عصام الدين عموش
06-04-2007, 06:56 PM
[ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء ]
مدد يا سيدي يا رسول الله
أعود اليوم قبل أن يـُسرق منا هذا الشهر المبارك خلسة ً شهر ربيع الأول شهر مولد الهادي الأمين نبي هذه الأمة وحادي ركب هدايتها ألف صلاة وسلام عليك يا حبيبي يا رسول الله .
ليلة المولد يا سر الليالي
أعود ويا ليتني أعود كما تريدون فالعود أحمد...
ما بال أهلنا يحتفلون بمولد النبي الأمي بكل هذه العظمة ؟ في الأرياف والقرى والمدن والبيوت ، فرحة تطال الصغير منا والكبير وتتحرك مشاعر ظلت ساكنة طوال العام . إنه المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام إنه الحب الكامن فينا منذ النشأة الأولى إنها الروح التي انفرد بها شعبي دون خلق الله بحب أشرف خلق الله محمد بن عبد الله.
وفي مدينتي الرائعة ( ود مدني ) تتجلى روعة المولد وروعة المشهد
على ما أذكر تبدأ الاحتفالات قبل موعدها بأسابيع وليالي ، الطرق الصوفية منهمكة بعمل الرايات وتجديدها وكتابة اللافتات الجميلة والرسوم الرائعة وأحياء تعد نفسها لعمل حلوى المولد ، وتعرفون جيداً أن أول من صنع حلوى المولد هو العم عبد الخالق مكي ( القادم لود مدني من أسوان جنوب مصر ) وبعده ظهر آل هريدي ( بود أزرق ) وآل وباردبس ( محمد ، السر ، عابدين ) وآل جنقول وآل اليتجاني سعيد وآل ظاييطه وكل بيت في ود قيحة وحي النضيراب لا يخلو من حركة دءوبة لصناعة حلوى المولد (هذا على سبيل المثال لا الحصر) ،
وقد كان المولد في البداية بساحة مركز الشباب على طريق السكة حديد جوار نادي النجوم حالياً ثم انتقل لبانت في بداية السبعينات.
و كل البيوت ببانت المطلة على ساحة المولد ( ساحة ملعب ميدان بانت ) كانت تستعد لاستقبال الغريب والقريب أجراً وبركة لهذه الأيام المباركة بداية من المنازل التي تقع شرق جامع بانت حيث منزل عمك مكرنجة و شجرة النيمة الضخمة التي تتناثر تحتها البنابر والعناقريب الهبابية ، ومنزل فاروق المامون سائق التاكسي ،ومنزل عبدله ، ومنزل الفاضل الممرض( والد مبارك اللاعب الخلوق ) ، ومامون عبد القادر وحتى منازل إزيرق عند الناصية .
كما لا ننسى منازل الكوارته ومنازل الطيب العطا من الناحية الجنوبية لساحة المولد وهم يحملون هموم الكرم الفياض لهذه الخلوق الضخمة لهم التحية والتقدير والرحمة أمواتاً وأحياء ً .
ولا يفوتني أيضاً ذكر الدكاكين التي تقبع تحت الجامع وهي بمثابة ولفة اجتماعية من الدرجة الأولى فمن منا لا يعرف دكان الترزي سمير صالح للخياطة ( الهرم الكروي بمدينة ود مدني ) والعجلاتي خلف الله عنكاص صاحب أول محل لتصليح العجلات بالمنطقة الغربية وكان يقوم سنوياً بتجديد أزيار المولد وشرائها من حر ماله ( 18 زير ويحفر لها ويخيشها بالشوالات ) بحثاً عن الأجر .والحلاق سيف الشايقي والحلاق عبد الرحمن تاشي ، وهم يمدون يد المساعدة والعون لكل من يطلب العون .
المولد بمدني له طعم خاص فمدني ملتقى للطرق الصوفية القادمة من جهات المناقل وطيبة وأب حراز وسنار والجزيرة ممثلة في القادرية والعركيين والسمانية والمكاشفية أضافة للطرق الصوفية التي وجدت ارضاً خصبة بمدني كالأحمدية والختمية وشيخ شاطوط وعبد السيد والبرهانية الدسوقية الشاذلية والتيجانية والقادرية . وحتى الدولة ممثلةً في شؤونها الدينية والأوقاف كان لها قدم سبق بساحة المولد .
نحن صغاراً كانت احتفائيتنا بالمولد محصورة جدأً بين متعة المشاهدة لحلقات الذكر من ناحية وباقتناء حصان حلاوة أو جندي وللبنات حلم بشراء عروس بهية بألوان خلابة
وكان يشدنا صيوان السمانية بجلابيبهم الخضراء المميزة والتي كانت تبدو لنا انقى بياضاً من الجلابيب البيضاء مع الوشاح البني المصنوع من الجلد الناعم والممتد من أعلى الكتف ومعقوداً أسفل الخاصرة وهم مميزون بكونهم شباباً ولهم تمايل مموسق مع دقات النوبة وخشخشة الرق وعذوبة الأصوات الصادحة بمدح المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام .
كما تجذبنا دقات النوبة العنيفة لطرق القادرية والمكاشفية والعركيين ( وكنا نهمس لبعضنا ونقول : اللياقة العندهم دي لو لقيناها كنا طلعنا الدرجة الأولى ) وذلك عندما كنا شبابا نلعب بالدرجة الثانية .
أما البرهانية فقد تميزوا بصفوفهم الطويلة والسماح لكل واحد بالدخول معهم في الذكر . أما الأحمدية فقد كانوا اقل صفوفاً من البرهانية ولكن لهم طعم ذكر تختلف عذوبته . وكان صيوان الختمية يبدو أكثر رونقاً وبهاءً وتحس وأنت بداخله كأنك في سرايا للباشوات فخامة تحيطك من كل جانب وروح عبقة تخالجك للإنتماء لهم .
الزفة وما أدراك ما الزفة :
وهي البداية للمولد و التي تنطلق من شارع النيل من المديرية يتقدمها موكب المواتر بقيادة عمنا علي جميل وتلك الأحصنة المكسوة بالأقمشة الجميلة والتي تزيدها بهاءً وفخاراً وموسيقى البوليس تأتي خلفها بقيادة عمنا الصول كودي وعصايته المميزة والتي يقذفها لأعلى ويتلقاها بثقة نفس كبيرة تأثر ألبابنا (عليهم الرحمة والمغفرة ) وخطوات الجنود المنظمة كحبات العقد النضيد ونوبات الطرق لصوفية والتي تمثل بفئات نموذجية لكل طريقة في هذا الكرنفال والفرجة كانت متعة لنساء واطفال الأحياء التي يمر بها الموكب والذي يسير بشارع النيل وحتى قبة مدني السني ثم يعرج بشارع بانت وحتى ساحة المولد ببانت ( وسبحان الله حتى أخواننا الجنوبيين كانوا يبتهجون لهذه الكرنفالات الدينية معنا ) .
وإخوتنا الفلاته يساهمون بكيتـتهم المميزة في هذا الكرنفال .
أما اليوم الختامي حالة خاصة وجمال لايدانيه جمال برغم الحشد البشري من كل الأعمار والأجناس والمشارب والسحن كان الجميع يأتلق ببهجة هذا اليوم والذي يمتد حتى ساعات الفجر من صبيحة اليوم التالي ( عشان كده الحكومة خلت اليوم التاني إجازة للجميع ) .
وكان العشاء المألوف لدينا يتمثل في اللقيمات الكبيرة ( الزلابية ) وسلطات الأسود والبليلة والفتة بالرز عند أي زاوية تحس بالإنتماء لها .
وأما متعتنا الأخرى فتتمثل في الحلوى ، حلوى المولد ( السمسية والفولية والكبكبية والهريسة والحمصية ، وحالياً دخلت أصناف جديدة كالجوزة واللكومية والسمسمية المصرية المستوردة والتي كانت أغلى سعراً من البلدية ومتعة الطوطحانيات والمراجيح الضحمة والتي تتعالى بأرتفاعها صيحاتنا خوفاً ومرحاً معاً .
وعندما يختم المولد يبدأ التجوال عبر الأحياء فتتحول ليالي المولد بداية من سعدابي ثم أب شبكة ثم أب دواية ثم ود كنان ثم الجيلي صلاح بالدباغة وعلى ما أذكر حالياً حي مايو ( وعلى من فاتته الحلاوة ببانت عليه اللحاق بها في القبة أو ود كنان حسب مواعيد الراتب بتاعت أبوه )، كما ينتقل الفرح الروحي لطيبة الشيخ عبد الباقي في يوم 24 من ربيع الأول . تظل مدينتب مبتهجة ليالي لا تضاهيها ليالي أبداً
عليك صلاة الله ثم سلامه ألا يا رسول الله إني لمغرم
عصام الدين عموش/ أبريل 2007م
ا
مدد يا سيدي يا رسول الله
أعود اليوم قبل أن يـُسرق منا هذا الشهر المبارك خلسة ً شهر ربيع الأول شهر مولد الهادي الأمين نبي هذه الأمة وحادي ركب هدايتها ألف صلاة وسلام عليك يا حبيبي يا رسول الله .
ليلة المولد يا سر الليالي
أعود ويا ليتني أعود كما تريدون فالعود أحمد...
ما بال أهلنا يحتفلون بمولد النبي الأمي بكل هذه العظمة ؟ في الأرياف والقرى والمدن والبيوت ، فرحة تطال الصغير منا والكبير وتتحرك مشاعر ظلت ساكنة طوال العام . إنه المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام إنه الحب الكامن فينا منذ النشأة الأولى إنها الروح التي انفرد بها شعبي دون خلق الله بحب أشرف خلق الله محمد بن عبد الله.
وفي مدينتي الرائعة ( ود مدني ) تتجلى روعة المولد وروعة المشهد
على ما أذكر تبدأ الاحتفالات قبل موعدها بأسابيع وليالي ، الطرق الصوفية منهمكة بعمل الرايات وتجديدها وكتابة اللافتات الجميلة والرسوم الرائعة وأحياء تعد نفسها لعمل حلوى المولد ، وتعرفون جيداً أن أول من صنع حلوى المولد هو العم عبد الخالق مكي ( القادم لود مدني من أسوان جنوب مصر ) وبعده ظهر آل هريدي ( بود أزرق ) وآل وباردبس ( محمد ، السر ، عابدين ) وآل جنقول وآل اليتجاني سعيد وآل ظاييطه وكل بيت في ود قيحة وحي النضيراب لا يخلو من حركة دءوبة لصناعة حلوى المولد (هذا على سبيل المثال لا الحصر) ،
وقد كان المولد في البداية بساحة مركز الشباب على طريق السكة حديد جوار نادي النجوم حالياً ثم انتقل لبانت في بداية السبعينات.
و كل البيوت ببانت المطلة على ساحة المولد ( ساحة ملعب ميدان بانت ) كانت تستعد لاستقبال الغريب والقريب أجراً وبركة لهذه الأيام المباركة بداية من المنازل التي تقع شرق جامع بانت حيث منزل عمك مكرنجة و شجرة النيمة الضخمة التي تتناثر تحتها البنابر والعناقريب الهبابية ، ومنزل فاروق المامون سائق التاكسي ،ومنزل عبدله ، ومنزل الفاضل الممرض( والد مبارك اللاعب الخلوق ) ، ومامون عبد القادر وحتى منازل إزيرق عند الناصية .
كما لا ننسى منازل الكوارته ومنازل الطيب العطا من الناحية الجنوبية لساحة المولد وهم يحملون هموم الكرم الفياض لهذه الخلوق الضخمة لهم التحية والتقدير والرحمة أمواتاً وأحياء ً .
ولا يفوتني أيضاً ذكر الدكاكين التي تقبع تحت الجامع وهي بمثابة ولفة اجتماعية من الدرجة الأولى فمن منا لا يعرف دكان الترزي سمير صالح للخياطة ( الهرم الكروي بمدينة ود مدني ) والعجلاتي خلف الله عنكاص صاحب أول محل لتصليح العجلات بالمنطقة الغربية وكان يقوم سنوياً بتجديد أزيار المولد وشرائها من حر ماله ( 18 زير ويحفر لها ويخيشها بالشوالات ) بحثاً عن الأجر .والحلاق سيف الشايقي والحلاق عبد الرحمن تاشي ، وهم يمدون يد المساعدة والعون لكل من يطلب العون .
المولد بمدني له طعم خاص فمدني ملتقى للطرق الصوفية القادمة من جهات المناقل وطيبة وأب حراز وسنار والجزيرة ممثلة في القادرية والعركيين والسمانية والمكاشفية أضافة للطرق الصوفية التي وجدت ارضاً خصبة بمدني كالأحمدية والختمية وشيخ شاطوط وعبد السيد والبرهانية الدسوقية الشاذلية والتيجانية والقادرية . وحتى الدولة ممثلةً في شؤونها الدينية والأوقاف كان لها قدم سبق بساحة المولد .
نحن صغاراً كانت احتفائيتنا بالمولد محصورة جدأً بين متعة المشاهدة لحلقات الذكر من ناحية وباقتناء حصان حلاوة أو جندي وللبنات حلم بشراء عروس بهية بألوان خلابة
وكان يشدنا صيوان السمانية بجلابيبهم الخضراء المميزة والتي كانت تبدو لنا انقى بياضاً من الجلابيب البيضاء مع الوشاح البني المصنوع من الجلد الناعم والممتد من أعلى الكتف ومعقوداً أسفل الخاصرة وهم مميزون بكونهم شباباً ولهم تمايل مموسق مع دقات النوبة وخشخشة الرق وعذوبة الأصوات الصادحة بمدح المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام .
كما تجذبنا دقات النوبة العنيفة لطرق القادرية والمكاشفية والعركيين ( وكنا نهمس لبعضنا ونقول : اللياقة العندهم دي لو لقيناها كنا طلعنا الدرجة الأولى ) وذلك عندما كنا شبابا نلعب بالدرجة الثانية .
أما البرهانية فقد تميزوا بصفوفهم الطويلة والسماح لكل واحد بالدخول معهم في الذكر . أما الأحمدية فقد كانوا اقل صفوفاً من البرهانية ولكن لهم طعم ذكر تختلف عذوبته . وكان صيوان الختمية يبدو أكثر رونقاً وبهاءً وتحس وأنت بداخله كأنك في سرايا للباشوات فخامة تحيطك من كل جانب وروح عبقة تخالجك للإنتماء لهم .
الزفة وما أدراك ما الزفة :
وهي البداية للمولد و التي تنطلق من شارع النيل من المديرية يتقدمها موكب المواتر بقيادة عمنا علي جميل وتلك الأحصنة المكسوة بالأقمشة الجميلة والتي تزيدها بهاءً وفخاراً وموسيقى البوليس تأتي خلفها بقيادة عمنا الصول كودي وعصايته المميزة والتي يقذفها لأعلى ويتلقاها بثقة نفس كبيرة تأثر ألبابنا (عليهم الرحمة والمغفرة ) وخطوات الجنود المنظمة كحبات العقد النضيد ونوبات الطرق لصوفية والتي تمثل بفئات نموذجية لكل طريقة في هذا الكرنفال والفرجة كانت متعة لنساء واطفال الأحياء التي يمر بها الموكب والذي يسير بشارع النيل وحتى قبة مدني السني ثم يعرج بشارع بانت وحتى ساحة المولد ببانت ( وسبحان الله حتى أخواننا الجنوبيين كانوا يبتهجون لهذه الكرنفالات الدينية معنا ) .
وإخوتنا الفلاته يساهمون بكيتـتهم المميزة في هذا الكرنفال .
أما اليوم الختامي حالة خاصة وجمال لايدانيه جمال برغم الحشد البشري من كل الأعمار والأجناس والمشارب والسحن كان الجميع يأتلق ببهجة هذا اليوم والذي يمتد حتى ساعات الفجر من صبيحة اليوم التالي ( عشان كده الحكومة خلت اليوم التاني إجازة للجميع ) .
وكان العشاء المألوف لدينا يتمثل في اللقيمات الكبيرة ( الزلابية ) وسلطات الأسود والبليلة والفتة بالرز عند أي زاوية تحس بالإنتماء لها .
وأما متعتنا الأخرى فتتمثل في الحلوى ، حلوى المولد ( السمسية والفولية والكبكبية والهريسة والحمصية ، وحالياً دخلت أصناف جديدة كالجوزة واللكومية والسمسمية المصرية المستوردة والتي كانت أغلى سعراً من البلدية ومتعة الطوطحانيات والمراجيح الضحمة والتي تتعالى بأرتفاعها صيحاتنا خوفاً ومرحاً معاً .
وعندما يختم المولد يبدأ التجوال عبر الأحياء فتتحول ليالي المولد بداية من سعدابي ثم أب شبكة ثم أب دواية ثم ود كنان ثم الجيلي صلاح بالدباغة وعلى ما أذكر حالياً حي مايو ( وعلى من فاتته الحلاوة ببانت عليه اللحاق بها في القبة أو ود كنان حسب مواعيد الراتب بتاعت أبوه )، كما ينتقل الفرح الروحي لطيبة الشيخ عبد الباقي في يوم 24 من ربيع الأول . تظل مدينتب مبتهجة ليالي لا تضاهيها ليالي أبداً
عليك صلاة الله ثم سلامه ألا يا رسول الله إني لمغرم
عصام الدين عموش/ أبريل 2007م
ا