(القصر) يجلو الصدأ

بقلم : نشأت الامام

 

دوماً يتبقى من كل فعل أو حدث أو مكان ما، أثر يعينك -إن تتبعته- أن تستدل على ماهية ذاك الفعل أو ذلك الحدث، أو هذا المكان..
ويختلف تلمسنا لما وراء الآثار الباقية تبعاً لنزعات تكويناتنا الشخصية، وربما الجينية، إذ يتشكل الأثر بداخلنا فننقله ونختزنه ونحلله وفق رؤانا، وبعد ذلك كل منا يرسم ما تلاشى من هذا الأثر الدارس.
وهي.. مازالت آثارها التي طالها الترميم تغزوك بكثافة، في تواتر مستمر، وتدعوك بصورة لاهثة لتستنطق ما وراء ذلك، فمدني مدينة غير تقليدية، ينتمي إليها أبناؤها بتشبث واضح، وهذا لما لمسوه فيها من نبوغ وتفوق في كل شيء مما أكسبهم أنفة واعتداداً لا مِراء فيه..
قصر الثقافة بشارع النيل في ودمدني، منارة باهرة الثريات، والأفكار أيضاً.. فمنظره العام ينبئك عن مقدار احتفائه بالثقافة..
وأبناء اليوم هم امتداد لرواد الأمس، والأثر الدارس ها هي الأيدي تمتد إليه لتزيل ما علق به من غبار التجاهل، وزحف اللا مبالاة، لذا «فليالي القصر» التي ابتدعتها وزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية كانت بمثابة الازميل الذي يجلو صدأ الثقافة والفن بمدينة لها ثقلها ووزنها مثل مدني..
والجلسة الأخيرة التي أقيمت على شرف الشاعر مدني النخلي والفنان علي السقيد هناك، أوضحت بجلاء أن الجمهور المتلقي إنما أفسد ذوقه رداءة المعروض أمامه، لكن متى ما جعلنا للأعمال الجيدة حضوراً وتواجداً، فانه يختار الطيب، ويترك ما عداه لتذروه رياح النسيان لا محالة..
ونأمل أن لا تنقطع مثل هذه الجلسات الراقية، وأن تبذل الوزارة المعنية بالأمر كل ما في وسعها في سبيل تواصلها وانجاحها، وإن كنا نعيب عليهم ضعف الإعلام لهذه الجلسات، ونتمنى أن يتداركوا هذا الأمر، حتى نرى تدافعاً محبباً في سبيل الفوز بمقعد يتيح لك التمتع بهذا الفيض الغامر من الفن.










 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب