المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقاله د/ مصــطفى الفقى عن حراس حـدود الكنـانه, والنوبيون



سمل الحلفاوى
01-07-2006, 08:15 PM
استقبلنى المصريون فى زيارتى الاخيره للعاصمه النمساويه استقبالا لم اكن اتوقعه, فقد احتشدوا فى ناديهم وسط فيينا فى لقاء مفتوح حضره معى سفيرهم هناك, وكانت هموم الوطن وشواغله هى هاجسهم المسيطر, فقد تحدثوا عن الحاضر والمستقبل, واشاروا الى الامال والتطلعات, وناقشوا الاقاويل والشائعات ولكن الذى يعيننى فى هذه المناسبه هو انه عندما بدأت المناقشه المفتوحه ,انبرى مصرى من ابناء النوبه الغاليه يتحدث عن شعور اهالها بالظلم لان الدوله فتحت باب التوطين للفلاحين من شمال الدلتا ليقيموا فى قرى بعض المدن الجديده على ضفاف بحيرة السد العالى, واضاف الاخ النوبى, ان تضحياتهم الطويله من اجل مشروعات النيل على امتداد القرن العشرين بدءأ من خزان اسوان وصولا الى السد العالى مرورا بالتعليات المتعاقبه للخزان, كان النوبيون هم دافعى ضريبتها من استقرارهم وراحة اسرهم, ولقد بأ الرجل مشحونا متوترا, وهو امر ازعجنى كثيرا,خصوصا وانه تربطنى بأهالى النوبه صلات وثيقه خارج الوطن, ففى لندن واثناء عملى نائبا للقنصل هناك قمت عام 1971 بالمشاركه فى افتتاح اول نادى لهم بالعاصمه البريطانيه,واذكر ان ذلك كان فى حى(ايرلس كورت) الشهير وقد تعاونت فى ذلك مع عدد من اشقائنا النوبيين, وكان لذلك اثره الكبير فى ايجاد صداقات قويه ربطتنى بهم حتى الان, ومازال بعضهم بى من مراكز محافظه اسوان فى المناسبات المختلفه بعد ان عادوا الى الوطن وتقاعدوا هناك, حيث يحمل كل اتصال معهم او اصر الود والمحبه وترديد
الذكريات المشتركه
وعندما عملت سفيرا لبلادى فى فيينا, شاركت فى تأسيس نادى ابناء النوبه, حيث جعلنا عضويته مفتوحه للمصريين والسودانيين, ولن انسى ابدا يوم ان تزاحم ابناء الجاليه المصريه لتوديعى فى مطار فيينا عند النتهاء مهمتى عام 1999, وكيف كانت وجوه ابناء النوبه المصريه واضحه بين من كانوا يومها هناك, ولا عجب فالنوبيون هم جزء لا يتجزأ من اصل حضارتنا, عرفناهم متصفين دائما بالاصاله والامانه وحسن المعشر, وقد ساءنى كثيرا ان يندس فى صفوفهم من يهمس فى أذن بعضهم بافكار هى ابعد ماتكون عن روح الوطن وخصائصه التاريخيه,لذلك فاننى اهيب بالحكومه المصريه ان تتخذ من الاجراءات مايمحو من نفوسهم الشعور بالظلم والاحساس بالتفرقه, وقد لايكون لها مبرر ولكن تغذيها نعرات مسمومه تستهدف سلامة مصر واستقرارها, وانا اقول هنا ان النوبيين المصريين مواطنون شرفاء يعتز بهم الوطن يعتز بهم الوطن بل انهم قد احتلوا الكثير من المواقع المتميزه على امتداد تاريخنا كله فضلا عن ارتباطهم الوثيق بالحضاره الفرعونيه التى علمت الدنيا والهمت الانسانيه, ولقد ذكرنى ذلك مباشرة بما يردده ايضا اشقاؤنا من بدو سيناء حول معاناه يشعرون بها فى السنوات الاخيره, ورغبه فى ان يستمع الوطن الام الى شكوى اطرافه خصوصا ان بدوا سيناء كانوا دائما اصحاب ادوار معروفه فى الدفاع عن حدود الوطن,,, ورغم انى اعترف بأن هناك محاولات ناجحه تمت اخيرا لرأب الصدع واغلاق الثغرات التى يحاول بعض الحاقدين النفاذ منها الا ان الامر مازال يحتاج الى معاجه واعيه فى اطار مفهوم المواطنه الذى ارتضيناه جميعا, واصبحنا نطالب به معيارا وحيدا للشخصيه المصريه دون تفرقه او استثناء
يهمنى هنا ان اسجل الملاحظات الاتيه :


اولا: ان القلب لا يهدأ اذا كانت الاطراف قلقه.. بل ان الاخيره هى قرون استشعار الوطن التى يجب ان تكون راضيه النفس مستقرة الوجدان , تشعر بانها جزء اساسى من الجماعه الوطنيه, ولا تعطى فرصه للدسائس ان تمارس دورها الخبيث فى العبث بمقدرات اقدم خريطه فى الوجود وهى خريطة الكنانه.

ثانيا: ان لبدو سيناء والنوبيون فى جنوب الوادى مثلما لقبائل الصحراء الغربيه دورا تاريخيا مشهودا فى الدفاع عن اطراف الخريطه المصريه مع اليقظه الدائمه امام المخاطر والتحديات ومحاولات الاستماله او التسرب التى يعرفها تاريخ الاوطان فى كل مكان, ولذلك فهم دائما يتطلعون الى الدوله المركزيه متوقعين منها مزيدا من الرعايه وقدرا مطلوبا من الاهتمام , وانا ادرك ان نظام الحكم, ايا كان لونه او توجهاته لابد ان يعطى التجمعات البشريه على حدود الوطن نظره حانيه لانهم يمثلون خط الدفاع الاول عن الدوله

ثالثا:اننى اطالب بمعاجة مشكلات الاطراف خصوصا وان هناك من يحاول ان يهمس اليهم بالشائعات والاغراءات والتحزيرات, وقد تكون كلها كاذبه, ولعلى اذكرالجميع بمحاولة اقحام مايطلقون عليه فى الخارج( المسأله النوبيه) على مسلسل مشكلات الوحده الوطنيه المصريه, ولعلنا لا ننسى ان صوتا نوبيا مخدوعا قد شارك فى مؤتمر لبعض اقباط المهجر اخيرا بالولايات المتحده الامريكيه حيث تعالت صيحات نكراءتحاول ان تنال من كيان الوطن ووحدة مكوناته , وهو امر خطير للغايه, ويجب الا يوخذ ببساطه لان استقرار مصر هو امر يثير حسد من لايريدون لها ان تكون دائما واحه للانصهار السكانى والتجانس الاجتماعى
رابعا:اننى لا ادعى انه توجد مشكلات حقيقيه للاقباط او النوبيون او البدو فى سيناء والصحراء الغربيه, ولكنى ازعم - وعن يقين - ان مصر قد بلغت مرحله من حرية التعبير لم تعرف لها سوابق من قبل فى تاريخها الطويل - فلا يوجد محظور يمنع مناقشة مسأله بذاتها او قضيه - بعينها فالكل امام القانون سواء كما ان الجميع شركاء فى المفهوم المصرى للمواطنه وهو مفهوم لا ينظر الى الفروق الدينيه او العرقيه من ابناء الوطن الواحد

خامسا:ان الحكمه الوطنيه تقتضى معاجة القضايا والمشكلات وهى فى طور الظهور المبكر ولا لاتسمح ابدا بتجاهلها وتريد نغمة عدم وجودها والاكتفاء بالخلاص نظريا منها, خصوصا اننا امام وطن توحدت عناصره فى الازمات وتكاتفت اطرافه امام الغزوات ولم تمزقه الفرق الدينيه او النعرات العرقيه لانه وطن الكل فى واحد

هذه خواطرالحت على بعد لقائى بأبناء الجاليه المصريه فى فيينا وهم قريبون الى قلبى عزيزون على نفسى , قضيت بينهم اربع سنوات كامله ازور فيها ناديهم العريق مره كل شهر على الاقل, وكنت افتح فيها منزلى, وهو بيت الدوله, فى المناسبات المختلفه دون توجيه دعوات مكتفيا باعلان يحدد المناسبه سواء كانت دينيه او قوميه فيأتينى المئات يتوافدون دون ان تعرف من هو ابن الدلتا او الصعيد او النوبه او سيناء او من هو المسلم او المسيحى, بل ان اعداد كبيره من ابناء الجاليه العربيه كانت ترتاد (دار مصر) لانها الام بالنسبه لهم جميعا, ولقد اسعدنى كثيرا وانا اتجول فى شوارع وسط العاصمه اثناء زيارتى الاخيره ان عشرات من المصريين والعرب كانوا يتقدمون لتحيتنا فى حماس صادق وشوق حقيقى, وانا على يقين ان سفراء مصر العظام يقومون بدور مماثل فى ارجاء المعموره ولا شك ان سفيرنا الحالى فى العاصمه النمساويه يسعى هو الآخر لتعزيز تمثيل مصر فى تلك العاصمه المهمه التى يجتمع فيها عمل المنظمات الدوليه مع العلاقات الثنائيه الاوربيه فى نسيج واحد
بقى ان اقول ان مصر كانت ولا تزال وسوف تظل واعية بالقلب والاطراف فى وقت واحد لا تفرق ما بين شمال ولا جنوب او شرق وغرب, فالكل حراس حدود الكنانه
د/ مصـطفى الفقى الاهرام27/6/2006

العدد43667
الصفحه 13 (مقالات)

sambaaa
03-07-2006, 10:24 AM
لذلك فاننى اهيب بالحكومه المصريه ان تتخذ من الاجراءات مايمحو من نفوسهم الشعور بالظلم والاحساس بالتفرقه, وقد لايكون لها مبرر ولكن تغذيها نعرات مسمومه تستهدف سلامة مصر واستقرارها, وانا اقول هنا ان النوبيين المصريين مواطنون شرفاء يعتز بهم الوطن يعتز بهم الوطن
الاخ العزيز / سمل ..
تحيتي لك يا غالي تتطاول حتى السد العالي
وإيمانا مني بقضية اهلنا النوبيين فإنني أنادي ايضا بالنظر في قضيتهم العادلة
فقد عانى النوبيين الامرين عبر تاريخهم الطويل
وبما لايدع مجالاً للشك فإن الشمس ستشرق غداً عن فجر جديد نجد كل شعوب نهر النيل متوحدين في دولة واحدة
قوية ومنيعة يترابط افراد شعبها بكل اواصر التعايش الاخوية
فالدم واحد يا سمل
ودمت لنا ،،،،،،،،،،

سمل الحلفاوى
03-07-2006, 08:00 PM
شكراً جزيلاً لك اخى المشرف على المشاركة والتشجيع
هجرة النوبيين في البدء وكما وعدتكم ساوافيكم في حلقات متواصلة عن كتاب هجرة النوبيين وهو ترجمة للكاتب الاستاذ حسن دفع الله The Nubian Exodus ترجمته الاستاذة سمية عبدالمجيد وهي من النوبيات الغيورات على النوبة من قرية اشكيت 13 . لابد من ذكر الاستاذ حسن دفع الله الضابط التنفيذي المكلف بالاشراف على تهجير النوبيين وكذلك الاستاذة سمية على جهودها في الترجمة فلابد من ذكرهم لحفظ الحق الادبي لهم .
اما انا فمجرد حلقة وصل لتوصيل ما جاء في كتاب الاستاذ حسن دفع الله لاخواني من النوبيين دون تحريف ولا اضافة فاعزروني ان اطلت عليكم ،،،،،
مقدمة:
كثر اولئك الذين كتبوا عن النوبيين منذ ان عرف الانسان فن الككتابة ووجد فيه منجزات حياته ما يستحق التنويه والتسجيل والذكر والتدوين. فلقد ورد ذكر ملوكهم في اسفار العهد القديم وفي نقوش الاشوريين حكام العراق الاقدمين في القرن السابع قبل الميلاد . وكذلك عرف الرحالة الاغريقي هيروت من احوال بلادهم ما ينأى بها عن المجاهل البعيدة التي تروى عنها الاساطير .
ولم يكن حظ النوبة من الذكر لدي المصنفين في العصور الوسيطة نذرا كزا او قليلا مهضوما. ففي مؤلفات الرحالة والمؤرخين والجغرافيين منذ الفتح العربي لمصر اشارات الى النوبة وعلاقاتها بالدولة الاسلامية , فقد ذكرهم محمد بن عمر الواقدي في كتابه فتوح مصر والاسكندرية ومن بعده نفر جليل من المؤرخين كامثال ابن جبير وابن بطوطة وابن خلدون.
ونواصل المسيرة باذن الله