روضة الحـــــــاج

بقلم : نشأت الامام

 

لم تزعم أنها قاومت حتى إضطر الآخر للتسليم:

روضة الحـــــــاج:

النقد الفني يعتمد على العلاقات الشخصية..!


في أمسية اضفت عليها الشاعرة روضة الحاج بعضاً من نداها بعد يوم حافل «بالغبار» استضاف منبر روان وبرعاية شركة دايهاتسو جمهوره لمناقشة تجربة «روضة» الشعرية، وشكل حضوراً جميلاً وهو يقدم المنتدي د. عوض ابراهيم عوض، وإلى جانبه الشاعر سيف الدين الدسوقي الذي تحدث عن روضة الحاج وبداية معرفته بها، ومن ثم تطور تجربتها الشعرية..

نحاول هنا رصد بعض ما باحت به «روضة» ومن ثم ابداء بعد الملاحظات حول الندوة..



روضة شعرية

«حين دخلت الاذاعة وهي شابة في مقتبل «حياتها الاذاعية»، كنت يومها قد عدت من غربتي وبدأت التدريس في معهد الاذاعة والتلفزيون..كانت روضة الحاج من تلاميذي، وفوق ما كان من استعدادها لتعلم الفنون الاذاعية، كانت تكتب الشعر، وكنت ألحظ نبوغها في التلقي ولغتها الراقية التي تخلو من العيوب، واهتمامها الكبير بالشعر وشروحه وتفاسيره.. وكان أداؤها أقل ما يوصف به أنه رائع».

هكذا حكي سيف الدين الدسوقي عن تجربته مع روضة، وبداية معرفته بها داخل الاذاعة السودانية، بعد ان إبتدر الدكتور عوض إبراهيم عوض الأمسية بتقديم عرض لتطور الشعر وأغراضه منذ العصر الجاهلي حتى توقف عند تجربة المحتفى بها،الاستاذة روضة الحاج.

حنين إلى كسلا

وتحدثت روضة الحاج بداية عن كسلا وحنينها دوماً إلى مرتع صباها الأول عبر قصيدة نقتطف منها:

غني فإن هوى بالقلب يقتلني..

يبعثر القلب أشلاءً فيشجيني

وان حدا الركب عن قرب فخبره..

بأن في الحي من تفنى ليأتوني

فهل ترى يحمل شوقاً أنوء به

إلى الأحبة.. قد والله أعيوني

أحبتي قسماً.. ما فارقت خلدي

أطيافكم أبداً ولو إلى حين

مازلت أذكر نهر القاش منهمراً

والطير تصدح والأغصان في لين

مبدعة مدللة

وعن المرأة المبدعة، والنظر إلى النتاج الابداعي النسوي وما تعانيه النساء في ذلك، تحدثت روضة قائلة:

دائماً عندما أخرج عن حدود هذا الوطن الجميل وتتحدث الشاعرات هنا وهناك عن قضايا تتعلق بالرؤى وشروط الكتابة والكتابة النسوية، كنت أقول سراً ثم أصبحت أقول جهراً إن المبدعة في السودان «مدللة» وأعني ذلك تماماً، لأني أتصور المتلقي السوداني يتعامل بكثير من التقدير لما تقدمه النساء المبدعات، وهذه المحمدة حتى في جلسات النساء الخاصة عندما يحلو الحديث عن الرجال وكيف أنهم يكبلون النساء في حركتهن وابداعهن، فأشاركهن الحديث مشيرة إلى أن الرجل السوداني رجل داعم لحد كبير.. ويتعامل مع ابداع المرأة بكثير من التقدير الذي يحسب له..

وربما تكمن مشكلة الكتابة النسائية في أن النقاد لا يبحثون عن تراكيب القصيدة واوزانها وقوالبها بقدرما يبحثون عن (لمن تكتب المرأة)، وربما هذه معضلة عانيت ويعاني منها معظم الأدب النسائي، وليس ذلك في عالمنا العربي فحسب.. بل حتى العالم المتحضر يظل يبحث عما وراء السطور ليرضي فضوله في معرفة هذا الملهم..

ولا أريد أن أضيف إلى نفسي بطولات، فأقول أنني قاومت وكتبت حتى اضطر الآخر للتسليم بذلك.. فأنا وجدت دوماً الدعم والموآزرة ممن حولي.

وقرأت بعد ذلك نصاً يعتبر من نصوصها الأولى.. «عش للقصيد» والذي صدر باسمه أول دواوينها الشعرية.

روضة ومقبرة

وحول قصر عمر ابداع المرأة نسبة لإنشغالها بظروفها الأسرية، وكيفية خلق توافق بين النجاح في البيت وفي الفن وهل الزواج مقبرة للابداع،قالت روضة ان المرأة باستطاعتها أن تجعل من الزواج مقبرة، وأيضاً تستطيع أن تجعل منه روضة تحط عليها فراشات ابداعها.. وأتصور أن واحدة من نعم الله عليّ أن يكون من ارتبطت به له علاقة الشعر، فهو شاعر وناقد، أثق كثيراً في آرائه النقدية سواءً في شعري أم في شعر غيري..

وتحدثت روضة الحاج عن اتهام الشعر بأن زمانه مضى.. والآن جاء وقت الأشياء السريعة.. وروايات الجيب، ونفت ذلك قائلة: أظل مؤمنة بأن الشعر هو صوت الانسان إلى أن يرث الله الأرض ومهما دخل على الناس من جديد، يظل حتى أولئك المنشغلين بغير الشعر، يبحثون عن ابيات تعبر عنهم في لحظة ما، في زمان ما، وفي مكان ما.

النقد الشخصي

في حديثها عن النقد الفني الذي لا تكن له الكثير من الود، قالت:

دائماً عندما أقرأ في شؤون الأدب العربي، تقابلني عبارة «أزمة النقد» وهي أزمة تدخل في تعقيدات كثيرة، تتعلق باستنباط نظريات للنقد لها علاقة بموروثنا وتراثنا، اذ تعد النظريات السائدة الآن هي نظرات مهاجرة.. وحديث عن النقد يجب أن يكون فناً بذاته.. ويجب أن يسبق النص.. هذه من ناحية آكاديمية، أما من الناحية الشخصية، فيكفيني القول بأني أجريت عدداً من الحوارات مع شعراء كثر، وكمثال حوار اجريته مع الفيتوري، وتعمدت أن أسأله عن النقد، فأجابني اجابة اختزلت كل انفعال السنوات التي مضت من عمره، ولم تكن الاجابة في صالح النقد بأي حاي من الأحوال.. وقرأت في سيرة الشاعر نزار قباني، ووقفت عند نقطة حديثه عن علاقته بالنقاد، ولم يكن الكلام في صالح النقاد.. وأتصور أن الذي يتصدى بالحديث عن ابداع الاخرين يجب أن يمتلك أدواته، وأن يشكل اضاءات لجماليات العمل الأدبي، وليس فقط نقطة لابراز عيوب هذا العمل.. لكن النقد يبنى بالعلاقات الشخصية .

مشاهدات

* معظم الحضور كانوا يتطلعون للمنصة، علّ الأستاذ حسين خوجلي ليعطرها، حسب الاعلان الذي رافق المنتدى، فاصيبوا بخيبة أمل، خفف من وقعها قراءات روضة لعدد من نصوصها.

* حينما ذكر سيف الدين الدسوقي أن د. عوض ابراهيم عوض له القدرة على التحدث حتى يطلع الصباح، ضحك د. عوض.. وكذلك ضحك الجمهور!!

* (دلال المرأة المبدعة) لم تذكر روضة أن هذا الدلال ما كان ليتأتى لولا خطها القريب من السلطة، والذي بدوره أتاح لها من المنابر ما لم يتحه لغيرها من المبدعات..

* التعامل الراقي للقائمين على أمر منتدى روان شجع الكثيرين على حجز أماكنهم في المنتديات القادمة قبل أن تنتهي الأمسية.

* الأمسية لم تكن قراءة لتجربة روضة بقدر ما كانت سرداً تاريخياً لمواقف واحداث بعينها وبعض الآراء، بعيداً عن محاولة تفكيك النصوص والقراءاة المتأنية لتطور هذه الشاعرية، وأساليب كتابتها وغيرها مما ينصب في عمق القراءة تجربة روضة الحاج الشعرية.






 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب