شباب بخير..

بقلم : نشأت الامام

 

أمسية الخميس الماضية وعلى امتداد شارع الجامعة كان هناك إعلاناً جميلاً بأن شبابنا مازال بخير..

استغربت جداً وأنا أحاول ركن عربتي على رصيف شارع الجامعة من أفواج الشباب المتدافع نحو قاعة الشارقة وذلك للاستماع للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وخيل لي بادئ الأمر أن لن أجد سوى شيوخ أماجد، ورجال تخطو عقدهم الرابع، مع بعض من شباب سمعوا بالشاعر، وآخرون لم يجدوا مكاناً في حفلات الخميس، فآثروا هذه الفرجة المجانية، لكن كم كنت مخطئاً في ظني، فالشباب كان حاضراً بكل عنفوانه وتأنقه.. وكان يردد مع درويش بعضاً من قصائده المسموعة.. وكم التهبت أكفه بالتصفيف وارتفع الصفير عالياً في تفاعل جميل مع درويش.

لن ندعي أننا الأكثر ثقافة ممن حولنا، لكن بحق الخرطوم التي كانت تقرأ تنبئك أنها مازالت تحاول أن لا تتناسى ذلك، ولو بمقدار يقيم أود الثقافة ويجعلها في حالة حياة فقط..

لقد أعادتنا ليلة درويش إلى ليالي الخرطوم ومنابرها المترفة، حيث تتعالى أنفاس القصيد وتحلق مع فارع الابداع ولياليه المفعمة بالسحر.

ففي وقت أصبحت فضائياته سادرة في غي التعري، وإذاعاته يخشى الفنان عثمان حسين أن تُبتر اغنياته فيها لبث إعلان أو نكتة، وأضحت المكتبات الثقافية شبه مهجورة، يقل أن تجد شباباً يعيرون الثقافة اهتماماً، لذا كانت الصالات الخالية إبان فعاليات العاصمة الثقافية، وكان السعيد في آخر تجلياته المدهشة يلجأ إلى شحن الحافلات من داخليات الطلاب حتى يجد من يشاهد عروضه التي صرف عليها الملايين..

فعاليات مركز الدراسات السودانية والتي ينظمها بمناسبة احتفاله باليوبيل الذهبي لاستقلال السودان، شكلت استبياناً لقياس الفرق بين عشوائية التنظيم، وإعطائه لغير أهله، وبين دقة التنظيم ووضع خطط طموحة لذلك.. فشتان ما بين فعاليات المركز ونجاحها والاقبال عليها على الرغم من ضيق ذات الدعم.. وبين فعاليات العاصمة الثقافية.

فأمسية درويش كان من باب أولى أن تنظم في قاعة الصداقة حتى يتسع المكان للذين افترشوا ثرى حديقة قاعة الشارقة، لكن لم تدعم جهة حكومية هذا المسعى.. لماذا..؟ لا نعلم!! ولم يجد القائمون على أمر المركز بداً من قاعة الشارقة..

تنزيل الحراك الثقافي وتركه لأولي أمره مع دعمهم دون التدخل في الكيفية التي يتم بها، هو العلاج الناجع لكل أمراض فقر الثقافة وعوزها..

ودونكم مركز عبد الكريم ميرغني ومنتدى البرير وغيرهما من الفعاليات غير الرسمية، وانظروا إلى تدافع الشباب نحو ما ينظم هناك!!













 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب