قناة الخرطوم.. ماذا هناك؟!

بقلم : نشأت الامام

 

الشائعة عندنا أدب قائم بذاته, له من المقومات ما يجعله قادراً على البقاء والتناقل والتداول, ويشكل الانسان السوداني بتركيبته الفريدة مرتعاً خصباً للشائعات, وذلك لأنك قلما تجد سودانياً يعمل وفق الحكمة التي تقول: (من قال لا أعلم فقد افتى), بل ان الذي لا يعلم يحاول أن يستنتج وأن يمازج وأن ينقح, وبعد ذلك يكون ذلك النتاج هو خلاصة لتراكمات معرفية خاصة به أو بمحيطه الاجتماعي, ولكنه يتعامل بها كحقيقة ماثلة, بل ويبدأ في نشرها على هذا الأساس.
حكى لي الأخ عبد العاطي هاشم القطب الهلالي طرفة عن الشائعات في الوسط الرياضي, وتقول الطرفة أن أحد المشجعين وهو يشاهد مباراة من داخل الاستاد, فأطلق شائعة عن استجلاب الهلال للاعب البرازيلي روبرتو كارلوس, وهمس بها لجاره الذي يجاوره من ناحية اليسار, وقبل انتهاء الشوط الثاني من المباراة, همس اليه جاره الذي يجلس على ميمنته بأن الهلال سوف يستجلب جميع نجوم فريق ريال مدريد وذلك للاحتراف بالنادي, وزاد: وربما يتم تجنيسهم! فتأمل..!
ما ساقنا للحديث عن الشائعة, هي تلك الاستفهامات التي ارتسمت على وجوه الكثيرين وهم يتساءلون عن توقف قناة الجزيرة الاخبارية عن البث على أثير قناة الخرطوم, وما صاحب ذلك من شائعة أنها أوقفت بقرارات من جهات أمنية!!
وهذه الشائعة انتشرت ولاقت رواجاً لأنها جاءت في توقيت تزامن مع مشاكل كانت تواجهها القناة -تحديداً مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم- أدت بها الى ردهات المحاكم, ولم تنته المرافعات حتى الآن, ولكن نسبة للخيال الخصب الذي يتمتع به الشعب السوداني, فقد تم الربط بين توقف البث, والمسائل الأمنية, والجهات الأمنية بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب!
القناة من جهتها لم تقم بنفي أو اثبات ذلك, ولا ندري لعلها استكانت للشائعة, وانها -الشائعة- وجدت هوى في نفسها, فهي تأخذ الناس بعيداً عن التفكير فيما تواتر بعد ذلك من أخبار -وربما شائعات- وعن مطالبة قناة الجزيرة لقناة الخرطوم بمبالغ مالية ضخمة نظير بث الأخيرة لبرامج الجزيرة, ومعلوم أن قناة الجزيرة تطلق ارسالها عبر الأثير بدون أجر أو قيمة للاشتراك, ولكنها طالبت بذلك لأن قناة الخرطوم تنتفع من وراء هذا البث ولديها اشتراكات تسدد لها مقابل خدماتها هذي.
واذا نظرنا للجانب القانوني لمشتركي قناة الخرطوم, نجد أن العقد الموقع بينهم والقناة, ليس به تحديد للقنوات المتاحة خلالها, ولكن المشتركين يرون أنه حق كفلته لهم قناة الخرطوم ضمنياً, وذلك لأن قناة الجزيرة كانت ومنذ انطلاقة قناة الخرطوم, احدى القنوات التي تعارف الناس على وجودها ضمن حزمة القنوات المعروضة, وهي تعلم انها أكثر قناة تجد رواجاً وتجذب المشاهدين.
اذن فيحق لهم التساؤل, ويحق لنا -تبعاً لذلك- أن نتساءل ونحاول أن نستجلي كنه ذلك الالتباس, وبقليل من (الشفافية) نحب أن نسمع رأي قناة حول حقيقة ايقاف قناة الجزيرة, وقد رأينا مساء الأربعاء الماضي بثاً لم يتجاوز الساعات الثلاث للجزيرة من خلال قناة الخرطوم, ثم بعد ذلك أطبقت القناة على صمتها, ونحن الآن صامتون, أفيدنا عزيزي الأستاذ مصدق حسن.. أفادك الله.

نشأت الامام

 

راسل الكاتب