عبدالماجد موسى
05-11-2006, 03:03 AM
إنتا لسه ما أديت مرتك كف ؟
عند زيارتى للسودان إلتقيت فى مدينة كسلا بأحد أبناء الحى الذين يصغروننى سناً بحوالى خمس سنوات وقد أصبح ضخماً ( طول وعرض ووزن وقافية ) وزِد على ذلك الصوت الأجش الذى يكتسيه إلى حد الإزعاج وهو يصيح من الخارج :
يا جماعه ناس أوروبا ديل وين ؟
سمعت ذلك وأنا أتحدث مع والدتى وسألت قائلاً :
من هذا الرجل ؟ حتى لا أحرج بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات ، فقد تغيرت ملامح الناس كثيراً ، فقالوا لى هذا ( أبُو يَدْ )
وعلمت فيما بعد لِمَ سُمِّي بذلك
فقلت دعونى من الألقاب أريد إسمه الحقيقى ، فردوا بأنه ( عبدالعزيز ياسين ) فعادت ذاكرتى بسرعة البرق وتذكرته وتذكرت شجاراته اللسانية حتى وإن كان طرفها الآخر نسوة .
دخلت عليه هاشاً باشاً وأخذته بالأحضان وبادلنى ذلك فى وحشية صادقة إفتقدتها كثيراً ولأعوام طويله فى الغربة وبعد السلام وإعادت السلام مراراً وتكراراً بدأ الرجل فى إلقاء الأسئلة ولم يعطنى فرصة للإجابة عليها فقد كان يريد أن يعرف كل شىء فى نفس الوقت وطالت جلستنا وتشعبت الأسئلة وتفرعت وفى تلك الأثناء دخلت علينا إبنتى لـُبنى ذات التسع سنوات وهى تتحدث معى بإستنكار لأننى وعدتها بالخروج قبل أن يأتى ( أبو يد ) وقالت :
لقد وعدتنى بالخروج يا أبى ولكنك لم تهتم
فقلت لها : ألا ترين أن عندنا ضيوف ؟
فردت قائلة :
كان عليك أن تعتذر لى
فقلت لها وأنا أبتسم : آسف إن شاء الله فى المرة القادمة سأخرج معك
فقالت وهى تنظر إلي :
لا يا أبى أنا أدرى ، فعندما لا تريد أن تفعل شيئاً تقول لى إن شاء الله
فقلت : كلا يابنتى إن الأمر ليس كما تتصورين ، ولكننى تأثرت كثيراً لما قالته وسألت نفسى هل أنا حقاً كذلك ؟
وكان ( أبو يد ) فى تلك اللحظة يتابع الحوار فى صمت ٍ وإستنكار ، وعندما ذهبت إبنتى عاد إلى أسئلته وضحكاته المجلجلة وعرفت منه أنه تزوج من ثلاث نساء إحداهن كانت جارتنا ، وله تسع من الأبناء والبنات ( اللهم زد وبارك ) وأن زوجته الأخيرة حامل فى شهرها السابع ، فى تلك اللحظة نادتنى زوجتى فرددت عليها :
( كويس دقيقة ) ونسيت تلك الدقيقة مع الأسئلة المتتالية ( لأبى يد ) وبعد نصف ساعة أخرى نادتنى فقلت لها ( طيب جايى ) وإستأذنته وخرجت لأرى ماذا تريد .
وعندما عدت عاد أبو يد إلى أسئلته وقال فى إستغراب ٍ واضح :
أراك تتعامل مع أهلك كما يفعل الخواجات
قلت : كلا إن هذا من صميم الإسلام
فرد علي :
يازول نسوانا ديل مابنفع معاهم غير العين الحمرا وأسألنى أنا
فقلت كيف ؟
فقال : الواحده مابتمشى إلا بالشلوت والكفيت والنـِّهير
فقلت له : يعنى إنتا هسه بتدق مرتك ؟
فرد فى زهو : هو دق ساى ؟
دا فيهو نبذ ليها ولأبوها كمان ، وأردف قائلاً :
لكن بينى وبينك إتأدبوا أدب المدايح ثم قال فى فخر :
تعرف جدى الله يرحمه كان متزوج أربعه وكلهم فى حوش واحد ومافى واحده تقِل أدبها على التانية ماشات زى المسطرة ، ودخْـلتو للبيت كل واحده تجرى عشان تخدمو
فقلت فى إبتسام ٍ مستنكر :
جدك دا كان فرحان بالحكاية دى طبعاً مش كده ؟
فقال : كيف ؟ دا الأدب
والمره والأولاد لو ما إتأدبوا مابنفعوا ، يعنى إنتا هسه قاعد تتكلم معاى كيف مرتك تجى تناديك ؟
كيف يعنى ترفع صوتا قدام الرجال ؟
أو تجى بتك تقول ليك إنتا وعدتنى ... ياخى أديها كف عشان تعرف كيف تتكلم مع أبوها ، والله ما طالبنى حليفه أنا أحمِّـر لأي واحد من أولادى يقيف زى الصنم
وهنا شعرت فعلاً أن ( أبو يد ) خالى اليد واللسان أيضاً
فقلت فى نفسى : أنت من تستحق الصفع
ثم قال تعرف يا أبو أحمد أنا أمس القريبة دى أديت مرتى التانية كف سمح خلاص
قلت بسرعة مستغربة : ليه ؟
قال : شايله الشاى وتعاين لولدها بدل ما تعاين قدامها وإتعترت فى العتبة ودفقت فوقى الشاى
فقلت له : شايف ؟
إنتا قلت إتعترت ، يعنى ما قاصده وبدل ما تقوم تشوفها يمكن تكون إتعوقت ولا حصلت ليها حاجة تقوم تديها كف ؟ ، يا خى دى أمانه فى رقبتك
فقال : يا خى ديل ما بينفع معاهم إلا كدا
فقلت : يعنى إنتا نازل فى نساوينك وأولادك كفوف وشلاليت وشتايم وبالواضح كدا إرهاب أسرى ، وكان الرجل يضحك ضحكات فجائية دون أن يستدعى الأمر ضحكاً وكأنه كان يتخيل لحظات الصفع والركل التى وجهها لأسرته سابقاً وردود أفعالها عليهم .
ثم فجأة سألنى : إنتا لسه ما أديت مرتك كف ولا شنو ؟ !
فقلت له : أقول ليك حاجه ما حتصدقها
مش كف ولا حتى شتمتها أو شتمت أبوها أو أمها أو أى واحد من أخوانها أو قرايبها
فقال يبقى واحد من الإتنين يا إما إنتا خايف منها أو من أهلها أو أفهم إنك ما بتزعل خالص فى بيتك ؟
قلت : يعنى الواحد إذا ما ضرب زوجته يكون خايف منها أو من أهلها ؟ ياخى دا فهم غريب جداً !
ومسألة الزعل دى مافى بيت فى الدنيا خالى من الزعل والتعكير فى مراحل مختلفة ولأسباب عديدة ودا شى طبيعى ، فأنا أزعل ومرتى كمان تزعل والعلاقة أحياناً تتوتر ولكن الإحترام المتبادل بيننا لا يهتز فلا هى تخاف منى ولا أنا أرهبها أو أسىء إليها لأن الذى لا أرتضيه لنفسى لا أرضاه لغيرى حتى وإن لم تكن زوجتى وفى أحيان ٍ كثيرة أفضل الصمت على الكلام وصدقنى النتيجة دائماً أفضل لأن الكلام فى حالة الغضب غالباً ما يكون ذو نتائج عكسية ( والقوي من يملك نفسه عند الغضب )
وصل الحديث إلى نهاياته مع الرجل فقلت له :
تعرف فى واحد زيك كدا كان يدق مرتو كل يوم تقريباً وينهرها جيبى الأكل قوام
وين الشاى ؟
أكوى القميص حسى
دى شنو الفقر دى
فكانت كلما تجهز له الأكل ( تـَتـُفْ ) فى السلطه و( تمخِـطـْ فى الملاح ) وخاصة ً إذا كان الملاح ملاح ويكه أو أي حاجة من الحاجات ( اللايوقه ديك ) وتقدمه له وهى تضحك فى صوت مكتوم حتى تدمع عينيها وإن كانت فى شدة البكاء وكان صاحبنا لا يدرى ماذا كان يأكل طيلة السنوات الماضية وإلى الآن ، فتجهم وجه ( أبو يد ) وبدى كأنه يجتر ما أكله فى السنوات العشر الماضية حتى يرى إن كان فيه شيئاً مما ذكرت له ولكن هيهات .
ودعنى الرجل وودعته على أمل أن يزورنى قبل سفرى وكم أحسست بمعاناته بعد حديثى الأخير له وعلمت فيما بعد عند إتصالى بأسرتى أنه تغير كثيراً فى تعامله مع زوجاته وأبناءه وجيرانه أيضاً وسألونى السؤال الذى وجهته لهم بعض من زوجاته وهو :
ماذا قلت ( لأبى يد ) عندما زارك ذلك اليوم ؟
عند زيارتى للسودان إلتقيت فى مدينة كسلا بأحد أبناء الحى الذين يصغروننى سناً بحوالى خمس سنوات وقد أصبح ضخماً ( طول وعرض ووزن وقافية ) وزِد على ذلك الصوت الأجش الذى يكتسيه إلى حد الإزعاج وهو يصيح من الخارج :
يا جماعه ناس أوروبا ديل وين ؟
سمعت ذلك وأنا أتحدث مع والدتى وسألت قائلاً :
من هذا الرجل ؟ حتى لا أحرج بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات ، فقد تغيرت ملامح الناس كثيراً ، فقالوا لى هذا ( أبُو يَدْ )
وعلمت فيما بعد لِمَ سُمِّي بذلك
فقلت دعونى من الألقاب أريد إسمه الحقيقى ، فردوا بأنه ( عبدالعزيز ياسين ) فعادت ذاكرتى بسرعة البرق وتذكرته وتذكرت شجاراته اللسانية حتى وإن كان طرفها الآخر نسوة .
دخلت عليه هاشاً باشاً وأخذته بالأحضان وبادلنى ذلك فى وحشية صادقة إفتقدتها كثيراً ولأعوام طويله فى الغربة وبعد السلام وإعادت السلام مراراً وتكراراً بدأ الرجل فى إلقاء الأسئلة ولم يعطنى فرصة للإجابة عليها فقد كان يريد أن يعرف كل شىء فى نفس الوقت وطالت جلستنا وتشعبت الأسئلة وتفرعت وفى تلك الأثناء دخلت علينا إبنتى لـُبنى ذات التسع سنوات وهى تتحدث معى بإستنكار لأننى وعدتها بالخروج قبل أن يأتى ( أبو يد ) وقالت :
لقد وعدتنى بالخروج يا أبى ولكنك لم تهتم
فقلت لها : ألا ترين أن عندنا ضيوف ؟
فردت قائلة :
كان عليك أن تعتذر لى
فقلت لها وأنا أبتسم : آسف إن شاء الله فى المرة القادمة سأخرج معك
فقالت وهى تنظر إلي :
لا يا أبى أنا أدرى ، فعندما لا تريد أن تفعل شيئاً تقول لى إن شاء الله
فقلت : كلا يابنتى إن الأمر ليس كما تتصورين ، ولكننى تأثرت كثيراً لما قالته وسألت نفسى هل أنا حقاً كذلك ؟
وكان ( أبو يد ) فى تلك اللحظة يتابع الحوار فى صمت ٍ وإستنكار ، وعندما ذهبت إبنتى عاد إلى أسئلته وضحكاته المجلجلة وعرفت منه أنه تزوج من ثلاث نساء إحداهن كانت جارتنا ، وله تسع من الأبناء والبنات ( اللهم زد وبارك ) وأن زوجته الأخيرة حامل فى شهرها السابع ، فى تلك اللحظة نادتنى زوجتى فرددت عليها :
( كويس دقيقة ) ونسيت تلك الدقيقة مع الأسئلة المتتالية ( لأبى يد ) وبعد نصف ساعة أخرى نادتنى فقلت لها ( طيب جايى ) وإستأذنته وخرجت لأرى ماذا تريد .
وعندما عدت عاد أبو يد إلى أسئلته وقال فى إستغراب ٍ واضح :
أراك تتعامل مع أهلك كما يفعل الخواجات
قلت : كلا إن هذا من صميم الإسلام
فرد علي :
يازول نسوانا ديل مابنفع معاهم غير العين الحمرا وأسألنى أنا
فقلت كيف ؟
فقال : الواحده مابتمشى إلا بالشلوت والكفيت والنـِّهير
فقلت له : يعنى إنتا هسه بتدق مرتك ؟
فرد فى زهو : هو دق ساى ؟
دا فيهو نبذ ليها ولأبوها كمان ، وأردف قائلاً :
لكن بينى وبينك إتأدبوا أدب المدايح ثم قال فى فخر :
تعرف جدى الله يرحمه كان متزوج أربعه وكلهم فى حوش واحد ومافى واحده تقِل أدبها على التانية ماشات زى المسطرة ، ودخْـلتو للبيت كل واحده تجرى عشان تخدمو
فقلت فى إبتسام ٍ مستنكر :
جدك دا كان فرحان بالحكاية دى طبعاً مش كده ؟
فقال : كيف ؟ دا الأدب
والمره والأولاد لو ما إتأدبوا مابنفعوا ، يعنى إنتا هسه قاعد تتكلم معاى كيف مرتك تجى تناديك ؟
كيف يعنى ترفع صوتا قدام الرجال ؟
أو تجى بتك تقول ليك إنتا وعدتنى ... ياخى أديها كف عشان تعرف كيف تتكلم مع أبوها ، والله ما طالبنى حليفه أنا أحمِّـر لأي واحد من أولادى يقيف زى الصنم
وهنا شعرت فعلاً أن ( أبو يد ) خالى اليد واللسان أيضاً
فقلت فى نفسى : أنت من تستحق الصفع
ثم قال تعرف يا أبو أحمد أنا أمس القريبة دى أديت مرتى التانية كف سمح خلاص
قلت بسرعة مستغربة : ليه ؟
قال : شايله الشاى وتعاين لولدها بدل ما تعاين قدامها وإتعترت فى العتبة ودفقت فوقى الشاى
فقلت له : شايف ؟
إنتا قلت إتعترت ، يعنى ما قاصده وبدل ما تقوم تشوفها يمكن تكون إتعوقت ولا حصلت ليها حاجة تقوم تديها كف ؟ ، يا خى دى أمانه فى رقبتك
فقال : يا خى ديل ما بينفع معاهم إلا كدا
فقلت : يعنى إنتا نازل فى نساوينك وأولادك كفوف وشلاليت وشتايم وبالواضح كدا إرهاب أسرى ، وكان الرجل يضحك ضحكات فجائية دون أن يستدعى الأمر ضحكاً وكأنه كان يتخيل لحظات الصفع والركل التى وجهها لأسرته سابقاً وردود أفعالها عليهم .
ثم فجأة سألنى : إنتا لسه ما أديت مرتك كف ولا شنو ؟ !
فقلت له : أقول ليك حاجه ما حتصدقها
مش كف ولا حتى شتمتها أو شتمت أبوها أو أمها أو أى واحد من أخوانها أو قرايبها
فقال يبقى واحد من الإتنين يا إما إنتا خايف منها أو من أهلها أو أفهم إنك ما بتزعل خالص فى بيتك ؟
قلت : يعنى الواحد إذا ما ضرب زوجته يكون خايف منها أو من أهلها ؟ ياخى دا فهم غريب جداً !
ومسألة الزعل دى مافى بيت فى الدنيا خالى من الزعل والتعكير فى مراحل مختلفة ولأسباب عديدة ودا شى طبيعى ، فأنا أزعل ومرتى كمان تزعل والعلاقة أحياناً تتوتر ولكن الإحترام المتبادل بيننا لا يهتز فلا هى تخاف منى ولا أنا أرهبها أو أسىء إليها لأن الذى لا أرتضيه لنفسى لا أرضاه لغيرى حتى وإن لم تكن زوجتى وفى أحيان ٍ كثيرة أفضل الصمت على الكلام وصدقنى النتيجة دائماً أفضل لأن الكلام فى حالة الغضب غالباً ما يكون ذو نتائج عكسية ( والقوي من يملك نفسه عند الغضب )
وصل الحديث إلى نهاياته مع الرجل فقلت له :
تعرف فى واحد زيك كدا كان يدق مرتو كل يوم تقريباً وينهرها جيبى الأكل قوام
وين الشاى ؟
أكوى القميص حسى
دى شنو الفقر دى
فكانت كلما تجهز له الأكل ( تـَتـُفْ ) فى السلطه و( تمخِـطـْ فى الملاح ) وخاصة ً إذا كان الملاح ملاح ويكه أو أي حاجة من الحاجات ( اللايوقه ديك ) وتقدمه له وهى تضحك فى صوت مكتوم حتى تدمع عينيها وإن كانت فى شدة البكاء وكان صاحبنا لا يدرى ماذا كان يأكل طيلة السنوات الماضية وإلى الآن ، فتجهم وجه ( أبو يد ) وبدى كأنه يجتر ما أكله فى السنوات العشر الماضية حتى يرى إن كان فيه شيئاً مما ذكرت له ولكن هيهات .
ودعنى الرجل وودعته على أمل أن يزورنى قبل سفرى وكم أحسست بمعاناته بعد حديثى الأخير له وعلمت فيما بعد عند إتصالى بأسرتى أنه تغير كثيراً فى تعامله مع زوجاته وأبناءه وجيرانه أيضاً وسألونى السؤال الذى وجهته لهم بعض من زوجاته وهو :
ماذا قلت ( لأبى يد ) عندما زارك ذلك اليوم ؟