مشاهدة النسخة كاملة : زواج المسيار وزواج المتعة
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 08:07 AM
زواج المسيار وزواج المتعة
أولاً: تعريف نكاح المتعة لغة :
المتعة من مادة "مَتعَ "، ومتعَ به أي انتفع، و"المتاع" السلعة. وهو أيضاً المنفعة وما تمتعت به، والاسم المتعة، و"المتعة" بضم الميم، وحكي كسرها: اسم للمتمتع به كالمتاع، وأن تتزوج امرأة تتمتع بها أياماً، ثم تخلي سبيلها.
وعلى هذا فمادة "مَتعَ " تدور على معنى التلذذ والانتفاع. ولما كان نكاح المتعة مؤقت ولا يقصد به ديمومة النكاح واستمراره، بل مجرد التلذذ والانتفاع وإرواء الغريزة الجنسية، سمي هذا النوع من النكاح بنكاح متعة.
ثانياً: تعريف نكاح المتعة اصطلاحاً:
عرفه الشيخ محمد الحامد بقوله: "نكاح المتعة هو أن ينكح الرجل المرأة بشيء من المال مدة معينة، ينتهي النكاح بانتهائها من غير طلاق، وليس فيه وجوب نفقة ولا سكنى، وعلى المرأة إستبراء رحمها بحيضتين، ولا توارث يجري بينهما، إن مات أحدهما قبل انتهاء النكاح".
وأورد القرطبي تعريفاً قريبا من ذلك. فقال:"لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق".
وأركان هذا النكاح عند الشيعة الأمامية هي: الصيغة والزوجة والمهر والأجل.
ولا يشترطون الولي ولا الشهود.
حكم نكاح المتعة:
أجمع الفقهاء على تحريم نكاح المتعة، ولم يخالف في ذلك إلا الروافض.
وتحريم نكاح المتعة ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
أولا: دليل التحريم من الكتاب:
قال تعالى في سورة المؤمنون : وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)
وجه الدلالة من الآية: ما قالت به السيدة عائشة رضي الله عنها حين سألت عن نكاح المتعة فقالت: بيني وبينكم كتاب الله وقرأت الآية وقالت: فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا.
والمرأة المستمتع بها في نكاح التأقيت "ليست زوجة ولا مملوكة". أما كونها غير مملوكة فواضح. وأما الدليل على كونها غير زوجة: فهو انتفاء لوازم الزوجية عنها، كالميراث والعدة والطلاق والنفقة ونحو ذلك. فلو كانت زوجة لورثت واعتدت ووقع عليها الطلاق ووجبت لها النفقة. فلما انتفت عنها لوازم الزوجية، علمنا أنها ليست بزوجة، لأن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم بإجماع العقلاء.
فتبين بذلك أن مبتغي نكاح المتعة من العادين المجاوزين ما أحل الله إلى ما حرم.
ثانياً: دليل التحريم من السنة:
نكاح المتعة هذا من غريب الشريعة الإسلامية كما يقول ابن العربي فإنه أبيح ثم حرم ثم أبيح ثم حرم إلى يوم القيامة. ولذلك يقول الشافعي: "ليس شيء في الإسلام أُحل ثم حرم ثم أُحل ثم حرم إلا المتعة".
فنكاح المتعة أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خيبر لعزوبة بالناس كانت شديدة، ولكثرة أسفارهم وقلة صبرهم عن النساء، ثم حرمت زمن خيبر، ثم أبيحت عام الفتح، ثم نهي عنها إلى يوم القيامة. والدليل على إباحتها قبل خيبر ثم تحريمها فيه ما رواه البخاري في صحيحه أن علياً قال لابن عباس رضي الله عنهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر" (رواه البخاري). وكلمة "نهى" هنا تدل على أنه كان مباحاً قبل خيبر ثم نهي عنه في خيبر.
والدليل على إباحتها مرة ثانية عام الفتح ثم تحريمها على وجه التأبيد: حديث الربيع بن سبره الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فقال: "يا أيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع بالنساء، وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً" (رواه مسلم).
ونلاحظ في قوله صلى الله عليه وسلم: "إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع بالنساء" أن هذا الإذن سبقه تحريم، أي أنها تكرر نسخها، حرمت في خيبر ثم أبيحت في الفتح ثم حرمت، ولذلك يقول ابن العربي: "أما هذا الباب- يعني باب نكاح المتعة- فقد ثبت على غاية البيان ونهاية الإتقان في الناسخ والمنسوخ والأحكام، وهو من غريب الشريعة، فإنه تداوله النسخ مرتين ثم حرم". وقال ابن برهان الدين: "والحاصل أن نكاح المتعة كان مباحا ثم نسخ يوم خيبر، ثم أبيح يوم الفتح، ثم نسخ أيام الفتح، واستمر تحريمه إلى يوم القيامة".
والأحاديث في تحريم النكاح متعددة ومشهورة، حتى قال ابن رشد: "وأما نكاح المتعة فقد تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريمه".
ثالثا: آراء الفقهاء في تحريم نكاح المتعة:
مذهب الحنفية:
يصرح الحنفية بأن نكاح المتعة باطل، وهو أن يقول الرجل لامرأة: أتمتع بك كذا مدة بكذا من المال. وقالوا: إنه ثبت النسخ بإجماع الصحابة رضي الله عنهم. وأما ابن عباس رضي الله عنهما، فقد صح رجوعه إلى قولهم، فتقرر الإجماع.
مذهب المالكية:
قال الدسوقي في حاشيته: "قال المازري: قد تقرر الإجماع على منعه- أي نكاح المتعة- ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة، وما حكي عن ابن عباس من أنه كان يقول بجوازه فقد رجع عنه".
مذهب الشافعية:
يعتبره الشافعية من أنواع الأنكحة المحرمة، وعرفوه بقولهم: نكاح المتعة هو أن يقول: زوجتك ابنتي يوماً أو شهراً.
وقالوا: إنه لا يجوز هذا النكاح، واستدلوا على ذلل بحديث علي رضي الله عنه السابق -وهو تحريم الرسول صلى الله عليه وسلم للمتعة زمن خيبر وقالوا إنه عقد يجوز مطلقاً فلم يصح مؤقتة كالبيع، وإنه نكاح لا يتعلق به الطلاق والظهار والإرث وعدة الوفاة، فكان باطلا كسائر الأنكحة الباطلة.
مذهب الحنابلة:
يعتبر الحنابلة نكاح المتعة مرتبط بشرط فاسد، يفسد النكاح من أصله وهو شرط التأقيت، وقالوا إن النكاح بهذا التأقيت باطل، ولأنه لم يتعلق به أحكام من الطلاق وغيره، فكان باطلاً كسائر الأنكحة الباطلة.
مذهب الظاهرية:
قال ابن حزم: "لا يجوز نكاح المتعة، وهو النكاح إلى أجل، وكان حلالا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نسخه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نسخاً باتاً إلى يوم القيامة".
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 08:11 AM
زواج المسيار
نستكمل هنا نوعاً آخر من الزواج وهو زواج المسيار الذي انتشر بشكل كبير في المجتمعات العربية وخاصة الخليجية انطلاقاً من نفس الفكرة الاساسية التي حكمت عرضنا للموضوعين السابقين وهى إن الأسرة وترابطها دليل على تماسك المجتمع وترابطه.
فالأسرة هي البيئة الأولى التي ينمو فيها الفرد حسيا ومعنويا، وثقافيا وأخلاقيا وبالتالي فإن هذه الأسرة يجب أن تكون دوماً في حالة من القوة والاستقرار والتماسك، مدعّمة بالقيم والأخلاق، لأن ذلك سوف ينعكس على أفرادها ومن ثم على المجتمع.
"والقيم والأخلاق عند الأبناء هي نتاج لما تعلمه الابن في البيت من معايير اجتماعية خاصة بالصواب والخطأ والحقوق والواجبات".
"والتغير الاجتماعي والعلاقات الأسرية.. لها دور كبير في جنوح الأبناء أو التزامهم بالقيم الأخلاقية".
وعلى ذلك فإنه "إذا كانت الأسرة قوية سوية سليمة التكوين فإن الأبناء ينشأون أقوياء أسوياء وذلك لأن الأسرة تلعب دورا مهما في حياتهم من خلال ما تقدمه من أساليب تنشئة اجتماعية وثقافية وقيم ومبادئ ومثل أخلاقية".
لذا يقرر علماء الشريعة والنفس والتربية أهمية الأسرة في حياة الفرد والمجتمع. ولقد اهتم الإسلام أشد الاهتمام بالأسرة، وسن التشريعات التي تضمن لها التماسك والاستقرار، ويكفي أن نشير هنا إلى أن هناك سورتين في القرآن اسمهما "النساء" و"الطلاق" تنظمان العلاقة بين قطبي الأسرة: الرجل والمرأة، بالإضافة إلى الآيات المتفرقة في سور القرآن الكريم والتي تعالج شئون الأسرة. فلقد وصف القرآن الكريم الزوجة بأنها سكن ومودة ورحمة فقال تعالى في سورة الروم : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وأمر القرآن الأزواج بالإحسان إلى الزوجات فقال تعالى في سورة النساء (عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وأمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائه " (رواه الترمذي). وقال صلى الله عليه وسلم: حين سأله رجل: "ما حق زوج أحدنا عليه. قال: "تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه" ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" (أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة).
كما أمر القرآن النساء بالطاعة لأزواجهن فقال تعالى في سورة النساء : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)
حديث أبي هريرة مرفوعاً:" و كنت آمراً أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" (رواه أحمد أبو داود وابن ماجه).
وعلى ما سبق فإن النقل والعقل يقرران أن الأسرة هي روح المجتمع وأنه يجب بذل الجهود في سبيل الحفاظ على كيان هذه الأسرة من الاهتزاز أو التقويض.
وإنه يجب على طلبة العلم والعلماء أن يكتشفوا أولا بأول ما يؤثر في البناء الأسري فإن كان تأثيرا إيجابيا شجعوه، وإن كان تأثيرا سلبيا نبهوا إليه وحذروا منه.
وانطلاقا من هذه النظرة جاء هذا العرض لنناقش زواج المسيار مناقشة فقهيه واقعية موضوعية في هذا الموقع، وذلك للوقوف على مدى موافقته للشرع الإسلامي الحنيف ومدى تأثيره على الكيان الأسري إيجابا أو سلبا، ومدى نفعه أو ضرره للمجتمع.
لعل الله أن يجعل فيه للمجتمع إجابة شافية عن هذا الموضوع الذي كثر الجدل فيه.
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 08:12 AM
أسباب نشأة وظهور زواج المسيار
أولا: أسباب تتعلق بالنساء ومنها:
1- عنوسة المرأة أو طلاقها أو ترملها:
من أهم الأسباب التي أدت إلى وجود زواج المسيار وانتشاره، هو وجود عدد كبير من النساء في المجتمعات الإسلامية- وخاصة الخليجية- بلغن سن الزواج ولم يتزوجن بعد، أو تزوجن وفارقن الأزواج لموت أو طلاق ونحو ذلك. ولقد أصبحت العنوسة ظاهرة اجتماعية مؤرقة أفرزتها الحياة المعاصرة، وهي تكبر وتتسع وتفرض نفسها على المجتمع كأمر واقع وخطير.
وقد ظهرت إحصائيات كبيرة حول عدد العوانس في البلدان العربية عامة ودول الخليج على وجه الخصوص.
والنفس البشرية: يساورها القلق عندما تمكث المرأة من دون زواج، مما يدفع المرأة أو وليها إلى تقديم تنازلات من أجل الحصول على زوج يعف المرأة، ويكون لها منه الولد تستأنس به بإذن الله.
وفي استطلاع للرأي أجرته مجلة الأسرة السعودية وشمل 363 فتاة من المملكة العربية السعودية رأت 46.62% من الفتيات أن سبب ظهور زواج المسيار هو عنوسة المرأة، أو طلاقها أو حاجتها إلى الأطفال.
وبدراسة بعض الحالات المتزوجة عن طريق المسيار قالت إحدى الحالات: "إن الزواج بهذه الصورة كان هو الحل الأخير لزواجها، حيث إنها مطلقة مرتين متواضعة الجمال.
2- رفض كثير من النساء لفكرة التعدد:
حيث إن كثيرا من النساء لا يقبلن بالتعدد، مع تسليمهن بأن هذا هو شرع الله -عز وجل- إلا أن الغيرة الطبيعية لدى المرأة تجعلها لا تقبل به كواقع عملي.
وهذا الرفض أدى إلى زيادة نسبة العنوسة، حيث إن المرأة لا تقبل بزوج له زوجة أولى، حتى إذا تقدم بها العمر ولم تحصل على زوج اضطرت لتقديم تنازلات من أجل الزواج كما في زواج المسيار.
وقد أدى هذا الرفض أيضاً إلى لجوء الرجال إلى الزواج عن طريق المسيار بدافع الحرص على عدم علم الزوجة الأولى، وكذلك الخوف على كيان أسرته من الاهتزاز، حيث عدم المبيت وعدم السكن وغلبة الكتمان، مما يجعل من الصعب على زوجته الأولى أن تعرف به. وفي الاستبيان: رأى 66.25% من العينة أن السبب في لجوء الرجال إلى الزواج بهذه الصورة هو التحرز من علم الزوجة الأولى، مع رغبتهم في التعدد.
3- حاجة بعض النساء إلى المكث في بيت أهلها لرعاية أبويها:
فربما لا يوجد عائل لهم إلا هي، أو يكون عندها بعض الإعاقة التي تمنعها من تحمل مسئولية البيت، ويرغب أولياؤها في إعفافها والحصول على الذرية ولا يكلفون الزوج شيئاً.
وفي دراسة بعض الحالات المتزوجة عن طريق المسيار قالت إحداهن عن السبب الذي دعاها للزواج عن هذا الطريق: إن عندها خمسة أطفال وهي موظفة وتريد أن ترعاهم رعاية حسنة بعد وفاة زوجها وتقدم لها الكثير لكنها رفضت لانشغالها مع أولادها، ولما تقدم لها شخص يريد أن يتزوجها مسياراً على أن يأتيها في نهاية كل أسبوع قبلت ذلك لأنها وعلى حد قولها ستجمع بين الزواج والحرية والوقت الكافي لتربية الأطفال.
ثانيا: أسباب تتعلق بالرجال:
1- رغبة بعض الرجال في المتعة:
يرغب بعض الرجال في التعدد من أجل المتعة التي ربما لا يجدها مع زوجته الأولى، بسبب كبر سنها مثلا أو انشغالها مع أولادها ونحو ذلك، وهذا حق مشروع ولكن خوفهم من علمها، وحرصاً على شعورها و على كيان الأسرة، أدى إلى ظهور هذا النوع من الزواج. حيث الحصول على المتعة وإعفاف النفس من دون المبيت أو التغيب طويلاً عن مسكنه الأول. وفي استبانة مجلة الأسرة رأت 52.9% من الفتيات اللاتي شاركن في الاستبيان أن من أسباب ظهور هذا النوع من الزواج هو رغبة الرجال في المتعة.
وفي أحد استطلاعات الرأي التي تمت على عدد من المواطنين الخليجين ظهر إن 66.25% أن من أسباب ظهور هذا النوع من الزواج هو رغبة الرجل في المتعة وتحرزاً من علم الزوجة الأولى.
2- عدم رغبة بعض الرجال في تحمل المزيد من الأعباء:
بعض الرجال ليس لديهم الاستعداد أو القدرة على تحمل المزيد من الأعباء الإضافية في حياته الأسرية، خصوصاً في العصر الحاضر والتكلفة الباهظة في الزيجات، مع رغبته في زوجة من أجل المتعة والإعفاف، وقابلت رغبته هذه رغبة كثير من المطلقات والأرامل والعوانس في الزواج، فأدى ذلك إلى ظهور هذا النوع من الزواج.
وفي أحد استطلاعات الرأي رأى 58.75 % ممن شملهم الاستطلاع أن من أسباب ظهور هذا الزواج هو هروب بعض الرجال من تبعات الزواج العادي وواجباته.
3- عدم استقرار الرجل بسبب العمل:
قد يكون عمل بعض الرجال غير مستقر، فهو يتردد على بعض المدن أو البلدان في عمل رسمي، أو تجاري، ويحتاج في أثناء وجوده في هذا البلد إلى امرأة تحصنه، مع عدم استعداده لتحمل مسئولية الزواج كاملة، فيلجأ إلى زواج المسيار، لأنه لن يستقر معها ولن يأتيها إلا أثناء وجوده في هذا البلد أو تلك المدينة وليس مستعداً لنقلها إلى بلده أو مدينته.
ثالثاً: أسباب تتعلق بالمجتمع:
1- غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج:
يرغب بعض الرجال في الارتباط بزوجة تعفه ويسكن إليها، سواء كانت الأولى أو الثانية، ولكن هناك عقبة تقف في هذا الطريق ألا وهي: مغالاة الأسر في المهور، وإلزام الزوج بتكاليف باهظة قد تفوق قدرته المالية. وقابل ذلك وجود عدد كبير من المطلقات والأرامل اللاتي قد يمتلكن المال ويرغبن في الزواج من زوج كفء وصالح، وعدد كبير من العوانس اللاتي يرغب أولياؤهن في تزويجهن رغبة في الإعفاف والولد، حتى ولو أنفقوا عليهن. فأدى ذلك إلى ظهور هذا النوع من الزواج. رغبة في تخطي أعباء الزواج العادي. وفي استطلاع للرأي رأى 51.25% من العينة على أن هذا الزواج فيه تخطي لأعباء الزواج العادي.
2- نظرة المجتمع بشيء من الازدراء للرجل الذي يرغب في التعدد:
فيتهمه المجتمع بأنه شهواني ولا هم له إلا النساء، وقد يكون هذا الرجل بحاجة فعلية إلى امرأة تعفه لظروف خاصة قد تكون عند زوجته، مما يدفعه للبحث عن زواج فيه ستر وبعد عن أعين المجتمع، فكانت هذه الصورة.
وهذه النظرة للتعدد غير صحيحة وتحتاج إلى تصحيح فإن التعدد أباحه وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 08:14 AM
أوجه الفرق والوفاق بين زواج المسيار وزواج المتعة
من المناقشة السابقة لزواج المتعة يتضح أنه نكاح باطل لا يمت بصلة للزواج الشرعي، وعلى هذا فإن نكاح المتعة يختلف تماماً عن زواج المسيار إلا في نقطة واحدة: وهي عدم وجوب النفقة والسكنى على الرجل.
أوجه الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة:
1) المتعة مؤقتة بزمن، بخلاف المسيار، فهو غير مؤقت ولا تنفك عقدته إلا بالطلاق.
2) لا يترتب على المتعة أي أثر من آثار الزواج الشرعي، من وجوب نفقة وسكنى وطلاق وعدة وتوارث، اللهم إلا إثبات النسب، بخلاف المسيار الذي يترتب عليه كل الآثار السابقة، اللهم إلا عدم وجوب النفقة والسكنى والمبيت.
3) لا طلاق يلحق بالمرأة المتمتع بها، بل تقع الفرقة مباشرة بانقضاء المدة المتفق عليها، بخلاف المسيار.
4) إن الولي والشهود ليسوا شروطاً في زواج المتعة، بخلاف المسيار فإن شرط في صحته، وكذا الولي عند الجمهور.
5) إن للمتمتع في نكاح المتعة التمتع بأي عدد من النساء شاء. بخلاف المسيار فليس للرجل إلا التعدد المشروع وهو أربع نساء حتى ولو تزوجهن كلهن عن طريق المسيار.
آراء العلماء في زواج المسيار:
اختلف العلماء في حكم هذا النوع من الزواج، ويمكن القول أنهم ذهبوا في هذا إلى قولين:
الأول: القول بالإباحة أو الإباحة مع الكراهة.
الثاني: القول بعدم الإباحة.
القول الأول: القائلون بالإباحة أو الإباحة مع الكراهية وأدلتهم:
من الذين قالوا بالإباحة: فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز- رحمه الله- فحين سئل عن زواج المسيار والذي فيه يتزوج الرجل بالثانية أو الرابعة، وتبقى المرأة عند والديها، ويذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف كل منهما. أجاب رحمه الله: "لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً، وهي وجود الولي ورضا الزوجين، وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد وسلامة الزوجين من الموانع، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" (رواه البخاري). وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم " فإن اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها أو على أن القسم يكون لها نهارا لا ليلا أو في أيام معينة أو ليالي معينة، فلا بأس بذلك بشرط إعلان النكاح وعدم إخفائه".
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس إدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، حيث أجاب سماحته عندما سئل عن حكم زواج المسيار: إن هذا الزواج جائز إذا توافرت فيه الأركان والشروط والإعلان الواضح، وذلك حتى لا يقعان في تهمة وما شابه ذلك، وما اتفقا عليه فهم على شروطهم، ثم ذكر حفظه الله أن هذا الزواج قد خف السؤال عنه هذه الأيام وقد كان يسأل عنه قبل سنتين تقريباً.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين -عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية- حيث قال: " اعلم أن هذا الاسم مرتجل جديد ويراد به أن يتزوج امرأة ويتركها في منزلها ولا يلتزم لها القسم ولا بالمبيت ولا بالسكنى وإنما يسير إليها في وقت يناسبه ويقضي منها وطره ثم يخرج، وهو جائز إذا رضيت الزوجة بذلك، ولكن لابد من إعلان النكاح مع الاعتراف بها كزوجة لها حقوق الزوجات، ولأولاده منها حقوق الأبوة عليه.
ومن الذين قالوا بإباحته فضيلة الشيخ يوسف محمد المطلق- عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية- وفي ذلك يقول: "الزواج الشرعي هو ما تم فيه أركانه وشروطه، وأما الاشتراط بتنازل المرأة عن حقها في النفقة والقسم فهو شرط باطل، والزواج صحيح، ولكن للمرأة بعد الزواج أن تسمح بشيء من حقها. وذلك لا يخالف الشرع، وهذا الزواج قد يكون مفيداً لمن يعيش في ظروف خاصة كأم أولاد تريد العفة والبقاء مع أولادها، أو راعية أهل مضطرة للبقاء معهم.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ إبراهيم بن صالح الخضيري -القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض بالمملكة العربية السعودية- حيث قال: "زواج المسيار شرعي وضروري في عصرنا هذا، خاصة مع كثرة الرجال الخوافين؟؟ ومع اشتداد حاجة النساء إلى أزواج يعفونهن، والتعدد أصل مشروع، والحكمة منه إعفاف أكبر قدر ممكن من النساء، فلا أرى في زواج المسيار شيئاً يخالف الشرع ولله الحمد والمنة، بل فيه إعفاف الكثير من النساء ذوات الظروف الخاصة، وهو من أعظم الأسباب في محاربة الزنا والقضاء عليه ولله الحمد والمنة، ومشاكله كمشاكل غيره من عقود الزواج".
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: الدكتور حسين بن محمد بن عبد الله آل الشيخ الأستاذ المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية سابقا، لكنه تحفظ عليه تحفظا شديدا ويرى حصره في حالات خاصة جدا. وفي ذلك يقول: "إن زواج المسيار بالنظر العام إلى أركانه وشروطه جائز شرعاً، ولكن لما في هذه الشروط من نتائج سيئة، فهي فاسدة وحدها دون العقد. وأرى أن هذا الزواج جائز شرعاً مع قصره على حالات فردية خاصة كالمعاقة جسدياً مثلا، أو نحو ذلك من الأمور التي يتحتم عليها البقاء مع أهلها".
أما انفتاحه بهذه الصورة فإني أنظر إليه بالخطورة القصوى التي قد تعصف بالمجتمع، وكذلك قد يتساهل الناس به مما يسبب العزوف عن الزواج العادي، ويصير الزواج وكأنه متعة فقط. ولا ننسى أن العقد في الزواج ليس كغيره من العقود، فهو يتعلق بالأبضاع ومعلوم أن: (الأصل في الأبضاع التحريم) (وإذا تقابل في المرأة حل وحرمة غلبت الحرمة).
لذا يجب الاحتياط في أمر الزواج ما لا يحتاط في غيره، ولذا تبقى الشبهة قائمة في زواج المسيار، والله أعلم.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، حين سئل عن زواج المسيار وأنه زواج يتم بعقد وشهود وولي، ولكن بشرط ألا يلتزم الزوج بالوفاء بالحقوق الواجبة عليه نحو الزوجة. فقال: "ما دام الأمر كذلك، العقد صحيح شرعا، وتم الاتفاق على عدم الوفاء بحقوق الزوجة، وهي رضيت بذلك فلا بأس، لأن الزواج الشرعي الصحيح قائم على المودة والرحمة، وعلى ما يتراضيان عليه، ما دام حلالا طيبا بعيدا عن الحرام}.
ومن الذين قالوا بإباحته كذلك: مفتي جمهورية مصر العربية السابق الشيخ نصر فريد واصل حيث قال :"زواج المسيار مأخوذ من الواقع، واقتضته الضرورة العملية، في بعض المجتمعات، مثل السعودية، التي أفتت بإباحته. وهذا الزواج يختلف عن زواج المتعة والزواج المؤقت، فهو أي: زواج المسيار، زواج تام تتوافر فيه أركان العقد الشرعي، من إيجاب وقبول، وشهود، وولي، وهو زواج موثق، وكل ما في الأمر أن يشترط الزوج أن تقر الزوجة بأنها لن تطالبه بالحقوق المتعلقة بذمة الرجل، كزوج لها، فمثلاً لو كان متزوجاً بأخرى لا يعلمها، ولا يطلقها، ولا يلتزم بالنفقة عليها، أو توفير المسكن المناسب لها، وهي في هذه الحالة تكون في بيت أبيها، وتتزوج في بيت أبيها، ويوافق على ذلك، وعندما يمر الزوج بالقرية أو المدينة التي بها هذه الزوجة يكون من حقه الإقامة معها ومعاشرتها معاشرة الأزواج، وفي الأيام التي يمكثها في هذا البلد، ومن هنا لا يحق للمرأة- الزوجة- أن تشترط عليه أن يعيش معها أكثر من ذلك أو أن تتساوى مع الزوجة الأخرى" ولكنه أضاف قائلاً: "ويمكن لهذه الزوجة أن تطالب بالنفقة عليها عند الحاجة إليها، رغم الوعد السابق بأنها لن تطالب بالنفقة".
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: الدكتور سعد العنزي حيث أكد أن زواج المسيار عقد صحيح مكتمل الأركان، وأن زواج الرجل دون علم زوجته الأولى لا يشوبه شائبة، مشيراً إلى أن زواج المسيار هو اتفاق رضائي بعد إتمام العقد بين الرجل والمرأة على إسقاط النفقة، كأن تكون المرأة غنية ولا تحتاج إلى نفقة ولا مسكن وإنما رغبت في الزواج من أجل المعاشرة أو الولد، وهذا الزواج لا ينافي مقاصد الشرع. وأضاف قائلا: إن زواج المسيار يحد من الانحرافات في المجتمع، فالمرأة أرادت السكن والعفة وأرادت الزوج بمقتضى هذا العقد الذي تتوافر فيه جميع الشروط. واستدل على جواز إسقاط الزوجة لحقها في القسم بتنازل السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها وأرضاها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلتها لعائشة رضي الله عنها. وأما ما يتعلق بالنفقة فأوضح أنه لا خلاف على أن النفقة واجبة على الزوج، ولكنه قال: إذا أسقطت حقها في النفقة كما لو كانت غنية... وتم الاتفاق بين طرفي العقد فيصح، ولها أن تطالب بحقها في النفقة مستقبلا إذا تضررت بعدم الإنفاق. وأما فيما يتعلق بالإعلان فإنه أوضح أن زواج المسيار زواج معلن وليس بسر، قائلا بأن الفقهاء متفقون في كل العصور على أن الغاية من الإشهاد شهر الزواج.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضا مع الكراهة: الدكتور وهبة الزحيلي. يقول: "هذا الزواج صحيح غير مرغوب فيه شرعا.. لأنه يفتقر إلى تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في الزواج من السكن النفسي، والإشراف على الأهل والأولاد ورعاية لأسرة بنحو أكمل، وتربية أحكم".
ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة: الدكتور يوسف القرضاوي، وفي ذلك يقول: "أنا لست من دعاة زواج المسيار ولا من المرغبين فيه، فلم أكتب مقالة في تحبيذه أو دفاع عنه ولم أخطب خطبة تدعو إليه. كل ما في الأمر أني سئلت سؤالا عنه فلم يسعني أن أخالف ضميري، أو أتاجر بديني، أو أشتري رضا الناس بسخط ربي فأحرم ما أعتقد أنه حلال".
ويقول أيضاً: "ويقول بعض المعترضين على زواج المسيار: إن هذا الزواج لا يحقق كل الأهداف المنشودة من وراء الزواج الشرعي، فيما عدا المتعة والأنس بين الزوجين، والزواج في الإسلام له مقاصد أوسع وأعمق من هذا، من الإنجاب والسكن والمودة والرحمة. وأنا لا أنكر هذا، وأن هذا النوع من الزواج ليس هو الزواج الإسلامي المنشود، ولكنه الزواج الممكن الذي أوجبته ضرورات الحياة، وتطور المجتمعات وظروف العيش، وعدم تحقيق كل الأهداف المرجوة لا يلغي العقد، ولا يبطل الزواج إنما يخدشه وينال منه".
وقد استدل على جوازه بأنه عقد متكامل الأركان والشروط، وإن تنازلت فيه المرأة عن بعض حقوقها، فلها ذلك، لأنها مالكة الحق ولها أن تتنازل عنه وأن ذلك لا يؤثر على العقد. واستدل بتنازل سودة بنت زمعة عن ليلتها للسيدة عائشة رضي الله عنهما جميعاً.
ولكنه علق قائلا: "وأنا أفضل ألا يذكر مثل هذا التنازل في صلب العقد، وأن يكون متفاهماً عليه عرفيا. على أن ذكره في صلب العقد لا يبطله. وأرى وجوب احترام هذه الشروط".
ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة، الشيخ عبد الله بن منيع، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، والقاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة. يقول: "هذا الزواج بهذا التصور لا يظهر لي القول بمنعه، وإن كنت أكرهه، وأعتبره مهينة للمرأة وكرامتها، ولكن الحق لها، وقد رضيت بذلك، وتنازلت عن حقها فيه". واستدل على جوازه بأنه عقد مستكمل الأركان والشروط ويترتب عليه كل الحقوق المترتبة على عقد الزوجية من حيث النسل، والإرث، والعدة، والطلاق، واستباحة البضع، والسكن، والنفقة، وغير ذلك من الحقوق والواجبات إلا أن الزوجين قد ارتضيا واتفقا على ألا يكون للزوجة حق المبيت، أو القسم، وإنما الأمر راجع للزوج متى رغب زيارة زوجته- عن طريق المسيار- في أي ساعة من ساعات اليوم والليلة فله ذلك. وقال فضيلته: إن تنازلت المرأة عن بعض حقوقها فهذا لا يضر.
ولكنه يرى مع ذلك أنه مباح وليس فيه شبهة حرام، ويرفض القول بتحريمه بل وحتى يرفض التوقف في شأنه. وفي ذلك يقول: "الأصل في العقود الشرعية، ومنها الزواج هو الإباحة، فكل عقد استوفى أركانه وشرائطه الشرعية كان صحيحاً ومباحا، ما لم يتخذ جسرا أو ذريعة إلى الحرام، كنكاح التحليل، والزواج المؤقت، وزواج المتعة، وليس في المسيار قصد حرام... وأستهجن القول بتحريمه، أو التوقف في شأنه".
بل إنه يرى أن مزايا زواج المسيار تغلب مضاره وفي ذلك يقول: "ولا أعتقد بوجود آثار سيئة للمسيار، وإنما هو على العكس يصون المرأة ويعفها ويمنعها من الانحراف".
واستدل على جوازه بأنه عقد مستكمل الأركان والشروط، وأن تنازل المرأة عن بعض حقوقها لا مانع منه شرعاً، وتساءل قائلا: نظرا لأن المرأة تتنازل في هذا العقد عن حقها في المبيت والنفقة فأي مانع شرعي يمنعها من ذلك؟ فهي راضية بذلك. ولكنه طالب الزوجين بعدم التصريح عن هذا التنازل في العقد بل جعله ودياً بعدئذ.
ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة الشيخ سعود الشريم- إمام وخطيب المسجد الحرام فيقول:"إن هذا الزواج يحقق الإحصان لكنه لا يحقق السكن. والغالب فيه أن تكون المرأة هي الخاطب، وبالتالي فهي تستطيع أن تحكم على ما تجنيه من فائدة.
واستدل على جوازه بأنه عقد مستكمل الأركان والشروط، وأنه لا بأس بتنازل المرأة عن بعض حقوقها وفي ذلك يقول:"إذ ا تنازلت المرأة عن حقها فهي أولى الناس بنفسها، ولا تعني إساءة تطبيق زواج المسيار تحريمه، فقد يحصل منه ضرر من وجه دون آخر، وقد يكون الفساد الناتج عن ترك هذا الزواج أدهى من الفساد الناجم مع وجوده وتحققه.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً الدكتور أحمد الحجي الكردي، وعلق كراهته أو عدمها على الظروف وفي ذلك يقول: "وهذا الزواج في نظري صحيح لاستيفائه شروطه الشرعية، ولا يؤثر في صحته اشتراط عدم القسم لها في المبيت مع زوجاته الأخريات إن وجدن، رغم عدم شرعية هذين الشرطين. لأن عقد الزواج لا يفسد بالشروط غير المشروعة، ولكن يصح الزواج وتلغو هذه الشروط غير المشروعة، ويكون للزوجة في زواج المسيار هذا أن تطالب الزوج بعد العقد بالنفقة والقسم لها، وعليه أن يجيبها إلى طلبها، ولا يجوز له أن يتمسك بالشرط الذي رضيت به قبل العقد لأنه شرط لاغ، أما جعله مكروها أو غير مكروه، فهذا مناط بظروف الحال، فإن كان لمحتاج إليه على هذه الصورة فلا كراهة فيه، وإن كان للتشهي والتلهي من غير حاجة فهو مكروه، والأمر مناط بالنية وظروف الحال".
ومن الذين قالوا بإباحته كذلك وعلق الكراهة أو عدمها على الظروف: الدكتور محمود أبو ليل وفي ذلك يقول: "الذي يترجح لي أنه مباح من حيث المبدأ إذا استوفى الأركان والشروط من الإيجاب والقبول وموافقة الولي والإشهاد والإعلان في بلد الزوجة ومحل إقامتها بشكل خاص، وأما ما يتعلق بالمهر والنفقة والمسكن والمبيت فهذه حقوق للمرأة، لها التنازل عنها كليا أو جزئياً إن وجدت ذلك خيرا لها، وقد أشار القرآن إلى جواز ذلك في قوله تعالى في سورة النساء : وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وقيل في سبب نزول هذه الآية أن زوج النبي صلى الله عليه وسلم سودة تنازلت عن ليلتها لعائشة لما أحست أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد طلاقها، وهذا من يسر الشريعة ومرونتها وسعتها لمختلف الأحوال والظروف، فقد تمر المرأة في ظروف صعبة لسبب أو لآخر، ترى من الخير لها أن تقبل بمثل هذا الزواج، فلا نضيق عليها واسعاً.
وأما هل هو مكروه أم لا؟ فهذا في نظري موقوف على مدى الحاجة والاضطرار والباعث عليه.
القول الثاني: القائلون بعدم الإباحة وأدلتهم:
من الذين قالوا بعدم إباحة زواج المسيار فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى حيث قال: إن فيه مضارا كثيرة على رأسها تأثيره السلبي على تربية الأولاد وأخلاقهم.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الشيخ عبد العزيز المسند، المستشار بوزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية والداعية المعروف بالمملكة.
وحمل عليه بشدة وأوضح أنه ضحكة ولعبة ومهانة للمرأة، ولا يقبل عليه إلا الرجال الجبناء، فيقول: "زواج المسيار ضحكة ولعبة.. فزواج المسيار لا حقيقة له، وزواج المسيار هو إهانة للمرأة، ولعب بها..، فلو أبيح أو وجد زواج المسيار لكان للفاسق أن يلعب على اثنتين وثلات وأربع وخمس.. وهو وسيلة من وسائل الفساد للفساق... وأستطيع أن أقول: "إن الرجال الجبناء هم الذين يتنطعون الآن بزواج المسيار.
ومن الذين قالوا بعدم إباحة هذا الزواج أيضاً: الدكتور عجيل جاسم النشمي، عميد كلية الشريعة بالكويت سابقاً فهو يرى أن زواج المسيار عقد باطل وان لم يكن باطلاً فهو عقد فاسد.
واستدل على ذلك بستة أدلة:
1) أن هذا الزواج فيه استهانة بعقد الزواج، وإن الفقهاء القدامى لم يتطرقوا إلى هذا النوع، وأنه لا يوجد فيه أدنى ملمس من الصحة.
2) أن هذا العقد قد يتخذ ذريعة إلى الفساد، بمعنى أنه ممكن أن يتخذه أصحاب المآرب شعارا لهم، فتقول المرأة أن هذا الرجل الذي يطرق الباب هو زوجي مسيار وهو ليس كذلك. وسد هذا الباب يعتبر من أصول الدين.
3) أن عقد زواج المسيار يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تتمثل في تكوين أسرة مستقرة.
4) أن عقد زواج المسيار يتم بالسر في الغالب، وهذا يحمل من المساوئ ما يكفي لمنعه.
5) أن المرأة في هذا الزواج عرضة للطلاق إذا طالبت بالنفقة وقد تنازلت عنها من قبل.
6) أن هذا الزواج يترتب عليه الإثم بالنسبة للزوج لوقوع الضرر على الزوجة الأولى، لأنه سيذهب إلى الزوجة الثانية دون علمها وسيقضي وقتاً ويعاشر هذه الزوجة على حساب وقت وحق الزوجة الأولى في المعاشرة.
وأخيراً قال الدكتور أن هذا الزواج يشبه زواج المحلل وزواج المتعة من حيث الصحة شكلاً، والحرمة شرعاً.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الدكتور محمد الزحيلي، وساق أدلته لهذا الرأي:
فيقول:... أرى منع هذا الزواج وتحريمه لأمرين: أولهما أنه يقترن ببعض الشروط التي تخالف مقتضى العقد وتنافي مقاصد الشريعة الإسلامية في الزواج، من السكن والمودة ورعاية الزوجة أولاً، والأسرة ثانياً، والإنجاب وتربية الأولاد، ووجوب العدل بين الزوجات، كما يتضمن عقد الزواج تنازل المرأة عن حق الوطء، والإنفاق وغير ذلك.. وثانيهما أنه يترتب على هذا الزواج كثير من المفاسد والنتائج المنافية لحكمة الزواج في المودة والسكن والعفاف والطهر، مع ضياع الأولاد والسرية في الحياة الزوجية والعائلية وعدم إعلان ذلك، وقد يراهم أحد الجيران أو الأقارب فيظن بهما الظنون.. ويضاف إلى ذلك أن زواج المسيار هو استغلال لظروف المرأة، فلو تحقق لها الزواج العادي لما قبلت بالأول، وفيه شيء من المهانة للمرأة.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الدكتور محمد عبد الغفار الشريف، عميد كلية الشريعة الإسلامية والدراسات الإسلامية بالكويت، وفي ذلك يقول: "زواج المسيار بدعة جديدة، ابتدعها بعض ضعاف النفوس، الذين يريدون أن يتحللوا من كل مسئوليات الأسرة، ومقتضيات الحياة الزوجية، فالزواج عندهم ليس إلا قضاء الحاجة الجنسية، ولكن تحت مظلة شرعية ظاهريا، فهذا لا يجوز عندي- والله أعلم- وإن عقد على صورة مشروعة".
واستدل على رأيه هذا بأمور منها:
أن هذا الزواج يتنافى ومقاصد الزواج، قال تعالى في سورة الروم : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
وتساءل: فأين السكن بالنسبة للمرأة القلقة، التي لا تعلم متى سيطلقها هذا الزوج بعد قضاء شهواته ونزواته معها؟.
علاوة على ما فيه من سرية- تعود بالبطلان على العقد عند بعض الفقهاء- وهذه السرية تضع الإنسان في موضع ريبة، وقد تكون وسيلة لبعض ضعيفات النفوس أن يقعن في المحرمات، ثم إن سئلن عن جرمهن ادعين زواج المسيار.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضا الدكتور إبراهيم فاضل الدبو: الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بسلطنة عمان، وساق أدلته على عدم الإباحة وفي ذلك يقول: "أميل إلى القول بحرمة زواج المسيار لأنه لا يحقق الغرض الذي يقصده الشارع من تشريع الزواج، كما أنه ينطوي على الكثير من المحاذير إذ قد تتخذه بعض النسوة وسيلة لارتكاب الفاحشة بدعوى أنها متزوجة مسيار، وإذا قيل بأن زواج المسيار عقد استكمل أركانه وشروطه فلماذا يحرم؟ فإنه يجاب على ذلك بأن نكاح المحلل والمحلل له قد استكمل العقد فيه أركانه وشروطه أيضاً، إلا أن الفقهاء أفتوا بحرمته سدا للذرائع، وسد الذريعة أصل من أصول الشريعة قال به كثير من الفقهاء".
وكذلك قال بعدم إباحته الدكتور جبر الفضيلات، والدكتور علي القرة داغي ويرى كل من الدكتور عبد الله الجبوري والدكتور عمر سليمان الأشقر عدم قبوله شرعاً.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً الدكتور محمد الراوي- عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. وفي ذلك يقول: المسيار هذا.. ليس من الزواج في شيء!!! لأن الزواج: السكن، والمودة، والرحمة، تقوم به الأسرة، ويحفظ به العرض، وتصان به الحقوق والواجبات.
أدلة القائلين بعدم الإباحة ومناقشتها من خلال سرد آراء العلماء القائلين بعدم إباحة زواج المسيار، نرى أنهم استدلوا على رأيهم هذا بعدة أدلة:
1) أن العقد في هذا الزواج مقترن ببعض الشروط التي تخالف مقتضى العقد، كشرط تنازل المرأة عن حقها في القسم والنفقة ونحو ذلك، وهذه الشروط فاسد وقد تفسد العقد.
2) أن زواج المسيار هذا: مبني على الإسرار والكتمان، وعدم إطلاع الناس عليه، والأصل في الزواج الإعلان.
3) أن هذا الزواج يتنافى مع مقاصد الشريعة الإسلامية من الزواج، كتحقيق السكن والمودة، ورعاية الأبناء.
4) أن هذا الزواج فيه مهانة للمرأة، وتهديد لمستقبلها بالطلاق إذا طلبت المساواة في القسم أو النفقة، وفيه استغلال لظروفها، فهي لو وجدت الزواج العادي لما قبلت بزواج المسيار.
5) أن الله شرع لنا وسيلة أخرى غير هذا الزواج وهو التعدد.
6) أن هذا الزواج يترتب عليه الإضرار بالزوجة الأولى، لأنه سيذهب إلى الزوجة الثانية دون علمها، وسيقضي وقتاً معها ويعاشرها على حساب وقت وحق الزوجة الأولى في المعاشرة.
7) أن هذا الزواج ينطوي على كثير من المحاذير، إذ قد يتخذه بعض النسوة وسيلة لارتكاب الفاحشة بدعوى أنها متزوجة عن طريق المسيار. لذا يجب منعه سداً للذرائع حتى ولو كان مستكمل الأركان والشروط قياساً على زواج المتعة والمحلل.
مناقشة بعض من أدلة المانعين:
مناقشة الدليل الأول:
وفي هذا الدليل نود ذكر حكم النفقة والقسم عموما ثم حكم تنازل المرأة عنهما لزوجها وإنفاقها على نفسها.
حكم النفقة: المراد بالنفقة هنا: النفقة على الزوجة والتي تعني: "ما يفرض للزوجة على زوجها من مال، للطعام والكساء والسكن والحضانة ونحوها". ونقل الدكتور محمد عقلة عن معجم لغة الفقهاء أن النفقة هي "ما يجب من مال لتأمين الضرورات للبقاء".
ونفقة الزوجة واجبة على الزوج بإجماع العلماء. يقول ابن رشد: " فأما النفقة فاتفقوا على وجوبها وأنها من حقوق الزوجة على الزوج ".
واستدل على وجوبها بقوله تعالى في سورة البقرة : وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) ويقول ابن قدامة: "نفقة الزوجة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع" واستدل على وجوبها بقوله تعالى في سورة الطلاق : لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) كما استدل بقوله تعالى في سورة الأحزاب : قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ (50) ومما فرض الله عليهم النفقة على أزواجهم والمبيت عندهم، والعدل بين من لديه أكثر من زوجة.
كما احتج بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف". وقال النووي في شرحه للحديث: قوله: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" فيه وجوب نفقة الزوجة وكسوتها، وذلك بالإجماع".
وقال البخاري بالوجوب حيث عقد لذلك باباً. فقال: باب وجوب النفقة على الأهل والعيال واحتج لذلك بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. تقول المرأة: إما تطعمني وإما أن تطلقني. ويقول العبد: أطعمني واستعملني. ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني؟ فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا هذا من كيس أبي هريرة رضي الله عنه.
ووجه الاستدلال بالحديث: أن الزوجة تطالب زوجها بإطعامها أو تطليقها، ولو يكن الإنفاق واجباً ما جاز لها أن تطلب الطلاق في حال عدم إطعامه لها.
واحتج لذلك المنذري بما رواه حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت:يا رسول الله؟ ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.
وقال الخطابي مبينا وجه الاستدلال في الحديث: "في هذا إيجاب النفقة والكسوة لها، وليس لذلك حد معلوم، وإنما هو على المعروف، وعلى قدر وسع الرجل وجد وإذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقاً لها فهو لازم على الزوج، حضر أو غاب وإن لم يجده وقته كان ديناً عليه إلى أن يؤديه إليها، كسائر الحقوق الواجبة.
أما الإجماع فقال ابن قدامة فيه: "أما الإجماع، فاتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين، إلا الناشز منهن ".
وقال ابن حجر العسقلاني: "انعقد الإجماع على الوجوب. يعني النفقة على الزوجة".
وعلى ما سبق يتضح أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج بالإجماع دون خلاف، ولكن ماذا لو لم ينفق الزوج على زوجته؟ هل يفسخ العقد أم ماذا؟
يرى الحنفية: أن الزوج إذا لم ينفق على زوجته صارت نفقتها دينا عليه، ولها أن ترفع أمرها للقاضي أو يتراضيا، وللمرأة الحق في أن تسقط النفقة الماضية عن زوجها وإبرائه منها كسائر الديون، ولكن لا يجوز أن تبرأه عما يستقبل من النفقة، لأنه إسقاط لواجب لم يجب بعد، فلم يصح.
يقول المالكية: والنفقة واجبة على الزوج..، وتسقط النفقة عن الزوج المعسر سواء كانت الزوجة مد خولاً بها أم لا، وللزوجة في هذه الحالة الخيار، فإن شاءت طلبت الطلاق، وإن شاءت بقيت معه. وإذا أنفقت الزوجة على نفسها زمن الإعسار فإنها لا ترجع عليه بشيء من ذلك بعد يسره، سواء كان الزوج زمن إنفاقها حاضرا أم غائبا، لأنها متبرعة في تلك الحالة.
ويرى الشافعية: أن النفقة واجبة على الزوج ولكنه إذا أعسر ولم ينفق على الزوجة فإنها بالخيار إذا شاءت صبرت معه وأنفقت على نفسها وصارت نفقتها دينا عليه، وإلا فلها الفسخ على الأصح.
ويرى الحنابلة: أن النفقة واجبة على الزوج ولكنه إذا أعسر ولم يستطع النفقة فلزوجته الخيار إما الفسخ وإما البقاء معه، ولكنها إذا كانت عالمة بإعساره قبل العقد فلا خيار لها، لأنها عالمة بعيبه.
وعلى ما سبق من آراء الفقهاء غير الحنفية فإن الزوج إذا أعسر ولم ينفق على زوجته فلا يفسخ العقد ولا يبطل النكاح، بل للزوجة إذا رضيت أن تنفق على نفسها وتبقى مع زوجها فلها ذلك، أو إن شاءت طلبت الطلاق.
وقد يرد على هذا بأن: الإعسار هذا ظرف طارئ، وأن الزوجة أسقطت نفقتها احتراما للعلاقة الزوجية، وأن إسقاطها جاء بعد العقد وليس قبله.
ويجاب عن هذا: بأن المرأة تعلم أن النفقة هذه من حقها، فلا فرق بين أن تسقطها قبل العقد أو بعده.
ولذلك قال بعض علماء الحنابلة: إن المرأة إذا تزوجت معسرا عالمة بإعساره فليس لها الخيار بعد ذلك في الفسخ، لأنها رضيت بعيبه.
أي أن الزوجة كانت تعلم أن زوجها لن يستطيع الإنفاق عليها، ومع ذلك قبلت بهذا الزوج على عدم إنفاقه عليها، ولم يقل أحد إن ذلك يؤثر على العقد.
بل إن الأئمة الأربعة: قالوا بصحة العقد مع تنازل المرأة عن أمور أهم بكثير من أمر النفقة -قبل العقد- ومن ذلك أمر الوطء الذي هو صلب عقد الزواج، وهدف الزواج الأول! وما يتبع ذلك من ذرية إن شاء الله تعالى.
قال الحنفية: "إذا كانت الزوجة عالمة بعيب الزوج كأن يكون عنيناً ورضيت بذلك فلا خيار لها، لأنها رضيت بالعيب، كالمشتري إذا كان عالماً بالعيب عند البيع والرضا بالعيب يمنع الرد".
أي أن الزوجة علمت قبل العقد أن الزوج عنين لا يستطيع الوطء، ومع ذلك قبلت بهذا الزوج، فانعقد العقد، وصح النكاح، ولا خيار لها في الفسخ بعد ذلك.
ألا يصح بعد ذلك أن توافق الزوجة على عدم النفقة أو عدم القسم مع العلم أن هذه الأمور في مرتبة أقل بكثير من مرتبة الوطء!
وقال المالكية: "فإن علم السليم بعيب المعيب قبل العقد فلا خيار له بعد ذلك، لأن عقده مع العلم بالعيب دليل رضاه".
وعددوا عيوب الرجل التي يكون للمرأة الخيار فيها وهي: الجب، والخصاء، والاعتراض، والعنة.
فالمالكية لم يقولوا إذا علم السليم بعيب المعيب فلا يصح انعقاد العقد، بل قالوا فلا خيار له، أي أن العقد انعقد وصح النكاح، ويسقط الخيار وتستمر الحياة الزوجية.
ويقول الحنابلة: "ومن علم العيب وقت العقد فلا خيار له، لأنه دخل على بصيرة بالعيب".
ويقول ابن قدامة: "ولنا أنها رضيت بالعيب ولى خلت في العقد عالمة به، فلا يثبت لها الخيار كما لو علمته مجبوباً".
وعلى ما سبق نقول إن العلماء أثبتوا للمرأة الخيار والحق في القبول بالزوج العنين والمجبوب الذي لا يستطيع الوطء، أي أن المرأة أسقطت حقها في الوطء الذي هو الهدف الأول من الزواج، وذلك قبل العقد، ومعلوم أن الوطء يترتب عليه النسل.
ألا يصح أن يقال بعد ذلك إن للمرأة الحق في إسقاط ما هو أقل من الوطء وهو النفقة أو المبيت أو السكنى من أجل أن تحصل على زوج يعفها ويكون لها منه الولد- إن شاء الله-؟
وقد يرد أيضاً: بأن الرجل هو الذي يشترط إسقاط النفقة وليست المرأة هي التي تتنازل؟
ويجاب عن هذا: بأن هذا الكلام غير وارد. فإننا لم نقرأ في كلام من كتبوا- زواج المسيار أو من تحدثوا عنه أن الرجل يذهب إلى أهل المرأة ويقول لهم أنا أريد أن أتزوج ابنتكم ولكن لي شرط وهو أن لا أنفق عليها؟
ولكن في الغالب يتم هذا الزواج عن طريق وسيط. يعلم ظروف هذه المرأة ويعلم أنها لا تريد إلا زوج فقط، ويعلم ظروف هذا الرجل وأنه لا يريد إلا زوجة فقط، وتكون الزوجة على علم تام بأن الزوج لن ينفق عليها ولن يقسم لها وتكون راضية بذلك، بل إن الزوجة في الغالب تكون هي الخاطبة كما يقول الشيخ سعود الشريم أو يكون وليها هو الخاطب لها، ويتضح ذلك من خلال إجابة بعضهن على استبانة الباحث عندما سئلن:
من الذي دلك على هذا الزواج؟
قالت إحداهن: "الوالد" "وقالت الأخرى عن طريق أخي".
وحتى إن كان الزوج هو الذي اشترط وثبت ذلك في العقد فسبق أن ذكرنا أن أمثال هذه الشروط فاسدة، وأنها عند الأئمة الأربعة لا تبطل العقد بل تسقط هي ويبقى العقد صحيحاً.
بل إن ابن تيمية قال: ويحتمل صحة شرط عدم النفقة. كما نقله عنه الدكتور القرضاوي.
ولم يقل بفساد العقد إلا رواية مرجوحة عن الإمام أحمد أوردها ابن قدامة في الكافي حيث قال:"وقد سئل الإمام أحمد في النهاريات والليليات فقال: ليس هذا من نكاح أهل الإسلام. وهذا يحتمل إفساد العقد، فيتخرج عليه سائر الشروط الفاسدة أنها تفسده، لأنها شروط فاسدة، فأفسدت العقد.
ونقل عن الأثرم في الرجل يتزوج المرأة على أن تنفق عليه في كل شهر خمسة دراهم أو عشرة دراهم. قال: "النكاح جائز ولها أن ترجع في الشرط".
وعلى ما سبق يترجح لنا عدم حجية إسقاط المرأة لحقها في النفقة على بطلان العقد في زواج بعد العرض المفصل لزواج المسيار من كافه الاوجه نرغب في التأكيد في النهاية على مجموعة نقاط هامة للتذكرة وهي:
1) زواج المسيار زواج مستكمل للأركان والشروط المتعارف عليها عند جمهور الفقهاء، من تراضي الزوجين وحضور الولي والشهود، ونحو ذلك، ولكنه يتضمن تنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والقسم، والعقد فيه صحيح، ولكن هذا الزواج مخالف لكثير من الحكم والمقاصد التي أرادها الشارع من الزواج. ولذلك يجب عدم التشجيع على هذا الزواج واتخاذ الوسائل اللازمة لمنعه وعدم انتشاره في المجتمع والتوقف عن القول بإباحته بشكل عام.
2) جاءت تسمية هذا الزواج بالمسيار من باب كلام العامة، وتمييزا له عما تعارف عليه الناس في الزواج العادي، لأن الرجل في هذا الزواج يسير إلى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها طويلا.
3) هذا الزواج بهذه الصورة حديث عهد بالمجتمع، فلم يظهر إلا منذ سنوات معدودة، ولكن الذي يبدو أن له صورا مشابهة في الماضي القريب والبعيد، فقد كان التجار قديما في منطقة الخليج يتزوجون زواجاً قريبا من هذا خلال أسفارهم، كما أوردت بعض الكتب الفقهية القديمة حالات فيها بعض الشبه من هذا الزواج.
4) هناك أسباب كثيرة أدت إلى ظهور هذا الشكل من الزواج، منها ما يعود إلى النساء وعلى رأسها كثرة عدد العوانس والمطلقات والأرامل وصواحب الظروف الخاصة، وكذلك رفض كثير من الزوجات لفكرة التعدد. ومنها ما يعود للرجال وعلى رأسها رغبة بعض الرجال في الإعفاف والحصول على المتعة الحلال مع ما يتوافق وظروفهم الخاصة، ومنها ما يعود للمجتمع وعلى رأسها الأعراف السائدة في بعض المجتمعات من مغالاة في المهور والنظر بشيء من الازدراء لمن يرغب في التعدد ونحو ذلك.
5) لزواج المسيار بعض الفوائد والمزايا تتمثل في إعفاف قدر كبير من نساء ورجال المجتمع اضطرتهم ظروفهم الشخصية أو الظروف المجتمعية إلى اللجوء إلى الزواج بهذه الصورة، بدلا من سلوك مسالك غير شرعية.
6) وكذلك فإن للزواج بهذه الصورة مساوئ ومفاسد كثيرة، فقد يتحول الزواج بهذه الصورة إلى سوق للمتعة وينتقل فيه الرجل من امرأة إلى أخرى، وكذلك المرأة تنتقل من رجل لآخر. كما يترتب عليه تهدم مفهوم الأسرة من حيث السكن الكامل والرحمة والود بين الزوجين، وقد تشعر المرأة فيه بالمهانة وعدم قوامة الرجل عليها مما يؤدي إلى سلوكها سلوكيات سيئة تضر بنفسها وبالمجتمع، كذلك قد يترتب عليه عدم إحكام تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة سوية متكاملة، ويؤثر سلباً في تكوين شخصيتهم.
7) زواج المسيار يختلف كليا وجزئيا عن زواج المتعة والمحلل، فهو زواج مستكمل الأركان والشروط وإن اختلف في الموازنة بين فوائده ومفاسده، أما زواج المتعة والمحلل فحرام باتفاق أهل السنة لأنه ليس مقصوداً لذاته.
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 08:18 AM
آراء العلماء في زواج المسيار
اختلف العلماء في حكم هذا النوع من الزواج، ويمكن القول أنهم ذهبوا في هذا إلى قولين:
Ë الأول: القول بالإباحة أو الإباحة مع الكراهة.
Ë الثاني: القول بعدم الإباحة.
القول الأول: القائلون بالإباحة أو الإباحة مع الكراهية وأدلتهم:
من الذين قالوا بالإباحة: فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز- رحمه الله- فحين سئل عن زواج المسيار والذي فيه يتزوج الرجل بالثانية أو الرابعة، وتبقى المرأة عند والديها، ويذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف كل منهما. أجاب رحمه الله: "لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً، وهي وجود الولي ورضا الزوجين، وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد وسلامة الزوجين من الموانع، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" (رواه البخاري). وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم ". فإن اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها أو على أن القسم يكون لها نهارا لا ليلا أو في أيام معينة أو ليالي معينة، فلا بأس بذلك بشرط إعلان النكاح وعدم إخفائه".
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس إدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، حيث أجاب سماحته عندما سئل عن حكم زواج المسيار: إن هذا الزواج جائز إذا توافرت فيه الأركان والشروط والإعلان الواضح، وذلك حتى لا يقعان في تهمة وما شابه ذلك، وما اتفقا عليه فهم على شروطهم، ثم ذكر حفظه الله أن هذا الزواج قد خف السؤال عنه هذه الأيام وقد كان يسأل عنه قبل سنتين تقريباً.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين -عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية- حيث قال: " اعلم أن هذا الاسم مرتجل جديد ويراد به أن يتزوج امرأة ويتركها في منزلها ولا يلتزم لها القسم ولا بالمبيت ولا بالسكنى وإنما يسير إليها في وقت يناسبه ويقضي منها وطره ثم يخرج، وهو جائز إذا رضيت الزوجة بذلك، ولكن لابد من إعلان النكاح مع الاعتراف بها كزوجة لها حقوق الزوجات، ولأولاده منها حقوق الأبوة عليه.
ومن الذين قالوا بإباحته فضيلة الشيخ يوسف محمد المطلق- عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية- وفي ذلك يقول: "الزواج الشرعي هو ما تم فيه أركانه وشروطه، وأما الاشتراط بتنازل المرأة عن حقها في النفقة والقسم فهو شرط باطل، والزواج صحيح، ولكن للمرأة بعد الزواج أن تسمح بشيء من حقها. وذلك لا يخالف الشرع، وهذا الزواج قد يكون مفيداً لمن يعيش في ظروف خاصة كأم أولاد تريد العفة والبقاء مع أولادها، أو راعية أهل مضطرة للبقاء معهم.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة الشيخ إبراهيم بن صالح الخضيري -القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض بالمملكة العربية السعودية- حيث قال: زواج المسيار شرعي وضروري في عصرنا هذا، خاصة مع كثرة الرجال الخوافين؟؟ ومع اشتداد حاجة النساء إلى أزواج يعفونهن، والتعدد أصل مشروع، والحكمة منه إعفاف أكبر قدر ممكن من النساء، فلا أرى في زواج المسيار شيئاً يخالف الشرع ولله الحمد والمنة، بل فيه إعفاف الكثير من النساء ذوات الظروف الخاصة، وهو من أعظم الأسباب في محاربة الزنا والقضاء عليه ولله الحمد والمنة، ومشاكله كمشاكل غيره من عقود الزواج.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: الدكتور حسين بن محمد بن عبد الله آل الشيخ الأستاذ المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية سابقا، لكنه تحفظ عليه تحفظا شديدا ويرى حصره في حالات خاصة جدا. وفي ذلك يقول: "إن زواج المسيار بالنظر العام إلى أركانه وشروطه جائز شرعاً، ولكن لما في هذه الشروط من نتائج سيئة، فهي فاسدة وحدها دون العقد. وأرى أن هذا الزواج جائز شرعاً مع قصره على حالات فردية خاصة كالمعاقة جسدياً مثلا، أو نحو ذلك من الأمور التي يتحتم عليها البقاء مع أهلها.
أما انفتاحه بهذه الصورة فإني أنظر إليه بالخطورة القصوى التي قد تعصف بالمجتمع، وكذلك قد يتساهل الناس به مما يسبب العزوف عن الزواج العادي، ويصير الزواج وكأنه متعة فقط. ولا ننسى أن العقد في الزواج ليس كغيره من العقود، فهو يتعلق بالأبضاع ومعلوم أن:
(الأصل في الأبضاع التحريم) (وإذا تقابل في المرأة حل وحرمة غلبت الحرمة) لذا يجب الاحتياط في أمر الزواج ما لا يحتاط في غيره، ولذا تبقى الشبهة قائمة في زواج المسيار، والله أعلم.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، حين سئل عن زواج المسيار وأنه زواج يتم بعقد وشهود وولي، ولكن بشرط ألا يلتزم الزوج بالوفاء بالحقوق الواجبة عليه نحو الزوجة. فقال: "ما دام الأمر كذلك، العقد صحيح شرعا، وتم الاتفاق على عدم الوفاء بحقوق الزوجة، وهي رضيت بذلك فلا بأس، لأن الزواج الشرعي الصحيح قائم على المودة والرحمة، وعلى ما يتراضيان عليه، ما دام حلالا طيبا بعيدا عن الحرام}.
ومن الذين قالوا بإباحته كذلك: مفتي جمهورية مصر العربية السابق الشيخ نصر فريد واصل حيث قال :"زواج المسيار مأخوذ من الواقع، واقتضته الضرورة العملية، في بعض المجتمعات، مثل السعودية، التي أفتت بإباحته. وهذا الزواج يختلف عن زواج المتعة والزواج المؤقت، فهو أي: زواج المسيار، زواج تام تتوافر فيه أركان العقد الشرعي، من إيجاب وقبول، وشهود، وولي، وهو زواج موثق، وكل ما في الأمر أن يشترط الزوج أن تقر الزوجة بأنها لن تطالبه بالحقوق المتعلقة بذمة الرجل، كزوج لها، فمثلاً لو كان متزوجاً بأخرى لا يعلمها، ولا يطلقها، ولا يلتزم بالنفقة عليها، أو توفير المسكن المناسب لها، وهي في هذه الحالة تكون في بيت أبيها، وتتزوج في بيت أبيها، ويوافق على ذلك، وعندما يمر الزوج بالقرية أو المدينة التي بها هذه الزوجة يكون من حقه الإقامة معها ومعاشرتها معاشرة الأزواج، وفي الأيام التي يمكثها في هذا البلد، ومن هنا لا يحق للمرأة- الزوجة- أن تشترط عليه أن يعيش معها أكثر من ذلك أو أن تتساوى مع الزوجة الأخرى" ولكنه أضاف قائلاً: "ويمكن لهذه الزوجة أن تطالب بالنفقة عليها عند الحاجة إليها، رغم الوعد السابق بأنها لن تطالب بالنفقة".
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً: الدكتور سعد العنزي حيث أكد أن زواج المسيار عقد صحيح مكتمل الأركان، وأن زواج الرجل دون علم زوجته الأولى لا يشوبه شائبة، مشيراً إلى أن زواج المسيار هو اتفاق رضائي بعد إتمام العقد بين الرجل والمرأة على إسقاط النفقة، كأن تكون المرأة غنية ولا تحتاج إلى نفقة ولا مسكن وإنما رغبت في الزواج من أجل المعاشرة أو الولد، وهذا الزواج لا ينافي مقاصد الشرع. وأضاف قائلا: إن زواج المسيار يحد من الانحرافات في المجتمع، فالمرأة أرادت السكن والعفة وأرادت الزوج بمقتضى هذا العقد الذي تتوافر فيه جميع الشروط. واستدل على جواز إسقاط الزوجة لحقها في القسم بتنازل السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها وأرضاها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلتها لعائشة رضي الله عنها. وأما ما يتعلق بالنفقة فأوضح أنه لا خلاف على أن النفقة واجبة على الزوج، ولكنه قال: إذا أسقطت حقها في النفقة كما لو كانت غنية... وتم الاتفاق بين طرفي العقد فيصح، ولها أن تطالب بحقها في النفقة مستقبلا إذا تضررت بعدم الإنفاق. وأما فيما يتعلق بالإعلان فإنه أوضح أن زواج المسيار زواج معلن وليس بسر، قائلا بأن الفقهاء متفقون في كل العصور على أن الغاية من الإشهاد شهر الزواج.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضا مع الكراهة: الدكتور وهبة الزحيلي. يقول: "هذا الزواج صحيح غير مرغوب فيه شرعا.. لأنه يفتقر إلى تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في الزواج من السكن النفسي، والإشراف على الأهل والأولاد ورعاية لأسرة بنحو أكمل، وتربية أحكم".
ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة: الدكتور يوسف القرضاوي، وفي ذلك يقول: "أنا لست من دعاة زواج المسيار ولا من المرغبين فيه، فلم أكتب مقالة في تحبيذه أو دفاع عنه ولم أخطب خطبة تدعو إليه. كل ما في الأمر أني سئلت سؤالا عنه فلم يسعني أن أخالف ضميري، أو أتاجر بديني، أو أشتري رضا الناس بسخط ربي فأحرم ما أعتقد أنه حلال".
ويقول أيضاً: "ويقول بعض المعترضين على زواج المسيار: إن هذا الزواج لا يحقق كل الأهداف المنشودة من وراء الزواج الشرعي، فيما عدا المتعة والأنس بين الزوجين، والزواج في الإسلام له مقاصد أوسع وأعمق من هذا، من الإنجاب والسكن والمودة والرحمة. وأنا لا أنكر هذا، وأن هذا النوع من الزواج ليس هو الزواج الإسلامي المنشود، ولكنه الزواج الممكن الذي أوجبته ضرورات الحياة، وتطور المجتمعات وظروف العيش، وعدم تحقيق كل الأهداف المرجوة لا يلغي العقد، ولا يبطل الزواج إنما يخدشه وينال منه".
وقد استدل على جوازه بأنه عقد متكامل الأركان والشروط، وإن تنازلت فيه المرأة عن بعض حقوقها، فلها ذلك، لأنها مالكة الحق ولها أن تتنازل عنه وأن ذلك لا يؤثر على العقد. واستدل بتنازل سودة بنت زمعة عن ليلتها للسيدة عائشة رضي الله عنهما جميعاً.
ولكنه علق قائلا: "وأنا أفضل ألا يذكر مثل هذا التنازل في صلب العقد، وأن يكون متفاهماً عليه عرفيا. على أن ذكره في صلب العقد لا يبطله. وأرى وجوب احترام هذه الشروط".
ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة، الشيخ عبد الله بن منيع، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، والقاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة. يقول: "هذا الزواج بهذا التصور لا يظهر لي القول بمنعه، وإن كنت أكرهه، وأعتبره مهينة للمرأة وكرامتها، ولكن الحق لها، وقد رضيت بذلك، وتنازلت عن حقها فيه". واستدل على جوازه بأنه عقد مستكمل الأركان والشروط ويترتب عليه كل الحقوق المترتبة على عقد الزوجية من حيث النسل، والإرث، والعدة، والطلاق، واستباحة البضع، والسكن، والنفقة، وغير ذلك من الحقوق والواجبات إلا أن الزوجين قد ارتضيا واتفقا على ألا يكون للزوجة حق المبيت، أو القسم، وإنما الأمر راجع للزوج متى رغب زيارة زوجته- عن طريق المسيار- في أي ساعة من ساعات اليوم والليلة فله ذلك. وقال فضيلته: إن تنازلت المرأة عن بعض حقوقها فهذا لا يضر.
ولكنه يرى مع ذلك أنه مباح وليس فيه شبهة حرام، ويرفض القول بتحريمه بل وحتى يرفض التوقف في شأنه. وفي ذلك يقول: "الأصل في العقود الشرعية، ومنها الزواج هو الإباحة، فكل عقد استوفى أركانه وشرائطه الشرعية كان صحيحاً ومباحا، ما لم يتخذ جسرا أو ذريعة إلى الحرام، كنكاح التحليل، والزواج المؤقت، وزواج المتعة، وليس في المسيار قصد حرام... وأستهجن القول بتحريمه، أو التوقف في شأنه".
بل إنه يرى أن مزايا زواج المسيار تغلب مضاره وفي ذلك يقول: "ولا أعتقد بوجود آثار سيئة للمسيار، وإنما هو على العكس يصون المرأة ويعفها ويمنعها من الانحراف".
واستدل على جوازه بأنه عقد مستكمل الأركان والشروط، وأن تنازل المرأة عن بعض حقوقها لا مانع منه شرعاً، وتساءل قائلا: نظرا لأن المرأة تتنازل في هذا العقد عن حقها في المبيت والنفقة فأي مانع شرعي يمنعها من ذلك؟ فهي راضية بذلك. ولكنه طالب الزوجين بعدم التصريح عن هذا التنازل في العقد بل جعله ودياً بعدئذ.
ومن الذين قالوا بإباحته مع الكراهة الشيخ سعود الشريم- إمام وخطيب المسجد الحرام فيقول:"إن هذا الزواج يحقق الإحصان لكنه لا يحقق السكن. والغالب فيه أن تكون المرأة هي الخاطب، وبالتالي فهي تستطيع أن تحكم على ما تجنيه من فائدة.
واستدل على جوازه بأنه عقد مستكمل الأركان والشروط، وأنه لا بأس بتنازل المرأة عن بعض حقوقها وفي ذلك يقول:"إذ ا تنازلت المرأة عن حقها فهي أولى الناس بنفسها، ولا تعني إساءة تطبيق زواج المسيار تحريمه، فقد يحصل منه ضرر من وجه دون آخر، وقد يكون الفساد الناتج عن ترك هذا الزواج أدهى من الفساد الناجم مع وجوده وتحققه.
ومن الذين قالوا بإباحته أيضاً الدكتور أحمد الحجي الكردي، وعلق كراهته أو عدمها على الظروف وفي ذلك يقول: "وهذا الزواج في نظري صحيح لاستيفائه شروطه الشرعية، ولا يؤثر في صحته اشتراط عدم القسم لها في المبيت مع زوجاته الأخريات إن وجدن، رغم عدم شرعية هذين الشرطين. لأن عقد الزواج لا يفسد بالشروط غير المشروعة، ولكن يصح الزواج وتلغو هذه الشروط غير المشروعة، ويكون للزوجة في زواج المسيار هذا أن تطالب الزوج بعد العقد بالنفقة والقسم لها، وعليه أن يجيبها إلى طلبها، ولا يجوز له أن يتمسك بالشرط الذي رضيت به قبل العقد لأنه شرط لاغ، أما جعله مكروها أو غير مكروه، فهذا مناط بظروف الحال، فإن كان لمحتاج إليه على هذه الصورة فلا كراهة فيه، وإن كان للتشهي والتلهي من غير حاجة فهو مكروه، والأمر مناط بالنية وظروف الحال".
ومن الذين قالوا بإباحته كذلك وعلق الكراهة أو عدمها على الظروف: الدكتور محمود أبو ليل وفي ذلك يقول: "الذي يترجح لي أنه مباح من حيث المبدأ إذا استوفى الأركان والشروط من الإيجاب والقبول وموافقة الولي والإشهاد والإعلان في بلد الزوجة ومحل إقامتها بشكل خاص، وأما ما يتعلق بالمهر والنفقة والمسكن والمبيت فهذه حقوق للمرأة، لها التنازل عنها كليا أو جزئياً إن وجدت ذلك خيرا لها، وقد أشار القرآن إلى جواز ذلك في قوله تعالى في سورة النساء : وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) وقيل في سبب نزول هذه الآية أن زوج النبي صلى الله عليه وسلم سودة تنازلت عن ليلتها لعائشة لما أحست أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد طلاقها، وهذا من يسر الشريعة ومرونتها وسعتها لمختلف الأحوال والظروف، فقد تمر المرأة في ظروف صعبة لسبب أو لآخر، ترى من الخير لها أن تقبل بمثل هذا الزواج، فلا نضيق عليها واسعاً.
وأما هل هو مكروه أم لا؟ فهذا في نظري موقوف على مدى الحاجة والاضطرار والباعث عليه".
القول الثاني: القائلون بعدم الإباحة وأدلتهم:
من الذين قالوا بعدم إباحة زواج المسيار فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى حيث قال: إن فيه مضارا كثيرة على رأسها تأثيره السلبي على تربية الأولاد وأخلاقهم.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الشيخ عبد العزيز المسند، المستشار بوزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية والداعية المعروف بالمملكة.
وحمل عليه بشدة وأوضح أنه ضحكة ولعبة ومهانة للمرأة، ولا يقبل عليه إلا الرجال الجبناء، فيقول: "زواج المسيار ضحكة ولعبة.. فزواج المسيار لا حقيقة له، وزواج المسيار هو إهانة للمرأة، ولعب بها..، فلو أبيح أو وجد زواج المسيار لكان للفاسق أن يلعب على اثنتين وثلات وأربع وخمس.. وهو وسيلة من وسائل الفساد للفساق... وأستطيع أن أقول: "إن الرجال الجبناء هم الذين يتنطعون الآن بزواج المسيار.
ومن الذين قالوا بعدم إباحة هذا الزواج أيضاً: الدكتور عجيل جاسم النشمي، عميد كلية الشريعة بالكويت سابقاً فهو يرى أن زواج المسيار عقد باطل وان لم يكن باطلاً فهو عقد فاسد.
واستدل على ذلك بستة أدلة:
1) أن هذا الزواج فيه استهانة بعقد الزواج، وإن الفقهاء القدامى لم يتطرقوا إلى هذا النوع، وأنه لا يوجد فيه أدنى ملمس من الصحة.
2) أن هذا العقد قد يتخذ ذريعة إلى الفساد، بمعنى أنه ممكن أن يتخذه أصحاب المآرب شعارا لهم، فتقول المرأة أن هذا الرجل الذي يطرق الباب هو زوجي مسيار وهو ليس كذلك. وسد هذا الباب يعتبر من أصول الدين.
3) أن عقد زواج المسيار يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تتمثل في تكوين أسرة مستقرة.
4) أن عقد زواج المسيار يتم بالسر في الغالب، وهذا يحمل من المساوئ ما يكفي لمنعه.
5) أن المرأة في هذا الزواج عرضة للطلاق إذا طالبت بالنفقة وقد تنازلت عنها من قبل.
6) أن هذا الزواج يترتب عليه الإثم بالنسبة للزوج لوقوع الضرر على الزوجة الأولى، لأنه سيذهب إلى الزوجة الثانية دون علمها وسيقضي وقتاً ويعاشر هذه الزوجة على حساب وقت وحق الزوجة الأولى في المعاشرة.
وأخيراً قال الدكتور أن هذا الزواج يشبه زواج المحلل وزواج المتعة من حيث الصحة شكلاً، والحرمة شرعاً.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الدكتور محمد الزحيلي، وساق أدلته لهذا الرأي:
فيقول:... أرى منع هذا الزواج وتحريمه لأمرين: أولهما أنه يقترن ببعض الشروط التي تخالف مقتضى العقد وتنافي مقاصد الشريعة الإسلامية في الزواج، من السكن والمودة ورعاية الزوجة أولاً، والأسرة ثانياً، والإنجاب وتربية الأولاد، ووجوب العدل بين الزوجات، كما يتضمن عقد الزواج تنازل المرأة عن حق الوطء، والإنفاق وغير ذلك.. وثانيهما أنه يترتب على هذا الزواج كثير من المفاسد والنتائج المنافية لحكمة الزواج في المودة والسكن والعفاف والطهر، مع ضياع الأولاد والسرية في الحياة الزوجية والعائلية وعدم إعلان ذلك، وقد يراهم أحد الجيران أو الأقارب فيظن بهما الظنون.. ويضاف إلى ذلك أن زواج المسيار هو استغلال لظروف المرأة، فلو تحقق لها الزواج العادي لما قبلت بالأول، وفيه شيء من المهانة للمرأة.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الدكتور محمد عبد الغفار الشريف، عميد كلية الشريعة الإسلامية والدراسات الإسلامية بالكويت، وفي ذلك يقول: "زواج المسيار بدعة جديدة، ابتدعها بعض ضعاف النفوس، الذين يريدون أن يتحللوا من كل مسئوليات الأسرة، ومقتضيات الحياة الزوجية، فالزواج عندهم ليس إلا قضاء الحاجة الجنسية، ولكن تحت مظلة شرعية ظاهريا، فهذا لا يجوز عندي- والله أعلم- وإن عقد على صورة مشروعة".
واستدل على رأيه هذا بأمور منها:
أن هذا الزواج يتنافى ومقاصد الزواج، قال تعالى في سورة الروم : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
وتساءل: فأين السكن بالنسبة للمرأة القلقة، التي لا تعلم متى سيطلقها هذا الزوج بعد قضاء شهواته ونزواته معها؟
علاوة على ما فيه من سرية- تعود بالبطلان على العقد عند بعض الفقهاء- وهذه السرية تضع الإنسان في موضع ريبة، وقد تكون وسيلة لبعض ضعيفات النفوس أن يقعن في المحرمات، ثم إن سئلن عن جرمهن ادعين زواج المسيار.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضا الدكتور إبراهيم فاضل الدبو: الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بسلطنة عمان، وساق أدلته على عدم الإباحة وفي ذلك يقول: "أميل إلى القول بحرمة زواج المسيار لأنه لا يحقق الغرض الذي يقصده الشارع من تشريع الزواج، كما أنه ينطوي على الكثير من المحاذير إذ قد تتخذه بعض النسوة وسيلة لارتكاب الفاحشة بدعوى أنها متزوجة مسيار، وإذا قيل بأن زواج المسيار عقد استكمل أركانه وشروطه فلماذا يحرم؟ فإنه يجاب على ذلك بأن نكاح المحلل والمحلل له قد استكمل العقد فيه أركانه وشروطه أيضاً، إلا أن الفقهاء أفتوا بحرمته سدا للذرائع، وسد الذريعة أصل من أصول الشريعة قال به كثير من الفقهاء".
وكذلك قال بعدم إباحته الدكتور/ جبر الفضيلات، والدكتور علي القرة داغي ويرى كل من الدكتور عبد الله الجبوري والدكتور عمر سليمان الأشقر عدم قبوله شرعاً.
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً الدكتور محمد الراوي- عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. وفي ذلك يقول: "المسيار هذا.. ليس من الزواج في شيء!!! لأن الزواج: السكن، والمودة، والرحمة، تقوم به الأسرة، ويحفظ به العرض، وتصان به الحقوق والواجبات.
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 08:31 AM
خلاصة في زواج المسيار
بعد العرض المفصل لزواج المسيار من كافه الأوجه نرغب في التأكيد في النهاية على مجموعة نقاط هامة للتذكرة وهي :
1) زواج المسيار زواج مستكمل للأركان والشروط المتعارف عليها عند جمهور الفقهاء، من تراضي الزوجين وحضور الولي والشهود، ونحو ذلك، ولكنه يتضمن تنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والقسم، والعقد فيه صحيح، ولكن هذا الزواج مخالف لكثير من الحكم والمقاصد التي أرادها الشارع من الزواج. ولذلك يجب عدم التشجيع على هذا الزواج واتخاذ الوسائل اللازمة لمنعه وعدم انتشاره في المجتمع والتوقف عن القول بإباحته بشكل عام.
2) جاءت تسمية هذا الزواج بالمسيار من باب كلام العامة، وتمييزا له عما تعارف عليه الناس في الزواج العادي، لأن الرجل في هذا الزواج يسير إلى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها طويلا.
3) هذا الزواج بهذه الصورة حديث عهد بالمجتمع، فلم يظهر إلا منذ سنوات معدودة، ولكن الذي يبدو أن له صورا مشابهة في الماضي القريب والبعيد، فقد كان التجار قديما في منطقة الخليج يتزوجون زواجاً قريبا من هذا خلال أسفارهم، كما أوردت بعض الكتب الفقهية القديمة حالات فيها بعض الشبه من هذا الزواج.
4) هناك أسباب كثيرة أدت إلى ظهور هذا الشكل من الزواج، منها ما يعود إلى النساء وعلى رأسها كثرة عدد العوانس والمطلقات والأرامل وصواحب الظروف الخاصة، وكذلك رفض كثير من الزوجات لفكرة التعدد. ومنها ما يعود للرجال وعلى رأسها رغبة بعض الرجال في الإعفاف والحصول على المتعة الحلال مع ما يتوافق وظروفهم الخاصة، ومنها ما يعود للمجتمع وعلى رأسها الأعراف السائدة في بعض المجتمعات من مغالاة في المهور والنظر بشيء من الازدراء لمن يرغب في التعدد ونحو ذلك.
5) لزواج المسيار بعض الفوائد والمزايا تتمثل في إعفاف قدر كبير من نساء ورجال المجتمع اضطرتهم ظروفهم الشخصية أو الظروف المجتمعية إلى اللجوء إلى الزواج بهذه الصورة، بدلا من سلوك مسالك غير شرعية.
6) وكذلك فإن للزواج بهذه الصورة مساوئ ومفاسد كثيرة، فقد يتحول الزواج بهذه الصورة إلى سوق للمتعة وينتقل فيه الرجل من امرأة إلى أخرى، وكذلك المرأة تنتقل من رجل لآخر. كما يترتب عليه تهدم مفهوم الأسرة من حيث السكن الكامل والرحمة والود بين الزوجين، وقد تشعر المرأة فيه بالمهانة وعدم قوامة الرجل عليها مما يؤدي إلى سلوكها سلوكيات سيئة تضر بنفسها وبالمجتمع، كذلك قد يترتب عليه عدم إحكام تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة سوية متكاملة، ويؤثر سلباً في تكوين شخصيتهم.
7) زواج المسيار يختلف كليا وجزئيا عن زواج المتعة والمحلل، فهو زواج مستكمل الأركان والشروط وإن اختلف في الموازنة بين فوائده ومفاسده، أما زواج المتعة والمحلل فحرام باتفاق أهل السنة لأنه ليس مقصوداً لذاته.
احلا ناس منتدىودمدمدنى ياشباب مدنى
هلا والله وغلا الموضيع اعلاه منقوله وعاوز آراءكم
مدنيّة
28-05-2009, 08:33 AM
غايتو يااحمد
الحلال بين والحرام بين
مشكور علي المعلومات القيمة
احمد عبدالعزيز
28-05-2009, 09:31 AM
مشكوره اختنا المريخابيه الاصيله مدنيه
بركه شفناك طيبه والحمدلله على سلامتك
من مباراه الاتحاد الليبى وانت ماظهره
وسعيد بمرورك
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir