ابوزيد محمد نور
15-12-2007, 04:08 AM
بصراحة شديدة ... حمى الوادي المتصدع وعيد الأضحى
منقول من صحيفة الصحافة بتاريخ : 11/12/2007 م
بروفيسور/ عبد الله عبد اللطيف - بريتوريا
ظهر في السودان في الآونة الأخيرة اثنان من الأوبئة الفيروسية الخطيرة المتناقلة بين الحيوان والإنسان (Zoonosis) أي المرض الذي مصدره الحيوان، وهما وباء انفلونزا الطيور وهو من الفصيلة العالية الخطورة (HPH5N1) والذي - بحمد الله - تم تشخيصه في مزارع الدواجن بالخرطوم والجزيرة. ووباء حمى الوادي المتصدع أو الحمى النزفية (Rift Valley Fever) والذي هو موضوع هذا المقال.ء
تعريف مرض حمى الوادي المتصدع في الحيوان: هو مرض حاد وشبه حاد يصيب الحيوانات المجترة في أفريقيا ومسببه فيروس يتناقل بواسطة البعوض ويتسبب في تنحر الكبد (necrotic hepatitis) والنزيف وفي أغلب الأحيان تكون الإصابة غير واضحة الأعراض السريرية، والمرض أكثر حدة في قطعان الضأن والماعز والأبقار ويسبب نفوقاً كبيراً في القطيع وخصوصاً الحديث الولادة (90%)، ويجهض الأمهات الحوامل بنسبة عالية (abortion). وأهمية المرض تأتي من إمكانية عدوى الإنسان بواسطة البعوض أو ملامسة الشخص لأنسجة وأعضاء الحيوان المريض. والمرض ليس بجديد على السودان وإنما رصدت الإصابة به في عدد من الوبائيات (1973-1976)، وكان آخرها عام 2003، وما نراه الآن من حدة في الإصابة في الحيوان والإنسان يُشابه تماماً ما حدث عند اكتشاف المرض في مطلع القرن السابق في منطقة الوادي المتصدع في كينيا (والتي اكتسب تسميته منها). وقبل سنوات قليلة تسبب المرض في موت أكثر من 250 شخصاً في منطقة الحدود ما بين اليمن والسعودية، وفي الربع الأول من هذا العام ظهر المرض بطريقة وبائية في الحيوان والإنسان بتنزانيا. ويعتقد بأن الفيروس ينتقل بواسطة البعوض الناقل عبر البيض مما يحافظ على تواجد الفيروس وبدرجة غير وبائية في قطيع الحيوان في فصول الخريف العادية وفي الفصول الغير صالحة لتوالده. ويظهر الوباء بطريقة دراماتيكية متزامناً مع هطول الأمطار الغزيرة- أعلى من المعدل العادي- مسبباً الفيضانات وتراكم المياه مع الأجواء الرطبة، مما يُهيئ مناخاً مناسباً لتوالد البعوض بكثافة (Explosive increase) وتوالد الحشرات الأخرى الناقلة للفيروس ميكانيكياً.ء
الموقف الراهن للوباء في الإنسان بالسودان: ظهر الوباء مطلع أكتوبر 2007 وانتشر في أكثر من 15 موقع تشمل ثلاث ولايات هي سنار والنيل الأبيض والجزيرة وهي الأكثر تأثراً. وكما هو معروف عن وبائية المرض فإن معظم الإصابات البشرية تكون خفيفة نسبياً وتظهر على شاكلة الإصابة بالانفلونزا وتكون أكثر حدة في نسبة قليلة من المرضى ويصابون بأعراض عصبية وبنزيف دموي حاد يؤدي إلى تقيؤ الدم أو عبر البراز مع حدوث نزيف من الأنف أو اللثة، والإصابة بالتهاب العيون قد تؤدي إلى العمى الجزئي أو الكلي. وأود أن ألقي بعض الإحصائيات عن درجة الإصابة وعدد القتلى مستمداً معلوماتي من المنسوب لوزارة الصحة الولائية بالخرطوم ومنظمة الصحة العالمية التي تعمل مع وزارة بالسودان منذ أن طلب منها مد يد المساعدة في أكتوبر 2007 كما جاء في الأخبار. ومن تاريخ 2/11/2007 إلى 23/11/2007 (خلال 21 يوم) رصدت عدد 915 حالة إصابة وَ 347 حالة وفاة، مما يجعل نسبة الوفيات تصل إلى 38% وهذه إحصائية مرعبة مخالفة لما هو معروف عن نسبة الوفيات من المرض من تقارير أخرى. ونسبة 38% عالية جداً ويعزى هذا لأسباب عديدة منها مقدار حدة وبائية الفيروس (virulence) وانتشار المرض الواسع في قطيع الحيوان (الضأن خصوصاً) ولم يفصح عن الأرقام في النفوق حتى الآن، مع كثافة الناقل من البعوض وعدم الوعي بين الرعاة والمزارعين والمواطنين، مع قابلية الحيوان والإنسان للمرض. وبالنظر للإحصائية فيمكن التكهن بأن العدد الحقيقي للمصابين غير معروف مما رفع من نسبة الوفيات. والإصابات التي أمكن التعرف عليها هي الإصابات البالغة الخطورة والتي تم تسجيلها بالمستشفيات وأن غالبية المصابين هم من العامة من الرعاة والمزارعين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون إلا الشهادة لرب العالمين وبقبول "الابتلاء".ء
ماذا عن عيد الأضحى في 20 ديسمبر؟
استمعت لوزير الثروة الحيوانية مخاطباً جلسة المجلس الوطني ومرة أخرى مخاطباً مجلس الولايات شارحاً أبعاد المرض والتحوطات التي اتخذتها وزارته لدرء وباء حمى الوادي المتصدع. وذكر في التنويرين أن "القطيع خالي تماماً من المرض، وأنه لا توجد أي علامة على المرض"..."وأن النتائج التي وصلت من المعمل المرجعي بجنوب أفريقيا تؤكد على سلامة القطيع".ء
أولاً: لا يمكن بأي حال أن يكون القطيع سليماً والوباء ما زال يفتك بالقطيع وعباد الرحمن حتى تاريخ 23/11/2007 وقد تأكدت من مصدر موثوق به في السودان (26/11/2007) أن نسبة النفوق في الضأن خصوصاً تفوق المئات وأن نسبة الإجهاض في القطيع خيالية مما يؤكد على حدة المرض وخصوصاً في الجزيرة . ولم يدلي المسئولون بأي تصريح في هذا الأمر إطلاقاً وهناك تعتيم يتم بتنسيق من الجهات البيطرية والولائية والمعامل ذات المسئولية في مكافحة الأوبئة.ء
ثانياً: التأكد من خلو القطيع من الوباء يجب إجراء مسوحات وبائية في كل المواقع المجاورة لمناطق الوبائيات المنتشرة في ثلاث ولايات ولا يمكن أن يتم ذلك في عجالة.ء
ثالثاً: وأنا أؤكد أنه وحتى تاريخ 26/11/2007 لم تصل المعمل المرجعي بجنوب أفريقيا - خلافاً لما ذكر الوزير - أي عينات لتأكيد أو نفي المرض. وقد اتصلت بالسفارة السودانية حسب رجاء خاص من مدير المعمل المرجعي بجنوب أفريقيا مستفسراً عن العينات المرسلة من السودان والتي سمع عنها المدير من بعض المنظمات المتابعة لخبر الوباء بالبلاد، ولم يصلني أي رد من السفارة بعد. وأنا أقولها داوية: يا وزير الثروة الحيوانية، سعادة العميد - هل أنت على علم بعدم صحة التقارير التي أعلنتها للشعب السوداني والعالم؟ وهل رأيت بعينك واطلعت على النتائج الواردة من المعمل المرجعي ببريتوريا؟ لماذا تكذبون على الشعب - والراعي لا يكذب أهله - ولماذا تقتلون مواطنيكم البسطاء من الرعاة والمزارعين بالتعتيم على الوباء؟ وكان الأجدر أن تملكوهم الحقيقة وأن تقولوا لهم: هناك خطر حقيقي وأنتم أكثر الناس عرضة له، يجب أن تتبعوا الإجراءات الوقائية لتتجنبوا العدوى، ابتعدوا عن ذبح الحيوان المريض وكل مشتبه فيه، لا تتعاملوا مع دمه ولحمه ولبنه، ولا تساعدوا في توليد الحيوانات، واستخدموا الناموسيات الواقية من البعوض. اجعلوا منها حملة قومية لمكافحة الوباء ولا تستبدلوا أرواح العباد بدولارات التصدير.ء
وصلتني رسائل من عدد من المعارف يستفسرون عن مصير الأضاحي والعيد على الأبواب في خلال أقل من شهر .. والرد واضح بالنسبة لي.. إصدار قرار يمنع تصدير الماشية من الولايات للخارج وخصوصاً الولايات المعنية بالوباء (سنار، الجزيرة، النيل الأبيض) إلى مدن السودان الأخرى حتى يتم السيطرة على المرض بيطرياً وليس بقرار سياسي، يجب على السلطات البيطرية مستعينة بالسلطات الأمنية من مراقبة حركة الماشية وإعلان السودان انه منطقة موبوءة حتى يتم السيطرة التامة على الوباء. وقد أرجع السبب للوباء الذي رصد في جمهورية مصر في عام 1977 - 1978 وتوفي خلاله 600 شخص لاستيراد الضأن الحامل للفيروس من السودان. يجب إجراء مسح وبائي بعد شهر من ظهور آخر حالة مرضية (نحتاج لمراقبين دوليين وبعثة طبية وبيطرية أممية) للتأكد من خلو القطيع من الفيروس. بهذه المعلومة العلمية، وبما أن آخر حالة (حالياً) كانت بتاريخ 23/11/2007 (حسب المصدر الموثوق) وأن عيد الأضحى يجيء بعد أقل من شهر من هذا التاريخ فإني وللأمانة العلمية ونظراً للطريقة التي نتعامل بها في عملية الذبح والسلخ وأكل المرارة أن يتوقف المواطنون في هذا العيد عن ذبح الخراف حفاظاً على أرواحهم .. لا تلقوا بأنفسكم للتهلكة فتهلكوا وتكونوا من الخاسرين. وخصوصاً أهلنا في المناطق الموبوءة وهذه ليست فتوى من شيخ (والعياذ بالله) ولكن من طبيب بيطري يعمل في الحقل والأبحاث البيطرية لأكثر من ثلاثين عاماً وما زال يعمل بالمعمل "المرجعي" بجنوب أفريقيا.ء
تعليق على المقابلة التي أُجريت مع السيد وكيل وزارة الثروة الحيوانية/ د. بشير طه
ء1- ذكر أن متوسط فترة الحضانة في الحيوان تبلغ 18 ساعة (من 24 إلى 36 ساعة) وبعدها يظهر المرض، وتمتد الفترة المرضية لمدة سبعة أيام ولا يحمل الحيوان المريض الفيروس بعد ذلك. هذه المعلومة غير صحيحة إطلاقاً، ففي قطيع الضأن الكبير السن (أكبر من عام) يبقى الفيروس في الأحشاء الداخلية- وبالأخص في الطحال- حتى 21 يوماً بعد الإصابة.ء
ء2- البرنامج الذي وضعته الوزارة لتفتيش وفحص الأضاحي في الأماكن المخصصة لبيع الخراف، غير علمي وغير عملي لسبب واحد؛ وهو أن معظم الإصابات في القطيع الكبير في السن (أكثر من عام) تكون غير واضحة الأعراض السريرية ولا يمكن التعرف عليها بواسطة الكشف بالعين المجردة وتحتاج لفحص معملي، وهذا بالطبع غير متيسر.ء
ء3- ذكر السيد الوكيل أنه قد تم تصدير عدد 9,000 رأس من الضأن في يوم 10/11/2007، أي بعد عشرة أيام فقط من استلامه لنتيجة الفحص المعملي من المختبر المركزي بسوبا (نسبة الإصابة الموجبة في القطيع بلغت 49% من جملة 700 عينة)، والسيد الوكيل يعلم جيداً أنه كان ينبغي أن يُحظر التصدير لمدة أقلها شهر قبل استئنافه مرة أخرى، والتصدير بعد عشرة أيام من الفحص مخالف للوائح المنظمة الدولية لصحة الحيوان.ء
منقول من صحيفة الصحافة بتاريخ : 11/12/2007 م
بروفيسور/ عبد الله عبد اللطيف - بريتوريا
ظهر في السودان في الآونة الأخيرة اثنان من الأوبئة الفيروسية الخطيرة المتناقلة بين الحيوان والإنسان (Zoonosis) أي المرض الذي مصدره الحيوان، وهما وباء انفلونزا الطيور وهو من الفصيلة العالية الخطورة (HPH5N1) والذي - بحمد الله - تم تشخيصه في مزارع الدواجن بالخرطوم والجزيرة. ووباء حمى الوادي المتصدع أو الحمى النزفية (Rift Valley Fever) والذي هو موضوع هذا المقال.ء
تعريف مرض حمى الوادي المتصدع في الحيوان: هو مرض حاد وشبه حاد يصيب الحيوانات المجترة في أفريقيا ومسببه فيروس يتناقل بواسطة البعوض ويتسبب في تنحر الكبد (necrotic hepatitis) والنزيف وفي أغلب الأحيان تكون الإصابة غير واضحة الأعراض السريرية، والمرض أكثر حدة في قطعان الضأن والماعز والأبقار ويسبب نفوقاً كبيراً في القطيع وخصوصاً الحديث الولادة (90%)، ويجهض الأمهات الحوامل بنسبة عالية (abortion). وأهمية المرض تأتي من إمكانية عدوى الإنسان بواسطة البعوض أو ملامسة الشخص لأنسجة وأعضاء الحيوان المريض. والمرض ليس بجديد على السودان وإنما رصدت الإصابة به في عدد من الوبائيات (1973-1976)، وكان آخرها عام 2003، وما نراه الآن من حدة في الإصابة في الحيوان والإنسان يُشابه تماماً ما حدث عند اكتشاف المرض في مطلع القرن السابق في منطقة الوادي المتصدع في كينيا (والتي اكتسب تسميته منها). وقبل سنوات قليلة تسبب المرض في موت أكثر من 250 شخصاً في منطقة الحدود ما بين اليمن والسعودية، وفي الربع الأول من هذا العام ظهر المرض بطريقة وبائية في الحيوان والإنسان بتنزانيا. ويعتقد بأن الفيروس ينتقل بواسطة البعوض الناقل عبر البيض مما يحافظ على تواجد الفيروس وبدرجة غير وبائية في قطيع الحيوان في فصول الخريف العادية وفي الفصول الغير صالحة لتوالده. ويظهر الوباء بطريقة دراماتيكية متزامناً مع هطول الأمطار الغزيرة- أعلى من المعدل العادي- مسبباً الفيضانات وتراكم المياه مع الأجواء الرطبة، مما يُهيئ مناخاً مناسباً لتوالد البعوض بكثافة (Explosive increase) وتوالد الحشرات الأخرى الناقلة للفيروس ميكانيكياً.ء
الموقف الراهن للوباء في الإنسان بالسودان: ظهر الوباء مطلع أكتوبر 2007 وانتشر في أكثر من 15 موقع تشمل ثلاث ولايات هي سنار والنيل الأبيض والجزيرة وهي الأكثر تأثراً. وكما هو معروف عن وبائية المرض فإن معظم الإصابات البشرية تكون خفيفة نسبياً وتظهر على شاكلة الإصابة بالانفلونزا وتكون أكثر حدة في نسبة قليلة من المرضى ويصابون بأعراض عصبية وبنزيف دموي حاد يؤدي إلى تقيؤ الدم أو عبر البراز مع حدوث نزيف من الأنف أو اللثة، والإصابة بالتهاب العيون قد تؤدي إلى العمى الجزئي أو الكلي. وأود أن ألقي بعض الإحصائيات عن درجة الإصابة وعدد القتلى مستمداً معلوماتي من المنسوب لوزارة الصحة الولائية بالخرطوم ومنظمة الصحة العالمية التي تعمل مع وزارة بالسودان منذ أن طلب منها مد يد المساعدة في أكتوبر 2007 كما جاء في الأخبار. ومن تاريخ 2/11/2007 إلى 23/11/2007 (خلال 21 يوم) رصدت عدد 915 حالة إصابة وَ 347 حالة وفاة، مما يجعل نسبة الوفيات تصل إلى 38% وهذه إحصائية مرعبة مخالفة لما هو معروف عن نسبة الوفيات من المرض من تقارير أخرى. ونسبة 38% عالية جداً ويعزى هذا لأسباب عديدة منها مقدار حدة وبائية الفيروس (virulence) وانتشار المرض الواسع في قطيع الحيوان (الضأن خصوصاً) ولم يفصح عن الأرقام في النفوق حتى الآن، مع كثافة الناقل من البعوض وعدم الوعي بين الرعاة والمزارعين والمواطنين، مع قابلية الحيوان والإنسان للمرض. وبالنظر للإحصائية فيمكن التكهن بأن العدد الحقيقي للمصابين غير معروف مما رفع من نسبة الوفيات. والإصابات التي أمكن التعرف عليها هي الإصابات البالغة الخطورة والتي تم تسجيلها بالمستشفيات وأن غالبية المصابين هم من العامة من الرعاة والمزارعين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون إلا الشهادة لرب العالمين وبقبول "الابتلاء".ء
ماذا عن عيد الأضحى في 20 ديسمبر؟
استمعت لوزير الثروة الحيوانية مخاطباً جلسة المجلس الوطني ومرة أخرى مخاطباً مجلس الولايات شارحاً أبعاد المرض والتحوطات التي اتخذتها وزارته لدرء وباء حمى الوادي المتصدع. وذكر في التنويرين أن "القطيع خالي تماماً من المرض، وأنه لا توجد أي علامة على المرض"..."وأن النتائج التي وصلت من المعمل المرجعي بجنوب أفريقيا تؤكد على سلامة القطيع".ء
أولاً: لا يمكن بأي حال أن يكون القطيع سليماً والوباء ما زال يفتك بالقطيع وعباد الرحمن حتى تاريخ 23/11/2007 وقد تأكدت من مصدر موثوق به في السودان (26/11/2007) أن نسبة النفوق في الضأن خصوصاً تفوق المئات وأن نسبة الإجهاض في القطيع خيالية مما يؤكد على حدة المرض وخصوصاً في الجزيرة . ولم يدلي المسئولون بأي تصريح في هذا الأمر إطلاقاً وهناك تعتيم يتم بتنسيق من الجهات البيطرية والولائية والمعامل ذات المسئولية في مكافحة الأوبئة.ء
ثانياً: التأكد من خلو القطيع من الوباء يجب إجراء مسوحات وبائية في كل المواقع المجاورة لمناطق الوبائيات المنتشرة في ثلاث ولايات ولا يمكن أن يتم ذلك في عجالة.ء
ثالثاً: وأنا أؤكد أنه وحتى تاريخ 26/11/2007 لم تصل المعمل المرجعي بجنوب أفريقيا - خلافاً لما ذكر الوزير - أي عينات لتأكيد أو نفي المرض. وقد اتصلت بالسفارة السودانية حسب رجاء خاص من مدير المعمل المرجعي بجنوب أفريقيا مستفسراً عن العينات المرسلة من السودان والتي سمع عنها المدير من بعض المنظمات المتابعة لخبر الوباء بالبلاد، ولم يصلني أي رد من السفارة بعد. وأنا أقولها داوية: يا وزير الثروة الحيوانية، سعادة العميد - هل أنت على علم بعدم صحة التقارير التي أعلنتها للشعب السوداني والعالم؟ وهل رأيت بعينك واطلعت على النتائج الواردة من المعمل المرجعي ببريتوريا؟ لماذا تكذبون على الشعب - والراعي لا يكذب أهله - ولماذا تقتلون مواطنيكم البسطاء من الرعاة والمزارعين بالتعتيم على الوباء؟ وكان الأجدر أن تملكوهم الحقيقة وأن تقولوا لهم: هناك خطر حقيقي وأنتم أكثر الناس عرضة له، يجب أن تتبعوا الإجراءات الوقائية لتتجنبوا العدوى، ابتعدوا عن ذبح الحيوان المريض وكل مشتبه فيه، لا تتعاملوا مع دمه ولحمه ولبنه، ولا تساعدوا في توليد الحيوانات، واستخدموا الناموسيات الواقية من البعوض. اجعلوا منها حملة قومية لمكافحة الوباء ولا تستبدلوا أرواح العباد بدولارات التصدير.ء
وصلتني رسائل من عدد من المعارف يستفسرون عن مصير الأضاحي والعيد على الأبواب في خلال أقل من شهر .. والرد واضح بالنسبة لي.. إصدار قرار يمنع تصدير الماشية من الولايات للخارج وخصوصاً الولايات المعنية بالوباء (سنار، الجزيرة، النيل الأبيض) إلى مدن السودان الأخرى حتى يتم السيطرة على المرض بيطرياً وليس بقرار سياسي، يجب على السلطات البيطرية مستعينة بالسلطات الأمنية من مراقبة حركة الماشية وإعلان السودان انه منطقة موبوءة حتى يتم السيطرة التامة على الوباء. وقد أرجع السبب للوباء الذي رصد في جمهورية مصر في عام 1977 - 1978 وتوفي خلاله 600 شخص لاستيراد الضأن الحامل للفيروس من السودان. يجب إجراء مسح وبائي بعد شهر من ظهور آخر حالة مرضية (نحتاج لمراقبين دوليين وبعثة طبية وبيطرية أممية) للتأكد من خلو القطيع من الفيروس. بهذه المعلومة العلمية، وبما أن آخر حالة (حالياً) كانت بتاريخ 23/11/2007 (حسب المصدر الموثوق) وأن عيد الأضحى يجيء بعد أقل من شهر من هذا التاريخ فإني وللأمانة العلمية ونظراً للطريقة التي نتعامل بها في عملية الذبح والسلخ وأكل المرارة أن يتوقف المواطنون في هذا العيد عن ذبح الخراف حفاظاً على أرواحهم .. لا تلقوا بأنفسكم للتهلكة فتهلكوا وتكونوا من الخاسرين. وخصوصاً أهلنا في المناطق الموبوءة وهذه ليست فتوى من شيخ (والعياذ بالله) ولكن من طبيب بيطري يعمل في الحقل والأبحاث البيطرية لأكثر من ثلاثين عاماً وما زال يعمل بالمعمل "المرجعي" بجنوب أفريقيا.ء
تعليق على المقابلة التي أُجريت مع السيد وكيل وزارة الثروة الحيوانية/ د. بشير طه
ء1- ذكر أن متوسط فترة الحضانة في الحيوان تبلغ 18 ساعة (من 24 إلى 36 ساعة) وبعدها يظهر المرض، وتمتد الفترة المرضية لمدة سبعة أيام ولا يحمل الحيوان المريض الفيروس بعد ذلك. هذه المعلومة غير صحيحة إطلاقاً، ففي قطيع الضأن الكبير السن (أكبر من عام) يبقى الفيروس في الأحشاء الداخلية- وبالأخص في الطحال- حتى 21 يوماً بعد الإصابة.ء
ء2- البرنامج الذي وضعته الوزارة لتفتيش وفحص الأضاحي في الأماكن المخصصة لبيع الخراف، غير علمي وغير عملي لسبب واحد؛ وهو أن معظم الإصابات في القطيع الكبير في السن (أكثر من عام) تكون غير واضحة الأعراض السريرية ولا يمكن التعرف عليها بواسطة الكشف بالعين المجردة وتحتاج لفحص معملي، وهذا بالطبع غير متيسر.ء
ء3- ذكر السيد الوكيل أنه قد تم تصدير عدد 9,000 رأس من الضأن في يوم 10/11/2007، أي بعد عشرة أيام فقط من استلامه لنتيجة الفحص المعملي من المختبر المركزي بسوبا (نسبة الإصابة الموجبة في القطيع بلغت 49% من جملة 700 عينة)، والسيد الوكيل يعلم جيداً أنه كان ينبغي أن يُحظر التصدير لمدة أقلها شهر قبل استئنافه مرة أخرى، والتصدير بعد عشرة أيام من الفحص مخالف للوائح المنظمة الدولية لصحة الحيوان.ء