بل هي عبقرية عصام

بقلم : نشأت الامام

 

المبدع الحقيقي هو الذي يتمرد على أشكال المعرفة ويخلق من وعيه وادراكه صوراً أخرى أكثر إدهاشاً لها.. والابداع يمثل قراءة جديدة للرؤى وفق زوايا خفية ليس من السهل على غير المبدع النظر والولوج خلالها, إذ أن العملية الابداعية تكمن في تجاوز حكم العادة والنفاذ الى آفاق أرحب, تخلق نوعاً من التفرد.
والمبدع هو الإنسان الذي يصنع ويضيف ويستكشف ما وراء الأكمة, مستبصراً ومستعيناً بخيال أخاذ يمكنه من ذلك.
حتماً.. زميلنا العزيز سراج الدين مصطفى يملك خيالاً أخاذاً يجعلنا ننظر إليه كأحد أميز المبدعين في الصحافة الفنية, وذلك يظهر جلياً من خلال تناوله للزوايا غير المقروءة في قضايا الفن..
لكن.. قطعاً.. لم تكن زاوية تناوله لألبوم عبقرية الكاشف بصوت الفنان عصام محمد نور, هي الزاوية المناسبة, لكنها كانت أشبة بالزوايا الشديدة الانحدار.. إذ أنه وصف الألبوم بأنه عبقرية الربح وليس عبقرية الكاشف..
الألبوم أعلاه لم نشأ الكتابة عنه حينما ملأ الدنيا وشغل الكتاب والصحف, وساعد في اختيار الفنان عصام مطرباً للعام 2004م دون منازع.. لم نكتب لجمالية الصمت في حضرة بهاء لن يتكرر مصادفة, خشينا ألا تسعفنا اللغة في وصف تلك الجمالية, لذا آثرنا الصمت..
عبقرية الكاشف –عزيزي سراج- لم يأت عصام ليخبرنا عنها, فهو أمر مفروغ منه, لكن العبقرية كانت لعصام وهو يحكي شجن تلك الأغنيات, العبقرية كانت في تفرد الأداء, وكانت –كذلك- في التجاوب الاستثنائي لهذا الألبوم..
فتسجيلات الكاشف ليست بالنقاء الذي يحمله صوت الكاشف, وتلك التكنولوجيا الرقمية لا تستطيع أن تعيد بريق الصوت للكاشف.. ونحن الذين نشأنا في مدينة الكاشف, وحفظنا ليس أغنياته فقط, بل حتى مناسبات تلك الأغنيات وأجواءها التي كتبت فيها, لم يكن ليطربنا سوى صوت الكاشفو كل من رددوا أغنيات الكاشف كنا نرى تقاصر حناجرهم عن اشباع توقنا من ذلك الدفق الابداعي السرمدي التفاصيل..
لم الإنتماء فقط هو ما يمتعنا حينما يتغنى عبد العزيز المبارك برائعة الكاشف (صابحني دايماً مبتسم), بل ربما عبق وأريج وهواء المدينة الذي حمل رئتي الكاشف والمبارك هو ما يجعل أنفاسهما لها ذات العبق الذي نحب.. وعصام ليس بعيداً عن ذلك..
عصام لم يبحث عن شهرة أو جاه من هذا الألبوم, عصام فنان بحسه, والفن عنده قضية واحساس, لذا كان هذا الاحساس هو ما يحرك أشجانه وهو يغني (كل الأشواق.. آهه بتجرح قلب المشتاق).. ويعيد تركيب تلك الأشجان عبر صوته الشاب..
ضع خطاً (بالأخضر) على (الشاب).. نعم.. فمعجبوا الكاشف.. هم ثلة –فقط- من الشباب, وجمع غفير من كبار السن الذين عاصروه.. وطبعاً في زمن الديجيتال, وصناعة الفن والوجوه, لم يستسغ كثير من الشباب تلك الألبومات والأسماء التي رحلت قبل مولدهم..!
إذن الاضافة لو حصرناها في بورصة توزيع الكاسيت, أو كم من الشباب استمعوا لأغنيات الكاشف عبر صوت عصام, لأغنانا ذلك عن كثير من تساؤل حول أية عبقرية نحن بصدد الخوض فيها..!!





 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب