عندما يختلف الكبار

بقلم : نشأت الامام

 

شغلت الساحة الفنية في الفترة السابقة برأي الأستاذ الموسيقار محمد وردي, وذلك فيما يخص ألحان الأخ علي أحمد, واختلفت الرؤى وتباينت حول التجربة اللحنية للأخ علي أحمد, وجاء رأي الأستاذ الهرم العملاق وردي الذي قال عنها أنها تجربة ضمت لحناً أو اثنين على الأكثر, أما البقية فهي لا ترتقي لأن تكون ألحاناً يستمع اليها.
ما يهمنا في هذه المساحة هي تلك الجرأة في قول الرأي بكل صراحة وتجرد, وأيضاً في تقبل النقد بصدر رحب ومتسع.
ففنان افريقيا الأول ذكر أن للأستاذ صلاح ادريس (علي أحمد) أياد بيضاء وأفضال عليه, وهو لا ينكر ذلك, ولكن علي أحمد كملحن تنقصه الكثير من الموهبة حتى يتثنى له ممارسة التلحين واخراج ألحانه الى جمهور المتلقين.
الأخ علي أحمد لم ينفعل بافادة الهرم الشامخ, وفي معرض رده أثنى على وردي وذكر أن رأي ذوي الاختصاص هو رأي علمي دقيق, ولكنه أضاف, ان مدى تجاوب الجمهور مع ألحانه يؤكد أن التجربة قد حققت نجاحات على الصعيد الجماهيري.. ونحن نرى أن اغنيات مثل (كلك حلو) و(علي كيفك) و(روحي) وأغنية (يا جميل يا راقي احساسك) وغيرها من الألحان الأخرى التي صاغها الأستاذ علي أحمد, يرددها أكثر من فنان وتلقى الاستحسان والقبول.
لم يزد علي أحمد على ذلك.. ويا له من أدب يرسي له الكبار في بلادي, أدب الاختلاف, وكيف أنه لا يفسد للود والاحترام قضية, ولكن متى يكون ذلك؟ يكون ذلك حينما تسمو النفوس من الصغائر, وتمتلئ بأريحية محببة تجعلها تتناقش وتختلف, ولكن!! ولكن دون ضجيج, ودون انفعال.
ولو أراد وردي أو علي أحمد لآن يمتد الخلاف لوجدا ألف باب وباب لذلك.. ولكنهما ربآ بنفسيهما, عن ذلك.
نعم.. فالجميع يفتحون قلوبهم وعقولهم لوردي, ووردي عملاق له وزنه ووضعه المميز في الخارطة الفنية السودانية.
والأخ صلاح تحت ادارته ثلاث صحف يومية, والويل والثبور لم تترصده احدى الصحف, وتجعله مادة لها, وكلنا نعرف تأثير الاعلام المقروء وسطوته.
نحن نشيد بهذا المسلك وهذا الاختلاف الجميل, والذي يظهر لنا بجلاء أن الوسط الفني بخير وعافية وأنه كملا ارتفعت الذهنية وكلما تجاوزت أطر الأنا الضيقة, كلما تراءت لنا صوراً زاهية تحكي عن عظمة الانسان.. الانسان.

نشأت الامام

 

راسل الكاتب