كاظم
20-05-2006, 04:40 AM
الاخوة والاخوات الافاضل .. طبتم وطابت ايامكم
اعجبني هذا المقال المنشور بموقع (سودانايل) وها انا ذا انقله الي حضراتكم
(ودمدني
شراكة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء)
(علي يس الكنزي)
ali@ashshawal.com
يقول الطيب صالح في كتابية (3-4) بعنوان: "للمدن تفرد وحديث"، من مجموعة تسع كتب صدرت له دفعة واحدة، يقول: "أن المدن كالبشر يبدون لك نصف ما يخفون عنك". واستعار الشاعر نزار قباني في مقدمة كتاب له قول الطيب صالح: "إن الحضارة أنثي، فكل ما هو حضاري فهو أنثوي". ولعلي امزج جرعة من هذا، بجرعة من تلك، لأخرج عليكم بخلطة طعمها حاذق سائق لذة للقارئين، مستنبطاً قولي من أقوال كاتبنا العبقري الطيب صالح " : "أن ودمدني، مدينة حضارية وأنثوية" والأنثى هي الأصل، هذا عنوان كتاب للدكتورة نوال السعدواي. وعبقريُنا الطيب صالح، الذي حباه الله بمزامير القلم وجوامع الكلم، غازل كل مدن الدنيا بأسلوبه السلس العذب، الذي ينساب في صفحات كتبه كجدول رقاق يسقي صحراء عقولنا لترتوي حتى الثمالة من صفحاتها التي جمعت كل الفنون والأدب، والتاريخ والشعر والثقافة والسياحة والقصة. ولكن عندما رويت ظمئ وقضيت وطري من كتابية أصبت بخيبة وحزن. فكاتبنا الملهم استعصت عليه مدننا، فلم يفتح الله عليه بمقال واحد عن مدينة واحدة منها. لكنه عندما أراد ذكر حلوان مصر، لم يجد لخضرتها وبساتينها ومزارعها وسواقيها وأسواقها من شبيه إلا ودمدني.
ودمدني مدينة أنثى:
موجز وصفي أن ودمدني أنثى، وأنها مدينة، وأنها حضارية حضرية متحضرة. فقولك مدينة، هذا رأي لا يناطحك فيه حتى أحزاب الحكومة والمعارضة المعروف عنها أنها لم تجتمع على أمر غير هذا، فما زالوا مختلفين منذ إعلان الاستقلال من داخل البرلمان وإلى يومنا هذا. إذن فالأمر محسوم لا يتطلب التفصيل. وقولك حضارية حضرية متحضرة، فهذا ديدنها منذ أن حط الرحال على ترابها الشيخ العارف بالله محمد مدني السني مؤسس ودمدني، والتي منه اكتسبت اسمها، حفيد قاضي العدالة دشين. ومن أراد أن يزداد معرفة بقاضي العدالة هذا، فليراجع وثائق احتفال السلطة القضائية بالسودان، الذي جرت مراسمه في فبراير الماضي، بمناسبة مرور خمسين عاماً على استقلال قضاء السودان. فسيكتشف الباحث أن قضاء السودان تمتد جذوره لخمس قرون أو هو أكثر. هذا ما يوافق عمر مدينة ودمدني التي تأسست عندما أسس للسودان قضاء عادل. ومنذ ذلك العهد ما فتئت ودمدني تساهم بقدح معلى في رفعة السودان في شتى مجالات الحياة.
إن تجاوزنا القضاء وأردنا حصر مساهمات ودمدني في الشعر والأدب، فعليك بالمسبحة الألفية المتوفرة في مسايد القوم بودمدني والجزيرة "مسايد جمع مسيد والمسيد هو المسجد، كما جاء في قاموس اللهجة العامية في السودان للدكتور عون الشريف قاسم. وأهل السودان قلبوا الجيم ياءً كما يفعل أهل الخليج الآن، فيقولون ريال لرجال". وفي فن الغناء والطرب حسبك الكاشف، فهو يُغْنِيكَ عن من سواه، فهو مؤسس فن الغناء الحديث في السودان. ولأننا على عجل من أمرنا، فلنتجاوز دون بخس عطاء من غنى "كم بدري عليك تودعني وأنا مشتاق إليك". هذا فنان لو قدر له العيش والحياة قليلاً لكان للفن أميراً. ثم علينا أن لا نحط رحالنا عند من صدح ونادى الناس في إبداع: "من أرض المحنة من ارض الجزيرة". ولضيق المساحة وليس لضيق الصدور، لن نذكر الموسيقار المتفرد عازف العود الذي كاد أن يستنطق أوتاره حروفاً وكلمات تكتب بالعامية والفصحى، والأعجمية، ولغة الجن لمن لم تسعفه واحدة من تلك اللغات. وهو الذي ترنم مغنياً: "شوفو غيري وغير حبيب". فهو الذي غنى لأكتوبر وللسودان واقسم بالأوطان، أبدن أبدن للنهار. كما غنى من التراث وللتراث تغنى "دوبا حليل أبوي ال للعلوم دراس". وما أكثر العلوم التي دُرست وتدرس في ودمدني. علوم القرآن وعلوم الحديث، وعلوم الفقه، وعلوم التصوف، وعلوم الري، وعلوم البحوث، وعلوم الزراعة، وعلوم الإدارة، وعلوم الطب، وعلوم الفنون، وعلوم غزلُ النسيجِ ونسيجُ الغَزّلْ. وكثيراً ما استشهد الأستاذ عمر الحاج موسى وحلي خطبه بِغَزَلِ شعراء مدني وفنانيها وخطب مرة "قام أتعزز الليمون عشان بالغنا في ريدو". ويحق لمدني أن تتعزز، ويحق لمن أدرك سرها، أن يبالغ في حبها وطلب ودها. أما في مضمار الرياضة، فودمدني تعزز قولي بأنها أنثى ودود ولود، أنجبت أفذاذ اللاعبين لمدني وللسودان وللهلال وللمريخ. ففيها الأهلي وفيها الاتحاد وفيها الرابطة وفيها النيل، وجزيرة الفيل. هذا ما عنى لي في الأدب والفن والرياضة.
اهرامات بلادي نهري الجزيرة والمناقل:
أما إذا انتقلنا إلى السياسة والاقتصاد والإشعاع الحضاري والتمدن والرقي، فسيطول بنا المقال والمقام. فمدني هي مشروع الجزيرة والمناقل ومارنجان وبركات. والحديث عن مشروع الجزيرة والمناقل، حديث فخر يطول، وحديث حزن ليته يزول. فالفخر في أنه أكبر وأعظم مشروع في العالم قاطبة يعمل بالري الانسيابي، والفخر أن خزان سنار أنشأ خصيصاً لري هذا المشروع بدراسة جدوى صممت في أواخر القرن التاسع عشر، في عهد كتشنر، ونفذت في أوائل القرن العشرين، بعد الحرب العالمية الأولى. هذا صدر الفخر، أما عجز الفخر فيأتيك قوله: أن أهل السودان، وأن شئت تحديداً فقل أهل الجزيرة، وبسواعد بنيها شقوا أول نيلّين عظيمين آخرين غير الأبيض والأزرق. ومن يريد أن يتيقن من قدر وعظمة أمة السودان وأهراماتها فما عليه إلا الذهاب إلى مدينة الحاج عبدالله، وليتابع نهري الجزيرة والمناقل حتى المنبع عند خزان سنار "ولا أقول قناتي الجزيرة والمناقل" فهما بحجم أنهار أوربا، نهر التايمز الذي تقع على ضفافه لندن، ونهر السين الذي اتخذت منه باريس مرقداً، ونهر الرون التي جعلت منه جنيف مورداً، فنشطت على ضفافه السياحة وبيوت المال والأعمال. ووسط الفخر، أن مشرع الجزيرة والمناقل أنشئت فيه شبكة حديدية داخلية للنقل المحاصيل الزراعية، لو قدر للخرطوم أن تنشئ خمس الثمن كما يقول فقهاء الزكاة، لأرتفع ثمن أرضها لعشرة أضعاف، ولما ضيع العاصميون وقتهم في التنقل والطرقات، ولما وجدت الحافلات والرقشات من سبيل في شوارع الخرطوم المزدحمة بكل سالب. مشروع الجزيرة قصة كانت مصدر فخر وأصبحت مأساة وطن. سنعود إليها لنعرف لماذا هي فخر؟ ولماذا أصبحت مأساة وطن؟ فالأمر يستحق التدبر والتأمل والجهر بالسوء الذي لحق بهذه الأهرامات العظيمة.
العاصمة المربعة:
أما في السياسة فبودمدني تصبح العاصمة المثلثة مربعة، فهي الشريك الأصيل في الحركة الوطنية، وهي توأم أمدرمان، فمنها خرجت الحركة النقابية والثقافية والأدبية والسياسية. لهذا توجت عن جدارة واستحقاق منذ قرن ونيف من الزمان بأن تكون عاصمة وسط السودان، وهي جديرة بأن تكون عاصمة للسودان. لأنها مدينة الوسط، فمدني كلها وسط، في تدينها وسط، وفي فكرها وسط، وفي نهجها وسط، وفي حياتها وسط، وفي موقعها وسط وفي مناخها وسط. وخير الأمور أوسطها كما قال النبي الرحمة المهداة.
أما قولك أنثي، فأنك كلما اقتربت منها تكشفت لك حقيقتها. زرتها مرات قبل أكثر من ربع قرن لليلة وليلتين، وكنت أحسبها كسائر النساء التي يعترضن الطريق. أما الآن فقد كشفت لي عن ساقيها وأذنت لي بمخالطة بعض أهلها في ود أزرق، ومايو نص، ومايو طرف، والحي السوداني، والدرجة. فمن تلك المخالطة أدركت ما غاب عني، وتكونت عندي قناعة دفعتني للانتماء لودمدني ولأهل مدني، كما انتميت وأنتمي للريف السودان، وأهل السودان.
شراكة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء:
انطلاقا من هذا الحب والانتماء الطوعي، طرحت فكرة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء وحصلت على مباركة ومؤازرة وترحيب حكومة ولاية الجزيرة، ومعتد ودمدني، وجامعة الجزيرة، ومعتمد الخدمة الوطنية، ومدير عام الهيئة القومية للغابات، والجهاز القضائي بالجزيرة، وجامعة ودمدني الأهلية، ومنظمة طلائع بالخرطوم، ومنظمة صناع المستقبل لتطوير الأعمال بالخرطوم، وجريدة السوداني وأخبار واليوم، لتنظيم نفرة تمتد لأسبوع كامل، من 12 إلى 17 أغسطس 2006، تحت شعار: شراكة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء. لعلنا بهذا الجهد القليل نرد لودمدني قليل من بضاعتها ونزيدها كيل بعير ذلك كيل يسير. ولتعود لودمدني وسطيتها ونضارتها، وريادتها وقيادتها لمدن السودان وحضارة السودان ونهضة السودان. فمن أراد أن ينضم لهذه الشراكة فمطرحه القلب والعيون معاً. هكذا هي ودمدني ترد التحية بأحسن منها، فمن أتها مشياً أتته هرولة، فاتحة ذراعيها وأحضانها لتأخذه في حجرها كأنه مولودها الأول.
اعجبني هذا المقال المنشور بموقع (سودانايل) وها انا ذا انقله الي حضراتكم
(ودمدني
شراكة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء)
(علي يس الكنزي)
ali@ashshawal.com
يقول الطيب صالح في كتابية (3-4) بعنوان: "للمدن تفرد وحديث"، من مجموعة تسع كتب صدرت له دفعة واحدة، يقول: "أن المدن كالبشر يبدون لك نصف ما يخفون عنك". واستعار الشاعر نزار قباني في مقدمة كتاب له قول الطيب صالح: "إن الحضارة أنثي، فكل ما هو حضاري فهو أنثوي". ولعلي امزج جرعة من هذا، بجرعة من تلك، لأخرج عليكم بخلطة طعمها حاذق سائق لذة للقارئين، مستنبطاً قولي من أقوال كاتبنا العبقري الطيب صالح " : "أن ودمدني، مدينة حضارية وأنثوية" والأنثى هي الأصل، هذا عنوان كتاب للدكتورة نوال السعدواي. وعبقريُنا الطيب صالح، الذي حباه الله بمزامير القلم وجوامع الكلم، غازل كل مدن الدنيا بأسلوبه السلس العذب، الذي ينساب في صفحات كتبه كجدول رقاق يسقي صحراء عقولنا لترتوي حتى الثمالة من صفحاتها التي جمعت كل الفنون والأدب، والتاريخ والشعر والثقافة والسياحة والقصة. ولكن عندما رويت ظمئ وقضيت وطري من كتابية أصبت بخيبة وحزن. فكاتبنا الملهم استعصت عليه مدننا، فلم يفتح الله عليه بمقال واحد عن مدينة واحدة منها. لكنه عندما أراد ذكر حلوان مصر، لم يجد لخضرتها وبساتينها ومزارعها وسواقيها وأسواقها من شبيه إلا ودمدني.
ودمدني مدينة أنثى:
موجز وصفي أن ودمدني أنثى، وأنها مدينة، وأنها حضارية حضرية متحضرة. فقولك مدينة، هذا رأي لا يناطحك فيه حتى أحزاب الحكومة والمعارضة المعروف عنها أنها لم تجتمع على أمر غير هذا، فما زالوا مختلفين منذ إعلان الاستقلال من داخل البرلمان وإلى يومنا هذا. إذن فالأمر محسوم لا يتطلب التفصيل. وقولك حضارية حضرية متحضرة، فهذا ديدنها منذ أن حط الرحال على ترابها الشيخ العارف بالله محمد مدني السني مؤسس ودمدني، والتي منه اكتسبت اسمها، حفيد قاضي العدالة دشين. ومن أراد أن يزداد معرفة بقاضي العدالة هذا، فليراجع وثائق احتفال السلطة القضائية بالسودان، الذي جرت مراسمه في فبراير الماضي، بمناسبة مرور خمسين عاماً على استقلال قضاء السودان. فسيكتشف الباحث أن قضاء السودان تمتد جذوره لخمس قرون أو هو أكثر. هذا ما يوافق عمر مدينة ودمدني التي تأسست عندما أسس للسودان قضاء عادل. ومنذ ذلك العهد ما فتئت ودمدني تساهم بقدح معلى في رفعة السودان في شتى مجالات الحياة.
إن تجاوزنا القضاء وأردنا حصر مساهمات ودمدني في الشعر والأدب، فعليك بالمسبحة الألفية المتوفرة في مسايد القوم بودمدني والجزيرة "مسايد جمع مسيد والمسيد هو المسجد، كما جاء في قاموس اللهجة العامية في السودان للدكتور عون الشريف قاسم. وأهل السودان قلبوا الجيم ياءً كما يفعل أهل الخليج الآن، فيقولون ريال لرجال". وفي فن الغناء والطرب حسبك الكاشف، فهو يُغْنِيكَ عن من سواه، فهو مؤسس فن الغناء الحديث في السودان. ولأننا على عجل من أمرنا، فلنتجاوز دون بخس عطاء من غنى "كم بدري عليك تودعني وأنا مشتاق إليك". هذا فنان لو قدر له العيش والحياة قليلاً لكان للفن أميراً. ثم علينا أن لا نحط رحالنا عند من صدح ونادى الناس في إبداع: "من أرض المحنة من ارض الجزيرة". ولضيق المساحة وليس لضيق الصدور، لن نذكر الموسيقار المتفرد عازف العود الذي كاد أن يستنطق أوتاره حروفاً وكلمات تكتب بالعامية والفصحى، والأعجمية، ولغة الجن لمن لم تسعفه واحدة من تلك اللغات. وهو الذي ترنم مغنياً: "شوفو غيري وغير حبيب". فهو الذي غنى لأكتوبر وللسودان واقسم بالأوطان، أبدن أبدن للنهار. كما غنى من التراث وللتراث تغنى "دوبا حليل أبوي ال للعلوم دراس". وما أكثر العلوم التي دُرست وتدرس في ودمدني. علوم القرآن وعلوم الحديث، وعلوم الفقه، وعلوم التصوف، وعلوم الري، وعلوم البحوث، وعلوم الزراعة، وعلوم الإدارة، وعلوم الطب، وعلوم الفنون، وعلوم غزلُ النسيجِ ونسيجُ الغَزّلْ. وكثيراً ما استشهد الأستاذ عمر الحاج موسى وحلي خطبه بِغَزَلِ شعراء مدني وفنانيها وخطب مرة "قام أتعزز الليمون عشان بالغنا في ريدو". ويحق لمدني أن تتعزز، ويحق لمن أدرك سرها، أن يبالغ في حبها وطلب ودها. أما في مضمار الرياضة، فودمدني تعزز قولي بأنها أنثى ودود ولود، أنجبت أفذاذ اللاعبين لمدني وللسودان وللهلال وللمريخ. ففيها الأهلي وفيها الاتحاد وفيها الرابطة وفيها النيل، وجزيرة الفيل. هذا ما عنى لي في الأدب والفن والرياضة.
اهرامات بلادي نهري الجزيرة والمناقل:
أما إذا انتقلنا إلى السياسة والاقتصاد والإشعاع الحضاري والتمدن والرقي، فسيطول بنا المقال والمقام. فمدني هي مشروع الجزيرة والمناقل ومارنجان وبركات. والحديث عن مشروع الجزيرة والمناقل، حديث فخر يطول، وحديث حزن ليته يزول. فالفخر في أنه أكبر وأعظم مشروع في العالم قاطبة يعمل بالري الانسيابي، والفخر أن خزان سنار أنشأ خصيصاً لري هذا المشروع بدراسة جدوى صممت في أواخر القرن التاسع عشر، في عهد كتشنر، ونفذت في أوائل القرن العشرين، بعد الحرب العالمية الأولى. هذا صدر الفخر، أما عجز الفخر فيأتيك قوله: أن أهل السودان، وأن شئت تحديداً فقل أهل الجزيرة، وبسواعد بنيها شقوا أول نيلّين عظيمين آخرين غير الأبيض والأزرق. ومن يريد أن يتيقن من قدر وعظمة أمة السودان وأهراماتها فما عليه إلا الذهاب إلى مدينة الحاج عبدالله، وليتابع نهري الجزيرة والمناقل حتى المنبع عند خزان سنار "ولا أقول قناتي الجزيرة والمناقل" فهما بحجم أنهار أوربا، نهر التايمز الذي تقع على ضفافه لندن، ونهر السين الذي اتخذت منه باريس مرقداً، ونهر الرون التي جعلت منه جنيف مورداً، فنشطت على ضفافه السياحة وبيوت المال والأعمال. ووسط الفخر، أن مشرع الجزيرة والمناقل أنشئت فيه شبكة حديدية داخلية للنقل المحاصيل الزراعية، لو قدر للخرطوم أن تنشئ خمس الثمن كما يقول فقهاء الزكاة، لأرتفع ثمن أرضها لعشرة أضعاف، ولما ضيع العاصميون وقتهم في التنقل والطرقات، ولما وجدت الحافلات والرقشات من سبيل في شوارع الخرطوم المزدحمة بكل سالب. مشروع الجزيرة قصة كانت مصدر فخر وأصبحت مأساة وطن. سنعود إليها لنعرف لماذا هي فخر؟ ولماذا أصبحت مأساة وطن؟ فالأمر يستحق التدبر والتأمل والجهر بالسوء الذي لحق بهذه الأهرامات العظيمة.
العاصمة المربعة:
أما في السياسة فبودمدني تصبح العاصمة المثلثة مربعة، فهي الشريك الأصيل في الحركة الوطنية، وهي توأم أمدرمان، فمنها خرجت الحركة النقابية والثقافية والأدبية والسياسية. لهذا توجت عن جدارة واستحقاق منذ قرن ونيف من الزمان بأن تكون عاصمة وسط السودان، وهي جديرة بأن تكون عاصمة للسودان. لأنها مدينة الوسط، فمدني كلها وسط، في تدينها وسط، وفي فكرها وسط، وفي نهجها وسط، وفي حياتها وسط، وفي موقعها وسط وفي مناخها وسط. وخير الأمور أوسطها كما قال النبي الرحمة المهداة.
أما قولك أنثي، فأنك كلما اقتربت منها تكشفت لك حقيقتها. زرتها مرات قبل أكثر من ربع قرن لليلة وليلتين، وكنت أحسبها كسائر النساء التي يعترضن الطريق. أما الآن فقد كشفت لي عن ساقيها وأذنت لي بمخالطة بعض أهلها في ود أزرق، ومايو نص، ومايو طرف، والحي السوداني، والدرجة. فمن تلك المخالطة أدركت ما غاب عني، وتكونت عندي قناعة دفعتني للانتماء لودمدني ولأهل مدني، كما انتميت وأنتمي للريف السودان، وأهل السودان.
شراكة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء:
انطلاقا من هذا الحب والانتماء الطوعي، طرحت فكرة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء وحصلت على مباركة ومؤازرة وترحيب حكومة ولاية الجزيرة، ومعتد ودمدني، وجامعة الجزيرة، ومعتمد الخدمة الوطنية، ومدير عام الهيئة القومية للغابات، والجهاز القضائي بالجزيرة، وجامعة ودمدني الأهلية، ومنظمة طلائع بالخرطوم، ومنظمة صناع المستقبل لتطوير الأعمال بالخرطوم، وجريدة السوداني وأخبار واليوم، لتنظيم نفرة تمتد لأسبوع كامل، من 12 إلى 17 أغسطس 2006، تحت شعار: شراكة من أجل مدينة نظيفة وشوارع خضراء. لعلنا بهذا الجهد القليل نرد لودمدني قليل من بضاعتها ونزيدها كيل بعير ذلك كيل يسير. ولتعود لودمدني وسطيتها ونضارتها، وريادتها وقيادتها لمدن السودان وحضارة السودان ونهضة السودان. فمن أراد أن ينضم لهذه الشراكة فمطرحه القلب والعيون معاً. هكذا هي ودمدني ترد التحية بأحسن منها، فمن أتها مشياً أتته هرولة، فاتحة ذراعيها وأحضانها لتأخذه في حجرها كأنه مولودها الأول.