ما أضيق العيش لولا..!!

بقلم : نشأت الامام

 

 يؤكد علماء النفس ان المشاعر والانفعالات والمخاوف التي تساور الانسان تختلف من شخص لآخر في حال الازمات التي يعيشها او التي يواجهها، ويتوقف ذلك على مدى ادراك الفرد لمعنى الحدث، اذ تختلف درجة المعاناة من القلق والخوف باختلاف آراء الافراد حول الآثار الايجابية والسلبية لهذه الأزمة لذا تختلف معدلات الاحباط باختلاف تلك الآراء..

 وعلينا ان نذكر هنا ان سمات الشخصية وتكوينها ومدى تعرضها لخبرات احباطية سابقة لها تأثير في مجرى حياة الانسان، فهناك من ينهار بسرعة ويعانى من الاضطرابات النفسية والجسدية كرد فعل للازمات التي تواجههم، في حين ان هناك من يتوافق امام هذه الازمات، وذلك مرده تفاوت عتبة الاحباط لديهم..

 اذن فهناك مجموعة من العوامل التي تحدد مستويات الانفعال، وتتمثل في التنشئة الاجتماعية والتربية، والبيئة المحيطة، والتكوين الوراثي له اثره ايضاً..

 واذا نظرنا من الناحية العلمية والصحية، نجد ان هناك مجموعة كبيرة من الهرمونات والغدد تتحكم في انفعالات الافراد، ومثال لذلك اذا ورث الانسان غدة كظرية كبيرة الحجم او نشطة في افرازها لهرمون الادرينالين تصبح الحساسية العامة للانفعال في اوجها عنده، ومعروف لدينا ان هرمون الادرينالين هو الهرمون الذي يفرزه الانسان بكثافة في حالة الخوف او التوتر..

 ويصبح الاحباط مثبطاً للهمم، داعياً الى التقوقع والانكفاء على الذات، وربما يتطور ليصبح مرضاً جسدياً، وسواء أكان الاحباط في العمل او في تحقيق نجاحات على صعيد الدراسة، او على صعيد العلاقات الاجتماعية او الانسانية، فانه يتمدد ليشمل جميع مناحي الحياة، واذا اطلقنا لاحباطاتنا العنان فانها تسيطر علينا، وتكسو انظارنا بغلالة سوداء داكنة نفقد معها تماماً قدرتنا على الاستمتاع بالحياة.. يقول الشاعر محمود سامى البارودي في قصيدته «خيال سميرة» - أو طيفها -:ولولا أمانى النفس وهي حياتها..لما طار لي فوق البسيطة طائر..

 اذن فالأمنيات والآمال والأهداف، هي حياة النفس، وعندما تنشط هذه الأهداف او تُحرض يمكنها ان تؤثر بشدة في السلوك، حيث تلعب دوراً وظيفياً كمنظم للصفات الشخصية المؤثرة في السلوك، وبذلك يمكننا وبقليل من العزم ان نتجاوز بها ما يحيطنا من احباطات..

 وهذه الاهداف يمكننا إثارتها وتنشيطها عن طريق العوامل والخصائص البيئية سواء أكانت البيئة الداخلية اي النفسية للشخص، او تلك الخارجية المحيطة به، ويعد الروتين اليومي المتكرر مدعاة للشعور بعدم التجديد وبالتالي الاحباط.. فيجدر بنا ان نغير في بيئتنا النفسية الداخلية وذلك بوضع أهداف جديدة لكل فترة وأخرى ونحاول اكتساب المزيد من الخبرات حتى نشعر أننا لم نكرر انفسنا؛ وعلى نطاق دائرتنا المحيطة، يجب ان يكون لنا توجه ايجابي نحو الآخرين، واهتمام كبير للخير العام، والشعور بالمسؤولية نحو الصالح العام، مما يكسبنا الاحساس بمدى الدور الذي نلعبه في نطاق اسرتنا ومن ثم مجتمعنا، فينعكس ذلك ايجاباً على حالتنا النفسية.. وأخيراً نردد بقين تام مع الشاعر:ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل..

نشأت الامام

 

راسل الكاتب