زيارة جديدة للتاريخ

 

 بقلم : نزار ميرغني سلمان


   خرجت من المنزل صباحا بعد أن أكملت طقوسي اليومية من الصلاة وبعض الأوراد والتحصين وشاي الصباح من أعز الناس متجها نحو السوق عبر الدرب المؤدي إليه والذي يبدأ من منزلنا هنا بحي بانت . وخارج المنزل وجدت رجلا يطوق عنقه بشال أخضر ويحمل مسبحة بيده اليمنى وهو يجرد في  الأوراد وفي نفس الوقت يجرد كميات من الطوب التي ترتص أمام منزلنا فعلمت أنه من أحفاد الشيخ ود يونس رجال أبو حراز العركيين وأظنه الشيخ عبد الرحيم ود يونس الذي كان مالكا  لمنزلنا من قبل . تجاوزته بعد التحية والاحترام متوجها صوب القبة مارا بميدان بانت الذي تقام عليه  مباريات كرة القدم للاندية الصغرى والناشئين وتقام عليه أيضا احتافلات المولد النبوي سنويا .

   عند سوق بانت وقفت عند الركن الجنوبي لمسجد بانت حيث استفسرت خلف الله عنكاص العجلاتي عن بص عباس هل غادر نحو السوق وقد كان يجالسه العرش وعباس حكومة وكابتن جلودي وهم يشربون قهوة الصباح . غادرتهم في اتجاه الشمال حيث حازيت فرن بانت الذي يديره العم الماحي بلال ووجدته واقفا يبحث عن عماله في  اتجاه مطعم السر ومرة أخرى نحو مطعم العم عبد الصمد مساعد أو قهوة فرج .

    وفي الركن الشمالي لدى جامع بانت القيت التحية على الخالة حياة وهي تفترش خضارها ومنشغلة مع زبائنها عرجت متخذا طريقي نحو القبة مارا بالحاج يوسف الدي يحمل كيس النقود الدموري يحاسب لواري العيش جاءني صوت محجوب مرحبا طالبا الجلوس لشرب الشاي وقليلا من الونسة اعتذرت وغادرت .

   سرت مسرعا عندما شاهدت العم البدري الشيخ ذلك النقابي المناضل واقفا مطلع الزقاق المؤدي لمنزله والى جواره يجلس في دكان النجارة ثنائي الجزيرة أحمد شبك ومحمد عوض في حوار فني يشارك فيه الشاعر العبادي الذي يأتي في زيارات متكررة لأهله آل الخليفة العبادي في المنزل الذي يقع غرب مجلسهم ويستمع اليهم ود المبارك... لحقت بهذه  الكوكبة طمعا في لمحة فنية .

    واصلت مسيرتي صوب اتجاهي لم أجد الحاج الجاك عامرأمام داره الكبير بل وجدت مجموعة من أبنائه وأحفاده يجلسون على بوابة الدار . في دار احمد السني عمدة المدينة صوبت نظري للداخل حيث كان جالسا على مقعد من القماش والى جواره يقف  أبناء الخليفة حسن كان يقف ابنه محمود يقوم بتجهيز الحمار الذي يمتطيه أحمد السني والذي أراه كبيرا حتى ظننته حصانا ذلك استعدادا لمشوار الحواشات الذي يرافقه فيه أبنه محمود بينما يعمل الخليفة في النجارة التي برع فيها 0

   انتظرت حتى غادر موكب أحمد السني  جنوبا نحو الحواشات .... دخلت على الخليفة حسن سلمت عليه طلبا للمدد  والى جواره شاكوش ومنشار ساعة العمل حانت وغادرت ... وعند القبة لابد من زيارة شيخ وصاحب المدينة ود مدني السني زرت ضريحه حيث تقل في ساعة الصباح الباكر زيارات النسوة كدت أدخل يدي داخل التابوت عسى أن أجد بقية من الماء الذي تدفق من الضريح عند زيارة السيد محمد عثمان الميرغني له .. ولكن تراجعت خوفا ورهبة..

    لم أقف كثيرا عند محطة البص عندما حملني الرحالة الشهير خالد عشرية خلفه في الدراجة التي طاف بها كل بقاع السودان . استمعت إليه وهو يروي مغامراته . أنزلني في شارع الجمهورية قبالة المكتبة الوطنية حيث دلفت الى الداخل ووجدت العم عيسى صاحب المكتبة وهو يقوم بترصيص الصحف اليومية والمجلات المصرية الأسبوعية .. القيت نظرة على العناوين وأخذت حصتي من الصحف والمجلات وغادرت بصعوبة للازدحام الشديد . وعرجت على سودان بوكشب ووجدت على فراندتها السيد اسماعيل زيدان ومعه العم عمر الكارب في حوار حول تحويل ملكية المكتبة من اسماعيل زيدان الذي تملك المكتبةبعد فض الشراكة مع بنك الخرطوم من قبل الكنيسة وهو الآن في طريقه لتحويل الملكية لصاحبها الجديد عمر الكارب والأستاذ أحمد أبو الأحمار يبقى دائما رمزا بالمكتبة .. ذهبت مباشرة خلف عمارة الدمياطي لمكتبة الفجر المتخصصة في الكتب الأشتراكية على أمل العثور على مطبوعات جديدة خاصة الروايات المترجمة لمكسيم جوركي أو بوشكين أو أشعار لوركا وناظم حكمت والسياب وصلاح عبد الصبور وصلاخ أحمد ابراهيم . قابلت على فرندة المكتبة مجموعة من الأشتراكيين والديمقراطيين يجلسون خول الأستاذ محمد سيد أحمد صاحب المكتبة حيث كان دكتور مدني أحمد عيسى ومحيسي وآخرون..

  عرجت بعدها إلى مكتبة الحاج مضوي سيد مضوي وشاهدت أمام المكتبة لواري تنزل كراتين من الكتب القادمة من القاهرة وبيروت عن طريق السكة حديد من برتسودان ووجدت المكتبة مكتظة بالناس لشراء الكتب الدينية والتراث من شتى أنحاء السودان وبعض الوافدين من دول غرب أفريقيا . وجدت صعوبة في العثور على طلب من كتب الأوراد والمتون . وذهبت على أمل الحضور مرة أخرى ...

 

                                        إلى الحلقة القادمة ,,,,,,,,,,,,,,,

 

 

راسل الكاتب