Madanawi
25-03-2007, 11:37 PM
التاريخ لا يزال يذكر أصحاب العشق في معظم أرجاء الدنيا، أمثال روميو وجوليت وعنتر وعبلة وقيس وليلى وجميل وبثينة وكثير وعزة وتاجوج ومحلق.
أما قصة تاجوج ومحلق فلم ينتبه لها أحد من الكتاب الكبار، رغم أنه لم يثبت في تاريخ السودان منذ المملكة السنارية ومن قبلها أن ظهرت حسناء في مقام تاجوج التي تنتمي إلى قبيلة الحمران التي تنداح ديارها في الحدود الشرقية للسودان عند تخوم أثيوبيا واريتريا حيث يفصل أثيوبيا واريتريا نهر (ستيت) وتسكن قبائل الحمران حول نهر ستيت والفلوات الأخرى وعاصمة الحمران مدينة ود الحليو.
كتب الرحالة جيمس براون فصلاً في كتابه المعروف بأعالي النيل الأزرق، عن قبيلة الحمران وقال إنهم كانوا أهل رعي وزراعة وتجارة ولهم معرفة بأعمال الفروسية وصيد الوحوش الضارية في البحر والبر.
ويقول الكاتب السوداني الطيب محمد الطيب ان الملكة الانجليزية أوفدت جيمس براون مع بعثة لاكتشاف أعالي النيل ووصل الرجل بعد مشقة إلى مديرية الحمران المعروفة بمديرية الجيرة ولما وصل سير براون دهش من روعة الطبيعة وبسالة رجال القبيلة الفرسان والشجعان وانخرط معهم في صداقة مخلصة وتعلم منهم أنواع الفروسية وصيد الكواسر خاصة الفيل يحيطون بأرجل الفيل الأربعة كل صائد يتولى ضرب رجل من أرجل الفيل فينهكونه ويثخنونه بالجروح فينهار ذلك الجسم الضخم ويوزعون لحم الفيل. وقد جاراهم مستر براون ومكث معهم سنتين وأكثر. كان ذلك في حوالي 1846 ميلادية ونسي الخواجة المهمة التي جاء من أجلها فاندفع في الصيد وصراع الوحوش الضارية... كل هذا وغيره كتبه المستر براون في كتابه عن الحمران ومنابع النيل الأزرق وترجم الكتاب لعدة لغات منها الانجليزية والعربية، ثم قفل راجعاً لدياره بعد تلك الرحلة النادرة والموفقة.
زعيم الحمران
ويقول الطيب إن زعيم الحمران هو الشيخ محمد علي الهاكين والد الحسناء تاجوج وقد ولدت تاجوج في بقعة تعرف باسم عناتر غرب الهدندوة وشمال ديار الحمران.
ولدت الحسناء في تلك الأماكن البعيدة واسماها أبوها الشيخ ود علي الهاكين (ملكة) ولما لم تر أعين النساء طفلة في هيئة هذه الطفلة، سميت من الحسد تاجوج وهو اسم لم يكن معروفاً في تلك الجهات.
محلّق
ويقول الطيب إن زعيم الحمران كان له ابن أخت واحد اسمه محلق أو (مهلق) وكان فتى معجبا بنفسه وكان يجاري الفتيان في نهب الإبل والذي يعرف (بالمهجر) وهو الترصد لإبل الآخرين كما يسمى النهيض وذلك قبل انتشار كلمة همباتة الشائعة في هذا الزمان.
وصادفت زيارة محلق أيام عرس برزت فيه الفتيات.. وكل واحدة تدل بجمالها وكانت أروعهن تاجوج بنت خاله الشيخ ود علي. فرجع من بيت الحفل يرتعد من الحمى وسأل أمه عن هذه الفتاة فقالت له هي بنت خالك فقال لها أطلبيها في هذه الليلة إلا أن والدته قالت له خالك لا يمكن أن يناسب (النهاضين).
وإذا أعلنت توبتك وأقلعت عن هذا الفعل فأنا أضمن لك الزواج منها. فذهبت وأخبرت أخاها الشيخ بما طلبه ابنها فقال لا مانع عندي إذا أقلع عن مهاجمة القبائل وأقلع عن التصدي للإبل، فتعهدت أمه وأتت به عند الفجر فأعلن توبته النصوح فاجازه خاله ووافق على زواج تاجوج منه.
وكانت للفتاة علاقة مبدئية بخصوص الزواج والزوج المقترح اسمه (ود جويل) فاقنعته أم تاجوج بعد أن تقدم ابن خالها. فتراجع ود جويل وتم زواج محلق من بنت خاله واكتشف فيها جمالاً اخاذاً غير الذي تراه أعين الناس. وهاجه هذا الحال. واتفقت البنت وأمها على الطلاق وبحيلة فكان الطلاق واقعاً عليه بعد معاهدة سابقة. إذ طلب منها أن تتعرّى فوافقت بشرط أن تستجيب له فوافق، ووافقت فكان طلبها الطلاق فوقع محلق في شر أعماله واعترته حالة من الذهول وفقد الذاكرة وصار يتغنى باسم تاجوج وهو محرم عرفياً ذكر المرأة أماً واختاً فضلاً عن الزوجة. وكان محلق صاحب ملكة فنية وصوت رائع في الغناء فصار يتغنى باسمها النهار والليل «تاجوج» إلى أن قدموه إلى الأطباء والبصراء والمشايخ والفقهاء وأصحاب الملكات في مقارعة السحر فلم تفعل العزيمة فيه شيئاً يذكر.
وللمجنون زائغ العقل والبصيرة ديوان كامل في الشعر وكله روائع ينعى فيه أيامه الماضية والحاضرة.. وأكثر الناس من الاضافات والخرافات حتى صار اسم تاجوج واسم محلق أساطير لا واقعاً عاشه الناس. وانتهى حال محلق ضائعاً مغلوباً على أمره.
نهاية تاجوج
كما انتهى حال محلق. فقد انتهت حالة تاجوج بمأساة كانت هي ضحيتها إذ اغتالها شيخ من قطاع الطريق في ضاحية من ضواحي التاكا جنوب كسلا الحالية.. فكان موقع مصرعها واضحاً لمن يريد أن يعرف شيئاً عن هلاك هذه الفاتنة. والقصة تحكي أن بين الحمران وبعض بيوت الشرق صلات رحم وذهب الرجال إلى محل المأتم وذهبت النساء لحالهن ولا حماية لهن من المغادير... وتروي القصة أنه ولحظهن العاثر صادفهن رهط من قطاع الطريق تفحصوا فيهن ووقعت عينا زعيمهم على وجه تاجوج وجسمها وترك قطاع الطريق الإبل وما تملكه النساء من الذهب والفضة وصاروا يتصارعون على كسب هذه الحسناء الفريدة ووقع فيهم الموت وفي تلك اللحظة تسلل شيخ من قطاع الطريق نحو النساء وغرس رمحه في صدر تاجوج فانهارت تلك الحسناء ولفظت أنفاسها في منطقة جنوب التاكا وسميت فيما بعد بتاجوج وفي المكان شجرتا دوم ما زال أثرهما باقياً حتى اليوم ودفنت تاجوج في ذلك المكان حيث أشجار الدوم والهجليج وصار المكان مدرسة باسم تاجوج.
ويقول الطيب إن الشيخ ود علي مات في أقصى ديار الحمران ودفن في مقبرة الشيخ حماد الحمراني كذلك رأيت قبر محلق جوار قبر الشيخ ود علي والقبران في فلاة عناتر... رحمهم الله وغفر لهم فالمحلق والشيخ في مقبرة واحدة.. أما تاجوج فمرقدها التاكا جنوب كسلا.
أما قصة تاجوج ومحلق فلم ينتبه لها أحد من الكتاب الكبار، رغم أنه لم يثبت في تاريخ السودان منذ المملكة السنارية ومن قبلها أن ظهرت حسناء في مقام تاجوج التي تنتمي إلى قبيلة الحمران التي تنداح ديارها في الحدود الشرقية للسودان عند تخوم أثيوبيا واريتريا حيث يفصل أثيوبيا واريتريا نهر (ستيت) وتسكن قبائل الحمران حول نهر ستيت والفلوات الأخرى وعاصمة الحمران مدينة ود الحليو.
كتب الرحالة جيمس براون فصلاً في كتابه المعروف بأعالي النيل الأزرق، عن قبيلة الحمران وقال إنهم كانوا أهل رعي وزراعة وتجارة ولهم معرفة بأعمال الفروسية وصيد الوحوش الضارية في البحر والبر.
ويقول الكاتب السوداني الطيب محمد الطيب ان الملكة الانجليزية أوفدت جيمس براون مع بعثة لاكتشاف أعالي النيل ووصل الرجل بعد مشقة إلى مديرية الحمران المعروفة بمديرية الجيرة ولما وصل سير براون دهش من روعة الطبيعة وبسالة رجال القبيلة الفرسان والشجعان وانخرط معهم في صداقة مخلصة وتعلم منهم أنواع الفروسية وصيد الكواسر خاصة الفيل يحيطون بأرجل الفيل الأربعة كل صائد يتولى ضرب رجل من أرجل الفيل فينهكونه ويثخنونه بالجروح فينهار ذلك الجسم الضخم ويوزعون لحم الفيل. وقد جاراهم مستر براون ومكث معهم سنتين وأكثر. كان ذلك في حوالي 1846 ميلادية ونسي الخواجة المهمة التي جاء من أجلها فاندفع في الصيد وصراع الوحوش الضارية... كل هذا وغيره كتبه المستر براون في كتابه عن الحمران ومنابع النيل الأزرق وترجم الكتاب لعدة لغات منها الانجليزية والعربية، ثم قفل راجعاً لدياره بعد تلك الرحلة النادرة والموفقة.
زعيم الحمران
ويقول الطيب إن زعيم الحمران هو الشيخ محمد علي الهاكين والد الحسناء تاجوج وقد ولدت تاجوج في بقعة تعرف باسم عناتر غرب الهدندوة وشمال ديار الحمران.
ولدت الحسناء في تلك الأماكن البعيدة واسماها أبوها الشيخ ود علي الهاكين (ملكة) ولما لم تر أعين النساء طفلة في هيئة هذه الطفلة، سميت من الحسد تاجوج وهو اسم لم يكن معروفاً في تلك الجهات.
محلّق
ويقول الطيب إن زعيم الحمران كان له ابن أخت واحد اسمه محلق أو (مهلق) وكان فتى معجبا بنفسه وكان يجاري الفتيان في نهب الإبل والذي يعرف (بالمهجر) وهو الترصد لإبل الآخرين كما يسمى النهيض وذلك قبل انتشار كلمة همباتة الشائعة في هذا الزمان.
وصادفت زيارة محلق أيام عرس برزت فيه الفتيات.. وكل واحدة تدل بجمالها وكانت أروعهن تاجوج بنت خاله الشيخ ود علي. فرجع من بيت الحفل يرتعد من الحمى وسأل أمه عن هذه الفتاة فقالت له هي بنت خالك فقال لها أطلبيها في هذه الليلة إلا أن والدته قالت له خالك لا يمكن أن يناسب (النهاضين).
وإذا أعلنت توبتك وأقلعت عن هذا الفعل فأنا أضمن لك الزواج منها. فذهبت وأخبرت أخاها الشيخ بما طلبه ابنها فقال لا مانع عندي إذا أقلع عن مهاجمة القبائل وأقلع عن التصدي للإبل، فتعهدت أمه وأتت به عند الفجر فأعلن توبته النصوح فاجازه خاله ووافق على زواج تاجوج منه.
وكانت للفتاة علاقة مبدئية بخصوص الزواج والزوج المقترح اسمه (ود جويل) فاقنعته أم تاجوج بعد أن تقدم ابن خالها. فتراجع ود جويل وتم زواج محلق من بنت خاله واكتشف فيها جمالاً اخاذاً غير الذي تراه أعين الناس. وهاجه هذا الحال. واتفقت البنت وأمها على الطلاق وبحيلة فكان الطلاق واقعاً عليه بعد معاهدة سابقة. إذ طلب منها أن تتعرّى فوافقت بشرط أن تستجيب له فوافق، ووافقت فكان طلبها الطلاق فوقع محلق في شر أعماله واعترته حالة من الذهول وفقد الذاكرة وصار يتغنى باسم تاجوج وهو محرم عرفياً ذكر المرأة أماً واختاً فضلاً عن الزوجة. وكان محلق صاحب ملكة فنية وصوت رائع في الغناء فصار يتغنى باسمها النهار والليل «تاجوج» إلى أن قدموه إلى الأطباء والبصراء والمشايخ والفقهاء وأصحاب الملكات في مقارعة السحر فلم تفعل العزيمة فيه شيئاً يذكر.
وللمجنون زائغ العقل والبصيرة ديوان كامل في الشعر وكله روائع ينعى فيه أيامه الماضية والحاضرة.. وأكثر الناس من الاضافات والخرافات حتى صار اسم تاجوج واسم محلق أساطير لا واقعاً عاشه الناس. وانتهى حال محلق ضائعاً مغلوباً على أمره.
نهاية تاجوج
كما انتهى حال محلق. فقد انتهت حالة تاجوج بمأساة كانت هي ضحيتها إذ اغتالها شيخ من قطاع الطريق في ضاحية من ضواحي التاكا جنوب كسلا الحالية.. فكان موقع مصرعها واضحاً لمن يريد أن يعرف شيئاً عن هلاك هذه الفاتنة. والقصة تحكي أن بين الحمران وبعض بيوت الشرق صلات رحم وذهب الرجال إلى محل المأتم وذهبت النساء لحالهن ولا حماية لهن من المغادير... وتروي القصة أنه ولحظهن العاثر صادفهن رهط من قطاع الطريق تفحصوا فيهن ووقعت عينا زعيمهم على وجه تاجوج وجسمها وترك قطاع الطريق الإبل وما تملكه النساء من الذهب والفضة وصاروا يتصارعون على كسب هذه الحسناء الفريدة ووقع فيهم الموت وفي تلك اللحظة تسلل شيخ من قطاع الطريق نحو النساء وغرس رمحه في صدر تاجوج فانهارت تلك الحسناء ولفظت أنفاسها في منطقة جنوب التاكا وسميت فيما بعد بتاجوج وفي المكان شجرتا دوم ما زال أثرهما باقياً حتى اليوم ودفنت تاجوج في ذلك المكان حيث أشجار الدوم والهجليج وصار المكان مدرسة باسم تاجوج.
ويقول الطيب إن الشيخ ود علي مات في أقصى ديار الحمران ودفن في مقبرة الشيخ حماد الحمراني كذلك رأيت قبر محلق جوار قبر الشيخ ود علي والقبران في فلاة عناتر... رحمهم الله وغفر لهم فالمحلق والشيخ في مقبرة واحدة.. أما تاجوج فمرقدها التاكا جنوب كسلا.