أديب نفاخر به

بقلم : نشأت الامام

 

في مطلع مارس الجاري, وتحديداً في الرابع منه, كان يوماً مشهوداً للثقافة السودانية عبر محيطها العربي, إذ انفض سامر الدورة الثالثة لملتقى الرواية العربية معلناً فوز الأديب الروائي السوداني الطيب صالح بجائزة الابداع الروائي.. والتي جاء في إفادة اللجنة المنظمة حول منحها الجائزة لصالح: "اللجنة اختارت الأديب الطيب صالح كونه من الرواد الذي أثروا الذائقة الأدبية عند المتلقي العربي والأجنبي, لأنه من أوائل العرب الذي تفاعلوا مع الحضارات الغربية".
والطيب صالح المولود في العام 1929 بمركز مروي بالولاية الشمالية للسودان, تخرج من كلية العلوم بجامعة الخرطوم, ومارس التدريس ثم عمل في هيئة الإذاعة البريطانية بلندن, ونال شهادة في الشؤون الدولية هناك, وشغل منصب ممثل اليونسكو في دول الخليج لمدة ست سنوات, وبعد ذلك أصبح خبيراً ومستشاراً لعدد من المنظمات والهيئات. يرى المراقبون أن فوز الطيب ليس لحيلته ومقدرته الفائقة في استعمال أدوات قصصية بتقنية عالية وسرد قصصي مشوق, وبعامية سودانية يصعب على أي كاتب استخدامها بسهولة ويسر, فحسب, بل تعتبر الجائزة اضافة حقيقية للأدب السوداني والتعريف به عربياً وعالمياً. والطيب صالح ربما يعتبر مقلاً في مجال الرواية -ست روايات- أهمها على الاطلاق (موسم الهجرة الى الشمال) التي امتازت بتجسيد ثنائية التقاليد الشرقية والغربية واعتماد صورة البطل الاشكالي المتلبس على خلاف صورته الواضحة, سلباً أو ايجاباً, واستطاع صالح أن يجعل من شخصية بطل الرواية -مصطفى سعيد- شخصية جدلية لكل من قرأ الرواية, لدرجة أن البعض ذهب الى أن مصطفى سعيد ما هو إلا الطيب صالح نفسه, وإن كان مصطفى يمثل عند الكثيرين قمة الحضارة التي شبعت مادياً وأفرغت روحياً. وتمت ترجمة هذه الرواية لجميع اللغات الحية, بل حتى أنها ترجمت للصينية والعبرية. ويقول الطيب صالح عن موسم الهجرة إلى الشمال -خلال الحفل الذي نظمته دار العين للنشر بالقاهرة بالتعاون مع مركز عبد الكريم ميرغني بالسودان, ابان صدور طبعة جديدة من موسم الهجرة بمناسبة اختيار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية- يقول صالح: "أنا أكتب من أجل الكتابة, على الرغم من أن رواية موسم الهجرة للشمال جلبت لي الكثير من المتاعب, كما جلبت الكثير من الشهرة". وللطيب رواية بندر شاه في جزئيها (ضو البيت و مريود), عرس الزين, نخلة على الجدول, ودومة ود حامد. الناقد المصري الكبير رجاء النقاش اختزل مشاعر السودانيين تجاه صالح وروايته, بأن قال: " يصعب اليوم أن تجد سودانياً متعلماً لم يقرأ موسم الهجرة إلى الشمال, التي جعلت كاتبها هو الكاتب القومي للشعب السوداني, فهو عندهم مثل شارلس ديكنز لدى الانجليز, والسوداني الذي لم يقرأ هذه الرواية هويته ناقصة..".
إذن تزامن فوز أديبنا الطيب صالح مع فعاليات الخرطوم عاصمة للثقافة العربية , يشكل بعداً كبيراً يدفع قدماً هذا المشروع الثقافي ويبشر به ويعلن عنه بكثافة.
والآن الخرطوم كلها ترقب يدنفه الشوق في انتظار نورسها الذي طال ارتحاله بعيداً عنها, وهو الآن يرسم خطى الآوبة الى الخرطوم مشاركاً عبر فعالياتها الثقافية, هذه العودة التي باتت في حكم المؤكد في الخامس والعشرون من ابريل القادم.. ويحق لنا لآن نباهي ونفاخر بهذا الأديب الأريب وهو يجعل للسودان احتفاء واحتفال عبر كل المنابر التي يعتليها.
 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب