المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)..



اشارات الوداع
19-02-2008, 03:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة ،،

قال تعالى : (( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)) (سورة الأحزاب: 32).
نهى الشارع الحكيم المرأة من الخضوع بالقول لما في ذك من الفتنة الأكيدة ، والخطر الماحق .
وهذه الآية تخاطب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم – أزكى نساء الأمة وأطهرهن وأعفهن وأكملهن وتأمرهن بالامتناع عن الخضوع بالكلام, وترقيه وتنعيمه , حال محادثتهن لصفوة هذه الأمة وسادات الأولياء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين زكّاهم ربهم – تعالى – وارتضاهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم أصحاباً وأنصاراً .
فكيف بحال نساء هذه الزمان ، ورجال الوقت الذين بينهم وبين أسلافهم من الأصحاب والصحابيات كما بين الثرى والثريا ، وأبعد ممّا بين المشرقين أخلاقاً وآداباً وسلوكاً ؟ !

وقد علّل النهي في الآية بقطع أطماع مرضى القلوب الذين يضعفون أمام عذوبة الصوت ونعومته ، وحلاوة الألفاظ ودلالها ، ولا ريب أنّ أهل عصرنا أقرب للإفتتان وسرعة التأثر بذلك من سابقيهم ، فأي مكابرة يقع ضحيتها البعض حين يُخص الآية بآل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ويجعل أهم ما تضمنته من أحكام وهو الحجاب الشرعي السابغ خاصاً بهن دون سائر نساء الأمة بل ربما جعلوا النهي عن ترقيق الصوت وتنعيمه خاص بهن فحسب ؟!
وفيما يلي مقتطفات من أوراق بحث مختصر في أحكام صوت المرأة وما يحل منه وما يحرم, في ضوء الكتاب والسنة, واستعراض كلام أهل العلم – رحمهم الله – والله المسؤول أن يلهمنا الرشد, ويوفقنا إلى القول الأسدى وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

هل صوت المرأة عورة ؟
لا ريب أنّ في أصوات كثير من النساء كثيراً من الجاذبية والجمال ممّا يأخذ بمجامع قلوب الرجال ، ويفتكُ بهم إلّا ما رحم الله . ولذا ألفينا الكثير من الرجال يقعون في شَرَك الافتتان بصوت المرأة ، ويفقدون صوابهم لضعف إيمانهم ، وقلة حيائهم ومن هنا كان على المرأة ألا تتوسع في الكلام مع الرجال سيما مع جمال الصوت الطبيعي فضلاً عن تعمد ترقيقه وتليينه !!
وهنا يقع إفراط وتفريط تجاه صوت المرأة فمن قائل بأنّ صوت المرأة عورة في كلّ حال بحيث لا يجوز لها أن تسمع الرجال أي كلام أو ألفاظ مهما كانت ضرورية !
ومنهم من جعل صوت المرأة كصوت الرجل لا عورة فيه ولا محذور حتى ذهب بعضهم إلى جواز محاضرتها على القنوات الفضائية يسمعها الملايين عبر الشاشات والإذاعات !!
ومنهم من توسط – وخير الأمر أوسطها – فأباح للمرأة أن تتكلم عند الحاجة وبقدر الضرورة ، وبلا خضوع أو ليونة فاتنة .

الأحكام الشرعية الخاصة بصوت المرأة :
نظراً لما يترتب على جهر النساء بأصواتهن من الفتنة الأكيدة ، والآثار الخطيرة عليهن ومنهن فقد جاءت الأحكام الشرعية مراعية خصوصية النساء ، وحساسية أوضاعهن من ثم أعفيت النساء من المجاهرة بأصواتهن في مقامات تعبدية شتى ناهيك عمّا دون ذلك ممّا لا حاجة إليه ولا ضرورة من سائر أمورهن الحياتية والاجتماعية !!
ومن ذلك :
1- تصفيق المرأة في الصلاة :
ولما يترتب على ظهور صوت المرأة من الآثار السيئة ، وتأجيج الفتنة جاءت أحكام الشريعة الغرّاء مانعة من إظهار صوتها في حضرة الرجال ، ولو كانت خلف الأئمة في المساجد فأمرت بالتصفيق ، ونهيت عن التسبيح لتنبيه الإمام متى سهى أو غفل في صلاته كما في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء)) : [ البخاري : 1145] [ مسلم : 422] .
قال ابن القيم في الحاشية ( 6/106) : ( فالمرأة لما كان صوتُها عورة مُنعت من التسبيح ، وجُعل لها التصفيق )
2- لا تُؤذن ولا تٌقيم :
وفي الباب نفسه لم يشرع للمرأة أن تؤذن أو تقيم حفاظاً على مشاعرها ، وصوناً لحيائها ، ودرءً لهاجس الافتتان بصوتها ..
قال الجصاص الحنفي عند تفسيره لقوله تعالى : ((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ)) : وفيه الدلالة على أنّ المرأة منهية عن الآذان ، وكذلك قال أصحابنا ) (الأحكام : 5/ 229)
قال صحاب المغني : ( ولا يصحُّ الآذان إلا من مسلم عاقل ذكر .. ولا يُعتد بآذان المرأة ؛ لأنّها ليست ممّن يُشرع له الآذن ، وهذا كله مذهب الشافعي ، لا نعلم فيه خلافاً ) [ المغني : 2/68]
3- لا تَرْفَعْ صوتَها بالتلبية :
قال ابنُ قُدامة ( المغني : 5/ 16] : ( قال ابنُ عبد البرّ : أجمع العلماءُ على أنّ السُنة في المرأة أن لا ترفع صوتها ، وإنما عليها أن تُسمع نفسها ، وبهذا قال عطاء ومالك والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، ورُوي عن سليمان بن يسار أنّه قال : السُنّة عندهم أنّ المرأة لا ترفع صوتها بالإهلال ، وإنما كُره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها )
وقال الشافعي في الأم ( 2/ 156) : ( النساء مأمورات بالستر فأن لا يسمع صوت المرأة أحدٌ أولى بها وأستر لها فلا ترفع المرأة صوتها بالتلبية وتسمع نفسها ).
مفاسد ترقيق الصوت وتنعيمه :
لا ريب أنّ ترقيق المرأة صوتها وتنعيمه بحضرة رجال أجانب لا يحلّون لها فيها أعظم الضرر عليها وعليهم كما أنّ في ذلك أمضى سبب إلى فساد المجتمع برمته ، وشيوع الفاحشة بأسرع طريق !
ويمكن تلخيص مفاسد ترقيق المرأة صوتها وخضوعها بالقول في النقاط التالية :
1- إثارة أطماع من في قلبه مرض :
قال الله جلّ شأنه : ((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)) .
فقد نهى الله تعالى أشرف نساء الأمة عن الخضوع بالقول حتى لا يكنّ سبباً في إثارة أطماع مرضى القلوب ، ذلك أنّ حلاوة الصوت وجاذبيته كثيراً ما تُحرك أرباب الشهوات فيبذلون ما في وسعهم لإشباع غرائزهم مع ذات الصوت الجميل !
وقد قيل :


يا قوم إنّ أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً

2- تعريض أهل العفة والصلاح إلى فتنة محققة :
قد يكون الرجل في أصله صالحاً ، ذا خُلق وعفة ، لا تخطر سفاسف الأمور ، وقبيح الفعال على قلبه ، فيبتلى بامرأة لعوب ذات صوت حسن ، ونغمة رقيقة ، وغُنج متعمد فتثير لديه شهوة خاملة ، وفتنة نائمة ، فيخرج عن طوره ، ويتخلى عن أدبه ووقاره ، وكم من الصالحين وقعوا ضحايا الغانيات الماجنات ، والفاتنات الناعمات !
وصدق نبينا الكريم عليه السلام حيث يقول فيما رواه مسلم من طريق أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) .
3- شيوع الفاحشة في المجتمع :
إنّ اعتياد بعض النسوة والفتيات الخضوع بالقول ، وطمع بعض الرجال من مرضى القلوب فيهن ، وافتتان آخرين بأصواتهن كفيل بإرباك المنظومة الأخلاقية في المجتمع ، وإقحامه في أتون الفواحش والرذائل ، وتعريض عامة الناس إلى الفتنة العمياء ، والردّة الصمّاء !
4- الخضوع بالقول جرأة على حدود الله ، وقواعد الشريعة .
لا ريب أنّ صوت المرأة في حدّ ذاته مهما كان جاداً بعيداً عن الريبة والخضوع مثير لشهوة ضعاف النفوس لئام الطبع فكيف إذا صاحب الصوت تغنجٌ وتكسرٌ ولين وعذوبة ؟ !
إنّ الأثر حينئذ خطير ، والمفسدة متحققة لا محالة ، وأبرزها .
إفتتانُ الرجال بجمال الصوت ودلاله، فالغريزة في الذكور تجاه الإناث قابلة للهيجان عند أدنى مؤثر صادر عن المرأة حتى ولو كان خفق نعليها ، فكيف إذا كان الصوت صادراً من حنجرة لعوب ، ولسان ماكر ؟!
قال الله تعالى : ((وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ )) (سورة النور : 31)
5- الافتتان بالدميمات .
إنّ هيئة المرأة وصورتها قد لا تكون مثيرة للإعجاب لدى كثير من الرجال بسبب دمامة الوجه وقبح المنظر ، بيد أنّ نعومة الصوت وجاذبية قد يتغلبان على ذلك النقص الجبلي ، فيقع عقلاء الرجال فضلاً عن سفهائهم ضحية تلك الأصوات العذبة فتطيش عقولهم ويذهب وقارهم عند أقدام النساء !!
6- ذهاب حياء المرأة وزيادة جرأتها :
ومن الآثار السيئة لخضوع المرأة بالقول ما يتبعه من خطوات أخرى أشد فحشاً ومنها ذهاب حيائها شيئاً فشيئاً ، ومن ثمّ جرأتها على إذاعة صوتها عبر الإذاعات ، والقنوات، والمداخلات في الفضائيات وغيرها فإنّ صفيقات الوجوه هنّ اللواتي يُكثرن من هذه المشاركات بلا مبرر ، ضروري ، بسبب ما تعودن عليه من التكسر والتغنج بأصواتهن ، بل ربما جرّهن ذلك إلى الإنشاد والغناء وإلّا من أين خرجن هؤلاء المطربات الفاجرات ؟!