفوية، وكانت مادة القانون الخاص- وهو قانون الجنسية- فبدأت الإجابة، وقلت فيما قلت ان السن القانونية هي 12 سنة، فقال لي 12 سنة؟! فاستدركت وقلت 16 سنة، فقال لي 16 سنة؟! ثم قال لي: اهدأ، وبالفعل اختلطت علي كل المواد، ف12 سنة خاصة بقانون الشغل (العمل) وال 16 سنة مش عارف خاصة بقانون شنو، وبالفعل عندما قال لي اهدأ هدأت واجبته بالإجابة الصحيحة وهي 21 سنة.. وبعض الأساتذة يعطيك مفتاح السؤال، وبعضهم يبدأ معك بأسئلة بسيطة وخفيفة، وبعضهم يطرق موضوع خارج المادة ليهيئك لأسئلة المادة.. المهم كان ذلك شديداً علينا نحن السودانيون..
حقاً السودانيين محل أحترام وتقدير الجميع أينما حلوا
مشكور أستاذنا عمر غلام ( 114 )
واصل ونحن في الإنتظار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
حقاً السودانيين محل أحترام وتقدير الجميع أينما حلوا
مشكور أستاذنا عمر غلام ( 114 )
واصل ونحن في الإنتظار
محمد النور
مصداقاً لكلامك، ذكر لي أحد اقربائي الذي كان في امريكا، أن سودانياً نال تأشيرة اللوتري وسافر الى هناك، ووصل في المساء عند اصدقائه، فقالوا له انك ستشتغل من بكره.. فاستغرب ذلك، فقالوا له ان يهودياً امريكياً لديه محلات كثيرة ويعمل معه عدد من السودانيين- الذين اعجبوه- فطلب منهم أن يبعثوا له اي سوداني يصل للبلد ليوظفه فوراً، طبعاً معظمهم يشتغلون كاشيير، وهي الوظيفة التي تتطلب أمانة ونزاهة..
سمعتنا وصلت امريكا يا باشا!!
.. نواصل نبذة عن طنجه ..
أسوار المدينة العتيقة : تمتد على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة : القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أهردان، و بني إيدر، بنيت أسوار المدينة على عدة مرا حل، و التي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية "تينجيس". تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم و إعادة البناء والتحصين خلال الفترة الإنجليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العلويين الذين أضافوا عدة تحصينات في القرن 18م، حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج: برج النعام - برج عامر - برج دار الدباغ و برج السلام . كما فتحوا بها 13 بابا منها: باب القصبة - باب مرشان- باب حاحا - باب البحر- باب العسة - باب الراحة و باب المرسى.
قصبة غيلان : تقع على الضفة اليمنى لوادي الحلق, على الطريق المؤدية إلى مالاباطا شرق المدينة العتيقة، تم بناؤها حوالي 1664م، و يرتبط اسمها باسم الخدير غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينة طنجة ما بين 1662م و 1684م، وتتوفر القلعة على جهاز دفاعي محكم، عبارة عن سورين رباعيا الأضلاع محصنين ببرجين نصف دائريين و بارزين، تتوسطهما باب عمرانية ضخمة.
قصر القصبة أو دار المخزن : تحتل هذه البناية موقعا استراتيجيا في الجهة الشرقية من القصبة, من المرجح جدا أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم. بني قصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل في القرن الثامن عشر الميلادي، من طرف الباشا علي أحمد الريفي، على أنقاض القلعة الإنجليزية « uper castel »، وهو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض. في سنة 1938م تحولت البناية إلى متحف إثنوغرافي و أركيولوجي لطنجة و منطقتها.
الجامع الكبير : على مقربة من سوق الداخل يتواجد الجامع الكبير. تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الاستعمار البرتغالي، بعد استرجاعه في سنة 1684م عرف عدة أعمال ترميم و توسيع خلال الفترة العلوية.
تتميز هذه المعلمة ببهائها وغنى زخارفها، حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة من فسيفساء و زليج وصباغة ونقش ونحت و كتابة على الخشب و الجبس. يحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة وصحن محاط من كل جانب برواقين، و بذالك فهو يعتبر نموذجا للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.
جامع الجديدة : يعرف كذلك باسم جامع عيساوة وأحيانا بمسجد النخيل، يقع أمام الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء.. يتميز المسجد بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية.
جامع القصبة : يوجد بزنقة بن عبو، بني في القرن الثامن عشر الميلادي من طرف الباشا علي أحمد الريفي، و يعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن.
السفارة الأمريكة :تعتبر هذه البناية أول مؤسسة أصبحت في ملكية الولايات المتحدة خارج أمريكا بعد أن أهداها لها السلطان مولاي سليمان الأول سنة 1821م. فبعد أن استعملت كسفارة أمريكية بالمغرب لمدة 135 سنة تم إخلاؤها لفترة حتى حدود سنة 1976م حيث أصبحت متحفا للفن المعاصر. تحتوي البناية على فناء وسط يذكر بنموذج العمارة الإسبانية الموريسكية، تحيط به مجموعة من القاعات المخصصة لعرض مجموعة من اللوحات الفنية التي أنجزت في المغرب خلا ل القرنين الثامن عشر الميلادي والتاسع عشر الميلادي. كما يوجد بها خزانة عامة للكتب الإنجليزية وخزانة متخصصة في تاريخ المغرب العربي وقاعات أخرى للدراسة والبحث، بالإضافة إلى أنها تعتبر فضاء مناسبا لاحتضان مجموعة من الأنشطة الثقافية والموسيقية بالمدينة.
الكنيسة الإسبانية :بعد أن قضت البناية فترة في ملكية أسرتين يهوديتين خلال القرن الثامن عشر الميلادي اشتراها السلطان محمد بن عبد الله حوالي 1760م، تم إهداؤها للحكومة السويدية لتؤسس بها أول قنصلية لها سنة 1788م. وفي 1871م استغلها الحاكم الإسباني ليجعل منها إقامة للبعثة الكاثوليكية، فبنى بها كنيسة كبيرة سماها "لابوريشيما" على السيدة مريم أم المسيح. لكن منذ حوالي ثلاثين سنة، ولأنه لم يعد يتردد المسيحيون على الكنيسة بكثرة، أصبحت المؤسسة تعنى بأنشطة اجتماعية مختلفة. أما حاليا فلم يبق من البناية سوى الجزء العلوي من السلم الرئيسي.
الصورة المرفقة لشاطئ طنجة والأخرى للميناء (منقولة)
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
mutasim
31-03-2010, 07:23 AM
الاخ عمر تحياتى
اخذتنا فى سياحه جميله كاننا مسافرين معاك تحياتنا
الاخ عمر تحياتى
اخذتنا فى سياحه جميله كاننا مسافرين معاك تحياتنا
الأخ العزيز معتصم
لك التحية والتقدير
والشكر على مرورك وعلى مداخلتك
ولأنكم مسافرين معاي لذا فأنا أحكي لكم
طنجة مسقط رأس بن بطوطة (سيد الإسم)
.. نواصل ..
نزلنا في فندق في وسط المدينة القديمة، وأجمل ما في هذا الفندق هو أنك عندما تخرج من بوابته الرئيسية، تنزل في درج طويل ومتعرج حتى تصل الى الشارع.. وهذا بسبب أن طنجه فيها مرتفعات وجبال، لذلك تجد مباني وعمارات مبنية فوق جبل، وأخرى في شبه وادي.. كان منظراً جميلاً وممتعاً أن تنزل من شارع لشارع عبر درج..
في المدينة القديمة أيضاً توجد السويقة، وهي أزقة ضيقة ومزدحمة بالدكاكين والبسطات، وايضاً تجد دكاكين تصعد اليها بدرج، كأنها في دور أعلى، وهي ليست كذلك، وإنما تركيبة االسويقة هي هكذا، فعبر الدرج تنتقل من مستوى الى مستوى آخر من السوق، وهي ليست في شكل عماره بها عدة طوابق، وانما هي كالمدرجات، بعض الدكاكين تكون في مدرج أعلى من الآخر.. وهكذا..
اما البضائع فكانت معظمها اسبانية الصنع، فما بين طنجة واسبانيا مضيق جبل طارق فقط، وتتنوع البضائع الاسبانية من الملابس الى الأواني المنزلية الى العطور الى الاكسسوارات الى الأدوات والمعدات الكهربائية.. بالإضافة الى الصناعة التقليدية المغربية من مصنوعات جلدية واكسسوارات وملابس وأحذية وأحزمة جلدية..
لاحظنا وجود أناس بدويون في طنجة، تلبس نساؤهم زياً شبه موحد، بل هو موحد، إذ يلبسن فوق ملابسهن غطاء سميك يلففن به اجسادهن لونه أحمر مخطط بالأبيض، او أبيض مخطط بالأحمر، ويلبسن قبعات من ا لقش كبيرة، وهذا اللبس يذكرني لبس المكسيكيين، غير ان هذا لونه مختلف، ودائماً هؤلاء النسوة يربطن أولادهن وراء ظهورهن (زي الفلاته عندنا)، وعرفنا أن هؤلاء هم من جبال الريف، ويعيشون في قرى خارج طنجه، ويأتون ببضاعتهم لطنجه ويشترون احتياجاتهم منها.. وتبدو النساء متشابهات، وكلهن مدورات، فوجههن مدوره واجسادهن مدوره، يعني مبغبغات..
أخذونا الى رحلة داخل مدينة طنجة وخارجها، والذي رسخ بذهني هو كهف هرقل الذي يبعد عن طنجة 14 كيلومتر الى الغرب عند Cap Spartel على شاطئ المحيط الأطلسي، وهو منذ عام 6000 قبل الميلاد كان مسكناً لأجدادنا القدماء في ا لعصر الحجري الحديث، وفي عام 1878 تم اكتشافه، وفي عام 1920 فُتح أمام الجمهور.. وتعزى شهرته الى هرقل الذي تقول الأسطورة انه كان يسكنه، وأنه هو الذي أوجد طنجه والمضيق (مضيق جبل طارق) بضربة سيف واحدة- حسبما تقول الأسطورة..
حينما تصل الى الكهف تشتري تذكرة دخول، وتدلف من مدخل من جهة الجبل عبر درج حجري الى داخل الكهف، ثم تستمر في المشي حتى تصل الى فتحة تطل على البحر، هذه الفتحة تظهر في شكل خريطة افريقيا، وذكر لنا الدليل السياحي أن المغاربة كانوا يراقبون السفن الداخلة من المحيط الأطلسي الى البحر المتوسط عبر مضيق جبل طارق من هذا الكهف، فهو آمن، إذ ما إن يحس أحدهم بالخطر حتى يدخل الى الكهف من جهة البحر، ثم ما يلبث أن يكون خارجه من جهة الجبل، وهذا الجبل يمنع اي شخص من البحر ان يصل الى البر، هذا الكهف يصعب الدخول إليه من جهة البحر اذا كان المد عالياً..
نسيت أن أقول ان اهالي طنجة يتكلمون اللغة الانجليزية ايضاً بالإضافة الى الفرنسية وكثيرون يجيدون اللغة الأسبانية- بحكم القرب من اسبانيا- وبحكم وضع المدينة السياحي في مدخل المغرب من جهة الشمال حيث يعبر الأوربيون بمختلف اجناسهم ولغاتهم الى باقي المغرب، خاصة في فصل الصيف، حيث يبكر الصيف هنا عن أوروبا..
وبما أنني في طنجه، وبما أنني قد اسميت نفسي بن بطوطة السوداني، وبما أن بن بطوطة (الأصلي) من طنجة فلابد أن أعرفكم بسيد الإسم، وقد استقيت المعلومات من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، فابن بطوطة هو محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي، عرف بابن بطوطة، هو رحّالة ومؤرخ وقاضي وفقيه أمازيغي لقب امير الرحالين المسلمين
ولد في طنجة سنة 703هـ/1304م بالمغرب لعائلة عرف عنها عملها في القضاء وفي فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325م وهو ابن 20 عاماً، أن يخرج حاجاً كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد الاسلام. وخرج من طنجة سنة 725هـ فطاف بلاد المغرب و مصر و الشام و الحجاز و العراق و فارس واليمن والبحرين و تركستان وما وراء النهر وبعض الهند و الصين والجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. واتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم - وكان ينظم الشعر- وأستعان بهباتهم على أسفاره.
وعاد إلى المغرب الأقصى، فانقطع إلى السلطان أبي عنان (من ملوك بني مرين) فأقام في بلاده. وأملى اخبار رحلته على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس سنة 756 هـ وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. ترجمت إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجم فصول منها إلى الألمانية نشرت أيضا.
اضافة إلى لغته الامازيغية كان يحسن التركية والفارسية. واستغرقت رحلته 27 سنة (1325-1352 م) ومات في مراكش سنة 779 هـ/1377 م. تلقبه جامعة كامبريدج في كتبها وأطالسها بأمير الرحالة المسلمين
الصور المرفقة منقولة، وهي صورة لشاطئ طنجة الجميل، والثانية (فتحة كهف هرقل من جهة البحر)..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
مشكور يا أستاذ عمر غلام على هذه المعلومات الثرة
تخريمة : النسوان البدو ديل لو كانوا بلبسوا الاحمر مع الاصفر مدنية دي كان أتكيفت منهن
سؤال داخل المقرر : اللغة الامازيغية هل هي لغة البربر ؟
صراحة يااستاذ شوقتنا لزيارة المغرب بحديثك
ود الجاك مدنية براها البتتكيف منهن ؟ نسيت روحك ولا شنو ؟؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشكور يا أستاذ عمر غلام على هذه المعلومات الثرة
تخريمة : النسوان البدو ديل لو كانوا بلبسوا الاحمر مع الاصفر مدنية دي كان أتكيفت منهن
سؤال داخل المقرر : اللغة الامازيغية هل هي لغة البربر ؟
هلا بطلتك البهية يا محمد النور
الحمد لله الما قلت الأزرق بالأبيض.. كان بوستي (بار)!!
الأمازيغية هي لغة البربر، كل البربر الذين يتواجدون في المغرب والجزائر .. وهي متعددة، زي رطانة النوبة في شمال السودان، تجد لغة الحلفاويين والضناقله والمحس مختلفة ولكن اصلها واحد، وقد يفهم الحلفاوي رطانة الضنقلاوي، ولكنه لا يستطيع التحدث بها، وكذلك بالنسبة للمحسي..
مرورك يسعدني
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
صراحة يااستاذ شوقتنا لزيارة المغرب بحديثك
ود الجاك مدنية براها البتتكيف منهن ؟ نسيت روحك ولا شنو ؟؟
قالوا في المثل: إذا أتيت المغرب فلا تستغرب (جملة كنت اسمعها كثيراً في إذاعة البي بي سي - لندن)، وفعلاً الما شاف المغرب فلم ير الدنيا.. وانتي لسه شفتي حاجة، انا لسه ما دخلت في الغريق..
ود الجاك مالو ما بيكتب بلون مريخ العزة؟ (المديدة حرقتني)!!
.. نواصل ..
المغاربة كما أسلفت ينطقون الثاء تاء، لذلك يقولون (اتارات) ويقصدون الآثار، ونحن السودانيون ننطقها (آسار)، وبمناسبة الآثار نعود بكم الى الرباط، ونحكي لكم عن صومعة (مئذنة) حسان، وسبق أن نوهنا عنها عندما تكلمنا عن صومعة الكتبية في مراكش، وسأسوق لكم نبذة عن صومعة حسان استقيتها من موقع قناة الجزيرة، وقبل ذلك أحكي لكم زيارتنا لها في أبان دراستنا في المغرب، وأذكر كان معي في الزيارة زميلنا وابن مدينتنا الغالية، المدينة الحالمة ود مدني، وابن جزيرة الفيل العريقة، اخينا يوسف نايل، وكان دائماً يلبس كاب فوق رأسه، وعندما وقفنا امام الضريح المهيب لمحمد الخامس، وهو في منطقة صومعة حسان، أمر الحارس -الذي يلبس يونيفورم خاص اشبه باليونيفورم العسكري- اخينا يوسف بخلع الكاب- احتراماً لساكن الضريح- فامتثل يوسف للأمر، وبانت صلعة اخينا يوسف بعد مداراة لزمن طويل..
والتقطنا صوراً تذكارية أمام الضريح، ولا أدري اين هذه الصور الآن، إذا كانت موجودة فهي بالسودان.. ولا تنسو أن عمرها اكثر من ثلاثة عقود.. عموماً استعيض عنها هنا بصور – من غير حضراتنا- للصومعة ولضريح محمد الخامس، الذي يضم الآن رفات الحسن الثاني..
وإليكم مقال موقع قناة الجزيرة، وهو بقلم الحسن سرات:
على رابية تطل على نهر أبي رقراق- الذي يفصل بين مدينتي الرباط وسلا- بالغاً مستقره الأخير بالمحيط الأطلسي، تقع صومعة حسان شامخة في الزمان والمكان، لا يضاهيها في هذه المكانة إلا قصبة الأوداية المقابلة لها والمحاذية للمحيط والنهر.
ولئن ظلت الصومعة مستفردة بهذا المكان، فإن ضريح الملك محمد الخامس أخذ يزاحمها بعد أن بناه الملك الراحل الحسن الثاني ليكون قبرا لوالده، ثم ما لبث الولد أن التحق بأبيه وأخيه الأمير عبد الله ليستقر الثلاثة على بعد أمتار من مسجد لم يكتمل بناؤه، ولو اكتمل لعد أكبر مسجد بالغرب الإسلامي في زمن الموحدين.
جامع عظيم
في العام 593 للهجرة (1197-1198 للميلاد) أصدر مؤسس مدينة الرباط الخليفة الموحدي الثالث يعقوب المنصور أمراً بتشييد "جامع حسان" العظيم على مرتفع مقابل لمدينة سلا مطل على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق وعلى مقربة من مصبه بالمحيط الأطلسي.
ويبلغ طول المسجد 183 مترا، وعرضه 139 مترا، ويبلغ علو صومعته حوالي 44 مترا، ومساحة كل ركن من أركانها المربعة 16 مترا و20 سنتيمترا. أما سمك جدرانها فيبلغ عرضه مترين ونصف، ولها مطلع داخلي ملتو يؤدي إلى أعلى الصومعة ويمر على ست غرف تشكل طبقات.
وقد زينت واجهاتها الأربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر، وذلك على النمط الأندلسي المغربي من القرن الثاني عشر، والتركيب المعماري المكون من الضريح والمسجد والمتحف يكتسي طابع الفن المعماري الإسلامي، إذ انكب أكثر من 600 صانع ومعلم من مختلف الصناعات الأصلية في الإبداع والإتقان على إنجاز الزخارف الرائعة في البنايات الثلاث.
كان المسجد يعتبر يومذاك أكبر مسجد بالعالم الإسلامي بمساحة 26 ألفا و100 متر مربع. لكن انشغال الدولة الموحدية بمشاكل الأندلس وإغاثة السلطان الموحدي لهم من زحف المسيحيين حال دون إتمام المسجد العظيم، حسب عضو جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث محمد جطاري.
وكان يعقوب المنصور قد وضع التصميم الكامل لمدينة الرباط وبنى أبوابها الكثيرة وسورها المحيط لتكون عاصمة له بدلا من مدينة مراكش.
تعرض المسجد للخراب بعد زلزال لشبونة في أول نوفمبر/ تشرين الثاني 1755، وبقي خرابا إلى لحظة بناء الضريح. وكان السلطان المنصور قد بنى منارتين أخريين مماثلتين لصومعة حسان، واحدة في الخيرالدا بالأندلس الموجودة في إشبيلية، والثانية بمراكش المغربية وهي صومعة مسجد الكتبية. و"الصوامع الثلاث توجد في خط واحد من خطوط الطول بالكرة الأرضية".
تتحلى هذه البقعة الإسلامية اليوم بمظهر آخر، إذ قرر الملك الراحل الحسن الثاني في أوائل عام 1961 أن يقام ضريح والده محمد الخامس هنالك. وأهم سبب دعا الحسن الثاني لبناء ضريح والده في ذلك المكان، حسب توضيحات محافظة الضريح للجزيرة نت، هو أن هذا المكان صلى فيه محمد الخامس أول صلاة للجمعة بعد عودته عام 1955 من منفى دام 32 عاما على يد الاستعمار الفرنسي في جزيرة مدغشقر.
وكانت هذه البقعة بعد ست سنوات من ذلك مسرحا للوداع الشعبي الكبير لتشييع جنازته.
آلاف الزوار
يزور الموقع 600 زائر يوميا من سياح مغاربة وأجانب حسب معطيات إدارة الضريح، ويزوره في العطل 10 آلاف يوميا، بالإضافة إلى الزيارات الرسمية للوفود الزائرة للمغرب.
وصار في السنوات الأخيرة نقطة في جدول أعراس أهل مدينتي الرباط وسلا إذ يقصده العرسان لأخذ صور تذكارية لهم ولأهليهم.
الصورة الأولى لصومعة حسان،
http://up.arab-x.com/Mar10/Anb95425.jpg (http://up.arab-x.com/)
، اما الصورة الثانية فهي للضريح من من الخارج
http://up.arab-x.com/Mar10/aRt95425.jpg (http://up.arab-x.com/)
واما الثالثة فهي للضريح من الداخل، ويظهر فيهما قبر محمد الخامس.
http://up.arab-x.com/Mar10/9PX95425.jpg (http://up.arab-x.com/)
والصور منقولة
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
النويري
05-04-2010, 04:13 AM
اخينا يوسف نايل، وكان دائماً يلبس كاب فوق رأسه، وعندما وقفنا امام الضريح المهيب لمحمد الخامس، وهو في منطقة صومعة حسان، أمر الحارس -الذي يلبس يونيفورم خاص اشبه باليونيفورم العسكري- اخينا يوسف بخلع الكاب- احتراماً لساكن الضريح- فامتثل يوسف للأمر، وبانت صلعة اخينا يوسف بعد مداراة لزمن طويل..
الصورة بتاعتكم يا أستاذ بالكاب ولا بدون كاب عشان نعرف
تخريمة البوست دا أنا فيه عشان فيه مريخاب ههههههههههههههه
تخريمة تاني : البلد دي ما لها نظيفة كده وبلدنا من العجاج ما بتقدر تأكل سندوتش وكلها ما مسفلتة
واصل يا أستاذ ونحن معاك
اخينا يوسف نايل، وكان دائماً يلبس كاب فوق رأسه، وعندما وقفنا امام الضريح المهيب لمحمد الخامس، وهو في منطقة صومعة حسان، أمر الحارس -الذي يلبس يونيفورم خاص اشبه باليونيفورم العسكري- اخينا يوسف بخلع الكاب- احتراماً لساكن الضريح- فامتثل يوسف للأمر، وبانت صلعة اخينا يوسف بعد مداراة لزمن طويل..
الصورة بتاعتكم يا أستاذ بالكاب ولا بدون كاب عشان نعرف
تخريمة البوست دا أنا فيه عشان فيه مريخاب ههههههههههههههه
تخريمة تاني : البلد دي ما لها نظيفة كده وبلدنا من العجاج ما بتقدر تأكل سندوتش وكلها ما مسفلتة
واصل يا أستاذ ونحن معاك
النويري
شكرا لتواصلك الدائم مع البوست
تخريمة: آآآآآه، اتاري مدنية كانت مهتمة بيهو عشان هي مريخابية!!! لكن يا ربي هسه بقت هلالابيه واللا شنو؟
تخريمة تاني: البلد نظيفة لانو الفرنسيين علموهم النظافة قبل ما يمشو، وكمان ما جنبهم صحراء تقوّم ليهم الهبوب والغبار.. بعدين البلد اما شوارع مسفلتة، او مساحات خضراء ومشجرة، او بيوت مبنية.. الغبار يجي من وين؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
ود الجاك مالو ما بيكتب بلون مريخ العزة ؟ ( المديدة حرقتني )!!
ود الجاك قبل مريخ العزة مع سيد الأتيام ( أهلينا أرجنتينا )
وتبقى جزيرة الفيل في القلب إنتماء ومعزة وعشق خرافي
مشاققة : مديدتك باردة يا أستاذ عمر الظاهر كبيت ليها سمن بلدي
مشكور على هذا السرد الجميل
وتحياتي لك وللأخ يوسف نايل ولكل الذين ورد ذكرهم في هذا البوست
والرحمة والمغفرة لكل من رحل منهم عن هذه الفانية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
ود الجاك قبل مريخ العزة مع سيد الأتيام ( أهلينا أرجنتينا )
وتبقى جزيرة الفيل في القلب إنتماء ومعزة وعشق خرافي
مشاققة : مديدتك باردة يا أستاذ عمر الظاهر كبيت ليها سمن بلدي
مشكور على هذا السرد الجميل
وتحياتي لك وللأخ يوسف نايل ولكل الذين ورد ذكرهم في هذا البوست
والرحمة والمغفرة لكل من رحل منهم عن هذه الفانية
تعيش يا محمد النور..
ويوسف نايل بعد عودته من المغرب عمل كمدير شئون موظفين في الري- مدني، وبعد ذلك هاجر الى الكويت، وبعد غزو الكويت رجع للسودان، واخيراً عرفت انه في قطر، وقد عرف عن وجودي في السعودية وعن هاتفي من موقع ود مدني.. طبعاً اكيد اخباره معاك اكتر مني، لانو من جزيرة الفيل
مشكور أستاذنا عمر غلام
كانت مدني وما زالت وستظل تُنبت الإبداع كل مناخاتها
واصل بلا فواصل
مشاققة : الله يستر عليك من لسان مدنية يا أستاذ عمر
مااتخيلتك تحكيها يااستاذ
غايتو جنس غايتو يالفاضل ساااانتو
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشاققة : الله يستر عليك من لسان مدنية يا أستاذ عمر
لسان مدنية مالو ياود الجاك :(:(:(:(
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
لسان مدنية مالو ياود الجاك:(:(:(:(
مريخابي على السكين :):):):)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
مشكور أستاذنا عمر غلام فقد جعلتنا نعيش معك تلك الذكريات
وكأننا زملاء لك في تلك الجامعة
وما أجمل الذكريات التي تختلط بالدموع وما أغلى دموع الرجال لأنها نادرة السقوط
واصل ونحن في الإنتظار
والرحمة والمغفرة للفنان القامة : عثمان حسين
الشكر ليكم على متابعتكم لي
فعلا ما أجمل الذكريات
أخي عمر سبقتني هذه المرة جاء تعقيبي لقديم بعد جديد
أطل علينا بلون زينب تتقاطر منه حبيبات المطر
وتخرج منه حنجرة الراحل عثمان حسين
كأزيز المشاعر والعواطف الحبيسة
ولا وحبك لن يكون آخر ردودي
لي عودة معك ...
أخوك أبو الخاتم ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الخاتم
أخي عمر سبقتني هذه المرة جاء تعقيبي لقديم بعد جديد
أطل علينا بلون زينب تتقاطر منه حبيبات المطر
وتخرج منه حنجرة الراحل عثمان حسين
كأزيز المشاعر والعواطف الحبيسة
ولا وحبك لن يكون آخر ردودي
لي عودة معك ...
أخوك أبو الخاتم ..
والله يا ابو الخاتم كلامك درر
حاقرا بس.. ما اقدر ازيد
الاخ عمر غلام الله تعرفنا عليك من خلال هذا البوست اكثر وانت الاديب الذي لا يشق له غبار تعلمنا منك الكثير وبالرغم من ان زمني لا يسمح لي خصوصا في هذه الايام بمتابعة المنتدى وذلك نسبة لظروف الامتحانات بالكلية والتي بحكم منصبى انا مقرر للجنة الامتحانات ولكن لم استطع ان اترك التداخل وقراءة هذه التحفة التى تزداد القا مع كل اطلالة . الاضافة المهمة الى هذا البوست ظهور الاخ ابو الخاتم والذي احسب ان عثوره على البوست كان متاخرا ونتمنى ان يداوم على المداخلات الرائعة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الممتن
الاخ عمر غلام الله تعرفنا عليك من خلال هذا البوست اكثر وانت الاديب الذي لا يشق له غبار تعلمنا منك الكثير وبالرغم من ان زمني لا يسمح لي خصوصا في هذه الايام بمتابعة المنتدى وذلك نسبة لظروف الامتحانات بالكلية والتي بحكم منصبى انا مقرر للجنة الامتحانات ولكن لم استطع ان اترك التداخل وقراءة هذه التحفة التى تزداد القا مع كل اطلالة . الاضافة المهمة الى هذا البوست ظهور الاخ ابو الخاتم والذي احسب ان عثوره على البوست كان متاخرا ونتمنى ان يداوم على المداخلات الرائعة .
العزيز الممتن
أسأل الله أن يعينك في وظيفتك، وأرجو أن نتقابل في الخرطوم او مدني، فأنا مسافر الليلة- إذا تأكد حجزي- ويمكنك الاتصال بشقيقي قمر الدولة لمعرفة مكان تواجدي، ولاعطائه رقم هاتفك لاتواصل معك، وسأرسل لك الأرقام على بريدك..
شكرا للكلمات الطيبة في حقي، وابو الخاتم جعل للبوست رونقاً وزاده ألقاً كما تفضلت، فله ولك ولكل المتداخلين خاصة محمد النور ومدنية كل تحية ومودة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الممتن
الاخ عمر غلام الله تعرفنا عليك من خلال هذا البوست اكثر وانت الاديب الذي لا يشق له غبار تعلمنا منك الكثير وبالرغم من ان زمني لا يسمح لي خصوصا في هذه الايام بمتابعة المنتدى وذلك نسبة لظروف الامتحانات بالكلية والتي بحكم منصبى انا مقرر للجنة الامتحانات ولكن لم استطع ان اترك التداخل وقراءة هذه التحفة التى تزداد القا مع كل اطلالة . الاضافة المهمة الى هذا البوست ظهور الاخ ابو الخاتم والذي احسب ان عثوره على البوست كان متاخرا ونتمنى ان يداوم على المداخلات الرائعة .
الأخ الرائع الممتن والأخ الرائع / عمر لكما حبيباي ..
حبي وولائي ووفائي ودعائي .. وصدقوني أحببتكم في الله وبالله ولله ..
ما أروعكما أخواي وما أروع هذا الطيب المعتق والنبض الأنيق ..
والذوق يا أهل الذوق والجمال الممذوج برائحة الدعاش
والمغسول بحبيبات المطر قبل البوح به
والمجمل بقاماتكم السمحة روعة وألقاً وجمالاً ..
والمتوسد هذا المنتدى والملتف حوله إلتفاف الثوب بالخاصرة
وصلوا على نبيكم محمد ورددوا معي قول الصوفي الوله ..
في كل حين لنا بالمصطفى أمل *** حتى إذا حانت الإسراء يسرينا
وفي كل حين لي بكم آمال وعشق لهذا الجمال البوست الرائع
والذي رسمت فيه ريشتي صوركم ولونتها ثم غنت لها
معكم ورددت كل ألحان الجمال والروعة والعشق ...
من خلال الكلام والنضم الحلو .. ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة ..
صدقوني مجرد دخولي النت أمر على البوست حيث أتكي على خواطري وأتوسدها
ثم أنظر لما بعده حتى لو كان يخصني ..
أسأل الله لك أخي الممتن النجاح .. وأدعو أخي بدعاء الرسول الأمين
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن سهلاً بإذنك يا الله
وتصحبك أخي عمر السلامة في الحل والترحال
ونسأل الله لك سلامة الوصول والعود الأحمد
وتحياتي الخالصة لمحمد نور ومدنية فهما اللذان ..
يكملان الحلقة ويضعا ألوانها الزاهيات.. ويا عمر ما تسأل مدنية تاني تقول ليها
رأيك في اللون دهـ شنو.. فهي صاحبة الذوق والألوان وكل طيوف الجمال ..
ولا يفتأ ومالك بالمدينة كما جاء في الأثر ..
آخر تعديل أبو الخاتم يوم 24-07-2008 في 08:21 am.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
مااتخيلتك تحكيها يااستاذ
غايتو جنس غايتو يالفاضل ساااانتو
اسوي شنو؟ انا وعدت الناس بسرد كل الحكاوي، حتى الحكاوي المضحكة دي لازم اسردها.. مالو كيشه كيشه، لا بعرف العب كوره ولا بعرف في امور الكوره.. كفاية ولدي حسن، بيعرف كل شئ حتى ناس بيكام وزيدان ومنو داك بتاع الارجنتين، ورونالدينو ورنالدو (الأسماء دي عرفتها منو هو)، وكمان بعرف فيصل العجب واللا هو هيثم العجب، وبعرف القحطاني والجيزاني وكل الأهلاويين والاتحاديين والنصراويين.. فحقو تعتبروني بعرف (على قولة سيدنا عمر بن الخطاب: أنت ومالك لأبيك)..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
فيصل العجب واللا هو هيثم العجب،
استاذ عمر
جادي ولا مزحة دي
غايتو دي لو شافها رضا حسن بزعل جنس زعل
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
استاذ عمر
جادي ولا مزحة دي
غايتو دي لو شافها رضا حسن بزعل جنس زعل
العتب على ولدي، ما حفظني ليهم كويس.. غايتو فيي فيصل وفيه هيثم، واظنو باقي الاسم العجب، وطمبل، شكوها انتو ووزعوها زي ما عايزين..
وهو رضا حسن مريخابي واللا شنو؟
طبعاً اكيد انا ما عارف الاتنين ديل بيلعبوا في الهلال واللا في المريخ، لكن متأكد انهم بيلعبوا في السودان!!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
استاذ عمر
جادي ولا مزحة دي
غايتو دي لو شافها رضا حسن بزعل جنس زعل
دي رضا حسن ممكن يطلق فيها بت دبلوك
قال ليك واحدة راجلا هلالابي على السكين جاب ليها توب جديد
قال ليها أها كيف التوب ؟ قالت ليهو : زي العجب
قال ليها طلقانة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohalnour
دي رضا حسن ممكن يطلق فيها بت دبلوك
قال ليك واحدة راجلا هلالابي على السكين جاب ليها توب جديد
قال ليها أها كيف التوب ؟ قالت ليهو : زي العجب
قال ليها طلقانة
أها يا مدنية، عرفت انو فيصل العجب مريخابي!!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 114
أها يا مدنية، عرفت انو فيصل العجب مريخابي!!
جد ما قصرت يااستاذ
لكن في سؤال يجول في خاطري
زمان لما كنتم تلاميذ وهم بلعبوا الدافوري
انت كنت بتعمل شنو ؟؟؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدنيّة
جد ما قصرت يااستاذ
لكن في سؤال يجول في خاطري
زمان لما كنتم تلاميذ وهم بلعبوا الدافوري
انت كنت بتعمل شنو ؟؟؟
كنت بقعد في الضل، او في البيت اقرا القصص، او امشي لاصحابي الزيي ما عندهم غرام في الكوره.. مع اني جربت العب كوره لكن لعبي ما عجبهم فبقوا ما بيقسموني الا آخر زول، واحيانا يتم التقسيم ويكتمل العدد ويخلوني بره.. دي كرهتني في الكوره وناس الكوره.. يعني هم السبب يا مدنية!!
(الدور جاء على اللون الأزرق، اضطريت افطو عشان مدنية ما تزعل
الانتقال للحي الجامعي السويسي الثاني
نواصل ..
قدمنا طلب لإدارة الحي الجامعي السويسي الثاني وبعد انتظار وصلتنا الموافقة، ولكن كانت الغرفة الممنوحة لي غرفة جماعية، اي بها 8 سرائر، كل سريرين فوق بعض، اي دورين، وهناك بعض الغرف الجماعية ولكن بها 6 أسرة، أيضاً دورين، ولكن المحظوظين هم من يسكنون في غرفة بها فقط سريرين منفردين (مش فوق بعض)، وانتقلت من الحي الجامعي مولاي اسماعيل الى هذا الحي الذي (كان) يقع في اطراف الرباط، وكان ما حوله خلاء تنبت فيه ازهار الربيع والحشائش، لا يسقيها إلا المطر.. ولولا وجود المطعم في الحي الذي يجاوره (الحي الجامعي السويسي الأول)، ولولا وجود الكافتيريا فيه، وكذلك عدد من البراكات (شرحتها سابقاً) حوله، لتعبنا في الأكل والشرب والحصول على الاحتياجات البسيطة .. فقد كان اقرب عمران فيه بقالات ومطاعم يبعد عنا مسيرة مواصلات، وكان الحي قريباً الى حد ما من مستشفى بن سينا – وهو اكبر مستشفى حكومي في الرباط- وفيما بعد بنيت كليات بجوار هذا الحي.. لكن كنا نذهب الى كلية الحقوق بحي أكدال او الى معهد المغرب الكبير في حي المحيط بالحافلات..
كان يجاور هذان الحيان، حيان آخران، احدهما الحي الجامعي الخاص بالمعهد الزراعي، والثاني خاص بمعهد الإحصاء، أما الحيان السويسي الأول والثاني فقد كان لكل طلاب كليات جامعة محمد الخامس، السويسي الأول كانت أجنحته الخمسة كلها مخصصة للاولاد، السويسي الثاني به اربعة اجنحة مخصصة للأولاد والخامس مخصص للبنات، وغير مسموح للزيارة من الجانبين.. اما بالنسبة للحي الخاص بالمعهد الزراعي فليس هناك تخصص في الأجنحة، بل التخصص في الغرف فقط، اي هذه الغرفة مخصصة للأولاد وتلك مخصصة للبنات، وإدارة الحي لا تتدخل إذا أصحاب الغرف شكوها ووزعوها تاني، يعني لو جابت الشكة الدامه مع الولد والولد مع الدامه فهذا شأنهم.. لذلك غار طلاب معهد الإحصاء وأعلنوا الاضراب لمدة اسبوع من اجل مطالبهم (العادله) بالسماح بالزيارات المتبادلة بين الأولاد والبنات في غرفهم!!! فاستجابت ادارة الحي لمطالبهم ولكن سمحت فقط بزيارة البنات لغرف الأولاد، وليس العكس!! واستغربت لهذه العنصرية والتفريق في المعاملة، ولكن عذرت ادارة الحي لهذا التفريق في المعاملة عندما زرت اصدقاء لي من طلاب الإحصاء، فوجدت أن كل طالب له غرفة لوحده!! شفتو البرجوازية دي كيف؟ لكن الحمامات مشتركة، والحمامات (الدوش) ليس بها أبواب!! يعني معاهم حق ما يسمحوا للبنات بزيارة الأولاد في غرفهم!!
في الغرفة الجماعية وجدت ستة مغاربة وفلطسيني.. لأول مرة التقي بفلسطيني، وللأسف كان سيئاً للغاية، وكان يكرهني لأنني أؤدي الصلاة !! وعندما تمادى- وأنا كنت أترفع عن الرد عليه- رد عليه أحد الزملاء المغاربة وقال له: أراك تحمل على عمر، لماذا؟ وبعدها لم يتكلم معي حتى رحل من الغرفة، وكان يقول لأحد الزملاء السودانيين أنه فقط يؤمن بالقضية الفلسطينية، بمعنى انه لا يؤمن بالله، لا حول ولا قوة الا بالله، وقد ذكر له ايضاً انهم (في منظمة فتح) يخططون لقتل النميري والملك فيصل.. فقال له محمد السماني عبد الرازق: عايزين تمشو للأسد في عرينو؟
أحد المغاربة- وكان يدرس في كلية الطب- أصبح صديقي، رغم انه انتقل بسرعة من تلك الغرفة الجماعية، إلا أنه ظل صديقي حتى هذه اللحظة! إنه مصطفى محفوظ من ابناء مدينة تطوان، وتطوان تلك إحدى المدن التي كان مستعمرة من قِبل اسبانيا، لذلك كانت محافظة الى حد كبير مقارنة ببقية المدن المغربية التي كان مستعمرة من قِبل فرنسا.. ومصطفى الآن بروفيسور جراحة العظام بكلية الطب بجامعة محمد الخامس، ودكتور في مستشفى بن سينا بالرباط، وقد عرفني ببعض ابناء تطوان منهم الأمين بوخبزه، وهو أيضاً دكتور في الفلسفة، وحالياً عضو البرلمان المغربي..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
حمداً لله على السلامة أستاذنا عمر غلام
بعد غيبة طويلة عن هذا البوست
الغريبة حتى الفلسطينين في السعودية هنا ما محبوبين من الأجانب
منتظرين بقية الحكايات
اقتباس:
حمداً لله على السلامة أستاذنا عمر غلام
بعد غيبة طويلة عن هذا البوست
الغريبة حتى الفلسطينين في السعودية هنا ما محبوبين من الأجانب
منتظرين بقية الحكايات
العزيز محمد النور
الله يسلمك
واشكرك على متابعتك وعلى اهتمامك
ده كان اول فلسطيني، وكان سيئ، والغريبة التاني قابلتو في اسبانيا وكان أسوأ.. سأحكي لكم قصته عندما اصل اسبانيا..
ودمت، وسأكمل بقية الحكايات
مرحبا الاخ عمر بعودتك الينا بسلاسة الاسلوب والتسلسل الذي جعلنا نعيش معك كأننا في المغرب
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الممتن
مرحبا الاخ عمر بعودتك الينا بسلاسة الاسلوب والتسلسل الذي جعلنا نعيش معك كأننا في المغرب
شكرا اخي الممتن على متابعتك وتشجيعك الدائم لي، وبوركت اخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله ... وبعد ..
الأخ الأستاذ والقانوني و الرحالة والمستكشف وطالب العلم ...
عمر حسن غلام الله 114
لك التحية .. لو درست بالنيل الأزرق كانت أقرب لــ 114من مدني الثانوية
ثم على الأقل كنا عرفناك لكن الحين ما راح شيء ... عمر الإمام النور
كان رئيس داخليتي بالمرحلة المتوسطة .. وهم قدامنا بدفعتين .. لك وله التحية ..
لنعود لرحلات وحديث المغرب ...
تقول الحكمة من جهل شيء عاداه .. كنت أمر على البوست مرور الكرام
لا لجهل مني .. لكن لضيق الزمن قرأت بدايات الموضوع ولروعته قلت لا زم
يا ولد تقرأ برواقة حتى تستفيد أولاً وتتعرف ثانياً وتستكشف ثالثاً ..
ومعذرة فأنا لا أعرف القراية الكلفتة ولا أعرف مثلاً أن أقرأ لفلان لأنو بعرفو
أو لأنو ولد حلتنا كما يفعل الكثيرون في هذا المنتدى ... وهذا لعمري يناقض
روح المعرفة وأدبيات الكتابة والصحافة معاً ..
ما قرأته أخي شيء رائع وبديع دون مجاملة .. ومن بداية مطالعتي للبوست
التمست صدق الرواية .. وهذا هو المهم وجمال الأسلوب والسرد الشيق الجاذب
وتنبيه القاريء وتشويقه ، ثم قيمة وكمية المعرفة .التي أوردتها .. أقاليم المغرب مثلاً اللغة ..
التاريخ المغربي .. الجغرافية .. ثقافة الشعوب .. والفنون .. والغناء ... الأكل .. الاجتماعيات ..
الخ من الأسطر الرائعة والحكايات النادرة .. و يمكن أن يندرج هذا العمل في
ما يسمى بأدب الرحلات .
ما أود طرحه من سؤال .. دوماً عندما تقابل شخص مغربي ويحدث لك معه تعارف وإلفة ...
يسألك عن دكتور عبد الله الطيب هذا بالطبع لو كان إنسان مستنير أو متعلم .. ونحن نعلم أنه
عمل بجامعة فاس بالمغرب ما قلتنا عنه ..
ثانياً : كل الذين يسافرون للمغرب لم يدرسوا خلاف القانون ؟
ثم استغربت لقصتك مع الفاضل سانتو والله بالغت يا أخي هو عليك الله في زول في مدني
ما بعرف ناس كورة زمان خاصة الفاضل سانتو المايسترو ..
لك الشكر وواصل هذا السرد الرائع والجميل ..
ونحنا عايزين نصل معاك ... آسيا ثم نعود لأفريقيا مرة أخرى
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الخاتم
السلام عليكم ورحمة الله ... وبعد ..
الأخ الأستاذ والقانوني و الرحالة والمستكشف وطالب العلم ...
عمر حسن غلام الله 114 لك التحية ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأشكرك جزيل الشكر على وصفك الجميل لشخصي الضعيف، واشكرك جزيل الشكر على مرورك الكريم وعلى مداخلتك الرائعة..
اقتباس:
لو درست بالنيل الأزرق كانت أقرب لــ 114من مدني الثانوية ثم على الأقل كنا عرفناك لكن الحين ما راح شيء ... عمر الإمام النور كان رئيس داخليتي بالمرحلة المتوسطة .. وهم قدامنا بدفعتين .. لك وله التحية ..
بالفعل كانت النيل الأزرق الأقرب لبيتي، لأنه لا تفصلها عنه سوى مدرسة شدو، وقد كانت النيل الأزرق حديثة نسبياً، فقد كانت الدفعة التي قبلنا هي الدفعة الأولى التي تدرس بتلك المدرسة، فقبل ذلك العام كانت المدرسة هي المعهد العلمي (ديني)، ثم تحولت بعد ذلك لمدرسة ثانوية.. وقد كان كثير من دفعتي بالأهلية أ قد التحقوا بالنيل الأزرق ومنهم صديقي عبد الواحد محمد احمد والذي كان أول الشهادة الابتدائية في العام 1967م، ويبدو لي ان عمر الامام درس المتوسطة بالمدينة عرب او شئ من هذا القبيل، لك وله التحية..
اقتباس:
لنعود لرحلات وحديث المغرب.. تقول الحكمة من جهل شيء عاداه .. كنت أمر على البوست مرور الكرام لا لجهل مني .. لكن لضيق الزمن قرأت بدايات الموضوع ولروعته قلت لا زم يا ولد تقرأ برواقة حتى تستفيد أولاً وتتعرف ثانياً وتستكشف ثالثاً ...
دائماً ضيق الزمن يحرمنا من اشياء قد لا نعرف قيمتها الا بعد فوات الأوان.. ولو لاحظت فأنا احياناً اتوقف عن الكتابة لأكثر من شهر في بوستاتي نفسها، فما بالك ببوستات الآخرين.. فهذا زمن السرعة والـ Fast food وعصر ما بعد الكونكورد.. الله يدينا خيرو ويكفينا شرو..
ونتمنى أن تستفيد بالفعل من ونستي دي، وتتعرف على بلاد المغرب وغيرها من بلاد العالم..
اقتباس:
ومعذرة فأنا لا أعرف القراية الكلفتة ولا أعرف مثلاً أن أقرأ لفلان لأنو بعرفو أو لأنو ولد حلتنا كما يفعل الكثيرون في هذا المنتدى ... وهذا لعمري يناقض روح المعرفة وأدبيات الكتابة والصحافة معاً ..
لقد عانيت في منتديات اخرى شهيرة من مسألة التكتلات تلك، فإذا احس الأعضاء انك ليس من شلتهم او انك لا تمشي على هواهم قتلوا لك بوستك، والأصح انهم قتلوا في أنفسهم الرغبة في المعرفة، وفوتوا فرصة قد لن تمر عليهم كثيراً، ولكن يظل البوست موجوداً، وقد تستفيد منه اجيال اخرى..
اقتباس:
ما قرأته أخي شيء رائع وبديع دون مجاملة .. ومن بداية مطالعتي للبوست التمست صدق الرواية .. وهذا هو المهم وجمال الأسلوب والسرد الشيق الجاذب
وتنبيه القاريء وتشويقه ، ثم قيمة وكمية المعرفة .التي أوردتها .. أقاليم المغرب مثلاً اللغة ..التاريخ المغربي .. الجغرافية .. ثقافة الشعوب .. والفنون .. والغناء ... الأكل .. الاجتماعيات .. الخ من الأسطر الرائعة والحكايات النادرة .. و يمكن أن يندرج هذا العمل في ما يسمى بأدب الرحلات .
اشكرك كثيراً على رأيك في بوستي، والحمد لله ان وجدت فيه شئ يفيد
اقتباس:
ما أود طرحه من سؤال .. دوماً عندما تقابل شخص مغربي ويحدث لك معه تعارف وإلفة ... يسألك عن دكتور عبد الله الطيب هذا بالطبع لو كان إنسان مستنير أو متعلم .. ونحن نعلم أنه عمل بجامعة فاس بالمغرب ما قلتنا عنه ..
سأحكي لكم عن المرحوم البروف عبد الله الطيب لاحقاً، فأنا ما زلت بالسنة الأولى، وهو وصل للمغرب ونحن في السنة الثالثة، وشهرته في المغرب ليس لأنه درّس بفاس، ولكن لأنه كان يلقي محاضرات أدبية في الرباط، وكذلك لحضوره فيما بعد- بعد مغادرته للمغرب- الدروس الحسانية الرمضانية التي كان يقيمها الراحل الحسن الثاني، وواصلها الملك محمد السادس بعده..
اقتباس:
ثانياً : كل الذين يسافرون للمغرب لم يدرسوا خلاف القانون ؟
غالبيتهم درسوا الحقوق، السواد الأعظم درسوا علوم سياسية، وعمر الامام وسيف الدولة ونفر قليل درسوا القانون البحت، وقليل جداً درسوا الآداب مثل صديقي محجوب البيلي وطلحه جبريل، واثنان او ثلاثة حاولا دراسة الطب ولم يوفقوا فيه، وواحد حاول دراسة العلوم ولم يوفق (الطب والعلوم بالفرنسي)، وبعضهم درس الحقوق ودرس معها المدرسة الإدارية العليا، وبعضهم درس الحقوق ودرس معها الصحافة.. والسبب ان الدراسة التي باللغة العربية هي في كلية الحقوق (سياسة وقانون) وكلية الآداب بكل تخصصاتها وكذلك الصحافة والإدارية.. ويبدو أن الحقوق كانت الأجدى في ذلك الزمان..
اقتباس:
ثم استغربت لقصتك مع الفاضل سانتو والله بالغت يا أخي هو عليك الله في زول في مدني ما بعرف ناس كورة زمان خاصة الفاضل سانتو المايسترو ..
ما انت براك الاستغرب من القصة دي، لهسي الجماعة بيضحكوا علي فيها، بالفعل انا في الكورة صفر على الشمال..
اقتباس:
لك الشكر وواصل هذا السرد الرائع والجميل... ونحنا عايزين نصل معاك ... آسيا ثم نعود لأفريقيا مرة أخرى ..
آسيا لسه بعيدة، قبلها اوروبا، والظاهر القعده حتحلو بوجودكم..
كل تحياتي وودي لك..
أخي عمر (سلام قولاً من رب رحيم) وبعد /
عزيزي لك خالص شكري .. فأنا ما زلت أقف معك عند هذه البوابة الرائعة ..
المطلية بألوان متعددة وزاهية وجميلة ... لأني أحببتك في الله .. والحمد لله نحن أناس حب البشر
لدينا مادة ندرسها في البيت .. وكأني بك تربط أمتعتك وتعد حقائبك إيذاناً بالسفر .. وهذه المرة إلى
بلاد الصقيع والفرنجة ...
وأقول لك أن مابين (العزازة) و( 114 ) من مسافة قد تجاوزتها معي أخي بهذا الكم الهائل من الود
والإلفة والطيبة والأريحية والسفر والرفقة .. وبهذا الترحاب والود آمل أن أواصل معك ..
والكلام الزين أكيد بجي منك ...
تعلم أخي أن هذا الموضوع يستدعي الخواطر لما فيه من الجاذبية والبعد .. ووتداعى نحوه الذكريات والرؤى ..
ثم أني ما وددت بهذه المداخلة أن أضيف شيئاً لثقافتك ومعرفتك في السفر والترحال ..
لأنك أدرى ولو كنت خلاف ذلك لما حقبت أمتعتك وبريت سن قلمك وطفقت تحكي حتى كلت منك
الأصابع وقاص قلمك وسط دواة الحبر .. وتعلم أخي أن الله سبحانه وتعالى قد خص صنفين من
مخلوقاته بالسفر والتسفار والرحلات أولهما ابن آدم حيث تفضيل العقل .. وثانيهما الطير ..
وطيور مهاجرة
سربها كل عام يصدر
هل قضت موسماً رائعاً بالورق؟
أم تصدت لرحلتها بائتذان؟
وهي كالطير كالسحب
ليس لها من لجام
تعبر النهر والقفر
وتقيم وما من مقام
ريثما تنطلق
وحيد غريب في غربتو
حريان إكفكف دمعتو
ولهان إغالب لوعتو
واتمنى بس لي أوبتو
طال بيهو الحنين فاض بيهو الشجن
واقف إردد من زمن ..
أما ابن آدم فتعلم فوائد السفر الخمس فانطلق بداية بالمغرب مع الوفد إياه وهذه فائدة ودرس وتعلّم
وهذه أخرى ، وعرف لغات قوم فهذه ثالثة ، وطلع الفلس وهذه رابعة وعاشر الناس وخالطهم ،
وعرف لغاتهم حتى أمن شرهم وجلب خيرهم ... فهذه هي الخامسة ...
تعلم أخي أن في لغة القرآن العظيم الدعوة للسفر .. فقال على لسان نبي الله إبراهيم عندما شتم قومه ووبخهم على
عبادة الأوثان .. إني مهاجر إلي ربي سيهدين ... وعلى لسان آل سبأ : فقالوا ربنا باعد
بين أسفارنا .. .وقال : داعياً وحاثاً البشر (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين) .. وقال في المخلفين
من الإعراب: (لو كان سفراً قاصداً أو غرضاَ قريباً لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة)..
ودوماً تعلم أخي أن مع السفر القصد وهي النية ... وجاء في الحديث .. من كانت هجرته لامرأة يتزوجها
أو دنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه ومن كانت هجرته لله وللرسول فهجرته لله وللرسول ..
فقد سافر معظم الأنبياء إبراهيم وموسى وذو النون وصالح ونوح وداوؤد وعيسى عليهم السلام ..
وهاجر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم من مكة للمدينة ووجد عوضاً للذين فارقهم ..
وجاء في الأثر :
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه *** وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
وفي التأريخ كانت أعظم الهجرات .. هجرات الهنود الحمر .. وهجرات الأفارقة لأمريكا اللاتينية ..
وهجرات الفينيقيين .. والآسيويين .. الخ ...
وحديثاً هجرة السودانيين واليمنيين .. تعرف عندنا واحد مصادق يمني وزولنا النكته في طرفي لسانو ..
مرة قاعد مع اليمني .. اليمني بيمازح فيهو قال ليهو والله يا فلان .. محل تقبل هنا تشوف السودانيين .. وأظن لو رفعت حجر
تحصل تحتو سوداني .. أخونا قال ليهو : المشكلة الحجر يمني ...
تعلم أخي أن مع السفر المشقة والعنت والوداع والدمع .. وسفرك بكره قالوا .. وسافر حبيب الروح .. وسفري السبب لي أذاي
(نسأل الله لك السلامة) ... مع السلامة وطير وأغري السلام لي حبيبي الفي أراضي النيل والله يا قماري البادية ...
ورحلت وجيت في بعدك لقيت كل الأرض منفى ..
ثم أعود معك على ردك الراقي المفصل المموثق الموثق المعتق بالكلام الطيب والحديث الحلو ..
فقد أجبتني واحدة واحدة حتى شفقت عليك ...
مغادرة الداخلية يوم الخميس ميدان شدو ومدرسة شدو المتوسطة 114 نادي الأهلي السوق الجديد المستودعات
الصينية العند مصنع الثلج .. البصات أو اللواري .. ذكريات وانقضت لم يبق غير الذاكرة .. وافترقنا أنا وهذا الطريق ...
114 أستاذ عبد الباقي أستاذي بالمرحلة المتوسطة مهلة والذي لن أنساه أحضره معه
(الزبير تميم الدار ) يرحمه الله ليكون وكيلاً له .. الآن هو مدير مرحلة الأساس بالولاية ..
114 ناسنا ومعارفهم ونسب مع آخرين الحفريات الحي الهادي القريب من كل مكان والقريب
لكل إنسان .. الوحدة في السكن والبناء أكيد النفوس واحدة وحلوة ...
لا تنسى نحن على موعد معك لتحكي لنا عن البروفسير عبد الله الطيب وأيامه بالمغرب والدروس الرمضانية ..
أما حكاية الكورة تاني ما بسألك عنها ..
أخي يفنى الكلام ولا يحيط بفضلكم ..
آمل أن ألقاك ثانية وثالثة ...
لا وحبك لن تكون أبداً نهاية
.. نواصل ..
كانت غرفتنا تطل على خلاء شاسع ملئ بالحشائش والأزهار البرية، خاصة في فصل الربيع الذي يبدأ في مارس، وتهطل الأمطار طيلة فصل الشتاء، ويكون الجو طوال الشتاء ملبداً بالغيوم، بل أحياناً لا نرى غيوماً وسحاباً واضحاً كالذي نراه في السودان في فصل الخريف (مجازاً، وهو في الحقيقة فصل الصيف، فأمطار السودان صيفية، حيث لا يوجد في السودان غير فصلي الصيف والشتاء).. فعندما نطالع السماء فوقنا في الرباط لا نرى غير لون داكن، لا ندري هل هو سحاب ام ضباب! وعندما تهطل الأمطار تظل تهطل بالساعات وأحياناً بالأيام، وهي ناعمة وخفيفة، ونادراً ما تسقط بغزارة او بحبات كبيرة كما يحدث عندنا في السودان.. وغالباً يصحب المطر ضباب، وترى بخار الماء يخرج من الأنف والفم مع التنفس- وهذا ما كنا نراه في الأفلام- وإذا دققت النظر الى اشياء أخرى تخرج من جسمك لرأيت هذا البخار أيضاً، وتفسيره العلمي أن البخار الذي يخرج من الإنسان يكون دافئاً، ودرجة حرارته أعلى من درجة الحرارة الخارجية، فيتكثف بخار الماء بمجرد ملامسته الهواء البارد..
وسأحكي لكم طرفة حدثت لزميلنا كمال شرف، فقد كان يدخن سيجارة وهو واقف في الشارع بانتظار الحافلة، ولاحظ أن السيجارة لا تنتهي، فهو يدخن وهي في حالها لا تنقص، فدقق في طرفها فوجدها قد انطفأت بفعل الشبوره، وهو لم يلاحظ ذلك إذ كان كلما شفط الدخان أخرج من فمه وأنفه البخار المذكور آنفاً، وليس دخان السيجارة كما كان يتوهم..
بعد انتهاء الشتاء ودخول فصل الربيع تطلع الشمس وينتشر الناس في الميادين والخلاء- مثل الذي يطل عليه الحي الجامعي السويسي- فتجد النساء ينشرن غسيلهن فوق الحشائش، بعد أن يحضرنه معهن من البيت حيث لا شمس، ويجلسن يتونسن وحولهن الأطفال يلعبون.. فهم لطول فصل الشتاء يتوقون للشمس، فما إن تظهر لهم في الربيع حتى يبتهجوا بهذا الجو الربيعي وينتشروا تحت أشعة الشمس الهادئة، ليست كشمسنا في السودان التي ترسل دبابيس صغيرة ولكنها حادة لتثقب جلودنا..
يفصل الخلاء الذي أطل عليه من شباك غرفتي بالحي الجامعي عن الحي الرباطي العتيق يعقوب المنصور، وهو حي شعبي عريق، وأرى من على البعد القطار وهو ينطلق متجهاً الى محطة الرباط أكدال.. كان منظراً رومانسياً، حيث الهدوء الشديد، فبالكاد كنت اسمع صوت القطار عندما يمر من هناك.. وكان الهدوء يزداد عندما يخلي الطلاب المغاربة الحي الجامعي في إجازات الربيع او إجازات العيد، فكنت تراني وحيداً أقف على تلك النافذة اتأمل هذا المنظر البديع (سأبحث عن الصور التي التقطتها في تلك الحقبة لعلي اجدها في بيتنا في السودان فأدرجها هنا).. وكانت روعة التأمل تكتمل عندما استمع لأغنية الراحل المقيم عثمان حسين يرحمه الله والتي ألفها الشاعر المرهف حسين بازرعه (لا وحبك)
لا وحبك.. لا وحبك لن تكون أبداً نهاية
لا وحبك يا وحيدي مستحيل أقبل نهاية
إنت عارف نظرتك كانت بداية
وما بتغير حبنا السامي وشاية
*****
كنت من أيام بتسأل عني خلاني وصحابك
وكنت تنظر أصف حسنك وأستجلي شبابك
رحت تغريني بحنانك ومرة تأسرني بعتابك
وقلبي في الحالتين سقيته المر في جنة عذابك
*****
حبنا أكبر من الدنيا وأطول من سنينها
فيه من وطني المسالم أحلى طيبة وأغلى زينة
وفيه من حريتي معنى وغنوة من روحك حزينة
يسعد العشاق صداها وتفرح الدنيا الحزينة
وبرضو يحصل تنسى حبي في النهاية
لا وحبك.. لا وحبك لن تكون أبدا نهاية
كنت أستمع لهذه الأغنية من ذلك المسجل الذي اشتريته من صديقي محجوب البيلي، كان المسجل موضوعاً على طاولة المذاكرة الحجرية، وكنت أقف في النافذة واسرح بعيداً مع هذه الأغنية الجميلة الحزينة.. وحتى هذه اللحظة عندما أسمعها أعود فوراً بذاكرتي الى تلك الأيام والى ذلك الشباك والى ذلك المنظر الذي يطل عليه الحي الجامعي السويسي الثاني.. وأحس بالفعل بأنني هناك الآن.. رغم مضي ثلاث وثلاثون عاماً، اي قرابة ثلث القرن.. فتدمع عيناي.. يالها من ذكريات، ويالها من أيام مضت ولكنها عشعشت في أعماق الذاكرة.. مهما طال بها الزمن فهي تنبلج من حين لحين كبرق في دجى ليلة مطيرة في ود مدني..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
نواصل ..
الحلقة الثلاثون
إمتحان دورة يونيو
جلسنا لامتحان دورة يونيو، وظهرت النتيجة، وتدافعنا- طلاب وطالبات- أمام لوحة الإعلانات بالكلية والتي ألصقت بها اسماء الناجحين، والحمد لله نجحت في الكتابي (3 مواد)، ولم يكن الناجحين من مجموع الممتحنين- ويزيد عددهم على 1500 طالب وطالبة- غير بضع عشرات، وبالتالي أصبحتُ مؤهلاً للجلوس للامتحان الشفوي- بعد شهر- وما أدراك ما الامتحان الشفوي، وكانت 8 مواد على ما أذكر، وطبعاً تقعد قدام الأستاذ او الدكتور ويلقي عليك الأسئلة، وفين وفين لما راسك تجّمع المعلومات وترتبها وتقولها، لذلك كانت اصعب امتحانات هي امتحانات الشفوي، وظهرت نتيجتها والحمد لله نجحت..
ودخلنا في الإجازة الصيفية، وكان لابد من الرجوع للوطن في هذه الإجازة، لأننا في شوق رهيب للأهل وللوطن العزيز، وطلبت من أهلي إرسال تذكرة سفر على الخطوط السودانية (روما- الخرطوم) فقط، وعلى ما أذكر كان ثمنها عامذاك 40 جنيهاً وكانت في وقتها تساوي هذه الأربعون جنيهاً حوالي 120 دولار.. كانت رخيصة بالجنيه وبالدولار أيضاً، وكان الدولار يساوي 33 قرشاً، فقد اشتريت دولارات واصدرت ترافلر شيك (شيكات سياحية) بحساب 33 قرشاً للدولار حينما سافرت من الخرطوم للمغرب في نوفمبر 1975م، وكنا في المغرب نحسب الدرهم ريال (عشرة قروش) والعشر سنتيمات كنا نحسبها قرش، والخمسة سنتيمات تعريفه..
قد تتساءلون لماذا تذكرة من روما الى الخرطوم وليس من الرباط او الدار البيضاء الى الخرطوم!! ذلك أنني فكرت أن اسافر الى روما بالقطار!! قلت اتفسح شويه واشوف – ولو على الطائر- تلك القارة الجميلة التي تسمى أوروبا.. تصوروا من الدار البيضاء الى روما بتذكرة قطار واحدة.. تقدم.. تطور.. وفي أواسط السبعينات؟؟!! بالفعل قطعت تذكرة (الدار البيضاء- روما) بمبلغ 360 درهم (يعني 36 جنيه بحسابنا)..
وكان لابد من استخراج تأشيرة لاسبانيا ولفرنسا ولايطاليا، وقد تقدمت لسفارات تلك الدول، والحمد لله كلهم اعطوني التأشيرة بدون تعقيد- الدنيا كانت بخير زماااااااااان- بعد دفع الرسوم، والتي كانت معقولة أيضاً، طبعاً احتجت لتأشيرات هذه الدول لأنه لابد من المرور عبر اسبانيا وفرنسا للوصول الى ايطاليا للإقلاع منها الى الخرطوم، طبعاً كانت الخطوط السودانية تصل الى روما والى لندن، وكانت روما اقرب محطة للمغرب، أيام عز الخطوط الجوية السودانية (سودانير) وطائراتها البوينج 707 ، وكانت طائرتين تسميان Blue Nile و White Nile..
بعد أخذ التأشيرات، اشتريت بعض الهدايا للأهل وبعض الملابس لشخصي ومستلزماتي الشخصية، وكذلك بعض المأكولات للسفر بالقطار، مثل الجبن والساردين، طبعاً المغرب ما فيها طحنيه، وإلا كان اهم شئ الطحنية في السفر.. الطحنية كانت من ضمن عفشنا حين العودة من السودان الى المغرب.. وطبعاً شراء المأكولات من المغرب الأرخص سعراً من اوروبا، وكذلك لتفادي أكل المحرمات في أوروبا..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
</B></I><!-- / message -->
الحلقة الثلاثون
نواصل ..
<MCD c="U" />مضيق جبل طارق<MCD c="/U" />
ركبت القطار المغربي الفاخر جداً (بالمقارنة مع القطارات الأوربية الفاخرة، فهو بالفعل فاخر جداً) من الدار البيضاء او من الرباط- لم اعد اذكر، لكن الغالب من الدار البيضاء، رغم ان القطار لابد ان يمر بالرباط- وكان القطار مريحاً وجميلاً وجديداً وفخماً، وكان الركاب بعضهم مغاربة وبعضهم خواجات، وكان سريعاً جداً..
ووصلنا الى طنجة، وكانت محطة القطار بجوار الميناء، فأخذنا حقائبنا وتوجهنا الى السفينة الراسية على ميناء طنجة، وتسابق الناس يصطفون أمام السقالة التي تتصل بالسفينة، وتسابقت معهم، ولا ادري لماذا يتسابقون، فالكل سيركب، واستغربت هذا الفعل من الخواجات، وعندما اصطف الناس- نساء ورجالاً- كان يضغطون بعضهم البعض نتيجة التدافع، والحمد لله أنه لم تكن تقف امامي أنثى..
ركبنا الباخرة، وكانت عبّارة – اي باخرة ركاب- وبعد ان استقررنا داخلها بالكراسي المصطفة على مساحة واسعة كالمسرح او كالقاعة الكبيرة.. وأبحرت بنا الباخرة عبر مضيق جبل طارق، وإليكم بعض المعلومات عنه استقيتها من مواقع عدة، فهذا المضيق البحري يقع بين شبه جزيرة إيبيريا من الشمال والساحل الإفريقي من الجنوب، ويصل بين مياه المحيط الاطلسي ومياه البحر الأبيض المتوسط، وعلى شواطئ المضيق تقع كل من المغرب واسبانيا ومنطقة الحكم الذاتي جبل الطارق البريطانية، وسمي بذلك لأن القائد طارق بن زياد قد عبره في بداية الفتح الاسلامي لاسبانيا عام 711 م، وقد تحرف لفظ الاسم في اللغات الأوروبية حيث يسمى ب"جبرالتار" بالإنكليزية أو "خبرالتار" بالإسبانية، ويبلغ عمق المياه فيه حوالي 300 متر، وأقل مسافة بين ضفتيه هي 14 كيلومتر، ويعتبر من أهم المعابر البحرية في العالم.
أما شبه جزيرة جبل طارق التي ظهرت لنا من ميناء طنجة فتقع في جنوب أوروبا وعاصمتها مدينة جبل طارق، وتمتد جنوبي غرب الساحل الإسباني فتطل على لبحر المتوسط، وترجع تسميتها إلى القائد العربي طارق بن زياد كما أسلفنا، وقد تصارع البريطانيون والهولنديون عام 1704 م للاستيلاء على مضيق جبل طارق إلى أن تمّت اتفاقية اوترخت عام 1713 التي منحت بريطانيا حق امتلاك جبل طارق، فجعلته قاعدة عسكرية بحرية وجوية.
طالبت إسبانيا باسترجاع جبل طارق فرفضت بريطانيا، فمنحت جبل طارق قدراً من الحكم الذاتي منذ عام 1964 وانضمت للجموعة الأوروبية عام 1973. وفي سنة 1988 تولت حكومة اشتراكية الحكم فيها. وفي عام 1991 اتفقت بريطانيا وإسبانيا على اقتسام السلطة فيها بالتساوي، غير أن الحكومة طالبت بالاستقلال. وما زال الخلاف قائماً.
مساحتها: 5,600 كلم2 وعدد سكانها: 31,000 وأهم مدنها: جبل طارق
دياناتها: 85% مسيحيون، 8% مسلمون، 2% يهود.
عملتها: جنيه جبل طارق وجنيه استرليني واليورو، ومتوسط دخل الفرد: 10,000 دولار.
وبعد حوالي الثلاث ساعات من الإبحار عبر المضيق وصلنا الى الجزيرة الخضراء، او الجزيراس أو الخسيراس حسب النطق الاسباني..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة<MCD c="/green" />
الحلقة الحادية والثلاثين
الجزيرة الخضراء
أبحرت بنا الباخرة عبر مضيق جبل طارق وكان البحر هادئاً نسبياً إذ كنا في فصل الصيف، والمضيق يقع في منطقة بعيدة عن أعالي البحار سواء المحيط الهادي او البحر الأبيض المتوسط، فهو ملتقى هذين البحرين، وكان الجو لطيفاً وليس حاراً، فهواء البحر كان عليلاً..
وبعد إبحار ثلاث ساعات بدأنا نقترب رويداً رويداً من الجزيرة الخضراء التي تحرف اسمها الى (الجزيراس) ثم حسب نطق الاسبان للجيم التي يقلبونها خاء يصبح الاسم (الخسيراس)، ثم رست العبارة في ميناء الجزيرة الخضراء التي كانت بالفعل خضراء وجميلة.. وهبطنا من الباخرة الى أرض الميناء، وإليكم نبذة مختصرة عن الجزيرة الخضراء استقيتها من موقع
ويكيبديا:
الجزيرة الخضراء (بالإسبانية: Algeciras) هي إحدى بلديات مقاطعة قادس, التي تقع في منطقة الأندلس جنوب إسبانيا. يبلغ عدد سكانها 106.710 نسمة وفقاً لإحصائية سنة (2002).
ولد فيها محمد ابن إبي عامر (الملك المنصور) كما عسكر فيها جند المرابطين لإنقاذ الأندلس وإلتقى فيها يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد.
في أواخر سنة 769 هـ ضم محمد الخامس من بني نصر إلى أملاكه مدينة الجزيرة الخضراء وحررها من النصارى الذين تمكنوا باحتلالها وقطعوا الصلة بين المغرب والأندلس. سقطت سنة 743 هـ. بعد أن تم تدمير المدينة في 1379 تحولت المدينة إلى ركام مهجور تماما، إلى أن بدأ إعادة توطين المدينة بدخول منفيين من جبل طارق. رغم ذلك لم يمثل اللاجئين زيادة كبيرة في عدد السكان، بحكم أن منهم من استقروا في البلدة المجاورة سان روكي.
مرفق صور منقولة من موقع ويكيبديا أيضاً، الأولى Vista de la Plaza Alta
والثانية Central square
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الثانية والثلاثين
الرحلة الى مدريد
بعد أن هبطنا أرض الميناء وجدنا محطة القطار داخل الميناء- كما في طنجه- وركبت القطار المتجه الى مدريد.. لم يكن هذا القطار رغم فخامته يرقى الى مستوى القطار المغربي.. وعلى ما أذكر كان المساء قد حل عندما انطلق بنا القطار الاسباني، ولم أعد أذكر كم قضينا في هذا القطار حتى وصلنا الى مدريد، ولم أعد أذكر تفاصيل أخرى، ربما لأنني كنت نائماً طيلة الرحلة، او لأنه ليس هناك شئ قد حدث يستحق ان يرسخ في الذاكرة او لأن الظلام كان دامساً فلم نر ما بالخارج..
المهم وصلنا أخيراً الى مدريد، وما أدراك ما مدريد.. بمجرد ان نزلت من القطار وجدت مكاتب متراصة مهمتها حجوزات الفنادق، فتوجهت للذي مكتوب على لافتته باللغة الانجليزية، اي ان من به يتعامل باللغة الانجليزية، وكذلك الفنادق التي يحجز لها بها اناس يتكلمون الإنجليزية- والانجليزية نادر من يتحدث بها من الاسبان، وقد فهمت فيما بعد من الذين التقيتهم في اسبانيا ان من يتحدث منهم بالانجليزية فهذا شخص هام ويحق ان يفاخر بذلك..
المهم عرض عليّ الموظف في المكتب عدة خيارات من الحجوزات، فاخترت احدها وهي معقولة السعر وتتماشى مع وضعي المادي، ولا أذكر المبلغ بالضبط ولكن لم تكن غالية، ربما كانت قريبة مما في المغرب.. دفعت له المبلغ، فسلمني الإيصال واعطاني خريطة لأصل بها الى الفندق (البنسيون أو اللوكاندة كما نسميها في السودان)، وشرح لي كيف اصل، وبالفعل كان مدخل المترو على مقربة من بوابة محطة القطار، مجرد خطوات الى السلم المؤدي الى باطن الأرض حيث المترو، وحسب الخريطة وإرشادات موظف المكتب ركبت المترو المحدد ونزلت في المحطة المحددة وخرجت الى ظاهر الأرض ولم يكن مقر الفندق بعيداً عن محطة المترو التي نزلت فيها.. فبعد مشي على الأقدام لمسافة قصيرة في شوارع عتيقة وعمارات كلاسيكية وصلت الى الفندق، فدخلت ووجدت موظف الاستقبال فسلمته الإيصال وأخذ جواز سفري وسجل المعلومات، وأعطاني مفتاح غرفتي، فدخلتها ووضعت شنطتي وأكلت بعض ما اشتريته من المغرب وكان زادي في رحلتي، على ما أذكر جبنة مثلثات وساردين وشئ من هذا القبيل، أويت بعد ذلك الى فراشي الوثير لأنام لأول مرة لي في سرير في أوروبا..
وأرفق لكم صورة لمنظر عام لمدريد (منقوله)
وصورة أخرى (منقولة) لـ Plaza de sol في مدريد
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
ABUZAID
19-10-2010, 12:33 AM
الاستاذ العزيز
عمر حسن
كل الود والتقدير
متابعين ومستمتعين
واصل
يااااااااااه
أخيراً عقب عليّ زول!!!
شكراً لك عزيزي أبو زيد، وسعيد انك هذا الزول العقب عليّ بعد أمد طوييييييييييييل
متعك الله بالعافيه
كل الود والتقدير والاحترام
عثمان جلالة
19-10-2010, 03:41 AM
يااااااااااه
أخيراً عقب عليّ زول!!!
شكراً لك عزيزي أبو زيد، وسعيد انك هذا الزول العقب عليّ بعد أمد طوييييييييييييل
متعك الله بالعافيه
كل الود والتقدير والاحترام
أها أنا تاني زول يا حبيب :):)؟
أنا غايتو متعود يا استاذنا عمر ... أصلا ما بقدر أتداخل مع قامه أدبيه زيك ... لانو ما بقدر أجاريك ولأنو قبل زمن طويل ... قبل اعتماد تسجيلي في المنتديات كنت أستطيع فقط أن أقرأ لك ولساعات طويله دون أن تتوفر لي امكانية الرد :):)
الله يجبر بخاطرك يا اخي العزيز عثمان جلاله
والعفو يا اخي الكريم، انت قامة ونص كمان
وشكرا لك على متابعة ما أكتب - حتى قبل ان تنضم إلى منتديات ود مدني- وشكراً لك ان عقبت عليّ
تصدق قبل مقابلة الشباب في مدني الإجازة الفائتة كنت نويت اتوقف عن الكتابة، حتى في هذه المذكرات رحلات بن بطوطة، قلت اكتفي بما تم نشره سابقاً واعدت إدراجه هنا، لكن بعد ذلك التجمع في مدني واهتمام زملائي في المنتديات المدناوية وتطييب خاطري عدلت عن قراري وها أنذا أواصل الكتابة، فشكرا لهم وشكرا لك
معتز الريح
20-10-2010, 05:17 AM
لكن بعد ذلك التجمع في مدني واهتمام زملائي في المنتديات المدناوية وتطييب خاطري عدلت عن قراري وها أنذا أواصل الكتابة، فشكرا لهم وشكرا لك
وشكراً صادقة لك أن قررت
أن لا تحرمنا جمال مخزونك من الذكريات والمواضيع ..
نواصل ..
الحلقة الثالثة والثلاثين
مدريد.. يا لروعة المدينة
بعد أن نمت نوماً قلقاً غير مريح بسبب الإرهاق من السفر، استيقظت وخرجت الى الشارع.. كانت مدريد رائعة جداً ونظيفة، وقد لاحظت أن شوارعها الداخلية التي بين العمارات مرصوفة بطوب اسود (يشبه الطوب الأحمر المحترق في الكمينة، فيصبح أسوداً وأملساً وملتوياً بسبب شدة الحرارة- اللهم قنا عذاب النار)، فكان عامل النظافة يستخدم خرطوم اطفاء الحريق المركب في الشوارع ويفتح الماء من الصنبور (المخصص للحريق أيضاً) فيندفع الماء بقوة، وفي ثواني يكون قد غسل الشارع لقوة اندفاع الماء ولكبر حجم الخرطوم.. وكان يتم غسيل الشوارع في الليل بعد ان تخف الحركة فيها..
عمارات مدريد من الطراز القديم خاصة في وسط المدينة، تجولت في شوارعها القريبة من النزل (البنسيون)، كنت اقف متأملاً مدخل العمارات لأن فوق المدخل يكتبون تاريخ انشائها، فأبحلق مشدوهاً بتاريخ مثل 1882م، 1870م بمعنى أن تلك العماره التي اقف امامها عمرها قرابة القرن أو أكثر من القرن، وما زالت مسكونة وجميلة وفخمة، نعم لم تكن تلك العمارات عالية كعمارات اليوم ولكنها ضخمة، اي مساحتها كبيرة والحجارة التي بنيت بها ضخمة..
اثناء تجوالي كنت اتفرج على المحلات التجارية من الخارج، وطبعاً كل واجهات المحلات التجارية من الزجاج، وخلف الزجاج تجد المعروضات كالملابس على موديلات (اي مجسمات بلاستيكية)، وأذكر انني وقفت امام زجاج احدى المحلات وانا اتفرج على الملابس المعروضة في تلك المجسمات، وكانت ملابس نسائية، وبالتالي كانت الموديلات تماثيل نساء، وتصادف أن كانت العاملات في المحل يبدلن الملابس على هذه الموديلات، فيخلعن الفستان او البلوزة او الاسكيرت ليضعن أخرى محلها.. والى هنا والأمر عادي، ولكن بدأن يخلعن الملابس الداخلية للموديلات، وفي هذه اللحطة التفتن اليّ ثم ضحكن.. ضحكة ذات مغزى..
تجولت حتى أحسست بالجوع، فبحثت عن مطعم فلم اصادف مطعماً، وزادت حدة الجوع، وفي النهاية وجدت بار وفي الفاترينه صحون صغيرة بها بعض الأشياء التي تؤكل.. نظرت فيها جميعاً فلم اجد شيئاً معروفاً لدي او مفهوماً غير سمك صغير.. صغير جداً.. ربما كان في حجم طرف اصبعي الصغير، ولكنه يشبه السمك الكبير تماماً.. وبما انني لم اكن اعرف اللغة الاسبانية فقد تعبت في البحث عن مطعم، فلم استطع سؤال الاسبان، وعندما وجدت هذا البار لم استطع افهامهم انني اطلب طعاماً، فما كان لي إلا ان طلبت من هذا السمك (البعيو)، فأعطوني قليل منه في صحن صغير يشبه صحن الكباية، فطلبت خبز، لحسن الحظ أن لديهم خبز، فبدأت آكل ذلك السمك البعيو مع الخبز، فأحسست به ناشفاً ولا لحم فيه، وكان يجرحني في حلقي عندما ابتلعه لقسوته، فاضطررت أن أبلعه بالخبز، المهم في النهاية كأنني أكلت خبزاً حافاً (الله ينعل الجوع)..
خلاص اكلت ولابد ان اشرب لينزل الخبز الناشف والسمك الأنشف من حلقي ومن فم المعدة.. كيف أطلب الماء، قلت للعامل الذي يقف خلف الكاونتر بالانجليزية اريد ماءأً، ثم بالفرنسية، فلم يفهم، سألت من على يميني هل يتكلم الانجليزية، قال لا، قلت له هل تعرف الفرنسية فاشار برأسه نافياً، سألت من على يساري نفس الأسئلة ورد بالنفي عليها.. اشرت بيدي علامة الكأس ورفعت يدي الى فمي، اي اريد ماء اشربه، فأمسك البائع بزجاجة الخمر، فهززت رأس علامة النفي، ثم أشرت بيدي كمن يفتح صنبوراً او حنفية، فتوجه نحو برميل البيره الذي يصب البيرة عبر صنبور، فهززت رأسي بالنفي ايضاً.. كيف أفهم هؤلاء بأني أريد ماءاً.. ولأنه لا يوجد ماء في هذا المكان لم استطع ان اشير اليه لأفهمهم، ولم يعرفوا لغات، ولم يفهموا لغة الاشارات.. بعد لأي وجهد فهموا قصدي- لا أدري كيف فهموه- فأشاروا الى مكان في ناحية البار، فتوجهت اليه فإذا هو الحمامات اكرمكم الله، وكان لابد مما ليس منه بد، اضطررت للشراب من حنفية الحمامات.. لأنهم لا يشربون في البار الماء، بل البيرة او الخمور.. الله ينعل ابو العطش..
وإليكم صورة (منقولة) لتماثيل في مدريد، وبالتحديد في بلازا دي اسبانيا
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
ABUZAID
23-10-2010, 02:05 AM
استاذنا الغالي
عمر حسن غلام الله
يقال ان لكل مقام مقالا
فعذرا , , ,
ان لم يجد الشباب للمقام مقالا
الا المتابعة والمشاهدة
نفرح كثيرا وانت بيننا قلما يندر ومدادا يعمر
كل الود
نواصل ..
الحلقة الرابعة والثلاثين
نبذة عن مدريد
أنقل إلكم نبذة عن مدريد نسختها من موقع الويكيبيديا قبل أن أواصل ذكرياتي بها، فمدريد هي عاصمة مملكة إسبانيا وأكبر مدنها. عدد سكانها يقارب الـ 3 ملايين نسمة و حوالي 6 ملايين نسمة مع ضواحيها. تعد ثالث أكبر مدن الإتحاد الأوروبي بعد لندن وبرلين. بها مقر الحكومة الإسبانية والعائلة المالكة وأهم شركات البلاد وست جامعات حكومية والعديد من المعاهد العليا. تعتبر مدريد من أحد أهم مدن أوروبا استراتيجيا وثقافيا واقتصاديا. تضم متحف ديل برادو ونادي ريال مدريد لكرة القدم الشهيرين.
الموقع
تقع مدريد في وسط إسبانيا في منطقة قشتالة التاريخية ويخترقها نهر صغير يدعى مانزانارس. تقع سلسلة جبال سييرا دي غواداراما إلى الشمال الغربي من المدينة، التي يصل علوها إلى 2429 متر فوق سطح الأرض في قمة بينيالارا. إلى الشرق يقع وادي هينارس، الذي تمر فيه طرق برية وسكك حديدية تربط مدريد بسرقسطة وبرشلونة. على بعد 50 كم تقريبا إلى الجنوب، تقع العاصمة القديمة لمملكة كاستيا والمدينة الأم لمدريد مدينة توليدو.
المناخ
مناخ مدريد قاري مع صيف حار وجاف وشتاءا باردا نسبيا. ذلك يرجع إلى ارتفاعها عن سطح الأرض بمعدل 665 متر وبعدها عن ساحل المتوسط أو المحيط الأطلسي. تتراوح درجات الحرارة في شهر يوليو معدل ال 26.2 درجة مئوية، بينما هي 6.4 درجة مئوية في شهر يناير.
تاريخ مدريد
تعتبر مدريد مقارنة مع العواصم الأوروبية الأخرى مدينة حديثة العهد، حيث يرجع تاريخ تأسيسها إلى ما بين 852 و886 حين تم إنشاء قصر صغير (بالتسمية الإسبانية: ألكازار) من قبل المسلمين لأحد أمراء قرطبة في مكان القصر الملكي الحالي في مدريد. سميت المنطقة المحيطة ب "مجريط" أي المجاري او منبع المياه. كان المكان مسكون من قبل المسلمين وقلة من اليهود و المسيحين الي ان سيطر عليها عن طريق الملك ألفونسو الرابع اثناء زحفه إلى طليطلة وتم ترحيل العديد من سكان المنطقة المسلمين واليهود منها و تحويل مسجدها إلى كنيسة. آل حكم مدريد إلى مملكة قشتالة في عام 1081. حوصرت المدينة مجددا في عام 1109 من قبل قوات المرابطين المسلمين بقيادة علي بن يوسف بن تاشفين ولكنهم فشلوا في الاستيلاء عليها. أسوار المدينة التي بناها المسلمون مازالت قائمة حتى الآن. انعقد "كورتيس دي كاستيليا" (Cortes de Castilla) أو برلمان كاستيا تحت رئاسة الملك فرديناند الرابع فيها في عام 1309.
نقل برلمان الدولة الإسبانية في عام 1561 ولاحقا مقر إقامة الملك في عام 1588 من مدينة توليدو إلى مدريد من قبل فيليب الثاني. اعتبرت مدريد بعد ذلك عاصمة إسبانيا وبدأت بالنمو والصعود لتأخذ مكانتها كأهم مدينة في البلاد. بين عامي 1701 و1713 نشبت حروب الخلافة الإسبانية، التي تنازعت فيها عدة أطراف أوروبية على أحقية حكم إسبانيا بعد موت ملك إسبانيا تشارلز الثاني. سيطر بموجبها الإنجليز والبرتغاليون على المدينة في عام 1706. كما سيطر الفرنسيين على مدريد بين عامي 1808 و1813، حين أعلن وقتها جوزيف أخو نابليون بونابرت ملكا على إسبانيا. قام الفرنسيون بهدم عدد من الكنائس وحتى أحياء كاملة من مدريد لفرض سلطتهم ولإيجاد مكان لمنشآتهم. ثار أهل مدريد في 2 مايو 1808 ضد المحتل ولحقها بعد ذلك معظم المدن الإسبانية الكبيرة. تعطل المحال والدوائر الرسمية الآن في مدريد في هذا اليوم احتفالا بذكرى هذه الثورة.
بين عامي 1833 و1876 نشبت الحروب القشتالية وساهم وباء الكوليرا بالقضاء على الكثير من سكان مدريد في نفس الفترة. أعلنت أول جمهورية في البلاد في المدينة عام 1873 من قبل الديكتاتور إيميليو كاستيلار ولاحقا في عام 1923 من قبل الجنرال ميغيل بريمو دي ريفيرا. أعلنت الجمهورية الثانية في مدريد في 14 أبريل 1931. اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية بين 1936 و1939 وكانت مدريد فيها تحت سيطرة الجمهوريين حتى 28 مارس 1939. ساهمت الطائرات الحربية الألمانية والإيطالية بقصفها بشكل واسع أثناء الحرب، حيث كان هذان البلدان يدعمان القوميين بقيادة الجنرال فرانكو ضد الجمهوريين. تمكن فرانكو من فرض سيطرته على المدينة وعلى البلاد ودام حكمه حتى 1975 وشهدت مدريد في هذه الفترة نموا كبيرا. قام العمال والطلاب بتنظيم سلسلة من الإضرابات في آواخر الستينات وآوائل السبعينات.
رتب فرانكو الأمور بعد موته لعودة الحياة الديمقراطية ولتنصيب الملك خوان كارلس الأول على عرش البلاد، وفعلا تم ذلك في 1975 عند مات فرانكو . نظم بعض الضباط العسكريين إنقلاب عسكري يدعى (23-F) في 23 فبراير 1981 مما هدد عملية إعادة الديمقراطية للنظام السياسي الإسباني ولكن سرعان ما فشل الإنقلاب وأعيدت الأمور إلى مجاريها. أعلنت مدريد عام 1992 كعاصمة ثقافية لأوروبا. عانت المدينة من سلسلة هجمات إرهابية في 11 مارس 2004 نفذت على بعض خطوط السكك الحديدية، مما أدى إلى مقتل حوالي 191 شخص. اتهمت الحكومة الإسبانية المتشددين الإسلاميين المقربين من حركة القاعدة بتنفيذ العمليات. يربط البعض هذه العمليات بدعم إسبانيا لحرب الولايات المتحدة الأمريكية على الإرهاب وقتها. خسرت مدريد عام 2005 سباق التنافس على تنظيم الألعاب الأوليمبية 2012.
رياضة
مدريد هي المكان الاصل لريال مدريد احدى الفرق المعروفة في كرة القدم العالمية . ومنافسها من المدينة نفسها هي اتلتيكو مدريد . وفي المدينة فرقتان تلعب في الدوري العالي لكرة السله ACB الأسبانية . وايضا يوجد في المدينة طريق سباق الفورملا 1 وايضا فيها طريق لسباق الدراجات الهوائية تور دي فرانس .
إليكم بعض الصور لمدريد منقولة
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
معتز الريح
دمت دوماً بخير
والله لا يحرمنا منكم
محمود (أبو وضاح)
24-10-2010, 09:28 PM
سرد تاريخى مميز ، ورحالة ممتاز استوقفتنى ملاحظاتكم الدقيقة والتاريخية لبعض المدن ، وهو أسلوب كاتب ماهر يجيد نظم الكلام بشتى الصور البيانية أو التعبيرية ، وتملك ناصية القول فيما تشاهد ..
مزيد من السرد ونحن فى انتظارك ...
محمود أبوالكيلك
الدمام - المنطقة الشرقية
ابو وضاح
شرفت البوست والله،
أشكرك على مداخلتك وعلى كلماتك الجميلة في حقي، وأرجو ان اكون عند حسن الظن بي
نواصل ..
الحلقة الخامسة والثلاثين
تعرفت على سوداني بمدريد
عندما تجولت اكثر في مدريد عرفت اين توجد المطاعم، فدخلت مطعماً وطلبت الشئ الذي لا يمكن ان يكون لحم خنزير، وهو الدجاج، فأحضروا لي مع الدجاج شرائح بطاطس مقلية (شيبس)، وكسروا بيضة فوق طرف البطاطس الحار، فأصبحت البيضة ثمن استوا (على وزن نص استوا)، يعني فقط استوت بسخانة البطاطس الذي خرج للتو من المقلاة، أكلته لأنني كنت جوعان، ووجدته روعة، ومنذ ذلك الحين أصبحت اطلب البيض (ربع استوا) طبعاً لو طلبت بيض مقلي في السودان وقلت ليهم نص استوا حيجيبوهو ليك شبه قراصه، يعني لا نص استوا ولا يحزنون، فاصبحت اقول لهم ربع استوا، لكن برضو مافي فايدة، ولما اعملو براي في البيت مافي زول بياكلو معاي، كلهم يقرفوا من منظر البيض السائل او شبه السائل وانا آكله..
بعد الانتهاء من الأكل أحضروا لي فاتورة الحساب، وبما أنني لم افهم بعد عملتهم فقد مددت يدي بمجموعة من القطع المعدنية فبدأ يلتقط منها ثمن الوجبة، لكنني أحسست أنه أخذ أكثر مما يستحق، لكن لابد من ثمن للتعلم، وكمان المعيشة رخيصة نوعاً ما في اسبانيا في ذلك الزمان (1976م)، وأهم من الأكل احضروا لي ماء للشرب (ما من الحمام أعزكم الله)، كذلك اثناء تجوالي في مدريد وجدت كثيراً من صنابير مياه الشرب (زي سبيل يعني، بس سبيل حكومي، الظاهر عاملاه البلدية) تجده في شكل مجسم مبني ومقوس (يشبه المحراب) وتخرج منه الحنفية المخصصة لمياه الشرب، وهي بالطبع باردة وحلوه.. اخيراً عرفت كيف ومن اين اشرب الماء النقي..
من بداية كتاباتي عن اسبانيا وأنا أحاول أن أتذكر كيف التقيت بأحد الطلاب السودانيين، ويدعى محمد الأمين، ولم افلح حتى هذه اللحظة في التذكر.. ولكن أتصور أنني التقيت شخصاً افريقياً واللون حن، وأظن هو من أبلغني أنه يعرف سوداني ويدرس معه أو شئ من هذا القبيل، المهم انني التقيته، وجاء معي الى البنسيون، ويبدو ان مدير البنسيون الذي لم ارتح له كان ايضاً يبادلني نفس الشعور، فما إن رأي محمد الأمين معي حتى هاج وماج (بطريقة أوروبية وليس بطريقة عربية افريقية سودانية، يعني ببرود)، فهاج صاحبي محمد الأمين (بطريقة سودانية) ورطن معه بالاسبانية، فأصبحت اهدئ من صاحبي، ولكن دون جدوى، وكانت النتيجة أن قال لي المدير بالانجليزية انه لن يجدد لي الاقامة في البنسيون بعد انتهاء المدة التي أخذتها من المحطة..
كان محمد الأمين يسكن مع إمرأة عجوز في شقتها، وهناك نظام معمول به في اوروبا، وهو ان تؤجر أرملة غرفة في شقتها لطالب او طالبة او عازب او عازبة، منها دخل مادي، ومنها ونس ورفقة، وذهبت معه الى مكان سكناه، وقابلت صاحبة الشقة التي مات زوجها منذ فترة وجيزة.. وعلمت ايضاًَ أن مثل هؤلاء لا يفضلون الزيارات لمن يسكنون معهم.. ولم يكن طبعاً في نيته ان يسكنني معه..
لكنه أخذني الى شباب يستأجرون شقة كاملة، وكان بعضهم في اجازة في السودان، لذلك كان هناك مجال لأن أسكن معهم بقية ايامي- وهي حوالي ثلاثة او اربعة ايام- ورغم انني تحسست من السكن معهم الا انه اصر، وقال لي ان الشقة شبه فاضية، وان الشباب طيبون ومضيافون، وجاء معي الى البنسيون وأخذت شنطتي وركبنا مترو الأنفاق، ومن مترو لمترو – فكنا نركب أحد الخطوط حتى محطة معينة، ثم ننزل منه لنأخذ خطاً آخر، وقد لاحظت أن مستويات أنفاق المترو مختلفة، فبعضها تحت الأرض ويمكن ان تسميه "ناقص واحد" تنزل له من سطح الأرض بسلم، لكن قد يكون هناك مستوى آخر تحت المستوى الأول، تنزل اليه بسلم آخر، ويمكن أن تسميه "ناقص اثنين"، وهكذا .. أخيراً وصلنا الى المحطة المعنية، وخرجنا من تحت الأرض، ووجدنا أنفسنا في أطراف مدريد حيث يقيم هؤلاء الطلاب، وبخلاف وسط مدريد فإن العمارات هنا حديثة وشاهقة، ولأول مرة أرى نظام جرس الباب الموصل بميكروفون داخل الشقة حيث يتحدث اليك الساكن من شقته التي قد تكون في الدور العشرين او الثلاثين وانت في البوابة، ثم يفتح لك الباب بضغطة زر من عنده.. طبعاً بعدها بقليل او ايامها ربما، ظهر مع هذا النظام نظام اكثر تطوراً وهو نظام الكاميرا، فيراك من بداخل الشقة وانت على مدخل العماره قبل ان يفتح لك الباب، وذلك عبر شاشة موجودة في شقتك، وكاميرا موجودة عند مدخل العمارة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
النويري
26-10-2010, 02:48 AM
متابع معاك يا حبيب من قريب والله الواحد بتمنى يشاهد ليهو ديربي في مدريد بين برشلونة والريال
النويري
شكرا ليك على المتابعة
واسبانيا بقت قريييييييييبة بسهولة المواصلات والاتصالات، اخطف رجلك كده على السريع واحضر ليك مباراة بين ريال مدريد وبرشلونه،
السياحة مهمة ومفيدة، وزي ما قال المثل المغربي: (اللي ما جال ما شاف حق الرجال)، اي الذي لم يتجول في العالم كأنه لم يسترجل، اي لم تكتمل رجولته (بالمعنى الواسع)..
نواصل ..
الحلقة السابعة والثلاثين
طلاب سودانيون في مدريد
فتحو لنا الباب الخارجي للعمارة وصعدنا بالمصعد الى شقتهم في الدور السادس عشر او السابع عشر لا أذكر، ودخلنا الشقة، فوجدنا فيها طالبين سودانيين وفتاة أمريكية هي صديقة أحد الطالبين، كان أحدهما اسمه الرشيد، والآخر عثمان، وعلى ذكر اسم الرشيد، كنت أعرف أن شقيق زميلي في المدرسة الأهلية وفي مدني الثانوية طارق بابكر عبد الحي، أن شقيقه يدرس في اسبانيا، بل وقد سافر اليه طارق في إحدى إجازات المدرسة عندما كان في الصف الثاني ثانوي، وقد سألت عنه هذين الطالبين فقالوا لي أنه يقيم في برشلونه، وعلى ما أذكر انه حالياً في اجازة في السودان..
بالفعل رحب بي الرشيد وعثمان والأمريكية (سالي)، وقضيت معهم يومين او ثلاثة غاية في الروعة، وأذكر ان في الشقة المقابلة لهم كان يسكن طالب فلسطيني، وكثيراً ما كان يأتي الى السودانيين في شقتهم ويتونس معهم.. وفي أحد المرات كنت جالساً معهم في الصالة، هذا الفلسطيني والرشيد وسالي، وكنا نتونس، وقد لاحظت أن قدم الفلسطيني كانت تنقر باستمرار تحت المقعد الذي تجلس عليه سالي، وكان كنبه (Sofa) يجلس في طرفها الآخر الرشيد صديقها، وكان لتلك النقرة معنى، وأحست سالي بذلك، وعندما تمادى انتهرته، فكف عما كان يفعل.. ولم يطرف له جفن، ولم نحس بأنه خجل من فعلته او من تلك النهرة، والرشيد لم يقل له شيئاً..
بعد قليل دخلت المطبخ لأعد شاي، وأذكر بوضوح ان سالي تبعتني الى المطبخ وشكت الىّ بصوت هامس حتى لا يسمع من بالصالة، شكت الى مُرّ الشكية من هذا الفلسطيني، فقالت انه قبل ايام كان جالساً كجلسته هذه مع الجميع، فاستأذن الرشيد ليخرج، فخرج هو ايضاً، وبعد قليل رجع مرة اخرى وقال لها انت وحدك؟ وكلام من هذا القبيل، فطلبت منه الخروج، وقد فهمت قصده ومرامه، ويبدو أنه لم ييأس فعاد يفعل حركات صبيانية لا معنى له.. قلت هذا ثاني فلسطيني أقابله في حياتي- الأول زميل الغرفة في الحي الجامعي السويسي الثاني في الرباط- واستغربت أن يكون بالدنيا مثل هؤلاء، وكنا نتعاطف مع الفلسطينين وقتها- وما زلنا- ولكن هناك افراد منهم في غاية الغرابة..
وحتى لا أنسى، فقد ذكر لي محمد الأمين الذي زارنا في المغرب فيما بعد- ربما في السنة التالية- وعندما سألته عن اصحابي الذين نزلت معهم في شقتهم في مدريد قال لي أن الفلسطيني عمل فيهم مقلب، كيف؟ قال لي أنه كان معه فتاة في شقته، ولسبب ما ارتفع صياحهم، فاتصل الجيران بالشرطة- في اوروبا اذا طلع صوتك بعد الساعة 10 بالليل يشتكيك الجيران للشرطة بدعوى الإزعاج- المهم جاءت الشركة ووجدت عنده ما وجدت (بينها مخدرات).. المهم لشئ في نفسه جاب سيرة السودانيين، فما كان من الشرطة الإسبانية الا أن كسرت باب شقة السودانيين ووجدتهم نياماً واعتدت عليهم بالضرب واخذتهم للمخفر، وقضوا هناك حوالي اسبوعين دون ان يثبتوا عليهم شئ، وكتبت الجرائد الاسبانية بالخطوط العريضة ما معناه (السودانيين والمخدرات)، وجاء سفير السودان بروما – إذ لم يكن في اسبانيا وقتها سفارة- وقابلهم ووعدهم برد اعتبارهم، ويبدو ان شيئاً من ذلك لم يتم، في النهاية طلعوا براءة، والسبب ذلك الجار الفلسطيني الذي أبت نفسه إلا أن يشاركوه فضيحته..
إرفق لكم صورة فيها شخصي (على يمينك) ثم الرشيد، ثم عثمان، وأمامنا سالي الأمريكية.. طبعاً كما تلاحظون كلنا خنافس، والصورة في بلكونة شقة الرشيد وعثمان بمدريد، ويظهر جانب من العمارات المجاورة على يميني، واعتقد ان الذي التقط الصورة هو محمد الأمين.. وتاريخ الصورة 31 يوليو 1976م..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
نواصل ..
الحلقة الثامنة والثلاثين
ساحة اسبانيا قلب مدريد
بصحبة محمد الأمين- وهو من العاصمة ولكن خالته في مدني، وهي زوجة المرحوم الشاذلي مدير مركز التدريب المهني بمدني في السبعينات، وقد أرسلني لهم أبان اجازتي في السودان فتعرفت عليهم في منزلهم الكائن بالدرجة جوار مركز التدريب المهني- تعرفت على سوق الخضر والفاكهة في مدريد، فكنا نشتري منه الفاكهة بدلاً عن البقالات الغالية، فنحملها معنا ونحن نتجول ونقزقز بها طيلة الطريق، ونشرب الماء من ذلك الشئ الذي يشبه السبيل الذي وصفته لكم سابقاً.. كذلك عرفت طريق الغسالات العامة- كان هذا قبل أن انتقل الى شقة الطلاب الرشيد وعثمان- والغسالات العامة نظام أراه لأول وآخر مرة- سوى في الأفلام- وهو مكان في شكل محل فيه مجموعة من الغسالات الفل اوتوماتيك، مختلفة الأحجام، فتختار ما يتناسب مع عدد ملابسك، وتدخل قطعة من العملة المعدنية فتفتح لك الغسالة وتضع ملابسك والصابون اللازم، ثم تدير مفتاح التشغيل وتنتظر، فتقوم الغسالة بالغسل والشطف والعصر والتنشيف، ولا عامل يديرها ولا موظف كاشير ياخد الفلوس، كله Self Service ..
أكثر مكان اعجبني في مدريد القديمة هو ساحة اسبانيا (Plaza de Espana)، فهي تعتبر قلب مدريد، ومنها تستطيع رؤية قصر خوان كارلوس ملك اسبانيا، وهو تحفة معمارية تحيط بها حدائق غناء ومياه متدفقة ونوافير.. وايضا ساحة اسبانيا تمتاز بكثرة النوافير بها، وكذلك كثرة التماثيل، فغالباً ما تكون بعض النوافير محاطة بتماثيل لحيوانات او بشر تخرج من افواهها المياه، وفي كل ميدان او ساحة تجد التماثيل، وهي تماثيل عتيقة كثير منها من البرونز، وبعضها من الحجارة، وكلها منحوتة بدقة متناهية..
عرفني محمد الأمين ببعض الطلاب الآخرين، منهم واحد نسيت اسمه، ولكنه من ابناء حي السجانة بالخرطوم، اسمر اللون، طيب القلب، ضحوك وصاحب نكتة، ذهبت معه مرة الى معهد تعلم اللغة الاسبانية الذي يدرس فيه تمهيداً للدراسة الجامعية، وقد رأيت لأول مرة نظام الكرسي الملحق به طاولة اي مكان تضع يدك هناك حديدة معلق عليها خشبة مسطحة تضع فيها دفترك وتكتب عليها، فإذا ما فرغت من الكتابة رفعتها قليلاً وحررتها من مقبض معين فتنزل بشكل رأسي، وهذا توفير للمساحة وللأثاث أيضاً، وهنا يتم توفير الطاولة او الدرج ويكتفى بكرسي فقط.. وقد علقت لصاحبي هذا- عندما لاحظت ان الخشبة المسطحة تلك والتي هي بمثابة درج او طاولة كتابة- عندما لاحظت انها على الجانب الأيمن من كل كرسي، فقلت له لو أن احد الطلاب أيسر أو (أعسر) لشرب المقلب.. فضحك كثيراً على تلك الملاحظة التي اعتبرها ملاحظة ذكية لم يلاحظها احد من قبل.. وقد علمت فيما بعد من محمد الأمين ان صاحبي هذا قد مكث في المستشفى شهوراً عديدة نتيجة اصابته بأمراض البرد، وكما اسلفت فإن البرد هناك إذا لم تنتبه له فسيؤذيك كثيراً بدءاً من اطراف الأصابع، حيث يجعلها تتفصد ولا تبرأ لشهور عدة- لذا وجب لبس القفازات السميكة- وانتهاء بأمراض الصدر، نرجو ممن يعرف شخص من السجانة كان في مدريد في اواسط السبعينات ان يخبرنا، لعلنا نعرف اخباره، كذلك الأخ محمد الأمين وايضاً الأخوة رشيد وعثمان..
عرفت فيما بعد أن من أبناء مدني من يعمل في اسبانيا منذ عقود من الزمن، وأن مهنته هو (حانوتي)، ومنها كسب مالاً وفيراً، وعلى ما أظن هو من فريق الحلبه.. ولا أدري إن ما زال في اسبانيا ام عاد الى مدني.. كذلك الدكتور راشد دياب الذي كان يدرس في اسبانيا ثم بقي هناك وتزوج اسبانية وعاش عقوداً هناك قبل أن يرجع للسودان ويستقر فيه نهائياً، وهو من ابناء الدرجة ، ولم اقابله في اسبانيا، ربما وقتها كان في اجازة او كان في برشلونه لا أذكر..
وأرفق صورة لبلازا دي اسبانيا وأخرى لتماثيل في نفس الساحة، أخذتها من النت عبر القوقل..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة التاسعة والثلاثين
وداعاً مدريد
مدريد من أجمل المدن التي رأيتها في حياتي، فأنا أحب الأشياء المعتقة، والشوارع العتيقة والمباني المعمرة، تجولت في المدينة القديمة ودخلت البيوت التي عمرها مائة عام أو مائتي عام، وتجولت كذلك في وسط البلد، وفي حدائق بلازا دي اسبانيا حيث الاطلالة الجميلة على قصر خوان كارلوس، وتعلمت بعض الجمل والعبارات الاسبانية التي نفعتني في زيارتي الثانية لاسبانيا.. ايضا رأيت جانب مدريد الحديث ذا المباني الحديثة العالية وذلك حين سكنت مع الأخوة الأفاضل الذين يمثلون النموذج الطيب لشعب السودان الأصيل وهما الرشيد وعثمان..
أثناء تجوالي انا والأخ محمد الأمين التقطنا كثير من الصور، ولكن للأسف أمطار ود مدني خربت كثير منها فلم يبق إلا القليل، ومنها الصورة المرفقة (الوسطى)، وقد أشار إليّ محمد الأمين ان اجلس في الكنبة التي تجلس بها تلك الفتاة، فترددت (بحكم خلفيتي المحافظة) فقال لي اجلس ولا يهمك، فتقدمت نحو الكنبة وجلست ولم تتأثر الجالسة على الكنبة ولم تعترض وهو يصورني وأنا جالس بجانبها.. وكما تلاحظون فإن هناك مكان خالي في الكنبة على يساري، اي كان يمكن ان اجلس في طرف الكنبة القصي، ولكن جلست بجانبها تماماً ولا أدري إن كان ذلك بتأثير كلام محمد الأمين أم لجس النبض!! ولا أدري إن كانت الآن هذه الفتاة جدة (حبوبة)!! فقد مضت 34 عاماً عليها..
بالمناسبة، ارجو من القارئ ان يسجل كل شئ يمر عليه خاصة اذا كان في رحلة خارج وطنه، فربما احتاجها (مثلي الآن) بعد ثلث القرن فلن تسعفه الذاكرة وحدها، وانصح كل من يلتقط صورة ان يسرع بتسجيل مكان وتاريخ الصورة خلفها، فإذا تكاسل او اهمل فقد تمضي الأيام والسنين ولا يفعل ولا يستطيع تحديد زمن ومكان الصورة..
أما الصورة الأخيرة فهي تضمني (على اليسار) وبجانبي سوداني قد يكون عثمان، والشخص الثالث شكلو مغربي..
والصورة الأولى منقولة من موقع Tripadvisor وهي نفس المكان الذي التقطنا فيه الصورة الأخيرة، وكان لدي صورة أخرى على شفا هذا الحوض المائي، ولكن ضاعت كما ضاع غيرها او تلفت بفعل امطار مدني
بعد انتهاء اسبوع في مدريد الجميلة قررت الرحيل عنها ومغادرة الأراضي الاسبانية، فودعت محمد الأمين والرشيد وعثمان وسالي وتوجهت بشطنتي التي أضفت إليها بعض مشترياتي البسيطة من مدريد مثل بعض الخواتم البلاستيكية الجميلة وبعض العطور وأذكر انني اشتريتها من sale في مدريد، وهم كما في المغرب يعملون الـ sale في بعض الشوارع، وتعمدت ألا اشتري اشياء تثقل شنطنتي الوحيدة لأنني سأحلمها طالع نازل من القطار..
وركبت القطار من محطة مدريد متوجهاً الى الأراضي الفرنسية..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الأربعون
نواصل
رحلة القطار من مدريد نحو الحدود الفرنسية
ركبت القطار مساء من محطة مدريد، وكان مزدحماً، لذلك لم أجد قمرة بها مكان شاغر، فافترشت الأرض في نهاية العربة، ولم أكن وحدي، فقد افترش بجانبي جوز اسباني، شاب وفتاة، وعندما استلقيت على أرضية العربة رأسي الى جدار آخر قمرة ووجهي نحو الممر الفاصل بين العربتين، وكنت أقرب الى الممر الذي يفصل القمرات عن شبابيك العربة، لذلك كان من يعبر من العربة الأخرى الى عربتنا يمر بجانبي تماماً، وبما أن الدنيا كانت صيفاً فقد كان معظم لبس الفتيات الاسكيرت، وكان دائماً ميدي او اقصر، فذقت الأمرين من منظر العابرات بجانبي، وبما انهن اوروبيات في الغالب فلم يكن يكترثن إذا نظر أحدهم من تحت لفوق..
أشعل الجوز الذي بجانبي سيجارة حشيش، فانتشر دخانها الكثيف في المكان، فارادا أن يصرفا هذا الدخان الكثيف، ففتحا باب العربة، وبما ان القطار كان ينطلق بأقصى سرعة، فقد كان الهواء البارد يدخل العربة بعنف، ولما لاحظا ذلك ابتسما ابتسامة اعتذار لكن لم يغلقا الباب حتى أكملا سيجارتهما، ثم راحا في سبات عميق..
كانت البنت ترقد بجانبي مباشرة، فيما يرقد الشاب بجوار باب العربة، وانقلبت الشابة على شقها الأيسر فواجهت رفيقها وأعطتني ظهرها.. وكان منظر العابرات بجانبي واسكيرتاتهن الواسعة من أسفل التي تبين ما سفل منهن، كان المنظر ما زال مؤثراً فيّ، فزادته هذه التي ترقد بجواري سوءاً.. كان ذلك شديداً علينا نحن القادمون من افريقيا من صحرائها الكبرى.. المهم انقلبت انا على الجهة المعاكسة فصار ظهري الى ظهرها، ولكن يدي التي كانت ترقد على جانبي انزلقت الى الخلف فاصتدمت بالشابة وتحركت كفي جيئة وذهابا، فتفاعل معها كل شئ في جسدي، وتعاضدت المناظر الاسكرتية السابقة مع اللمسات الاسكرتية الحالية فقلبت جسمي مائة وثمانين درجة فاصبحت مواجهاً لباب العربة، في نفس الاتجاه للشابة، وما هي إلا ثوان حتى تلاحقت أنفاسي وانداحت السوائل من جسدي من عرق ونحوه رغم برودة العربة في قطار اوروبا السريع في ليل اسبانيا العاصف..
وعندما استدرت راجعاً الى الجهة الأخرى رأيت أحد الاسبان واقفاً امام نافذة العربة ووجهه الى الخارج، لكنه كان يراقب صورتنا المنعكسة على زجاج النافذة.. كان يتفرج على فيلم بالمجان!! لم يسألني كأي اوروبي لا يتدخل فيما لا يعنيه، ولم اكترث له، ونمت كالذين بجانبي..
لا أذكر ان كنت هبطت في محطة برشلونة ام لا.. او كنت مستيقظاً عندما مر القطار بها، لكن كان الوقت نهاراً عندما وصلنا الحدود الاسبانية الفرنسية عند بلدة سيربر..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الحادية والأربعين
نواصل
المدينة الحدودية سيربر Cerbère
في صباح اليوم التالي وصلنا الى مدينة صغيرة على الحدود بين اسبانيا وفرنسا تسمى سيربر Cerbère، فهبطنا من القطار في المحطة الصغيرة، ثم تحركنا خطوات قليلة عبر حاجز معدني الى مكتب جوازات الحدود، وفي دقائق ختم لنا موظف الجوازات الفرنسي جوازاتنا فأصبحنا بذلك داخل التراب الفرنسي..
علمنا أن القطار سواصل الرحلة بعد سبع ساعات، لذلك جلسنا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وعند خليج صغير جميل محصور بالجبال وعلى
شاطئ رملي جميل وهادئ قضينا معظم مدة الانتظار، ولم تكن بلدة سيربر كبيرة، بل اشبه بقرية، وما زالت صورة ذلك الخليج الجميل في ذاكرتي حتى الآن، وقد وجدت صور مشابهة لما حفر في تلافيف المخ منذ ما يزيد على ثلث القرن.. تلك الصور من موقع port-vendres.com والصورة الأولى هذه هي نفس النقطة التي وقفت فيها في أوائل أغسطس 1976م
الصورة الثانية: ما أجمل تلك البلدة
بعد التسكع سبع ساعات في ربوع تلك المناظر الخلابة ركبنا القطار مرة أخرى وانطلق بنا بمحاذاة الساحل.. كانت المناظر رائعة جداً، فعن يميننا مياه البحر الزرقاء، وعن يسارنا المزارع الخضراء والجبال المغطاة بالأشجار الجميلة.. وكنت أقاوم النعاس لكي استمتع بهذه المناظر، وأحياناً أجاهد لأبقي عيوني مفتوحة.. مع ملاحظة انني وجدت مقعداً داخل قمرة، ولم تعد تلك المثيرات التي في الممرات تؤرقني، لكن كان هناك نوع آخر منها.. فالشباب لا يخجلون من الآخرين الذين هم داخل القمرة، فيقبلون وكأنهم في غرف نومهم، وقد لاحظت أن الآخرين من العجائز كأنهم لا يرون شيئاً، ولكن كان هناك شئ لفت نظري، وهو أن من كان يفعل ذلك كان ينظر اليّ من طرف خفي، وكأنه يريد ان يقول لي شوف نحن عندنا حرية كيف؟ او يالك من تعيس لأنك وحدك وليس مثلنا نسافر ازواجاً وازواج، وكنت قد لاحظت تلك النظرات التي من طرف خفي ايضاً داخل المدن الأوروبية مثل مدريد وغيرها (فيما بعد) وكأن تلك الرغبة لا تأتيهم إلا عندما أمر بجانبهم او أكون بقربهم..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الثانية والأربعين
نواصل
مرسيليا
واصل بنا القطار عبر البلاد الفرنسية بمحاذاة ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكما ذكرت كانت المناظر الخلابة هي التي تشدني لأنظر عبر نافذة القطار الكهربائي السريع، وكانت القرى المنتشرة في السهول وسفوح الجبال تسر الناظرين، ومن حين لآخر نشاهد الأبقار السمينة والخراف ذات الصوف الغزير وهي ترعى الحشائش..
ووصل القطار الى محطة مدينة مارسيليا، وقررت النزول بها، ونزلت، وفي المحطة هنالك مستودع للأمتعة، تجد الخزانة داخل الجدار مفتوحة الباب، وضعت شطنتي ودفعت الرسوم وهي بالعملة المعدنية لكي تستطيع إغلاق الباب وأخذ المفتاح، وهذه لعمري فكرة جميلة، فالذي لا يريد أن يتلتل بالعفش طالع نازل يضع امتعته في أحد هذه الخزانات التي تختلف في الحجم، فالكبيرة أجرتها أكثر.. وعلى ما أذكر ليست الأجرة كثيرة.. المهم تخلصت من عبء الشنطة وخرجت من محطة القطار وتجولت في المدينة، وكانت المحطة داخل الميناء او بقربها.. وفي المساء رجعت الى المحطة حيث قضيت الليلة بها، وكانت مزدحمة بالنائمين من الخواجات..
أثناء تجوالي التقيت بشاب مصري، يبدو انه جاء يبحث عن عمل، تجولنا سوياً، وأذكر اننا احتجنا للحمام، فذهبنا الى حمام عام، وكان نظامه أن الكبائن مغلقة من الخارج ولا تفتح الا إذا وضعت عملة معدنية من فئة الفرنك الواحد، فإذا دخلت وقضيت حاجتك ثم خرجت يقفل الباب ولا يفتح الا بوضع عملة مرة اخرى، فهممت أن ادخل العملة لكي ادخل، فأوقفني المصري بيده، فاستغربت، فقال لي اصبر، فصبرت، وبعد قليل خرج احد الخواجات من أحد الحمامات، فجرى المصري نحو الباب وهتف فيه ان توقف، فاستغرب الخواجه، ولكن صاحبي المصري لحق الباب قبل ان يغلق ودخل دون ان يضع العملة، ثم بعد ان خرج مسك لي الباب فدخلت انا ايضا دون ان ادفع..
اثناء تجوالي في مرسيليا اضطررت لعبور احد الشوارع، وما زالت ذاكرتي تحتفظ بقوس النصر فوق ذلك الشارع، وقوس النصر مشهور في فرنسا، فشارع الشانزليزيه فيه قوس النصر الذي مر من تحته زين الدين زيدان محمولاً على الأعناق عندما أتى بالنصر لفريق فرنسا لكرة القدم.. المهم حاولت عبور هذا الشارع، فكانت السيارات تأتي مسرعة ومتتالية، فوقفت قرابة ربع الساعة دون ان استطيع عبور الشارع الى الجهة المقابلة حيث الحديقة العامة الكبيرة.. المهم في آخر الأمر قدرت المسافة بين السيارات التي أراها قادمة وبين الزمن الذي يمكن ان استغرقه في عبور الشارع، فانطلقت اعدو بأقصى سرعة حتى عبرت الشارع، وما زال جلدي يقشعر حتى الساعة حينما اتذكر تلك المجازفة، فقد عبرت بالكاد للجهة الأخرى قبل ان يصلني رتل السيارات، وطبعاً نسيت ان اقول انني لم اكن ارى موقع عبور او اشارة قريبة او جسر مشاة حتى اعبر من خلاله.. المهم عبرت بسلام الى تلك الحديقة الغناء الوارفة الظلال.. طبعا في الحديقة يمكنك ان ترقد وتستريح وتتفرج على الخلق خاصة اولئك المجكسين (كلمة مجكسين مستحدثة لم تكن وقت الرحلة معروفة)..
طبعاً لم استطع النزول في فندق أو بنسيون بسبب السرقة التي تعرضت لها في القطار الاسباني كما ذكرت سابقاً، ولذلك تعمدت ان اتجول اطول وقت ممكن لكي اتفرج في اقل فترة زمنية، وكنت آكل الأشياء الخفيفة مثل سندوتشات الجبن والبسكويت ولا أقرب المطاعم لأنها فوق مستوى طاقتي المالية.. المهم متعت نظري بشوارع مرسيليا ومبانيها وميناءها المتوسطي وطيور النورس تحلق فوق المراكب والسفن..
طبعاً ابتعدت كثيراً عن المحطة، وعندما اردت العودة لم اعرف الطريق اليها، حتى استوقفت امرأة مسنة وبنتها الشابة في احد الشوارع الفرعية وسألتهما بما عرفته من لغة فرنسية بسيطة عن المحطة، فوصفوا لي كيف اركب الاتوبيس، ولكني فضلت المشي على قدمي- وربما ركبت الاتوبيس لا أذكر- المهم عدت الى المحطة وركبت القطار بعد ان قضيت 24 ساعة في مرسيليا، حيث توجه القطار نحو الحدود الإيطالية..
مرفق صورتان (منقولتان واحدة لقوس النصر الذي ذكرته لكم آنفاً، والثانية منظر عام لمرسيليا..)
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الثانية والأربعين
نواصل
مرسيليا
واصل بنا القطار عبر البلاد الفرنسية بمحاذاة ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكما ذكرت كانت المناظر الخلابة هي التي تشدني لأنظر عبر نافذة القطار الكهربائي السريع، وكانت القرى المنتشرة في السهول وسفوح الجبال تسر الناظرين، ومن حين لآخر نشاهد الأبقار السمينة والخراف ذات الصوف الغزير وهي ترعى الحشائش..
ووصل القطار الى محطة مدينة مارسيليا، وقررت النزول بها، ونزلت، وفي المحطة هنالك مستودع للأمتعة، تجد الخزانة داخل الجدار مفتوحة الباب، وضعت شطنتي ودفعت الرسوم وهي بالعملة المعدنية لكي تستطيع إغلاق الباب وأخذ المفتاح، وهذه لعمري فكرة جميلة، فالذي لا يريد أن يتلتل بالعفش طالع نازل يضع امتعته في أحد هذه الخزانات التي تختلف في الحجم، فالكبيرة أجرتها أكثر.. وعلى ما أذكر ليست الأجرة كثيرة.. المهم تخلصت من عبء الشنطة وخرجت من محطة القطار وتجولت في المدينة، وكانت المحطة داخل الميناء او بقربها.. وفي المساء رجعت الى المحطة حيث قضيت الليلة بها، وكانت مزدحمة بالنائمين من الخواجات..
أثناء تجوالي التقيت بشاب مصري، يبدو انه جاء يبحث عن عمل، تجولنا سوياً، وأذكر اننا احتجنا للحمام، فذهبنا الى حمام عام، وكان نظامه أن الكبائن مغلقة من الخارج ولا تفتح الا إذا وضعت عملة معدنية من فئة الفرنك الواحد، فإذا دخلت وقضيت حاجتك ثم خرجت يقفل الباب ولا يفتح الا بوضع عملة مرة اخرى، فهممت أن ادخل العملة لكي ادخل، فأوقفني المصري بيده، فاستغربت، فقال لي اصبر، فصبرت، وبعد قليل خرج احد الخواجات من أحد الحمامات، فجرى المصري نحو الباب وهتف فيه ان توقف، فاستغرب الخواجه، ولكن صاحبي المصري لحق الباب قبل ان يغلق ودخل دون ان يضع العملة، ثم بعد ان خرج مسك لي الباب فدخلت انا ايضا دون ان ادفع..
اثناء تجوالي في مرسيليا اضطررت لعبور احد الشوارع، وما زالت ذاكرتي تحتفظ بقوس النصر فوق ذلك الشارع، وقوس النصر مشهور في فرنسا، فشارع الشانزليزيه فيه قوس النصر الذي مر من تحته زين الدين زيدان محمولاً على الأعناق عندما أتى بالنصر لفريق فرنسا لكرة القدم.. المهم حاولت عبور هذا الشارع، فكانت السيارات تأتي مسرعة ومتتالية، فوقفت قرابة ربع الساعة دون ان استطيع عبور الشارع الى الجهة المقابلة حيث الحديقة العامة الكبيرة.. المهم في آخر الأمر قدرت المسافة بين السيارات التي أراها قادمة وبين الزمن الذي يمكن ان استغرقه في عبور الشارع، فانطلقت اعدو بأقصى سرعة حتى عبرت الشارع، وما زال جلدي يقشعر حتى الساعة حينما اتذكر تلك المجازفة، فقد عبرت بالكاد للجهة الأخرى قبل ان يصلني رتل السيارات، وطبعاً نسيت ان اقول انني لم اكن ارى موقع عبور او اشارة قريبة او جسر مشاة حتى اعبر من خلاله.. المهم عبرت بسلام الى تلك الحديقة الغناء الوارفة الظلال.. طبعا في الحديقة يمكنك ان ترقد وتستريح وتتفرج على الخلق خاصة اولئك المجكسين (كلمة مجكسين مستحدثة لم تكن وقت الرحلة معروفة)..
طبعاً لم استطع النزول في فندق أو بنسيون بسبب السرقة التي تعرضت لها في القطار الاسباني كما ذكرت سابقاً، ولذلك تعمدت ان اتجول اطول وقت ممكن لكي اتفرج في اقل فترة زمنية، وكنت آكل الأشياء الخفيفة مثل سندوتشات الجبن والبسكويت ولا أقرب المطاعم لأنها فوق مستوى طاقتي المالية.. المهم متعت نظري بشوارع مرسيليا ومبانيها وميناءها المتوسطي وطيور النورس تحلق فوق المراكب والسفن..
طبعاً ابتعدت كثيراً عن المحطة، وعندما اردت العودة لم اعرف الطريق اليها، حتى استوقفت امرأة مسنة وبنتها الشابة في احد الشوارع الفرعية وسألتهما بما عرفته من لغة فرنسية بسيطة عن المحطة، فوصفوا لي كيف اركب الاتوبيس، ولكني فضلت المشي على قدمي- وربما ركبت الاتوبيس لا أذكر- المهم عدت الى المحطة وركبت القطار بعد ان قضيت 24 ساعة في مرسيليا، حيث توجه القطار نحو الحدود الإيطالية..
مرفق صورتان (منقولتان واحدة لقوس النصر الذي ذكرته لكم آنفاً، والثانية منظر عام لمرسيليا..)
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الثالثة والأربعين
نواصل
الجنوب الإيطالي وإمارة موناكو
هذه المرة أيضاً ركبت داخل قمرة القطار رغم ازدحامه، وكان كل المسافرين أوربيون عدا واحد يبدو عليه انه من شرق آسيا، صيني او كوري او كمبودي.. (تأكدت من جنسيته، فهو فلبيني، وعرفت ذلك الآن- وأن أعدل في المداخلة هذه- بعد أن وجدت كتابة على ظهر الصورة المذكورة أعلاه والتي التقطها لي هو، ذكرت خلف الصورة: أنا في القطار في جنوب فرنسا أو جنوب إيطاليا، تظهر في الصورة صبية إيطالية بجانبي، يوم 3 أغسطس 1976م، التقط الصورة فلبيني) المهم تعرف عليّ هذا الرجل على أساس- كما ظننت- اننا الوحيدان الأجنبيان عن هذه القارة، وكان يتكلم معي بانجليزية سليمة، ويتكلم مع الآخرين بالفرنسية او الايطالية لست اذكر.. ثم بعد الونسة أخرج من حقيبته طعاماً ودعاني لآكل معه، وكان الطعام عبارة عن لحم ملفوف في ورقة، فبدأ لي شكله غريباً، لونه احمر كأنه نئ، فتقززت منه، وأحسست أنه لحم خنزير (مبخر) وكنت قد رأيت في حانات مدريد لحماً معلقاً في سقوفها علمت انه لحم خنزير معالج بالبخار ويترك معلقاً هكذا لزمن طويل فيغلى ثمنه- تماماً كالخمر المعتق، كلما قَدِم غلا ثمنه.. المهم شكرت صديقي هذا بأنني لن آكل معه، ومددت يدي الى الرف لآخذ منها زادي الذي كان خبزاً وجبناً وشئ من هذا القبيل، فاستغرب صديقي من اعتذاري عن مشاركته الطعام، ولكنه كان ذو فراسة قوية، فقرأ في وجهي ما دفعه للضحك فجأة، ثم قال لي: أنت (مهمديان)؟ أي أنت (محمدي) أي مسلم؟ (هم يقولون للمسيحي كريستيان منسوباً الى جيسس كرايست أو المسيح عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) ثم جعل يلم أطراف الورقة التي بداخلها اللحم كمن يريد ان يخبئه من نظري، فضحكت على فعلته هذه، وظل هو يضحك حتى سأله الخواجات عن الحاصل، فقال لهم أن هذا مسلم ولا يأكل الخنزير.. كان هذا الرجل وناساً ويبدو أنه موسوعة في كل شئ، فقد أدرك بقوة ملاحظته انني اعتذرت عن مشاركته لطعامه بسبب أن اللحم خنزير لأنني لم أعتذر إلا حينما رأيت اللحم، وعرف من نظرتي إلى اللحم أنني اشمأززت منه دون أن أذكر شيئاً يوحي بذلك، وعرف أن المسلمين لا يأكلون الخنزير.. أذكر انني سألته ماذا يشتغل فقال لي: جاسوس.. فضحكت و قلت له لا يمكن ان تكون جاسوس، لأن الجاسوس لا يقول انا جاسوس، رد عليّ قائلاً انك ستفكر وتقول هل هو جاسوس أم لا.. وستظل تدور في هذه الحلقة المفرغة دون ان تصل لنتيجة.. كان فاكهة القمرة يتونس مع الكل بشتى اللغات..
أثناء مرور القطار رأينا جزيرة صغيرة أشبه بصخرة كبيرة تبرز من اليابسة الى البحر (مرفق صورة لنفس المكان الذي رأيته قبل ثلث القرن، وقد نقلتها من أحد المواقع، وهي التي فيها شئ مثل الجسر والقلعة)، رأيت فيها فيلاً افريقياً ضخماً (في نفس المكان الذي يظهر فيه الناس في هذه الصورة).. ثم قرأت اللوحة التي تشير إلى انها إمارة موناكو وعاصمتها مونت كارلو.. تلك الجزيرة الصغيرة/الدولة/المدينة المشهورة بصالات القمار، ثم اشتهرت لدى العرب بإذاعة مونت كارلو القسم العربي.. مر القطار بجانبها دون ان يتوقف، أو ربما توقف في محطة فرنسية قريبة منها، وما زال منظر الفيل فوق تلك الصخرة عالقاً بذهني، ولا أدري لماذا لم التقط له صورة، ربما لأنني لم اتوقع ان امر بمنظر كهذا في ربوع اوروبا وفي فرنسا بالتحديد، ولم اكن اعلم اننا سنمر بإمارة موناكو لذلك لم أجهز الكاميرا.. (صورة أخرى منقولة لموناكو ويبدو العمران فيها وقد ارتفع الى عنان السماء، وحتماً قبل ثلث قرن لم تكن هناك عمارات بهذه الضخامة).
لم تكن الحدود الفرنسية الإيطالية كالحدود الاسبانية الفرنسية، فلم يتوقف القطار على الحدود، بل ظل منطلقاً في طريقه، ولم نعلم أين تقع نقطة الحدود بالضبط، فقط مرّ ضابط الجوازات على عربات القطار.. وكان يمر سريعاً دون أن يأخذ من أحدهم اي هوية او يسأله عنها.. فقط عندما وقف في باب قمرتنا مد يده لي يطلب جواز سفري.. فعلق صاحبي: أرأيت.. أنت الوحيد الذي سئل عن جوازه.. فضحكت وضحك، وبالفعل اطلع الضابط على جوازي وسلمني إياه ولم يسأل صاحبي هذا عن جوازه رغم ان ملامحه لا تدل على أنه أوروبي.. وواصل الضابط مروره على عربات القطار دون أن يتوقف كثيراً عند أبواب القمرات الأخرى، فيبدو انهم كلهم اوروبيون..
وقفت على شباك عربة القطار من جهة الممر اتفرج على الأراضي الإيطالية، فكانت أجمل من فرنسا واسبانيا.. البحر الأزرق والجبال الخضراء والمزارع ذات اللون الأخضر الزاهي، وتتميز ايطاليا بكثرة الأنفاق داخل الجبال وبالجسور التي تربط بين جبل وآخر.. وقد قال لي صاحبي إياه عليكم بإحضار شركة إيطالية لتنفذ لكم الجسور في بلادكم وذلك عندما علقت على كثرتها في ايطاليا وجودة تصميمها، فقلت له ان الشركات الصينية هي التي تنفذ الجسور عندنا فقال لي ان الايطاليين افضل من ينفذ الجسور والأنفاق.. وبالفعل كان القطار يمر بنفق قد يكون طوله عدة كيلومترات، ثم ما إن يخرج منه حتى يدخل نفقاً آخر أطول منه، ثم بعد قليل يمر فوق جسر معلق بين جبلين..
المهم انا واقف على الشباك وشعري الكثيف الخنفس تدفعه الرياح الى الوراء بقوة إذ مددت رأسي الى الخارج ليكون في الضوء حتى يلتقط لي صاحبي صورة توضح وجهي والمنظر الذي في الخارج (مرفق الصورة ويبدو منظر القرية على الجبل)، المهم بعد التقاط الصورة ظللت واقفاً في الشباك اتفرج على جنوب ايطاليا الجميل فجاءت صبية ووقفت بجانبي في نفس الشباك وكنت اضع يداي على قاعدة الشباك مستنداً عليهما، فالتصق صدرها بيدي، فأحسست بشئ يشبه الليمونة الصغيرة يضغط على يدي، فحركت أصبعي لأخلص يدي، فلم تتحرك، فجال إصبعي في المجال حتى وقف القطار في المحطة التالية فنزلت ومعها أمها (شوفوها في الصورة).. آه يا إيطاليا ويا بنات إيطاليا الجميلات جداً والخفيفات خالص، واللائي أشبه بالعرب منهن بالأوروبيات، خاصة في الجسم المكتنز والعيون السود والشعر الأسود، كل شعوب البحر المتوسط تتشابه، سواء شماله او جنوبه..
والصورة الثالثة للجنوب الإيطالي الجميل، ايضا ً منقولة.
واقترب القطار من روما.. والتي كانت محطتي الأخيرة في قطار أوروبا السريع، المثير، اللذيذ..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الرابعة والأربعين
نواصل
روما
في الطريق توقف القطار لفترة طويلة غير معتادة، فحتى في المحطات كان القطار يقف لمدة دقائق قليلة، ثم ينطلق، لكن هنا توقف لحوالي ساعة او يزيد، ولا ندري إن كان ثمة عطل في القطار او قطار آخر سد الطريق.. المهم بدأ الناس يملون الانتظار، وبينا كنت أنظر عبر النافذة كان هناك شباب من ضمن المسافرين يقفون مع بعض على الأرض، فوضع أحدهم زجاجة فارغة بجانب عجلات عربة القطار التي نحن بها، ثم صوب حجراً نحوها، وبدأ زملائه يفعلون نفس الشئ، ثم وضعوا زجاجة أخرى، وأخرى وصار المكان ميدان رماية، فتطوعت النسوة من داخل قمرتنا بمدهم بالزجاجات الفارغة، وصاروا يتصايحون كلما أصابوا زجاجة، وأطل الجميع من خلف شبابيك القمرات ينظرون الى تلك اللعبة.. فعلاً الملل يجعل أي شئ تسلية حتى لو كان رمي الزجاجات الفارغة بالحجر..
ثم تحرك القطار يشق الجبال والمزارع والقرى الإيطالية الجميلة، ثم وصل الى محطة روما.. نزل الركاب في المحطة، فتوجهت الى مكان مستودع الشنط، وحسبته مثل ذلك الذي بمدينة مرسيليا، خزائن مفتوحة عليها مفاتيحها تضع شنطتك وتدخل عملة فيخرج لك المفتاح بعد أن تغلق الخزانة.. أما هنا في روما فقد كان المستودع أشبه بمخزن عفش كالذي في محطات السكة حديد بالسودان.. وهناك موظف يأخذ منك الشنطة ثم يعطيك بطاقة صغيرة عليها رقم لتستلم به شنطتك فيما بعد، وكانت الأجرة مناسبة كتلك التي في مرسيليا، أو ربما أقل..
أثناء تحركي داخل محطة روما لاحظت ان هناك فتاة ومعها فتى في مثل سنها يتبعاني، ثم تقدمت مني الفتاة وتكلمت معي بالإيطالية (وهي باين عليها إيطالية)، فقلت لها بالإنجليزية ما معناه: هلا تكلمتي بالإنجليزية؟ فقالت لي بالانجليزية: ما اسمك؟ فقلت لها اسمي عمر، فقالت لي اسمي منو كده ما عارف، ثم لفت حول الفتى كأنها تختبئ وراءه خجلاً.. وبما أنني كنت زهجان من شيل الشنطة وتعبان من الرحلة فلم أعرها التفاتاً ومضيت في حال سبيلي، يعني فوت لي ونس ساكت.. أو على الأقل مرافق يفرجني على روما، أو.. أو.. لكني استغربت في الموضوع لأنها كانت مع فتى! يا ربي المعاها ده كان اخوها واللا شنو؟
في المحطة برضو لاقاني واحد بيغير عملة، فقلت له بكم الدولار، قال لي بكذا، عندك كم، فقلت له عندي عشرين دولار، فضحك، يعني دي قروش دي.. فتركته وحولت من محل رسمي لتحويل العملة، وكانت الليرة الإيطالية زي المليم السوداني في ذلك الوقت.. وعلى ما أذكر كان المبلغ الذي استلمته من الصراف حوالي سبعة آلاف ليرة ايطالية..
وفي الليل وجدت مكاناً في حرم المحطة أشبه بالحديقة الصغيرة ينام فيه المسافرون، ومعظمهم خواجات، فرقدت تحت شجرة، وكنت محصوراً جداً، فزحفت الى جذع الشجرة لأفرغ مثانتي- يبدو أن الجميع كانوا يفعلونها لأن رائحة النشادر النفاذة تدل على ذلك- فلم استطع.. كان- وما زال- طبعي غريباً في هذه الناحية، فإذا كنت قريباً من الناس، حتى لو كانوا وراء ظهري لمسافة فلا استطيع أن أفعلها.. المهم جلست لمدة أحاول أن أفرغ ما في مثانتي لكن دون جدوى، فلاحظ أحد الشباب الخواجات الذين يرقدون في هذا المكان أنني أطلت المكوث تحت جذع الشجرة، فظن بي السوء، فصار يوقظ صديقه الذي كان يغط في نوم عميق، ربما هذا الشخص ظن أنني أنوي سرقة زميله او شئ من هذا القبيل، المهم رجعت الى مكاني وحاولت النوم فلم استطع لأنني محصور، وعلى ما أظن المحطة كانت قد أغلقت لذلك لم استطع دخول حماماتها.. الله ينعل ابو الفلس، وابو الحرامية السرقو قروشي في قطار اسبانيا، المهم تحملت الفلس وقل المال لأني سأبقى في روما فقط أربعاً وعشرين ساعة..
مرفق صورة لشخصي أمام قوس يشبه قوس النصر في فرنسا.. والصورة ملتقطة يوم 4 أغسطس 1976م، ويبدو خلف القوس حديقة غناء وارفة الظلال..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الخامسة والأربعين
نواصل
نبذة عن إيطاليا
تجولت في روما في محيط محطة السكة حديد، وهي روما القديمة، وكانت تشبه الى حد ما مدريد، إلا أنها لم تكن بروعة مدريد..
وقبل أن أواصل سقت لكم نبذة مختصرة عن ايطاليا من موقع ويكيبيديا:
الجمهوريّة الإيطاليّة (بالإيطالية: Repubblica Italiana) التسمية أصلها لاتيني ايتاليا، أما مصدر التسمية اللاتينية فهو غير مؤكد. وفقاً لأحد التفسيرات الأكثر شيوعاً فإن التسمية مستعارة من الإغريقية من الاسم الأوسكاني فيتيليو Víteliú والتي تعني "أرض الماشية اليافعة" (باللاتينية: vitulus) "عجل" أو (بالأومبرية vitlo "عجل")، كان الثور رمزاً لقبائل جنوب إيطاليا وكان يصور في كثير من الأحيان ناطحاً الذئب الروماني كرمز تحدي لحرية إيطاليا خلال الحروب السامنية.
أطلق الاسم إيطاليا في الأصل على جزء مما هو الآن جنوب إيطاليا، وفقاً لأنطيوخس من سيراكيوز الجزء الجنوبي من شبه جزيرة بروتيوم (كالابريا حالياً). لكن في وقته كانت اينوتريا وإيطاليا مترادفتين كما ينطبق الاسم على معظم لوكانيا كذلك. أطلق الإغريق تدريجياً اسم "ايطاليا" على منطقة أوسع ولكن التسمية لم تشمل كامل شبه الجزيرة حتى زمن الفتوحات الرومانية.
هي دولة تقع في جنوب أوروبا جزئياً في شبه الجزيرة الإيطالية وأيضاً تضم أكبر جزيرتين في البحر الأبيض المتوسط صقلية وسردينيا. تشترك إيطاليا في الحدود الشمالية عبر جبال الألب مع فرنسا وسويسرا والنمسا وسلوفينيا. بينما يوجد داخل الأراضي الإيطالية دولتان مستقلتان هما مكتنفا سان مارينو ومدينة الفاتيكان، كما يوجد مكتنف كامبيوني ديتاليا في سويسرا. تغطي الأراضي الإيطالية مساحة 301,338 كم2 وتتأثر بمناخ موسمي معتدل. يسكن البلاد 60.2 مليون نسمة وهي سادس دولة من حيث عدد السكان في أوروبا، وتحل في المرتبة 23 الأكثر تعداداً سكانياً في العالم.
كانت الأراضي المعروفة اليوم باسم إيطاليا مهد الثقافات والشعوب الأوروبية مثل الإتروسكان والرومان. كما كانت العاصمة الإيطالية روما لقرون عديدة المركز السياسي للحضارة الغربية باعتبارها عاصمة للإمبراطورية الرومانية. بعد تراجع الإمبراطورية تعرضت إيطاليا لغزوات من قبل شعوب أجنبية من القبائل الجرمانية مثل القوط الشرقيين واللومبارديين وشعب النورمان في وقت لاحق والبيزنطيين وغيرها. وبعد عدة قرون أصبحت إيطاليا مهد النهضة والتي كانت حركة فكرية مثمرة جداً والتي أثبتت قدرتها على تشكيل مسار الفكر الأوروبي لاحقاً.
خلال أغلب تاريخ البلاد ما بعد الحقبة الرومانية، كانت إيطاليا مجزأة إلى العديد من الممالك ودول المدن (مثل مملكة سردينيا ومملكة الصقليتين ودوقية ميلانو)، ولكن البلاد وحدت في عام 1861 بعد فترة مضطربة في تاريخ البلاد تعرف باسم "إعادة الولادة". من أواخر القرن التاسع عشر وخلال الحرب العالمية الأولى حتى الحرب العالمية الثانية تحولت إيطاليا إلى إمبراطورية استعمارية حيث امتد حكمها إلى ليبيا وإريتريا والصومال الإيطالي وإثيوبيا وألبانيا ورودوس ودوديكانيسيا وامتياز في تيانجين في الصين.
إيطاليا الحديثة جمهورية ديمقراطية. تصنف في المرتبة 18 عالمياً من بين الدول الأكثر تقدماً، كما صنفت جودة الحياة فيها من ضمن المراكز العشرة الأولى في العالم. تتمتع إيطاليا بمستوى معيشة عال جداً، وهي ذات ناتج محلي إجمالي اسمي عال للفرد. إيطاليا دولة عضو مؤسس في ما هو الآن الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي. كما أنها عضو في مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين. الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للبلاد هو السابع عالمياً بينما الناتج المحلي الإجمالي (تعادل القوة الشرائية) يحل في المرتبة العاشرة. كما تمتلك خامس أكبر ميزانية حكومية في العالم. هي أيضاً دولة عضو في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية ومجلس أوروبا واتحاد أوروبا الغربية. ميزانية الدفاع الإيطالية هي التاسعة عالمياً كما تساهم في خطة المشاركة النووية التابعة للناتو.
تلعب إيطاليا دوراً عسكرياً وثقافياً ودبلوماسياً بارزاً في أوروبا والعالم، كما تساهم في منظمات عالمية مثل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومنتدى غلوكال وكلية دفاع الناتو والتي توجد مقراتها في روما. نفوذ البلاد السياسي والاجتماعي والاقتصادي على الساحة الأوروبية جعلها قوة إقليمية كبرى جنباً إلى جنب مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا، كما صنفت إيطاليا في دراسة حول قياس السلطة في المرتبة الحادية عشرة عالمياً. مستوى التعليم العام في البلاد مرتفع والقوة العاملة وفيرة وهي أمة معولمة كما تمتلك سادس أفضل شهرة عالمية عام 2009 كما تحل في المرتبة 19 من حيث متوسط الأعمار المتوقع. في عام 2000 كان نظام الرعاية الصحية في المرتبة الثانية في العالم وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية. في عام 2007 كانت خامس دولة من حيث عدد الزوار مع ما يزيد على 43.7 مليون زائر دولي. تزخر البلاد بتقاليد عريقة في مجال الفنون والعلوم والتكنولوجيا بما في ذلك أعلى رقم لمواقع التراث العالمي على قائمة اليونسكو(44).
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة السادسة والأربعين
نبذة عن روما
نواصل
ما دمنا في روما فدعونا نسرد نبذة مختصرة عنها نقلتها من موقع ويكيبيديا مع بعض التعديل الطفيف والتصحيح:
روما (بالإيطالية: Roma) بالانكليزية (rome) هي عاصمة إيطاليا وأكبر مدنها. تقع في وسط دولة إيطاليا على ضفاف نهر التيفيرة ويبلغ عدد سكانها حوالي 2.555.000 نسمة. وهي عاصمة مقاطعة روما التي تعداد سكانها حوالي 3,615,972 نسمة، وأيضا عاصمة إقليم لاتسيو الذي تعداد سكانه حوالي 5,270,000 نسمة. سميت نسبة إلى الرومان. كانت المدينة في العصور القديمة عاصمة الإمبراطورية الرومانية وأصبحت عاصمة إيطاليا الحديثة منذ 1871. هي عاصمة مقاطعة لاتيوم والتقسيم الإداري روما.
لقرون عدة، دعِيت روما المدينةَ الأبديةَ، عنوان كَسبته كونها أحد أهم وأعظم المدنِ في الحضارةِ الغربية، فقد كانت عاصمة الإمبراطورية الرومانيةِ، وهي الآن القلب الروحي للكنيسةِ الكاثوليكية الرومانيةِ. ومنذ 1871 هي عاصمةَ إيطاليا الموحدة.
تقع دولة الفاتيكان، أصغر دولة في العالم، داخل حدود مدينة روما. أضاف اليونسكو مركز مدينة روما القديم وكنيسة القديس بطرس ومدينة الفاتيكان لقائمة التراث العالمي. تتخذ كل من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي من المدينة مقرا لها.
تنقسم روما إلى 19 بلدية و155 منطقة. البلديات يشكلون ضواحي المدينة. تم إدخال تقسيم البلديات ال 19 فقط منذ التسعينات من القرن السابق. كانوا في السابق 20 بلدية، ولكن تم فصل بلدية فيوميشينو عن المدينة لتصبح مدينة مستقلة إداريا. ضواحي روما مرقمة بالأرقام الرومانية للدلالة على تاريخ روما العريق.
روما اليوم
معظم الإنشاءات الكبيرة التي تمت في المدينة بنيت في الضواحي الخارجية مثل منطقة ال E.U.R. بلاتسو ديل لافورو (قصر العمل). يسمح بشكل ضيق البناء داخل مركز روما، ذلك خوفا من التعرض لآثار المدينة العريقة. تجري الآن حفريات ضخمة في منطقة الميدان القديمة (حيث المدرج الكولوسيوم). بشكل عام فإن تأثير تاريخ المدينة على البناء واضح. كما أن أي مشروع لتطوير أو توسيع بناء مهم في المدينة يواجه معارضة، على سبيل المثال واجه مشروع بناء مصف سيارات تحت ساحة القديس بطرس عام 2000 معارضة شديدة. لذلك على عكس المدن الأوروبية الكبرى الأخرى فإن شبكة القطارات التحت أرضية (مترو) متواضعة جدا مقارنة مع مثيلاتها في أوروبا. خط المترو رقم 3 لم يتم استكماله لحد اليوم لهذا السبب. الحفاظ على نمط روما القديم أثر سلبا على الضواحي الخارجية للمدينة، فقد سمح البناء بشكل عشوائي أحيانا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مما أنتج صورة بنائية غير جميلة في هذه المناطق. كما أن وجود عدد كبير من الكنائس في مركز المدينة وارتفاع مصاريف الحفاظ عليهم جعل بناء ورعاية كنائس أخرى جديدة في الضواحي أمرا صعب التحقيق. مشروع "حمامات عامة للجميع" القديم أهمل وهو غير موجود في الواقع اليوم. تحسن وضع روما قليلا بعد انتخاب السياسي روتيلي من حزب الخضر في التسعينات من القرن السابق. تحت ولاية البابا يوحنا بولس الثاني عاشت المدينة أكبر تجمعين بشرين في تاريخها. الأول كان في القداس الذي أقيم أثناء فعاليات يوم الشباب العالمي، حيث حضرها حوالي مليونان شخص. كما شارك ما بين ثلاثة إلى أربعة مليون نسمة في جنازته في 8 نيسان/أبريل 2005
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
النويري
19-12-2010, 10:41 PM
الحلقة الرابعة والأربعين
نواصل
روما
في الطريق توقف القطار لفترة طويلة غير معتادة، فحتى في المحطات كان القطار يقف لمدة دقائق قليلة، ثم ينطلق، لكن هنا توقف لحوالي ساعة او يزيد، ولا ندري إن كان ثمة عطل في القطار او قطار آخر سد الطريق.. المهم بدأ الناس يملون الانتظار، وبينا كنت أنظر عبر النافذة كان هناك شباب من ضمن المسافرين يقفون مع بعض على الأرض، فوضع أحدهم زجاجة فارغة بجانب عجلات عربة القطار التي نحن بها، ثم صوب حجراً نحوها، وبدأ زملائه يفعلون نفس الشئ، ثم وضعوا زجاجة أخرى، وأخرى وصار المكان ميدان رماية، فتطوعت النسوة من داخل قمرتنا بمدهم بالزجاجات الفارغة، وصاروا يتصايحون كلما أصابوا زجاجة، وأطل الجميع من خلف شبابيك القمرات ينظرون الى تلك اللعبة.. فعلاً الملل يجعل أي شئ تسلية حتى لو كان رمي الزجاجات الفارغة بالحجر..
ثم تحرك القطار يشق الجبال والمزارع والقرى الإيطالية الجميلة، ثم وصل الى محطة روما.. نزل الركاب في المحطة، فتوجهت الى مكان مستودع الشنط، وحسبته مثل ذلك الذي بمدينة مرسيليا، خزائن مفتوحة عليها مفاتيحها تضع شنطتك وتدخل عملة فيخرج لك المفتاح بعد أن تغلق الخزانة.. أما هنا في روما فقد كان المستودع أشبه بمخزن عفش كالذي في محطات السكة حديد بالسودان.. وهناك موظف يأخذ منك الشنطة ثم يعطيك بطاقة صغيرة عليها رقم لتستلم به شنطتك فيما بعد، وكانت الأجرة مناسبة كتلك التي في مرسيليا، أو ربما أقل..
أثناء تحركي داخل محطة روما لاحظت ان هناك فتاة ومعها فتى في مثل سنها يتبعاني، ثم تقدمت مني الفتاة وتكلمت معي بالإيطالية (وهي باين عليها إيطالية)، فقلت لها بالإنجليزية ما معناه: هلا تكلمتي بالإنجليزية؟ فقالت لي بالانجليزية: ما اسمك؟ فقلت لها اسمي عمر، فقالت لي اسمي منو كده ما عارف، ثم لفت حول الفتى كأنها تختبئ وراءه خجلاً.. وبما أنني كنت زهجان من شيل الشنطة وتعبان من الرحلة فلم أعرها التفاتاً ومضيت في حال سبيلي، يعني فوت لي ونس ساكت.. أو على الأقل مرافق يفرجني على روما، أو.. أو.. لكني استغربت في الموضوع لأنها كانت مع فتى! يا ربي المعاها ده كان اخوها واللا شنو؟
في المحطة برضو لاقاني واحد بيغير عملة، فقلت له بكم الدولار، قال لي بكذا، عندك كم، فقلت له عندي عشرين دولار، فضحك، يعني دي قروش دي.. فتركته وحولت من محل رسمي لتحويل العملة، وكانت الليرة الإيطالية زي المليم السوداني في ذلك الوقت.. وعلى ما أذكر كان المبلغ الذي استلمته من الصراف حوالي سبعة آلاف ليرة ايطالية..
وفي الليل وجدت مكاناً في حرم المحطة أشبه بالحديقة الصغيرة ينام فيه المسافرون، ومعظمهم خواجات، فرقدت تحت شجرة، وكنت محصوراً جداً، فزحفت الى جذع الشجرة لأفرغ مثانتي- يبدو أن الجميع كانوا يفعلونها لأن رائحة النشادر النفاذة تدل على ذلك- فلم استطع.. كان- وما زال- طبعي غريباً في هذه الناحية، فإذا كنت قريباً من الناس، حتى لو كانوا وراء ظهري لمسافة فلا استطيع أن أفعلها.. المهم جلست لمدة أحاول أن أفرغ ما في مثانتي لكن دون جدوى، فلاحظ أحد الشباب الخواجات الذين يرقدون في هذا المكان أنني أطلت المكوث تحت جذع الشجرة، فظن بي السوء، فصار يوقظ صديقه الذي كان يغط في نوم عميق، ربما هذا الشخص ظن أنني أنوي سرقة زميله او شئ من هذا القبيل، المهم رجعت الى مكاني وحاولت النوم فلم استطع لأنني محصور، وعلى ما أظن المحطة كانت قد أغلقت لذلك لم استطع دخول حماماتها.. الله ينعل ابو الفلس، وابو الحرامية السرقو قروشي في قطار اسبانيا، المهم تحملت الفلس وقل المال لأني سأبقى في روما فقط أربعاً وعشرين ساعة..
مرفق صورة لشخصي أمام قوس يشبه قوس النصر في فرنسا.. والصورة ملتقطة يوم 4 أغسطس 1976م، ويبدو خلف القوس حديقة غناء وارفة الظلال..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
استاذنا عمر والله متعة ما بعدها متعة لكن الصورة بتاعتك دي ذكرتني بوابة عبد القيوم هههههههههههههههههههه
استاذنا عمر والله متعة ما بعدها متعة لكن الصورة بتاعتك دي ذكرتني بوابة عبد القيوم هههههههههههههههههههه
شكرا يا النويري على المرور وعلى المداخلة
طيبت خاطري الله يطيب خاطرك
بوابة عبد القيوم أكيد منقولة فكرتها من قوس النصر او من هذه التي في ايطاليا، لكن الغريب انها منتشرة في كل مكان في فرنسا وايطاليا، ولكن في السودان فقط واحدة هي بوابة عبد القيوم!! لماذا لا تُنشأ بوابات أخرى مثلها؟
الحلقة السابعة والأربعين
تجولت في روما وغادرتها
..نواصل
تجولت في روما وأكثر ما لفت نظري هو وجود كثافة ملحوظة للوجود الاثيوبي والاريتري والصومالي في شوارع ومقاهي روما، فأحياناً كنت أرى المقهى ممتلئ بهم ولا يوجد أوروبي واحد، يعني تحس بأنك في الديم في الخرطوم.. ولو تذكرون كانت الحرب أيامذاك مستعرة بين الثوار والحكومة في أديس أبابا، كذلك الثور الاريترية، ويبدو ان معظم هؤلاء طالبي لجوء سياسي في ايطاليا.. المهم كنت أتجول فقابلت شخص ظننت أنه سوداني، لكني تراجعت وقلت أكيد يكون اثيوبي او اريتري، لكنني تشجعت وسألته بالانجليزية إن كان سوداني، ويا للمفاجئة، فقد كان سوداني بالفعل.. يا لمحاسن الصدف.. اتونست مع السوداني الذي كان بحاراً ولكنه آثر البقاء في إيطاليا.. وعندما علم أنني قادم من المغرب وأنني أدرس بها قال لي كيف تعيشون مع المغاربة؟ استغربت سؤاله، فوضح لي بأن المغاربة هنا (شفّاره) أي لصوص، وبمعنى سوداني أدق (رباطه) أو بتاعين نهب مسلح، وهم يستعملون (الموس) وبلغتنا السكين او المطوة، وان الايطاليين يهابونهم أكثر مما يهابون المافيا.. وقال لي هذا السوداني أنه يعيش في منطقة يسكنها أعضاء المافيا الإيطالية، وهؤلاء يخافون من المغاربة! الغريبة ان نفس الملاحظة قالها لي السودانيون الذين قابلتهم في اسبانيا.. ولكني أوضحت للجميع ان المغاربة شعب طيب وليس هناك إجرام كالذي تذكرون.. إلا أنني ادركت ان الحكم الصارم في المغرب ألجم المجرمين وحدّ من نشاطهم الإجرامي، لكن في أوروبا يمارسون هذا النشاط والأوربيون يهابونهم، وقد قال لي أحد السودانيين في اسبانيا اذا قلت للأسباني (مور) وتعني مغربي فسيهرب منك..
تونست مع السوداني هذا على الماشي ثم ودعته وتجولت في روما وشوارعها وأزقتها ومقاهيها، وهي كمدريد تكثر فيها التماثيل في الشوارع والميادين، وكذلك المياه العذبة التي تتدفق من ما يشبه السبيل، ثم حينما اقترب موعد الطائرة دخلت حماماً عاماً (بفلوس) واستحميت وقشرت بالبدلة الما خمج الفل سوت، وخلعت القميص الذي زينته بطباعة من تنفيذي، وكذلك البنطلون الجينز وركبت الحافلة من وسط روما- ربما من أمام محطة السكة الحديد- المتوجهة الى مطار روما، وتحركت الحافلة فأكملت الفرجة من عبر نوافذها، ومررنا بمبنى الكولِّسيوم- وينطقه السودانيون كلوزيوم- وفعلاً هو مبنى مهيب وضخم.. ثم اقتربنا من مطار روما، وهو مطار كبير مقارنة بالمطارات التي رأيتها- الخرطوم والدار البيضاء وأغادير- ثم وصلنا الى مطار روما، وأثناء نزولنا من الحافلة رأيت شرطي مرور يضع ورقة مخالفة لسيارة تقف في المواقف التي أمام الصالات، والغريب ان السيارة واقفة بين الخطين المتوازيين، ولكنها لم تكن متوازية مع الخطين تماماً.. أي هناك انحراف بسيط لم يخرجها من بين الخطين ولكنها بدت وكأنها (خربت الرصة)! شوف الدقة والنظام ده كيف؟ ده لو في السودان او في السعودية لوجدت كم سيارة قافلة على سيارات أخرى، وتنتظر الى حين يأتي سيادته ليخرج سيارته لتخرج بعده انت، وربما لا يقدم لك اعتذار وربما نظر اليك نظرة احتقار ان كيف تجرؤ على لومه..
كذلك لاحظت أن هناك طفلان ولد وبنت يلعبون في أحد بوابات الدخول، وكانت من الزجاج وتفتح اتوماتيكياً عندما يقترب منها الشخص- طبعاً كان غريباً علينا في ذلك الزمان، أما الآن فقد انتشرت هذه الأبواب في كل بقاع الدنيا، المهم لاحظت ان الطفلين يدخلان ويخرجان من البابين المزودجين (باب وبعده باب وبينهما مساحة فاضية)، فأحياناً يقفان داخل تلك المساحة الى حين مرور شخص من الخارج لينفتح الباب فيخرجان من جهة الدخول أو يدخلان من جهة الخروج، وما لفت نظري أن أحداً لم ينهرهما ولم يوقفهما، ولو حدث هذا في السودان او في السعودية لضربوهم او نهروهم او سبوا والديهم..
تجولت في المطار، ووجدت مكان لبيع الطعام فاشتريت سندوتش بيض مقلي، واشتريت قهوة من جهاز للبيع الذاتي- ايضاً كان غريباً في ذلك الزمان- فوضعت حوالي 300 ليرة فنزل كأس الورق الخالي، ثم صبت القهوة من تلقاء نفسها وأخذت السكر من الجهاز، وشربت القهوة ساخنة.. طبعاً لو كنت حكيت هذه التكنولوجيا زمان لكان لها وقع خاص، فوقتها لم توجد الا في اوروبا..
دخلت المطار وقدمت تذكرتي وجواز سفري لموظف الخطوط فختم لي الجواز واصدر لي بطاقة صعود الطائرة، ثم توجهت لبوابة المغادرة ومنها الى الطائرة السودانية البوينق 707 (النيل الأزرق) وقد كانت للخطوط السودانية طائرتين من نفس النوع، الأخرى هي (النيل الأبيض) وكلا الإسمين مكتوبين باللغة الإنجليزية.. وأقلعت سودانير.. ووداعاً روما، ووداعاً إيطاليا، ووداعاً أوروبا..
الصورة المرفقة لشخصي في أحد شوارع روما، وتبدو المباني التي تشبه الى حد ما مباني مدريد، وقد وجدت خلف الصورة بخط يدي مكتوب: (روما 4 أغسطس 1976، التقط الصورة إيطالي، عمر حسن غلام الله)، وكما أسلفت فالكتابة خلف كل صورة يحفظ تاريخها ومناسبتها ومكان التقاطها وبعض المعلومات التي قد لا تبدو في وقتها هامة، ولكن بعد مرور 34 سنة ونيف قد تصبح المعلومات ضبابية في الذاكرة الخربة التي تقدمت بها السن، لذا تكون أهمية المعلومات المكتوبة..
الصورة عدت عليها عاديات الزمن فطمرتها أمطار مدني كما أسلفت، والحمد لله ان هذه الصورة بها جانب سليم، فبعض الصور طمست تماماً ..
وأرفق أيضاً صورة للكلسيوم نسختها من أحد المواقع التي تشجع السياحة الى أوروبا
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة الثامنة والأربعين
الطائرة السودانية ومطار الخرطوم
نواصل..
في الطائرة السودانية كانت بعض المضيفات بريطانيات.. تصوروا.. كنا نستقدم بريطانيات للعمل لدينا في سودانير.. شوفوا أيام العز.. وإحدى هؤلاء المضيفات البريطانيات كانت تقدم الحلوى في طبق لزوم الضيافة، فلاحظت انها كانت كلما قدمت الحلوى لراكب ابتسمت له، ولكن الإبتسامة كانت ميكانيكية! نعم، لم أخطئ في الكلمة، ميكانيكة بمعنى الكلمة، فكانت كمن يقول له المصور قل بليز ليبدو في الصورة كأنه يبتسم، كانت تصطنع الابتسامة، وما إن تفعل حتى يرجع فمها كما هو متجهماً، وهكذا من راكب الى آخر بحركة واحدة متكررة ومملة جداً قد لا يلاحظها الراكب الذي تقدز له الحلوى ولكن لو أحدهم تابعها بنظره من بعيد فسيرى تلك الحركة التي يبدو أنها درستها عندما كانت تدرس استعداداً للتوظف كمضيف جوية.. والغريبة أن المضيفات السودانيات كن على طبيعتهن، لا يبتسمن أبداً، وبما أننا متعودون عليهن فلم نلاحظ غرابة في ذلك، بل وربما أغلظت لك إحداهن القول او نهرتك.. كلو عند السودانيين جايز.. لكن عند البريطانيين ومن لف لفهم فلا يتعاملون إلا حسب الأصول حتى ولو كانت الأصول ابتسامة مزيفة.
في الطائرة وجدت فتاتان سودانيتان صغيرتان في السن، ربما 15 و16 سنة مسافرتان لوحدهما من روما الى السودان، تونست معهما، ولكن بقيت جملة في ذاكرتي من تلك الونسة منذئذ، فكانتا قد سألتاني هل كنت أعمل في اوروبا أم سائح، قلت لهما بل جئتها سائحاً، فقالتا ان من يعمل في اوروبا يعمل في الأعمال الهامشية مثل غسيل الصحون في المطاعم.. ويبدو أن بدلتي الفل سوت قد ضللتاهما فحسبتا انني من ابناء الذوات مثلهما، فعابتا من يذهب إلى أوروبا للعمل في مثل تلك الأعمال الهامشية.. كل تلك الونسة وأنا راجع من الحمامات وقفت فوق كرسييهما أسألهما ويجيبانني ويسألنني وأجيبهما، وكان هناك ولد صغير عمل الدرب ساساقا، فكل حين يمر جيئة وذهاباً وأنا أنحشر جهة الكراسي لأفسح له الطريق ليمر عبر الممر الضيق، ويبدو أنه زادها حبتين (متعمداً) فعلقت الفتاتان على ذلك، يعني معناها انت حاسدنا واللا شنو يا ولد..
كانت الرحلة طويلة نسبياً، حوالي أربع او خمس ساعات، وكان الشوق الى الأهل والى الوطن يخيل لي أنني لن أصل الى الخرطوم، خفت ان تسقط الطائرة او يحدث لي شئ قبل أن أرى أهلي، فكنت أدعو الله أن أصل وأراهم ثم بعد ذلك يحدث ما يحدث.. كان شوقاً جارفاً للأهل بعد أول فراق- رغم أنه لم يتعد التسعة أشهر- لكنها كانت مثل سنوات طوال..
وهبطنا في مطار الخرطوم بسلام، كان ذلك يوم 5 أغسطس 1976م، بدأ لي مطار الخرطوم كئيباً وصغيراً وكأنه كوخ ويبدو أن ذلك كان بسبب مقارنة ذهني بمطار روما الضخم.. وقبل أن أرى مطار روما ومطار الدار البيضاء كان مطار الخرطوم بالنسبة لي فخم وضخم، خاصة عندما دخلته لأول مرة، وكان ذلك في العام 1970 عندما جئنا من مدني لنودع خالي الصادق حسن الصادق المسافر الى أمريكا لنيل الماجستير، وقتها رأيت مطار الخرطوم فخماً وجميلاً، لكنني الآن وأنا قادم من مطار روما فبدأ لي كمطار مدني الذي لم يكن غير ساحة ترابية تستخدم كمدرج وغرفة واحدة لإدارة المطار..
استقبلني خالي الصادق في المطار وذهبت معه الى منزله بشمبات الزراعة، وبعد السلام والترحاب رحت في سبات عميق، فأيقظوني لأتعشى، فتعشيت وأنا شبه نائم، بل مغمض العينين، فكنت أدخل الخبزة في صحن القراصة وأنا لا أدرك ماذا أكلت.. لقد كنت منهكاً وفاقد نوم بسبب تلك الرحلة الطويلة وعدم النوم المريح منذ أن فارقت مدريد، فإما نائم في القطار وأنا جالس، او في محطة القطار او في الحدائق..
استيقظت في الصباح فأخذني خالى الى منزل عمي خضر غلام الله- رحمه الله رحمة واسعة.. أدعو له بالرحمة- في الديم، حيث أخذني هذا الى موقف مدني وكان يومئذ في الخرطوم ثلاثة، ولكن قبل أن يصل الى الموقف ذكر لي أن كل الأهل مجتمعين في حديقة في سوبا، وكان اليوم جمعة، وبالفعل وجدت معظم أهلنا الذين يسكنون العاصمة، سلمت عليهم ولكن إحدى قريباتي قالت لي (البركة فيكم في ...)، ولم استوعب الاسم الذي ذكرته.. فانقبض صدري ولكني لم استطع الاستفسار منها، خفت أن أعرف، اصبحت مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمال.. كنت ابتسم لمن يسلم علي ابتسامة المضيفة البريطانية إياها.. ثم سرعان ما يتجهم وجهي.. ثم انتهى السلام واستودعت أهلي بتلك الجنينة في سوبا وأخذني عمي ومعي بن عمتي عبد المطلب عكاشه الذي كان في زيارة للخرطوم وكان عائداً أيضاً الى مدني، ركبنا سوياً أنا وبن عمتي البص المتجه الى مدني، وطيلة الطريق أحاول أن اسأله عن الشخص الذي قالوا لي البركة فيك من هو، ولكن يلجمني الخوف.. وبعد مجاهدة عنيفة مع النفس سألته.. فقال لي مافي أحد مات، ولكني ألححت عليه وقلت له ان فلانة قالت لي البركة فيكم.. في النهاية فجر في وجهي القنبلة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة التاسعة والأربعين
لبنى
نواصل..
لبنى
يا الله...
إنها أختى الصغرى، أصغر أخواتي، آخر العنقود التي لم تكمل عامها الرابع.. كانت صدمة عنيفة رغم التمهيد بالخبر من تلك المرأة في جنينة سوبا.. بكيت في البص.. وانتحبت في صمت.. قال لي بن عمتي: عشان كده أنا ما كنت عايز أكلمك..
وصل البص مدني ونزلنا في محطة البصات بالسوق الجديد، ومنها بتاكسي الى حي 114 .. وانقلبت حلاوة اللقاء الى علقم..
أُعيد العزاء مرة أخرى بقدومي، رغم أنه لم يكن هناك عزاء بالمعنى المفهوم لأن الفقيدة مسبلة لصغر سنها، ولكن مجئ الناس خاصة الجيران والأهل ليعزوني أعاد الحزن مرة اخرى رغم انه لم يبرحهم في الأساس..
حمى ليوم واحد فقط مكثته في المستشفى ثم أسلمت الروح.. قالت لي امي لقد بكاها الناس كأنها شخص كبير وليس طفل.. وقالت لي أنهم لم يشاءوا أن يخبروني لأنهم يعلمون أنني في وقت امتحانات، وآثروا ألا يخبروني وأنا في الغربة حتى لا يكون وقعها صعباً على نفسي، سيما وأنهم علموا بأنني قررت أن أعود في الإجازة الى السودان..
خففت عني أمي آلام المصاب بأن قالت لي أن هي الحياة هكذا، لا بد أن يتوقع الإنسان كل شئ.. نعم صدقت، ولكن دائماً النفس تأبى الفراق.. خاصة فراق الصغار، فهم المحبوبون دائماً، طاهري القلوب صافو النفوس.. ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا.. إنا لله وإنا إليه راجعون..
ما كان يجب أن أحزنكم معي وأنا أسوق إليكم ذكريات السفر وطرائف الرحلات سيما وأنه مضى على هذه الأحزان ما يزيد على ثلث القرن.. لذا سأنقلكم الى محطة أخرى مفصلية في حياتي، بل هزت كياني هزاً..
مضت الأيام بين ظهراني الأهل وترحابهم بي وعزاءهم لي، والتقيت بأصحابي وزرت أهلي.. وبدأت أشم روائح زكية لطالما اشتهيتها وأنا في الغربة، روائح مرتبطة بموسم معين.. لقد كنا في شهر شعبان، وبقي لرمضان أقل من اسابيع ثلاث.. وتلك الروائح الزكية التي تنبعث من هنا وهناك، مرة في بيتنا ومرة في بيت الجيران وثالثة في بيت الجيران الذين خلفنا.. حيث تجتمع النسوة لعواسة الآبري والحلو مر..
ويهل رمضان، ونجتمع في قطعة الأرض غير المبنية التي بين بيتنا وبيت جيراننا ناس محمد مالك، ويتم تنظيف مكان فيها من الطوب والزجاج المكسور، وفي أول يوم من رمضان تفرش البروش والأكاليم ونجتمع نحن وأسرة العم محمد مالك، وأحياناً العم محمد عابدين حينما يكون موجوداً بمدني..
وعقب الإفطار نصلي المغرب ثم يأتي الشاي، وبعدها يرقد من يريد على البروش وندخل صواني الطعام وجكوك المياه الحلوة من حلو مر وآبري أبيض ونشاة، ثم يذهب بعضهم الى الأندية وبعضهم الى السوق وبعضهم الى أصدقائه..
وفي منتصف رمضان بدأت رائحة زكية أخرى تزكم الأنوف.. رائحة الخبيز والكعك.. بدأت النسوة في إعداد الأفران وعجن الدقيق وإعداد الخبيز والكعك..
وفي رمضان أيضاً كانت المسلسلات العربية.. وكان الجميع يحرص على مشاهدتها.. وكان جهاز التلفزيون في ذلك الزمان من الترف الذي لا ينتشر في الأحياء الفقيرة مثل حينا العمالي البسيط.. لكن جارتنا فوزيه المصرية ذات حج أحضرت معها هذا الجهاز وكان بالأبيض والأسود، ورغم ذلك لم يوجد غيره في الحي إلا ما ندر.. على الأقل في محيطنا ومحيط الشوارع القريبة منه.. كنا محظوظين إذ كنا نشاهد المسلسل من فوق الجدار الفاصل بيننا وبين جيراننا ناس محمد عابدين.. ولكن الجيران الآخرين كان لابد ان يدخلوا البيت- وكان هذا متاحاً للجميع، ما أحلى أيام زمان، لا يحس الضيف بأنه ثقيل ولا المضيف بأنه يستثقل ضيفه، بل يرحبون به ويفرشون البروش للصغار ويهيئون المقاعد والكراسي والأسرة للكبار..
وكانت بينهم..
تلك التي ستغير مجرى حياتي لعقود قادمات..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة الخمسون
أفروديت
نواصل..
لفت نظري جمالها رغم صغر سنها.. ولكن عيونها أسرتني، ونظرتها أوقعتني في حبها.. ولكن ابتسامتها أكدت لي حبها لي.. كل ذلك في الثواني الأولى.. إنه الحب.. الحب من أول نظرة..
حتماً لم يكن جمالها سبب حبي لها، فالجمال في المغرب لا حدود له يذكرك بالمثل القائل ان الصندل في بلده حطب.. ومع ذلك لم أقع في حب مغربية رغم إعجابي بجمالهن وحلاوتهن وطلاوتهن.. وقعت في حب هذه السمراء الصغيرة..
رفعت يدي إليها محيياً وعيناي ما زلتا عالقتين بعينيها الباسمتين الواسعتين، فرفعت يدها بحياء ترد التحية، وعرفت من الذي يقف بجانبي من هي.. ويبدو أنها عرفت من أكون.. وعرفت أنا انها تقيم مع خالها الذي يجاور منزله منزل جيراننا أصحاب التلفزيون من الجهة الخلفية، وكانت في مهمة مساندة لزوجة خالها التي كانت في الوضوع.. وكان عثمان- المولود، الذي عمره الآن يناهز الرابعة والثلاثين- هو الذي نؤرخ به حبنا..
بعد أيام قلائل من هذا اليوم التاريخي، جاءت في غير موعد المسلسل وعبر الجدار الفاصل بيننا وبين جيراننا وقفت ونادتني وقدمت لي لفافة من ورق الجرائد، أخذتها وبدأت في فتحها، فترجتني ألا أفتحها حتى تذهب، ولكني كنت قد شرعت في ذلك، فوجدت حلاوة العيد وخبيز وكعك.. أكبرت فيها تلك الروح، هدية بسيطة لكنها رائعة.. إنها عربون المحبة.. وكأني أراها الآن تتوارى خجلاً إذ فتحت الهدية وهي ما زالت واقفة..
وهل علينا هلال العيد، وبعد صلاة العيد دخلنا كل بيوت الحي كالمعتاد، ولكن قلبي كان يدق كلما اقتربنا من بيت خالها حمد- نسيت أقول لكم أنني اكتشفت أن شقيقها درس معي في مدرسة مدني الأهلية (أ)، وهم يسكنون معنا في نفس الحي- 114- ولكن لم أدخل منزلهم من قبل.. دخلنا منزل العم حمد وكان معي بن عمي، فسلمنا على أهل البيت وكانت هي بينهم، فابتسمت لي ابتسامة لاحظها بن عمي عثمان، وما إن خرجنا حتى قال لي: بسمات.. وصار يرددها حتى رجعنا الى بيتنا حيث أخبر بها أهل منزلنا الذين كانوا قد لاحظوا ما أنا فيه من تجليات الحب..
في مساء نفس يوم العيد وكنا في الغرفة فشممنا عبر شباك الشارع عطراً كان مشهوراً في ذلك الزمان، وهو عطر كارينا، فالتفتنا جميعاً عبر النافذة لنعرف مصدر هذا العطر فإذا فتاتي تمر بالقرب من النافذة في طريقها الى باب بيتنا، وهاك يا تعليقات.. وما هي إلا ثواني حتى كانت بيننا.. لقد كان حباً جارفاً طاغياً.. كانت رغم صغر سنها قوية الشخصية، وكانت تعرف ما تريد، وتنال ما تريد، ولا تكترث لشئ آخر ولا لشخص آخر..
أسميتها افروديت.. وكنت قد شاهدت فيلماً مصرياً فيه تمثال افروديت بدون رأس، فجاءت سعاد حسني ووقفت خلف التمثال ووضعت ذقنها على عنق التمثال، فبدأ وكان التمثال اكتمل، فما كان من عماد حمدي حينما التفت فرأي هذا المنظر إلا أن قال: (افروديت تحيا من جديد).. ولحبي الشديد لسعاد حسني عليها رحمة الله، صعد فجأة هذا الإسم من الذاكرة لتشابه الجمال في الحالتين.. فصار اسمها افروديت..
لم تمض أيام حتى عرفت اسرتينا بما بيننا، وكذلك الجيران، والأهل الأقربون.. كان الحب الأول الحقيقي إن استثنينا مغامرات المراهقة الأولى والقصص التي انتهت الى لا شئ، والإعجاب ببعضهن دون أن يتمخض عن الإعجاب شئ.. كانت أسرة فتاتي متفتحة الى حد كبير مقارنة مع بقية الأسر في الحي، باستثناء والدها، فكان إخوانها يعلمون بما بيننا، ولكنهم لثقتهم في أختهم ومعرفتهم بشخصي خاصة حسن زميلي السابق، فقد تركوا لنا هامش كبير من الحرية التي أغاظت بنات وشباب الحي.. وتلك قصة أخرى..
انتهت عطلة العيد وفتحت المدارس، وفتاتي ما زالت في بيت خالها، فكانت لابد أن تصبّح على حبيبها، وكان حبيبها ينتظرها كل صباح لتمر عليه، فاضطرت لتغير خط سيرها الى المدرسة فتدلف الى شارعنا ثم تعود مرة أخرى- بعد اللقاء الصباحي- بموازاة شارعهم لتذهب الى مدرستها، اي كانت تتجه جنوباً ثم ترجع لتتجه شمالاً مرة أخرى.. ولم تكن تكترث لأحد رغم وضوح سبب تغيير خط سيرها الى المدرسة.. ألم أقل لكم كانت شخصيتها قوية.. وحين عودتها من المدرسة الى المنزل كانت أيضاً تمر علي، وكنت أحرص على أن أكون في تلك الساعة في المنزل.. مين زيك يا عمر..
أخذتها ذات مساء الى ستديو اشراقة، وكان زميل الدراسة في مدني الثانوية خالد علي يعمل به، التقط لها المصور الشيخ الصورة، وقبل أن يضغط على زر الكاميرا رفع أصبعه فوق الكاميرا وقال لها انظري الى اصبعي، فنظرت، فجاءت الصورة وقد بدت فيها في أجمل حالة، أبرزت جمال عينيها وعذوبة ابتسامتها، وعلمت بعد سفري أنه طبع منها أكبر مقاس وضعه في واجهة الاستديو- كان هذا عادياً في ذلك الزمان، وربما الآن كذلك- وأكيد لروعة الصورة.. وطبعاً كتبت لي على ظهر صورتها إهداء جميل..
كانت العفاف نفسه، والطهر ذاته، والصفاء في أبهى صوره..
ويوم مغادرتي مدني الى الخرطوم للعودة الى المغرب، مرت بي كالمعتاد في طريق عودتها من المدرسة وكتبت لي في مذكرتي الخاصة كلمات بديعة كتذكار، ووعدتني بأن تحضر في العصر لتودعني، ولكنها لم تأت.. فيما بعد عرفت أنها كانت تدرك انها لن تأتي ولكنها قالت ذلك حتى لا أصر عليها، وتبريرها لذلك هو أن العيون ستكون مركزة علينا ساعة الوداع من كل الناس خاصة الجيران والأهل، وستكون في موقف صعب.. أكبرت فيها هذا التفكير رغم صغر سنها، وقدرت أن هذا هو عين الصواب رغم زعلي من عدم حضورها حسب وعدها لي..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة الحادية والخمسين
العودة الى مغرب الأحباب
نواصل..
بقيت أياماً قليلة في العاصمة السودانية الخرطوم قبل أن أمتطي صهوة النيل الأزرق (طائرة سودانير 707) المتوجهة الى روما وذلك في أوائل نوفمبر 1976م، وفي الطائرة كانت مسافرة معي زميلتنا سامية ابراهيم احمد، وكان خالها طياراً في سودانير فصعد معها الى متن الطائرة وتعرف عليّ واطمأن على سفرها الى المغرب، وقبل أن أنسى فإن المرحوم السفير الرشيد نور الدين هو أيضاً خالها..
ودعت أمي وأخوالي في مطار الخرطوم وغادرتها الى روما، وهذه المرة لم نغادر المطار، فقط غيرنا الطائرة السودانية الى الطائرة المغربية المتجهة الى الرباط.. ووصلنا الرباط، وهبطنا الى أرض المطار وقدمنا جوازاتنا الى العسكري، فاتضح ان تأشيرة عودتي منتهية، ولم أكن أتصور أن هؤلاء المغاربة الطيبين يمكن أن يمنعوني من الدخول الى المغرب وأنا مقيم بها ولدي دفتر إقامة.. وكان الجو بارداً، وتضامن ذلك مع تخوفي من إرجاعي على أعقابي فبدأت أرتجف، ولاحظ ذلك أحد الزملاء السودانيين ولا أدري هل قابلناه في مطار روما حيث تصل بعض الطائرات قبل موعد إقلاع الطائرة المتجهة الى المغرب فيبقون في الفندق، فربما كان هؤلاء قد سبقونا الى روما وتخلفوا فيها يوماً او يزيد، ثم ركبوا معنا نفس الطائرة من روما الى الرباط، ولا أذكر من هم ولم يكونوا معنا في الطائرة من الخرطوم الى روما، لاحظ هذا الزميل ارتجافي فسألني لماذا ارتجف فقلت له بأني بردان..
المهم سمحوا لي بدخول المغرب، فغادرنا المطار، ساميه توجهت نحو منزل خالها السفير، وتوجهنا نحن الى الحي الجامعي مولاي اسماعيل حيث زملاءنا السودانيين، وقضيت الليل معهم، ثم في الصباح انتقلت الى الحي الجامعي السويسي، وكنت قبل سفري الى السودان في اجازة قد تقدمت لإدارة الحي الجامعي السويسي الثاني لانتقل الى غرفة ذات سريرين كان قد أخبرني بعض الزملاء انها خالية، فذهبت الى فؤاد الحسيسني في مكتبه فقال لي لا توجد غرفة خالية، فقلت له بل يوجد وهي الغرفة الفلانية في الجناح الفلاني، فقال لي لا توجد، فاحتددت معه في الكلام وارتفع صوتي، وكان نائبه متواجداً معه، فلاحظت أنه لا يرفع نظره اليّ بل ينظر الى الطاولة أمامه، ويبدو انه كان مستغرباً في هذا الزول الذي يرفع صوته على فؤاد الحسيسني مدير الحيين الجامعيين مولاي اسماعيل والسويسي الثاني، وكان لا شخصية له امام الحسيسني الصعب.. المهم جاء الحارس وأخذني برفق الى الخارج.. فخرجت.. والآن يبدو أن تلك الشكلة جابت نتيجة، فقد اخترت غرفة مميزة، بها بلكونة واسعة وتطل على جناح البنات، فمنحوني إياها.. لكن لم تكتمل فرحتي بها، فقد قابلني أحد الزملاء السودانيين وقال لي ان فلان سيسكن معك، نفيت له تلك المعلومة فقال لي أنه قابله وهو من أخبره بذلك، وتذكرت انه قال لي ذات مرة انه يريد ان يسكن معي في تلك الغرفة المميزة 222 في جناح 2 او جناح بي، فجاملته وقلت له كويس، ويبدو انه كان جاداً ولم يصدق ان يجد احداً يرحب بالسكنى معه، فذهب الى مدير الحي الجامعي واعطاه رقم الغرفة واسم ساكنها اللي هو انا فوافق مدير الحي، وتفاجأت به يسكن معي.. قد تتساءلون لماذا لا يقبله احد.. والسبب انه شرير وكثير المشاكل، ولا يستطيع احد ان يعاشره..
وعندما سكن معي عرفت سبب كل هذا، فقد حكى لي- بعد شكلة معتبرة بيني وبينه- أن ابيه قاسٍ جداً وأنه على سبيل المثال كان يوقظهم الصباح بضربهم بخشبة مسنود بيها الباب.. كان زميلي في الغرفة يسيئ الظن بكل انسان، وهذا شئ طبيعي، فمن لا يثق بأبيه لن يثق بغيره.. وذات مساء رأيته يقرأ في خطاب، وبعدها خرج من الغرفة وكان الوقت متأخراً في الليل، وكان وقتها مخاصمني- تصوروا زول ساكن معاك في غرفة واحدة ومخاصمك- المهم بعد خروجه أطفأت نور الغرفة ورقدت في فراشي، فرجع بعد قليل وهاج وماج وشال الكرسي يريد ان يضربني به لأنني أطفأت نور الغرفة.. المهم بعد أن هدأ حكى لي ان سبب ثورته تلك هو هذا الخطاب الذي وصله من أخيه الذي طرده ابوه من البيت فسافر الى مصر..
وكان أكثر ما يهيجه ان يرى زميل سوداني يزورني، وكان حينما يفتح باب الغرفة يفتحها بطريقة مزعجة، فهو يفتح الباب قبل ان يرفع المزلاج تماماً مما يجعل الباب يصدر صوتاً مزعجاً، وبمجرد أن ينفتح الباب ترى عيونه تدور في الغرفة كمن يبحث عن عدو، وكانت عيناه كبيرتان وبارزتان، لذلك كانت تلك النظرة التي يبحث فيها عن شخص داخل الغرفة كمن يتوقع شراً داخل الغرفة من عدو له..
رغم خصاماته المتكررة لي فكنت أوقظه للامتحان- وهو مخاصمني برضو- ولا أجعل مستقبله الدراسي رهناً بخصامه معي، وكان لا يستيقظ لوحده حتى للإمتحان، وكان يقول لي لا توقظني برفق فلن استيقظ- يبدو ان طريقة والده في ايقاظه ما زالت هي الوسيلة الأمثل لإيقاظه ..
نسيت أن أصف لكم الغرفة.. فهي مكونة من سريرين، والسرير عبارة عن دكة اسمنتية مرتفعة الجوانب قليلاً بجوار الحائط، بداخلها سرير ياي بدون أرجل، فالدكة هذه ترفعه عن الأرض بمقدار أرجل السرير تقريباً.. وفوقه ترقد المرتبة العالية القوية، ومخدة اسطوانية وملاءة وبطانية، وعلى الجدار الآخر يوجد السرير الثاني مثل الأول، وعلى الجدار الثالث توجد طاولة المذاكرة الحجرية التي يعلوها مصباحان، وبجانبها كرسيان، ودولابان للملابس حجريان لكن أبوابهما خشبيان، وفي الجدار الرابع شباك يطل على البلكونة، ويوجد بين باب الغرفة وسريري مغسلة أيدي (حوض) عليها مصباح أيضاً، وفي سقف الغرفة يوجد مصباح أيضاً، اما الحمامات فكانت في خارج الغرف ومجمعة في كل طابق مجموعة منها..
الصورة المرفقة وجدت على ظهرها هذه الكتابة بخط يدي:
(صورة تذكارية جمعت بين إخوة بعضهم من المشرق وبعضهم من المغرب جمعتهم عقيدة واحدة لولاها لما تحابوا، ثم جمعتهم هذه الصورة التي أخذت في شرفة غرفة عمر حسن غلام الله رقم 222 جناح 2 الحي الجامعي السويسي 2 بالرباط المغرب والتقطت يوم
وتضم من يمينك: عمر حسن غلام الله ثم أحمد الفتوح ثم الأمين بوخبزه ثم محمد جمال ثم حسنين)
طبعاً الأمين بوخبزه نال درجة الدكتوراة من مصر، وأصبح عضو البرلمان المغربي، علمت ذلك عندما زرته في بيته في تطوان في العام 1997م
للأسف لم أجد تاريخاً مكتوباً على ظهر الصورة، ولكن غالباً في العام 1976 أو 1977م..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة الثانية والخمسين
غرفة 222 جناح 2 الحي الجامعي السويسي 2
نواصل..
كان يعجبني أن أكتب على ظهر خطاباتي المرسلة عنواني أعلاه، فهو يتكون من رقم 2 المكرر 5 مرات، وكما أسلفت فهي تطل على جناح البنات على اليسار، وعلى بقية الأجنحة على اليمين، وهي في الدور الثاني، وفي الصورة المرفقة في المداخلة السابقة تبدو ثلاثة أجنحة للأولاد، الجناح الذي وراء محمد جمال دهب مباشرة هو الجناح الذي كنت أسكنه سابقاً في الغرفة الجماعية.. وربما الجناح الذي يظهر طرفه في أقصى يسار الصورة هو الجناح الذي تحته يوجد الفوييه، وتعني الكافتيريا، حيث يباع الشاي المغربي والقهوة الفرنسية وبعض الحلويات، كما توجد بعض الألعاب البسيطة، وطبعاً أسعار هذه الأشياء مدعومة ولا تساوي التي بالسوق، فهي أسعار خاصة بالطلاب..
كنت أحياناً في غير موسم الشتاء وفي غير وقت الأمطار أجلس قليلاً في الشرفة وكنت من مكاني هذا أرى البنات في غرفهن، فهن عادة يتركن شبابيك غرفهن مفتوحة خاصة في الصيف والربيع، والشئ الذي لفت نظري واستغربت له هو أنهن كن ينشرن ملابسهن الداخلية في الشرفات وفي الشبابيك، فنحن في السودان لا نرى ملابس داخلية للبنات حتى في بيوتنا، ونحتار أين ينشرنها بعد غسلها، اما هنا في المغرب فتجد حتى في الشقق منشورة خارج الشبابيك في حبال مشدودة تحت الشباك..
تعرفت على إحدى الطالبات ساكنات جناح البنات، تعرفت عليها في البراكة التي نشتري منها احتياجاتنا البسيطة وتقع خارج الحي بعد عبور الشارع الرئيسي، وتصادف انها تسكن في الشرفة التي تواجه شرفتي مباشرة، فكانت إذا خرجت الى الشرفة حيتني، ولكن الذي رسخ بذهني هو أنها كانت تنحنى على جدار الشرفة وتضع ساعديها على حافة الجدار وتطل على فناء الحي الجامعي، ولكنها كانت تتعمد حسبما بدا لي أن يكون جسدها منحنٍ في زاوية قائمة مما يجعل بنطلون الكوردروي مشدوداً جداً، وتبالغ في هذا الوضع فتحاول أن تصغر الزاوية القائمة لتصبح أقل من 90 درجة مما يجعل تلك الزاوية (مقعرة الى أعلى)، وتلتفت ناحيتي لترى تأثير هذا الوضع على شخصي المسكين..
لا أدري قبل هذه او بعدها تعرفت على أخرى يطل شباك غرفتها خلف الجناح، وكانت تسكن مع أختها، وقد لاحظت ان اختها شجعتني على التعرف عليها، وكنت حينما أمر بتلك الجهة اراها فأرفع لها يدي بالتحية فترد، وأحياناً تأتي الى الشباك وتتحدث معي، وأحياناً يأتي حارس الجناح ليتأكد من أنني بعيد بما فيه الكفاية عن الشباك بحيث لا يمكنني القفز عبر الشباك الى الغرفة، وقد علمت سبب حضوره الدائم كلما أحس ان طالباً واقفاً خلف الجناح، والسبب أن بعض الطلاب إذا تأكدوا من خلو المنطقة من الناس- مع ملاحظة ان خلف هذا الجناح لا يوجد اي مبنى آخر، بل تمتد مساحة خلاء كبيرة- فإذا تأكدوا من أن أحداً لا يراهم قفز الى داخل الغرفة عبر الشباك الذي لا يرتفع كثيراً عن الأرض، طبعاً بالاتفاق مع ساكنة الغرفة.. وأحياناً عندما يكون الحي شبه خاوي في نهايات العام الدراسي او قبيل عطلات الربيع والأعياد والمناسبات الأخرى كان بعضهم يجلس في تلك الجهة بجوار الشبابيك التي تفتح على هذا الخلاء ومعهم بعض ساكنات الجناح، وهذا ينطبق على السودانيين من الجنسين..
تلك التي تعرفت عليها وشجعتني اختها على ذلك استمر الحال على هذا المنوال وكانت جميلة جداً، ولكن في مرة ركبت الحافلة وتصادف وجودها أمامي في المقعد المقابل، فتحدثت معها ويبدو انه حدثت بيننا ملامة لا أذكرها، وعملت زعلانة، والحمد لله على ذلك، لأنني صدمت برائحة فمها.. بالمناسبة هذا عيب في المغاربة، فهم لا يهتمون ابداً بنظافة الفم ولا بالسواك، حتى علية القوم منهم، وهم ليسوا بدعاً من بقية كثير من الشعوب العربية..
وبمناسبة جناح البنات إياه والسودانيين والسودانيات، كانت إحداهن لها طريقة غريبة في لفت نظري، فما إن تدخل قاعة المحاضرات حتى تنادي عليّ أعلى صوتها (الجرسي): يا غلام الله ما شفت محمد السماني، وأكون أنا في مقدمة القاعة الكبيرة وهي يادوبك داخلة، فأجيبها بكل صدق أنني لم أره أو إنه هنا، أو.. وتكرر ذلك في مرات أخرى، ثم تغير الموجة: يا غلام الله ما شفت النور؟ فأجيبها كذلك، ولكن بدون إضافات وبدون أن استجيب لما وراء هذا السؤال الذي حتماً ليس المقصود به معرفة اين محمد السماني او أين النور.. ودون أن تزيد هي على ذلك ودون أن أقدم أنا على أي خطوة إيجابية، وذلك لأنني لا أجازف بهكذا علاقة مع سودانية وأنا مرتبط في السودان.. المهم في يوم من الأيام ذهبت الى خلف هذا الجناح لآخذ مذكرة منها، وكانت الوسيلة لمناداة ساكنة تلك الغرف هو إلقاء حجر صغير (حصاة) على شباكها، فحذفت الحصاة على شباكها وكانت غرفتها في الطابق الثالث، ففتحت الشباك ووقفت ونور الغرفة خلفها، وكانت في قميص نوم.. لا .. بل في قنلة داخلية شفافة وقصيرة، وحسبت أنها سترجع لتضع شيئاً حول جسدها ولكنها لم تفعل.. وظلت واقفة تخاطبني وأنا أراها من أسفل الى أعلى وقطع الملابس الأخرى غير القنلة هي الأوضح..
قلت لها أنزلي.. قالت لي يا مولانا أدعو لينا عشان أنجح في الامتحان!
قلت لها انتصرتي عليّ أخيراً.. لذا سأسميك انتصار!
اكتفت بانتصارها هذا، وعدت الى غرفتي وانا اشتعل، لقد هزمتني وأقررت لها بالهزيمة..
لم تنزل لي، ولكن رأيتها ذات يوم هادئ تجلس مع أحدهم- سوداني- خلف الجناح، وتحت شباكها، وكانا ملتصقان!
أرفق لكم صورة ليس لها علاقة بما كتبت أعلاه، فقط هي في الحي الجامعي السويسي الثاني، وتبدو خلفنا مئذنة جامع الحي الجامعي السويسي الأول- لم يكن مفتوحاً رغم أنه بنى مع الحي نفسه- وقد وجدت مكتوباً خلف الصورة:
(ذكرى حلوة في الحي الجامعي السويسي الثاني بالرباط
أنا ثم مجدي (مصري) ثم عائشة عمر الخبير ثم سامية احمد ابراهيم (وصحة الاسم سامية ابراهيم احمد) ثم آمال ثم فتحي (مصري)
والذكريات في كل ليلة بتوحي للأحباب أشياء جميلة..
الرباط- المغرب
عمر حسن غلام الله)
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة الثالثة والخمسين
الجاليات العربية والإفريقية في الجامعة
نواصل..
بمناسبة الصورة في الحلقة السابقة (63) والتي يظهر فيها زميلان مصريان، فالملاحظ في تلك الحقبة من الزمن لم يكن عدد الأخوة المصريين الطلاب كثيراً في المغرب، ويبدو أنه ليست هنالك جالية مصرية، فكل المصريين الذين درسوا معنا في المغرب لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد الواحدة او اليدين، فبالإضافة لهذين الزميلين مجدي غانم (والده دبلماسي في أحد دول غرب افريقيا- ربما ساحل العاج - وبالتالي فالمغرب هي أقرب دولة عربية لساحل العاج) ومجدي يسكن في نفس الطابق الذي أسكن فيه في الجناح 2 في الحي الجامعي السويسي 2، وفتحي (لا أذكره جيداً)، فهناك يسري عواض والذي والده يعيش بالمغرب ومتزوج من إمرأة أخرى مغربية وهو يعمل خطاط على ما أذكر، وبن عمه مجدي ادريس عواض وهو صديقي، وهما من النوبة، وقد أراني صور لقريتهم في النوبة فوجدت الرجال عندهم يلبسون الجلاليب والعمم تماماً مثلنا، ورأيت والدته فيما بعد وقد خرجنا معها في مرة في القاهرة وهي تلبس التوب السوداني، وجميعهم لم يروا السودان، بل إن هذا هو زيهم، ومجدي يدرس معي في نفس السنة.. مصري آخر هو محمد سيد القالع وهو من القاهرة وطالبان آخران نسيت اسميهما..
من الطلاب الذين صادقتهم وكانوا طيبين معنا هم الموريتانيون، فقد كان من ضمنهم مختار ولد ده الذي يدرس بكلية الطب، وهو من العرب الذين يسمون الحسانية، وآخر اسمه داؤود وهو من الزنوج الموريتانيين، وكانوا يسكنون مع بعض في شقة مستأجرة في حي أكدال، وكنت آزورهم في شقتهم من حين لآخر، وقدرتهم على السكن في شقة في هذا الحي الراقي هو لأنهم يأخذون منحة دراسية من المغرب وكذلك من الأمم المتحدة، نظراً لأن موريتانيا تعتبر من الدول الفقيرة التي تدعم الأمم المتحدة طلابها، ونفس الشئ كان ينطبق على تشاد.. المهم كلما ذهبت لزيارة اصدقائي الموريتانيين هؤلاء وجدت عندهم فتيات مغربيات، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، ويبدو أنهم ملوا وجودهن الدائم عندهم فقرر صاحبي المختار ألا يسكن في شقة بعد هذا العام، وبالفعل انتقل في العام التالي الى الحي الجامعي السويسي الأول..
نفس الشئ كان يحدث لأصدقائي التشاديين، وكان من بينهم ابوبكر دوده وهو قد تربى في الفاشر، وكنت كلما زرتهم وجدت عندهم الفتيات المغربيات، ولكن في إحدى المرات- حكى لي ابو بكر دوده- بأن فاطمة- وقد رأيت صورتها وهي تلبس زياً شتوياً في أحد شوارع باريس حيث كانت تدرس- فاطمة هذه جاءت في اجازة من فرنسا الى المغرب وفي عطلة نهاية الأسبوع وجدت منزل اصدقائي ممتلئ فتيات مغربيات وأخريات تشاديات طالبات في المغرب، ولاحظت ان التشاديات يجلسن بلا أنيس والمغربيات يسيطرن على الساحة، فما كان من فاطمة هذه إلا ان طردت المغربيات وأغلقت دونهن الباب وقالت للتشاديين هؤلاء اخواتكم التشاديات لو عايزين... فضحكت وقلت له ماذا فعل التشاديون؟ قال لي رضخوا لدعوتها وخافوا من لسانها السليط واكتفوا- على الأقل في وجود فاطمة- ببناتهم التشاديات..
صاحبي السوداني الذي سكن معي في الغرفة إياها، في الإجازة استأجر شقة، زرته فيها، فقلت له شقتك هذه (شقة سرير) على وزن شقة ثلاثة غرف وصالة، او شقة غرفتين ومطبخ، او شقة غرفة وصالة.. فغرفة صاحبي هذا تسع سرير واحد فقط، وهي أسفل عمارة وتحت السلم مباشرة، ربما تكون في بير السلم، فحتى السرير هذا ليس هناك فراغ بينه وبين الجدران ولا حتى الباب، فإذا دخلت فلن تكمل الخطوة الواحدة حتى تصطدم بالسرير.. ورغم ضيق شقته تلك فقد وجدت لديه فتاة مغربية، بل فتاتان.. ويبدو أنه كان عازمهم على السينما وأراد تقسيم (حق) السينما على قسمتين فداعني للذهاب معهم الى السينما لأدفع حق السينما للأخرى.. طبعاً في السينمات المغربية الخلط راااقد، خاصة لما تطفأ الأنوار ويشتغل الفيلم..
بعض الطلاب السودانيين تركوا الأحياء الجامعية واستأجروا شقق لهم، ولكن في أحياء تلائم دخلهم المحدود من المنحة المغربية او مما يصلهم من أهليهم في السودان، لذلك سكنوا في احياء مثل حي المحيط وفي الجي سانك (j5) وأيضاً لم تكن تخلو هذه الشقق من البنات، وكان الذين يفضلون السكنى خارج الأحياء الجامعية يريدون الحرية، في كل شئ، ففي الأحياء الجامعية يمنع الزيارات المتبادلة بين البنين والبنات (عدا معهد الأحصاء والمعهد الزراعي كما أسلفت)، ويمنع كذلك السكر، مع أن بعض الطلاب كان يأتي الى الحي الجامعي وهو ثمل، وفي عطلة نهاية الأسبوع تصبح أحواض الغسيل (المغاسل) مقرفة بسبب استفراغ الثملين للروج الذي يسبب لهم الغثيان (لا أدري لماذا)!
الصورة المرفقة تضمني وصديق مغربي عزيز أنساني بعد الزمن اسمه، ونقف في الخلاء الذي يفصل بين الأحياء الجامعية السويسي الأول والثاني، وبين خط السكة الحديد ويعقوب المنصور، وهذا المكان الذي نقف فيه الآن هو الذي كنت أتملاه وأنا أقف على شباك غرفتي واستمع الى أغنية (لا وحبك) للفنان عثمان حسين.. وكما تلاحظون الأرض مليئة بالحشائش والربيع والزهور البرية التي تنمو بفعل الأمطار.. ويبدو الحي الجامعي السويسي خلفنا، والصورة مأخوذة في عصرية وقبيل الغروب بقليل.. وللأسف فأمطار مدني خربت الصورة ولم يتبق منها غير الذي ترون، لكن شئ خير من لا شئ.. ولم أجد تاريخاً مدوناً على ظهر الصورة، لكن ربما كانت في العام 1976 أو 1977م..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
محمد عبد الله عبدالقادر
02-01-2011, 06:58 AM
استاذنا غلام
والله متعه المتعه وانا اتابع البوست من اوله لاخرها وهناك بعض الفقرات ارجع ليها من وقت لآخر
نتعك الله بالصحه والعافية
لكن الخنفس بتاعكم غريب
استاذنا غلام
والله متعه المتعه وانا اتابع البوست من اوله لاخرها وهناك بعض الفقرات ارجع ليها من وقت لآخر
نتعك الله بالصحه والعافية
لكن الخنفس بتاعكم غريب
متعك الله بالصحة والعافية اخي محمد عبد الله
وشكرا لمرورك الكريم ومداخلتك التي أثلجت صدري
والخنفس ده بتاع السبعينات، هسه ظهر خنفس الألفية الثانية..
محمد عبد الله عبدالقادر
03-01-2011, 06:26 AM
متعك الله بالصحة والعافية اخي محمد عبد الله
وشكرا لمرورك الكريم ومداخلتك التي أثلجت صدري
والخنفس ده بتاع السبعينات، هسه ظهر خنفس الألفية الثانية..
استاذنا غلام سلامات
خنفس الالفيه الجديدة مشاتر كتير ومعاهو حاجات تحير
الحلقة الرابعة والخمسين
طرائف المواصلات والركوب بالمجان
نواصل..
المواصلات معروفة، ولكن الركوب بالمجان هذه قد تكون غريبة بعض الشئ، وقد درسناها في القانون المدني على ما أذكر، وهي (يا عم وصلنا معاك) أو (الركوب الملح) أو (الأوتوستوب) أو أن تقف في الشارع وتمد ابهامك الى أعلى فإذا ما مرّت بك سيارة او غيرها اتجهت بابهامك الى اتجاه الطريق الذي انت ذاهب فيه.. الركوب بالمجان معروف في العالم كله، ويكثر أمام الجامعات والمدارس خاصة، وفي السودان أسموه (فضل الظهر)، ولكن قال لي خالي بروف الصادق حسن الصادق الذي درس في أمريكا أن المجرمين هناك استغلوا هذا النوع من المواصلات لتنفيذ جرائمهم، فما إن يقف له أحدهم ليوصله حتى يهدده بالسلاح ليأخذ ما عنده، وقال لي أن أخطرهم من يقف بجوار الجامعات.. يعني اولاد الحرام ما خلو شئ لأولاد الحلال.. أي بسبب هؤلاء فقد يتردد اصحاب السيارات كثيراً قبل أن يقفوا لأحدهم ليوصلوه معهم..
نبدأ بطرفة زميلنا أحمد المصري الذي يسميه زملاءنا المصريون أحمد السوداني.. فقد وقف له طالب افريقي بسيارته ليوصله معه الى الحي الجامعي- طبعاً خط المواصلات الجامعي هو رقم 11، اي حافلة النقل الحضري رقم 11 هي التي تمر من الحي الجامعي مولاي اسماعيل لتقف في عدة نقاط تجمع للطلاب منها التي قرب السوق، ثم تمر امام كلية الآداب، فكلية الحقوق الى ان تصل الى الحي الجامعي السويسي الأول والثاني ثم تختم بالمعهد الزراعي- المهم هذا الإفريقي وقف لأحمد وركب معه احمد فتكلم هذا الافريقي معه باللغة الفرنسية ظاناً منه ككل الذين في المغرب- بمن فيهم المغاربة- ان كل اسمر يتكلم الفرنسية، وبما أن احمد لا يعرف الفرنسية فقد قال له you speak Engilsh فما كان من الإفريقي إلا أن قال له yes فسقط في يد أحمد لأنه لا يعرف الإنجليزية أيضاً.. حكى لي ذلك أحمد بنفسه بلهجته المصرية المحببة..
في مرة كنت أقف في محطة الاتوبيس التي امام الحي الجامعي السويسي، وبجانبي صلاح (ابو سن كاحله) وسماه هذا الإسم المغاربة، إذ كانت له سن أمامية لونها بني غامق، والمغاربة يسمون الأسود أكحل، بالتالي أطلقوا عليه هذا الإسم باعتبار ان سنه مسودة.. المهم وقفت لنا سيارة دون أن نشير اليها بإبهامنا، ولم نفعل ذلك لأن التي تقودها إمرأة وتقعد بجانبها إمرأة أخرى.. فترددنا انا وصلاح على اعتبار انها ربما كانت تريد ان تسألنا عن جهة او مكان، ولكنها قالت لنا: ألا تريدون أن نوصلكم؟ فقلنا لها نريد ان توصلونا، فقالت اركبوا، فركبنا في المقعد الخلفي، وسارت بنا السيارة الى ان وصلنا الى كلية الحقوق بأكدال، فأوقفت السيارة ونزلنا انا وصلاح.. وبعد أن شكرناهما انطلقتا بسيارتهما، فقال لي صلاح: لقد تخيلت أنهما سيأخذاننا الى بيتهما و.. و..، فضحكت لدرجة أن سالت دموعي.. والسبب أن خيالي أيضاً ذهب في نفس الإتجاه..
في مرة وانا أقف في محطة الاتوبيس التي قرب كلية الحقوق بأكدال، وكان الوقت متأخراً حيث أنني كنت في المكتبة، وكما أسلفت فإن المواصلات العامة في المغرب تقف عند الثامنة مساء، فإذا فاتك آخر بص فلن تستطيع الوصول إلا بالتاكسي او بأرجلك او بطريقة الركوب بالمجان.. المهم وانا واقف وفاقد الأمل جاء موتر من أمامي فأشرت إليه بإبهامي، وعندما حاذاني رأيت الراكب يلبس بنطلوناً وفنيلة أكمام طويلة وخوذة، فلما وقف على بعد خطوات مني مشيت نحوه، وما إن اقتربت حتى ظهرت لي ضفيرة هابطة من تحت الخوذة، فابطأت خطاي حتى توقفت قبل الموتر ولم اشأ أن أركب، فالتفتت نحوي وقالت لي: غادي الحي الجامعي؟ وترجمتها ماشي الحي الجامعي؟ فقلت نعم، قالت هيا اركب، فركبت خلفها في الموتر، وكان المقعد واحداً- بعض المواتر تجد مقعد أساسي ثم مقعد آخر منفصل أدنى منه، يعني زي العجلة- لكن هذا مقعده واحد وطويل يسع لشخصين.. ركبت وتركت مسافة بيني وبينها حتى كدت أسقط الى الخلف.. وكانت ضفيرتها ترقد على المقعد بيني وبينها ، وتحركت، وبعد مسيرة دقائق تغير صوت الموتر، فتوقفت وانحنت الى الأمام وفتحت خزان الوقود، يبدو أن الوقود قد نفد، ثم استقامت في جلستها بعد تلك الانحناءة، فضاقت المسافة التي بيني وبينها في المقعد، والتصقت بي.. ثم ساقت الموتر الى أقرب محطة وقود ولم تكن تبعد عن مكاننا هذا غير عدة أمتار، فصبت الوقود، فأردت المشاركة ودفع ثمن الوقود، فقالت لي: هو طاكسي؟ فاستحيت وارجعت فلوسي ودفعت هي..
ثم تحركنا باتجاه الحي الجامعي.. وكنت أمسك ضفيرتها- التي تنسدل أمامي حتى يرتاح طرفها في المقعد- بيدي وأحس بنعومة الشعر، ولا أدري هل كانت تعرف أنني أداعب ضفيرتها أم لا؟ ولكن منذ تلك اللحظة التي التصقت بي بدأت أرتجف، ويبدو أنها أحست بتلك الرجفة فسألتني لماذا ارتجف، فأجبتها بنصف الحقيقة وقلت لها: ارتجف من البرد.. والواقع أن البرد زاد رجفاني ولم يكن هو السبب.. فزادت الطين بلة حينما قالت لي: تسمك بي! يا للهول، ووضعت يداي حول خاصرتها.. كان ذلك شديداً علينا نحن القادمون من قلب افريقيا من صحرائها الكبرى التي حرقتني بالحرارات الشموس فجعلتني منها كعود الأبنوس..
وصلنا الى الحي الجامعي السويسي الثاني وعلمت انها تسكن فيه كما أسكن، وكانت فوزية تشبه الأوربيين، فقد كان شعرها ذهبياً ويغطي النمش خدودها ولونها أشقر.. صارت بيننا معرفة كلما التقينا سلمنا على بعض، وفي مرة سألتها أين موترها فقالت لي أخذه صاحبه، ومن صاحبه؟ قالت صاحبي.. وفي مرة عقب انتهاء السنة الدراسية وظهور نتيجة الامتحانات وجدتها أمام جناح 2 الذي أسكن فيه حيث مكاتب إدارة الحي الجامعي، وسألتها عن النتيجة فقالت لي: والوو.. قلت لها يعني إيه والوو، قالت لي يعني ولا شئ.. أي رسبت.. قالتها ببساطة أضحكتني كثيراً.. قالت لي لماذا تضحك؟ قلت لها لأنك قلتيها بلا اكتراث..
ذكرني عدم اكتراثها هذا بأخرى زميلة لنا، رسبت أيضاً وعقب النتيجة مباشرة كانت تأكل ساندوتش او شئ من هذا القبيل بلا مبالاة، فقال لي محمد السماني شوف دي تاكل وفلانة- إحدى زميلاتنا السودانيات- قالت البآكل ليها شنو وانا راسبة، لقد انتابتها حالة هستيرية فظلت تصرخ وتبكي، وفشلت زميلتاها في تهدئتها مما اضطر حارس الجناح من تجاوز القانون والسماح لحبيبها- عليه رحمة الله- من الدخول إليهن في غرفتهن للمساعدة في تهدئتها.. ربما نحن الأجانب نحس بالألم إذا رسبنا، ولكن أهل البلد لا يأبهون، ربما لأنهم في بلدهم ولا يفرق معهم رسوبهم او حتى تأخرهم سنة أو سنتين.. مع ان الرسوب في الامتحان التحريري لدورة يونيو يمكن تعويضه بالجلوس لامتحان دورة اكتوبر، والرسوب في الشفوي أيضاً يمكن تجاوزه في امتحان الشفوي لدورة اكتوبر..
قبل أن أكمل طرائف المواصلات أرفق لكم صورة تضمني (على يمينك)، ثم أبو زيد محمد صالح (من الفاشر)، ثم النور محمد أحمد (من ديم القراي لكنه يعيش في الفاشر)، ثم عبد الله خالد (من الدندر)، والصورة في الحي الجامعي مولاي اسماعيل، ولم أجد تاريخاً مسجلاً خلفها، لكن يبدو أنها في العام 1976م ولا أدري إن كانت أبان فترة سكني بمولاي اسماعيل ام كنت في زيارة للحي بعد رحيلي للسويسي الثاني.. والمسجل الذي أمام عبد الله خالد هو المسجل الذي اشتريته من زميلنا محجوب البيلي، وكنت استمع عبره لعثمان حسين في أغنيته الجميلة (لا وحبك) من شباك الغرفة الجماعية التي حدثتكم عنها سابقاً..
والصورة وجدتها في مدني في اجازتي الأخيرة في يوليو/ أغسطس 2010م لذلك لم أدرجها في مداخلاتي حول الحي الجامعي مولاي اسماعيل..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة الخامسة والخمسين
طرائف المواصلات والركوب بالمجان (2)
نواصل..
في مرة وانا واقف في محطة كلية الحقوق بأكدال منتظراً الحافلة مرّ بي سوداني راكباً موتر، وكنت الوحيد الواقف في تلك المحطة، وكان الوحيد الذي يمر في الشارع في تلك اللحظة، ووقعت عيناه على شخصي، وأنا أنظر إليه متوقعاً أن يقف لي كما وقفت لي فوزية من قبل، ولكنه لم يفعل، بل لم يسلم او حتى يشير برأسه ليحييني، بل نظر أمامه في الشارع حتى لا ينظر إليّ.. وواصل وتركني في حيرة من أمري، كان موقفاً غريباً وقاسياً على نفسي..طيلة هذه السنين الطويلة لم أفهم لماذا رغم علاقتي الطيبة به ورغم أنه من منطقة قريبة من منطقتنا في الشمالية، وكان يسكن معنا في نفس الغرفة الجماعية التي سكنا بها في الحي الجامعي مولاي اسماعيل أول وصولنا الى الرباط.. وكان من القلائل الذين يملكون موتر.. ومن القلائل الذين ملكوا سيارات- بعد مغادرتنا للمغرب- ولعله يقرأ كلامي هذا فيفسر لي ما حدث منذ ثلث القرن، سيما وأنه أصبح مشهوراً..
في مرة كنت اقف في محطة بصات كلية الآداب، وكان الوقت ليلاً، فمرت بي سيارة ما لبثت ان توقفت وأشار لي سائقها بأن يوصلني في طريقه، فلاحظت أنه خواجه، فحاولت إفاهمه بالفرنسية بأنني ذاهب الى الحي الجامعي السويسي، فلم يفهم مني وبدأ انه لا يكترث الى وجهتي، بل يريد أن يوصلني بصرف النظر عن اتجاه سيره هو ووجهتي أنا- المهم ركبت معه ولاحظت أن في المقعد الخلفي يوجد كـلـب (أكرمكم الله) لم أرّ أكبر منه حجماً، لا الكـلب البوليسي ولا الوولف.. عرفت ان صاحب السيارة اسباني، وفهمت ان الهدف من توصيلي ليس هو عمل خير، بل يريد مني شيئاً آخر.. تلاقيهو قال في نفسو الافريقي ده يجي منو.. المهم أوصلني الى قرب الحي الجامعي السويس بعد أن عبثت يده بأشياء تخصني كانت تحت كتبي التي أضعها على حجري.. ورغم أنه من إياهم إلا أن يده كانت غليظة وخشنة لا توحي بأنه من تلك الفئة من الرجال التي تفضل أن تكون نساء..
ننتقل الى المواصلات، فنبدأ بالتاكسي، ويسمونه المغاربة طاكسي، فتجد لوحة في أعلى السيارة مكتوب عليها (طاكسي صغير) وهو عادة من السيارات الصغيرة ماركة الفيات الإيطالية، وتسع فقط ثلاث ركاب، واحد في الأمام واثنان في المقعد الخلفي، والتاكسي غير الصغير هو من نوع المرسيدس، وهذا ينقل الركاب بين المطار والبلد، او بين المدن، وغالباً يشتغل بالطرحة، ويسع ضعف ركاب التاكسي الصغير تقريباً.. والطاكسي الصغير تتغير تسعيرة العداد بعد الساعة الثامنة والنصف مساء، حيث تزيد خمسين بالمائة.. وأذكر في أيامنا تلك أضرب أصحاب التاكسيات الصغيرة، والسبب أنهم يريدون أن تحسب المرأة الحامل التي تركب معهم شخصان وليس شخص واحد، لأن شركات التأمين ستحملهم الشخص الزائد في حالة حدوث حادث وكان عدد الركاب أكثر من الذي يرخص به في رخصة التاكسي.. وبالضرورة المرأة الحامل تحسب شخصين لدى دفع التعويض..
يوجد مواقف خاصة بالتاكسيات الصغيرة، وتجد ساعة الزحمة الناس تقف على الرصيف في صف يحفظ كل واحد منه دوره، فإذا جاء تاكسي فاضي يركب الذي وصل أولاً، ثم الذي يليه وهكذا.. ولن يسمحوا لك اذا تجاوزت هذا النظام- وكنا أول أيام لا نفهم ذلك فنجري لنركب مجرد وقوف التاكسي فتأتي إمرأة وترطن معنا بالفرنسي أن هذا ليس دوركم، بل دوري أنا لذا سأركب قبلكم.. وطبعاً التاكسي الصغير رخيص جداً بالمقارنة بالمواصلات العامة وبالدول الأخرى بما فيها السودان، فكان أفضل لنا ان نركب تاكسي اذا كنا ثلاثة فغالباً لا يكون نصيب الواحد منا أكثر من درهم، ولو اردنا الذهاب الى مكان يحتاج الى مواصلتين (بصين) فمعناها ان الفرد منا سيدفع ما يقارب الدرهم في الخطين، مع وجود الزحمة والعفص والدفس، طبعاً التاكسي بالعداد..
أحياناً الزحمة فيها مشاكل، ولكن قبل التطرق الى الزحمة أشير الى أننا لاحظنا كتابات غريبة في الحافلات أول وصولنا الى المغرب، فنجد داخل البص مكتوب لوحة: (ممنوع ركوب الوسـخانين والمعفنين).. واستغرابنا زال عندما عشنا في المغرب، فلا يوجد في البيوت القديمة حمامات (دوش)، بل من أراد ان يستحم فعليه ان يذهب الى الحمامات العامة، وهي حمامات بخار يسمونها في الشرق (ساونا)، وطبعاً هي بفلوس، ورغم انها ليست فلوس كثيرة الا ان بعض الناس لا يستطيعون دفعها، وفي الشتاء الناس تتحاشي الاستحمام في البرد، لذلك تتراكم روائح الجسد مع روائح الملابس غير النظيفة مع عدم استعمال المياه في المراحيض حيث يستعملون الورق، وفي الحي الجامعي لاحظت استعمالهم لورق الجرائد.. لذلك اصدرت إدارة المواصلات هذا التنبيه في الحافلات..
الزحمة نخليها للحلقة القادمة..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة السادسة والخمسين
طرائف المواصلات والركوب بالمجان (3)
نواصل..
الحافلات في المغرب تشبه بصات أبو رجيلة التي ظهرت في السبعينات من القرن الماضي، ففيها مقاعد قليلة وبقية الركاب وقوف ويتمسكون بسيور معلقة في مواسير على طول البص.. والمفترض ان يقوم الشباب من مقاعدهم لكبار السن او للنساء، رغم أن هناك مقاعد مخصصة لهؤلاء، وفي مرة كان يجلس في المقعد الذي بجانبي شاب صغير السن، فجاءت إمرأة كبيرة وقالت له: قوم لي يا وليدي خليني اقعد.. فجاءها الرد: أنا بنية أنا ما وليد! فضحكت بصوت عالي حيث لم استطع حبس ضحكتي، وكنت انا نفسي اعتقد انها شاب، فهي قاصة شعرها كما لو كان في حلاق رجالي، بما في ذلك القطعية، وتلبس بنطلون وقميص لا يختلف عما يلبسه الشباب، وفوق ذلك لا تبرز تضاريسها لتبين أنها (بنية).. وقد لبت طلب المرأة وقامت لها من مقعدها لتجلس..
أحياناً تكون الزحمة مبالغة، خاصة في محطة مولاي اسماعيل حيث يتوجه منه الطلاب الى كلياتهم سواء الآداب أو الطب او الحقوق او الى المطعم في الحي الجامعي السويسي الأول، وفي مرة كانت الزحمة في قمتها، فما وجدت مكاناً غير في الباب، وكان لابد أن يُغلق الباب الأوتوماتيكي حتى يتحرك البص، فانحشرت حشراً في المنطقة التي تلي الباب بعد أن أغلق، وكنت اقف في الدرجة السفلى من السلم الذي يؤدي لداخل البص، وكان هناك بنت مصرة على الركوب، فانحشرت أيضاً في هذه المنطقة، ولكن لم تجد موطئ قدم لها، فجعلت ظاهر قدميّ موطئ قدم لها.. نعم كانت قدميها تقف على قدميّ تماماً، وانعصر جسمها على جسمي بضغط هائل، والتصق كل شئ في جسدها بكل شئ في جسدي، فكان شعر رأسها تحت ذقني ومؤخرة جمجمتها على قصبتي الهوائية وكتفيهاعلى صدري وظهرها على بطني.. إلى آخره.. حيث قدميها فوق قدمي.. ومع ذلك كنت طبيعياً على غير العادة، فالظروف هي التي حتمت هذا الموقف، واستمرينا هكذا الى أن فتح الباب في محطة ما ونزل بعض الطلاب..
في مرة أخرى، ومن نفس محطة مولاي اسماعيل ركبنا الحافلة، وكانت في المحطة بنت من بنات تطوان أعرفها، فسلمت عليّ وتونسنا على بال ما الحافلة وصلت، ولحسن حظنا وقفت أمامنا تماماً فعملت لها حماية من خلفها حتى فتح باب الحافلة وصعدنا أول ناس للحافلة وكانت ممتلئة الى حد ما، وليس كسابقتها، ورغم عدم امتلائها تماماً فقد التصقت بها، وحدث ما لم يحدث في الحالة السابقة.. ويبدو أنها كانت تتوقع ذلك، لا أدري لماذا.. ولم يبدو عليها رد فعل سلبي او شئ من هذا القبيل، بل واصلنا ونستنا التي بدأنها في الأرض، ودفعت لها ثمن التذكرة..
في رحلة بالحافلة عكس الاتجاه السابق كنت قادماً من السويسي الى كلية الحقوق، وكنت واقفاً في زاوية يحدها الشباك من الخارج وماسورة عرضية على يميني، فجاءت إحدى الزميلات اللاتي يسكن معنا في الحي الجامعي السويسي الثاني ووقفت بجانبي، وإلى هنا والأمر عادي، ولكنها كانت متكئة على ذارعي التي تستند على حديدة الشباك، وأيضاً ليس الأمر ذي بال، ولكن الذي أثارني كان اقترابها مني بطريقة بدت وكأنني أحضنها، وكانت نظرتها رومانسية وإيحائية لدرجة انني كدت أفقد السيطرة على نفسي، بل كنت على وشك ان اقول لزميلي السوداني الذي كان بجانبي ان يضربني أو يقرصني حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، سيما وانني في طريقي الى الكلية، ولا ألبس الجينز كما في الحالة السابقة.. حاولت ان أتلهى بأي شئ حتى نصل الى محطة كلية الحقوق، وبالكاد وصلناها قبل أن يحدث شئ، ونزلت من الحافلة بحذر شديد كمن يحمل صينية بها أكواب عصير ممتلئة تماماً ويخاف ان تنكشح..
يبدو أننا الطلاب السودانيين لا نتحمل مثل هكذا أوضاع، ربما لأننا آتين من قلب افريقيا من صحرائها الكبرى، حيث لفحتنا بالحرارات الشموس فجعلتنا منها كعود الأبنوس، فبقية المغاربة والجاليات الأخرى- ربما- تجدهم في الحافلات يلتصقون رجالاً ونساء دون أن يحس أحدهم بأن الذي أمامه أو الذي خلفه من جنس آخر، فلا الرجل تراه متأثراً بالأنثى التي أمامه، ولا المرأة تتحرك إذا ما التصق بها الذي خلفها، وتلاحظ أن الجميع لا ينفعل كما ننفعل نحن، يا ترى لأنهم شبعانين؟ واللا برد المغرب بردهم؟
في حافلات المغرب هناك مفتشين يفاجئون الركاب في بعض المحطات في بعض المرات، فيصعد المفتش قبل أن يفتح السائق الباب لنزول الركاب، ويطلب المفتش من الركاب إبراز التذكرة، فإذا لم يجد مع أحدهم تذكرة فسيأخذ منه أكثر من ضعف ثمن التذكرة غرامة، وكان الطلاب الذين يزوغون من دفع سعر التذكرة (كانت 40 سنتيم فزادت الى 50 سنتيم- نصف درهم- أي بقروشنا الزمان شلن إذا حسبنا الدرهم ريال سوداني، اي 10 قروش).. فإذا فاجأهم المفتش قفزوا من الشبابيك.. وفي مرة اشتريت تذكرة ولم أدر أين وضعتها، فجاء المفتش فجلست أبحث عنها ولم أجدها، فاضطررت الى دفع الغرامة التي على ما أذكر كانت درهم او درهمين، لكن أهم من الغرامة كان موقفي أمام الطلاب والطالبات..
أرفق صورة تضمني- جالس على الصخرة- والأخ محمد السماني عبد الرازق على شاطئ المحيط الأطلسي، ربما خلف الحي الجامعي مولاي اسماعيل، ولم أجد خلفها اي معلومات عن التاريخ، فربما كانت في العام 1976م..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة..
الحلقة السابعة والخمسين
طرائف الطبابة
نواصل..
كلمة الطبابة هذه أخذتها من أستاذنا الجليل مامون الكزبري الذي كان يدرسنا مادة القانون العقاري، وهو سوري، بل كان رئيس وزراء سوريا في يوم من الأيام..
لو تذكرون قلت لكم في بداية الحلقات انه كانت تأتينا في مولاي اسماعيل طبيبة مرتين في الأسبوع في الحي الجامعي مولاي اسماعيل، ولكن اكتشفنا أن هناك مركز صحي دائم في الحي الجامعي أكدال وهو الحي الجامعي الخاص بالبنات فقط وفيه بنات من كل الكليات، وهو يجاور كلية الحقوق، طبعاً الدخول للأولاد ممنوع إلا للذي يريد زيارة المركز الصحي فيسمح له بالدخول.. وقد انتقلت إليه صديقتي حورية طالبة الطب التي حدثتكم عنها سابقاً.. المهم كنت أتردد على هذا المركز بسبب نزلات البرد المتكررة، طبعاً ثقافتنا الصحية لم تنتبه الى أمراض البرد، حيث اننا كنا نخلع الملابس الشتوية بمجرد أن يخف البرد، مع ان المغاربة كانوا يظلوا يرتدونها حتى ينتهي البرد تماماً ويحل الربيع وربما حتى بداية الصيف، طبعاً هم أدرى ببلادهم ولهم تاريخ طويل في البرد وأمراض البرد، ونحن فقط نمل لبس الملابس ا لشتوية لأننا غير متعودين عليها.. وأذكر ان زميلنا ابو زيد محمد صالح كان يستحم الصباح قبل ان يذهب الى الكلية، ويقود موتره وهو بعد لم يجف تماماً فأصابه مرض البرد الذي استمر معه شهور طويلة قبل ان يتعافى، ويبدو انه متعود من السودان- ككل السودانيين- ان يستحم الصباح قبل الخروج من منزله، ولكن الجديد هنا انه سيقود الموتر والهواء بارد جداً.. لذلك تأخر برؤه.. أما الصحيح فكان يجب ان يستحم بالليل وينام، ويكتفي بحمام الليل فقط..
المهم مرضت انا بدوري بأمراض البرد، وغلبت الطبيبة، في النهاية قررت علاجي بالحقن إذ ان الحبوب لم تفد في حالتي.. ولم أكن أخاف الحقن ولكني كرهتها من كثرة ما اخدتها في مدني لعلاج الملاريا التي كانت تسكن دمي وكبدي لسنوات طويلة.. وأتذكر مرة وانا داخل لهذا المركز الصحي قابلني زميلي ابوبكر دودة التشادي وهو خارج من المركز ويعرج- وهو ليس اعرج- ووجهه يبدو عليه الألم، سلمت عليه وسألته عن حاله وعما به، فقال لي: أدوني حقنة حاره خلاص عشان النزله، هسه ماسكة رجلي كلها.. المهم عندما قررت الطبيبة علاجي بالحقن تذكرت حقنة ابو بكر دودة.. وعندما جاءت الممرضة بالحقنة- والحقنة في المغرب لازم في العضل، إذ ليس لديهم حقنة في الذراع، وكمان لازم تاخدها وانت واقف وليس راقد على بطنك كما عندنا- ولكبر أمبولة الدواء وكثرة الدواء فيها ولما تسببه من ألم فإن الممرضة كانت تفرغ الدواء من الحقنة بالتدريج، وأنا واقف.. كل تلك العوامل السابقة أدت الى ان أتصبب عرقاً في ذلك المناخ البارد، وتتلاحق انفاسي، وأدوخ، ويحملوني الى الكنبة ويطعنوني حقنة تانية ويتركوني حتى أهدأ، والحقنة التانية علمت انها مضادة لدواء الحقنة الأولى باعتبار ان الدواء هو الذي سبب لي الدوخة، ثم عندما أفقت وجدت الغرفة مليانة بالناس، الدكتورة والممرضات والممرض الذي صرف الحقنة ومحمد عمر حامد الذي كان موجوداً بالمركز وعندما علم ان هناك سودانياً دايخ دخل.. والغريب في الأمر ان الدكتورة عندما عملت لي حقنة الحساسية التي تطعن في الساعد لم تعمل لي حساسية، بمعنى أن ليس لدي حساسية ضد الدواء..
بعد مدة عاودتني تلك النزلة اللعينة فذهبت لنفس الدكتورة وكتبت لي نفس الحقن، فقلت لها إن الحقنة ستعمل فيّ ما عملته المرة الفائته، فقالت لي لابد من الحقنة لأن الحبوب لا تفيذ في مثل حالتك تلك.. فذهبت لنفس الممرض الذي يصرف الحقن، الذي تذكرني وتذكر ما حدث لي، فأخذ الحقنة وجاء معي وأعطاها للممرضة ولم يذهب، بل بقي حتى بدأت الممرضة في طعني بالحقنة في العضل، وبدأ كل ثانية يسألني: لا باس؟ وترجمتها (كويس؟) فأقول له لا باس، وبعد ثلاث أو أربع مرات من هذا السؤال وتلك الإجابة والممرضة تفرغ الدواء بالتدريج، سكت، فقال لي: ليش سكت، انطق.. فقلت له: طلعها.. فقال للممرضة على الفور: طلعيها، فطلعتها، وحدث لي ما حدث في المرة السابقة.. بزيادة أنني ذهبت للمغسلة (حوض الغسيل) الموجود في الغرفة وأفرغت ما في معدتي.. فهدأت قليلاً، وبعد أن هدأت تماماً سأل الممرض الممرضة التي أعطتني الحقنة هل مر عليك مثل هذا من قبل؟ قالت لا.. وعلمت أن هذا أول يوم عمل لها في هذا المركز.. مسكينة خوفتها.. وقالت لهم الدكتورة عندما يهدأ أحضروه لي، فذهبت لها فابدلت الحقن بالحبوب.. وكتبت على واجهة الدفتر المخصص لي (اليوم أصبح ملف ورقي وملف رقمي في الكمبيوتر) أنه يجب ألا آخذ حقن..
في المرة التي تليها، نفس الدكتورة كتبت لي نفس الحقن، فقلت لها اقرأي تعليقك على واجهة الدفتر- والذي لم تنتبه له في هذه اللحظة- فقرأته وقالت لي: آه.. هو انت اللي كنا نبغى نقتله؟ قلت لها نعم انا هو.. فاسبدلت لي الحقن بحبوب..
ملاحظة لاحظتها في المغرب، وهو ان مقياس الحرارة لا يوضع في الفم كما عندنا في السودان، بل بين الآليتين، يعني لكي يقاس لك حرارتك لابد ان تذهب للستارة وتنزل بنطلونك وسروالك الداخلي وتمد يدك للخلف وتضع المقياس، ثم تسحبه وتلبس هدومك حتى تسلم مقياس الحرارة للممرض او الممرضة.. طبعاً فيما بعد ظهرت هذه الطريقة في الشرق وخاصة للأطفال، وأحياناً في الشرق يضعون مقياس الحرارة في إبط الطفل.. وفي أول مرة لي في المغرب اعطاني الممرض المقياس وقال لي قيس حرارتك، والحمد لله انني سألته هل أضعه في فمي؟ فأسرع بالقول: لا .. لا، وكان مستغرباً من كلامي هذا، فشرح لي أن أضعه..
أيضاً لأول مرة رأيت اللبوس في المغرب، فمن ضمن الحبوب التي كتبتها لي الدكتورة لبوس، وبما أنها لم تشرح لي استعمالها- باعتبار انها معروفة في المغرب ولم تتصور أن يفكر احد باستعمالها بالفم- فكدت ابلعها لولا انني لاحظت انها كبيرة وشمعية الملمس وكذلك تعفصت في جيبي، ولم استعملها فلما رجعت للممرض قال لي هذه الحبوب تستعمل من أسفل.. إيه حكايتكم يا المغاربة، كل شئ عندكم من أسفل؟ الحبوب والحقن وقياس الحرارة.. المهم حاولت استعمال هذا اللبوس فلم أفلح فكانت تسيح من كثرة المحاولات دون ان استطيع ادخالها، وكان زميلنا عبد الله قد حكى لنا حكاية هذه الحبوب الغريبة التي تؤخذ من أسفل، ولكن ما شرحه لنا لم يحدث معي، اي لم تنزرق الحبة داخل الجسم، فرجعت الى صاحبي الممرض الذي يصرف الدواء فأعاد لي شرح كيفية ادخالها والوضعية التي يجب ان اكون عليها واتجاه اللبوسة.. ومع ذلك فشلت..
الصورة تضمني والأخ محمد أبكر ابراهيم، وعلى ما أذكر التقطت في الحديقة التي تجاور كلية الحقوق، والتي بين الكلية وقصر الأمير عبد الله شقيق الملك الراحل الحسن الثاني رحمهما الله.. والصورة ليس مسجل عليها تاريخ، ولكن يبدو أنها في العام 1976م (لسه نشاف السودان ظاهر علينا)..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
الحلقة الأربعون
نواصل
رحلة القطار من مدريد نحو الحدود الفرنسية
ركبت القطار مساء من محطة مدريد، وكان مزدحماً، لذلك لم أجد قمرة بها مكان شاغر، فافترشت الأرض في نهاية العربة، ولم أكن وحدي، فقد افترش بجانبي جوز اسباني، شاب وفتاة، وعندما استلقيت على أرضية العربة رأسي الى جدار آخر قمرة ووجهي نحو الممر الفاصل بين العربتين، وكنت أقرب الى الممر الذي أمام القمرات، لذلك كان من يعبر من العربة الأخرى الى عربتنا يمر بجانبي تماماً، وبما أن الدنيا كانت صيفاً فقد كان معظم لبس الفتيات الاسكيرت، وكان دائماً ميدي او اقصر، فذقت الأمرين من منظر العابرات بجانبي، وبما انهن اوروبيات في الغالب فلم يكن يكترثن إذا نظر أحدهم إليهن من فوق لتحت، أو من تحت لفوق..
أشعل الجوز الذي بجانبي سيجارة حشيش، فانتشر دخانها الكثيف في المكان، فأرادا أن يصرفا هذا الدخان الكثيف، ففتحا باب العربة، وبما ان القطار كان ينطلق بأقصى سرعة، فقد كان الهواء البارد يدخل العربة بعنف، ولما لاحظا ذلك ابتسما ابتسامة اعتذار لكن لم يغلقا الباب حتى أكملا سيجارتهما، ثم راحا في سبات عميق..
حكى لي أحدهم قصة مشابهة حدثت له أيضاً، حيث قال: (كانت البنت ترقد بجانبي مباشرة، فيما يرقد الشاب بجوار باب العربة، وانقلبت الشابة على شقها الأيسر فواجهت رفيقها وأعطتني ظهرها.. وكان منظر العابرات بجانبي واسكيرتاتهن الواسعة من أسفل التي تبين ما سفل منهن، كان المنظر ما زال مؤثراً فيّ، فزادته هذه التي ترقد بجواري سوءاً.. كان ذلك شديداً علينا نحن القادمون من افريقيا من صحرائها الكبرى.. المهم انقلبت انا على الجهة المعاكسة فصار ظهري الى ظهرها، ولكن يدي التي كانت ترقد على جانبي انزلقت الى الخلف فاصطدمت بالشابة وتحركت كفي جيئة وذهابا، فتفاعل معها كل شئ في جسدي، وتعاضدت المناظر الاسكرتية السابقة مع اللمسات الاسكرتية الحالية فقلبت جسمي مائة وثمانين درجة فاصبحت مواجهاً لباب العربة، في نفس الاتجاه للشابة...
وعندما استدرت راجعاً الى الجهة الأخرى رأيت أحد الاسبان واقفاً امام نافذة العربة ووجهه الى الخارج، لكنه كان يراقب صورتنا المنعكسة على زجاج النافذة.. لم يبد أي شئ كأي اوروبي لا يتدخل فيما لا يعنيه، ولم اكترث له، ونمت كالذين بجانبي).. انتهت رواية صاحبي..
لا أذكر ان كنت هبطت في محطة برشلونة ام لا.. او كنت مستيقظاً عندما مر القطار بها، لكن كان الوقت نهاراً عندما وصلنا الحدود الاسبانية الفرنسية عند بلدة سيربر..
وأدرك شهرزاد الصباح.. فسكتت عن الكلام المباح..
.. والحديث ذو صلة
عمرالماحي
23-02-2018, 09:59 PM
اخي استاذ عمر غلام الله
اسعد الله صباحكم بكل خير
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir