صديق سرحان

بقلم : نشأت الامام

 

سعى في ان يجعل حدها الجارح رقيقاً
سرحان: الغربة قدر موجع حاولت التكيف معه
«عمق البحار» شهرتها جعلت بقية أغنياتي في ظلها
مدني علمتني كيف يكون الفن رسالة


صديق سرحان.. لم يكن صوتاً جميلاً فحسب.. بل كان له حضور الصوت والاحساس، جاء لمدينة ودمدني مما جاورها.. فاستقبلته وأودعت فيه بعضاً من نبلها وابداعها، ولم تفرق بينه وبنيها.. حينما كان يتغنى بأغنيات الكاشف، ترى الناس سكارى وما هم بسكارى حيث يحملهم معه «بين طيات السحاب» في ارتحال متناهي العذوبة.. فارق الوطن لسنوات عشر.. وها هو الآن يعود أخيراً لينعم بهذا الوطن.. إذن هكذا بدأ اللقاء..


# سرحان.. في الغربة يخسر الفنان النبض اليومي للحياة في الوطن.. كيف تراك تنظر لسنوات اغترابك..؟

- الغربة قدر موجع.. فهي أبعدتني عن وطني وجمهوري والوسط الفني الذي كنت أتنفسه.. ولكن جاهدت لأجعل هناك أشياءاً ايجابية، تمثلت في لقاءاتي مع عدد من الشعراء هناك، وتمخض عن ذلك عدد من الأغنيات الجديدة.. فهي سلاح ذو حدين، لذا حاولت التكيف معها، وسعيت في أن أجعل حدها الجارح رقيقاً قدر ما أستطيع.

# الفنان حينما يبدأ مشواره الفني.. يغني لعدد ممن سبقوه.. أنت لم تردد سوى أغنيات الكاشف في بداياتك.. ماذا وجدت فيها وماذا أضافت لك..؟

- الكاشف من الفنانين القلة الذين يتفردون في أغنياتهم.. كثير من الأغنيات تتشابه أحاسيسها، وتدور في فلك واحد.. الكاشف اغنياته ذات ابعاد كثيفة، لذا احببته وحتى الآن أردد أغنياته دون سواه، وحقيقة اكسبني ذلك جمهور عريض من محبي الكاشف..

# مقاطعاً- ولكن تردد أن أسرة الكاشف قد قررت أيقافك من ترديد أغنياته..؟

- أجاب بانفعال: هذه شائعة لا أساس له من الصحة، واجتمعت من قبل مع أسرة الكاشف، وفي لقاء بث من تلفزيون الجزيرة، نفوا ذلك، وأعطوني إذناً بأن أغني ما أشاء للكاشف.

# وهل استطاع سرحان أن يخرج من جلباب الكاشف ويجعل له زياً خاصاً..؟

- لدي أعمال خاصة تفوق الـ(55) أغنية، وتعاونت مع عدد من الشعراء، اسماعيل عبد الله كباشي، أحمد الدالي، صلاح ضرار، والشاعر جمال عبد الرحيم.

# نعم لديك عدد من الأغنيات الخاصة.. لكن المعروفة لك هي أغنية «عمق البحار» أين البقية..؟

- أغنية «عمق البحار» ليست الوحيدة.. هناك عدد من الأغنيات الجميلة، لكن ربما الشهرة التي حققتها هذه الأغنية جعلت جميع الأغنيات التي أتت بعدها تكون في ظلها، فهناك أغنيات مثل «الفرح الباكي» والأغنية الوطنية «الجباه الحرة» وغيرها أعتقد أنها لا تقل عن «عمق البحار».

# من الملاحظ تحولك من الغناء الشعبي إلى الغناء الحديث.. أهو مجاراة للموضة..؟

- ربما يعتبر تطويراً للشكل مع الاحتفاظ بالمضامين كما هي.. الأيقاع أصبح سريعاً نوعاً ما لذلك يجب أن نتماهى مع ذلك..

# وترديدك للمديح النبوي في الآونة الأخيرة.. هل يأتي تحت ذات التبرير..؟

- لا.. أنا أصلاً من أسرة دينية وقرية سرحان التي أخذت عنها الاسم، بها مسيد أبو الشيخ تاي الله، وأنا نشأت في تلك البيئة، لذا كان المديح دوماً قريباً من نفسي.

# وهل أثرت بيئة مدني في تكوينك الفني..؟

- مدني قدمت لي الكثير، فهي بيئة ابداعية ملزمة، وجمهورها ذاق يحس بالفن ويفهمه ويتفاعل معه بصدق، لذا تواجدي فيها أكسبني الكثير وعلمني كيف يكون الفن رسالة.

# ألهذا السبب أنت بعيد عن العاصمة، على الرغم من أن الشهرة والانتشار للفنان لن تتأتى بسهولة وهو بعيد عن الخرطوم..؟

- أحس بأن مدني منحتني كل شيء، أنا لا أحتاج لأكثر من هذا، فالمناخ الذي أعيش فيه بودمدني أغناني عما سواها، والآن يأتي الينا التلفزيون والاذاعة ويسجلون معنا هنا، والكاسيت أيضاً يحقق انتشاراً لا بأس به.

# هل لديك تسجيلات كاسيت في الأسواق..؟

- لدي الكثير من التسجيلات، بدأت ذلك منذ العام 1982م، والآن لدي آلبومين سيطرحان قريباً، ألبوم مديح، والثاني غنائي باسم الشذى الفواح.

# على ذكر شركات الانتاج الفني.. سياسة الاحتكار من قبل هذه الشركات للفنان آتراها ناجحة أم أنها تحد من نشاط الفنان..؟

- أبداً.. هل ناجحة تماماً وتنظم أعمال الفنان مما يتيح له الاختيار الجيد للأعمال المقدمة.

# أنت الآن عضو باتحاد فناني الجزيرة، والاتحاد يضم عدداً من الفنانين كباراً وشباباً، ماذا قدمتم للجيل الواعد من الفنانين الشباب..؟

- نحن دوماً ما نوجههم لتناول الغناء الجاد، حتى نبعد أشباه الفنانين من الساحة، لأنه لا يصح إلا الصحيح، والغناء الهادف يثبت أقدام الفنان ويجعل له مكاناً محترماً عند المستمعين.

# بعد كل هذا الزمن الجميل مع الفن.. عما يبحث صديق سرحان..؟

- دوماً أبحث عن الجديد، وعن الكلمات المعبرة التي تنبع من عمق الأحساس، لذا فهي تتغلل في أحاسيس الناس، لأن ما يخرج من القلب يدخل في القلب بلا استئذان.



 


 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب