salwa
16-02-2007, 06:18 AM
أعزائي المربين:
من منّا لا يحب أن يرى أبناءه ناجحين موفقين في دينهم وفي جميع مناحي حياتهم؟..
كلنا بالطبع يحب ذلك، بل هو هدفنا الأول تجاه أبنائنا، ولكن لا يمكن أن نصل إليه من خلال التمني والأحلام فقط، لابد من الاهتمام بعملية التربية ومراجعة النفس في الأسلوب التربوي الذي ينتهجه كل منّا، هل هو بنّاء أم هدّام؟ هل هو صواب أم خطأ؟ هل جربنا أن نعتمد أسلوب التشجيع في تربيتنا لأبنائنا؟ إنه أسلوب فذ، ولذلك نبسط الحديث عنه اليوم إن شاء الله.
إنّ النفس البشرية تميل بطبعها إلى الراحة وتؤثر السلامة وتتخوف من التضحية، بينما الحياة الطيبة لابد لها من كفاح ومعاناة، ومن أفضل ما يدفع المرء إلى المعالي: أسلوب التشجيع، بل هو الذي يعتبر وقود الحياة والحافز الأساسي وراء كل ابتكار أو عمل مفيد ونافع.
ولكلمات التشجيع أثر قوي في تحريك وفعالية المجتمع كاملاً بمختلف فئاته وأعماره، ودفعه لتحقيق الغايات المطلوبة منه، إنها توّلد في النفس الرغبة والاستعداد للعمل كما تمنح الفرد - صغيراً كان أو كبيراً- العطاء السخي والقوة والطاقة، ولها أثر كالسحر في حفز الهمم والارتفاع بها وتفجير الطاقات الكامنة في نفس الإنسان.
يعمل التشجيع على شحن الإنسان بقوة كهربائية تحركه دون أن يدري، ولقد خاطبنا الله تعالى نحن المكلفين بأسلوب الحفز والتشجيع في مواطن عدة من كتابه العزيز:
قال تعالى: (وَََلا تَسْتَوي الحَسَنَةُ وَلا السَيّئةُ ادْفَع بِالتِي هِيَ أحْسَنُ فَإِذَا الذِي بَيْنَك وبَيْنَه عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلىٌ حَمِيم، ومَا يُلقَاهَا إِلا الذَينَ صَبَرُوا ومَا يُلقَاهَا إلاَّ ذُو حَظٍ عَظِيم، وإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَيْطَانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ باللهِ إنه هُوَ السَمِيعُ العَلِيم) (فصلت آية 34-36)، وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِكُم وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السَمَوَاتِ وَالأرْضِ أعِدتْ للمُتَقِين، الذينَ يُنْفِقُونَ فِي السَرَاءِ وَالضَرَاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ والعَافِينَ عَنِ النَاسِ والله ُيُحِبُ المُحْسِنِين، والذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفَسَهُم ذَكَرُوا الله َفاسْتَغْفَرُوا لِذِنُوبِهم وَمَنْ يَغْفِرُ الذنوب إِلا الله َوَلمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون، أولِئكَ جَزَاؤُهُم مَغْفِرةٌ مِنْ رَبِّهِم وجَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلين) (آل عمران، آية 133- 136).
ولو تأملنا في روعة الخطاب القرآني وقوة تأثيره، ففي الآية الأولى يخاطب المسلم الذي بينه وبين أخيه عداوة فيسير معه ويعلمه كيف يقلب هذه العداوة إلى محبة حميمة ويعرفه فضل هذه المنزلة وأنها تحتاج إلى صبر.
وفي الآية الثانية: تحفيز وتشجيع وكأن المؤمن يرى الجنة فعلاً ويجري ويتسابق لكي يصل إليها ولكن كيف؟ عن طريق إزاحة صفات ذميمة مثل البخل وثورة الغضب وحب الانتقام للنفس والإسراف على النفس في الذنوب، لتحل محلها صفات المؤمن الذي أُهِّل لهذا السباق فنجده ينفق من ماله ليس في السراء فقط ولكن في السرّاء والضرّاء.. في الرخاء والشدّة، ويكتم غيظه لله ويعفو إذا قدر على الانتقام، ونجده توّاباً طاهراً إذا وقع في معصية -ولابد- يسارع في العودة إلى الله والاستغفار، ثم يعيد علينا تصوير الجزاء في الآخرة تشجيعاً وتحفيزاً وتثبيتاً لمن يجاهد نفسه ويدخل في هذا السباق العظيم.
كذلك في السنة النبوية الغرّاء:
نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد أسلوب التشجيع والتحفيز في تربية الصحابة وأبنائهم- رضي الله عنهم جميعاً-
- فكان إذا أمر أصحابه بأمر بدأ بنفسه وشاركهم فيه وهذا من التشجيع العملي لهم:
فقد مرّ على قوم وهم يرمون فقال: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً"، وحفر الخندق مع أصحابه بيده الشريفة ولم يكتفِ بالإشراف عليهم وأنشدهم محفزاً:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فارحم الأنصار والمهاجرة
- وكان يربيهم على معالي الأمور:
فكان يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها".
وعن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: "سَلْ!" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال:" أوغير ذلك؟" قلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة السجود".
هكذا يشجع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي ربيعة على علو همته وطلبه العالي ويدفعه إلى العبادة العملية التي توصله إلى ذلك فلا يبقى طلبه مجرد أماني وأحلام، ولكن اجتهاد وسعي لكي يصل إلى غايته بتوفيق من الله تعالى.
ولقد أضافه الحكماء -أي التشجيع- على قائمة القوى المحركة مثل المال والذهب والقوة البشرية، وأدمن عليه القادة والزعماء والولاة والأمراء والآباء والمربون مع من هم تحت قيادتهم وولايتهم، فكلمة الشكر أو عبارة الإطراء أو خطاب الشكر والتقدير تجعل الإنسان يكاد يقتل نفسه ليعطي وينتج.
وإذا كان الكبار يموتون حماساً وهمّة بدافع التشجيع فكيف بالأطفال الصغار أصحاب القلوب النقية الخضراء؟
لماذا لا ندفعهم إلى العطاء والإنجاز عبر شذى التشجيع وعبيره؟
إن عقولهم النامية وأنفسهم الواعدة تحتاج بشدة إلى هذا النوع من الغذاء الذي يوّلد فيهم الحماس ويرفع مستوى قدراتهم في أداء المطلوب منهم.
فإذا كان لديك -عزيزي المربي- ولد مهمل وأردت أن تغرس فيه عادات النظام والترتيب وأن تدفعه إلى الأمام ليطبقها حتى تصير له عادة فلتمدح محاولاته المتواضعة وجهوده الضعيفة في أن يكون منظماً، لكي تقوي الحافز لديه عن طريق إشباع حاجته من الكلمات الدافعة المقوية لعزائمه.
فالولد في معظم الأحوال يتقمص الدور الذي يعطى له والموقع الذي يوضع فيه والفكرة التي تصل إليه عن نفسه وذاته، فإذا أردت دفع الولد إلى الأمام افترض أن سلوكه حسن وأنه مجتهد وأنه متعاون ولديه استعداد لأن يكون منظماً، وابدأ في بثه العبارات التي توصل له هذه الفكرة الإيجابية عن نفسه وذاته، فتقول له:
(من الصفات الطيبة فيك يا أحمد حرصك على أداء الواجبات مبكراً وإنهاء المذاكرة أولاً بأول، ولو أنك أضفت إليها العناية بترتيب حجرتك ستكون حقاً ولداً رائعاً، إن ذلك يهيئ لك جواً مريحاً لمذاكرتك!) ثم بعد محاولة أحمد العملية يأتي دور التشجيع مهما كانت محاولة الابن ضعيفة في نتائجها، فينبغي تشجيعه وتدعيمه المرة بعد المرة حتى يزول السلوك أو العادة الخاطئة ويحل محلها السلوك المنضبط أو العادة الحسنة.
كما أن للتشجيع دوراً قوياً عند محاسبة الأولاد خلال تقصيرهم في واجباتهم الدراسية أو أثناء ضبط سلوكياتهم، حيث إن المسافة التي يشعر الأولاد أنهم فقدوها تكون كبيرة في تقديرهم، لأن التشجيع وضعهم في مواقع عالية لكنهم نزلوا منها وهبطوا بعض الدرجات ولذلك فإنهم سيعالجون وضعهم غالباً بدون محّرك خارجي بل بدافع من داخل أنفسهم.
إن هذه الطريقة وهذا الأسلوب يقود الأولاد إلى المسالك الجيدة ويبعث فيهم العزم والتصميم وملازمة الصفات الجميلة التي يسعون إلى إثبات وجودها في شخصياتهم من خلال عطائهم وتعاملهم.
لقد أثبتت التجارب التربوية أن ابنك يسير حسب القالب الذي تضعه أنت فيه فإذا قلت له: "أنت غبي" أحس بالغباء وأخذ يتلمس الجوانب التي تضعه على حدود هذا الوصف، ولاسيما أنه يتصور أن حكم الكبار صائب وقطعي، وإذا قلت لابنك: "أنت ذكي"، ذهب لكي يستثمر كل إمكانات الذكاء لديه ليثبت أنه كذلك ولكي يحافظ على هذا الثوب الحسن الذي ألبسته إياه ويستمر في لبسه ويشعر أنه ملكه وأنه لابد أن يحافظ عليه.
وهكذا أعزائي الآباء والمربين:
إنّ كلاً منا يتمنى ويسعى لأن يبني في أولاده كل صروح الأخلاق والفضيلة والاستقامة على الدين والتفاعل الجيد مع مجتمعاتهم، ألا فلنعلم أن اعتماد أسلوب الحفز والتشجيع والتدعيم النفسي القوي لأبنائنا لن يكلفنا الكثير.. لن يكلفنا سوى التأني عند وقوع الأبناء في أي خطأ وسياستهم بالطرق الإيجابية التي تحفزهم للخروج منه، ثم دفعهم دوماً للأمام وإعلاء هممهم وترغيبهم في معالي الأمور.
إنها كلمات طيبة بسيطة ومؤثرة جداً فليتنا لا نبخل بها على أبنائنا الأحباء.
من منّا لا يحب أن يرى أبناءه ناجحين موفقين في دينهم وفي جميع مناحي حياتهم؟..
كلنا بالطبع يحب ذلك، بل هو هدفنا الأول تجاه أبنائنا، ولكن لا يمكن أن نصل إليه من خلال التمني والأحلام فقط، لابد من الاهتمام بعملية التربية ومراجعة النفس في الأسلوب التربوي الذي ينتهجه كل منّا، هل هو بنّاء أم هدّام؟ هل هو صواب أم خطأ؟ هل جربنا أن نعتمد أسلوب التشجيع في تربيتنا لأبنائنا؟ إنه أسلوب فذ، ولذلك نبسط الحديث عنه اليوم إن شاء الله.
إنّ النفس البشرية تميل بطبعها إلى الراحة وتؤثر السلامة وتتخوف من التضحية، بينما الحياة الطيبة لابد لها من كفاح ومعاناة، ومن أفضل ما يدفع المرء إلى المعالي: أسلوب التشجيع، بل هو الذي يعتبر وقود الحياة والحافز الأساسي وراء كل ابتكار أو عمل مفيد ونافع.
ولكلمات التشجيع أثر قوي في تحريك وفعالية المجتمع كاملاً بمختلف فئاته وأعماره، ودفعه لتحقيق الغايات المطلوبة منه، إنها توّلد في النفس الرغبة والاستعداد للعمل كما تمنح الفرد - صغيراً كان أو كبيراً- العطاء السخي والقوة والطاقة، ولها أثر كالسحر في حفز الهمم والارتفاع بها وتفجير الطاقات الكامنة في نفس الإنسان.
يعمل التشجيع على شحن الإنسان بقوة كهربائية تحركه دون أن يدري، ولقد خاطبنا الله تعالى نحن المكلفين بأسلوب الحفز والتشجيع في مواطن عدة من كتابه العزيز:
قال تعالى: (وَََلا تَسْتَوي الحَسَنَةُ وَلا السَيّئةُ ادْفَع بِالتِي هِيَ أحْسَنُ فَإِذَا الذِي بَيْنَك وبَيْنَه عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلىٌ حَمِيم، ومَا يُلقَاهَا إِلا الذَينَ صَبَرُوا ومَا يُلقَاهَا إلاَّ ذُو حَظٍ عَظِيم، وإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَيْطَانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ باللهِ إنه هُوَ السَمِيعُ العَلِيم) (فصلت آية 34-36)، وقال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِكُم وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السَمَوَاتِ وَالأرْضِ أعِدتْ للمُتَقِين، الذينَ يُنْفِقُونَ فِي السَرَاءِ وَالضَرَاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ والعَافِينَ عَنِ النَاسِ والله ُيُحِبُ المُحْسِنِين، والذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفَسَهُم ذَكَرُوا الله َفاسْتَغْفَرُوا لِذِنُوبِهم وَمَنْ يَغْفِرُ الذنوب إِلا الله َوَلمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون، أولِئكَ جَزَاؤُهُم مَغْفِرةٌ مِنْ رَبِّهِم وجَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلين) (آل عمران، آية 133- 136).
ولو تأملنا في روعة الخطاب القرآني وقوة تأثيره، ففي الآية الأولى يخاطب المسلم الذي بينه وبين أخيه عداوة فيسير معه ويعلمه كيف يقلب هذه العداوة إلى محبة حميمة ويعرفه فضل هذه المنزلة وأنها تحتاج إلى صبر.
وفي الآية الثانية: تحفيز وتشجيع وكأن المؤمن يرى الجنة فعلاً ويجري ويتسابق لكي يصل إليها ولكن كيف؟ عن طريق إزاحة صفات ذميمة مثل البخل وثورة الغضب وحب الانتقام للنفس والإسراف على النفس في الذنوب، لتحل محلها صفات المؤمن الذي أُهِّل لهذا السباق فنجده ينفق من ماله ليس في السراء فقط ولكن في السرّاء والضرّاء.. في الرخاء والشدّة، ويكتم غيظه لله ويعفو إذا قدر على الانتقام، ونجده توّاباً طاهراً إذا وقع في معصية -ولابد- يسارع في العودة إلى الله والاستغفار، ثم يعيد علينا تصوير الجزاء في الآخرة تشجيعاً وتحفيزاً وتثبيتاً لمن يجاهد نفسه ويدخل في هذا السباق العظيم.
كذلك في السنة النبوية الغرّاء:
نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد أسلوب التشجيع والتحفيز في تربية الصحابة وأبنائهم- رضي الله عنهم جميعاً-
- فكان إذا أمر أصحابه بأمر بدأ بنفسه وشاركهم فيه وهذا من التشجيع العملي لهم:
فقد مرّ على قوم وهم يرمون فقال: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً"، وحفر الخندق مع أصحابه بيده الشريفة ولم يكتفِ بالإشراف عليهم وأنشدهم محفزاً:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فارحم الأنصار والمهاجرة
- وكان يربيهم على معالي الأمور:
فكان يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها".
وعن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: "سَلْ!" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال:" أوغير ذلك؟" قلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة السجود".
هكذا يشجع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي ربيعة على علو همته وطلبه العالي ويدفعه إلى العبادة العملية التي توصله إلى ذلك فلا يبقى طلبه مجرد أماني وأحلام، ولكن اجتهاد وسعي لكي يصل إلى غايته بتوفيق من الله تعالى.
ولقد أضافه الحكماء -أي التشجيع- على قائمة القوى المحركة مثل المال والذهب والقوة البشرية، وأدمن عليه القادة والزعماء والولاة والأمراء والآباء والمربون مع من هم تحت قيادتهم وولايتهم، فكلمة الشكر أو عبارة الإطراء أو خطاب الشكر والتقدير تجعل الإنسان يكاد يقتل نفسه ليعطي وينتج.
وإذا كان الكبار يموتون حماساً وهمّة بدافع التشجيع فكيف بالأطفال الصغار أصحاب القلوب النقية الخضراء؟
لماذا لا ندفعهم إلى العطاء والإنجاز عبر شذى التشجيع وعبيره؟
إن عقولهم النامية وأنفسهم الواعدة تحتاج بشدة إلى هذا النوع من الغذاء الذي يوّلد فيهم الحماس ويرفع مستوى قدراتهم في أداء المطلوب منهم.
فإذا كان لديك -عزيزي المربي- ولد مهمل وأردت أن تغرس فيه عادات النظام والترتيب وأن تدفعه إلى الأمام ليطبقها حتى تصير له عادة فلتمدح محاولاته المتواضعة وجهوده الضعيفة في أن يكون منظماً، لكي تقوي الحافز لديه عن طريق إشباع حاجته من الكلمات الدافعة المقوية لعزائمه.
فالولد في معظم الأحوال يتقمص الدور الذي يعطى له والموقع الذي يوضع فيه والفكرة التي تصل إليه عن نفسه وذاته، فإذا أردت دفع الولد إلى الأمام افترض أن سلوكه حسن وأنه مجتهد وأنه متعاون ولديه استعداد لأن يكون منظماً، وابدأ في بثه العبارات التي توصل له هذه الفكرة الإيجابية عن نفسه وذاته، فتقول له:
(من الصفات الطيبة فيك يا أحمد حرصك على أداء الواجبات مبكراً وإنهاء المذاكرة أولاً بأول، ولو أنك أضفت إليها العناية بترتيب حجرتك ستكون حقاً ولداً رائعاً، إن ذلك يهيئ لك جواً مريحاً لمذاكرتك!) ثم بعد محاولة أحمد العملية يأتي دور التشجيع مهما كانت محاولة الابن ضعيفة في نتائجها، فينبغي تشجيعه وتدعيمه المرة بعد المرة حتى يزول السلوك أو العادة الخاطئة ويحل محلها السلوك المنضبط أو العادة الحسنة.
كما أن للتشجيع دوراً قوياً عند محاسبة الأولاد خلال تقصيرهم في واجباتهم الدراسية أو أثناء ضبط سلوكياتهم، حيث إن المسافة التي يشعر الأولاد أنهم فقدوها تكون كبيرة في تقديرهم، لأن التشجيع وضعهم في مواقع عالية لكنهم نزلوا منها وهبطوا بعض الدرجات ولذلك فإنهم سيعالجون وضعهم غالباً بدون محّرك خارجي بل بدافع من داخل أنفسهم.
إن هذه الطريقة وهذا الأسلوب يقود الأولاد إلى المسالك الجيدة ويبعث فيهم العزم والتصميم وملازمة الصفات الجميلة التي يسعون إلى إثبات وجودها في شخصياتهم من خلال عطائهم وتعاملهم.
لقد أثبتت التجارب التربوية أن ابنك يسير حسب القالب الذي تضعه أنت فيه فإذا قلت له: "أنت غبي" أحس بالغباء وأخذ يتلمس الجوانب التي تضعه على حدود هذا الوصف، ولاسيما أنه يتصور أن حكم الكبار صائب وقطعي، وإذا قلت لابنك: "أنت ذكي"، ذهب لكي يستثمر كل إمكانات الذكاء لديه ليثبت أنه كذلك ولكي يحافظ على هذا الثوب الحسن الذي ألبسته إياه ويستمر في لبسه ويشعر أنه ملكه وأنه لابد أن يحافظ عليه.
وهكذا أعزائي الآباء والمربين:
إنّ كلاً منا يتمنى ويسعى لأن يبني في أولاده كل صروح الأخلاق والفضيلة والاستقامة على الدين والتفاعل الجيد مع مجتمعاتهم، ألا فلنعلم أن اعتماد أسلوب الحفز والتشجيع والتدعيم النفسي القوي لأبنائنا لن يكلفنا الكثير.. لن يكلفنا سوى التأني عند وقوع الأبناء في أي خطأ وسياستهم بالطرق الإيجابية التي تحفزهم للخروج منه، ثم دفعهم دوماً للأمام وإعلاء هممهم وترغيبهم في معالي الأمور.
إنها كلمات طيبة بسيطة ومؤثرة جداً فليتنا لا نبخل بها على أبنائنا الأحباء.