زهرة الشمس
27-04-2006, 03:07 AM
صديقتي الرائعة:
ها نحن قد تجولنا في إحدى عتبات العمر برهة .. تغنت بها الأيام ولم ندري ما نحن مقبلين عليه من غربة دفينة وشوق موجع وفراق يزداد مداه كلما مرت الثواني السنين..
وإلى الآن لا ادري ما السر في أرواحنا التي تأبى أن تصف ما يختلجها عند ساعات البعاد خوفا من دمع هادر يصيبنا بالإغماء المتزامن كلما خطرنا في الفؤاد لحظة شوق جارف ..؟؟
لعل الحل في البداية ولكن هل سنوفى البدايات حقها وان كتبت كل العمر أشعاراً وخواطر وقصص وروايات مهووسة بالحنين إليكي ؟؟
وأيضاً تتوه العبرات وسط الأشواق الثائرة والمبعثرة بين الذكريات والكلمات الرقيقة المهدئة من حزن المسافات وألم الآهات الغريبة وسط زميلات الدراسة وطالبات السكن الداخلي وما يرافقهن من مواقف عشرة جميلة متباينة وضجيج الكتب والأساتذة والمعامل والامتحانات وما يرافقها من سهاد سواء كان في التحصيل العلمي والمذاكرة أو في انتظار نتيجة الامتحان
كان هناك متعة وبريق في كل لحظة تحمل بين حناياها عبق ذكريات مشرقة
وان مر بها الإحباط أو الفشل إلا أن وجودك بجانبي أزال عني غبار الأسى وان كان بحجم الدنيا كلها
ولا أنسى تحمسنا وتلهفنا في محاولات استخراج إذن الخروج إلى الرحلات العلمية والترفيهية والمشاركة في المناسبات الطلابية والأغاني والاجتماعات لإعداد حفلات التخرج وبروفات حفلات الاستقلال المجيد
وأيضاً أيام الجمعة كان فيها تفرد إما ذهبنا إلى أقاربنا أو زرنا من تعرفنا عليهم في غربتنا المركبة وقد أصبحوا أكثر قرباً ودفئاً من ذوينا أو قضيناها في بيتنا الصغير و المتمثل في غرفة صغيرة ولكنها كانت اكبر من اكبر بيت بنيناه بالنظام المجدول بلوائح ثابتة وقوانين لا تعرف الاعوجاج والاقتناع بمبادئنا المتعصبة
وان رأينا في عيون الناس التعجب والاندهاش والحيرة
حتى متعتنا في انتظار المواصلات في أصعب فصول السنة طقساً أو اختيار العم المناسب المنضبط بالمواعيد خاصة لمحاضرات الساعة الثامنة صباحاً أو محاضرات السادسة مساءً والذي يأخذنا بسيارته إلى الكلية وهو الملتزم بتوفير الماء والخبز وملء أنبوبة الغاز التي فاجأتنا بانقطاعها فجأة
ونحن في طريق العودة إلى بيتنا الصغير كان فيها نكهة خاصة
إلى أن تنتهي الأسابيع وتمر شهور الفصل الدراسي وتحمل معها روعة كل الأيام وما يرافقها من صخب وضجيج ثائر
كل ذلك كان معي ولا يزال معي
يحاصرني في كل ثانية بعد عنك
وابتسم في ذهول
في كل حين نحمل معنا فصول اللقيا المتباعدة وإحساس الغربة والوحدة والملل المتأصل في دواخلنا حينما نغيب عن بعضنا ونعود أدراجنا في مواسم الأعياد والعطلات الرسمية ...
وحينما أردنا أن ينتهي بنا مطاف معاناة مزعومة ممزوجة بقنوطنا من مشاريع التخرج ومن أسوار الجامعة نفسها و مهما كانت النتيجة .. كان المهم عندنا أن نرتاح
دون أن نعي أن الزمن كان يتوعدنا ويهز رأسه مهدداً بخبث فرقة كل السنين
وأي راحة هذه؟؟؟؟
كنا نود أن نغمض عيوننا ونفتحها لنجد أنفسنا قد تخرجنا
وكم تأففنا وضجرنا ... متى يخلصنا الله من هذا العذاب ولم نكن ندري حجم العذاب الأكبر عند فراقنا الذي ظل محصورا في ألف ميل فقط!!!
فما بالك الآن وقد زادت المسافات وتضاعف الألف ميل لعدد لا نهاية له من الأميال...!!!
صديقتي المُـــفداة:
دقت طبول العودة حزينة الزغاريد رغم شكرها العظيم لكِ لأنكِ بدأتِ في وضع ترانيم ألحان العودة
ورغم أننا عائدون إلى مصائرنا ... ولابد أن يكون لموسم الرحيل هذا نهاية
كنت اشعر أن هناك مصير ينسج في الخيال بقضاء وقدر منذ أن فكرنا في الاستقرار ورفعت سماعة الهاتف وناشدتك (أرجوكِ ما رأيك؟؟؟) وبعد يومين رفعت سماعة الهاتف مرة أخرى وتوسلت إليكِ (أرجوكِ تعالي وشاركيني بهجتي فالفرح بدونك لا لون له) وكما أراده الله سبحانه وتعالى
أنتِ عائدة إلى قلب الحكاية الجميلة التي افتخر بها وبلبها وبما حولها واعتز بماضيها وتاريخها وأمجادها وانتصاراتها وزهوها ... بل يجتاحني شعور دائم بالشموخ في كل مرة أسمع في نشرة الأخبار بأن الأعداء يحيكون المؤامرات ضدها لأنني واثقة من بلائها الحسن في الاعتصام بحبل الله وقوة الإيمان والإرادة والبسالة وأوج الأقدام و الصد والتكاتف وشدة الصلابة وعنفوان الاحتمال..
إنها أمي وأم أمي وأم أم أمي ..
إنها أمك وأم أمك وأم أم أمك ..
انه أمنا كلنا
إنها السودان
أما أنا فسأعود ولكنني سأسبقك بلحظة .. لأنني هوية لوطن آخر لا يقل أهمية عن أمنا
فقد أضحيت مرتبطة بإجراءات التوثيق لوطن سوف تعيشين ظروف الانتماء إليه لاحقاً... وكم كنت أتمنى وأدعو في كل فجر أن تسبقيني في هذا الانتماء
ولكنها إرادة الله جل وعلا
رائعتي المسافرة
لكل إنسان أكثر من وطن ... ومهما كثرت الأوطان لن يقصر أو يتوانى عن الإخلاص والولاء لأي وطن .. بل لن ينسى أو يتناسى أو يفكر في الاستغناء عن الوطن مهما زادت ساعات الغربة والرحيل وان كان في أقصى أركان الأرض غربة ووحشة ووحدة... وكل وطن يتسابق في الانتماء إليه مع الوطن الآخر في محاور الأيام وتدافق السنين ولكن يبقى السؤال....ماهية السباق؟؟؟
انه سباق الوقت وفرق الزمن..
فكلنا نفتح عيوننا على وطن الأم الكريم .. وكلنا نعيش في كنف الوطن المُــفدى العزيز... وكلنا نطمح إلى وطن الاستقرار الكامن في مخيلتنا والمتمثل في بيت عماده التقوى ودعائمه الفضيلة والإيمان إلى أن نجني جواهراً تكون لنا هدفاً نبيلاً نصبو لها أوطاناً كريمة في ظل وطن عزيز مُفدى و...و.....و....و....
وتدور الحكاية من جديد
صديقتي المسافرة أو بالأحرى العائدة....
سبقتك في عودة وسبقتيني في عودة ولكن ثقي وتأكدي تماما وأعدك وعد شرف بأنه مهما تعددت الأسباب فالعودة واحدة
وأخيراً أود أن أصارحك بأحد أسراري الصادقة:
لي عدد كبير جداً من الأوطان أما أنتي فأول وآخر أوطاني
عوداً حميداً مستطاب.....
ها نحن قد تجولنا في إحدى عتبات العمر برهة .. تغنت بها الأيام ولم ندري ما نحن مقبلين عليه من غربة دفينة وشوق موجع وفراق يزداد مداه كلما مرت الثواني السنين..
وإلى الآن لا ادري ما السر في أرواحنا التي تأبى أن تصف ما يختلجها عند ساعات البعاد خوفا من دمع هادر يصيبنا بالإغماء المتزامن كلما خطرنا في الفؤاد لحظة شوق جارف ..؟؟
لعل الحل في البداية ولكن هل سنوفى البدايات حقها وان كتبت كل العمر أشعاراً وخواطر وقصص وروايات مهووسة بالحنين إليكي ؟؟
وأيضاً تتوه العبرات وسط الأشواق الثائرة والمبعثرة بين الذكريات والكلمات الرقيقة المهدئة من حزن المسافات وألم الآهات الغريبة وسط زميلات الدراسة وطالبات السكن الداخلي وما يرافقهن من مواقف عشرة جميلة متباينة وضجيج الكتب والأساتذة والمعامل والامتحانات وما يرافقها من سهاد سواء كان في التحصيل العلمي والمذاكرة أو في انتظار نتيجة الامتحان
كان هناك متعة وبريق في كل لحظة تحمل بين حناياها عبق ذكريات مشرقة
وان مر بها الإحباط أو الفشل إلا أن وجودك بجانبي أزال عني غبار الأسى وان كان بحجم الدنيا كلها
ولا أنسى تحمسنا وتلهفنا في محاولات استخراج إذن الخروج إلى الرحلات العلمية والترفيهية والمشاركة في المناسبات الطلابية والأغاني والاجتماعات لإعداد حفلات التخرج وبروفات حفلات الاستقلال المجيد
وأيضاً أيام الجمعة كان فيها تفرد إما ذهبنا إلى أقاربنا أو زرنا من تعرفنا عليهم في غربتنا المركبة وقد أصبحوا أكثر قرباً ودفئاً من ذوينا أو قضيناها في بيتنا الصغير و المتمثل في غرفة صغيرة ولكنها كانت اكبر من اكبر بيت بنيناه بالنظام المجدول بلوائح ثابتة وقوانين لا تعرف الاعوجاج والاقتناع بمبادئنا المتعصبة
وان رأينا في عيون الناس التعجب والاندهاش والحيرة
حتى متعتنا في انتظار المواصلات في أصعب فصول السنة طقساً أو اختيار العم المناسب المنضبط بالمواعيد خاصة لمحاضرات الساعة الثامنة صباحاً أو محاضرات السادسة مساءً والذي يأخذنا بسيارته إلى الكلية وهو الملتزم بتوفير الماء والخبز وملء أنبوبة الغاز التي فاجأتنا بانقطاعها فجأة
ونحن في طريق العودة إلى بيتنا الصغير كان فيها نكهة خاصة
إلى أن تنتهي الأسابيع وتمر شهور الفصل الدراسي وتحمل معها روعة كل الأيام وما يرافقها من صخب وضجيج ثائر
كل ذلك كان معي ولا يزال معي
يحاصرني في كل ثانية بعد عنك
وابتسم في ذهول
في كل حين نحمل معنا فصول اللقيا المتباعدة وإحساس الغربة والوحدة والملل المتأصل في دواخلنا حينما نغيب عن بعضنا ونعود أدراجنا في مواسم الأعياد والعطلات الرسمية ...
وحينما أردنا أن ينتهي بنا مطاف معاناة مزعومة ممزوجة بقنوطنا من مشاريع التخرج ومن أسوار الجامعة نفسها و مهما كانت النتيجة .. كان المهم عندنا أن نرتاح
دون أن نعي أن الزمن كان يتوعدنا ويهز رأسه مهدداً بخبث فرقة كل السنين
وأي راحة هذه؟؟؟؟
كنا نود أن نغمض عيوننا ونفتحها لنجد أنفسنا قد تخرجنا
وكم تأففنا وضجرنا ... متى يخلصنا الله من هذا العذاب ولم نكن ندري حجم العذاب الأكبر عند فراقنا الذي ظل محصورا في ألف ميل فقط!!!
فما بالك الآن وقد زادت المسافات وتضاعف الألف ميل لعدد لا نهاية له من الأميال...!!!
صديقتي المُـــفداة:
دقت طبول العودة حزينة الزغاريد رغم شكرها العظيم لكِ لأنكِ بدأتِ في وضع ترانيم ألحان العودة
ورغم أننا عائدون إلى مصائرنا ... ولابد أن يكون لموسم الرحيل هذا نهاية
كنت اشعر أن هناك مصير ينسج في الخيال بقضاء وقدر منذ أن فكرنا في الاستقرار ورفعت سماعة الهاتف وناشدتك (أرجوكِ ما رأيك؟؟؟) وبعد يومين رفعت سماعة الهاتف مرة أخرى وتوسلت إليكِ (أرجوكِ تعالي وشاركيني بهجتي فالفرح بدونك لا لون له) وكما أراده الله سبحانه وتعالى
أنتِ عائدة إلى قلب الحكاية الجميلة التي افتخر بها وبلبها وبما حولها واعتز بماضيها وتاريخها وأمجادها وانتصاراتها وزهوها ... بل يجتاحني شعور دائم بالشموخ في كل مرة أسمع في نشرة الأخبار بأن الأعداء يحيكون المؤامرات ضدها لأنني واثقة من بلائها الحسن في الاعتصام بحبل الله وقوة الإيمان والإرادة والبسالة وأوج الأقدام و الصد والتكاتف وشدة الصلابة وعنفوان الاحتمال..
إنها أمي وأم أمي وأم أم أمي ..
إنها أمك وأم أمك وأم أم أمك ..
انه أمنا كلنا
إنها السودان
أما أنا فسأعود ولكنني سأسبقك بلحظة .. لأنني هوية لوطن آخر لا يقل أهمية عن أمنا
فقد أضحيت مرتبطة بإجراءات التوثيق لوطن سوف تعيشين ظروف الانتماء إليه لاحقاً... وكم كنت أتمنى وأدعو في كل فجر أن تسبقيني في هذا الانتماء
ولكنها إرادة الله جل وعلا
رائعتي المسافرة
لكل إنسان أكثر من وطن ... ومهما كثرت الأوطان لن يقصر أو يتوانى عن الإخلاص والولاء لأي وطن .. بل لن ينسى أو يتناسى أو يفكر في الاستغناء عن الوطن مهما زادت ساعات الغربة والرحيل وان كان في أقصى أركان الأرض غربة ووحشة ووحدة... وكل وطن يتسابق في الانتماء إليه مع الوطن الآخر في محاور الأيام وتدافق السنين ولكن يبقى السؤال....ماهية السباق؟؟؟
انه سباق الوقت وفرق الزمن..
فكلنا نفتح عيوننا على وطن الأم الكريم .. وكلنا نعيش في كنف الوطن المُــفدى العزيز... وكلنا نطمح إلى وطن الاستقرار الكامن في مخيلتنا والمتمثل في بيت عماده التقوى ودعائمه الفضيلة والإيمان إلى أن نجني جواهراً تكون لنا هدفاً نبيلاً نصبو لها أوطاناً كريمة في ظل وطن عزيز مُفدى و...و.....و....و....
وتدور الحكاية من جديد
صديقتي المسافرة أو بالأحرى العائدة....
سبقتك في عودة وسبقتيني في عودة ولكن ثقي وتأكدي تماما وأعدك وعد شرف بأنه مهما تعددت الأسباب فالعودة واحدة
وأخيراً أود أن أصارحك بأحد أسراري الصادقة:
لي عدد كبير جداً من الأوطان أما أنتي فأول وآخر أوطاني
عوداً حميداً مستطاب.....