المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصمــــــــــــــت ام البــــــــــــــــــــــــــــــوح



القلب الطيب
07-12-2006, 07:32 AM
الصمت أم البوح




أيهما أفضل للمرء أن يبوح بحزنه ، وشجنه ، وألمه للآخرين بكل طيبه ،ووداعه أم أن يصمت ويكتم صرخته الموجوعة بداخله حتى لا يأسى ويندم ؟
سؤال صعب ، ومعادلة حرجه .. لأن لكل اختيار تبعاته ، وآثاره ، ومسبباته .. وما بين الصمت والبوح ، أو البوح والصمت .. تمضي رحله الحياة بأفراحها وأتراحها ، وابتسامتها ودموعها .....


الصمت ......
أحيانا يحتاج الإنسان في لحظات شفافة إلى الصمت مع الذات ، والتوحد مع النفس ، والى سماع صوته الداخلي ، ومراجعه ماضيه وحاضره ومستقبله ..
إن الصمت فيه صخب أحيانا ، وهو بمثابة التفكير بصوت عال لأن الصمت مزرعة خصبه تنمو فيها كل الأفكار والتأملات ، وكما قال " تشيكوف " :" الصمت هو أحد فنون المحادثة " كما أن أفضل وسيله لإسعاد الآخرين هو الاستماع إليهم ، والصمت يكون أحيانا اعتراف وأحيانا أخرى أفضل تعبير عن الاحتقار ، والإنسان الناجح هو الذي يعرف بالضبط متى يصمت ، وأجد أني شخصيا أؤثر الصمت كلما شعرت بالقرب من إنسان حميم وغال ، أحبه بصدق ، وأوده بعمق لأن أبلغ حديث هو الصمت في الحب .. ويكفي أن يكون الإنسان بالقرب ممن يحب سواء تحدث معه أو نظر إليه أو استمع إلى حديثه ، أو استغرق في تفكيره ، وسواء اتجه إليه بفكره أو إلى أي موضوع آخر .
فالصمت هو الكلمة ، وفي الصمت نجد التأمل والتفكير والتفكر وفيه يأتي إلينا الآخرون ، ونراهم بشكل أوضح ، ونحبهم بشكل أعمق وأصدق ، ونتواصل معهم ومع جرحهم ، فالأميرة " أند رو " وهي من أحفاد الملكة " فكتوريا " ولدت صماء لا تسمع أبدا ، وتوقع الجميع لها حياه العنوسة ، فمن الذي سيتزوج امرأة صماء ، ولكن الذي حدث أن أميرا يونانيا وقع في حب الأميرة الصماء وتزوجها ، وكانت النتيجة أنها حملت الجنسية اليونانية ، وغيرت اسمها من " أليس " إلى " أند رو " الذي أصبح يحمله الأمير الصغير ، وهذه الأميرة الصماء التي وقعت في الحب مع الأمير اليوناني ، لزواجها قصه طريفة ، فعندما وقعت في الحب مع الأمير اليوناني ، وذهب الأمير ليخطبها قال له والدها :
هل تعرف أنها صماء ؟
أجاب الأمير : نعم .
الأب : ولكن يابني إنها لن تسمعك أبدا وأنت تحدثها عن الحب .
الأمير : سأراه في عينيها ، وستراه في عيني ، ولغة العيون لا تكذب ، وهي أبلغ من كل الكلام .
إن للصمت هنا لغته الخاصة ، وكأنها يفهمها رغم الصمت ، وعبر الصمت ،أو كأنهما اكتشفا لغة تخصهما وحدهما .
وعاشت الأميرة الصماء ، حياه رائعة مع زوجها وأنجبت منه الأبناء ، وظلت مخلصه له بعد وفاته ، حتى ماتت عن عمر يناهز الرابعة والثمانين ، وقبل أن تموت قالت :
" عشت حياه سعيدة لأنني حرمت نعمه السمع ، وهكذا لم أسمع ما يؤلمني أبدا " .
والصمت كما يقول : "شارل ديجول " " هو السلاح القاطع للقوه " كما أن المثل الاسكندنافي يقول لك تحدث قليلا مع غيرك ، وكثيرا مع نفسك ، كما أننا نختار الصمت أحيانا حينما نجد قلوب أحبتنا جوفاء ، ففي قصه أمريكية قصيرة قالت الزوجة لزوجها المشغول عنها بعمله ، وطموحه ، حينما سألها :
لماذا تنفقين وقتا طويلا كل مساء في كتابه " مذكراتك " فأجابته :
حين تعجز الزوجة عن الكلام مع زوجها فإنها " تتكلم " مع الورق .
وقد عجزت عن الكلام معك منذ فتره طويلة ، وافتقدت اهتمامك ، وعطفك ، ومشاركتك لي في مشاعري ، وعواطفي ، فبدأت " أتكلم " مع الورق ،و سأستمر في ذلك تجنبا للوحدة النفسية .. وللجنون .








البوح ......

الكلمة الرقيقة سهله ، وبسيطة ، ولكن صداها عميق ومؤثر ، لكن مشكله البشر أنهم يحاولون إخفاء مشاعرهم الطيبة أكثر من إخفاء مشاعرهم العدوانية و أؤمن أن الكلمة الجارحة توازي أحيانا إطلاق رصاصه فنحن نستطيع أن نجرح الآخرين ، ونستطيع أكثر الاعتذار إليهم ، لكننا لا نستطيع أبدا أن نزيل الجرح أو محوه من مشاعرهم وقلوبهم ...و أجد أني اسأل نفسي بمرارة وحزن ، :
كم يستغرق من الوقت ، وكم يكلف من الجهد أن نعبر للآخرين عن مشاعرنا الإيجابية تجاههم ؟
ومتى نطلق طيور المحبة المسجونة خلف قضبان الصمت ، قبل أن نندم ، بعد رحيلهم أو فراقهم ؟
ومتى نردد بحب ، وشوق ، وتوق ، وذوق مع الشاعر العربي :" البهاء زهير ":
خبأت لكم حديثا في فؤادي لأتحفكم به عند التلاقي
لكن في الجانب الآخر، والضفة الأخرى .. من البوح ، نجد إننا في كثير من الأحيان والأوقات نشعر بحاجتنا لأن نقول أشياء نؤمن بها ، فنحن حين نتألم نصبح أكثر جرأه ، أكثر صدقا ، أكثر قسوة حتى على أنفسنا ، فنحن لا نصدق ألا مع من نحب ، ولا نواجه ألا من نحب بالحقيقة ، كما أننا لا نتعامل مع الآخرين بحسب نواياهم ، بل من خلال حديثهم ، وأعمالهم ، والفيلسوف " سقراط " قال ذات يوم لأحد تلامذته :" تكلم حتى أراك " . أي لكي أعرف شخصيتك الحقيقية من خلال أفكارك ، وأفهمك ، وألتمس لك العذر فلا بد لك من الحديث والتواصل .
والإنسان لا يثمر ولا ينجح حينما يعجز عن البوح ، ففي رواية " الطاعون " للكاتب الجزائري المولد والفرنسي الجنسية :" البير كامي " كان هناك موظف بسيط يدعى " جو زيف غران " قال ذات مره عبارة جميلة للطبيب " ريو " :" آه .. يا دكتور ، بودي لو أتعلم كيف أعبر عن أفكاري " وحينما رحلت عنه زوجته التي يحبها كثيرا ، قال جمله في غاية الصدق والعمق، والألم والندم :" كنا متفاهمين دون كلام ما ، كنا متحابين ، ولكن الحب لا يستمر دائما ، كان علي في لحظه من اللحظات أن أجد الكلمات التي كانت جديرة باستبقائها ، ولكني لم أستطع ".
والقائد الفرنسي " نابليون " أثر عنه قوله :" أنا أضعف من أن أكتم آلامي الشخصية ، وأحتفظ بها لنفسي وحدي " .
وفي مسرحيه الأديب الفرنسي " البير كامي " والتي بعنوان :" سؤ التفاهم " عاد الابن المهاجر بعد غيبه طويلة إلى بلدته ، وأقام في الفندق المهجور الذي تملكه أمه وأخته ، فلم يتعرفا عليه ، وفضل ألا يصارحهما بشخصيته في اليوم الأول من إقامته ليستمتع بالمفاجأة التي يعد لهما بعد قليل ، لكن النتيجة المأساوية أن قتلته أمه وشقيقته دون أن يعرفا شخصيته ، ليسرقاه لأن الفندق مهجور ، والمدينة صغيرة مخربة ، ولخص الأديب الفرنسي ، أزمة الشقاء الإنساني كلها في عبارة واحدة وهي :
" لو أن كلمة واحدة قد قيلت لما وقعت الجريمة ، لكن أحدا لم يقلها " .
وشقاء البشر ينتج أحيانا بسبب عجزهم عن النطق بكلمات بسيطة ، أو بسبب تفضيل البعض لأن يغلف نفسه بالصمت والغموض .
وكم من كلمة لو قيلت لتغيرت أشياء كثيرة كثيرة في حياتنا ...
ولأصبح البعيد قريبا ، والغريب حبيبا ، والعدو صديقا .
وكم من كلمة لو لم تقال ، لتغيرت أشياء كثيرة كثيرة في حياتنا ...
ولأصبح البعيد قريبا ، والغريب حبيبا ، والعدو صديقا .



:) مع تحيات الشيخ ابراهيم ود الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــوريبة

سواااح
07-12-2006, 08:16 AM
القلب الطيب ..

الحياة مدرسة منها نتعلم
ولكن بمقابل واحيانا يكون
الثمن باهظا جداً
لذا يجب علينا مزج خبرتنا
وكل ما اكتسبناه من معارف
وعلوم وغيرها لنتجاوز الصعاب..

دمــــــــــــــــت ،،