المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن جاءكم فاسق بنبأ



أبنوس
27-02-2007, 07:36 PM
أتحدث عن الإحساس بالذنب ... هذه العـقدة النادرة التي تمكنت مدنية قرننا الحالي مشكورة من استئصالها من النفوس ، حتى لم تعد توجد إلا عند شرذمة قليلة ممن لم ينصاعوا للعلاج ، فظلوا محصورين ضمن تعاليم القرن الأول الهجري.
أن تحس بالذنب – حسب تعريف علم
النفس – يعني أنك أدركت خطأك بعد فوات الأوان ، فتضطرب، وتـقلق، وتبصق على نفسك مقدارا يتناسب مع حجم إحساسك البغيض، ولن ينـفعك أن تولول كثور (........) أصيب بالفضيحة.
دعني أضعك في صورة حدث .. مثال بسيط جدا .. لنـفرض جدلا أنك - أنا لا أعنيك أنت بالذات ولكني أفترض - لنفترض أنك تحمل فكرة قبيحة عن فلان الفلاني .. أنه مثلا نذل ، ودنيء ، ومنحرف ، وتافه ، وسخيف ، ومؤلم ، ومنحط ، وحشرة وما إلى ذلك .. وهو يعرف
أن هذا هو رأيك فيه – هذه نـقطة مهمة في مثالنا – تلتـقيه يوما في مناسبة ما ..
مصادفة أو مع سبق الترصد ، فيحييك بأدب ، ويجاملك بلباقة ، ويحدثك بود ويسألك عن صحة المدام ، ويضحك لنكاتك السخيفة ، ويقنعك بآرائه وما أن يغادرك حتى تبدو كرجل مسلوب كحصان مصاب بدوار الخيل ..
إن قلت لا شيء ، فأنت أبله ، غبي وبعبارة أخرى، أنت مصاب بالحضارة .. إن جهازك العصبي سيضطرب شئت أم أبيت - هذا تشخيص طبي وليس من عندي - وستحدث في عـقلك فوضى لا تنـفعها كل هندسة الديكور .. وكلما قابلته بعد ذلك ، ستتخبط في كلامك مثل عصفور علق جناحه .. تتعثر حول موضوع النـقاش .. وتناور بحثا عن ثغرة للدخول.. وفي النهاية تستسلم كفأر يائس .. بل وأغامر بالقول أنك لن تجرؤ على تـفنيد مزاعمه حتى لو أصر على أن كوكب الأرض لايدور!... وأن لويس الرابع عشر كان عضوا في الكونغرس الأمريكي !
إنك تحس بالذنب – هنا بيت الـقصيد - تشعر بأنك ظلمته واعتديت عليه ،
وإذا كنت تملك ذرة إضافية من العقل فسوف تدرك أن خيبة أملك فيه ، هي دليل قاطع دامغ لا ريب فيه ، على جهلك وغبائك وتسرعك في إطلاق الأحكام على الآخرين.
وهذه الآية الكريمة تنطبق عليك وعلى من يوسوس لك – شكرا
تبدأ باستعراض الماضي : الوقائع والأدلة والـقرائن والشهود ، ثم حيثيات الحكم وأخيرا قرار الإدانة.
بأمانة ذاتية وصدق مع نـفسك تعترف بأنك لم تنظر في الوقائع ولا في الأدلة ولا في الـقرائن ولا استمعت إلى شهود عدل .. فورا إلى قرار ظالم يستند إلى حيثيات منهارة ، هي عبارة عن افتراءات لا محل لها من الإعراب .
المشكلة الآن مع نـفسك ، فـفلان الفلاني هذا لم يعد له دور .. وكان واحد من اثنين ..
بقول الشاعر :
إذا سترافق عـقدة الذنب هذه ، عـقدة أخرى أشد استحكاما ، هي اكتشافك لنفسك الموبوءة بالرعونة والطيش ، عندما نطـقت بحكمك الأول عليه .

أبنوس
27-02-2007, 07:39 PM
تبدأ باستعراض الماضي : الوقائع والأدلة والـقرائن والشهود ، ثم حيثيات الحكم وأخيرا قرار الإدانة.
بأمانة ذاتية وصدق مع نـفسك تعترف بأنك لم تنظر في الوقائع ولا في الأدلة ولا في الـقرائن ولا استمعت إلى شهود عدل .. فورا إلى قرار ظالم يستند إلى حيثيات منهارة ، هي عبارة عن افتراءات لا محل لها من الإعراب .
المشكلة الآن مع نـفسك ، فـفلان الفلاني هذا لم يعد له دور .. وكان واحد من اثنين ..
إما أنه لم يبال بحكمك عليه ولم يتعطف بالرد عملا
بقول الشاعر :
إذا جاريت في خلق دنيئا
فأنت ومن تجاريه سواء
وهو كره أن يساويك فلم يجارك وبالتالي فهو أكبر منك نفسا ،
وإما أنه سامحك وغفر لك ، وبالتالي هو أفضل منك خلقا
المشكلة الآن مع نفسك ..
بل المشاكل فهي ليست واحدة : هناك أولا افتراءاتك عليه ، وهناك ثانيا حكمك العلني ضده ، وهناك ثالثا تغاضيه عن حقارتك ، أو عـفوه عنك ، أي أفضليته عليك ، ثم .. لماذا هو أفضل مني؟
- هكذا ستتساءل بكل وقاحة - فبعد كل ما جرى تريد أن تكون أنت الأفضل ؟؟؟
أمرك عجيب !
نعود الآن إلى الأمانة الذاتية والصدق مع النفس .. إذا وقعت بينهما فعلى الدنيا السلام .. سوف تلخص كل إحساساتك في لعنة موزونة تسددها بإحكام على رأسك الأجوف ، ثم تتخذ قرارا شبه حكيم : إذا التقيت خصمك في الطريق ، يجب أن تـفر من وجهه ، طبعا ، وإلا فبأي لون تـقابله ؟
ليس لديك إلا احمرار الوجنتين واصفرار الشفتين ، وتغضن الجبين ، أما اللون الوردي الطبيعي الذي يتمتع به كل خلق الله ، فأنت لم تعد تملكه .. أنت مسلوب الصفات النظامية.. محتل
– وهذا النوع من الاحتلال ، هو الوحيد الذي لا تنـفع معه ثورة أو تمرد أو انتـفاضة ، ولا يجتمع من أجله مجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة.
سأسديك نصيحة لوجه الله :
لا تتسرع في إطلاق الأحكام ، ولا تستند إلى تخمينات البتة ..
"إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "
وهذه الآية الكريمة تنطبق عليك وعلى من يوسوس لك – شكرا

ملاحظة
لم أقصد شخـصا معينا في ذلك