شاشة «الفاضية» السودانية

بقلم : نشأت الامام

 

 
لا يزال وقع الحلقة الخاصة التي قدمها التلفزيون حول تدني نسبة المشاهدة لبرامج التلفزيون يتردد صداه، وجملة ما يتناقله المهتمون لا ينأى بعيداً عن افادات الصحفي النابه محمد عبد القادر الذي استضافته الحلقة، لأنه لم يترك في النفس شيء من حتى..
فالكوادر الإعلامية والفنية التي ألقت بها سياسة الصالح العام خارج أسوار الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون كانت السبب الرئيسي في ما تلاه من تراجع في أداء الهيئة، فقد عمدت الادارة وانتهاجاً لمبدأ التمكين في فرض سياسات -كانت حينها- تحتمها ظروف سياسية محضة تخدم التوجه العام للدولة، وظلت الأجهزة الإعلامية منابراً للتعبئة العامة، ليس إلا..
الملاحظة الذكية التي ذكرها الأستاذ محمد حول ارتفاع نسبة مشاهدة سهرة «من الأمس»، تدل بشكل سافر على أن التلفزيون بامكانه جذب المشاهدين إليه متى ما أحسوا بأن هناك برامجاً جيدة، وهذا ما كان متوافراً قبل أن تدخل السياسة الاقصائية إلى مبنى الهيئة..
التوجه الايدولوجي في الفترة السابقة عابته المباشرة في الطرح، وهذه المباشرة جعلت المشاهد السوداني يزهد في تلك الرسالة الموجهة إليه باعتبار أنها مفروضة عليه، وبطريقة تستفز فيه العناد، لذا كان يقابلها بالجمود، بل بكثير من الاستياء، ولا ينتظر كثيراً فبضغطة زر ينتقل نحو قنوات فضائية أخرى، ولا يصبر على برامجنا المقدمة سوى من كانت يداه مغلولتان ولا يستطيع أن يمتلك طبقاً فضائياً.
أهم موجهات الرسالة الإعلامية أن يستشعر المتلقي أنه معني بما يقدم له، أن نجعل منه محيطاً لاهتمامنا، مستصحبين معنا كل نوازعه واهتماماته، لا أن نكرس جهدنا في توجيه خطاب يخدم أهداف جهة بعينها، متناسين أن التلفزيون يسمى «القومي»، دون أن نجعل من هذه «القومية» خياراً جاذباً للمشاهد.
لا ينكر إلا مكابر بأن الفترة الأخيرة شهدت انفراجاً نسبياً في محيط السياسة، فانعكس ذلك ايجاباً على محيط برامج التلفزيون، وبالتالي ارتفع تيرميتر المشاهدة «قليلاً» إلى الأعلى، ونتمنى أن ترتقي الكوادر البشرية مواكبة للتقنية المتطورة التي استجلبها التلفزيون، ولا نظلم الجميع، إذ هناك العديد من البرامج الناجحة، لكنا نود أن نرى هذا الاقبال على مدار اليوم..
وإن كان هناك بارقة أمل، فهي لا ريب تكمن في المعالجة التي تمت بها الحلقة الخاصة عن نسبة المشاهدة للتلفزيون، اذ اتاحت مساحات من الحرية في الممارسة النقدية، قبلها التلفزيون، بل قدمها لمشاهديه، وهذه شفافية نتمنى أن تؤتي أكلها، وحتماً سيجد التلفزيون -ان انتهج ذلك- الكثيرين الذين يلتفون حوله، مؤازرين، ومتابعين، و«مشاهدين».


 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب